قضية الصحراء الغربية ومسألة حقوق الإنسان
نتطرق في هذا الفصل إلى موضوع الصحراء الغربية من الجانب التاريخي لنسلط الضوء على جذور هذا النزاع الذي عمر أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، ونتطرق أيضا إلى موضوع حقوق الإنسان الذي يعتبر احد المواضيع الجديدة المثارة في هذا النزاع.
التعريف بالصحراء الغربية
أولا موقعها:
يقع الإقليم الذي أطلق عليه تعبير الصحراء الغربية على الحافة الغربية للصحراء الإفريقية الكبرى وتبلع مساحته 284000كم ويطل على ساحل المحيط الأطلنطي بساحل يبلع طوله حوالي1400كم له حدود مع ثلاث دول عربية الجزائر من الشرق، المغرب من الشمال وموريتانيا من الشرق والجنوب.
وتنقسم حاليا إلى قسمين قسم يسيطر على المغرب وقسم يسيطر عليه البوليساريو.
ثانيا السكان:
بالنسبة للسكان فانه من الصعب إعطاء رقما صحيحا وذلك للاختلافات المتباينة حول الرقم الصحيح هذا بالإضافة إلى طبيعة أغلبية السكان الذين يعتبرون من الرحل، إحصائهم ومهما يكن فإننا نحاول إعطاء بعض الأرقام مع التحفظ على صحتها للأسباب السالفة الذكر، إلى جانب الظروف السياسية التي تنطلق منها هذه الإحصائيات فبعثة تقصي الحقائق التي زارت الصحراء الغربية في شهر مايو1975 رأت أن عدد السكان حسب الإحصائيات المقدمة من طرف السلطات الاسبانية لسنة1974 يقدرون بـ73437 يعيشون في الإقليم الصحراوي، كما أنها قدرت أن هناك حوالي 3000أو4000 صحراوي في المغرب ومابين 4000و5000 في موريتانيا وعدد أقل في الجزائر.
وقد أكد المغرب للبعثة بأن لديه من اللاجئين ما بين30000و40000 ألف أما الجزائر فإنها ترى لديها أكثر من7000 لاجئ وأخيرا زعمت موريتانيا أن ليس لديها لاجئون، وهذا انطلاقا من أن الصحراويين هم أصلا موريتانيين.
أما البوليساريو فتقدر سكان الساقية الحمراء وواد الذهب بنصف مليون وذلك استنادا إلى استنتاجات لها عن الإحصائية الإسبانية لعالم 1953.
وفي وقتنا الحالي لا توجد إحصائيات دقيقة عن مجموع سكان الصحراء الغربية ومن الصعب إعطاء تقديرات بسبب أن السكان مقسمون بين المناطق المحتلة التي يسيطر عليها المغرب والمناطق المحررة التي تسيطر عليها البوليساريو، إضافة إلى اللاجئين في الجزائر هذا من جهة، أما من جهة أخرى فان طرفي النزاع (البوليساريو والمغرب) كلاهما يقدم أرقاما متفاوتة حسب ما يخدمه، فالمغرب يحاول دائما التقليل من عدد السكان من أجل إنكار حق تقرير المصير لهذا الشعب باعتبار أن عدده لا يرقى أن يكون كيانا مستقل، بينما البوليساريو تصر على أن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره مكفول في المواثيق الدولية بغض النظر عن عدده، فقرار الجمعية العامة2592 يؤكد حق مثل هذه الأقاليم في تقرير مصيرها وأن الحجج القائلة بقلة المساحة أو عدد السكان لا يمكن الأخذ بها.
ثالثا: الثروات الاقتصادية:
تعتبر الصحراء الغربية من المناطق التي تشتهر باحتوائها على العديد من الثروات الباطنية ونت أهم هذه الثروات:
- الفوسفات: وهي الثروة التي اكتشفها الجيولوجي الإسباني"مانويل آلياميدينا" عام 1947م وتمد حقوله في عمق الأراضي الصحراوية بحوالي800كم ويعد منجم بوكراع من أضخم أغنى حقول الفوسفات في العالم.
- البترول: هناك أحاديث كثيرة عن وجود كميات بترولية خصوصا في منطقة "أفيم الواد" حيث توجد بحيرة بترولية مساحتها100كم2
وتوجد معادن أخرى تختزنها الصحراء الغربية مثل النيكل والنحاس والكروم والفضة اليورانيوم والرصاص.
وأما الثروة الاقتصادية الثانية من حيث الأهمية بعد الفوسفات فهي الثروة السمكية حيث تخضع شواطئ الصحراء الغربية لمناخ مشمس حار يساعد على نمو وتكاثر الأعشاب البحرية التي تعيش عليها الأسماك، وبفضل وقوع المنطقة تحت تأثير تيار الكناري الذي يصب عليه ابتداء من شهر أيلول(سبتمبر) وحتى شهر أيار(مايو) من كل عام قد توفرت تلك الشواطئ المثالية التي جعلتها غنية بالأسماك المتنوعة بالعالم، حيث أنها تحتوي على أكثر من200 صنف من الأسماك و60نوعا من الرخويات إضافة إلى أجناس من القشريات وراسيات الأرجل كما تشكل الثروة الحيوانية مصدر أساسي في معيشة سكان الصحراء الغربية حيث تربى على أراضيهم قطعان وافرة من الإبل والأغنام والماعز.
الصحراء الغربية بين الاستعمار الاسباني والغزو المغربي الموريتاني:
أولا الاستعمار الإسباني:
حصلت اسبانيا عام1984م في مؤتمر برلين على ثبوتية مصادقة البلدان الأوربية على حضورها في السواحل الإفريقية من "الرأس الأبيض" رأس بوجدور" ثم من "رأس جوبي"إلى "الرأس الأبيض" وتثبيتا لحضورها المذكور على أرض الواقع سارعت اسبانيا إلى فتح مكتبين أو ثلاثة للصرافة على الساحل وهذه الهيمنة المعترف بها لم يكن للسكان المحليين بدفي الموافقة عليها ولا في تنفيذها علما أن فرنسا بدورها كانت لها أطماعها في هذه الأراضي المطاولة لما تسميه"مملكتها" فهي تبيت بسط نفوذها من المغرب حتى تونس ومن ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى إفريقيا السوداء في حين أن هذه المستعمرة الإسبانية تمنع إلى موريتانيا التي احتلت أراضيها بين1900 و1912 وغلى مراحل ثبتت الدولتان المستعمرتان حدودا للصحراء الغربية وألزمت فرنسا اسبانيا أن تفرض رقابة فعالة على سكان الصحراء الغربية حتى لا تظل مكانا يأوي مقاومي الاستعمار ومنه ينطلقون في تحركاتهم وعملياتهم علما أن كلمة "متمردين" هي الاسم المطلق على المقاومين المذكورين.
بعد الحرب العالمية الثانية تصاعدت موجة التحرر من الاستعمار في معظم الأقطار والبلدان الإفريقية، أما في الصحراء الغربية فقد حصل اكتشاف الفوسفات.
ورغم تضيق الخناق على المحتل من طرف السكان الصحراويين أعلنت اسبانيا منذ 1958 أن هذه الأرض من الشمال غرب إفريقيا أصبحت الإقليم الواحدة والخمسين، وبعد محاولات عديدة لفتح حوار سلمي الأسبان أنشا المقاومون الصحراويون جبهة البوليساريو في العاشر من مايو1973 واندلعت منذ20مايو1973 نار الكفاح المسلح.
وبعد عامين اثنين مات الملك الإسباني"فرانكو" وأصبحت اسبانيا عاجزة عن مجابهة الانتفاضة الشعبية الصحراوية المتصاعدة والمتبلورة بالتفافها حول جبهة وأرسلت الأمم المتحدة بعثة من قبلها إلى الصحراء الغربية فأكدت مدريد أنها ستنصاع لقرارات التحرير من الاستعمار وتحترم حق سكان البلاد بتقرير مصيرهم بأنفسهم إلا أن الحقيقة كانت عكس ذلك تماما ففي 14 نوفمبر1975 أبرمت اتفاقية مدريد لتقسيم الصحراء الغربية بين اسبانيا من جهة والمغرب والحكومة الموريتانية من جهة أخرى.
وتتابعت الأحداث ودخل المغرب الصحراء الغربية بواسطة ما يعرف "بالميسرة الخضراء" من جهة، وبواسطة جيشه من جهة أخرى .
وفي فبراير1976 أعلنت جبهة البوليساريو قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وفي اليوم الموالي بدأت الاعترافات الدولية بهذه الدولة باعتراف مدغشقر في28فبراير1976.
اتفاقية مدريد والتطورات الأخيرة للقضية
أولا اتفاقية مدريد:
في الرابع وعشر من أكتوبر الأول1975م، صدر بيان ثلاثي، اسباني-مغربي-موريتاني، يعلن عن اتفاق توصلت إليه الدول الثلاثة بعد مفاوضات دامت أكثر من يومين، وانتهت بتوقيع ما يعرف باسم اتفاقية مدريد الثلاثية، وهي تتألف من:
وثيقة دعيت باسم(إعلان المبادئ) وتنص على عملية تسليم الأرض للمعرب وموريتانيا وبإضافة إلى مجموعة اتفاقيات تتعلق بالصيد والتعاون الاقتصادي والصناعي وقد اتضح فيما بعد أن تنازل اسبانيا عن الإقليم كان إشراكها في استغلال مناجم فوسفات بوكراع، وبقاء أسطول صيدها البحري في المياه الإقليمية الصحراوية، وبضمان قاعدتين عسكريتين قبالة جزر الكناري.
وقد تصمن الاتفاق المعلن النقاط التالية:
1- تأكيد اسبانيا قرارها بتصفية الاستعمار في الصحراء العربية... وذلك بوضع حد للمسؤوليات والسلطات التي تتولاها في هذا الإقليم باعتباره الدولة المتصرفة
2- انسجاما مع القرار السابق، ومع المفاوضات التي أوصت بها الأمم المتحدة مع الأطراف المعينة، تشرع اسبانيا فورا إنشاء إدارة مؤقتة في الأراضي، يشارك فيها المغرب وموريتانيا بالتعاون مع الجماعة الصحراوية.
وتنتقل إلى هذه الإدارة المسؤوليات التي تشير إليها الفقرة السابقة
وبناءا عليه اتفق على تعيين حاكمين معاونين، تقترحهما المغرب وموريتانيا لمساعدة حاكم البلاد في أعماله، وسيتم إنهاء الوجود الأسباني على الأراضي نهائيا قبل28 فبراير1976م
3- يحترم رأي السكان الصحراويين، المعبر عنه من خلال(الجماعة)
4- تحيط البلدان الثلاثة الأمين العام للأمم المتحدة علما بما اقر في هذه الوثيقة كنتيجة للمفاوضات المعقودة بموجب المادة33من ميثاق الأمم المتحدة.
5- تعلن البلدان الثلاثة المشاركة بأنها توصلت إلى النتائج السابقة بروح التفاهم المثلى والأخوة والاحترام لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وكأفضل مساهمة لحفظ السلم والأمن الدوليين.
6- تصبح هذه الوثيقة سارية في ذات اليوم الذي ينشر فيه الجريدة الرسمية << قانون تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية >> والذي يخول الحكومة الاسبانية حيازة الالتزامات المتضمنة في هذه الوثيقة.
تطورات القضية منذ اتفاقية مدريد إلى مفاوضات منها ست الأخيرة:
1- البوليساريو تعلن دولتها:
لم ينه الاتفاق الاسباني-المغربي-الموريتاني المشكلة، بل بالعكس فجر المشكلة من جديد وبعنف، فقبل يوم واحد من انتهاء فترة وجود الاستعمار الاسباني رسميا في إقليم الصحراء الغربية، وانتقال كامل سلطاته إلى حكومتي المغرب وموريتانيا طبقا لما ينص عليه اتفاق مدريد الثلاثي أقدمت جبهة البوليساريو المؤسسة في10مايو1973 على تنفيذ عمل فاجأ أطراف هذا الاتفاق وشكل لها إرباكا كبيرا تجلى بإعلان الجبهة في السابع والعشرين من فبراير1976م عن قيام الجمهورية العربية الصحراوية في منطقة "بئر لحلو" بالقرب من الحدود الموريتانية، وقد أذاع السيد الولي مصطفى السيد أمين عام جبهة البوليساريو وأول رئيس لتلك الجمهورية، بيان مولد الصحراء الغربية.
2- المغرب تواجه البوليساريو بمفردها:
ركزت جبهة البوليساريو هجماتها منذ البداية على موريتانيا باعتبارها الحلقة الأضعف في هذه المواجهة فقد ركزت ضربتها على مناجم الحديد الموريتاني في "الزويرات" على أساس أن الحديد يمثل عماد الاقتصاد الموريتاني، بل تعرضت "نواقشط" لقواتها الدفاعية واستعانت بفرنسا لتدريب الجيش وتسليحه، وفي شهر أوت 1978 حدث في موريتانيا انقلاب تولى بموجبه الرئيس"مصطفى ولد السالك" أمور البلاد وام تترك جبهة البوليساريو هذه الفرصة تفوت، فقد أعلنت وقف إطلاق النار بينها وبين موريتانيا بصفة مؤقتة لإتاحة الفرصة أمام الحكومة الجديدة لإعادة النظر في موقفها من الاتفاق المغربي-الموريتاني السابق.
فقد أعلنت الحكومة الموريتانية من جانبها موافقتها على عطاء الصحراويين حقهم في تقرير مصيرهم.
