سعر صرف الدينار الجزائري
يعيش الاقتصاد العالمي اليوم جملة من التحولات
الاقتصادية وعلى رأسها أنظمة الصرف الدولية التي أصبحت تتجه نحو إعطاء قدر كبير من
المرونة بعد أن أثبتت الأنظمة الوسيطة فشلها لمواجهة تحديات العولمة الاقتصادية و
خاصة التوسع الهائل و الضخم لحركة رؤوس الأموال .
و الدينار الجزائري مغيره من العملات شهد تدخل
السلطة النقدية الجزائرية بداية بإحداث جملة من الإنزلاقات التدريجية في سنة 1987
و تبعتها جملة من الإصلاحات و التعديلات التدريجية إلى أن أصبحت العملة الوطنية تعيش
حاليا تحت كنف ما يسمى بنظام التعويم المدار ، وهذا كله قصد تقريب الدينار
الجزائري من قيمته الحقيقية و جعله متغير يلعب دوره المهم في التأثير على مختلف
المتغيرات الاقتصادية الكلية و الجزئية .
فما مدى تكيف
الدينار الجزائري مع التوجه الحالي لأنظمة الصرف ؟
1- التقسيمات الحديثة لأنظمة الصرف :
الجدول الموالي يبين أهم التقسيمات الحديثة لأنظمة الصرف المختلفة
الترتيبات الثابتة
|
الترتيبات الوسيطة
|
أسعار الصرف العائمة
|
1- اتحادات العملة
|
1- الربط القابل للتعديل
|
1- أسعار الصرف العائمة الموجهة
|
2- مجالس العملة
|
2- الربط المتحرك
|
2- أسعار الصرف العائمة الحرة
|
3- أسعار الصرف الثابتة بحق
|
3- الربط بسلة عملات
|
|
4- المناطق أو النطاقات المستهدفة
|
هي تسعة تقسيمات نتناولها كمايلي :
الترتيبات الحديثة :
1- اتحادات العملة : تأخذ فيها الدول
الأعضاء بنفس العملة
2- مجالس العملة ( الدولرة): استحواذ السلطة
النقدية على 100% من الاحتياطات بالعملة الأجنبية
و يتسعر عرض الأموال تلقائيا مع حالة ميزان المدفوعات ، أما الدولرة فهي خطوة أخرى
للأمام و تقضي على العملة الوطنية تماما بمعنى آخر اتخاذ عملة أجنبية كعملة إبراء
قانونية .
3- الترتيبات الثابتة بحق : مثل منطقة الفرنك
للجماعة المالية الإفريقية
الترتيبات الوسيطة :
1- الربط القابل للتعديل : يمكن في إطاره
للبلدان أن تعدل دوريا عمليات الربط الخاصة بها
2- الربط المتحرك : يعدل فيه بانتظام
في عمليات تخفيض القيمة وفق هوامش محددة
3- الربط بسلة عملات: يحدد فيه سعر الصرف
حسب سلة مرجحة من العملات الأجنبية
4- المناطق أو النطاقات : و هي وصول سعر
الصرف إلى هوامش محددة من قبل .
أسعار الصرف العائمة :
1- أسعار الصرف العائمة الحرة : لا تتدخل فيها
السلطات و تسمح لسعر الصرف أن تحدده قوى السوق
2- أسعار صرف عائمة موجهة : التي يتم التدخل
فيها للمساندة .
و في العموم نجد أن أنظمة
الصرف تنقسم إلى نظامين ، نظام الصرف الثابت و نظام الصرف المرن ، بحيث أن النظام
الأول يتم فيه تثبيت قيمة العملة إلى قاعدة نقدية معينة في حين النظام الثاني تترك
قيمة العملة تحددها قوى السوق ، مع أن النظامين يتعرضان إلى شيء من التعديل من قبل
السلطات النقدية محدثة في ذلك تغييرا في ميكانيزم النظامين ووجهة حركة قيمة العملة
الوطنية ، هذا ما جعل النظام النقدي الدولي يعيش نوعا من الأنظمة المختلفة سالفة
الذكر .
إن المفاضلة بين نظامي الصرف
المرن و الصرف الثابت غير ممكن بشكل عام و لكن يركز الاختيار على عدد من العوامل
تتمثل في الأهداف الاقتصادية التي يسعى إلى تحقيقها مصمموا السياسات الاقتصادية و
مصدر الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد ، بالإضافة إلى سماته الهيكلية و في ضوء ذلك
فإن تغير الأهداف و مصادر الصدمات و هيكل الاقتصاد كلها أمور تستدعي تغييرا في
نظام الصرف الأنسب و الأمثل للاقتصاد المعني .
