دور المعرفة في اكتساب المزايا التنافسية
للبلدان
العربية في العصر الرقمي
إذا كانت الإشكالية
الاقتصادية المبنية على مواجهة الندرة في الموارد قد احتلت الفكر والنشاط
الاقتصادي لأجيال عديدة عاشت و لازالت في اقتصاد وفرة الموارد النادرة تصبح الآن
بعض المجتمعات أمام اقتصاد وفرة المعلومات وليست وفرة الموارد النادرة ذلك أن
تأثير المعرفة عبر الابتكار يغدو حاسما على كامل النشاط الاقتصادي وتصبح المعرفة
الأصول الرئيسية لأي نمو اقتصادي أو اجتماعي، ومنه يتحول العالم من البحث و
التصادم من اجل مصادر الموارد النادرة إلى البحث و التصادم من اجل السيطرة على
اكبر قدر ممكن من مصادر المعرفة.
إن الميزة
التنافسية التي تستند اليوم على وفرات الحجم والانتشار
الواسع في الأسواق وخاصة العالمية منها، سوف تتراجع لتفسح المجال للميزات
التنافسية التي تستند أكثر من ذي قبل على السرعة والمرونة، حيث تصبح المؤسسات التي
لها قدرة عالية على تلبية الطلب في الوقت المناسب وبالشكل المطلوب هي المؤهلة على
احتلال موقع الرائد في الاقتصاد الرقمي،وعلى هذا فان البيروقراطية الإدارية
والهياكل القائمة بالقيادة والتحكم وعمليات صنع القرار يقصر عمرها باستمرار مع
زيادة الاعتماد على تقنيات ووسائل هذا الاقتصاد الزاحف.
الميزة التنافسية الجديدة
إذا كانت الإشكالية
الاقتصادية المبنية على مواجهة الندرة في الموارد قد احتلت الفكر والنشاط
الاقتصادي لأجيال عديدة عاشت و لازالت في اقتصاد وفرة الموارد النادرة تصبح الآن
المجتمعات أمام اقتصاد وفرة المعلومات وليست وفرة الموارد النادرة ذلك أن تأثير
المعرفة عبر الابتكار يغدو حاسما على كامل النشاط الاقتصادي وتصبح المعرفة الأصول
الرئيسية لأي نمو اقتصادي أو اجتماعي، ومنه يتحول العالم من البحث و التصادم من
اجل مصادر الموارد النادرة إلى البحث و التصادم من اجل السيطرة كل اكبر قدر ممكن
من مصادر المعرفة.
إن الميزة التنافسية التي تستند اليوم على اقتصاديات
الحجم
والانتشار الواسع في الأسواق وخاصة العالمية منها، سوف
تتراجع لتفسح المجال للميزات التنافسية التي تستند أكثر من ذي قبل على السرعة والمرونة،
حيث تصبح المؤسسات التي لها قدرة عالية على تلبية الطلب في الوقت المناسب وبالشكل
المطلوب هي المؤهلة على احتلال موقع الرائد في الاقتصاد العالمي، وعلى هذا فان
البيروقراطية الإدارية والهياكل القائمة بالقيادة والتحكم وعمليات صنع القرار يقصر
عمرها باستمرار مع زيادة الاعتماد على تقنيات الاقتصاد الرقمي الزاحف.
وكنقيض للسرية و التركيز على الحماية في وحدات العمل
والشركات الناجحة، تصبح الشفافية والانفتاح عاملي تمكين رئيسيين في السوق، حيث
يطالب العملاء بالانفتاح بصورة متزايدة في ثقافة الشركة وبالشفافية في معلوماتها،
فتوفير المعلومات والمعرفة للعملاء يمكن الشركة من ميزة تنافسية نسبية في العصر الرقمي.
وتقوم نماذج الشركات و الأعمال الناشئة على مفهوم
الجماعة فالنجاح سيحققه من يشركون مورديهم ومتعهدي بنيئتهم الأساسية و عملائهم في
شبكة عمل يمكنهم فيها أن يبنوا القيمة معا وتعد شبكات العمل التي تجعل تبادل
وتقاسم وتعزيز المعرفة لبناء القيمة من اجل المنفعة المتبادلة أساسية، إن فكرة
الشراكة هذه في البيئة الرقمية الجديدة قد تتجاوز المعنى الاصطلاحي لتعني شيئا
واقعيا جدا فروح التسلسل الهرمي والانعزال والانفرادية يجب تجاوزها وقبول الدخول
في شراكه حقيقية ومحاولة التلاؤم مع أي شيء في العالم الجديد للأعمال الإلكترونية
التي لا تؤمن بالحدود ولا بالفكر الانتفاعي السلبي.
وسوف تبدل هذه التغيرات بدورها وجه السياسة فالديمقراطية
النيابية تنتقل من السياسة الجماهيرية المذاعة بالراديو والتلفزيون إلى علاقات شخص
بشخص تجعلها الوسائل الإلكترونية ممكنة بين المواطنين والسياسيين، وحتى شكل الدولة
سيتغير مما يتعين عليها أن تجد طرقا جديدة للعمل و للتفاعل مع الجماهير ولتنظيم
مسؤولياتها وأشكالا جديدة للقيمة التي تقدمها للجمهور.
إن
تأثير الانترنت سيمتد حتما إلى إيجاد أنماط إدارية جديدة تتمثل في الأساس في إعادة
صياغة العلاقة التي تربط بين الحكومة وبين الهياكل الاقتصادية المختلفة فقد شهدت
شبكة الانترنت والتجارة الالكترونية خلال السنوات القليلة الماضية نموا حادا قابله
وزاد من حدته إفراط في الأنشطة الترويجية ومن المؤكد أن الانترنت في مقدورها أن
تولد ثروة هائلة وإيجاد أسواق جديدة ومساعدة الشركات على ابتكار استراتيجيات
للإنتاج والتسويق والمبيعات ومن المؤكد كذلك أن الانترنت والتجارة الالكترونية قد
غيرت العالم بالفعل وسوف تستمر في تغييره من حيث طرق العمل والتعلم والحياة التي
يسير عليها البشر، وحتى الآن لم يتم تحديد إلا الجزء القليل عن الكيفية التي سوف
تؤثر بها الانترنت والتجارة الالكترونية في الحكومة وصنع السياسات ذلك أن عملية
صنع السياسات اليوم ينبغي أن تتم في إطار بيئة متغيرة حيث يتم ابتكار التكنولوجيات
ونشرها بسرعة وتحتاج الشبكات والمعلومات إلى بنى أساسية فعالة ومتآزرة في العمل
وتتداخل وتتراكب دوائر الاختصاص الحكومية وقضايا السياسات ولم يحدث من قبل أن زادت
الحاجة إلى اكتساب البشر للمهارات والمرونة عما هي عليه الآن، مما يعني أن عملية
صنع القرار على جميع المستويات صارت مرتبطة بالانترنت والتجارة الالكترونية واهم
التغيرات التي ستحدث تغير كبير في أنظمة الإدارة
يتميز بالسمات الأساسية التالية:
-سوف تلغي التكنولوجية الجديدة المدارة بالإنترنت الحدود بين فروع الحكومة،
وفيما بين الحكومات، مع تزايد تنظيم تقديم الخدمات حول احتياجات المستهلكين
النهائيين، وليس وفق احتياجات الهياكل التاريخية أو السياسية أو هياكل الخدمات العامة.