وهكذا انحصرت المشكلة بين المغرب والبوليساريو خاصة بعد توقيع اتفاق سلام بين الصحراء الغربية وموريتانيا عام 1979 في الجزائر.
3- المغرب يقبل مبدأ الاستفتاء:
أصبح موقف المغرب حرجا بعد اعتراف أكثر من خمسين دولة بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، لذلك أعلن الملك "الحسن الثاني" ملك المغرب في26 جويلية1981 قبول المغرب لمبدأ الاستفتاء.
لكن رغم قبول المغرب لمبدأ الاستفتاء للصحراوين لتقرير مصيرهم فان المشكلة لم تنتهي، فقد اشترطت المغرب بقاء القوات المغربية والإدارة المغربية في الإقليم حتى تنتهي مسالة الاستفتاء.
3- مخطط السلام الأممي الإفريقي في الصحراء الغربية:
غدت مشكلة الصحراء الغربية واحدة من أهم الأزمات التي تشغل الأمم المتحدة فصدرت بشأنها مجموعة متوالية من القرارات الهامة، نذكر منها قرار621الصادر في20 ديسمبر1989، وفيه وافق مجلس الأمن الدولي على اقتراح مقدم من الأمين العام للأمم المتحدة، يعين بموجبه ممثلا خاصا عنه في الصحراء الغربية وكذلك القرار الصادر في 29 ابريل1991، والذي يتضمن مصادقة مجلس الأمن الدولي على مشروع مخطط السلام المقدم من الأمين العام الذي حاز على رضا وقبول طرفي النزاع، المغرب وجبهة البوليساريو والقرار المذكور مؤسس على صيغة القرار الإفريقي 104، على قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم5040، على أساس القرار690، وقد حدد القرار الأمور التالية:
- تكون عبارتا( نعم للاستقلال) أو(نعم لانضمام إلى المغرب) هما صيغة التخيير المطروحة على المقترعين.
- تنظيم الاستفتاء اعتمادا على آخر إحصاء نظمته الإدارة الاستعمارية في إقليم الصحراء الغربية عام1974م.
- تشكيل لجنة تحديد هوية تكون مهمتها مراجعة لوائح المنتخبين طبقا للإحصاء الاسباني.
- رصد مبلغ 200مليون دولار أمريكي كغطاء مالي للعملية(خفض فيما بعد إلى 180مليون دولار).
وفي 19 ديسمبر1991م، قدم السيد"خافييربيريزدي كويلار" أمين عام الأمم المتحدة آنذاك
تقريرا يحمل23299.س.
ويتضمن هذا التقرير معايير جديدة لتحديد هوية المصوتين، تتألف من خمسة معايير هي:
* الأشخاص الواردة أسمائهم في الإحصاء الاسباني لعام1974.
* الأشخاص الذين أقاموا في الصحراء الغربية كأعضاء في إحدى القبائل الصحراوية أثناء فترة إجراء الإحصاء الاسباني، ولم يتم تسجيلهم في الإحصاء
* أعضاء العائلات القريبون من أشخاص المجموعتين(أباء، أمهات، أبناء)
* أشخاص من أباء صحراويين و لدو في الإقليم.
* أشخاص من قبائل صحراوية تنتمي للإقليم، وأقاموا في الإقليم لمدة 6سنوات متصلة أو 12سنة متقطعة قبل حلول الأول من ديسمبر1974م.
ورغم الجهود الأممية الإفريقية الرامية إلى إنجاح مخطط السلام إلا أنه تعثر بسبب مجموعة من العراقيل أبرزها خلاف طرفي النزاع حول معايير تحديد الهوية
ومن يحق لهم المشاركة في استفتاء تقرير المصير... إذ أن البوليساريو تتمسك بالإحصاء الاسباني لعام 1974م باعتباره آخر إحصاء إداري موثق لسكن الصحراء الغربية أما المغرب فيصر على إضافة معايير جديدة على ذلك الإحصاء.
وسنستعرض الآن أهم الأحداث التي تلت مخطط السلام الأممي:
19 يناير1992: بيريث دي كوييار يدخل بشكل إنفرادي مقاييس جديدة لتحديد هوية المصوتين خاضعا بذلك للضغوطات المغربية.
1992: الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، بطرس غالي، يعين الوزير الباكستاني السابق للعلاقات الخارجية، السيد يعقوب خان ممثلا خاصا في الصحراء الغربية.
28يونيو1993: "مسيرة خضراء ثالثة" مكونة من مستوطنين مغاربة جدد تصل إلى مدينة العيون.
04نوفمبر1993: لجنة تحديد الهوية التابعة للمينورصو تبدأ الأعمال التحضيرية لتسجيل المصوتين الفعليين.
06مايو1994: السويسري جان لوك هيلد، العضو في المينورصو، يدين الاعتداءات المغربية في الصحراء الغربية وتحيز الأمم المتحدة.
يونيو1994: "المسيرة الخضراء الرابعة" وصول آلاف المغاربة إلى المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، والمغرب يعترض على وجود مراقبين من منظمة الوحدة الإفريقية بهدف تأخير عمليات تحديد الهوية.
28 أغسطس1994: بداية عملية تحديد الهوية المصوتين على أساس المعايير الخمسة الواردة في مخطط السلام.
22 أكتوبر1994: لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر تبرزان العدد الكبير من المفقودين الصحراويين وتمادي المغرب في هذه السياسة.
31 أكتوبر1996: السلطات المغربية تطلق سراح 66أسير حرب صحراوي بعد تدخل حكومتي الولايات المتحدة وألمانيا.
ديسمبر1996: جبهة البوليساريو تؤكد "بان استئناف تطبيق مخطط السلام في الصحراء الغربية مرهون بالعودة إلى روح ونص مخطط التسوية الذي وافق عليه الطرفان في أغسطس من عام1988 وصادق عليه مجلس الأمن 1991،1990...."
1997: الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، السيد كوفي أنان، يعين وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، السيد جيمس بيكر، مبعوثا خاصا إلى الصحراء الغربية.
23أبريل1997: السيد بيكر يبدأ جولته الأولى في المنطقة للقاء مع السلطات المغربية والصحراوية ومع الدولتين المراقبتين لمخطط السلام، الجزائر وموريتانيا، وجبهة البوليساريو تفرج عن85أسير حرب مغربي كمبادرة إنسانية.
يونيو-يوليو1997: التوقيع على اتفاقية هيوستن من طرف المغرب وجبهة البوليساريو.
ديسمبر 1997: بدأ المرحلة الثانية من تحديد الهوية.
يونيو1998: فشل المناورة المغربية التي استهدفت محاولة إعادة النظر في عضوية الجمهورية الصحراوية في منظمة الوحدة الإفريقية.
03سبتمبر1998: انتهاء المرحلة الثانية من تحديد الهوية، حيث تم تحديد هوية87238 لتضاف إلى 60110 الذين تقدموا في المرحلة الأولى، أي أن مجموعة من حددت هويتهم في المرحلتين:147348.
أكتوبر 1998: جولة الأمين العام الأممي في المنطقة التي عرض خلالها مقترحات لتجاوز الخلاف حول تحديد هوية القبائل محل الخلاف.
يونيو1999: بدء عملية تحديد هوية القبائل محل الخلاف.
يوليو1999: نشر لوائح المؤهلين للتصويت الخاصة بالمرحة السابقة.
اغسطس1999: انعقاد المؤتمر العاشر لجبهة البوليساريو والذي أعاد انتخاب السيد محمد عبد العزيز أمينا عاما للجبهة من بين ثلاثة مرشحين للمنصب وجدد التأكيد على مواصلة الكفاح حتى تحقيق الاستقلال.
23سبتمبر1999: انتفاضة جماهيرية صحراوية احتجاجا ضد التواجد المغربي في الصحراء الغربية، انطلقت من العيون العاصمة لتشمل كل المدن والبلديات والقرى الصحراوية المحتلة وبعض مدن الجنوب المغربي لتستمر أكثر من ستة أشهر.
نوفمبر1999: البوليساريو تطلق سراح 106 أسرى حرب مغاربة بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم.
27يناير2000: نشر لوائح المؤهلين للتصويت من القبائل محل الخلاف.
27فبراير2000: الرئيس محمد عبد العزيز يؤكد كلمة بمناسبة العيد الرابع والعشرين للجمهورية الصحراوية، أن هذه الأخيرة ستطلب العضوية في الأمم المتحدة إذا ما استمر المغرب في عرقلة تطبيق مخطط السلام الأممي الإفريقي، ويناشد الملك محمد السادس إرساء قواعد للتعاون الصحراوي المغربي مستقبلا.
08-10 إبريل2000:جولة جديدة للمبعوث الأممي السيد بيكر في المنطقة.
14مايو2000: جولة جديدة من المفاوضات المباشرة بين جبهة البوليساريو والمغرب في لندن تحت رعاية السيد بيكر وبحضور البلدين المراقبين الجزائر وموريتانيا.
28-29يونيو2000:جولة أخرى من المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع البوليساريو والمغرب تحت رعاية جيمس بيكر وبحضور البلدين المراقبين في بون ألمانيا.
23أغسطس2000: تكوين جمعية جزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي.
22ديسمبر2000: أعلنت جبهة البوليساريو أنها ستستأنف العمل العسكري فور اجتياز رالي باريس دكار الحدود الصحراوية المغربية، حيث تعتبر ذلك خرقا فاضحا لوقف إطلاق النار و إهانة للقضية الصحراوية وتطاولا على القرارات الدولية التي تعتبر أرض الصحراء الغربية منطقة نزاع ولا يمكن القيام بأي شئ فيها دون موافقة الأطراف(الأمم المتحدة-البوليساريو-المغرب) المسيرة للمنطقة.
22/05/2001: جيمس بيكر يلتقي الرئيس بوتفليقة ويعرض عليه مشروع اتفاق الإطار.
يقترح المخطط الإطاري انتخاب هيئة تنفيذية من طرف ال86.000 ناخبا الذين تم إحصائهم إضافة إلى هيئة تشريعية تنتخب من طرف مجموع السكان.
محتوى الاتفاق الإطاري:
يرتكز هذا الاتفاق على مبدأ إتاحة سلطة محلية للسكان الصحراويين تسمح لهم بتسيير:
*الإدارة المحلية والضرائب المحلية.
*الأمن الداخلي.
*الحماية الاجتماعية التجارة، الفلاحة، الصيد والصناعة.
*الطرق.
من جهة أخرى، يتيح سلطة كاملة للمغرب فيما يخص:
-السياسة الخارجية بما فيها المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
-الأمن والدفاع الوطني بما فيهما تحديد الحدود البحرية، الجوية والبرية.
-كل المسائل المتعلقة بالأسلحة والمتفجرات.
- الحفاظ على الوحدة الإقليمية ضد أي محاولة انفصالية.
-الإبقاء على رموز سيادة المملكة المغربية مثل العلم، العملة، مصالح الجمارك ومصالح البريد والمواصلات.
وأخيرا ينظم استفتاء حول الصحراء الغربية بعد خمس سنوات بمشاركة كل الأشخاص المقيمين في الصحراء الغربية.
05/05/2001: يسلم جيمس بيكر مشروع الاتفاق الإطاري للأمين العام للبوليساريو.
22/05/2001: رئيس الجزائر يوجه مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص حول موقف الجزائر التي ترفض الاتفاق الإطاري.
28/05/2001: جبهة البوليساريو تسلم اقتراحات قصد تجاوز العراقيل التي تواجه تطبيق خطة التسوية.
21/06/2001: الأمين العام للأمم المتحدة يعرض تقريرا لمجلس الأمن ويقترح مشروع الاتفاق الإطاري بعد استنتاجه استحالة تطبيق خطة التسوية وعمليات الملائمة التي أجريت عليها(تحديد الهيئة الانتخابية وكليفيات الإحصاء).
21/06/2001: الممثل الدائم للجزائر بالأمم المتحدة يسلم رسالة رئيس مجلس الأمن حول وقف الجزائر تجاه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة ومشروع الاتفاق الإطاري.
نهاية يونيو 2001: نجلس الأمن يتبنى اللائحة 1359 التي يطالب فيها كل الجهات المعنية دراسة وفحص الاتفاق الإطاري والتفاوض على إدخال تغييرات محددة ومناقشة كل اقتراحات من شأنه التوصل إلى تسوية ترضي الطرفين مؤكدا دراسة مقترحات جبهة البوليساريو.
27-29/08/2001: جيمس بيكر يجتمع بممثلي جبهة البوليساريو، الجزائر وموريتانيا لمناقشة المشروع الإطاري مع عدم دعوة المغرب لقبوله بالمشروع الإطاري،
وقد عبرت كل من جبهة البوليساريو والجزائر عن تمسكهما بخطة التسوية ورفضهما لمشروع الاتفاق الإطاري حيث امتنعتا عن مناقشة محتوى المشروع.
04/10/2001: جبهة البوليساريو تسلم مذكرة إلى جيمس بيكر تتضمن رفضها لمشروع الاتفاق الإطاري.
07/10/2001: الرئيس الجزائري يرسل إلى جيمس بيكر بملاحظات الجزائر فيما يخص مشروع الاتفاق الإطاري ويقترح إدارة أمور الصحراء الغربية من طرف الأمم المتحدة من أجل السماح بتطبيق خطة التسوية.
31/10/2001: جيمس بيكر يرسل إلى المغرب جواب جبهة البوليساريو والجزائر حول مشروع الاتفاق الإطاري.
