انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد
E-currencies exchanger
E-currencies exchanger

dimanche 16 octobre 2011

الاقتصاد الجزائري في الألفية الثالثة التكامل الصناعي المغاربي كآلية للاندماج في الاقتصاد العالمي

الاقتصاد الجزائري في الألفية الثالثة
التكامل الصناعي المغاربي كآلية للاندماج في الاقتصاد العالمي
      لعل من أهم الظواهر التي أصبحت تميز الاقتصاد العالمي خلال العشريات الأخيرة الماضية،هي تلك التطورات الكبيرة والمذهلة في مجالات التكنولوجية و تزايد حجم المبادلات الدولية، وتزايد الاعتماد المتبادل، و كدا تلك النزعة المتزايدة لإنشاء تشكيلات و تجمعات اقتصادية جهوية و انتقال العلاقات الدولية من مرحلتها العالمية إلى مرحلتها الشمولية، و التي يمكن لنا النظر إليها من زاويتين:
الأولى اندماجية، إذ ينظر للتكامل الاقتصادي على أنه إحدى الآليات الهامة التي تساعد على اندماج اقتصاديات البلدان على الصعيدين الإقليمي و العالمي، من خلال تعميم العولمة و تزايد اندماج المؤسسات و الشركات الكبرى
أما الثانية فينظر من خلالها للتكامل الاقتصادي على أنه سوف يؤدي إلى الزوال التدريجي للدولة من الداخل و يحد من اعتمادها على ذاتها 
.
 ماهية و شروط التكامل الاقتصادي الدولي :
 يحدد التعريف التقليدي  لمفهوم التكامل الاقتصادي الدولي ثلاث وظائف :
*  تكييف العلاقات الاقتصادية بين البلدان الداخلة في التكامل   
* استبعاد أي تمييز أو عقبة تحول دون نمو و تطور التبادل
* التنسيق بين السياسات الاقتصادية من أجل تقريب أسعار مختلف المنتجات و الخدمات في البلدان الأعضاء
   بعبارة أخرى التكامل الاقتصادي هو وسيلة من وسائل التنمية السريعة و الشاملة ، و يكاد يكون الطريق الأكثر فعالية لتحقيق التنمية و الخروج من حالة التخلف بتوحيد الجهود و الإمكانيات المتوفرة لرفع معدلات التنمية
و  هناك مجموعة من العوامل و الشروط الاقتصادية التي يمكن أن تساعد على تدليل العقبات التي تواجه العملية التكاملية ، و تتمثل هذه العوامل الاقتصادية التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار فيما يلي :
* مستوى التطور الاقتصادي لكل بلد.
* حالة شبكات النقل و المواصلات و شبكات الاتصال الموجودة.
* العمل في مراحل لاحقة على توفير ما يمكن اعتباره من الشروط الرئيسية التي تساعد على تقدم و تعميق العمل التكاملي.
* وضع نظام تعويضي من خلال وضع آلية تسمح باستحداث توزيع عادل للمزايا و التكاليف المتولدة عن عملية التكامل
الواقع الاقتصادي و الصناعي المغاربي :
    حتى نستطيع التعرف عن الواقع الاقتصادي و الصناعي الذي يميز اللدان المغاربية ، لابد لنا من إجاء تشخيص عن الامكانيت و الطاقات التي تتوافر عليها بلدان المنطقة ، التي تتربع على مساحة إجمالية تقدر ب 6   ملايين كلم2 ، منها حوالي 5000 كلم كشريط ساحلي على ضفاف البحر المتوسط و حوالي 700 كلم على الساحل الأطلسي ، و هي رقعة جغرافية تتمتع بخصائص مناخية و زراعية متنوعة تسمح بزراعة مختلف أنواع الحبوب و الخضر و الفواكه و غيرها ، بحيث يتراوح هذا التنوع في المناخ و الغطاء النباتي من الشمال إلى الجنوب ، و أعطى هذا التنوع المناخي و الجغرافي ميزة نسبية تتميز بها المنطقة بتوافر الثروات الباطنية و الطبيعية بشكل كبير ، و التي ما يزال الكثير منها غير مستغل إلى يومنا هذا و منها : البترول المتواجد بكثافة خاصة في كل من الجزائر و ليبيا و نسبيا في تونس ، و كدا الغاز الطبيعي حيث يقدر الاحتياطي المتواجد في الجزائر وحدها ما يعادل تقريبا 3000 مليار م3  ثم تأتي بعد ذلك كل من ليبيا و تونس ، و الفوسفات المتواجد بكثافة أكبر في كل من المغرب الذي يعتبر المنتج العالمي الثالث لهذه المادة و تونس التي تحتل المرتبة الخامسة عالميا ، و تواجد الحديد بكثافة أكبر في موريتانيا ، بالإضافة إلى تواجد معادن أخرى في المنطقة : كالنحاس و الزنك و اليورانيوم و الذهب ... بالإضافة إلى موارد زراعية و بشرية و سياحية ... و التي يمكن أن تجعل من المنطقة المغاربية منطقة قابلة للتشكل اقتصاديا و سياسيا .