-سوف تحدد شبكات العمل الجديدة للحكومة والمجتمع المدني و السوق طبيعة
الخدمات العمومية مع انهيار الحدود، وعندما تصبح القضية المحورية هي من الذي يمكنه
أن يضيف ويبني القيمة بصورة أفضل.
-سوف تخلق الحكومة المتمحورة حول المواطن أدوارا جديدة للمواطنين مع قيام
أنظمة الإدارة بإعادة إشراك المواطنين قاطبة متجاوزة الديمقراطية إلى نموذج أكثر
حميمية ومباشرة. في وضع السياسة وتقديم الخدمات سوف يتم إشراك المواطنين بصورة
مباشرة وعريضة في صنع القرار وخلق القيمة ليحل هذا محل مسار من أعلى إلى أسفل الذي
تعتمده حكومات عربية كثيرة .
وبالنسبة للحكومات العربية يجب أن تصبح المشاركة نمطا
معتادا للعمل وهذا أصعب مما يبدو ذلك أن الخصخصة و الاعتماد على مصادر خارجية
للمعلومة و التحميل التحتي واضحة تماما واقل مدعاة للقلق من المشاركة الحقيقية في
السلطة وصنع القرار والمسئولية لأنها في جوهرها معادية للثقافة السائدة في منظمات
حكومية كثيرة ومن الجلي أيضا إن هناك ضرورة لحدوث تغيير واقعي في المفهومين
التقليديين المتمثلين في الخضوع للمسائلة وأنظمة الإدارة،وإذا كان جزءا مما يقدمه
العصر الرقمي يتمثل في طرق جديدة للابتكار وخلق القيمة،فهل يمكن أن نتسامح مع تحمل
مخاطر أكثر ويقين اقل بل وان نحتفي بالاحتفالات في البحث عن أنظمة إدارة أفضل ؟
ومع الزيادة المستمرة الهائلة في المعلومات المتوفرة
للمستهلكين ومع تحسن قدرتهم على تقاسم المعرفة، يتم التمكين لهم بشكل لم يحدث أبدا
من قبل فيما يخص القدرة على المفاضلة واتخاذ قرارات الشراء المناسبة وتحت الشروط
التي يرونها مناسبة وتصبح السوق مهما كانت سعتها أمام أعينهم في حجرة لا تتجاوز
مساحتها بضعة أمتار مربعة، ومنه يتعلمون كيف يمارسون السلطة على السوق، وتتعلم
السوق بدورها كيف تمارس السلطة على التشريعات والأنظمة
الاقتصادية السائدة وتغدو ابرع وأكثر تشددا ويتوقع المستهلكون وحتى يطلبون تصنيع
السلع وتقديم الخدمات حسب الطلب لتلبية احتياجاتهم الفردية،ومنه يصبح أمام
المؤسسات تحدي أخر يجب رفعه يتمثل في تلبية الرغبات الفردية الزاحفة والتي لا
تعيير أي اهتمام لشروط العمل والإنتاج .
ثانيا:
التنافسية بالمعرفة في الدول العربية
لقد عرف العالم في العقود الأخيرة تطورات واسعة
في الفكر الاقتصادي المرتبط بالتنافسية فقد برزت نظرية النمو الجديدة التي تولي
أهمية كبرى للانفتاح والتطور التقني والمعرفة في استدامة النمو وبرزت كذلك نظرية
التجارة الجديدة التي ركزت على دور السياسات الفاعلة من قبل الحكومات والشركات
وخلق الميزة التنافسية،ففي مجال التجارة الخارجية يرجع الاهتمام المتزايد بمفهوم
القدرة التنافسية إلى نمو حصة التجارة في الاقتصاد العالمي بنسب اكبر من نمو
الناتج الإجمالي العالمي،وأصبحت التجارة الخارجية تحتل مكانة اكبر في الاقتصاد،حيث
بلغ متوسط حصة التجارة الخارجية في الناتج المحلي الإجمالي العالمي أكثر من 90% خلال سنة 2000 بعد أن كان في حدود 50% في بداية الستينيات من القرن الماضي،وباتت التجارة الخارجية نتيجة
للعولمة وتبعاتها تعمل تحت ظروف المنافسة غير الكاملة أي اقرب لفرضيات النظرية
الجديدة للتجارة العالمية،كما أصبح هدف التصدير هاجسا بالنسبة لكل دول العالم
والنامية والعربية منها على وجه الخصوص.
1-المؤشر الإجمالي للتنافسية العربية
أصبح
من القناعات الراسخة أن التنافسية وسيلة رئيسية لتطوير قدرة الاقتصاديات المتقدمة
والنامية على التعايش في ظل بيئة دولية تتسم بالعولمة وانفتاح الاقتصاديات وتحرير
الأسواق، ويدمج مفهوم التنافسية بين اعتبارات المديين القصير والبعيد لذلك فان
محددات التنافسية يجب أن تقسم بدورها أيضا إلى محددات آنية قصيرة المدى ومحددات
كامنة طويلة المدى،ويعني ذلك أيضا أن مفهوم التنافسية هو بالضرورة مفهوم ديناميكي
وليس ساكنا،وتعرف التنافسية"على أنها الأداء الحالي والكامن للاقتصاد في إطار
القطاعات والأنشطة التي تتعرض لمزاحمة من قبل الاقتصاديات الأجنبية"، ويتم
التمييز بين التنافسية الجارية والتنافسية الكامنة باعتبار أن الأولى لا تضمن
بالضرورة الثانية،فالتنافسية الجارية تركز على الأداء الجاري والعوامل التي تؤثر
عليه مثل الأسواق ومناخ الأعمال وعمليات الشركات واستراتيجياتها، وتعني التنافسية
الكامنة القدرات البعيدة الأثر على التنافسية التي تشكل البنية التحتية التي تضمن
استدامة القدرة التنافسية، ومن ثم استدامة النمو وتحقيق أهداف التنمية، وعندما يتم
التمييز بين هذين النوعين من التنافسية فان الغرض هو الوصول إلى محددات استدامة
القدرة التنافسية وليس إلى تقييم حالتها الراهنة فقط، إذ من المعروف أن ارتفاع
التنافسية الجارية، مهما كانت المؤشرات المستعملة في قياسها، لا تضمن الحفاظ عليها
ما لم تتوافر للبلدان عناصر ديناميكية تشكل أساس استدامة القدرة التنافسية في
العالم متغير بل سريع التغير،ويدخل في هذه العناصر التعليم، والبحث والتطوير،
وبيئة الابتكار والبنية التحتية التقنية،وعلى الرغم من صعوبة توافر البيانات حول
هذه المناطق بالقياس إلى ما يمكن توافره من مؤشرات حول التنافسية الجارية،كان لابد
من وتوجيه قدر من الاهتمام إلى هذه العناصر.ويتكون هيكل المؤشر الإجمالي للتنافسية
العربية كما هو مبين في الشكل التالي.