02/11/2001: الرئيس بوتفليقة يلتقي جيمس بيكر بهيوستن حيث يؤكد له تمسك الجزائر بخطة التسوية ورفضها لمشروع الاتفاق الإطاري.
10/11/2001: إرسال لرده حول ملاحظات جبهة البوليساريو فيما يخص مشروع الاتفاق الإطاري.
نوفمبر 2001: الجمعة العامة للأمم المتحدة تتبنى لائحة حول الصحراء الغربية تؤكد في محتواها على غرار الدورات السابقة تمسكها بتنفيذ خط التسوية واتفاقيات هيوستن.
24-25 يناير2002: جيمس بيكر يقوم بزيارة للمملكة المغربية ويجري محادثات مع ملك المغرب محمد السادس.
2002: تبعا لعقود تنقيب عن البترول الموقعة بين المملكة المغربية وشركات أجنبية يدلي المستشار القانوني للأمم المتحدة برأيه حيث يبين أنه ليس للمملكة المغربية أية سلطة إدارية أن اتفاقيات مدريد لم تقم بنقل أية سلطة لأي من الجهات الموقعة بأن وضع الصحراء الغربية بصفتها إقليما غير مستقل لا يزال ساريا وبأن أي استغلال للثروات الطبيعية في هذا الإقليم بدون موافقة الشعب الصحراوي يتنافى ومبادئ القانون الدولي.
-نلك المغرب يكشف في تصيح لجريدة le figaro الفرنسية، بأنه قد تمكن من حل القضية الصحراوية في ظرف ثلاثة سنوات وغبر تنسيق مع دول كبرى في العالم.
19فبراير2002: الأمين العام لمنظمة الأم المتحدة السيد كوفي عنان يقدم تقريرا لمجلس الأمن يقترح فيه الخيارات التالية:
-الخيار الأول: تقوم منظمة الأمم المتحدة بتطبيق خطة التسوية دون الرجوع لطرفي النزاع.
-الخيار الثاني: مراجعة الاتفاق الإطاري بدون الرجوع لطرفي النزاع بحيث يتم تقديمه بصفة وثيقة غير قابلة للتفاوض.
-الخيار الثالث: دراسة إمكانية تقسيم الأراضي الصحراوية بين المغرب والصحراويين في حالة اختلاف الطرفين يقدم مجلس الأمن مخطط تقسيم غير قابل للتفاوض.
-الخيار الرابع: يتخذ مجلس الأمن قرار إنهاء مهمة بعثة الأمم للاستفتاء في الصحراء الغربية.
21فبراير2002: الممثل الدائم للجزائر بالأمم المتحدة يسلم رسالة إلى رئيس مجلس الأمن حول موقف الجزائر تجاه تقرير الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة:
*يؤكد رأي المستشار القانوني للأمم المتحدة الاحتلال اللاشرعي بحيث لم يستطع الحصول على أي شرعية أو اعتراف دوليين.
*فيما يخص الخيار الأول والذي تجنده الجزائر تعتبر الجزائر أن خطة التسوية كان بالإمكان تطبيقها إذا عولجت بالعزم الضروري الذي وجب أن تتحلى به منظمة الأمم المتحدة وأن عملية تطبيقه ميدانيا ووجهت بعراقيل جمة من طرف المغرب كما بينه تقرير الأمين العام بجمعية الأمم المتحدة.
*فيما يخص الخيار الثاني، تتمسك الجزائر بمعارضتها الجوهرية للاتفاق الإطاري.
*فيما يخص الخيار الثالث، تبقى الجزائر مساعدة لدراسة كل الاقتراحات التي من شأنها أن تتكفل كليا بالحقوق المشروعة للشعب الصحراوي.
*فيما يخص الخيار الرابع، تعبر الجزائر قناعتها على أن لجمعية الأمم المتحدة أن تتبنى بصفة حازمة وقطعية موقفا يصب تجاه حل نهائي وعادل لمسألة الصحراء الغربية.
2002: الممثل الدائم للمملكة المغربية بالأمم المتحدة يسلم رسالة إلى رئيس مجلس الأمن حول موقف المغرب تجاه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة.
*الخيار الأول، يؤكد المغرب عدم نجاعة خطة التسوية.
*الخيار الثاني، يعبر المغرب عن استعداده التفاوض على أساس الاتفاق الإطاري.
*الخيار الثالث، رفض المغرب لأي فكرة نحو تقسيم الإقليم.
*الخيار الرابع، يعتبر المغرب أن انسحاب مهمة بعثة الأم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية مرتبط باحترام وقف إطلاق النار، وحفظ السلم التي ترجع مسؤوليتها الأساسية إلى مجلس الأمن.
27فبراير2002: مجلس الأمن يصدر اللائحة 1394القاضية بتمديد عهدة مهمة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية إلى غاية 30أبريل2002 ويقرر الدراسة الجدية للخيارات الأربعة المقترحة ويطالب الأمين العام الأممي بعرض تقرير قبل انتهاء العهدة الحالية.
31يوليو2003: مجلس الأمن يصدر اللائحة1495 القاضية بتمديد عهدة مهده بعثة في هذه اللائحة .
* يواصل تأييده القوي للجهود التي يبذلها الآمين العام ومبعوثه الشخصي ويؤيد بالمثل خطتهما للسلام من أجل تقرير شعب الصحراء الغربية لمصيره.
* يدعو الطرفيين إلى العمل مع الأمم المتحدة وفيما بينهما بقبول خطة السلام وتنفيذها.
* ويدعو جميع الإطراف ودول المنظمة إلى التعاون التام مع الأمين العام ومبعوثه الشخصي.
09/04/2002: قال المغرب في مذكرة سلمت للأمين العام للأمم المتحدة بأن فكرة استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية باتت متجاوزة.
11/06/2004: جيمس بكر يقدم استقالته من ملف الصحراء الغربية بصفته مبعوثا شخصيا لأمين العام في الصحراء الغربية.
الاستقالة تقابل بالتأسف الشديد من البوليساريو التي أعربت عن شكرها و امتنائها لبيكر ولجهود من أجل حل القضية لكن المغرب يعلن أن بيكر استقال بفعل صلابة الموقف المغربي.
في مقابلته مع القناة التلفزيونية الأمريكية PBS،شهر غشت، قال بيكر أنه لم يستطع طيلة سبع سنوات من المفاوضات نقل ملف الصحراء الغربية من البند السادس إلى السابع في ميثاق الأمم المتحدة بفعل مواقف بعض الدول الأعضاء في المجلس، وهي إشارة للموقف الفرنسي الداعم للمغرب، واعترف بيكر بأن المغرب هو الذي عرقل تطبيق خطته لأنه غير واثق من النجاح.
28/10/2004: مجلس الأمن يصدر التوصية 1570 يؤكد فيها صلاحية خطة بيكر لتقرير المصير وحل المسألة الصحراوية في إطار المشروعية الدولية، ويدعو الأطراف للتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة وبعثة المينورسو ويوصي بتمديد تواجد البعثة حتى نهاية أبريل2005 لفسح المجال مزيد من المشاورات.
تضمنت اللائحة ما أعلنته اللجنة الرابعة في توصيتها خلال دورة الجمعية العامة ال59 التي شهدت انقساما نتيجة عدم حصولها على الإجماع على مستوى الأعضاء(52مع-امتناع86) وهي سابقة لم تسجل منذ1986.
5- المسلسل التفاوضي في منها ست:
تعد مفاوضات منها ست الأخيرة بين المغرب والبوليساريو استمرارا لسلسلة من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة وسنتطرق فيما يلي إلى مسار هذه المفاوضات من بدايتها حتى الجولات الأخيرة في منهاست.
1979استضافت العاصمة المالية بماكو أول لقاءات سرية بين البوليساريو ووفد عن الحكومة المغربية دون نتيجة تذكر
1982-1985: مرحلة المفاوضات غير المباشرة بين البوليساريو والمغرب "المساعي الحميدة" تحت إشراف منظمتي الأمم المتحدة والوحدة الإفريقية.
1983: كانت لقاءات بين الطرفين في الجزائر لكنها بقيت طي الكتمان، نتيجة الظروف المرتبطة بها وفي مقدمتها القرار الليبي بعقد الاتحاد مع المغرب وتجميد الدعم عن البوليساريو مقابل صفقة المعارضة الليبية، الذي كان في السنة التالية.
12يونيو1983: القمة 19 لمنظمة الوحدة الإفريقية تعتمد بالإجماع وبحضور المغرب،القرار104 الذي يدعو طرفي الصراع، المغرب وجبهة البوليساريو المباشرة في مفاوضات قصد الوصول إلى اتفاق توقيف القتال وتوفير الظروف الملائمة لتنظيم استفتاء حول تقرير مصير الشعب الصحراوي دون شروط إدارية أو عسكرية وهذا تحت الرعاية المشتركة لمنظمة الوحدة الإفريقية ومنظمة الأمم المتحدة.
1985: منظمة الأمم المتحدة تتبنى الخطة التي أعدتها الوحدة الإفريقية لحسم المسألة عبر استفتاء تقرير المصير وتكفل المنظمات بالإشراف على تنظيم ومراقبة العملية بصفة مشتركة، وتدعوان للمفاوضات بين الطرفين.
1987: بدء جهود مشتركة من الأمم المتحدة والوحدة الإفريقية، بزيارة أول بعثة تقنية لدراسة المعطيات الديمغرافية واللوح ستيكية قصد التحضير لتنظيم الاستفتاء.
1989: اثر تصريحات لملك المغرب الحسن الثاني، لجريدة le point الفرنسية قال فيها أن أبواب قصره مفتوحة أمام البوليساريو، قررت هذه الأخيرة أفاد وفد التقى بالملك بمراكش وقال كلمته الشهيرة"المغرب تمكن من السيطرة على الأرض لكنه لم يفلح في كسب قلوب أهل الصحراء الغربية..." وافترق الطرفان على أمل معاودة الحوار.
07/1996: تنظيم لقاء سري بجنيف بين وفد عن البوليساريو والسلطات المغربية لكن بدون جدول أعمال محدد، نتج عنه اتفاق لمعاودة اللقاء في شهر سبتمبر.
1996(نهاية سبتمبر): تنظيم اللقاء المبرمج بجنيف اتفق على إثره على مبدأ مقابلة وفد البوليساريو لملك المغرب نهاية السنة، التقى الوفد مع ولي العهد الذي هو محمد السادس كون الحسن الثاني حسب البصري وزير الداخلية والمشرف على اللقاءات الصحراوية المغربية منذ1978، كان في فترة نقاهة.
10-11/06/1997: تنظيم جيمس بيكر لمشاورات منفصلة بلندن نع جبهة البوليساريو، المغرب وبحضور الجزائر وموريتانيا بصفتهما مراقبان.
23/06/1997: محادثات مباشرة بين جبهة البوليساريو والمغرب في لشبونة تحت إشراف جيمس بيكر بحضور الدولتين المراقبتين لمسار التسوية الجزائر وموريتانيا.
19-20/07/1997: تنظيم جولة ثانية من المحادثات بين جبهة البوليساريو والمغرب بلندن تحت إشراف جيمس بيكر بحضور الجزائر وموريتانيا.
29/08/1997: تنظيم جولة ثالثة من المحادثات على نفس شكل بلشبونة .
14-16/09/1997: الجولة الرابعة للمحادثات تعقد بهيوستن (الولايات المتحدة) توقع على إثرها اتفاقيات متضمنة ترتيبات واليات تنفيذ الخطة:
-إعادة بعث عملية تحديد الهوية والبدء في تنفيذ خطة التسوية.
محتوى الاتفاقيات:
*تجميد نشاط القوات العسكرية.
*إطلاق صراح أسرى الحرب.
*إعادة اللاجئين الصحراويين إلى ديارهم.
*الاتفاق حول سلطة الأمم المتحدة على الأراضي الصحراوية على اعتماد الفترة الانتقالية
*تمتد الفترة الانتقالية ابتداء من البدء في عملية تحديد الهوية إلى غاية التنظيم الفعلي للاستفتاء وتوضع بموجبها الأراضي الصحراوية تحت سلطة منظمة الأمم المتحدة.
*نظام السيرة الواجب التقيد بها طوال الحملة التي تسبق عملية الاستفتاء.
*الإجراءات العملية لإعادة بعث عملية تحديد الهوية(يسمح بمقتضاها لأعضاء القبائل موضوع النزاع الامتثال بصفة فردية أمام لجنة تحديد الهوية بدون أن تستوجب طلبا شاملا من طرف المملكة المغربية).
وقد وصف بيكر هذه الانجاز بأنه تم التوصل إليه بشق الأنفس...
14/05/2000: يشرف جيمس بيكر على تنظيم محادثات مباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو في العاصمة البريطانية لندن بحضور كل من الجزائر وموريتانيا.
28/06/2000: جولة ثانية من المحادثات بلندن.
21-27/07/2000: لقاء بجنيف بين المغرب وجبهة البوليساريو حول تدابير الثقة مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لمسألة الصحراء الغربية.
28/09/2000: جولة رابعة من المحادثات برلين في غياب وفد المغرب ممثل المغرب يصرح بأن المسألة في طريق مسدود، لأسباب مبدئية وليس سبب تفاصيل، مقترحات للمرة الأولى فكرة حل في إطار سيادة مغربية..