   نظريا لنجاح أي تعاون اقتصادي بين أي بلدان فإن الأمر يتطلب توافر مجموعة من الشروط تعتمد على الحرية المطلقة لحركة البضائع بين البلدان المشاركة كما أنها تعتمد على توزيع العمل بين هذه البلدان الذي سوف يسمح بنمو التبادل التجاري .
   و كانت أول محاولة للشراكة الاقتصادية المغاربية ما بين ( 1975-1964  ) ، و ذلك بعد اجتماع وزراء الاقتصاد المغاربة الأول في 1964/09/26 و الثانية في 26 نوفمبر من نفس السنة في طنجة ، و اتفق على إنشاء الهيئة الدائمة للتشاور المغاربي " CPCM " المكلفة بدراسة مجموع المشاكل المتعلقة بالتعاون الاقتصادي المغاربي ، و قد اقترحت هذه الهيئة سنة 1964 ثلاثة حلول للمشاكل التي تعاني منها البلدان المغاربية و هي :
الحل الأقصى : الذي يوجب إمضاء اتفاقية الوحدة المغاربية الاقتصادية مع إلغاء العراقيل الجمركية في وجه السلع ، و إيجاد عملة مشتركة ، مع تجانس السياسات الاقتصادية بين بلدان الاتحاد و تشكيل مجلس له السلطة في اتخاذ القرارات .
الحل الأدنى : الذي يتضمن تشكيل تدريجي للوحدة المغاربية الاقتصادية و الارتباطات الوحيدة هي المشاركة في حوارت دورية للنقاش حول تأسيس مصانع جديدة .
الحل الوسطي : يتمثل في توحيد الصناعة و تحرير التجارة و أعطى هذا الحل للبلدان المغاربية مدة 5 سنوات للتقليص من القوانين الجمركية في المواد و السلع المتبادلة ، و محولة تأسيس بنك مغاربي مشترك لتمويل المشاريع للفائدة المشتركة و الاتجاه نحو توحيد سياساتها الاقتصادية .
وإن الشراكة بين البلدان المغاربية تستلزم القيام ببعض الجهود و التي حصرها فيما يلي :
نمو التبادل الاقتصادي بتوحيد السياسات الجمركية ( تحديد قائمة السلع للتبادل الحر )
* توحيد السياسة في المجال الصناعي و بالخصوص في قطاعات : المناجم و الطاقة و النقل و الاتصالات توحيد السياسة اتجاه بلدان الاتحاد الأوروبي  غير أن تحقيق بعض المشاريع الاقتصادية في الميدان واجهتها بعض المشاكل و التي نذكرها فيما يلي :
مراقبة رأس المال : موضوع النقاش هنا كان يتمحور حول المواد من المؤسسات المشاركة في الاتحاد فقط هي القابلة للتداول في الأسواق المغاربية بدون قيود ، و هذا يعني أن المؤسسات الموجودة داخل هذه البلدان و برأس مال أجنبي سوف تتقيد بهذا القانون ، و منه يكون الاقتصاد الأجنبي المستفيد الأكبر و ليس الاقتصاد المغاربي .