ظاهرة التفريغ :
تجربة ربط العملة بعملة أجنبية في إطار نظام بريتون وودز انهارت بانهيار
نظام بريتون وودز أمام هجمات المضاربة و الأزمات الآسيوية الأخيرة التي انطوت في
معظمها على ترتيبات الربط المتحرك و ما
نلاحظه اليوم أن العالم يتحرك نحو نظام سعر الصرف العائم هذا التوجه أطلق عليه
صندوق النقد الدولي اسم ظاهرة التفريغ ، ففي الفترة الممتدة من سنة 1991-1999
انخفضت نسبة البلدان الأعضاء في صندوق النقد الدولي التي تتبع نظام وسيط من 62%
( بلد ) إلى 34% ( 63 بلد ) و ارتفعت نسبة
البلدان التي تأخذ بالربط الجامد من 16 %
( 25 بلد ) إلى 24 %(
45 بلد ) في حين ازدادت نسبة
البلدان التي تأخذ بالتعويم من 23%
( 36 بلد ) إلى 42% ( 77 بلد ).
إن التوجه الحالي نحو التعويم يرجعه الكثير من
الاقتصاديين أن البلدان التي استطاعت أن تأخذ بالتعويم كانت أكثر تقدما من تلك
التي كانت اقتصادياتها ضعيفة و اختارت أن لا تلجأ إلى التعويم و أن تتبع أسلوب
الربط الجامد لقلة انفتاحها على العالم و ارتباطها الوثيق بدولة ما .
فالتعويم هو نتاج
للنضج المالي و يتجلى ذلك في الأسواق المالية و العملات المستقرة و تنوع
الاستثمارات في الأوراق المالية ، كذلك إزالة القيود على حركة رؤوس الأموال في ظل
التحرير المالي ، و هكذا كانت ديناميكية النظام النقدي الدولي و تطور نظام سعر
الصرف يحركها التطور المالي و التكامل المالي الدولي و الأزمات المالية .
2- ظروف الانتقال من نظام الصرف الثابت إلى نظام الصرف
المرن :
إن
الكثير من الدول تخلت عن نظام الصرف الثابت و تبنت نظام الصرف المرن ، و الملاحظ
أن وجهة أنظمة الصرف الدولية اتجاه تبني شكل من أشكال التعويم هي في ارتفاع كبير و
السبب يرجع في ذلك إلى زيادة حجم العلاقات الاقتصادية الدولية .
و التحركات الكثيرة و الموسعة لرؤوس الأموال
،و في العموم يعتبر نظام الصرف المرن أحسن طريقة للتصدي للصدمات الخارجية كما أنه
يساهم في توسيع درجة استقلالية السياسة النقدية ، كما يبقى أمام السلطات النقدية
مسؤولية تبي سياسة اقتصادية كلية قوية و مستقرة قصد التقليل من تكاليف هذا التوجه .
أهم سؤال يطرح عند الانتقال من سعر الصرف الثابت إلى سعر الصرف المرن هو في
أي وقت لا بد من تحرير التدفقات
الرأسمالية قبل أو بعد التخلي عن نظام الصرف الثابت ؟ و ما هي الشروط التي يجب
توفرها ؟ فهذه العملية في الأصل هي مجازفة و نتيجتها يكفلها الزمن سواء بالسلب أو
بالإيجاب ، لكن يجب التركيز على العناصر التالية :
1- سوق الصرف :
يجب على الدولة أن يكون لها سوق صرف عميقة و
تتمتع بسيولة كافية و قادرة على تحديد سعر العملة الوطنية بشفافية و جعل العملة
تحدد قيمتها وفق قانون العرض و الطلب عليها ، التحرير التدريجي لحركة رؤوس الأموال
، تنسيق و تبسيط التشريعات القانونية المتعلقة بتنظيم الصرف قصد تعزيز الثقة في
السوق ، سوق مالية متطورة و تظم عدد معتبر من المتعاملين سواء محليين أو أجانب و
جهاز مصرفي متطور و متنوع بين خاص و عمومي و مختلط بين محلي و أجنبي .
2- التدخلات الرسمية :
إن الدولة أمامها مسؤولية رسم سياساتها التي
تخدم أهدافها ، فالدول ذات نظام الصرف الثابت بنكها المركزي يكون تدخله حر ، أما
في نظام المرن يتدخل البنك فقط من أجل
تعديل الانحرافات الكبيرة في سعر الصرف لعملاتها .
3- سياسة نقدية فعالة :
و هذا للحد من الآثار الجانبية عند تحرير سعر
الصرف كالتضخم و الانكماش .
4- إطالة و تيرة الانتقال إلى نظام الصرف المرن :
و هذا ما ينصح به كثير من الخبراء فعلى الدولة
أن تنتهج خطوات تدريجية قصد الوصول إلى التعويم لعملتها ، كأن تقوم في البداية
بتبني نظام الربط إلى عملة معينة ثم الانتقال إلى سلة من العملات ثم بعد ذلك
القيام بتعويم مجال تقلب سعر العملة بشكل تدريجي و رشيد تفاديا للتعديلات
المتوالية التي تؤثر على المصداقية و الثقة في السياسة النقدية و العملة .