جوان 2007 بدأت مرحلة جديدة من المفاوضات بين المغرب والبوليساريو اثر دعوة مجلس الأمن الطرفين إلى التفاوض بحسن نية ودون شروط مسبقة، وبعد أربعة جولات من التفاوض بدا جليا أن تواصل أطراف النزاع بعدما تكون من أتوصل إلى حل خاصة مع إصرار المغرب على مقترح الحكم الذاتي وإطار وحيد للتفاوض الأمر الذي يتنافى مع قرار مجلس الأمن (مفاوضات بدون شروط مسبقة وبحسن نية بغرض التوصل إلى حل دائم عادل ومقبول لدى الطرفين والذي سيكفل حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية).
أضف إلى ذلك رفض المغرب إجراءات بناء الثقة والتي كانت في الواقع مقترحة من طرف الأمم المتحدة إثناء المفاوضات هذا الموقف الذي يعرقل نجاح المفاوضات ويشكل شرطا مسبقا وهو ما حذر منه مجلس الأمن.
أنه يعكس الافتقار لحسن النية والأهم من ذلك فهو خرق لمعنى ومضمون مبدأ تقرير المصير الذي أقره المجتمع الدولي في قرار مجلس الأمن رقم1514في ديسمبر1960.
وفي آخر تطورات القضية استقالة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية"فالسوم" على خلفية تصريحاته المنحازة للأطروحة المغربية وعين "بان كيمون" الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثا جديدا له إلى الصحراء الغربية هو الدبلوماسي الأمريكي المخضرم "كريستوفر رومي " هذا الأخير قادته زيارة إلى المنطقة شملت الجزائر وموريتانيا .
وقد أبدى المبعوث الجديد نيته في التوصل إلى حل يرضي طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو ويأخذ بعين الاعتبار حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
لم يعد التساؤل مهما حول كيفية بدء الصراع في الصحراء الغربية، أحد أقدم وأعقد بؤر التوتر في منطقة الشمال الإفريقي التي يجتمع حولها كل من المغرب والبوليساريو والجزائر، أو أسباب ظهور هذا الصراع، لكن التساؤل الأكثر أهمية في الوقت الراهن هو كيفية حل هذه القضية بما يخدم دول وشعوب المنطقة على السواء.
تختلف وجهات نظر كل من المغرب من جهة وجبهة البوليساريو والجزائر من جهة أخرى حول تصور كيفية الحل، ففي حين تتمسك البوليساريو التي دخلت طرفا في جولات من التفاوض مع المغرب بما تسميه خيار حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، يطرح المغرب مشروع الحكم الذاتي في الصحراء الغربية كخيار يعتبره أكثر الحلول واقعية وفعالية للخروج من الأزمة.
تختلف وجهات نظر كل من المغرب من جهة وجبهة البوليساريو والجزائر من جهة أخرى حول تصور كيفية الحل، ففي حين تتمسك البوليساريو التي دخلت طرفا في جولات من التفاوض مع المغرب بما تسميه خيار حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، يطرح المغرب مشروع الحكم الذاتي في الصحراء الغربية كخيار يعتبره أكثر الحلول واقعية وفعالية للخروج من الأزمة.
وفي الوقت الذي تشهد فيه الآونة الأخيرة تصعيدا في العلاقة المغربية الجزائرية حول محور الصحراء الغربية تلوح في الأفق أسئلة كبيرة، ماذا لو فشل مشروع الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب؟ وما هي السيناريوهات التي يمكن أن يشهدها واقع المنطقة مستقبلا؟ وكيف تتصور أطراف الأزمة الحل لهذا الصراع الممتد؟
تأتي وجهات النظر التالية لتكشف جوانب هامة من هذه القضية، ولتجيب عن الأسئلة السابقة من زوايا مختلفة، لكنها تحاول أيضا تجاوز الجمود الذي يغذيه التمسك بمواقف تاريخية تحول دون استشراف حقيقي للإمكانيات التي تمتلكها المنطقة وتتيح لدولها وشعوبها مستقبلا أفضل مما هي عليه الآن.
التكامل الاقتصادي كفيل بحل مشاكل المنطقة
يطرح المهدي المنجرة زاوية مختلفة في معالجة قضية الصحراء الغربية، ويرى أن المقاربة الاقتصادية والحل البرغماتي كفيلان بإزاحة المشاكل في المنطقة وضمنها مشكل الصحراء الكبير.
وبالنسبة للمنجرة فإن كل بلقنة لمنطقة المغرب العربي لن تقوم إلا بإعاقة وتأخير الاندماج الاقتصادي بين بلدانه ووحدتها. والتجمعات الاقتصادية التي يقل عدد سكانها عن مائة مليون نسمة لديهم إمكانيات ضعيفة وهزيلة للنجاح في المحيط الدولي ومواكبة متغيراته.
وإذا نظرنا بعيدا فإن المنطقة ليست لديها القدرة على استقبال مولود أو كيان جديد ولا حتى البقاء على الحال الذي توجد عليه الآن، والطموح الحقيقي حاليا هو مثل ما كان قبل فترة الاستقلال وهو التفكير في الوحدة الاقتصادية.
وبعيدا عن العاطفة فإن القضية الآن هي قضية بقاء، فلا يمكن للمغرب في وضعه الحالي ولا للجزائر كما هي ولا لباقي بلدان المغرب العربي، أن تواجه الاقتصاد العالمي والتنافس العالمي إذا احتفظت بأسواقها المحدودة، حيث يوجد 30 مليون في المغرب ومثلها في الجزائر أو عشرة ملايين في تونس أو أقل في ليبيا وموريتانيا.
وبالنسبة للمنجرة فإن كل بلقنة لمنطقة المغرب العربي لن تقوم إلا بإعاقة وتأخير الاندماج الاقتصادي بين بلدانه ووحدتها. والتجمعات الاقتصادية التي يقل عدد سكانها عن مائة مليون نسمة لديهم إمكانيات ضعيفة وهزيلة للنجاح في المحيط الدولي ومواكبة متغيراته.
وإذا نظرنا بعيدا فإن المنطقة ليست لديها القدرة على استقبال مولود أو كيان جديد ولا حتى البقاء على الحال الذي توجد عليه الآن، والطموح الحقيقي حاليا هو مثل ما كان قبل فترة الاستقلال وهو التفكير في الوحدة الاقتصادية.
وبعيدا عن العاطفة فإن القضية الآن هي قضية بقاء، فلا يمكن للمغرب في وضعه الحالي ولا للجزائر كما هي ولا لباقي بلدان المغرب العربي، أن تواجه الاقتصاد العالمي والتنافس العالمي إذا احتفظت بأسواقها المحدودة، حيث يوجد 30 مليون في المغرب ومثلها في الجزائر أو عشرة ملايين في تونس أو أقل في ليبيا وموريتانيا.
"لا أتصور أي سيناريو مواجهة عسكرية محتملة بين المغرب والجزائر في حال لم ينجح مشروع الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب من جهة، أو بالنظر لمعطيات التسلح بين البلدين "
المواجهة سيناريو غير وارد
إذا تحدثنا عن السيناريوهات التي يمكن أن تعرفها المنطقة مما له علاقة بقضية الصحراء الغربية فأنا لا أتصور أي سيناريو مواجهة عسكرية محتملة بين المغرب والجزائر في حال لم ينجح مشروع الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب من جهة، أو بالنظر لمعطيات التسلح بين البلدين من جهة أخرى.
لأنه زيادة على كونه سيناريو متشائم، فإنه لا المصلحة ولا إمكانيات هذه الدول تتيح لها أن تمارس في الوقت الراهن أي نوع من أنواع الحروب المحلية، وأعتقد أن المنطق يمكن أن يدفع إلى حل سلمي وليس إلى حل عسكري.
ويصعب جدا أن يتصور حل آخر غير الحل الذي يطرحه المغرب بشأن الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، لأن الحل وصل إليه المغرب بعد عدة استشارات. ولا بد أن نرجع دائما إلى التذكير بأن القضية الأساس هي قضية الوحدة، فكيف يمكن القبول بالتجزئة والتقسيم.
إذا تحدثنا عن السيناريوهات التي يمكن أن تعرفها المنطقة مما له علاقة بقضية الصحراء الغربية فأنا لا أتصور أي سيناريو مواجهة عسكرية محتملة بين المغرب والجزائر في حال لم ينجح مشروع الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب من جهة، أو بالنظر لمعطيات التسلح بين البلدين من جهة أخرى.
لأنه زيادة على كونه سيناريو متشائم، فإنه لا المصلحة ولا إمكانيات هذه الدول تتيح لها أن تمارس في الوقت الراهن أي نوع من أنواع الحروب المحلية، وأعتقد أن المنطق يمكن أن يدفع إلى حل سلمي وليس إلى حل عسكري.
ويصعب جدا أن يتصور حل آخر غير الحل الذي يطرحه المغرب بشأن الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، لأن الحل وصل إليه المغرب بعد عدة استشارات. ولا بد أن نرجع دائما إلى التذكير بأن القضية الأساس هي قضية الوحدة، فكيف يمكن القبول بالتجزئة والتقسيم.
عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة الجزائري
تكلفة الأزمة باهظة والحل في تطبيق الشرعية الدولية
يتحفظ الدكتور محي الدين عميمور في تناوله لقضية الصحراء الغربية من وجهة نظر جزائرية بداية على تعبير "الصراع"، الذي توصف به القضية، ويعتبر أن هنالك اختلافا بين الجزائر والمغرب حول نظرة كل منهما لقضية الصحراء الغربية، لكن "الصراع" هو بين المملكة المغربية وشعب الصحراء بقيادته المعترف بها دوليا، وهي "جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب"، المعروفة إعلاميا باسم البوليساريو.
وينطلق من مقدمة مفادها أن الحل ينبغي أن يكون بما يخدم مصالح دول وشعوب المنطقة في وقت واحد.
وينطلق من مقدمة مفادها أن الحل ينبغي أن يكون بما يخدم مصالح دول وشعوب المنطقة في وقت واحد.
"
بكل صراحة، المستقبل لن يكون مشرقا أو واعدا أو حتى مُطمْئنا، لأن تصلب الأشقاء في المغرب سيقابله تصلب الأشقاء في الطرف المقابل وبالتالي تصلب مؤيدي هذا الطرف أو ذاك
"
بكل صراحة، المستقبل لن يكون مشرقا أو واعدا أو حتى مُطمْئنا، لأن تصلب الأشقاء في المغرب سيقابله تصلب الأشقاء في الطرف المقابل وبالتالي تصلب مؤيدي هذا الطرف أو ذاك
"
الحل هو تطبيق الشرعية الدولية
الأسلوب الأمثل للحل بالنسبة للجزائر يكمن في تطبيق الشرعية الدولية التي تمثلها قرارات مجلس الأمن ومقررات الاتحاد الإفريقي وقبله منظمة الوحدة الإفريقية، وهو ما نقوله ونردده منذ بدايات الأزمة.
وبالطبع فإن المفاوضات بين الطرفيين المعنيين طبقا لقرار مجلس الأمن هو طريق ملائم لحل القضية بشرط التقيد بنص القرار الذي يوصي باستبعاد أي شروط مسبقة. وهنا يجب التقيد بما يتفق عليه، حتى لا نكرر قضية هيوستون 1997، حيث تنكر المغرب للاتفاق مع الصحراويين، والذي كان وقعه على ما أتذكر السيد عبد اللطيف الفيلالي آنذاك.
وبكل صراحة، المستقبل لن يكون مشرقا أو واعدا أو حتى مُطمْئنا، لأن تصلب الأشقاء في المغرب سيقابله تصلب الأشقاء في الطرف المقابل وبالتالي تصلب مؤيدي هذا الطرف أو ذاك، والأمر ينطبق على المدى البعيد والقريب في وقت واحد، وقد تؤدي تعقيدات القضية إلى توترات في المنطقة لا أول لها ولا آخر.
وبالنسبة لمستقبل العلاقات بين الجزائر والمغرب، هناك طريق واحد كنا اقترحناه سابقا على الأشقاء وهو السير على نفس الطريق الذي انطلق به الرئيس الشاذلي بن جديد من "زيرالدا" في الجزائر لبناء اتحاد المغرب العربي عام 1988، والذي وقعناه في العام التالي في مراكش إكراما للأشقاء المغاربة.
وكان المنطلق هو أن تزاح قضية الصحراء الغربية جانبا لتتولاها المنظمة الأممية ونتفرغ نحن لدراسة القضايا الثنائية عبر لقاءات منظمة بين الجزائر والمغرب وبواسطة لجان تم تشكيلها فعلا، وهو ما يعني تفادي التصرفات الساذجة التي يلجأ لها بعض الأشقاء بإصدار بيانات في أيام العطلات الرسمية، تبدو وكأنها محاولات إعلامية أو إعلانية لتجريم الجزائر وتسجيل مواقف، بدلا من العمل الجاد لحل الأزمة.
ولقد كنا نأمل أن يقابلنا الأشقاء بردود فعل جادة تمكننا من أن نصل معا وبجهد مشترك، إلى دراسة كل المعطيات واتخاذ القرارات المناسبة التي تستجيب لإرادة بلدينا وتحترم الالتزامات الوطنية الجهوية والدولية لكل منهما، لكننا فوجئنا دائما بتصرفات تنقصها الجدية.