الشكل رقم(1): هيكل المؤشر الإجمالي للتنافسية
العربية
2-الوضع الراهن للتنافسية العربية
يبين
تقرير التنافسية العربية لسنة 2003 أن الأقطار العربية ذات الدخل المرتفع استطاعت
أن تحقق مراتب مرموقة من حيث تنافسيتها الكامنة وهذا ما يؤهلها إلى أن تحسن من
الفجوة الأكبر في تنافسيتها الجارية ولا سيما من خلال النهوض بالإنتاجية والكفاءة،
وبالمقابل نجد الأقطار العربية الأقل دخلا تعاني تدهورا في تنافسيتها بمكونيها
الجاري والكامن، كما هو مبين في الجدول.
الجدول رقم(1):مؤشر التنافسية العربية ودول المقارنة
البلد
|
مؤشر التنافسية الجارية
|
مؤشر التنافسية الكامنة
|
المؤشر الإجمالي للتنافسية العربية
|
كوريا
|
0.68
|
0.72
|
0.70
|
ماليزيا
|
0.67
|
0.53
|
0.60
|
البحرين
|
0.58
|
0.52
|
0.55
|
الإمارات
|
0.59
|
0.47
|
0.53
|
الكويت
|
0.47
|
0.53
|
0.50
|
قطر
|
0.48
|
0.47
|
0.48
|
تركيا
|
0.50
|
0.38
|
0.44
|
الأردن
|
0.53
|
0.33
|
0.43
|
السعودية
|
0.49
|
0.34
|
0.42
|
تونس
|
0.49
|
0.34
|
0.42
|
لبنان
|
0.41
|
0.41
|
0.40
|
عمان
|
0.53
|
0.27
|
0.40
|
الجزائر
|
0.43
|
0.30
|
0.37
|
المغرب
|
0.48
|
0.25
|
0.37
|
سوريا
|
0.43
|
0.24
|
0.34
|
مصر
|
0.46
|
0.23
|
0.34
|
اليمن
|
0.46
|
0.11
|
0.28
|
موريتانيا
|
0.36
|
0.15
|
0.26
|
السودان
|
0.31
|
0.15
|
0.23
|
ينقسم
مؤشر التنافسية العربية إلى مؤشرين أساسيين وهما التنافسية الجارية والتنافسية
الكامنة، وكلا المؤشرين مكون من مؤشرات فرعية أو عوامل أساسية مكونة بدورها من
مؤشرات أولية، واستخدم المتوسط الحسابي لتركيب المؤشر عوض عملية الجمع وذلك لتقليل
التحيزات الناجمة عن ثغرات البيانات غير المتوافرة،كما حسبت أيضا كل المؤشرات على
متوسط الفترة 1990-2000،وذلك لتعزيز صلابة النتائج وتقليل أثار التقلبات الظرفية
في البيانات،الناجمة عن الصدمات الخارجية والداخلية،التي قد تبعد مؤقتا بعض
المتغيرات عن مستواها العادي.والشكل التالي يوضح ذلك.
hلشكل رقم(2):مؤشر التنافسية ومكوناتها
3- نتائج المؤشر الإجمالي للتنافسية
العربية
لقد بين الجدولين السابقين قيم المؤشر الإجمالي
للتنافسية العربية ومكوناته،وتحتل كوريا الجنوبية مرجع الصدارة في الترتيب
الإجمالي لمؤشر التنافسية حيث سجلت 0.71،تليها البحرين والكويت والإمارات بتنقيط
بجوار 0.50،وكما يبين الجدول الأخير فان سجل معظم الدول العربية الأخرى يتراوح بين
0.30و0.50 بينما تحصلت السودان واليمن وموريتانيا اقل من 0.3،يظهر هذا التوزيع من
الوهلة الأولى ارتباطا بين المستوى الإجمالي للتنافسية ومستوى الدخل،وبخاصة بين
اكبر الدول دخلا،على غرار الدول الخليجية،أو أصغرها على غرار اليمن،السودان وموريتانيا،
وتقل درجة هذا الارتباط بالنسبة للأقطار العربية متوسطة الدخل مثل الأردن وتونس
ومصر والمغرب.
هذا
الارتباط بين الدخل ومستوى التنافسية الإجمالي يتوافق مع تحاليل المنتدى الاقتصادي
العالمي،الذي يعتمد على مستوى الدخل ومعدل نموه في بناء مؤشر التنافسية، ولكن تبقى
إشكالية السببية قائمة،أي هل الدخل المرتفع هو الذي يسبب تحسن التنافسية عن طريق
توافر الموارد لتحديث الاقتصاد وبناء الهياكل الضرورية للتنافسية،أم أن تحسن
التنافسية هو الذي يزيد من مستويات الدخل،ويتبين أن أداء الدول العربية في
التنافسية الجارية أفضل بكثير من أدائها في التنافسية الكامنة،حيث تعكس هذه
النتيجة إلى حد كبير النجاح النسبي الذي حققته هذه الدول في مجال تطبيق سياسات
الاستقرار الاقتصادي الصارمة في مجال محاربة التضخم وتقليص العجز وتحسين بيئة
الأعمال وتحرير التجارة الخارجية مقارنة بالنجاح المحدود لهذه الدول في مجال تحسين
البنية التحتية والمعلوماتية وتطوير رأس المال البشري وتوطين التقنية وتطويعها،ففي
مجال التنافسية الجارية تحتل كوريا أعلى السلم بدرجة 0.72درجة متبوعة بكل من
البحرين والإمارات بدرجة أعلى من 0.6،وعلى الرغم من تقارب هذه البلدان من البلد
المرجعي كوريا فان هناك دولا عربية على غرار موريتانيا والسودان أداؤها ضعيف نسبيا
على مستوى التنافسية الجارية.أما فيما يخص التنافسية الكامنة فان فجوة الدول
العربية مقارنة بكوريا كانت كبيرة.
