ظاهرة الفقر و تدني المستوى المعيشي
التجربة الماليزية في تحدي مشكلة الفقر
تعتبر ظاهرة الفقر من أهم
الانشغالات التي تترأس السياسة الاقتصادية للدول، ويقاس من خلالها مدى التقدم في معدلات النمو والحكم على مدة نجاح
الإجراءات المتخذة في تحسين الظروف الاجتماعية للأفراد، وقد كان من مبادئ الاقتصاد
الإسلامي العمل على ترشيد النفقات وتوزيع الثروات وفق مبادئ: العدالة الاجتماعية،
تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، تقييد الحرية الاقتصادية وفق حدود معقولة ونبذ
الاحتكار. بصورة أدق و أعمق مدي تطور
المستوى التعليمي ، الصحة و معدل الأمراض ، متوسط العمر ، معدل الوفيات ، الدخل
الفردي ...............الخ كل هذه الأمور تأثر بشكل او بأخر على الجانب الصحي .
و يعتبر تخفيض نسبة الفقر من أوليات الدول بمختلف مستوياتها ويمثل أحد
الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية ،الذي يُعنى بتخفيض عدد السكان الذين يعيشون على
أقل من 1.25 دولار في اليوم إلى النصف
بحلول عام 2015 مقارنة بما كان عليه في
عام1990،إذ نجحت بعض البلدان الكثيرة السكان في تخفيض عدد الفقراء من سكانها ،فالبرازيل تمكنت من تخفيض نسبة السكان
الذين يقل دخلهم اليومي عن
1.25 دولار من 17.2% إلى 6.1% والصين
من 60.2% إلى 13.1%، ولا يقتصر الفقر على
مستوى الدخل المرتبط عموما بالتشغيل بل يتعدى ذلك ليشمل الحرمان من الصحة والتعليم
.
مفهوم الفقر:
يعبر مصطبح الفقر عن تلك الأحوال المعيشية التي تتكون نتيجة سوء التغذية و
الجهل والمرض وارتفاع وفيات الأطفال وقصر العمر الافتراضي، ممَا يجعلها أدنى من
المستوى المعهود للحياة اللائقة.
من عوامل تفشي الفقر:
* تدني المستوى
التعليمي، فمن المعروف أنَ الأفراد ذو المستوى التعليمي العالي لهم فرصة
أكبر في الارتقاء في مناصب العمل وتسيير حياتهم العملية بشكل أفضل مقارنة بمن
يقلون عليهم مستوى.
* البطالة: تشير إحصائيات معدلات البطالة في العالم إلى تركز ها بصفة عالية عند ذوي
المستويات التعليمية الضعيفة،
* التوزيع
غير العادل للثروات الوطنية،
توجد ميزتان يجب توفرهما في مؤشرات الفقر،وهاتان الميزتان هما بديهية الرتابة
وبديهية التحويلات ،أما الميزة الأولى فتعني أنَ أي انخفاض في دخل الفقير يؤدي إلى
زيادة فقره عند ثبات جميع المتغيرات الأخرى (مثل لأسعار السلع،...)،أمَا الميزة الثانية
فتعني أن تحويل أي جزء من دخل فرد فقير إلى فرد أخر أكثر دخلا لابد وأن تؤدي إلى زيادة
الفقر بشرط ثبات المتغيرات الأخرى توجد ميزتان يجب توفرهما في مؤشرات الفقر،وهاتان
الميزتان هما بديهية الرتابة وبديهية التحويلات ،أما الميزة الأولى فتعني أنَ أي انخفاض
في دخل الفقير يؤدي إلى زيادة فقره عند ثبات جميع المتغيرات الأخرى (مث لأسعار السلع،...)،أمَا
الميزة الثانية فتعني أن تحويل أي جزء من دخل فرد فقير إلى فرد أخر أكثر دخلا لابد
وأن تؤدي إلى زيادة الفقر بشرط ثبات المتغيرات الأخرى.
