انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد

احسن موقع لإختصار الروابط

samedi 19 juillet 2025

بنك التسويات الدولية BIS -Bank for international Settlemenets – البنك الخفي الذي يضبط إيقاع النظام المالي العالمي

 

بنك التسويات الدولية BIS  -Bank for international Settlemenets – البنك الخفي الذي يضبط إيقاع النظام المالي العالمي





     في قلب مدينة بازل السويسرية و في مبنى يشبه الحصن المالي الحصين ، يقع ما يعرف – ببنك التسويات الرسمية – تلك المؤسسة التي تكاد لا تذكر في الأخبار ، و لكنها تلعب دورا بالغ الأهمية في توجيه الاقتصاد العالمي و التحكم في السياسات النقدية للدول مثل التحكم في التضخم ، استقرار أسعار الصرف ، تنظيم العرض النقدي و يقوم بذلك من خلال إصدار التقارير و تنظيم لقاءات ، و توصيات لجنة بازل و مجموعات مثل مجموعة العشرة G10  . أما بالنسبة للسياسة المالية ليس له سلطة مباشرة و لكن له تأثير غير مباشر في توجيهها ، فالسياسة المالية تعنى بقرارات الحكومات حول ، الإنفاق العام ، الضرائب ، الاقتراض لا يتدخل فيها مباشرة لأنه لا يتعامل مع الحكومات بل مع البنوك المركزية فقط لكن التأثير غير مباشر موجود ، فعندما يصدر البنك تقارير و تحذيرات حول الديون السيادية أو عجز الميزانية تتأثر الحكومات . و توصياته تأثر على تصنيفات الدول الائتمانية ما ينعكس على سياساتها المالية و علاقتها بالعالم الخارجي في إطار التجارة و القروض . بالنسبة للسياسة التجارية و المتمثلة في الرسوم الجمركية ، و الإتفاقيات الثنائية و المتعددة ، و التبادل التجاري بين الدول فانه لا يتدخل فيها مباشرة فهذا مجال منظمة التجارة العالمية و ليس من صلاحيات BIS لكن الاستقرار النقدي الذي يسعى له BIS يعتبر شرطا لنجاح التبادل التجاري الدولي لذا علاقته غير مباشرة و مساندة فقط .

     و عليه يمكن القول أن بنك التسويات الدولية يعني أساسا بتاطير السياسات النقدية عبر دعم البنوك المركزية في الحفاظ على الاستقرار النقدي و محاربة التضخم ، إلا أن تأثيره يتجاوز حدود السياسة النقدية ليصل بشكل غير مباشر الى السياسات المالية و التجارية للدول ، فالتوصيات التي يصدرها البنك خاصة فيما يتعلق بالديون السيادية أو استدامة الأنظمة البنكية ، غالبا ما تؤخذ بعين الاعتبار من طرف صانعي السياسات المالية في الحكومات ، الذين يجدون أنفسهم مضطرين لتعديل سياسات الإنفاق و الاقتراض لتفادي فقدان الثقة في اقتصادهم . أما من الناحية التجارية فرغم أن البنك لا يتدخل مباشرة في تنظيم المبادلات التجارية إلا أن دوره في ضمان استقرار العملات و الأنظمة المالية العالمية يخلق بيئة مواتية لحركة التجارة الدولية ، مما يجعل جزءا غير مرئي من منظومة التأثير في توجيه السياسات العامة . بهذا يتحول البنك الى فاعل عالمي خفي لا يصدر قوانين لكنه يعيد تشكيل التوجهات الاقتصادية للدول في صمت و فعالية .

النشأة و التأسيس – عندما اجتمع المال بالسياسة –

    تأسس البنك سنة 1930 في أعقاب الحرب العالمية الأولى بهدف الإشراف على التعويضات المالية التي فرضت على ألمانيا بموجب معاهدة فرساي ، ومن هنا جاء اسمه بنك التسويات أي تسويات ديون الحرب لكن مع مرور الوقت تحول من هيئة لتصفية الديون الى أكثر البنوك نفوذا في العالم حيث أصبح بمثابة البك المركزي للبنوك المركزية .

وظائف البنك – ماذا يفعل البنك بالضبط –

- تسهيل التعاون بين البنوك المركزية حول العالم .

- تسهيل التسويات المالية الدولية أي تحويلات ضخمة بين الدول .

- تقديم الخدمات المصرفية للبنوك المركزية مثل إدارة الاحتياطات من الذهب و العملات الأجنبية .

- إعداد الدراسات الاقتصادية و التقارير التي تؤثر في قرارات السياسات النقدية .

- تنسيق الردود العالمية أثناء الأزمات المالية كما حدث خلال أزمة 2008 . 

العضوية – من يحكم هذا البنك ؟

      يضم الحكم حاليا من 60 بنكا مركزيا عضوا منها ، الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ، البنك المركزي الأوروبي ، بنك الصين الشعبي ، بنك الجزائر ، البنك المركزي السعودي و غيرها من البنوك المؤثرة ، يحق للأعضاء التصويت و تحديد التوجهات العامة للبنك ، لكن لا يمكن تجاهل النفوذ الأكبر للدول الغربية داخله خاصة الدول الصناعية الكبرى .

