انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد

احسن موقع لإختصار الروابط

lundi 14 juillet 2025

سرقة الوطن بين يد السارق و سيف الرعية

 

سرقة الوطن بين يد السارق و سيف الرعية

     حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " هذا الحديث صحيح رواه البخاري و مسلم ، وهو من اقوي الأدلة على عدالة الإسلام، وعدم التمييز بين الناس في تطبيق الحدود و القطع هنا هو الحد الشرعي المعروف وليس مجازا .

    حديث قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما هلك الذين من قبلكم ، كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيم الله ، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ، هذا الحديث يثبت عدالة الشريعة ، لا القسوة كما يظن البعض .

    قصة الرجل الذي سرق السرج: القصة ذكرتها ولو تعددت رواياتها ، تدور حول فكرة الاستعجال في الرزق ، وأن الإنسان إذا استبق رزقه بطريق حرام ، فإنه يحرم الخير الذي كان يمكن أن يناله بالحلال ، لكن هذه القصة ليست دليلا على إلغاء الحد ، بل فيها رسالة تربوية عن التوكل و الصبر لا أكثر .

     أيضا تعليق الحد في زمن المجاعة – زمن عمر بن الخطاب- عطل حد السرقة في عام الرمادة ،لأنه لم تتوفر شروط إقامة الحد ، و القاعدة في الشريعة " الحدود تدرأ بالشبهات " أي إذا وجدت شبهة الجوع ، الاضطرار الفقر الشديد " ، يمنع تطبيق الحد ، وهذا يدل على أن القطع حد مشروط لا يطبق آليا ،بل له ضوابط دقيقة :

شروط قطع اليد في الإسلام :


- بلوغ النصاب ( ما يعادل ربع دينار أو يقارب ذلك من المال ) .

- أن لا تكون هناك شبهة ( اضطرار أو حاجة شديدة) .

- أن تكون السرقة من مال محفوظ ( مثل مال في بيت أو خزانة وليس من الشارع) .

- أن يكون السارق بالغا عاقلا غير مكره .

- أن يثبت الأمر إما بالإقرار أو شهادة عدلين .

وإذا أختل شرط واحد فقط لا يطبق الحد .

    هل القطع يمكن أن يفهم مجازيا بمعنى المنع أو الردع ؟ في الحدود الشرعية " القطع " يفهم على حقيقته إلا إذا تعذر التطبيق لوجود شبهة أو مانع كما في زمن عمر ، لكن في الخطاب التربوي و الرمزي يمكن أن نستلهم أن قطع يد السارق يبدأ أولا :

- منعه من الجوع

- تمكينه من العمل .

- تعليمه الصدق و الثقة .

- وهنا يدخل باب الوقاية خير من العلاج .

الدولة مسؤولة عن كرامة الإنسان قبل أن تطالب بسلوكه ، لأن أي حكم شرعي في الإسلام وخاصة الحدود لا تطبق بمعزل عن العدل الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي .



1- الدولة مسؤولة عن إقامة العدل وتوفير الحاجات الأساسية : قال الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه " لو أن ناقة عثرت في العراق ، لسألني الله عنها ، لم لم تمهد لها الطريق يا عمر " فهذه مسؤولية سياسية أمام الله .

2- قصة الملك التي ذكرتها : هي مشهورة وتروى بصيغ متعددة في كتب التراث مضمونها " أن ملكا عين واليا على بلدة ، ثم انتشرت فيها السرقات ، فجاءه الناس يطلبون بتطبيق الحدود فقال الملك : " بل ابدأ بك ، فإنك لم تقم بواجبك ، ولو لم تجوعهم لما سرقوا ، إن قطعت يد السارق سأقطع يدك " ، وهي حكمة عظيمة تعبر عن أن :

- الدولة مسؤولة عن فقر الناس و ذلهم .

- و أن الراعي مسؤول عن  الرعية كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" .

3- القاعدة الفقهية :

- درأ الحدود بالشبهات .

- العدل أسبق من العقاب ( كيف تقطع يد إنسان في دولة لا توفر له الطعام أو الكرامة أو العمل ، هذه ليست عدالة بل جور و الإسلام دين عدل قبل أن يكون دين حدود .