مشكل أصل البضائع و نسبة الشراكة : حتى تكون المادة المصنوعة في المنطقة المغاربية موضوع المبادلة  ذات أصل مغاربي يجب توافر بعض الشروط كرأس المال المغاربي أو نسبة الشراكة فيه تكون بنسبة تفوق 50 %
الميزة الصناعية : الشراكة المغاربية لا يمكن أن تستفيد منها سوى الصناعات الحديثة التي تشكل أساس السوق الوطنية في نجد نصيب الصناعات القديمة ضئيل التي تشكل معظم النسيج الصناعي المغاربي .
شروط الإنتاج : و يتضمن هذا العمل على تقدير لحلقة الإنتاج و تحديد القيمة المضافة الوطنية .
الطبيعة الهيكلية للاقتصاديات المغاربية :
الجزائر :  لعل التطورات الكبيرة التي يعرفها الاقتصاد العلمي حاليا ، تستدعي من الجزائر رفع التحدي لمواجهة هذه التغيرات و البحث عن سياسات تنموية بديلة عن تلك التي عرفتها من قبل ، و يظهر البديل التنموي الجهوي المغاربي في إطار هذا التكتل إحدى السياسات التي تترقب و تنظر إليها الجزائر بعين من الأمل ، التي تسمح لها بمواجهة الضغوطات الخارجية و تحسين مستوى معدلات النمو فيها ، لهذا الغرض بادرت الجزائر بإدخال إصلاحات هيكلية على المستويين الكلي و الجزئي للاقتصاد الوطني الغرض منها إعادة التوازنات الكبرى للاقتصاد تطبيق سياسات تسمح لها بالانتقال إلى اقتصاد السوق و بأقل الأضرار الإجتماعية .
و من خلال تحليل تطور الاقتصاد الجزائري نجده في بداية التسعينات كان و ما يزال يعاني من تبعية اقتصادية متعددة الأبعاد :
* تبعية غذائية : و تتمثل في استيراد ما يقارب 3/2 من احتياجات السكان الغذائية  و خاصة منها الحبوب بمختلف أنواعها ، و يمكن إرجاع مرد هذه التبعية أساسا إلى ضعف الإنتاج الزراعية بالرغم من السياسات الإصلاحية التي شهدها القطاع منذ الاستقلال ، مما أدى إلى انخفاض نصيب الفرد الواحد من المنتوج الغذائي و يعود هذا أساسا إلى عاملين اثنين : الأول متعلق بانخفاض الإنتاج الزراعي و الزيادة الكبيرة في عدد السكان ، أما الثاني فمتعلق بضعف مردودية الهكتار الواحد من الحبوب إذ لم يتغير كثيرا عما كان عليه في بداية القرن العشرين.
* تبعية تكنولوجية : ناجمة أساسا عن طبيعة الاختيارات التكنولوجية و النمط التصنيعي الذي اتبعته الجزائر خلال عقد السبعينات ، و الذي تميز بافتقاره إلى سياسة تكنولوجية واضحة و متميزة ، و الرغبة لدى متخذي القرار في الحصول على التجهيزات و المعدات الإنتاجية و المصانع الجاهزة أمام إلحاح و كثافة البرامج الاستثمارية المتزايدة
* التبعية المالية : و هي مرتبطة بالتبعية الغذائية و التكنولوجية و بالاختيارات التمويلية التي اعتمدت عليها الجزائر في تمويل برامج تنميتها الاقتصادية خلال السبعينات أين شكلت إيرادات المحروقات إلى جانب الاستدانة الخارجية مصدرا أساسيا في عملية تمويل المشروعات .