التنافسية
الكامنة
فيما
يتعلق بالتنافسية الكامنة -وهي التي تهمنا أكثر في هذا التحليل- فان الدول العربية
تعاني بدرجات متفاوتة الفجوة الرقمية نتيجة التطور المحدود في استخدام تقنيات
الاتصالات والمعلومات الحديثة الناجم بدوره عن ضعف كبير في البنية التحتية التقنية
وعدم تطور قطاع الاتصالات ونقص الاستثمارات فيه،كما أن الإنفاق على البحث والتطوير
لا يدل على أي أهمية لتطوير الطاقة الابتكارية،ولم يكن مؤشر تطور رأس المال البشري
أحسن حالا،إذ ما زالت معدلات الأمية مرتفعة ومستوى المهارات مقاسا بمتوسط سنوات
التعليم لدى القوى العاملة يعتبر اقل المستويات في العالم النامي،كما أن الفجوة
بين المستوى التعليمي للمرأة والرجل،أعلى من متوسط الفجوة في الدول النامية،وبما
أن مستوى التنمية البشرية مرتبط بشكل طردي مع التنافسية العربية فان توقعات
التنافسية العربية في السنوات المقبلة هي اقل من نظيراتها في دول العالم النامي
التي حققت مستويات تعليم أفضل.
وتفيد
المؤشرات على الرغم من ارتفاع متوسط الإنفاق على التعليم بالمقارنة مع متوسط الدول
النامية،أن الدول العربية تولي أهمية اكبر للكم على حساب الكيف،وهذا ما نتج منه
تدن في نوعية التعليم،تكمن أهمية مؤشراته في انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية وتواضع
نتائج الدول العربية في المناظرات الدولية للعلوم،وهذا لا يخدم أغراض التنافسية
والقدرة على اقتحام الأسواق الدولية في المستقبل،ومن بين المؤشرات الإضافية على
تدهور نوعية التعليم ضعف علاقته بسوق العمل وتدني العائد على هذا التعليم وارتفاع
معدلات البطالة مما يدل على إنتاج "المهارات الخطأ".إن منظومة
التعليم تفتقر إلى المرونة التي تقتضيها حاجات التطور العلمي والتقني السريع من
القوى البشرية الكفؤة ورفع مستوى هذه القوى وإعادة تأهيلها،في حين أن التقنية أو
السلع الكثيفة المهارات والتقنية أصبحت هي السلع التي يزيد الطلب العالمي
عليها،فان المكون التقني في صادرات الأقطار العربية ما زال ضعيفا ويعتمد في أحسن
الأحوال على سلع مثل الكهربائيات وصناعة الأدوية والصناعات التحويلية ذات القيمة
المضافة المتواضعة وذات الترابط الخلفي والأمامي الضعيف مع بقية القطاعات،كما أن
هناك ضعفا في ثقافة الجودة الكاملة،حيث أن اعتماد وسائل الإدارة الحديثة واستخدام
التقنية في النهوض بنوعية السلع المنتجة مازال متواضعا جدا،وثمة حاجة ملحة في
المنطقة العربية لتبني ثقافة الإتقان وإدارة الجودة الشاملة والالتزام بالمعايير
العالمية والأذواق التي من دونها يصعب الحفاظ على الأسواق المحلية ذاتها،وبالنظر
إلى شهادات الايزو الموزعة على الأقطار العربية مقارنة بالدول الأخرى،يظهر بان النهوض بالنوعية
كاستراتيجية طويلة المدى لتحسين القدرات التنافسية مازال هدفا غير عال في سلم
اولويات الأقطار العربية.
ومن
ناحية أخرى تعاني الدول العربية عددا من المشكلات في ميدان العلم والتقنية بدءا من
الموارد المخصصة للبحث والتطوير وخيارات مجالات البحث ونوعية مخرجاته وتطبيقاته،
وانتقالا إلى ضعف الصلات الأساسية بين العلم والتقنية، كما أن هناك ضعفا في الصلة
الوظيفية بين وظائف توليد المعرفة العلمية والتقنية ونشرها ونقلها واستخدامها،
الأمر الذي لا يخدم رفع القدرات التنافسية لهذه البلدان،إذ أن تغير الهيكل التقني
لصادرات أي قطر مرتبط بمقدار اكتساب التقنيات وتوطينها وتطويرها وصولا إلى
توليدها.
ولم
تعد التنافسية مجرد الإنتاج بأقل التكاليف بل تعدت ذلك،في اقتصاد تنافسي معولم إلى
ترسيخ مبدأ الجودة/التميز، وهو ما يسمح بالمنافسة على الرغم من ارتفاع
التكاليف،ويحتاج النهوض بالجودة والنوعية إلى موارد بشرية علمية تستطيع السيطرة
على التكلفة وإبداع أشكال التميز والإتقان في المنافسة، وهذا ما يستدعي حدا أدنى
من التكوين لفئة العمالة المنفذة،وفي المنافسة من خلال التميز،تصبح الأهمية منصبة
على تطوير الموارد البشرية المرتفعة في المستوى والتميز في الإدارة والبحوث
والتصميم والإنتاج والتسويق...الخ.
التجارة
الالكترونية و الدول العربية
من بين أهم خصائص التجارة الالكترونية؛ استخدام
تكنولوجيا المعلومات وشبكة الاتصالات في أداء العمليات، وتهدف إلى رفع الكفاءة في
الأداء وتحقيق التفاعل في التعامل،كما أنها تتعدى الحدود الزمنية والمكانية التي
تقيد حركة التعاملات التجارية بين الدول، كما أنها تتيح استجابة سريعة لطلب السوق
من خلال التفاعل مع العملاء والوفاء باحتياجاتهم،كما أن مفهومها شامل لا يقتصر فقط
على التبادل التجاري بشكل الكتروني ولكنه يمتد ليشمل كل من عملية التصنيع والإنتاج
من خلال تقليل الوقت اللازم لإتمام سلسلة الأعمال،وتعمل على تبسيط وتوضيح إجراءات العمل.
وبالرغم
من أن ما يقارب من75% من التجارة
الالكترونية يرتكز في الولايات المتحدة فان أجزاء أخرى من العالم خاصة أوربا
الغربية واليابان يليها باقي بلدان أسيا وأمريكا اللاتينية ثم بعد ذلك إفريقيا، من
المتوقع أن تشهد نموا أسرع، ففي الصين على سبيل المثال تنمو إيرادات التجارة
الالكترونية من 11.7مليون دولار في 1998 إلى 1.9مليار دولار في 2002، وتنمو
الإيرادات في أمريكا اللاتينية من 167مليون دولار في 1998 إلى 8مليارات دولار في
2003.وفي جنوب إفريقيا أشارت التقارير إلى أن التجارة الالكترونية بلغت 1.1مليار
دولار في سنة 1999.