كما حدث عندما ألغى المغرب من طرف واحد، زيارة مبرمجة للسيد أحمد أويحيى رئيس الحكومة الجزائرية عام 2005 قبل موعدها بيومين، أو نتعرض لمواقف استفزازية تعوزها الحكمة، كما حدث خلال زيارة السيد عبد العزيز بلخادم لطنجة منذ شهور للاحتفال بخمسينية المغرب العربي، وهي زيارة كان يجب أن تستثمر لإزالة الجليد المتراكم بين البلدين، ولكن، وبدلا من انتهاز المناسبة التي أرسلت الجزائر رئيس حكومتها للمشاركة فيها، وهو ما لم يكن أمرا عفويا أو ارتجاليا، راح البعض يطرح قضايا لم يكن ذلك مكانها ويرفع شعارات لم يكن ذلك وقتها.
وهكذا أضاع الأشقاء موعدا آخر، مما أعطانا الشعور بأنهم ليسوا حريصين على إزالة التوتر، وهذا هو ما جعلنا نعتبر تلك الاستفزازات محاولات مغربية لتمييع مشاكل داخلية.
توقعات بزيادة حدة التوتر
بالنسبة إلى المعطيات الحالية على الأرض، أقول بوضوح أن القضية بالنسبة لنا كانت وستظل دائما قضية تصفية استعمار، وأي واقع استعماري هو قضية مرتبطة بتوازن القوى، وهذا ليس أمرا ثابتا بدليل استقلال دول إفريقية لم يكن الواقع على الأرض يمثل دائما الوضعية المثالية بالنسبة لشعوبها، والجزائر وجنوب إفريقيا مثالين لذلك.
أما بالنسبة للواقع الحالي فالصحراء مقسمة إلى أجزاء ثلاثة، قسم كبير تحتله القوات المغربية في تناقض تام مع اتفاقيات مدريد بين المغرب وإسبانيا والتي نقلت "الإدارة" ولم تنقل "السيادة"، وبغض النظر عن أن الاتفاقية غير مسجلة في الأمم المتحدة كاتفاقية بين دولتين، و"الكورتيس"(البرلمان) الإسباني لم يُصادق عليها.
ولا أخفي أن هناك عندنا من يظن بأن الاتفاقية المتسرعة ارتجلت في مرحلة كانت إسبانيا تعاني فيها من صدمة وفاة فرانكو، وهناك آخرون يرون أن الاتفاقية كانت رشوة إسبانية ذكية لطمس قضية سبتة ومليلية، وهذا أمر يهم البلدين.
وهذا الجزء المحتل يحميه جنوبا سور لعلكم تعرفون قصته، ودور الجنرال وولترز الأمريكي في بنائه، بنصائح من خبراء إسرائيليين أشاروا ببناء مثيل لما يسمى اليوم "سور العار"، الذي أدانته محكمة العدل الدولية.
الجزء الثاني من الصحراء هو حيث توجد "البوليساريو"، التي عقدت مؤتمرها الأخير في منطقة تفاريتي المجاورة لموريتانيا، وهو جزء لا توجد به قوات عسكرية مغربية كالجزء الشمالي.
أما الجزء الثالث هو ما يوجد بين السور والمنطقة التي يوجد فيها الصحراويون، وهو ما يمكن أن يعتبر "No man’s land"، وكان ثمرة للاتفاق الشجاع على وقف إطلاق النار والذي وقعه المغرب مع البوليساريو بإرادة أممية.
والتوقعات المستقبلية هي بكل أسف، زيادة التوتر مع اختلاف درجة خطورته طبقا للظروف المرحلية، ومن الممكن أن تضطر الجزائر إلى الانسحاب تماما من اتحاد المغرب العربي الذي كان المغرب قد جمد مشاركته فيه عندما كنا نعاني من الأزمة الدموية، بما بدا ضغطا على الجزائر لانتزاع مواقف معينة تتنازل بها عن التزاماتها المستمدة من مبادئها. وسيؤدي الانسحاب إلى اتجاه الجزائر نحو الاكتفاء بالعلاقات الثنائية مع الراغبين من بلدان المنطقة.
وبالطبع فسوف يتواصل التمسك بعدم فتح الحدود البرية، التي أغلقت في منتصف التسعينيات بعد اتهامات ظالمة من المغرب للجزائر إثر ما حدث في مراكش من أعمال إجرامية.
ونحن نعرف الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية لعدم فتح الحدود البرية والتي ستمس أساسا السكان المغاربة في المناطق المجاورة، ونحس بالأسى لذلك، ولكن ليس هناك من يستطيع، وأيا كانت الشعارات البراقة المرفوعة، أن يفرض علينا فتح أبوابنا للتهريب بكل ما يأتي به من سلاح ومخدرات وتسلل إجرامي، وبغض النظر عن جنسية المهربين أو اتهام للأشقاء باحتكار هذه الممارسات.
لكن الأمر كله كان يمكن علاجه بالعمل المشترك والممنهج بين البلدين، وهو ما يتهرب منه الأشقاء في القيادة المغربية. وبالتالي فستظل دول المنطقة تواجه الشمال بشكل فردي، يجعلنا فريسة للتعنت الأوربي، ويقلص من مقدرتنا التفاوضية في مجال الاتحاد من أجل المتوسط، الذي يريد البعض من خلاله أن يجعل منا مجرد حراس لحدودهم نحميهم من الهجرات الإفريقية غير الشرعية، أو موردين للإطارات التي ننفق على تكوينها لكي تستفيد منها المؤسسات الغربية.
الأسلوب الأمثل للحل بالنسبة للجزائر يكمن في تطبيق الشرعية الدولية التي تمثلها قرارات مجلس الأمن ومقررات الاتحاد الإفريقي وقبله منظمة الوحدة الإفريقية، وهو ما نقوله ونردده منذ بدايات الأزمة.
وبالطبع فإن المفاوضات بين الطرفيين المعنيين طبقا لقرار مجلس الأمن هو طريق ملائم لحل القضية بشرط التقيد بنص القرار الذي يوصي باستبعاد أي شروط مسبقة. وهنا يجب التقيد بما يتفق عليه، حتى لا نكرر قضية هيوستون 1997، حيث تنكر المغرب للاتفاق مع الصحراويين، والذي كان وقعه على ما أتذكر السيد عبد اللطيف الفيلالي آنذاك.
وبكل صراحة، المستقبل لن يكون مشرقا أو واعدا أو حتى مُطمْئنا، لأن تصلب الأشقاء في المغرب سيقابله تصلب الأشقاء في الطرف المقابل وبالتالي تصلب مؤيدي هذا الطرف أو ذاك، والأمر ينطبق على المدى البعيد والقريب في وقت واحد، وقد تؤدي تعقيدات القضية إلى توترات في المنطقة لا أول لها ولا آخر.
وبالنسبة لمستقبل العلاقات بين الجزائر والمغرب، هناك طريق واحد كنا اقترحناه سابقا على الأشقاء وهو السير على نفس الطريق الذي انطلق به الرئيس الشاذلي بن جديد من "زيرالدا" في الجزائر لبناء اتحاد المغرب العربي عام 1988، والذي وقعناه في العام التالي في مراكش إكراما للأشقاء المغاربة.
وكان المنطلق هو أن تزاح قضية الصحراء الغربية جانبا لتتولاها المنظمة الأممية ونتفرغ نحن لدراسة القضايا الثنائية عبر لقاءات منظمة بين الجزائر والمغرب وبواسطة لجان تم تشكيلها فعلا، وهو ما يعني تفادي التصرفات الساذجة التي يلجأ لها بعض الأشقاء بإصدار بيانات في أيام العطلات الرسمية، تبدو وكأنها محاولات إعلامية أو إعلانية لتجريم الجزائر وتسجيل مواقف، بدلا من العمل الجاد لحل الأزمة.
ولقد كنا نأمل أن يقابلنا الأشقاء بردود فعل جادة تمكننا من أن نصل معا وبجهد مشترك، إلى دراسة كل المعطيات واتخاذ القرارات المناسبة التي تستجيب لإرادة بلدينا وتحترم الالتزامات الوطنية الجهوية والدولية لكل منهما، لكننا فوجئنا دائما بتصرفات تنقصها الجدية.
كما حدث عندما ألغى المغرب من طرف واحد، زيارة مبرمجة للسيد أحمد أويحيى رئيس الحكومة الجزائرية عام 2005 قبل موعدها بيومين، أو نتعرض لمواقف استفزازية تعوزها الحكمة، كما حدث خلال زيارة السيد عبد العزيز بلخادم لطنجة منذ شهور للاحتفال بخمسينية المغرب العربي، وهي زيارة كان يجب أن تستثمر لإزالة الجليد المتراكم بين البلدين، ولكن، وبدلا من انتهاز المناسبة التي أرسلت الجزائر رئيس حكومتها للمشاركة فيها، وهو ما لم يكن أمرا عفويا أو ارتجاليا، راح البعض يطرح قضايا لم يكن ذلك مكانها ويرفع شعارات لم يكن ذلك وقتها.
وهكذا أضاع الأشقاء موعدا آخر، مما أعطانا الشعور بأنهم ليسوا حريصين على إزالة التوتر، وهذا هو ما جعلنا نعتبر تلك الاستفزازات محاولات مغربية لتمييع مشاكل داخلية.
توقعات بزيادة حدة التوتر
بالنسبة إلى المعطيات الحالية على الأرض، أقول بوضوح أن القضية بالنسبة لنا كانت وستظل دائما قضية تصفية استعمار، وأي واقع استعماري هو قضية مرتبطة بتوازن القوى، وهذا ليس أمرا ثابتا بدليل استقلال دول إفريقية لم يكن الواقع على الأرض يمثل دائما الوضعية المثالية بالنسبة لشعوبها، والجزائر وجنوب إفريقيا مثالين لذلك.
أما بالنسبة للواقع الحالي فالصحراء مقسمة إلى أجزاء ثلاثة، قسم كبير تحتله القوات المغربية في تناقض تام مع اتفاقيات مدريد بين المغرب وإسبانيا والتي نقلت "الإدارة" ولم تنقل "السيادة"، وبغض النظر عن أن الاتفاقية غير مسجلة في الأمم المتحدة كاتفاقية بين دولتين، و"الكورتيس"(البرلمان) الإسباني لم يُصادق عليها.
ولا أخفي أن هناك عندنا من يظن بأن الاتفاقية المتسرعة ارتجلت في مرحلة كانت إسبانيا تعاني فيها من صدمة وفاة فرانكو، وهناك آخرون يرون أن الاتفاقية كانت رشوة إسبانية ذكية لطمس قضية سبتة ومليلية، وهذا أمر يهم البلدين.
وهذا الجزء المحتل يحميه جنوبا سور لعلكم تعرفون قصته، ودور الجنرال وولترز الأمريكي في بنائه، بنصائح من خبراء إسرائيليين أشاروا ببناء مثيل لما يسمى اليوم "سور العار"، الذي أدانته محكمة العدل الدولية.
الجزء الثاني من الصحراء هو حيث توجد "البوليساريو"، التي عقدت مؤتمرها الأخير في منطقة تفاريتي المجاورة لموريتانيا، وهو جزء لا توجد به قوات عسكرية مغربية كالجزء الشمالي.
أما الجزء الثالث هو ما يوجد بين السور والمنطقة التي يوجد فيها الصحراويون، وهو ما يمكن أن يعتبر "No man’s land"، وكان ثمرة للاتفاق الشجاع على وقف إطلاق النار والذي وقعه المغرب مع البوليساريو بإرادة أممية.
والتوقعات المستقبلية هي بكل أسف، زيادة التوتر مع اختلاف درجة خطورته طبقا للظروف المرحلية، ومن الممكن أن تضطر الجزائر إلى الانسحاب تماما من اتحاد المغرب العربي الذي كان المغرب قد جمد مشاركته فيه عندما كنا نعاني من الأزمة الدموية، بما بدا ضغطا على الجزائر لانتزاع مواقف معينة تتنازل بها عن التزاماتها المستمدة من مبادئها. وسيؤدي الانسحاب إلى اتجاه الجزائر نحو الاكتفاء بالعلاقات الثنائية مع الراغبين من بلدان المنطقة.
وبالطبع فسوف يتواصل التمسك بعدم فتح الحدود البرية، التي أغلقت في منتصف التسعينيات بعد اتهامات ظالمة من المغرب للجزائر إثر ما حدث في مراكش من أعمال إجرامية.
ونحن نعرف الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية لعدم فتح الحدود البرية والتي ستمس أساسا السكان المغاربة في المناطق المجاورة، ونحس بالأسى لذلك، ولكن ليس هناك من يستطيع، وأيا كانت الشعارات البراقة المرفوعة، أن يفرض علينا فتح أبوابنا للتهريب بكل ما يأتي به من سلاح ومخدرات وتسلل إجرامي، وبغض النظر عن جنسية المهربين أو اتهام للأشقاء باحتكار هذه الممارسات.
لكن الأمر كله كان يمكن علاجه بالعمل المشترك والممنهج بين البلدين، وهو ما يتهرب منه الأشقاء في القيادة المغربية. وبالتالي فستظل دول المنطقة تواجه الشمال بشكل فردي، يجعلنا فريسة للتعنت الأوربي، ويقلص من مقدرتنا التفاوضية في مجال الاتحاد من أجل المتوسط، الذي يريد البعض من خلاله أن يجعل منا مجرد حراس لحدودهم نحميهم من الهجرات الإفريقية غير الشرعية، أو موردين للإطارات التي ننفق على تكوينها لكي تستفيد منها المؤسسات الغربية.