تونس :  على الرغم  من افتقار الاقتصاد التونسي للموارد الطبيعية و الاقتصادية مقارنة ببعض بلدان المنطقة ، إلا أن وقع الأزمة الاقتصادية عليه كان أقل حدة و ضررا حيث استطاع  أن يمتص الصدمات بكيفية أحسن من كثير من البلدان الشبيهة معه من حيث الظروف و الموارد الاقتصادية ، و مرد هذا يعود إلى تحسن مستويات الإنتاجية و المردوديةالاقتصادية في بعض الأنشطة منها خاصة السياحة التي أصبحت تشكل المصدر الأول من العملة الصعبة بعد تراجع أسعار البترول في السوق الدولية ، غير أن هيكله الاقتصادي الذي يعتمد أساسا على  مدا خيل  السياحة و البترول و الفوسفات جعله كغيره من الاقتصاديات الأخرى للمنطقة تابعا لتقلبات التغيرات التي تحدث في الأسواق العالمية ، ويعاني بدوره إلى تبعية خارجية متعددة الأشكال خاصة فيما تعلق بوارداته من السلع الاستهلاكية و الغذائية ، و قد تظافر ذلك مع الهزات و التقلبات التي عرفتها أسواق السلع و المال الدولية لجعل الاقتصاد التونسي عاجز عن مواجهة الاختلالات الهيكلية التي أصبح يعرفها منذ مطلع الثمانينات ، و من أهم هذه العقبات التي حالت دون تحقيق ذلك :
*عجز هيكلي في ميزان المدفوعات.
* تراجع الإنتاج من البترول و الفوسفات و تراجع معدلات نمو الاقتصاد ليستقر عند متوسط 3 % خلال العشرية الأخيرة من القرن العشرين.
* تبعية خارجية فيما يتعلق بالسلع الاستهلاكية و السلع التجهيزية.
* تراجع حصيلة الإيرادات من العملة الصعبة نتيجة تراجع أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية ، و تراجع المحاصيل الزراعية و كدى تراجع عدد السواح و انخفاض تحويلات المهاجرين من الخارج .
المغرب :  على غرار الانتعاش و الديناميكية التي عاشها الاقتصاد المغربي خلال فترة السبعينات حيث وصل معدل متوسط النمو إلى 7,5 % و هذا نتيجة للارتفاع الكبير الذي عرفته أسعار الفوسفات التي تشكل المادة الرئيسية في الصادرات المغربية ، فإنه عرف بعض الاختلالات الهيكلية خلال عشرية الثمانينات ، مما دفع بالسلطات تطبيق مجموعة من الإجراءات و البرامج التعديلية الهيكلية تحت إشراف صندوق النقد الدولي و الشروع في إعادة جدولة الديون الخارجية للمغرب ، و من أهم العقبات التي عرفها المغرب هو اعتماد صادراته على منتوج واحد فقط و هو الفوسفات مما أدى إلى اختلال إيرادا ته في حالات تراجع الأسعار الدولية للفوسفات " تراجع نسب التبادل الدولية " ، و أدى لافتقاره لمصادر طاقوية معتبرة شكل عبئا كبيرا على الاقتصاد المغربي مما ساهم في زيادة العجز الهيكلي لمبادلاته الخارجية ، خاصة بعد ارتفاع أسعار البترول و أحيانا أخرى بفعل انخفاض أسعار الفوسفات و قيمة الدولار الأمريكي .
و لقد عانى الاقتصاد المغربي خلال الثمانينات من ثلاث مشاكل أساسية حالت دون انتعاشه و انطلاقته مرة أخرى و هي :
* ضعف إنتاجية الزراعة المعيشية و عجزها عن تلبية كل احتياجات السكان من المواد الغذائية نتيجة تزايد عدد السكان الذي بلغ متوسط معدل الزيادة خلال نفس الفترة  2,6 % .
* ثقل فاتورة الواردات من المواد الطاقوية .
* ارتفاع نسبة الواردات من السلع الأساسية و الصناعية.
ليبيا : يتميز الاقتصاد الليبي ببعض الخصوصيات التي تميزه عن غيره من الاقتصاديات المغاربية الأخرى فهو يتميز  بشساعة كبيرة في المساحة و قلة في عدد السكان و ثروة بترولية معتبرة  قلة الأيدي العاملة المحلية و وجود احتياجات كبيرة من عنصر العمل ، جعلت ليبيا تستقبل أعداد كبيرة من المهاجرين ذوي جنسيات مختلفة، حيث قفزت نسبة السكان الأجانب من 11 % سنة 1970 إلى 48 % سنة 1983 ، و لقد كان للتواجد الأجنبي المكثف نتائجه الاقتصادية السلبية ، تمثلت خاصة في عدم تمكن الأيدي العاملة المحلية من اكتساب المهارات و الخبرات المهنية اللازمة ، حيث كانت نسبة الخبراء الأجانب سنة 1975 تعادل 70 % ، إضافة إلى الانعكاسات الاجتماعية لوجود أعداد كبيرة من الأجانب ذوي عادات و تقاليد و سلوكات و ديانات متباينة .