الأبعاد الهيكلية للفقر:
تعترف الخطة التقليدية المعتمدة للحد من الفقر بالأسباب الهيكلية للفقر ولكنها
لا تتصدى لها بما يكفي، وركزت بعض المحاولات المعاصرة الرامية إلى تعزيز النمو الشامل
على نتائج التنمية من خال توسيع
شبكات الأمان الاجتماعي وتعزيزها ،وإذا كانت هذه المبادرات العامة تعالج أعراض
الفقر ،فهي لا تتصدّى لجذوره، حيث يضم أبعادا أوسع أهمها.
عدم المساواة في الحصول على الأصول:
يؤدي عدم المساواة في الحصول على الثروة والمعرفة إلى تجريد ضحايا هذا الإقصاء
من القدرة على المنافسة في السوق ،وينتج الفقر الريفي مثلا منعدم حصول الشرائح الريفية
المحرومة على ما يكفيها من الأراضي والمياه ،ولطالما كانت ملكية الأراضي مصدرً
للامتياز الاقتصادي ،بل و أيضًا مصدرًا
للسلطة الاجتماعية والسياسية ،ومازالت الهيكليات السائدة لملكية الأراضي غير صالحة
لحسن سير النظام الديمقراطي،كما يؤدي عدم الحصول على رأس المال والملكية إلى استمرار الفقر في المدن.
المشاركة غير المتساوية في السوق:
نظرًا لهيكل الملكية السائدة في المجتمع ،يبقى السكان الذين يفتقرون إلى
الموارد مستبعدين عن قطاعات السوق الناشطة ،ويقتصر دور عاملا لإنتاج الرئيسي عادة على
النخبة في المدن التي تملك الشركات الكفيلة بتشغيلا لقطاعات الاقتصادية السريعة النمو
،أمَا السكان ،فيساهمون فقط كعاملين لقاء أجر في المراحل الأولية للإنتاج وفي أدنى
سلسلة الإنتاج والتسويق ،وهذا يتيح لهما لقليل من الفرص للمشاركة في اقتصاد السوق وتحقيق
القيمة المضافة في عملهم، ولمتنج الأسواق الرأسمالية في تقديم ما يكفي من الائتمان
للمستبعدين، حتى ولو أثبتوا جدارتهم الائتمانية من خلال ارتفاع معدّلات التسديد في
سوق القروض الصغيرة ،ولمتقدم الأسواق الرأسمالية الرسمية أدوات مالية لاستقطاب ادخار
المستبعدين وتحويلها إلى أصول استثمارية في قطاع الشركات السريع النمو.
التغيير الهيكلي:
لتصحيح هذا الإجحاف الهيكلي ،يجب التوصل إلى خطة سياسية تشمل الجميع من خلال
تعزيز قدرة المستبعدين على المشاركة في اقتصاد السوق والسياسة الديمقراطية على أساس
مزيد من المساواة ، وينبغي أن تسمح هذه الخطة للمستبعدين بالمشاركة في عمليات الإنتاج
والتوزيع والحكم ،ويجب أن تساعد عملية الإنتاج على إخراج المستبعدين من العيش حصرًا
كعاملين ومزارعين لقاء أجر،عن طريق الاستثمار في قدرتهم ليصبحوا من مالكي الأصول المنتجة ، وبعملية التوزيع
، يجب تمكين هؤلاء من التخلي عن دورهما لمتوارث في مراحل الإنتاج الأولية ،والارتقاء
بهم إلى مستويات أعلى في السوق بمنحهما لمزيد من لفرص للمشاركة في القيمة المضافة عن
طريق العمل الجماعي ، ويجب أن يترافق الوصول إلى الأصول والأسواق معا لمساواة في الحصول
على خدمات الرعاية الصحية والتعليم الجيد التي
هي ضرورية لتمكين المستبعدين. يبقي مصطلح العدالة الاجتماعية و الحكم الراشد من
الركائز لضمان بناء مجتمع متماسك .
التجربة الماليزية و سعيها
لتقليل نسبة الفقر :
تجربة ناجحة لبلد حاول و مزال يحاول تنمية وتطوير ذاته ستسمح الدراسة اقتصار
الجهد والوقت ، وهناك بعض العوامل الأخرى التي ساهمت في ماليزيا كنموذج ، وهي:
1- استقلالها في نفس الفترة تقريبا التي نالت فيها معظم البلدان العربية
استقلالها
2- تتبنى الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع.