4- في عام الرمادة ( المجاعة ) علق عمر رضي الله عنه حد السرقة قال " لا حد في مجاعة " ، أي إذا اضطر الإنسان فلا يقام عليه الحد ، فكيف تتصور شريعة عادلة ، ثم نهمل هذا البعد ؟ .

قال علي رضي الله عنه " ما جاع فقير إلا بما متع به غني "  .

- انفصال المنصب عن معناه وتحويل المسؤولية إلى غنيمة لا أمانة .

- عظم المسؤولية في الإسلام : في الإسلام الولاية العامة أي الحكم أو المنصب ليس شرفا بل هي تكليف   أمانة ثقيلة و الدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم " إنكم ستحرصون على الإمارة ، و إنها ستكون ندامة يوم القيامة فتعم المرضعة ، و بئس الفاطمة " .رواه البخاري .

أي أن الحكم يرضي الإنسان في البداية ( السلطة ، المال ، المديح) لكنه يفطمه عن الآخرة إن لم يكن أهلا له .

فهل كل من يتولى منصبا اليوم مؤهل ؟ غالبا الجواب هو لا و السبب مايلي :

- المناصب أصبحت تباع و تشترى ، سواء بالمال ، أو بالولاء ، أو بالقبيلة أو بالانتماء الحزبي وهذا أدى إلى تسلل الجهلة و الانتهازيين لمناصب الحكم .

- اختفت صفات القائد الحقيقي : - العلم – الحكمة – الحياء من الله – الفطنة السياسية – الانحياز للضعفاء .

لقد تم شخصنة الدولة : أي بدل أن يخدم المنصب الشعب ، صار المنصب أداة لتغذية النفوذ الشخصي و العائلي ، و المعادلة الصحيحة التي نحتاجها " منصب + صدق نية + زاد علمي + تجربة حياتية + خشية من الله = حكم عادل ) .


لذلك لما جاء رجل يطلب الإمارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له " أنك ضعيف و إنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي و ندامة " رواه مسلم .

باختصار : نعم معظم من يتولون المناصب ليسوا مؤهلين شرعا ولا أخلاقا و لا معرفيا ، ولهذا نحن نعيش في زمن الفوضى و الظلم و اللاعدل ، ولن تعود الأمور إلى نصابها إلا إذا عاد الناس إلى أصل الفكرة " المنصب تكليف لا تشريف ، ومقامه عند الله أعظم من أن يشترى بالمال أو الورقة الانتخابية " .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة ، إلا من أخذها بحقها و أدى الذي عليه فيها " رواه مسلم .

وقال أيضا :" ما من عبد يسترعيه الله رعية ، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة " رواه البخاري .

- وعليه المسؤولية في الإسلام ليست تشريفا بل تكليف و أمانة .

- و أن سرق الفقير اليوم فالمسؤول هو من تركه يجوع .

- و إن ضاعت الحقوق فالحاكم الذي يشتري المنصب بالمال يحاسب على كل دمعة جائع .

فقه الأولويات في المحاسبة : أيهما أولى بالقطع ؟

- ذلك الجائع الذي سرق رغيفا ؟ أم من يتقاضى الملايين و يقصر في توزيع الأرزاق ؟ أم من يحتكر المشاريع و يقصى من يخالفه ؟ أو من يشتري المنصب بالمال ثم يسرق عبر القوانين ؟

لا تقطع يد السارق قبل أن نقطع الفساد من جذوره .

ليس الهدف من الكلام التشكيك في الحدود أو الأحكام ، بل فهمها بروح الإسلام لا بروح الغلظة أو الحشو .

و إذا كان الله قال " فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شر يره " فكيف بالحاكم الذي في رقبته ذرات الملايين من الناس و كيف بمن يرى الظلم ويسكت ؟

من تولى أمر الناس فليحذر فإن الله سيسأله عن الكبير و الصغيرة ، عن الجائع و العاري ، عن السارق و المهان ، عن الذي صرخ يوما في الخفاء ولم يجبه أحد " .