و رغم المشاريع الاستثمارية الضخمة و محاولة تطوير القطاع الزراعي و الإيرادات المالية الضخمة بفعل ارتفاع أسعار البترول ، فإن الاقتصاد الليبي ظل يعاني من تفكك هياكله الإنتاجية و خلل كبير في تجارته الخارجية
موريتانيا : تعتبر موريتانيا أقل البلدان المغاربية كثافة سكانية مقارنة بمساحتها الجغرافية ، و أقلها أيضا من حيث نصيب الفرد الواحد من الناتج القومي الداخلي الإجمالي ، حيث لم يتعدى 480 دولار سنة 1989 ، و تعد موريتانيا بلد زراعي رعوي  بالدرجة الأولى ، بالإضافة إلى وجود بعض النشاطات الصناعية ، كاستغلال المناجم و بالخصوص مناجم الحديد الذي أصبح يشكل تصديره المصدر الأساسي للعملة الصعبة للبلاد ( 90 % من إجمالي الصادرات سنة 1979 ) ، مع محولات لإقامة بعض الوحدات الصناعية الصغيرة و المتوسطة ، وبالخصوص في صناعة السمك التي تتوافر عليها ثروة سمكية كبيرة ، غير أن الجفاف و المشاكل الاقتصادية التي عرفته موريتانيا خلال عشرية الثمانينات أدت إلى تراجع مستويات النمو و تزايد العجز في ميزان المدفوعات و الميزان التجاري ، ورطها في دوامة المديونية ، و كغيرها من البلدان المغاربية لمواجهة هذه المشاكل شرعت موريتانيا ابتداء من سنة 1985 في تطبيق برنامج التعديل الهيكلي المقترح عليها من طرف صندوق النقد الدولي و البنك العالمي كمحاولة لتصحيح الاختلالات و إنعاش أهم الأنشطة الاقتصادية في البلاد .
    كما يتميز الاقتصاد الموريتاني بافتقاره للموارد الطاقوية ، حيث لم يتعد إنتاجه من الطاقة 3000 كلواط سنة 1989 في الوقت الذي كانت فيه الاحتياجات من نفس المادة 1438000 ، و نسجل أيضا تراجع الأنشطة الزراعية التقليدية ، حيث بعد ماكان هذا القطاع يساهم بنسبة 40 % من إجمالي الناتج الداخلي الخام خلال الستينات أصبح لا يتعدى نسبة 20 % خلال الثمانينات ، و هي نفس الظاهرة تقريبا عاشها قطاع المناجم المتمثل أساسا في الحديد و النحاس ، حيث تراجع نصيبهما من إجمالي الناتج الداخلي الخام من الربع في الستينات إلى حوالي 17 % في النصف الثاني من عقد الثمانينات .
التكامل الصناعي المغاربي :
  على غرار الاتحادات الاقتصادية و الجهوية المتواجدة هنا و هناك عبر العالم التي تتميز بكثافة و متانة الروابط و الصلات الاقتصادية و التجارية السائدة بين أعضائها ، فإن بلدان المغرب العربي نجدها في وضعها الراهن لاتمثل إلا مجموعة هشة ، حيث أن حجم المبادلات و الروابط الاقتصادية و التجارية بينها ضعيف جدا ، إذ لم تتجاوز على العموم نسبة 5 % في نهاية عقد الثمانينات ، و عليه يظهر التكامل الاقتصادي المغاربي  و خاصة في جانبه الصناعي على أنه مجرد مشروع مستقبلي رغم المحاولات التي تمت حتى الآن ، إلا أنه يظل مشروع  قابل للتحقيق إذا ما توافرت الإرادة السياسية الصادقة و استحدثت التغيرات و التحولات اللازمة لذلك على مستوى البنى الإنتاجية و الاختيارات الاقتصادية و التطورات السياسية .