3- امتلاكها لثروات طبيعية متعددة مثل: الخشب، المطاط
وبعض المعادن وأيضا المحروقات،لكنها تعتمد في نموها على مصادر أخرى حديثة أساسها
التكنولوجيا، حيث بدأت ماليزيا في السبعينيات تقليد اقتصاديات النمور الآسيوية
الأربع (كوريا الجنوبية، تايوان، هونغ كونغ وسنغافورة)، وألزمت نفسها بالانتقال من
كونها تعتمد على التعدين والزراعة إلى اقتصاد يعتمد بصورة أكبر على التصنيع، بوجود
الاستثمارات اليابانية ازدهرت الصناعات الثقيلة في غضون سنوات، وأصبحت صادرات
البلاد محرك النمو الرئيسي، وتمكنت من تحقيق معدل نمو محلي إجمالي بأكثر من 7 % مع
انخفاض معدلات التضخم في الثمانينيات والتسعينات، وكمثال على ذلك، تعد اليوم واحدة
من أكبر مصنعي الأقراص الصلبة الحاسوبية، كما تحسنت مواردها حيث بلغت قيمة احتياطي
النقد الأجنبي 134 مليار دولار في 2012
4- ترتيبها المتقدم في مؤشر
التمنية البشرية مقارنة بالدول الإسلامية الأخرى أين تسبقها فقط بعض الدول
البترولية، حيث تأتي قطر في المقدمة (المرتبة 36) بمؤشر بلغ 0.834، تليها الإمارات
العربية (المرتبة 41) البحرين (المرتبة 41)، الكويت (54)، السعودية (57) وماليزيا
بمؤشر 0.769 والمرتبة 64 عالميا.
و أشار بعض الباحثين و
العارفين بالشؤون الاقتصادية إلى أربعة مبادئ
واكبت مسار التطور الاقتصادي في ماليزيا:
المبدأ
الأول : الملكية المزدوجة ،حيث يجمعا لنظام الإسلامي بين الملكية العامة والملكية الخاصة ،فالإسلام يحمي
الملكية الخاصة ويرعاها كما يعتمد على تقاسم الثروات و الملكيات العامة للصالح
العام أي انه هناك موازنة بين القطاع العام و الخاص .
المبدأ الثاني : هو الحرية الاقتصادية التي
تكفل للقطاع الخاص حرية ممارسة النشاط الاقتصادي بما لا يؤثر على حرية الآخرين ،على
أن تعمل في إطار المصلحة العامة للمجتمع ، وأن تقوم الدولة بتهيئة المناخ المناسب للقطاع الخاص
، وتراقب نشاطه لكي يكون متفقًا مع قواعد الشريعة الإسلامية.
المبدأ الثالث: فهو العدالة الاجتماعية التي تبنى على التكافل العام والتوازن الاجتماعي، وتمثل "التوزيع العادل
للدخل والثروة بين كافة أفراد المجتمع دون تمييز بينهم بسبب الدين أو الجنس أو السن
أو اللون، أو غير ذلك من الأسباب
المبدأ الرابع : للنظام الاقتصادي الإسلامي هو تحريم الربا
هذا فضلا عن إتباع ماليزيا لبعض السياسات بغرض مواجهة مشكلتي البطالة وانخفاض مستويات
المعيشة على النحو التالي:
§
التوسع في برامج
تأهيل العاطلين عن العمل
تمهيدا لالتحاقهم في مجالات مختلفة .
§
تقييد العمالة الأجنبية حيث تم إعادة نحو 200 ألف عامل من قطاع
التشييد إلي أوطانهم فضلا عن تأجيل تجديد إقامة نحو 700 ألف عامل أجنبي.
§
دعم النقابات العمالية التي لم تكن تلعب
دور سياسي مؤثر بسبب الضوابط الحكومية الرسمية وغير الرسمية وقلة أعدادها وزيادة القيود
المفروضة على تنظيمها.