ولما
كان النمو هو الأسرع والنشاط يظل هو الأكثر بالنسبة للولايات المتحدة التي سبقت
إلى تطبيق هذا النظام ومع انتشار التجارة الالكترونية يتوقع أن يحقق النمو وليس
بالضرورة حجم النشاط معدلات أعلى في أرجاء أخرى في العالم قريبا، إن الانترنت
والتجارة الالكترونية لن تمثل بعد اليوم مجرد جزء من استراتيجية الأعمال المحلية
أو أسلوبا بديلا للاتصال بالناس بل سوف تصبحان جزءا لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي
والاجتماعي للبلدان والتجارة.
ويتركز
استخدام الانترنت حاليا في الولايات المتحدة وتلحق بها بسرعة اليابان وأوربا
الغربية،لكن معظم النمو على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة يتوقع أن يتم في
أسيا وأمريكا اللاتينية حيث زادت حصة مستخدمي الانترنت كل أسبوع في تلك المناطق من
23% في عام 1999 إلى 35%
في عام 2002 وفي الهند على سبيل المثال تضاعف عدد مستخدمي الانترنت تقريبا في عام
1999 ليصل إلى 270000 وقد ارتفع إلى ما يزيد عن 2مليون قبل نهاية 2000 أي بزيادة
قدرها 10اضعاف خلال عام واحد. وفي أمريكا اللاتينية ارتفع استخدام الانترنت بما
يقارب ثمانية أضعاف في الفترة من 1995-1997.
وبينما
كان نمو حركة الدخول إلى الانترنت بالنسبة إلى أجزاء كثيرة من إفريقيا متأخرا إلا أن
جميع البلدان في هذه القارة فيما عدا ارتيريا أصبحت الآن مربوطة بالانترنت.ومع
انتشار الانترنت حول العالم تتسابق الشركات إلى إرضاء قاعدة من العملاء تتسم
بالتنوع المتزايد ورغم أن معظم مواقع الشبكة مازالت حتى الآن تستخدم اللغة
الإنجليزية وتتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها فقد بدأت مواقع تستخدم لغات أخرى
في الانتشار وذلك استجابة من الشركات للطلب عليها وتضم هذه المواقع محتوى ومنتجات
على الشبكة مصممة خصيصا لشركات وأفراد في بلدان شتى وغالبا لجاليات بعينها داخل
تلك البلدان.
وتعتبر
اللغة الأسبانية مثالا لأسرع اللغات نموا على شبكة الانترنت وذلك من انطلاق شبكات
(Terra Networks) التابعة لشركة(telephonica) وتقدم شبكة (zonaFinanciera) معلومات باللغات الإنجليزية والبرتغالية والأسبانية عن القروض
وشهادات الإيداع والتأمين وبورصات الأوراق المالية الإقليمية في أمريكا اللاتينية.
كما
أن اللغة الصينية تنمو بسرعة أيضا وتقدم شبكة(china.com) وهي بوابة متصلة مباشرة بالانترنت للمستخدمين في الصين طائفة
واسعة من الأخبار العامة والمالية والثقافية باللغتين الإنجليزية والصينية.أما
شبكة(AfricaOnline)
فمحتواها ولغتها مصممان ليناسبا مستخدميها في كوتدفوار وغانا وكينيا وسوازيلاند
وتنزانيا وأوغندا وزمبابوي.
ويعتبر
انتشار واستخدام الانترنت دالة ذات عدد من العوامل منها العمر،والدخل ومستوى
التعليم. وتثبت البحوث وجود علاقة ايجابية مثلا بين نصيب الفرد من الناتج المحلي
الإجمالي وبين كثافة الحواسيب المضيفة للانترنت(التي تعتبر احد مقاييس الدخول إلى
الانترنت وبالمثل فان
ارتفاع نصيب الفرد من الدخل يرتبط بارتباط حصة أولئك الذين يستخدمون الانترنت.
وأخيرا
فان المقياس الأوسع نطاقا للتنمية مثل مؤشر التنمية البشرية تبين انه مع زيادة
مؤشرات التنمية البشرية يتزايد تغلغل الانترنت بسرعة اكبر من ذلك بما يوحي بوجود
تآزر مثمر بين التعليم والعمر المتوقع والدخل ونشاط الانترنت
وبنظرة
خاصة لهذه القضية داخل البلدان العربية وعلى مر الزمن يتضح انه حتى مع زيادة فرص
الوصول الى الانترنت بالنسبة لهذه البلدان فان استخدام الانترنت لا يزيد زيادة
متناسبة بالنسبة لكل الجماعات حيث ظلت الانترنت وقتا ما متاحة ومنتشرة بأسعار مرتفعة
نسبيا، وفي حين تعتبر العلاقة بين دخل الفرد والتعليم عاملا رئيسيا في زيادة فرص
الاتصال بالانترنت وجني فوائدها، فمن الواضح أن هذه ليست القضية الوحيدة، ويتساوى
في الأهمية الحاجة إلى الحصول على المعلومات والمنتجات والترفيه الراقي بالنسبة
للمستخدمين المحتملين.
وبالنسبة
لكل من البلدان العربية الغنية والفقيرة فان السياسات الموجهة لإيجاد بنية أساسية
مواتية وحاجات أساسية للتنمية خاصة التعليم، تعتبر عاملا أساسيا في جني ثمار
الانترنت والتجارة الالكترونية بالنسبة لكل من البلدان و المواطنين الأفراد، وهناك
نقطة واضحة وهي انه لا يوجد تعارض بين السياسات الموجهة نحو التنمية بوجه عام
والسياسات التي تسهم على وجه الخصوص في تعزيز الوصول إلى الانترنت واستخدامها.