كما يجب توفر مركز مالي متطور و سليم ، درجة
عالية من التنسيق بين السياسات المالية و النقدية ، نظام مالي متطور ، استقلال
البنك المركزي في إدارة السياسة الاقتصادية .
3- دواعي تعويم العملة :
عقب الأزمات المالية التي شهدتها معظم دول
العالم أصبح التوجه إلى التعويم في اتساع مستمر كما تم تعزيز ذلك من طرف الاقتصاديين
للتوجه إلى التعويم و هذا لعدة أسباب :
- الاحتياطات غير
الكافية
- تحرير حركة رؤوس
الأموال
- توسع معدلات
التبادل التجاري مع العالم الخارجي
- تخفيف حدة
الأزمات في حال حدوثها
- تنويع العملة
الأجنبية و المفاضلة في استعمالها
- عدم الاعتماد
على عملة واحدة يبنى بها الاقتصاد
- ضمان استقرار
العملة و عدم تدهورها بربطها باقتصاديات الدول الأخرى كما تفعل أمريكا مع الدول و
ذلك كون جميع الدول تحتفظ بالدولار و هذا ما يضمن عدم انهياره لأنه مبني على
اقتصاديات الدول الأخرى .
- تحديد القيمة
الحقيقية للعملة نتيجة الطلب و العرض
- الانتقال من
اقتصاديات تعتمد على التخطيط المركزي إلى اقتصاد خاضع لقوى العرض و الطلب .
الدينار الجزائري و تطوره :
يمكن ذكر النقاط
التالية :
- إنشاء الدينار الجزائري أفريل 1964
- تخفيضات متتالية
لقيمته
- التخلي عن
اعتبار الدولار العملة الأساسية في الاحتياطات
- منذ جانفي 1974
تقرر استعمال نظام صرف يربط الدينار بسلة مكونة من 14 عملة قصد الحفاظ على
استقراره
- إنشاء سوق ما
بين البنوك
- أواخر سبتمبر
1994 التخلي عن نظام الربط بسلة العملات ليعوض بجلسات التثبيت بين البنك المركزي و
المصارف الأخرى
- تحرير التجارة
الخارجية
- إنشاء السوق المالية
البعد الاقتصادي لتحرير سعر الصرف الدينار الجزائري :
إن مختلف التعديلات و الإجراءات المتخذة من
قبل السلطات النقدية اتجاه سعر صرف الدينار الجزائري و النظام المصرفي و التي كانت
ترمي في مجملها إلى تحقيق عدة أبعاد اقتصادية منها :
- تقريب قيمة
الدينار الجزائري من قيمته الحقيقية ، تقليص الفارق الموجود بين السعر الرسمي و
سعر التوازن
- الحد من نشاط و
توسع السوق الموازي
- تكثيف العمليات
التي تمارسها البنوك الخاصة بالتحويل و الصرف
- المساهمة في جلب
الاستثمار الأجنبي
- العمل على ترشيد
الاستهلاك بسبب أنه يساهم في ارتفاع أسعار الموارد المستوردة و منه انخفاض الواردات
غير الأساسية
- يعمل على تخفيض
الواردات و زيادة الصادرات ، تحسين الميزان التجاري و ميزان المدفوعات
- نمو و تنوع حجم الاحتياطات
- الكشف عن
الوضعية الحقيقية للقدرة التنافسية المنتوج المحلي
- تنشيط و تفعيل
السوق النقدي و المالي
- تعزيز قدرة
الدولة على التكيف مع الصدمات
- يحد من هروب
رؤوس الأموال إلى الخارج
- تساهم في تحفيز
المؤسسات الصغيرة و المتوسطة على النمو و تشجيعها على تنمية قدراتها
- يلزم المؤسسات الاقتصادية
و خاصة البنوك و المؤسسات المالية على اتخاذ تدابير من أجل الرقابة الداخلية و
الخارجية اتجاه مختلف المخاطر
- تشجيع المنافسة
بين البنوك و المتعاملين الاقتصاديين و ترقية الجودة و سرعة أداء الخدمات .
و الخلاصة حول
قيمة العملة في أي بلد تترجمها مقولة واحد نختم بها هذه الورقة :
" اقتصاد قوي يعني عملة قوية يعني قوة شرائية قوية
يعني معدلات تبادل تجارية مرتفعة و يعني أيضا استقرار العملة تنوع الاحتياطات و
زيادة معدلات الاستثمارات " .
merci
RépondreSupprimermerci pour tous
RépondreSupprimer