بنك
التسويات الدولية BIS -Bank for international
Settlemenets –
البنك الخفي الذي يضبط إيقاع النظام المالي العالمي
في
قلب مدينة بازل السويسرية و في مبنى يشبه الحصن المالي الحصين ، يقع ما يعرف –
ببنك التسويات الرسمية – تلك المؤسسة التي تكاد لا تذكر في الأخبار ، و لكنها تلعب
دورا بالغ الأهمية في توجيه الاقتصاد العالمي و التحكم في السياسات النقدية للدول
مثل التحكم في التضخم ، استقرار أسعار الصرف ، تنظيم العرض النقدي و يقوم بذلك من
خلال إصدار التقارير و تنظيم لقاءات ، و توصيات لجنة بازل و مجموعات مثل مجموعة
العشرة G10 . أما بالنسبة للسياسة المالية ليس له سلطة
مباشرة و لكن له تأثير غير مباشر في توجيهها ، فالسياسة المالية تعنى بقرارات
الحكومات حول ، الإنفاق العام ، الضرائب ، الاقتراض لا يتدخل فيها مباشرة لأنه لا
يتعامل مع الحكومات بل مع البنوك المركزية فقط لكن التأثير غير مباشر موجود ،
فعندما يصدر البنك تقارير و تحذيرات حول الديون السيادية أو عجز الميزانية تتأثر
الحكومات . و توصياته تأثر على تصنيفات الدول الائتمانية ما ينعكس على سياساتها
المالية و علاقتها بالعالم الخارجي في إطار التجارة و القروض . بالنسبة للسياسة
التجارية و المتمثلة في الرسوم الجمركية ، و الإتفاقيات الثنائية و المتعددة ، و
التبادل التجاري بين الدول فانه لا يتدخل فيها مباشرة فهذا مجال منظمة التجارة
العالمية و ليس من صلاحيات BIS
لكن الاستقرار النقدي الذي يسعى له BIS
يعتبر شرطا لنجاح التبادل التجاري الدولي لذا علاقته غير مباشرة و مساندة فقط .
و عليه يمكن القول أن بنك التسويات الدولية يعني أساسا بتاطير السياسات
النقدية عبر دعم البنوك المركزية في الحفاظ على الاستقرار النقدي و محاربة التضخم
، إلا أن تأثيره يتجاوز حدود السياسة النقدية ليصل بشكل غير مباشر الى السياسات
المالية و التجارية للدول ، فالتوصيات التي يصدرها البنك خاصة فيما يتعلق بالديون
السيادية أو استدامة الأنظمة البنكية ، غالبا ما تؤخذ بعين الاعتبار من طرف صانعي
السياسات المالية في الحكومات ، الذين يجدون أنفسهم مضطرين لتعديل سياسات الإنفاق
و الاقتراض لتفادي فقدان الثقة في اقتصادهم . أما من الناحية التجارية فرغم أن
البنك لا يتدخل مباشرة في تنظيم المبادلات التجارية إلا أن دوره في ضمان استقرار
العملات و الأنظمة المالية العالمية يخلق بيئة مواتية لحركة التجارة الدولية ، مما
يجعل جزءا غير مرئي من منظومة التأثير في توجيه السياسات العامة . بهذا يتحول
البنك الى فاعل عالمي خفي لا يصدر قوانين لكنه يعيد تشكيل التوجهات الاقتصادية
للدول في صمت و فعالية .