ولنفرض
رغم ذلك أن البلدان العربية سوف تقوم بإصلاح قطاعات الخدمات بغرض خلق بيئة مواتية
لترسيخ تكنولوجيا المعلومات ووضع الأطر التي تسهم في خلق مناخ من اليقين والثقة
موضع التنفيذ وفي هذه الحالة سوف يتمتع العالم العربي بفوائد من استخدام الموارد
تعادل في حجمها الفوائد المقدرة بالنسبة للبلدان الصناعية، وسوف تكون الزيادة في
ناتجها المحلي الإجمالي أضعاف ما تم بيانه، وتوضح دراسة UNICTAD في احد المواقف الأخرى عواقب انعدام كفاءة قطاعات الخدمات وفي
غياب قطاع كفؤ للخدمات وسوف تكون المكاسب الناتجة عن كفاءة استخدام الموارد التي
تتيحها التجارة الالكترونية اقل من نصف ما تم بيانه ويمكن للتجارة الالكترونية
والانترنت أن تساعد في عملية الإصلاح لتحرير البنية الأساسية المحورية لقطاع
الخدمات وترتيبا على ذلك فان المكاسب المحتملة للعالم العربي قد تكون اكبر بكثير
مما توحي به هذه الدراسة.وسوف تتحقق مكاسب هائلة في استخدام الموارد ونمو الناتج
المحلي الإجمالي تحفزه في ذلك قطاعات الخدمات ذات الكفاءة، وتكنولوجيا المعلومات،
والتجارة الالكترونية ويتضح ذلك من البيانات المتعلقة بمسلك الاقتصاد الأمريكي في
السنوات الأخيرة ومن المتوقع أن يصدق ذلك
في المستقبل أيضا سواء للبلدان المتقدمة الأخرى أو للبلدان العربية.
تحديات
التجارة الالكترونية على المستوى العربي
تشير العديد من التقارير إلى أن التطور
التكنولوجي الذي اجتاح العالم في الآونة الأخيرة غير الكثير من المفاهيم المتعارف
عليها سابقا فلم تعد الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت) تكنولوجية جديدة فقط بل
ضرورة حتمية حيث تعددت استخداماتها وأصبحت احد المداخل الهامة والحاسمة في تحقيق
الميزة التنافسية في بيئة الأعمال، فبحلول 2010 يتوقع أن تعتمد الشركات والمؤسسات
على الأسواق الرقمية في الحصول على 66% من احتياجاتها اللازمة.وعلى الرغم من
التطور المستمر في حجم التجارة الالكترونية عالميا وتوقيع بعض الدول العربية على
اتفاقية منظمة التجارة العالمية والتي حثت الدول الأعضاء فيها بالإسراع في تطبيق
التجارة الالكترونية من اجل حرية التجارة نجد أن حجم الدول العربية من التجارة
الالكترونية مازال محدودا لأن ثمة تحديات تواجه عملية إنشاء سوق إلكترونية في
المنطقة العربية، منها أن إنشاء موقع لسوق على الإنترنت قد لا يكون مكلفا، إلا أن
تكلفة تطوير هذه النمط من الأسواق بواسطة الشركة بنفسها قد تكون عالية جدا.علاوة
على ضرورة تأمين الموقع في عمليات الشراء الإلكتروني، خاصة أن الكثير من الناس
تحجم عن الشراء من الأسواق الإلكترونية بدواعي الخوف من الكشف عن خصوصياتهم أو سرقة
بطاقات الائتمان.كما أن هذه الأسواق تواجه انعدام الثقة؛ حيث إن بعضا من الزبائن
لا تثق بالباعة المجهولين الذين لا يرونهم ولا يثقون بالمعاملات غير الورقية ولا
بالنقد الإلكتروني، وانعدام لمس المنتجات؛ فبعض المستهلكين يودون لمس المنتجات قبل
شرائها. غير أن هناك عدة مواقع عربية استطاعت تجاوز هذه العقبات، ونجحت في تطوير
نفسها، ومن أبرزها موقع "تسوق دوت كوم" و"الوسيط"
و"مستعمل"، وسوق الجمعة وغيرها.
وتمثل
الأسواق الإلكترونية مساحة اقتصادية مغرية للاستثمار المستقبلي؛ سواء من قبل
الأفراد أو الشركات، خاصة أنه يتوقع زيادة الطلب من المستهلكين على التعامل فيها
بسبب أن هذه الأسواق تعطي حرية الاختيار للمستهلك بأن يتسوق أو ينهي معاملاته 24
ساعة في اليوم، وفي أي يوم من السنة، ومن أي مكان من على سطح الأرض، كما تقدم
الكثير من الخيارات للمستهلك بسبب قابلية الوصول إلى منتجات وشركات لم تكن متوفرة
بالقرب منه.وتمكن أيضا العملاء من الحصول على المعلومات اللازمة خلال ثوانٍ أو دقائق
عن طريق الأسواق الإلكترونية، وفي المقابل قد يستغرق الأمر أياما وأسابيع من أجل
الحصول على رد إن قمت بطلب المعلومات من متجر تجاري بالقرب منك. ويبقى أن المنطقة
العربية ما زالت بكرا في الأسواق الإلكترونية؛ وهو ما يدفع الشباب والشركات
الصغيرة إلى دخول هذا المجال بقوة بعد إعداد دراسة جدوى وخطط تسويق محكمة.
وبالرغم
من أن ثورة الانترنت بدأت مع بداية التسعينيات في الكثير من الدول العربية مثل
الجزائر ومصر لم تبدأ التجارة الالكترونية إلا بعد ذلك بكثير، فمثلا في مصر ظهرت
10 مواقع سنة 1998 لتقديم بعض التعاملات التجارية من خلال الانترنت ووصل العدد إلى
147موقعا عام 2000 إلا أن عدد المواقع التي تبيع جيدا يتراوح بين 10-20موقعا.
وعليه
لن تستطيع مؤسسات الأعمال العربية أن تحتل مكانة متميزة في بيئة الأعمال التنافسية
العالمية إلا بمواكبة أحدث التطورات والتغيرات التي تطرأ على الساحة العالمية
وبالتالي فان العمل على نشر ونمو التجارة الالكترونية كاتجاه عالمي حديث يحل محل
الطرق التقليدية التجارية قادرة على تدعيم خطط التنمية وتمكين مؤسسات الأعمال من
الوصول إلى العالمية وتحقيق ميزة تنافسية في الأسواق المحلية والدولية.
ومازالت المواقع في الجزائر والكثير من الدول العربية
تفتقر للخصائص الفنية التي تجعل المواقع أكثر جاذبية وسهولة في الاستخدام وهناك
أيضا العديد من المشكلات المتصلة بالنظم البنكية والبطاقات الائتمانية التي تستخدم
عن طريق الانترنت، ومن أهم العوائق التي تقف أمام التجارة الالكترونية في الجزائر
والدول العربية مايلي:
1-العوامل
القانونية:
هناك حاجة ماسة لإصدار التشريعات المناسبة
والمتخصصة لتنظيم عمل التجارة الالكترونية إضافة إلى الحاجة الماسة لتدريب عدد من
القضاة والمحامين للتعامل مع الكثير من القضايا التي ينطوي عليها هذا المجال
التفاعلي، كما أن البنية الأساسية للتجارة الالكترونية تفتقد لكيان أساسي وهي
شهادة المصدر(certificate authority CA) والتي توفر جهة ثالثة محايدة
وموثوق فيها وتتسم بالشفافية والتي توفر أيضا رأيا متخصصا للقضاء في القضايا
المتعلقة بالتجارة الالكترونية بغض النظر عن تبعيتها للقطاع العام أو الخاص.