و يتطلب هذا توحيد الجهود بالدرجة الأولى على إقامة صناعة غذائية تسمح بتغطية العجز الغذائي على مستوى المنطقة و التقليل من التبعية الغذائية ، و هو الأمر الذي يستلزم استصلاح الملايين من الهكتارات الزراعية الجديدة و توفير التجهيزات و المعدات الزراعية لتحسين السلالات الحيوانية و النباتية .
مما سبق يظهر أن بلدان المغرب العربي هي بصدد مواجهة ثلاثة اختيارات لكل منها انعكاساتها و عواقبها على المستقبل التنموي للمنطقة و لمعاناتها في العلاقات الاقتصادية الدولية :
1 إما اكتفاء بلدان المنطقة بالبقاء في عزلة تؤول بكل واحد منها إلى المزيد من الركود و التخلف و هو ما أثبتته التجارب التاريخية للعديد من البلدان في العالم .
2 أو الانخراط في فلك التكامل التبعي و الخضوع للقوى الاقتصادية الكبرى و هي الحالة التي توجد عليها بلدان المنطقة اليوم .
3 الدخول في تكامل متكافئ ما بين بلدان المنطقة مع بعضها البعض .
و هناك مجموعة من العوامل الموضوعية و الواقعية التي تدعو إلى اختيار البلدان المغاربية الشكل الثالث من الاختيارات السابقة الذكر تتمثل فيما يلي :
* حالة التخلف و التفكك التي توجد عليها اقتصاديات هذه الأقطار.
* تفاقم التبعية الاقتصادية و التجارية للخارج.
* ضعف الإنتاج في المنطقة .
   و يبدو من خلال التحليل للمسيرة التنموية للبلدان المغاربية في جانبها الصناعي  و من خلال الإمكانيات و القدرات التي تتوافر عليها البلدان ، أن المنطقة مازالت من حيث مستوى و كيفية استغلالها بعيدة عن معايير الاستخدام العقلاني ، و أن مستوى التطور الاقتصادي و الوضع الاجتماعي السائدين في كل بلد لا يمكن تحسينهما و تسريع وتائر نموها إذا لم تتم إعادة النظر في أساليب التخطيط و التنفيذ و التنظيم و الإدارة السائدة على مستوى اقتصاديات هذه البلدان ، لأن الوضع الحالي لمنطقة المغرب العربي على الساحة الاقتصادية الدولية لا يتماشى مع الطاقات و الموارد الاقتصادية الهائلة التي تزخر بها المنطقة ، فنصيب بلدان المنطقة الخمسة في نهاية الثمانينات كان أقل من 1 % من إجمالي التجارة العالمية ، كان نصيب الصادرات منها حوالي 20736,42 مليون دولار أمريكي ( 0,88 % ) و الواردات 19558,68 مليون دولار أمريكي ( 0,80  % ) من إجمالي التجارة العالمية ، و يمكن إرجاع أسباب هذا الضعف من جهة إلى الفترة الاستعمارية الذي ربط اقتصاديات هذه البلدان بالبلد المستعمر ، و إلى السياسات التي انتهجت و الاختيارات التي تتحمل فيها سلطات البلدان مسؤولية كبيرة من جهة أخرى . 
    ما يمكن استخلاصه  أن البلدان المغاربية تتوافر على إمكانيات كبيرة تسمح لها بإقامة تعاون و تكامل بين مختلف الأقطار المغاربية ، تتميز أساسا باحتوائها على قطاعات صناعية متباينة حقيقية ، و هي خصائص يمكن أن تشكل قاعدة لانطلاق ديناميكية جديدة للتقارب و التعاون و التكامل بين بلدان المنطقة ، خاصة و أن كل العوامل المساعدة على تحقيق هذا الأخير متوفرة بشكل أو بآخر و لم تستغل بطريقة جدية و مستمرة حتى الآن شريطة استحداث بعض التحولات البنيوية و التعديلات على المستوى المحلي و الجهوي ، أي التوفيق بين المنطق القطري و المنطق المغاربي ، لأن النزعة الحالية للسياسات الصناعية التصديرية و البنية الهيكلية لقطاع المبادلات الخارجية في المنطقة لا يساعدان على تحقيق اندماج إيجابي في الاقتصاد العالمي خاصة أن المنافسة أصبحت أكثر شراسة ، كما أن الحواجز أمام المنتوجات المغاربية سواء كانت زراعية أو صناعية زادت كما و نوعا .