"لم نتشنج في التعامل مع مشروع الحكم الذاتي رغم أنه يبدو كسراب بقيعة يُخفي أهدافا إدماجية، ولم نحاول أن ننتقص من قيمة مبادرة المغرب، بالرغم من أننا نعرف أنها نتجت عن ضغوط أمريكية عكست قلق واشنطن من جمود الأوضاع"
مشروع الحكم الذاتي سراب بقيعة
أما مشروع الحكم الذاتي، فأذكر بأننا لم نتشنج في التعامل معه رغم أنه يبدو كسراب بقيعة يُخفي أهدافا إدماجية، بل ولم نحاول أن ننتقص من قيمة مبادرة المغرب، بالرغم من أننا نعرف أنها نتجت عن ضغوط أمريكية عكست قلق واشنطن من جمود الأوضاع، وبالتالي لم نحاول أن نذكر بأن النظام في القطر الشقيق تراجع عن المطالبة بموريتانيا، وبأنه قبل التفاوض رسميا مع من كان يقول بأنهم مجرد دمىً في يد السلطة الجزائرية، بل واستقبلهم في القصر الملكي.
أكثر من ذلك، ارتفعت أصوات جزائرية مسؤولة رحبت بالموقف الشجاع للمغرب، وكنت من بين كتبوا عن ذلك داخل الجزائر وخارجها، وكنا نأمل أن يتم التصرف مع اقتراح الحكم الذاتي لا كأمر مفروض من أعلى ولكن كوضع مقبول من أسفل، وهو ما يعني أنه كان يجب أن يوضع كاختيار بجانب الاختيارين اللذين طرحتهما القرارات الدولية، أي الاستقلال أو الانضمام الكامل للمغرب، مع التأكيد بأن الجزائر تقبل كل ما يتفق عليه الطرفان.
وقد كنت في السبعينيات من بين من يتصورون أن الصحراويين سينادون بشكل جماعي بالانضمام للمغرب لو تم الاستفتاء آنذاك، لأن الصورة التي كانت تبدو عليها المنطقة هي أن الجزائر لم تكن مهتمة وموريتانيا لم تكن قادرة وتونس لم تكن معنية وليبيا كانت بعيدة.
لكن كل ذلك طاش في الهواء نتيجة لتعنت الأشقاء في المغرب، بعد نجاحهم في التأثير على الرئيس الموريتاني ولد داده واجتذابه لفخ تقسيم الصحراء بين البلدين، وهكذا تجاهل المغرب الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، والذي سجل بوضوح أنه لم يثبت وجود سيادة تاريخية للمغرب على الصحراء "الإسبانية سابقا"، برغم وجود علاقات ولاء بين سلطانه وبعض القبائل التي تعيش على أرض الصحراء (وأرجو أن ملاحظة الصياغة القانونية الدقيقة، التي لم تتحدث عن قبائل "صحراوية"، وإنما عن "بعض القبائل التي تعيش على أرض الصحراء).
ورغم أن تلك الروابط كانت أساسا ذات طابع ديني انطلاقا من أن السلطان كان يحمل لقب أمير المؤمنين، فقد اعتبرها الأشقاء روابط سياسية على أساس أنها كانت "بيعة".
وتجاوبنا آنذاك مع هذا المنطق وقلنا بوضوح أن البيعة هي دائما رباط شخصي لا يمكن أن يورث، وبالتالي فالمطلوب هو تجديدها بمنطق العصر الحديث، أي الاستفتاء.
لكن المغرب قدم قراءته بطريقة "ويل للمصلين"، ثم قام بعملية دعائية هائلة أطلق عليها اسم "المسيرة الخضراء"، سلطت عليها الأضواء الإعلامية التي قدمت جموعا تسير في منطقة صحراوية يُمكن أن تكون في أي مكان، حيث لم نشهد اختراقا لأي مدينة صحراوية، بالرغم من أن العاصمة "العيون" هي على مرمى حجر من الحدود المغربية، ولم نسمع أو نشاهد احتكاكا بين الجموع المغربية الكبيرة وجندي إسباني واحد، رغم أن القوات الإسبانية لم تكن قد انسحبت من الصحراء الغربية.
وثبت فيما بعد أن المسيرة كانت طبولا ضخمة قصد منها التغطية على تسرب الجيش المغربي إلى الصحراء شرقا، وعبر محور منطقة "المحبس"، وهناك حدثت المذابح ثم الفرار الجماعي للسكان نحو الجزائر، ومن هنا نعرف سر وجود اللاجئين الصحراويين في تندوف.
أما مشروع الحكم الذاتي، فأذكر بأننا لم نتشنج في التعامل معه رغم أنه يبدو كسراب بقيعة يُخفي أهدافا إدماجية، بل ولم نحاول أن ننتقص من قيمة مبادرة المغرب، بالرغم من أننا نعرف أنها نتجت عن ضغوط أمريكية عكست قلق واشنطن من جمود الأوضاع، وبالتالي لم نحاول أن نذكر بأن النظام في القطر الشقيق تراجع عن المطالبة بموريتانيا، وبأنه قبل التفاوض رسميا مع من كان يقول بأنهم مجرد دمىً في يد السلطة الجزائرية، بل واستقبلهم في القصر الملكي.
أكثر من ذلك، ارتفعت أصوات جزائرية مسؤولة رحبت بالموقف الشجاع للمغرب، وكنت من بين كتبوا عن ذلك داخل الجزائر وخارجها، وكنا نأمل أن يتم التصرف مع اقتراح الحكم الذاتي لا كأمر مفروض من أعلى ولكن كوضع مقبول من أسفل، وهو ما يعني أنه كان يجب أن يوضع كاختيار بجانب الاختيارين اللذين طرحتهما القرارات الدولية، أي الاستقلال أو الانضمام الكامل للمغرب، مع التأكيد بأن الجزائر تقبل كل ما يتفق عليه الطرفان.
وقد كنت في السبعينيات من بين من يتصورون أن الصحراويين سينادون بشكل جماعي بالانضمام للمغرب لو تم الاستفتاء آنذاك، لأن الصورة التي كانت تبدو عليها المنطقة هي أن الجزائر لم تكن مهتمة وموريتانيا لم تكن قادرة وتونس لم تكن معنية وليبيا كانت بعيدة.
لكن كل ذلك طاش في الهواء نتيجة لتعنت الأشقاء في المغرب، بعد نجاحهم في التأثير على الرئيس الموريتاني ولد داده واجتذابه لفخ تقسيم الصحراء بين البلدين، وهكذا تجاهل المغرب الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، والذي سجل بوضوح أنه لم يثبت وجود سيادة تاريخية للمغرب على الصحراء "الإسبانية سابقا"، برغم وجود علاقات ولاء بين سلطانه وبعض القبائل التي تعيش على أرض الصحراء (وأرجو أن ملاحظة الصياغة القانونية الدقيقة، التي لم تتحدث عن قبائل "صحراوية"، وإنما عن "بعض القبائل التي تعيش على أرض الصحراء).
ورغم أن تلك الروابط كانت أساسا ذات طابع ديني انطلاقا من أن السلطان كان يحمل لقب أمير المؤمنين، فقد اعتبرها الأشقاء روابط سياسية على أساس أنها كانت "بيعة".
وتجاوبنا آنذاك مع هذا المنطق وقلنا بوضوح أن البيعة هي دائما رباط شخصي لا يمكن أن يورث، وبالتالي فالمطلوب هو تجديدها بمنطق العصر الحديث، أي الاستفتاء.
لكن المغرب قدم قراءته بطريقة "ويل للمصلين"، ثم قام بعملية دعائية هائلة أطلق عليها اسم "المسيرة الخضراء"، سلطت عليها الأضواء الإعلامية التي قدمت جموعا تسير في منطقة صحراوية يُمكن أن تكون في أي مكان، حيث لم نشهد اختراقا لأي مدينة صحراوية، بالرغم من أن العاصمة "العيون" هي على مرمى حجر من الحدود المغربية، ولم نسمع أو نشاهد احتكاكا بين الجموع المغربية الكبيرة وجندي إسباني واحد، رغم أن القوات الإسبانية لم تكن قد انسحبت من الصحراء الغربية.
وثبت فيما بعد أن المسيرة كانت طبولا ضخمة قصد منها التغطية على تسرب الجيش المغربي إلى الصحراء شرقا، وعبر محور منطقة "المحبس"، وهناك حدثت المذابح ثم الفرار الجماعي للسكان نحو الجزائر، ومن هنا نعرف سر وجود اللاجئين الصحراويين في تندوف.
عقدة التحليل المغربي
ترتبط العقدة تحديدا بأمرين،الأول هو أن البعض هناك يتصور بأن الجزائر تريد إضعاف المغرب وترى في ذلك قوة لها، وهو خطأ ثابت تاريخيا، فالجزائر كانت أول من وقف بجانب الملك الحسن الثاني رحمه الله إثر انقلاب الصخيرات عام 1971، ثم عند محاولة إسقاط الطائرة الملكية عام 1972، والجزائر هي التي أعلنت رسميا عن دعمها للمغرب عند أي مواجهة مع الإسبان، وهو ما اعترف به العاهل المغربي شخصيا في حديث متلفز سمعته شخصيا في أكتوبر/ تشرين الأول 1974، وقال بأنه تلقى وعدا من الرئيس بو مدين بأن الجيش الجزائري سيكون إلى جانب الجيش المغربي في أي مواجهة محتملة.
وكنا نقول دائما للأشقاء، الذين نثمن دعمهم لنا خلال ثورتنا، بأننا نؤمن بأن الجار القوي هو ضمانة لقوتنا في حين أن الجار الضعيف هو مصدر خطر متزايد على أمننا، وبأننا نرى أن استقرار المغرب هو استقرار لنا، وأن الملكية في المغرب هي ضمان لاستقراره، وهو ما سمعه هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي السابق من الرئيس هواري بو مدين رحمه الله، وكتبه في مذكراته وهي منشورة.
الأمر الثاني أن المتحدثين باسم المغرب يتعاملون مع الجزائر، وخصوصا منذ السبعينيات، بأسلوب فرض الأمر الواقع والمطالبة الابتزازية بقبوله، وأصبحنا نرى اليوم توزيعا للأدوار وصل إلى حد أن بعضا منهم يعلن رفضه الاعتراف باتفاقيات الحدود الموقعة بين البلدين، وخصوصا اتفاقية 1972، وبعضهم يتحدثون عن "استرجاع" أراض مغربية يدعون أن الجزائر "تحتلها" ويطلقون عليها اسم الصحراء الشرقية، وهو ما رأينا فيه تبريرا للغزو المغربي للحدود الجزائرية عام 1963، والذي أدانت قمة باماكو التي عقدت في نفس العام كل ما ارتبط به.
وتتواصل الكتابات الموجهة التي تسيء للجزائر ونظامها السياسي الذي ارتضاه، وتنتهز هدوء الجزائر وصمتها وعفتها في التعامل مع الجيران لتردد التهجمات التي وصلت إلى حد التشكيك في التاريخ الجزائري العريق وترديد الادعاءات الاستعمارية بأن الجزائر ولدت بإرادة الجنرال الفرنسي شارل ديغول عام 1962، وكأن هزيمة "شارلكان" في خليج العاصمة الجزائرية عام 1541 وحرب الثلاثمائة سنة بعد ذلك ضد إسبانيا ومقاومة الأمير عبد القادر في القرن التاسع عشر كانت كلها من حكايات ألف ليلة وليلة.
وتجتر وسائل الإعلام المغربية أسطوانة الإدعاءات بوجود صحراويين محتجزين في الجنوب الجزائري، الذي زارته عشرات المنظمات الدولية واطمأنت فيه إلى وضعية اللاجئين الصحراويين، الذين نستضيفهم منذ الغزو العسكري الذي استتر بما سُمي "المسيرة الخضراء".
والمشكل هو أن الأشقاء لم يفهموا أن الجزائر، التي نالت استقلالها عبر استفتاء لتقرير المصير رغم كل تضحياتها خلال قرن ونصف، والتي نادت بتقرير المصير لناميبيا ولجنوب إفريقيا وغيرها، لا يمكن أن تتنكر لأمر تراه في مرتبة التقديس، وأن تتصرف تجاهه كما تتصرف دول لعله حُكم عليها باستقلال لم تسع له وتتمتع بحرية لعلها لم تبذل تضحيات من أجلها.
ولا أستطيع أن أخفي استياءنا ونحن نتابع مبادرات مغربية فردية يلقى بها عبر وسائل الإعلام، تزيد من حدة الشكوك وتضاعف من خطورة أزمة الثقة، فنسمع خطبا تتحدث عما هو ثنائي تلقى بشكل مفاجئ ومرتجل لا يرقى إلى مستوى أهمية العلاقات بين البلدين، وبيانات تتفنن في استعمال البلاغيات الأخوية، بل إن رسالة رسمية تسلم للقائم بالأعمال الجزائري في الرباط يتم تسريبها للصحافة قبل أن تتلقاها السلطات الجزائرية.
وكثيرون عندنا يتذكرون الحملات الإعلامية التي توقفت عند تعبير استعمله كوفي عنان قال فيه، تعليقا على تقرير مبعوثه الخاص جيمس بيكر بما معناه، أن الوزير الأمريكي السابق يتصور أن البوليساريو التي تدعمها الجزائر يمكن أن تقبل بتقسيم للصحراء بينها وبين المغرب، واستعمل الأمين العام في نقل تصوره الأسلوب الشرطي (Conditionnel) الذي يعني الاحتمال.
فإذا بالأشقاء يقدمون الأمر على أن الجزائر تنادي بالتقسيم، في حين لم يقدم بيكر ولا الأمين العام ما يثبت أن الجزائر نادت بذلك بأي شكل من الأشكال، رسميا أو كتابيا، ولهذا كذبت الجزائر على الفور كل تلك الادعاءات التي تتناقض مع موقفها الثابت، والذي لا يمكن أن يتم التعامل معه بأسلوب القيل والقال.