2-العقبات
التقنية:
فالبنية التحتية للاتصالات في الدول العربية
مازالت تواجه العديد من المشاكل فالثمن المرتفع لموجات التردد يشكل مشكلة رئيسية
لأن معظم الشركات لا تملك الإمكانيات المادية لشراء مساحة كبيرة من هذه الموجات،
مما يزيد من بطء الانترنت ويجعله غير عملي ومما يزيد من حجم المشكلة عدم توافر
خطوط التليفون في معظم القرى والمدن إضافة إلى طول فترة الانتظار قبل الحصول على
خط تليفون.
3-العقبات
المالية:
مازالت الكثير من الدول العربية تفتقر لثقافة بطاقات
الائتمان التي تعد احد العناصر الأساسية في انتشار التجارة الالكترونية، وتشير
التقديرات إلى انه تم استخراج 450الف بطاقة ائتمان في مصر استخدمت بواسطة 200الف
عميل فقط، ويرجع هذا لسببين رئيسين؛ اولهما القواعد المتشددة والأجواء المليئة
بعدم الثقة في البطاقات الائتمانية، وثانيتهما غياب الوعي بفوائد الوصول بالمجتمع
إلى الاستغناء عن النقود، وينتج عن هذا أن مجمل المستفيدين من التجارة الالكترونية
لا يتجاوز عددهم 120الف مواطن فقط في مصر مثلا، وهذا رقم ضئيل للغاية قياسا لعدد
السكان، وثمة مشكلة أخرى وهي غياب تأمين المعاملات الالكترونية فبالرغم من أن بعض
البنوك توفر هذه الخدمة عن طريق استخراج بطاقات ائتمانية محدودة الرصيد خصيصا
لتستخدم على الانترنت إلا أن غالبية البنوك تنتظر حتى يتبنى البنك المركزي هذه
الطريقة.
4-العوامل
الحكومية:
حيث يمكن القول أن غياب استراتيجية قومية
للتعامل مع التكنولوجيات الحديثة للاتصال يعد عقبة رئيسية أمام التقدم في هذا
المجال، وتبني المجتمع له، بالإضافة إلى اعتماد الحكومة على العمل اليدوي
والبيروقراطية وغياب التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة، وعدم وجود قوانين
تجارية واضحة وكل هذه العناصر تمثل عقبات أمام تنمية التجارة الالكترونية في الدول
العربية.
5-العقبات
الاجتماعية:
فبالرغم من أن الانترنت يعتبر وسيلة موفرة للوقت
والنقود أكثر من أساليب الاتصال الأخرى مثل التلفون والبريد، إلا أن اغلب
المستهلكين مازالوا يفتقدون الوعي بفوائد الانترنت وينطبق ذلك على الأفراد
والمؤسسات التجارية معا.ويلعب العامل النفسي دورا مهما للغاية هنا، فمعظم مستخدمي
الانترنت مازالوا يفتقرون إلى الثقة في المعاملات النقدية من خلال الانترنت وقد
يكون هذا نتيجة غياب الوعي بالقواعد الأمنية على الانترنت أو نتيجة للمقاومة
النفسية للتغيير بصفة عامة، فالناس معتادون على التعامل النقدي المباشر وقد يكون
هذا هو السبب في نجاح المواقع التي تسمح بتسجيل الطلب على الموقع على أن يكون
الدفع عند وصول الطلب، وتعتبر الأمية كذلك من العوائق المهمة التي تقف في طريق أي
نوع من أنواع التقدم العلمي التكنولوجي في الدول العربية.
وقد توصلت إحدى
الدراسات إلى أن هناك ثلاث تحديات هائلة تعوق أي تقدم في مشاريع التكنولوجية وهي:
-الفقر الرقمي:
يساعد كل من التقدم في مجال المعلومات
وتكنولوجيا الاتصالات من جهة والنمو المتسارع في شبكات الاتصالات العالمية في
إحداث نقلة تحويلية في الأسواق ومجال الأعمال تمثلت في ثورة تطور التعلم وسرعة
وسهولة تدفق المعلومات على نطاق عالمي ولكن من ناحية أخرى نتج عن ذلك فجوة بين
الذين يملكون إمكانية الوصول إلى المعلومات وأدوات الاتصال المختلفة واستخدامها
بكفاءة والذين ليس لديهم مثل هذه الإمكانية وهو ما يطلق عليه الفجوة الرقمية.
-اقتصاديات
قطاع تكنولوجيا المعلومات:
فعلى الرغم من توافر قدرات التطوير وتصميم
البرامج في الدول العربية إلا أنه لم يتم تحويل هذه القدرات إلى طاقات إنتاجية
مؤثرة لقطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأمر الذي يعوق نسبيا اتجاهات
الانطلاق في العالم الالكتروني الجديد.
-ضعف أنشطة
البحوث والتطوير:
تدل المؤشرات على تدني مستويات القدرة العلمية
والتكنولوجيات للدول العربية مع تواضع أعداد العملاء والباحثين في الوطن العربي
مقارنة بالبلدان الصناعية وانخفاض حجم الإنفاق على أنشطة البحوث والتطوير في
الأقطار العربية.
وفي دراسة أخرى كانت
النتائج تشير إلى أن العقبة الرئيسية التي تواجه انتشار التجارة الالكترونية في
مجتمع الأعمال العربي هي انخفاض الوعي بإمكانية عقد الصفقات التجارية الكترونيا،
إضافة إلى عدم وجود العديد من الخيارات أمام الشركات للوصول إلى الشركاء التجاريين
في الدول العربية المختلفة، وطبقا للدراسة أشارت 67%من الشركات التي تقوم
بعقد صفقات تجارة الكترونية أنها تواجه مشكلة عدم توفر عنصري السرية والأمان،
فالتجارة الالكترونية كتكنولوجية جديدة تتطلب العديد من الضمانات حتى يكتب لها
النمو والتي غالبا ما لا تتوافر في بيئة الأعمال العربية كصعوبة الثقة في طرف لم
تتم أي مقابلة ملموسة معه، فضلا عن عدم مساندة الأنظمة القانونية التشريعية في
المجتمع العربي، والجدول التالي يوضح المشكلات التي تواجه الشركات عند القيام
بعمليات تجارية الكترونية.