الرعية هم ميزان العدل لا عبيد السلطان :

في زمن قل فيه من يجرأ على قول "لا" في وجه السلطان ، كان عمر بن الخطاب أمير المؤمنين يعلو منبر المسجد و يخطب بالناس ، لم يكن متحصنا خلف الحراسات ، ولا حاجبا يصفي الأسئلة قبل أن تصله ، بل كان يرى في الناس مرآته الحقيقية ، و إن أعوج يوما فهم مسؤولون عن تقويمه ، في أحد الأيام جاءه سهم من النقد من رجل من عامة الناس ، لا يحمل منصبا ولا رتبة ، عندما رأى أن عمر يلبس ثوبا أطول مما وزع على الناس من غنائم قال له صراحة : " لا سمعا ولا طاعة يا عمر ، لقد أخذت أكثر من حقك ، فسأله عمر بهدوء وثقة ولم ذلك ؟ فقال الرجل قسم لنا ثوب لكل شخص ، وثوبك لا يكفي طوله بثوب واحد ، فإما أنك أخذت أكثر و إما أنك ظلمتنا "

فقال عمر " إنك صادق في غيرتك ، وأما عن الثوب فقد أعطاني أبني عبد الله ثوبه لأكمل به ثوبي ، فأنا رجل طويل القامة ، وثوب واحد لا يكفيني ، فرد الرجل قائلا بكل احترام : الآن سمعا وطاعة يا أمير المؤمنين " .

الدرس من عمر :

لم يغضب – لم يسجن الرجل – لم يقل هذا تطاول على الحاكم، بل شكره على نصيحته و أوضح موقفه لأن السلطان في الإسلام ليس فوق السؤال بل أول من يسأل.

وقاله عمر في موقف آخر و أشهر " لو رأيتم في اعوجاجا فقوموني، فرد عليه أحدهم ك " و الله لو رأينا فيم اعوجاجا لقومناك بسيوفنا " فقال عمر " الحمد لله الذي جعل في أمة محمد من يقوم عمر بسيفه " .

السلطان في الإسلام خادم الأمة لا سيدها :

- الحاكم لا يقدس – الرعية ليست عبيدا – النقد المحترم و المساءلة الصادقة جزء من الدين، وواجب أن نحفظ ديننا بعدل السلطان و نعدل السلطان إذا جار.

- لا سمع ولا طاعة لحاكم يخون الأمانة ولا كراهة لأمة تصمت أمام الظلم ، ولا يمكن للسكوت في دين يأمرنا بقول الحق ولو كان مرا " خيركم من يقول الحق ، ولو على نفسه " .



السرقة في الشريعة و الواقع السياسي:

في الشريعة الإسلامية السرقة ( وخاصة المال العام ) جريمة عظيمة وحدها واضح و صريح ، لكن الحد لا يقام إلا بالشروط التي ذكرناها سابقا ، لكن السؤال الحقيقي هل تطبق هذه الشروط فعليا على أصحاب المناصب و النفوذ ؟ لا و السبب ببساطة أن القانون الذي ينفذ هو قانون القوة لا قانون الله .

الإعلام السلطة الرابعة أم خادم للسلطات ؟


في الدول التي تعاني من ضعف المؤسسات ، الإعلام الرسمي أو شبه الرسمي :

- إما خاضع تماما للنظام ( يملي عليه ما يقال وما لا يقال ).

- أو يعيش تحت تهديد مباشر بفقدان الاعتماد أو حتى الملاحقة.

لذلك ترى :

- فضح اللص الصغير الذي يسرق هاتفا = سبق إعلامي .

- لكن فضح الفاسد الكبير الذي سرق الملايين = خيانة تشهير ، خطر على أمن الدولة .

و بالتالي يصبح الإعلام في كثير من الأحيان شريكا بالصمت و التستر ما يجعله يخون رسالته الأولى : " قول الحق مهما كان الثمن " .

الدستور و الواقع المؤلم :

الدساتير الحديثة تقول الإسلام دين الدولة لكن :

- هل هذا البند يفعل في القضاء ؟ في الاقتصاد ؟ في الإعلام ؟

- هل يطبق على الوزراء كما يطبق على العامة ؟

الجواب: غالبا لا: لأن الدين تحول في كثير من هذه الدول إلى رمز ديكوري فقط، لا يستحضر إلا في المناسبات و الافتتاحات الرسمية، لا في الميزانيات و السياسات و ملفات الفساد.

سكوت العلماء وتحييدهم:

من أهم أسباب ضياع هيبة الشريعة أن:

- علماء البلاط يبررون سلوك الحاكم.

- العلماء الأحرار مقصين أو مسجونون أو متابعون، فضاعت البوصلة و سكت عن الحق و تحولت كلمة الإصلاح إلى شعار أجوف .