ولن أتوقف هنا عند الحملات المتواصلة للتلفزة المغربية ولن أصف حتى نظرتنا لمحتواها، الذي يؤكد مرة أخرى أن هناك في المغرب من يحرص على بقاء التوتر، ويعطي الفرصة عندنا لمن يقول بأن الأمر مقصود لمجرد استمطار الدعم المالي من بعض دول النفط العربية بجانب التهرب من الالتزام بالشرعية الدولية.
وكان الأمر الذي يثير الأسف الشديد هو أن التطاول لم يبق محصورا في المستوى التنفيذي المتواضع أو مقصورا على بعض كبار الموظفين الأشقاء بل ارتفع إلى قمة الدولة، في حين أنه لم يسجل مطلقا أن الرئيس عبد العزيز بو تفليقة استعمل بأي شكل من الأشكال ما يمكن أن يعتبر إساءة للمغرب، وظل على احترامه للملك المغربي الشاب وكأنه يلتزم بعهد قطعه على نفسه وهو يضع يده على نعش الملك الحسن الثاني، يوم تشييع العاهل الراحل في الرباط إلى مقره الأخير.
هذا كله يعني، باختصار شديد وبمنتهى البساطة، أن في الجزائر أزمة ثقة تجاه الجار المغربي، الذي لا يبذل الجهد المناسب لكسب ثقة الجزائر بل يبدو وكأنه يتعمد تذكير الجزائريين بتصرفات مغربية قديمة وأقل قدما، من الأفضل، لمصلحة البلدين، أن توضع في ملف النسيان.
ترتبط العقدة تحديدا بأمرين،الأول هو أن البعض هناك يتصور بأن الجزائر تريد إضعاف المغرب وترى في ذلك قوة لها، وهو خطأ ثابت تاريخيا، فالجزائر كانت أول من وقف بجانب الملك الحسن الثاني رحمه الله إثر انقلاب الصخيرات عام 1971، ثم عند محاولة إسقاط الطائرة الملكية عام 1972، والجزائر هي التي أعلنت رسميا عن دعمها للمغرب عند أي مواجهة مع الإسبان، وهو ما اعترف به العاهل المغربي شخصيا في حديث متلفز سمعته شخصيا في أكتوبر/ تشرين الأول 1974، وقال بأنه تلقى وعدا من الرئيس بو مدين بأن الجيش الجزائري سيكون إلى جانب الجيش المغربي في أي مواجهة محتملة.
وكنا نقول دائما للأشقاء، الذين نثمن دعمهم لنا خلال ثورتنا، بأننا نؤمن بأن الجار القوي هو ضمانة لقوتنا في حين أن الجار الضعيف هو مصدر خطر متزايد على أمننا، وبأننا نرى أن استقرار المغرب هو استقرار لنا، وأن الملكية في المغرب هي ضمان لاستقراره، وهو ما سمعه هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي السابق من الرئيس هواري بو مدين رحمه الله، وكتبه في مذكراته وهي منشورة.
الأمر الثاني أن المتحدثين باسم المغرب يتعاملون مع الجزائر، وخصوصا منذ السبعينيات، بأسلوب فرض الأمر الواقع والمطالبة الابتزازية بقبوله، وأصبحنا نرى اليوم توزيعا للأدوار وصل إلى حد أن بعضا منهم يعلن رفضه الاعتراف باتفاقيات الحدود الموقعة بين البلدين، وخصوصا اتفاقية 1972، وبعضهم يتحدثون عن "استرجاع" أراض مغربية يدعون أن الجزائر "تحتلها" ويطلقون عليها اسم الصحراء الشرقية، وهو ما رأينا فيه تبريرا للغزو المغربي للحدود الجزائرية عام 1963، والذي أدانت قمة باماكو التي عقدت في نفس العام كل ما ارتبط به.
وتتواصل الكتابات الموجهة التي تسيء للجزائر ونظامها السياسي الذي ارتضاه، وتنتهز هدوء الجزائر وصمتها وعفتها في التعامل مع الجيران لتردد التهجمات التي وصلت إلى حد التشكيك في التاريخ الجزائري العريق وترديد الادعاءات الاستعمارية بأن الجزائر ولدت بإرادة الجنرال الفرنسي شارل ديغول عام 1962، وكأن هزيمة "شارلكان" في خليج العاصمة الجزائرية عام 1541 وحرب الثلاثمائة سنة بعد ذلك ضد إسبانيا ومقاومة الأمير عبد القادر في القرن التاسع عشر كانت كلها من حكايات ألف ليلة وليلة.
وتجتر وسائل الإعلام المغربية أسطوانة الإدعاءات بوجود صحراويين محتجزين في الجنوب الجزائري، الذي زارته عشرات المنظمات الدولية واطمأنت فيه إلى وضعية اللاجئين الصحراويين، الذين نستضيفهم منذ الغزو العسكري الذي استتر بما سُمي "المسيرة الخضراء".
والمشكل هو أن الأشقاء لم يفهموا أن الجزائر، التي نالت استقلالها عبر استفتاء لتقرير المصير رغم كل تضحياتها خلال قرن ونصف، والتي نادت بتقرير المصير لناميبيا ولجنوب إفريقيا وغيرها، لا يمكن أن تتنكر لأمر تراه في مرتبة التقديس، وأن تتصرف تجاهه كما تتصرف دول لعله حُكم عليها باستقلال لم تسع له وتتمتع بحرية لعلها لم تبذل تضحيات من أجلها.
ولا أستطيع أن أخفي استياءنا ونحن نتابع مبادرات مغربية فردية يلقى بها عبر وسائل الإعلام، تزيد من حدة الشكوك وتضاعف من خطورة أزمة الثقة، فنسمع خطبا تتحدث عما هو ثنائي تلقى بشكل مفاجئ ومرتجل لا يرقى إلى مستوى أهمية العلاقات بين البلدين، وبيانات تتفنن في استعمال البلاغيات الأخوية، بل إن رسالة رسمية تسلم للقائم بالأعمال الجزائري في الرباط يتم تسريبها للصحافة قبل أن تتلقاها السلطات الجزائرية.
وكثيرون عندنا يتذكرون الحملات الإعلامية التي توقفت عند تعبير استعمله كوفي عنان قال فيه، تعليقا على تقرير مبعوثه الخاص جيمس بيكر بما معناه، أن الوزير الأمريكي السابق يتصور أن البوليساريو التي تدعمها الجزائر يمكن أن تقبل بتقسيم للصحراء بينها وبين المغرب، واستعمل الأمين العام في نقل تصوره الأسلوب الشرطي (Conditionnel) الذي يعني الاحتمال.
فإذا بالأشقاء يقدمون الأمر على أن الجزائر تنادي بالتقسيم، في حين لم يقدم بيكر ولا الأمين العام ما يثبت أن الجزائر نادت بذلك بأي شكل من الأشكال، رسميا أو كتابيا، ولهذا كذبت الجزائر على الفور كل تلك الادعاءات التي تتناقض مع موقفها الثابت، والذي لا يمكن أن يتم التعامل معه بأسلوب القيل والقال.
ولن أتوقف هنا عند الحملات المتواصلة للتلفزة المغربية ولن أصف حتى نظرتنا لمحتواها، الذي يؤكد مرة أخرى أن هناك في المغرب من يحرص على بقاء التوتر، ويعطي الفرصة عندنا لمن يقول بأن الأمر مقصود لمجرد استمطار الدعم المالي من بعض دول النفط العربية بجانب التهرب من الالتزام بالشرعية الدولية.
وكان الأمر الذي يثير الأسف الشديد هو أن التطاول لم يبق محصورا في المستوى التنفيذي المتواضع أو مقصورا على بعض كبار الموظفين الأشقاء بل ارتفع إلى قمة الدولة، في حين أنه لم يسجل مطلقا أن الرئيس عبد العزيز بو تفليقة استعمل بأي شكل من الأشكال ما يمكن أن يعتبر إساءة للمغرب، وظل على احترامه للملك المغربي الشاب وكأنه يلتزم بعهد قطعه على نفسه وهو يضع يده على نعش الملك الحسن الثاني، يوم تشييع العاهل الراحل في الرباط إلى مقره الأخير.
هذا كله يعني، باختصار شديد وبمنتهى البساطة، أن في الجزائر أزمة ثقة تجاه الجار المغربي، الذي لا يبذل الجهد المناسب لكسب ثقة الجزائر بل يبدو وكأنه يتعمد تذكير الجزائريين بتصرفات مغربية قديمة وأقل قدما، من الأفضل، لمصلحة البلدين، أن توضع في ملف النسيان.
"لا أستبعد احتمال الانهيار الكامل لاتحاد المغرب العربي وبافضافة لآثاره السياسية والاقتصادية فإنه سيؤدي إلى فشل جاليتنا في أوروبا وفرنسا على وجه التحديد في مواجهة عمليات الإقصاء والتهميش التي تتعرض لها
"
"
التكلفة الباهظة للأزمة
التكلفة باهظة فعلا، فبالإضافة إلى ما يعانيه أشقاؤنا من جراء إغلاق الحدود البرية، وتقلص السياحة الجزائرية نحو المغرب، والقلق الذي يُساورنا من جراء المفاجآت المغربية، والألم الذي نحسه نتيجة انقطاع صلة الرحم، واستياؤنا من النظرة التي ينظر بها العالم إلى فشلنا في الوصول إلى حل عادل ومنطقي لقضية إنسانية قبل أن تكون سياسية، هناك احتمالات انفجار احتكاكات على الحدود نتيجة للتصعيد المغربي المتواصل ولعملية شحن العواطف المستمرة، وهكذا نقع في شراك الأفعال وردود الأفعال.
وربما وصل الأمر إلى تداعيات تؤثر على تصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر المغرب، والذي يستفيد منه الجميع، مغاربة وجزائريين وأوروبيين، وهو جهد أنجز بإرادة جزائرية صادقة في ترسيخ أسس التعاون المتزايد بين الجيران.
ولا أستبعد احتمال الانهيار الكامل لاتحاد المغرب العربي، وهذا، وبجانب آثاره السياسية والاقتصادية على الجميع، سيؤدي إلى فشل جاليتنا في أوروبا، وفرنسا على وجه التحديد في مواجهة عمليات الإقصاء والتهميش التي تتعرض لها، وربما وكشبه نكتة، سوف تتناقص مقدرة جالية المغرب العربي على أن تعطي لفرنسا صورة أوربية من باراك أوباما.
والواقع أن الإشارة لأوربا والتي تذكرنا بالوحدة الأوربية، بكل نتائجها الإيجابية على سكان القارة والمنطقة، يجب أن تذكرنا بأن تلك الوحدة تمت أساسا بفضل التفاهم الفرنسي الألماني، وهو ما لم يكن من الممكن حدوثه لولا أن ألمانيا تخلت عن أحلامها أو أطماعها في الألزاس واللورين. وتكفينا مغامرة كل من زياد بري وصدام حسين.
التكلفة باهظة فعلا، فبالإضافة إلى ما يعانيه أشقاؤنا من جراء إغلاق الحدود البرية، وتقلص السياحة الجزائرية نحو المغرب، والقلق الذي يُساورنا من جراء المفاجآت المغربية، والألم الذي نحسه نتيجة انقطاع صلة الرحم، واستياؤنا من النظرة التي ينظر بها العالم إلى فشلنا في الوصول إلى حل عادل ومنطقي لقضية إنسانية قبل أن تكون سياسية، هناك احتمالات انفجار احتكاكات على الحدود نتيجة للتصعيد المغربي المتواصل ولعملية شحن العواطف المستمرة، وهكذا نقع في شراك الأفعال وردود الأفعال.
وربما وصل الأمر إلى تداعيات تؤثر على تصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر المغرب، والذي يستفيد منه الجميع، مغاربة وجزائريين وأوروبيين، وهو جهد أنجز بإرادة جزائرية صادقة في ترسيخ أسس التعاون المتزايد بين الجيران.
ولا أستبعد احتمال الانهيار الكامل لاتحاد المغرب العربي، وهذا، وبجانب آثاره السياسية والاقتصادية على الجميع، سيؤدي إلى فشل جاليتنا في أوروبا، وفرنسا على وجه التحديد في مواجهة عمليات الإقصاء والتهميش التي تتعرض لها، وربما وكشبه نكتة، سوف تتناقص مقدرة جالية المغرب العربي على أن تعطي لفرنسا صورة أوربية من باراك أوباما.
والواقع أن الإشارة لأوربا والتي تذكرنا بالوحدة الأوربية، بكل نتائجها الإيجابية على سكان القارة والمنطقة، يجب أن تذكرنا بأن تلك الوحدة تمت أساسا بفضل التفاهم الفرنسي الألماني، وهو ما لم يكن من الممكن حدوثه لولا أن ألمانيا تخلت عن أحلامها أو أطماعها في الألزاس واللورين. وتكفينا مغامرة كل من زياد بري وصدام حسين.
الانصياع إلى الواقعية.. الحل الأمثل لقضية الصحراء
كاتب وصحفي ووزير إعلام مغربي سابقا
وجهة نظر المغرب كما يعبر عنها محمد العربي المساري ترى أن الأسلوب الأمثل لحل قضية الصحراء الغربية كان و ما يزال هو الانصياع إلى الواقعية والنظرة البعيدة لمصالح أقطار المنطقة سواء على انفراد أو كمجموعة.