الجدول رقم(3):مشكلات تواجه التجارة الالكترونية
المشكلة
|
العدد
|
النسبة
|
انخفاض الوعي بإمكانية القيام بالصفقات الكترونيا
|
10
|
100%
|
قلة عدد المستخدمين في الدول العربية
|
7
|
73%
|
عدم توفر عنصري السرية والأمان
|
4
|
67%
|
نقص الثقة بالاطراف الاخرى
|
5
|
50%
|
بطء شبكة الاتصالات
|
5
|
50%
|
عدم كفاءة القوانين والقواعد المنظمة
|
5
|
50%
|
عدم وجود ضمان ثالث
|
3
|
33%
|
قلة استخدام بطاقات الائتمان
|
3
|
33%
|
قلة عدد المواقع باللغة العربية
|
2
|
17%
|
خلاصـة
وفي الأخير نقول أن
هناك الكثير مما يدعو للتفاؤل ونحن في بداية ألفية جديدة إذ أن التكنولوجيات
الجديدة والتغيرات الناشئة عن التطبيق الواسع لها سوف تتيح للحكومات العربية
الفرصة، ليس فقط لتعمل بصورة أفضل بل أيضا ومن الأهم لتقوم بإشراك المواطنين
أجمعين في الإدارة وسوف يكون هذا مفيدا.غير انه لا ينبغي أن نتجاهل الأخطار أيضا
إذ تبقى قضايا خطيرة دون حل و في مختلف أنحاء العالم يشعر الناس بالقلق عن حق من
قدرة التكنولوجية الجديدة على تقويض خصوصياتهم .
وحتى في بلدان تتمتع بأعلى مستويات انتشار التكنولوجية
تتزايد فجوات غير مقبولة بين من يملكون الوسائل الرقمية ومن لا يملكونها، متحدية
قدرة الحكومة ودوائر الأعمال على حد سواء على التصدي للانقسام الرقمي الدولي
المحلي بحلول حقيقية وذات معنى. وهذه القضايا ليست فوق طاقة إبداعنا على حلها غير
أنه من الضروري التصدي لها بصورة عاجلة، ذلك أنه في متناولنا إقامة أنظمة أعيد تنشيطها لتواكب العصر الرقمي، وعندما يقوم الشركاء من الأنظمة والمواطنين بإعادة تحديد أدوارهم وإعادة مشاركتهم فيها فستكون النتيجة
حكومة أفضل وأنظمة إدارة أفضل.
وإذا
نظرنا إلى المستقبل فسوف نجد أن النمو في استخدام الانترنت يحتمل أن يشهد تباطؤ
على المدى المتوسط إلى البعيد بافتراض أن التشبع حادث لا محالة، خاصة في الولايات
المتحدة وأوربا الغربية واليابان، ومما لا شك فيه انه سوف يوجد دائما في كل بلد
أناس لا يرغبون في الارتباط بالانترنت حتى رغم عدم وجود أي عقبات إضافية، لكن ذلك
سوف يحدث ليس لأنها باهظة التكاليف بأكثر مما يجب، بل بسبب إحساسهم بعدم الأمان،
أو لأنهم لا يجدون سوى القليل من المواد متاحا بلغتهم أو يلبي اهتمامهم.
وبمجرد
توافر البنى الأساسية فان من مصلحة الدول العربية أن تتأكد من استمرار انخفاض نسبة
المستخدمين غير المربوطين بالشبكة، عن طريق طرح مضامين وعروض للتجارة الالكترونية
تجذب اهتمامهم، ولذلك فسوف تستمر التجارة الالكترونية في النمو بسرعة، وهناك أمثلة
لا حصر لها لهذه الفرص ذلك أن حدود التجارة الالكترونية تدفع بالسوق إلى ما هو
ابعد من نطاق إدراكنا الحالي ومعظم فرص المستقبل سوف تنشئها شركات من البلدان
العربية على الخصوص، أو سوف تستهدف قطاعات جماهيرية في هذه البلدان، وبناء عليه
ينبغي على صانعي السياسات بل يمكنهم، اتخاذ خطوات لخلق بيئة مواتية وإطلاق الحوافز
للقطاع الخاص وبدء الدورة الحميدة من التكنولوجية والتنمية البشرية، وذلك حتى
يتسنى تشجيع نمو الانترنت والتجارة الالكترونية، والمساعدة على وجه الخصوص في
انتشارها الواسع بين الأفراد من مستويات مختلفة من الدخل والتعليم في البلدان العربية.
Unquestionably believe that that you said. Your favourite reason appeared to be at the net the easiest thing to
RépondreSupprimerremember of. I say to you, I definitely get irked whilst other people think about worries that
they just don't recognise about. You controlled to hit the nail upon the highest and also outlined out the entire thing with no need side effect , folks could take a signal. Will probably be back to get more. Thank you
Feel free to visit my website ... tattoo removal Cream reviews
I read this paragraph fully concerning the comparison of latest and previous technologies, it's amazing article.
RépondreSupprimerFeel free to surf to my blog :: dry scalp treatments
Highly energetic article, I loved that a lot.
RépondreSupprimerWill there be a part 2?
Here is my web blog: ug-4Y.Com
I loved as much as you will receive carried out right
RépondreSupprimerhere. The sketch is tasteful, your authored subject matter stylish.
nonetheless, you command get got an shakiness over that
you wish be delivering the following. unwell unquestionably come further formerly again
as exactly the same nearly a lot often inside case you shield this hike.
Feel free to visit my blog post ... Coconut Oil For Hair
I go to see day-to-day some web pages and websites to read posts, however this web site gives feature based posts.
RépondreSupprimerHere is my web site: diarrhea remedies
Great blog you have here.. It's difficult to find high-quality writing like yours these days. I seriously appreciate individuals like you! Take care!!
RépondreSupprimerAlso visit my website; permanent hair straightening
I am curious to find out what blog system you happen to be utilizing?
RépondreSupprimerI'm experiencing some minor security issues with my latest blog and I would like to find something more risk-free. Do you have any solutions?
my web blog ... Psn Code Generator
شكرا على المرور الطيب و لكل من مر من هنا أعرفه أو لا اعرفه أتمنى لي وله التوفيق في حياته ، و أنا أسف لو تاخرت في الرد على كل من مرة من هنا لظروف خاصة و الغائب عذره معه ـ احترام و تقدير متبادل متبادل نفيد و نستفيد من بعضنا ، 1.2.3 ................... ، مواضيع متجددة بإستمرار دائم لنرتقي إلى الأحسن دوما .
RépondreSupprimerمن يملك أي بحوث دراسات خاصة ملتقيات محاضرات برامج يرجى تزويدنا بها على العنوان redhar314@gmail.com لنعرضها و نستفيد بها و كما قلت نفيد و نستفيد من بعضنا .
لا إله إلا الله محمد رسول الله .
merci......bon courage
RépondreSupprimer