انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد

احسن موقع لإختصار الروابط

samedi 19 juillet 2025

من سيادة الدولة إلى سيادة البيانات، قراءة في تحولات السلطة في القرن 21 سيادة الدولة بين الأمس و اليوم ، من سطوة الجغرافيا إلى قبضة الرقمية .

 

من سيادة الدولة إلى سيادة البيانات، قراءة في تحولات السلطة في القرن 21

سيادة الدولة بين الأمس و اليوم ، من سطوة الجغرافيا إلى قبضة الرقمية .



      في خضم التغيرات المتسارعة التي يعرفها العالم ، تبرز تساؤلات جوهرية حول مفهوم سيادة الدولة، فهل مازالت الدولة تمسك بزمام سيادتها كما كانت في الماضي ؟ أم أن البنوك الرقمية، العملات المشفرة، وشبكات الدفع العالمي أصبحت أدوات لتشكيل نظام عالمي جديد ؟ في هذا المقال نغوص في تحليل نقدي يعود إلى سنة 2011 ثم نقفز إلى معطيات اليوم لرصد التحولات و فهم التحديات ..

اقرأ المقال و اكتشف كيف تتغير قواعد اللعبة .

      في زمن مضى كانت كلمة سيادة الدولة تختصر كل معاني الهيبة والاستقلال، كانت الدولة هي صاحبة الكلمة العليا على أراضيها، تملك قرارها السياسي، الاقتصادي والعسكري، وتفرض إرادتها دون وصاية من احد، غير أن المفهوم الذي صمد طويلا بدأ يتآكل تدريجيا منذ النصف الثاني من القرن العشرين إلى أن دخل اليوم غرفة الإنعاش، يتصارع فيها مع أدوات رقمية جديدة، وقوى غير تقليدية تعيد رسم خرائط العالم على نحو غير مسبوق .

     نحن لا نتحدث فقط عن تغيرات عابرة أو تحولات سياسية ظرفية ، بل عن هندسة جديدة للنظام العالمي تدار بدقة و تفرض بنعومة تحت غطاء الحداثة والتقدم والعولمة .


السيادة في بعدها التاريخي :

     منذ فجر الدولة الحديثة بعد معاهدة وستفاليا سنة 1648 ، كان جوهر السيادة يقوم على احتكار القوة، وإدارة الحدود، والتحكم في القرار الداخلي دون تدخل خارجي، كانت الدولة مسؤولة عن الدفاع وعن ضبط الاقتصاد و عن تسيير كل صغيرة وكبيرة داخل أراضيها .

     لكن بعد الحربين العالميتين، ومع نشوء الأمم المتحدة، ثم المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي و البنك العالمي، بدأ التدخل الخارجي يأخذ طابعا مؤسسيا مقننا، أصبح على الدول النامية أن تلتزم بسياسات التكيف الهيكلي وتعيد رسم أولوياتها الاقتصادية بما يتماشي مع ما يملى عليها من الخارج .

    من هنا بدأ الانزلاق تحولت السيادة إلى شعار بينما القرارات تتخذ من وراء الستار .


     إذا كانت القوى الاستعمارية في الماضي تعتمد على الدبابة والسلاح لفرض سلطتها، فإن النظام العالمي الجديد بات أكثر ذكاء وأقل كلفة الآن السيطرة لا تحتاج لجيوش بل إلى :

·        الدولار الأمريكي : الذي لا يزال يحتل مكانة العملة المرجعية وتسعر به كل السلع الحيوية من نفط و غاز وذهب ، مما يجعل كل اقتصاد مرتبط به، و بالتالي قابل للابتزاز المالي .

·        بطاقات الدفع العالمية فيزا و ماستر كارت : التي تمكن من تتبع كل حركة مالية و تجميدها عند الحاجة و تحويل كل اقتصاد العالم إلى نظام مراقبة واحد.