§
اتخاذ عدد من الإصلاحات
في سوق العمل تضمن تربطا لأجر بساعات العمل وإتباع الإنتاجية ،ورفع كفاءة الإدارة ،وزيادة
العمل بأسلوب التسريح المؤقت بدلا من التخفيض الكلي .
§
تأسيس عدد من الصناديق بغرض مساعدة الفئات
ذات الدخل المحدود وكان من أهمها صندوق إقراض العاملين والذي استفادت منه نسبة كبيرة
من العاملين المستغنى عنهم.
§
تدعيم التعليم الأساسي والثانوي وتوجيه دعم أكبر
للمنح الدراسية ، وكذا زيادة الميزانية المخصصة للرعاية الصحية.
عوامل الاقتصادية والسياسية ساعدت
على نجاح التجربة الماليزية:
· الوعي
السياسي واستشرافه لمختلف الصراعات المكنة بالعمل على
تفاديها وتعميم حالة السلم بين مختلف الأطراف.
· تخصيص
موارد ضخمة من أجل تنمية البنية التحتية التي تعتبر أولوية اقتصادية مهما كانت مستويات النمو.
· انتهجت ماليزيا إستراتيجية تعتمد على الذات بدرجة كبيرة
من خلال الاعتماد على سكان البلاد الأصليين الذين يمثلون الأغلبية المسلمة للسكان.
· اهتمام
ماليزيا بتحسين المؤشرات الاجتماعية لرأس المال البشري الإسلامي، من خلال تحسين الأحوال المعيشية والتعليمية والصحية للسكان الأصليين،
سواء كانوا من أهل البلاد الأصليين أو من المهاجرين إليها من المسلمين الذين ترحب
السلطات بتوطينهم.
· اعتماد
ماليزيا بدرجة كبيرة على الموارد الداخلية في توفير رؤوس الأموال اللازمة لتمويل الاستثمارات وعوامل أخرى ساعدت على نجاح التجربة التنموية في
ماليزيا منها:
-
أنها تعاملت مع الاستثمار
الأجنبي المباشر بحذر حتى منتصف الثمانينيات، ثم سمحت له بالدخول ولكن ضمن شروط
تصب بشكل أساسي في صالح الاقتصاد الوطني منها:ألا تنافس السلع التي ينتجها
المستثمر الأجنبي الصناعات الوطنية التي تشبع حاجات السوق المحلية، أن تصدر الشركة
50 % على الأقل من جملة ما تنتجه، الشركات الأجنبية التي يصل رأس مالها المدفوع
نحو 2 مليون دولار يسمح لها باستقدام خمسة أجانب فقط لشغل بعض الوظائف في الشركة.
-
امتلاك ماليزيا لرؤيا
مستقبلية للتنمية والنشاط الاقتصادي من خلال خطط خماسية متتابعة ومتكاملة منذ
الاستقلال وحتى الآن.
-
وجود درجة عالية من التنوع
في البنية الصناعية وتغطيتها لمعظم فروع
النشاط الصناعي (الصناعات: الاستهلاكية - الوسيطة -الرأسمالية) وقد كان هذا الأمر
كمحصلة لنجاح سياسات التنمية بماليزيا فيمكن اعتباره سبباً ونتيجة في الوقت.
وقد ساهمت هذه الإجراءات في تخفيض معدل البطالة إلى 3% وهي نسبة تماثل أو
أقل من العديد من الدول المتطورة، (بلغ هذا المعدل 8.3% في الو.م.ا، 10.7%،
اليابان 4.6%، المملكة المتحدة 8.4% في 2012، 4.2% في كوريا الجنوبية، تركيا 9.8%،
الأرجنتين 6.7% في 2011).
- النظام المالي: يمكن تفسير العلاقة بين التنمية المالية والنمو الاقتصادي بالخدمات
المالية القائمة على البنك، القائمة على السوق، حيث يمكن للبنوك تمويل النمو الاقتصادي في المراحل المبكرة من
التنمية الاقتصادية لأنَه لا تعيقها القيود التنظيمية، ويمكن أن تستغل وفورات
الحجم في جمع وتجهيز المعلومات،في المقابل، فإنَ التمويل القائم على السوق يسلط
الضوء على مزايا الأسواق التي تعمل بشكل جيد في تعزيز الأداء الاقتصادي الناجح من
خلال تعزيز حوافز النمو والأرباح، وتعزيز حوكمة الشركات وتسهيل إدارة المخاطر
والتنويع.