البعد الخارجي للتكامل الصناعي المغاربي :
    لقد كان للظروف الجغرافية و التاريخية و الثقافية دورها الكبير في رسم معالم العلاقات التجارية و الاقتصادية الخارجية لبلدان المغرب العربي ، و تظهر المنطقة الأوروبية و بخاصة بلدان الاتحاد الأوروبي وزنا ثقيلا على اقتصاديات المغرب العربي ، حيث هذه الأخيرة كانت تمثل في نهاية الثمانينات  ما يعادل 69,53 % من إجمالي الصادرات المغاربية و تقدم ما يعادل 64,09 % من الواردات المغاربية ، مع الإشارة أن النصيب الأكبر من المعاملات التجارية للبلدان المغاربية مع بلدان الاتحاد الأوروبي ترجع إلى ثلاثة بلدان هي : فرنسا ، إيطاليا ، إسبانيا و هي البلدان الأقرب جغرافيا و تاريخيا و ثقافيا من منطقة المغرب العربي .
   غير ما يمكن قوله هنا في العلاقات المغاربية الأوروبية ظلت خاضعة لفترة ليست بالبعيدة لاعتبارات ظرفية تفتقر  إلى النظرة الإستراتيجية الشاملة و احتمالات المستقبل ، و هذا التعامل هو وليد إطار تاريخي يغلب عليه الطابع الاستعماري في البداية ثم فيما بعد علاقات تتحكم فيها و توجهها دواليب التقسيم الدولي للعمل التقليدي .
    و لقد كان هذا التعامل منصب في الحقيقة على البلدان الثلاثة الوسطى من منطقة المغرب العربي و هي : تونس و الجزائر و المغرب الأقصى التي كانت تربطها خلال الفترات التي تلت مباشرة حصولها على الاستقلال السياسي ، اتفاقيات تجارية مع بلدان الإتحاد الأوروبي في حين تم تجاهل ليبيا نسبيا و ارتبطت موريتانيا باتفاقيات يا وندي و لومي الإفريقية ، و قد تدرجت هذه الاتفاقيات من حيث أشكالها القانونية و أهدافها عبر ثلاث مراحل :
1 سنة 1969 : عقدت اتفاقيات شراكة أو مشاركة مع كل من تونس و المغرب الأقصى ، و كان الدافع لذلك هو الرغبة خاصة لدى فرنسا للإبقاء على علاقات مميزة مع بعض البلدان التي كانت تستعمرها .
  و كان لهذه السياسة الأوروبية تأثيرها المباشر على البنية الهيكلية للمبادلات الخارجية خاصة في تونس و المغرب الأقصى  أين تم الاهتمام بتطوير المنتوجات الزراعية التصديرية ، و من أهم نتائج هذا الارتباط بالأسواق الأوروبية ظهور مشاكل و عقبات كبيرة أمام الصادرات الزراعية المغاربية فيما بعد بسبب التغيرات التي عرفتها السياسات التجارية الأوروبية بفعل برنامج السياسة الزراعية المشتركة "PAC"  و عقد اتفاقيات مشاركة مع بلدان متوسطية أخرى ، و كذلك الانفتاح على أوروبا الجنوبية لتسهيل عملية انضمامها إلى بلدان الاتحاد الأوروبي فيما بعد.
2 عقد اتفاقيات للتعاون في شهر أفريل من سنة 1976 : و جاءت هذه الاتفاقيات لتكييف العلاقات بين بلدان الاتحاد الأوروبي و بلدان المغرب العربي مع أهداف السياسة الأوروبية الجديدة في الميدان التجاري و التي تميزت بالحماية و استفحال الأزمة الاقتصادية .
   و تميزت هذه الاتفاقيات عن سابقاتها بكونها أكثر شمولية ، حيث لم تعد تقتصر فقط على الجانب التجاري ، بل تعدت ذلك إلى الجانب المالي ، من خلال تقديم تسهيلات مالية لكل من الجزائر و تونس و المغرب الأقصى ، و كدا الجانب التقني بتبادل المعلومات و الخبرات في ميادين البحث العلمي ...