·        البنوك الرقمية مثل بيبال و بايونيير و ريفولت :  التي أصبحت تستعمل لتقييد أو دعم توجهات بعينها بعيدا عن رقابة البنوك المركزية .

·        العملات الرقمية :  وعلى رأسها البتكوين التي أريد لها أن تكون بديلا لا مركزيا لكنها في الواقع أصبحت ساحة اختبار كبرى لإعادة هيكلة السيادة النقدية .

·        المنصات العملاقة Appel .Amazon  .Meta. Google: التي تتحكم في بيانات النشر، وعاداتهم و تفضيلاتهم وتسهم في تشكيل وعيهم السياسي والاستهلاكي.

كل هذه الأدوات تعمل ضمن هندسة متكاملة اسمها – إعادة صياغة النظام العالمي وفق سيادة غير مرئية -.

من الدولة إلى المنصة :

     في القرن 21 لم يعد المواطن تباعا لدولته فقط بل أصبح جزءا من منصة من نظام تشفير من خوارزمية.

    كل تصرفاته اليومية شراء بيع تواصل قراءة تصفح تسجل وتحلل و تستخدم ضده أو لصالح شركات عابرة للقارات.

    بالتالي أصبحت السيادة مفهوما افتراضيا تديره شركات لا تخضع لأي دستور ولا ينتخب أصحابها ولا يحاسبون بل يملكون القدرة على إسقاط حكومات ورفع أخرى، عبر التحكم في تدفق المعلومات والرأي العام.

النظام العالمي الجديد الوجه الناعم للاستعمار:

     صعود العملات الرقمية وتوسع الاقتصاد غير النقدي وتزايد الاعتماد على أنظمة الدفع العالمية ليست تطورات بريئة بل هي جزء من مشروع أوسع يرمي إلى :

·        تفكيك السيادة النقدية للدول.

·        خلق اقتصاد عالمي موحد خاضع لمنصات أمريكية و أوروبية .

·        تصفية البنوك المحلية والبني الوطنية لصالح كيانات افتراضية عالمية .

·        تكوين دولة رقمية لا ترى ولكنها تتحكم في كل شيء .

     من هذا المنطلق يجب أن ندرك أن الثورة الصناعية الرابعة لم تكن فقط تكنولوجيا بل وسيلة لانتقال السلطة من الحكومات إلى الشركات ومن الشعوب إلى الخوارزميات.

هل من مخرج ؟

     رغم هذه الصورة القاتمة فإن الأمل لم يمت لقد بدأت بعض القوى الدولية مثل دول البريكس بإطلاق مشاريع بديلة عملات مشتركة أنظمة تبادل تجاري خارج الدولار وهناك إرهاصات لصحوة وعي عالمي، لكن المعركة لا تزال طويلة ومعقدة .

     ما نحتاجه اليوم ليس فقط خطابات سياسية بل بناء سيادة رقمية وتطوير شبكات تكنولوجية وطنية وتشجيع المعرفة النقدية لدى الشعوب وطرح سؤال السيادة من جديد : هل نحن أسياد قرارنا ؟ أم أدوات في يد من يتحكمون في بياناتنا ؟

الخاتمة :السيادة تبدأ من العقل

     السيادة لم تعد بندا قانونيا، بل أصبحت معرفة فكرية وتكنولوجية نحن بحاجة إلى جيل جديد يدرك أن الاستقلال الحقيقي لا يأتي من العلم المرفوع، بل من العقل الحر والفكر اليقظ، والقدرة على مجابهة أدوات الهيمنة الحديثة.

    فالسيادة اليوم في زمن الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة لا تنتزع بالقوة فقط، بل بالفهم، والمعرفة، و التخطيط بعيد المدى.



الباحث و الناقد : ZITOUNI.REDHA

يوم : 05/05/2025 .

الفكر لا يقاس بالحجم بل بالبصيرة.

نرجوا منكم الدعم و رفع الهمم و التشجيع ، لا تترك المقال يتوقف عندك .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

شركنا برايك ووجهة نظرك