إيمانا منها بأهمية تنويع مصادر التمويل والتوجه تدريجيا نحو تبني مقومات الشعب الماليزي في
اعتماد التمويل الإسلامي، همت ماليزيا بتطوير هذا القطاع لدرجة أن بلغ حجم
الأصول المالية والودائع في قطاع المصارف الإسلامية في الثلاثي الأول من 2012
حوالي 24% من الحجم الإجمالي لأصول النظام المصرفي في البلاد، حيث بلغت نحو 435
مليار رينغت (145 مليار دولار)، مقابل نحو 400 مليار رينغت (133.33 مليار دولار)
في عام 2011, وهو ما يمثل زيادة قدرها نحو 1.5% من إجمالي موجودات النظام المصرفي
بماليزيا.
ولا تزال ماليزيا تعتبر أكبر مركز للسندات الإسلامية في العالم حيث أوجدت
مؤسسات مالية إسلامية تديرها هيئة إدارة السيولة الإسلامية الدولية، حيث ساهمت
ماليزيا بنسبة7.62% في حجم إصدارات الصكوك العالمية خلال 2011.
التعليم:
في مسار تطورها استفادت ماليزيا من البلدان المجاورة وخاصة اليابان أين
كانت ترسل بعثات من الطلاب من أجل رفع مستواهم مع إلزامهم بالعودة عند نهاية فترة
التكوين، وانتقلت سريعا من بلد يعتمد على الزراعة والسلع الأولية إلى بلد يقوم على
الصناعات التي تتميز بكثافة عالية للرأس المال المعرفي، بفضل سياسة التعليم
المعممة واستقطاب عشرات
الجامعات الأجنبية الرائدة التي فتحت فروعا لها، أمَا في مجال البحث
والتطوير، فتمَ منح الباحثين التي تركز أبحاثهم على خلق القيمة إعفاءا ضريبيا بنسبة
50% لمدة 5 سنوات على الدخل الذي يحصلون عليه من المتاجرة بنتائج أبحاثهم، وتراوحت براءات الاختراع الممنوحة
بين 1500 إلى أكثر من 2000 سنويا في الفترة 2000/2010.
برامج مكافحة الفقر:
في إطار سياساتها الموجهة للفقر نفذت
الحكومة جملة من البرامج أبرزها :
- برنامج التنميةٌ للأسر الأشد
فقرا : الذي قدم فرصاً جديدة
للعمل المولد للدخل بالنسبة للفقراء، وزيادة الخدمات الموجهة للمناطق الفقيرة ذات الأولوية
بهدف تحسين نوعية الحياة، وقام البرنامج بإنشاء العديد من المساكن للفقراء بتكلفة قليلة
وترميم وتأهيل المساكن القائمة وتحسين ظروف السكن بتوفير المياه والكهرباء،
وأحيانا تقدم خدمات مباشرة للفقراء.
- تقليص اختلافات التوازن بين
القطاعات ومحاربة كل أشكال التمييز وتقليص الفوارق الاجتماعية: حيث تمَ إنشاء
برنامج أمانة أسهم البوميبترا، وهو برنامج تمويلي يقدم قروضا بدون فوائد للفقراء
وبفترات تصل إلى 4 سنوات، ويمكن للفقراء أن يستثمروا بعضا من هذه القروض في شراء
أسهم بواسطة المؤسسة نفسها، كما يوجد برنامج غير حكومي (برنامج أمانة اختيار
ماليزيا) يهدف إعانة هذه الطبقات وتمويل مشاريعها في الزراعة ومشروعات الأعمال
وغيرها.
- إعانة الأفراد والأسر التي
تعول أشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أو غير قادرين على
العمل (إعانة شهرية بين 130 إلى 160 دولار).