3 المرحلة الثالثة من العلاقات المغاربية الأوروبية هي المرحلة الراهنة : و التي تتميز ببروز نظرة أوروبية جديدة في كيفية التعامل مع منطقة المغرب العربي هذه الأخيرة التي لم تعد تتماشى و طموحات و أهداف المجموعة الأوروبية و التطورات الاقتصادية.
الخاتمــــــة :
    إن الخلاصة العامة التي يمكن الخروج بها  لمفهوم التكامل الصناعي وامكانية اعتماده لمنهج جديد لبلدان منطقة المغرب العربي لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية بشكل عام و التصنيع بشكل خاص تتمثل بشكل أساسي في أهمية هذا التوجه الجديد الذي أصبح يستهوي كبار و صغار هذا العالم من جهة و صعوبة الإلمام بجوانبه النظرية و التطبيقية بفعل امتداداتها المختلفة التي تمس مختلف جوانب الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية للبلدان و الشعوب.
   و رغم الإمكانيات المتاحة التي تتوافر عليها البلدان المغاربية إلا أن اقتصاديات هذه البلدان مازالت تعرف تدهورا اقتصاديا و اختلالات هيكلية في نسيجها الصناعي و على تجارتها الخارجية ، ألزمت على بلدان المنطقة تبني مجموعة من البرامج التصحيحية محاولة منها الخروج من الانسداد الاقتصادي ، و البحث عن أنسب الطرق للتكيف مع التحولات العالمية و الاندماج إيجابيا في الاقتصاد العالمي ، إلا أن هناك بعض العوامل التي حالت دون تحقيق ما كان منتظر تحقيقه نذكر منها خاصة :
* أمام تراجع أسعار المواد الأولية ( المحروقات و الفوسفات ) في الأسواق الدولية .
* تذبذب و عدم استقرار الدولار الأمريكي الذي تفوتر به صادرات المنطقة .
* الزيادة الكبيرة للمديونية الخارجية لهذه البلدان و التي أعاقت كل مبادرة تنموية .
* تدهور و اختلال التوازنات المالية الداخلية ( عجز الموازين الوطنية ) و الخارجية ( عجز ميزان المدفوعات و التجارة ) .
* تزايد مستويات النمو الديمغرافي مما ساهمت في تعميق المشاكل الاجتماعية كالفقر و التهميش وتزايد معدلات البطالة .
* ندرة رؤوس الأموال و ارتفاع أسعار القروض الأسواق المالية العالمية .
* تبعية غذائية و تكنولوجية كبيرة و هذا بفعل المكانة الثانوية التي ما زال يحتلها قطاع الزراعة في الاقتصاديات الوطنية ، و الضعف الكبير الذي ما زال يميز قطاع المبادلات البينية للبلدان المغاربية .
* نزاعات قائمة بين البلدان المغاربية بسبب الحدود الموروثة عن الاستعمار.
* تركز المبادلات المغاربية جغرافيا و سلعيا مما زاد في تعميق هوة التبعية نحو البلدان المتقدمة خصوصا .
* سيطرة فروع الشركات الأجنبية على نسبة كبيرة من الإنتاج المغاربي و على أسواق المنطقة .

   و حتى تأخذ البلدان المغاربية بصيغة التكامل الاقتصادي كسياسة بديلة تسمح لها بالاندماج إيجابيا في الاقتصاد العالمي ، يجب أن تتجاوز إطار قوى السوق دون أن نهملها عند معالجة بعض الجوانب التنظيمية و الديناميكية الصناعية على مستوى القطاعات و الفروع  الإنتاجية ، إلى تحديد أهداف جديدة لعملية التكامل في حد ذاتها تعمل على توفير الشروط الموضوعية لتحقيق تنمية صناعية تسرع من وتائر النموالإقتصادي و تحقق اندماج إيجابي في العلاقات الاقتصادية الدولية و مواجهة تحديات العولمة، وبالتالي ينبغي تبني سياسات اقتصادية تعاونية مشتركة بين البلدان المغاربية في كل المجالات.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

شركنا برايك ووجهة نظرك