الهيمنة الغربية و التوازن المختل :

    رغم كونه يدعى الحياد فان البنك يت

عرض لانتقادات بكونه يكرس هيمنة النظام المالي الغربي خاصة عبر :

- توصياته التي تصب في مصلحة الدولار و النظام الرأسمالي .

- دعمه المستمر للمؤسسات المالية الكبرى على حساب الدول النامية .

- تحذيره من  العملات الرقمية اللامركزية مقابل تشجيعه العملات الرقمية للبنوك المركزية CBDCs التي يمكن التحكم بها مركزيا .

الدور في الأزمات و السياسات العالمية :

     في أزمة 2008 لعب البنك دورا مهما في تنسيق سياسات التسيير الكمي وضخ السيولة بين البنوك المركزية كما يعتبر مركزا للنقاشات حول مستقبل النقود الرقمية العالمية ، بل انه المنصة التي تجري فيها أحيانا محادثات سرية بين كبار صناع القرار المالي في العالم .

السرية و الحصانة عالم مغلق :

      بنك التسويات الدولية يتمتع بامتيازات تجعله كيانا محصنا عن أي مساءلة قانونية :

- لا يخضع للضرائب السويسرية .

- لا تملك الشرطة السويسرية صلاحية دخوله .

- جميع اجتماعاته مغلقة و غير متاحة للإعلام .

وهذا ما جعله يلقب من بعض الاقتصاديين ب – الكنيسة السرية للنظام المالي العالمي  -

مستقبل البنك :

    في ظل التحولات الجيوسياسية الحالية و تنامي قوى مثل البريكس و تزايد الحديث عن نهاية هيمنة الدولار ، يطرح سؤال مهم :

هل سيظل البنك في موقعه كمركز تنسيق مالي عالمي ، أم انه سيواجه ضغوطا من العالم المتعدد الأقطاب الجديد ؟

ربما تتغير وظيفته و ربما يعاد تشكيله بالكامل لكن ما لا شك فيه هو أن مستقبل البنك مرتبط بمستقبل النظام المالي الدولي نفسه .

خلاصة القول :

     بنك التسويات الدولية ليس مجرد بنك بل هو مؤسسة سيادية خفية تؤثر في شكل العالم الاقتصادي دون ضجيج فهمه ضرورة لكل من يريد قراءة السياسات الدولية من الزاوية الصحيحة زاوية المال و النفوذ و التحكم .

     إن المتأمل في المشهد المالي العالمي اليوم يدرك دون عناء أننا نعيش لحظة مفصلية تاريخية تتغير فيها الأسس التي بني عليها النظام المالي منذ قرن من الزمن . فبنك التسويات الدولية ذلك الكيان الخفي الذي لطالما لعب دور المايسترو في تنسيق السياسات النقدية بين البنوك المركزية لم يعد وحده المتحكم في إيقاع الاقتصاد العالمي .

      مع صعود العملات الرقمية و على رأسها البتكوين الذي تجاوز عتبة 100.000 دولار بدأنا نرى تحولا حقيقيا في فهم النقود و استخدامها . لم تعد النقود حكرا على السلطات المركزية بل أصبحت تصنع بثقة المجتمعات و التكنولوجيا و تتداول خارج الإطار التقليدي الذي حكم العالم لعقود .

      إن قبول دول عديدة بعمل المنصات مثل بينانس على أراضيها و السماح لبعض العملات الرقمية الرسمية يعد مؤشرا واضحا على بداية اعتراف بشرعية هذا الاقتصاد الموازي الذي طالما وصف بالغامض المتمرد .

      و لعل المثير أن البتكوين نفسه أصبح يقارن بالذهب بل ينظر إليه كخليفة محتمل له في بعض أوساط المستثمرين ، باعتباره أصلا نادرا ومحدودا و قادرا على حفظ القيمة . وهذا يعيد تشكيل مفهوم الاحتياطي الذي كان حكرا على الذهب و الدولار و يطرح تساؤلات جدية عن مستقبل التسويات الدولية و خارج سلطة البنوك المركزية و بنك التسويات نفسه .

      و بين التحول الرقمي و القلق التنظيمي و الانهيار المحتمل للنظريات الكلاسيكية التي صمدت لعقود يقف العالم أمام مفترق طرق حاسم فإما أن يعيد هيكلة المنظومة المالية بشكل يتماشي مع هذه المعطيات الجديدة أو سيجد نفسه في مواجهة موجات مالية خارجة عن السيطرة لا تشبه أي أزمة سابقة عرفها التاريخ المالي .

 


بقلم الباحث : ZITOUNI.Redha

يوم : 25/05/2025

الفكر لا يقاس بالحجم بل بالبصيرة .

نرجوا منكم الدعم و رفع الهمم و التشجيع، لا تترك المقال يتوقف عندك .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

شركنا برايك ووجهة نظرك