- تقديم قروض بدون فوائد لشراء
مساكن قليلة التكلفة للفقراء في المناطق الحضرية: وأسست الحكومة
صندوق اًلدعم الفقراء المتأثرين بأزمة العملات الأسيوية في 1997 ،تحدد اعتمادا ته في الموازنة العامة للدولة سنويا.
- توفير مرافق البنية الأساسية
الاجتماعية والاقتصادية في المناطق النائية الفقيرة: بما في ذلك مرافقا لنقل
والاتصالات السلكية واللاسلكية والمدارس والخدمات الصحية والكهرباء.
فرص الدول العربية في تحقيق التنمية وتخفيض
معدلات الفقر:
1- تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة:
تساهم الاستثمارات الأجنبية في رفع مستوى التنمية المحلية، وتلبية
الاحتياجات المختلفة من السلع والخدمات كما تساهم في رفع مستوى التشغيل وتطوير
الصناعات المحلية، ممَا ينعكس إيجابا على تحسن ظروف المعيشة وتخفيف حدة الفقر بشرط
أن تكون موجهة نحو القطاعات التي تشكل مصدر للميزة التنافسية والتي لا يمكن للدولة
أو الأفراد المحليون الاستثمار فيها.
رفع
حصة التمويل الإسلامي:
تشير
البيانات إلى أنَ معدل نمو السكان في الوطن العربي ككل في الفترة من 2006/2010 بلغ
ما لايقل عن 2% سنويا، بعدما كان يزيد على 2.2% في الفترة من 2000/2006 و2.8% في
السبعينات من القرن الماضي، سجل أدناها في تونس والصومال ولبنان، ويعود السبب
الرئيسي إلى انخفاض معدل الإنجاب والهجرة للخارج ،بينما يفسر ذلك في الصومال
بالحروب والمجاعات والهجرة، ولا تزال العراق واليمن وموريطانيا وجيبوتي وفلسطين
والسودان وسوريا في الطور الأول من الانتقال الديموغرافي الذي يتميز بارتفاع معدل
الإنجاب وانخفاض معدل الوفيات (حولي 3%)، علما أنَ معدل نمو السكان في الدول
النامية بلغ 1.2% مقابل 0.08% بالنسبة للدول المتقدمة في نفس الفترة.
2- تطوير القطاع الزراعي:
انخفضت قيمة مساهمة هذا القطاع إلى حوالي 6%، حيث تستورد الدول العربية نصف
احتياجاتها من الحبوب والدقيق، وانخفض معها مستوى الاكتفاء الذاتي، حيث سبَب
الاعتماد على السوق الدولية تدهورا للقدرة الشرائية انجرت من خلالها عدة احتجاجات
شعبية، وتتحمل بعض الدول العربية المسؤولية كاملة في هذه الوضعية، ذكرها التقرير
العربي حول التشغيل والبطالة وهي: تونس، الجزائر، السودان، مصر، المغرب، سوريا
والعراق التي لم تقم بالمجهودات اللازمة لتطوير هذتا القطاع لكي يكون في مستوى
الإمكانيات المتوفرة،رغم المساحة الشاسعة من الأراضي الزراعية التي تتوفر عليها.
3- زيادة التشغيل لخفض الفقر:
إنَ
زيادة التشغيل يجب أن ترتبط بهيكل الاقتصاد ككل بما يضمن تساوي الفرص في القطاعين
الخاص والعام، حيث تشير الدراسات إلى تفضيل الخرجين الجامعيين في البلدان العربية
للقطاع الحكومي (80% في سوريا)، الذي يمثل 40% من متوسط العمالة في دول الخليج
العربي بينما يصل أدناها في المغرب بـ10%، ويعود ذلك لوجود ما يسمى بهشاشة العمل
(من حيث الدخل، الديمومة، ظروف العمل...) الذي قاربت نسبته 40% في 2009، بينما
تبين الإحصائيات المتعلقة بالعمالة الفقيرة (أقل من دولارين في اليوم) نسبة 32% من
مجموع العمالة.
من هذا المنطلق، حدد بعض الاقتصاديين
خمس قنوات يستطيع من خلالها التشغيل الحد من الفقر.:
- زيادة مناصب العمل.