إن المشكلة أخلاقية فكرية و سياسية و مؤسساتية ليست في النصوص بل في النفوس ." إنما أهلك من قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا  سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد " صحيح البخاري .

المشكلة الحقيقية ليست في الشباب بل في من أفسدهم عندما :

- تفتح الحدود للمخدرات

- تصنع المهلوسات داخل البلاد ، حماية شبكات التهريب من رجال نافذين أو يغض الطرف عنهم ثم يلقى اللوم على الشاب المسكين الذي يتيه في بطالة وعجز و فقر وجهل ....فهنا يجب أن نصرخ : أوقفوا هذه المسرحية البائسة ، قال على بن أبي طالب رضي الله عنه " لا يصلح الناس إلا إمام عادل " .

عندما تتواطأ السلطة مع الفساد :






- التاجر الفاسد يحمى – رجل الأعمال الفاسد يكافأ – المسؤول المتورط ينقل بدل أن يحاسب – الإعلام يصمت – و القانون يطبق فقط على الحلقة الأضعف " أي عدالة تبقى في وطن بهذه الصورة ؟ إن الإعلام الذي يفضح الفقير و يطبل للغني هو شريك في الجريمة لا مهنة نزيهة .

الفساد الممنهج أخطر من الجريمة الفردية :

جريمة الشاب الذي يرتكب سرقة وهو واقع تحت المخدر ليست أبشع من :

- من ادخل له السموم

- ومن سكت عنها .

- ومن تواطأ على توزيعها .

- ومن نصب نفسه واليا على الوطن تركه يضيع .

إن السلطة التي تتغاضى عن سماسرة المخدرات و المهلوسات و تتهم الضحية بالفشل و الانحراف هي سلطة تحتاج إعادة تأهيل قبل أن تطلبه من شعبها .

لا نريد حاكما معصوما بل راعيا مسؤولا ، يحاسب نفسه قبل أن يحاسب الناس ، ونحن كرعية لسنا أبواقا ولا عبيدا بل شركاء في حمل الأمانة ، وقد علمنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كيف نقوم الحاكم ولو بحد السيف ، وقالها صراحة " لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فيكم أن لم نسمعها "

وهنا يجب القول لسنا ضد الدولة بل ضد الفساد الذي يخربها من الداخل .

لسنا ضد النظام بل ضد الصمت الذي يحمي المجرم و يدين الضحية .

ولسنا دعاة فتنة بل رسل إصلاح يحملون في قلوبهم خوفا على الوطن أكثر من المنتفعين به .

إذا أذا أردنا الحل علينا الاعتراف بالأسباب :

- نحن لا نملك شبابا فاسدا بل نملك بيئة ملوثة عمدا .

- ولا نملك مجتمعا عديم المسؤولية ، بل نملك منظومة سياسية و اقتصادية تسقط القدوة .

- ولا نملك أزمة أخلاق بل نعيش زمن قدوة .

الخاتمة :

أنا لا أصرخ في وجه الشعب فقط ، بل أصيح في وجه من يدعي تمثيله ، وأقوى سلاح اليوم ليس المال ، بل الكلمة التي تكتب بإخلاص وكل من سكت عن الحق وهو يقدر على قوله فهو مسؤول أمام الله و أمام التاريخ ، وما نحتاجه اليوم لا الفوضى ، بل التقويم بالحكمة و التغيير بالكلمة ، ولن يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح أولها : الصدق ، العدل ، الجرأة في الحق ، كتبت هذه الورقة بموقف المؤمن والراعي و المبتلى في آن واحد و أنا أضع الكرة الآن في ملعب كل قارئ ، أيها القارئ إن كنت موظفا أو مسؤولا أو مواطنا بسيطا لا تبرئ نفسك – قاوم بصوتك أو قلمك أو موقفك الشريف فإن الله سائلك لا عن من كنت ، بل عما سكت عنه.

يوم 14/07/2025

الباحث و الناقد : Z.R



دعوة خير لصاحبكم على ظهر الغيب و ارجوا منكم المساهمة بآرائكم ووجهات نظركم في الموضوع . ان كان الموضوع يستحق فلا تبخل علينا بالردود المشجعة .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

شركنا برايك ووجهة نظرك