- تحسين الأجور الحقيقية.و
قيمة العملة
- زيادة التشغيل الذاتي (لدى فئة
العاملين لحساب أنفسهم أي أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة).
- زيادة الإنتاجية في مشروعات
التشغيل الذاتي.
- تحسين معدلات التبادل، أو الأسعار والإيرادات
المقارنة لمنتجات المشروعات الخاصة بالعاملين أصحاب المشاريع.
4-
بناء الرأس المال المعرفي للفقراء:
فكلما ارتفع الرصيد المعرفي للفقراء زادت فرص اندماجهم في المجتمع بما
يترافق وقدراتهم المعرفية، لكن إعادة تخصيص النفقات الحكومية قد يحسن مستوى خدمات
الصحة والتعليم المقدمة، إلا أن ذلك قد لا يعود بالنفع على الفقراء بالضرورة، حيث
يجب أن يستند إلى فهم دقيق للعوامل التي تحكم قرار الأسر بشأن الرعاية الصحية
والالتحاق بالمدارس بما يكفل في النهاية تحقيق أفضل النتائج من الحماية الاجتماعية
المقدمة للفقراء.
5- تشجيع
المشايع الإبداعية:
يمكن للمشاريع ذات البعد التكنولوجي أن تتطور في ضوء وجود أفراد ذو مستوى
علمي عالي، مع توخي سياسة دعم تهدف إلى ترقية الأفكار وتحويلها لمشاريع حقيقية
يمكن من خلالها رفع مستوى التنمية وتوفير شروط الحياة العصرية للمجتمع.
النتائج والتوصيات:
إنَ استلهام بعض التجارب الناجحة في تخفيض مستوى الفقر مع الأخذ بعين
الاعتبار مكونات البيئة الداخلية والخارجية يساهم في تفعيل آليات الدعم وتنفيذ
الخطط بكفاءة، وفي التجربة الماليزية عدة مزايا يمكن للدول العربية الاقتداء بها،
فتقديم الإعانات للفقراء لا يعني تخفيض معدل الفقر، بل مثلما قمنا باستعراضه في
التجربة الماليزية المستلهمة من مبادئ التكافل الاجتماعي، يتطلب هاذ الأمر سلسلة
من الإجراءات التي تخص التنمية ككل، حيث نقترح في ضوء ما سبق مايلي:
- التحكم في معدلات النمو الديموغرافي لانً العديد من
الدول العربية يفوق فيها عدد السكان الإمكانيات المالية المتوفرة.
- العمل على تحقيق معدلات نمو
عالية من أجل توفير أهم المتطلبات الحيوية، وهذا الأمر
يستلزم تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، ودعم المؤسسات المصدرة والعمل على
تنفيذ استراتيجيات وطنية لتطوير الصناعة المحلية خاصة وأنَ الأرقام تشير إلى أنَ
الفقر موجود بحدة حتى في الدول البترولية: (الجزائر، العراق....).
- تعميم التمويل الإسلامي
ليكون أهم المصادر في ترقية الاستثمارات، نظرا لأنَه
يلقى تجاوب كبير لتوافقه وثقافة شعوب المنطقة، والعمل على تثمين صناديق الزكاة
التي لا زالت بعيدة عن الهيئات النظامية، ممَا يجعل من مسألة تنظيمها أمرا بعيدا
المنال حاليا.
- تعميم فرص التعليم وتكوين
العمالة حسب السياسة الاقتصادية ووفق احتياجات القطاع، حيث يعاني العديد من
الخرجين الجامعيين العرب من البطالة نظرا لغياب رؤية إستراتيجية لقطاعات العمل
المختلفة، ممَا جعل هذه الدول تستعين بالعمالة الأجنبية التي تتوفر على تأهيل
مناسب.
- توزيع الموارد بعدالة بين
مختلف المناطق، وتجنب النزوح الريفي المتسبب في اختلال التوزيع السكاني وتنامي معدلات
الفقر في مناطق دون الأخرى.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
شركنا برايك ووجهة نظرك