وهذا ما دأب عليه المغرب منذ أكثر من أربعين عاما. ويسجل التاريخ أن كل الخطوات الهادفة إلى تصفية النزاع الترابي بينه وبين الجزائر كانت دائما نابعة من المملكة المغربية. وقد مال جيراننا دائما بغير واقعية إلى تفسير كل الخطوات المهادنة التي كان يقدم عليها المغرب بأنها أمارة ضعف من جانبه.
وكان توقيع المغرب لاتفاق الحدود مع الجزائر سنة 1970 خطوة في سبيل التفرغ لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، بتكوين جبهة موحدة إزاء إسبانيا لحملها على الجلاء. ولكن الجزائر تراجعت عن الاستغلال المشترك لغارة جبيلات، وأعطت تفسيرا خاصا للاتفاق بشأن المنجم، بينما استمرت من جهة أخرى في استمالة حكم فرانكو في إسبانيا من أجل تسوية مسألة الصحراء معها هي ولحساب مخططاتها في المنطقة.
وغض المغرب الطرف عن ذلك وأقدم على مبادرات مهادنة بعد جلاء إسبانيا عن الصحراء كانت تنم عن رغبته الأكيدة في تجنب التصعيد والبحث عن حلول تحفظ المظاهر. واستمر يتعامل مع الهيئات الدولية باعتدال ومرونة. وآخر مبادراته المهادنة أنه تقدم رسميا بمقترح الحكم الذاتي الذي يحظى الآن بتفهم المجتمع الدولي كما يظهر من خلال توصيات مجلس الأمن المتكررة منذ ثلاث سنوات.
وليس اقتناع المبعوث الدولي السفير بيتر فان والسوم بصواب الاتجاه المغربي إلا تأكيدا لما ذهب إليه الأمين العام السابق خافيير بيريث دي كويليار، وبعده المبعوث الأممي جيمس بيكر، حيث تأكد لكل من أمسك بملف الصحراء، فساد فكرة الاستقلال وعدم تطابقها مع الواقعية ومع مصالح دول الجهة.
إن الدول الكبرى وكل مهتم بأمن المنطقة، وخاصة إسبانيا بسبب جزر الكناري، لا يمكن أن ينظروا بعين الرضا إلى قيام كيان ضعيف في الساحل الممتد من مدينة طنجة إلى دكار، يكون مطية لأي مافيا لإقامة نظام طالبان جديد يسخر لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
المغرب دولة تتصرف بمسؤولية، وتريد حقا أن يسود حسن الجوار و السلم والتعاون فيما بين دول المنطقة، وهذا ما يتجلى في سياسته إزاء إسبانيا وموريتانيا، ومن الواضح أن اختياراته تنسجم كلها مع الرغبة في المهادنة بينما كل تشدد يأتي من جانب الجزائر.
ولا يتصور المغاربة حلا لكل المشاكل، أيا كان نوعها إلا في دائرة الحوار والتفاهم والاتفاقات المفيدة لكل الأطراف. وهذه رغبة إجماعية بالمغرب، للحكومة والأحزاب في كل الأحوال وفي كل الأوقات.
وكان توقيع المغرب لاتفاق الحدود مع الجزائر سنة 1970 خطوة في سبيل التفرغ لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، بتكوين جبهة موحدة إزاء إسبانيا لحملها على الجلاء. ولكن الجزائر تراجعت عن الاستغلال المشترك لغارة جبيلات، وأعطت تفسيرا خاصا للاتفاق بشأن المنجم، بينما استمرت من جهة أخرى في استمالة حكم فرانكو في إسبانيا من أجل تسوية مسألة الصحراء معها هي ولحساب مخططاتها في المنطقة.
وغض المغرب الطرف عن ذلك وأقدم على مبادرات مهادنة بعد جلاء إسبانيا عن الصحراء كانت تنم عن رغبته الأكيدة في تجنب التصعيد والبحث عن حلول تحفظ المظاهر. واستمر يتعامل مع الهيئات الدولية باعتدال ومرونة. وآخر مبادراته المهادنة أنه تقدم رسميا بمقترح الحكم الذاتي الذي يحظى الآن بتفهم المجتمع الدولي كما يظهر من خلال توصيات مجلس الأمن المتكررة منذ ثلاث سنوات.
وليس اقتناع المبعوث الدولي السفير بيتر فان والسوم بصواب الاتجاه المغربي إلا تأكيدا لما ذهب إليه الأمين العام السابق خافيير بيريث دي كويليار، وبعده المبعوث الأممي جيمس بيكر، حيث تأكد لكل من أمسك بملف الصحراء، فساد فكرة الاستقلال وعدم تطابقها مع الواقعية ومع مصالح دول الجهة.
إن الدول الكبرى وكل مهتم بأمن المنطقة، وخاصة إسبانيا بسبب جزر الكناري، لا يمكن أن ينظروا بعين الرضا إلى قيام كيان ضعيف في الساحل الممتد من مدينة طنجة إلى دكار، يكون مطية لأي مافيا لإقامة نظام طالبان جديد يسخر لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
المغرب دولة تتصرف بمسؤولية، وتريد حقا أن يسود حسن الجوار و السلم والتعاون فيما بين دول المنطقة، وهذا ما يتجلى في سياسته إزاء إسبانيا وموريتانيا، ومن الواضح أن اختياراته تنسجم كلها مع الرغبة في المهادنة بينما كل تشدد يأتي من جانب الجزائر.
ولا يتصور المغاربة حلا لكل المشاكل، أيا كان نوعها إلا في دائرة الحوار والتفاهم والاتفاقات المفيدة لكل الأطراف. وهذه رغبة إجماعية بالمغرب، للحكومة والأحزاب في كل الأحوال وفي كل الأوقات.
"المغرب دولة تتصرف بمسؤولية، وتريد حقا أن يسود حسن الجوار والسلم والتعاون فيما بين دول المنطقة، وهذا ما يتجلى في سياسته إزاء إسبانيا وموريتانيا كما تنسجم اختياراته مع الرغبة في المهادنة بينما كل تشدد يأتي من جانب الجزائر"
مستقبل المنطقة
سيكون مستقبل المنطقة مشحونا بالتوتر وباستمرار التحفظ المتبادل، في حال فشل مشروع الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب، وهو ما يهدد باندلاع نزاعات أخرى غير منتظرة وقد لا يمكن التحكم فيها، وهو ما لا نريده.
إن أحسن حال يسود المنطقة هو التخلي عن التشدد وتصفية كل أسباب النزاعات التي تنشب بين آونة وأخرى، هنا وهناك. فلا يمكن تصور أي تقدم للمنطقة إلا في ظل التفاهم والتقدير الواقعي للأحوال السياسية والاقتصادية والإستراتيجية.
ونستطيع القول باطمئنان إن المغرب سعى دائما إلى التوصل إلى تسويات للنزاعات بكل أنواعها الترابية والسياسية والاقتصادية، وذلك بالحوار الثنائي مع دول الجوار، وبالابتعاد عن سياسة المحاور، وعن ممارسة الضغوط بخشونة. بل المغرب شديد الرغبة في إقامة تعاون أمثل على صعيد جماعي لدول المنطقة في إطار هياكل كفيلة بانسجام المصالح وجلب الفوائد المشتركة.
وأسوأ ما يمكن تصوره في حالة استمرار التوتر والتحفظ المتبادل هو اغتنام جماعات المافيا لأجواء عدم التنسيق. ومن جهة أخرى نحن نكره تدخل الغرباء وخاصة من الدول الكبرى التي قد تتمكن إذا لم توفق دول المنطقة في تسوية خلافاتها فيما بينها من أن تفرض قراراتها طبقا لمصلحتها هي وليس خدمة لمصالح دول المنطقة.
وقد رأينا كيف أنه منذ ما لا يقل عن 15 سنة أصبحت الولايات المتحدة ممسكة بملف الصحراء، تتدخل كل ستة أشهر بمقاربة تستميل بها أحد الأطراف. وما دام المغرب والجزائر عاجزين عن تسوية نزاعاتهما، فإن الدول الكبرى ستظل مستمرئة اللعب على كل الحبال من أجل الوصول إلى فرض قراراتها.
وعلاوة على ما ذكر من أن استمرار التوتر يهدد بنشوء مشاكل جديدة ويسهل تدخل الغرباء، فإن استمرار الابتعاد عن البحث عن الحلول الواقعية يضيع فرص إقامة تعاون جهوي في المنطقة في أجواء عالمية تقتضي التظافر والتنسيق في حظيرة تجمعات سياسية اقتصادية كبرى أو متوسطة لا يقل حجم أسواقها عن 150 أو 200 مليون نسمة.
ونعني بهذا تعطيل قيام المغرب العربي الذي خططنا لقيامه في مؤتمر طنجة منذ خمسين سنة بالضبط. وكان ذلك في الوقت الذي بدأت فيه أوربا الدول الست تتجه إلى توحيد جهودها اقتصاديا وصولا إلى وحدة نقدية وجمركية ولم لا سياسية أيضا.
إن انعدام قيام المغرب العربي يكلف خسارة تقدر بحوالي 2% على الأقل من الدخل القومي كل سنة، لكل بلدان المنطقة. والخسائر تتراكم وتنعكس الأضرار على جميع اقتصادات دول المنطقة. الجزائر نفسها التي تراهن على ثروتها من الطاقة، ليست بمنجاة عن الخسائر. فالأحوال الاقتصادية والاجتماعية فيها ليست أفضل من المغرب وتونس.
ثم إن كل الملاحظين وكل المسؤولين في الهيئات الاقتصادية الدولية يوصون بإلحاح، بالإسراع بإنجاز المغرب العربي. وقد كرر مدير البنك العالمي الفرنسي دومينيك شتروس كاهن، وقبله مدير صندوق النقد الدولي الإسباني راطو، بفتح الحدود بين المغرب والجزائر معتبرين أن استمرار إقفال الحدود بين البلدين حالة غير عقلانية.
وكلاهما ندد بضعف التبادل التجاري بين بلدان المنطقة وهو تبادل لا يتجاوز5% في أفضل الحالات في حين أن الدول الأوروبية يصل التبادل فيما بينها جوالي 70%. وكل هذه الحقائق المادية والسياسية توضح أن الأضرار شاملة لكل دول المنطقة، وبالتالي نستطيع القول
إن الأضرار تتراكم وأنها تنذر بمستقبل غير مريح لكل دول المنطقة على صعيد فردي أو على صعيد حماعي.
سيكون مستقبل المنطقة مشحونا بالتوتر وباستمرار التحفظ المتبادل، في حال فشل مشروع الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب، وهو ما يهدد باندلاع نزاعات أخرى غير منتظرة وقد لا يمكن التحكم فيها، وهو ما لا نريده.
إن أحسن حال يسود المنطقة هو التخلي عن التشدد وتصفية كل أسباب النزاعات التي تنشب بين آونة وأخرى، هنا وهناك. فلا يمكن تصور أي تقدم للمنطقة إلا في ظل التفاهم والتقدير الواقعي للأحوال السياسية والاقتصادية والإستراتيجية.
ونستطيع القول باطمئنان إن المغرب سعى دائما إلى التوصل إلى تسويات للنزاعات بكل أنواعها الترابية والسياسية والاقتصادية، وذلك بالحوار الثنائي مع دول الجوار، وبالابتعاد عن سياسة المحاور، وعن ممارسة الضغوط بخشونة. بل المغرب شديد الرغبة في إقامة تعاون أمثل على صعيد جماعي لدول المنطقة في إطار هياكل كفيلة بانسجام المصالح وجلب الفوائد المشتركة.
وأسوأ ما يمكن تصوره في حالة استمرار التوتر والتحفظ المتبادل هو اغتنام جماعات المافيا لأجواء عدم التنسيق. ومن جهة أخرى نحن نكره تدخل الغرباء وخاصة من الدول الكبرى التي قد تتمكن إذا لم توفق دول المنطقة في تسوية خلافاتها فيما بينها من أن تفرض قراراتها طبقا لمصلحتها هي وليس خدمة لمصالح دول المنطقة.
وقد رأينا كيف أنه منذ ما لا يقل عن 15 سنة أصبحت الولايات المتحدة ممسكة بملف الصحراء، تتدخل كل ستة أشهر بمقاربة تستميل بها أحد الأطراف. وما دام المغرب والجزائر عاجزين عن تسوية نزاعاتهما، فإن الدول الكبرى ستظل مستمرئة اللعب على كل الحبال من أجل الوصول إلى فرض قراراتها.
وعلاوة على ما ذكر من أن استمرار التوتر يهدد بنشوء مشاكل جديدة ويسهل تدخل الغرباء، فإن استمرار الابتعاد عن البحث عن الحلول الواقعية يضيع فرص إقامة تعاون جهوي في المنطقة في أجواء عالمية تقتضي التظافر والتنسيق في حظيرة تجمعات سياسية اقتصادية كبرى أو متوسطة لا يقل حجم أسواقها عن 150 أو 200 مليون نسمة.
ونعني بهذا تعطيل قيام المغرب العربي الذي خططنا لقيامه في مؤتمر طنجة منذ خمسين سنة بالضبط. وكان ذلك في الوقت الذي بدأت فيه أوربا الدول الست تتجه إلى توحيد جهودها اقتصاديا وصولا إلى وحدة نقدية وجمركية ولم لا سياسية أيضا.
إن انعدام قيام المغرب العربي يكلف خسارة تقدر بحوالي 2% على الأقل من الدخل القومي كل سنة، لكل بلدان المنطقة. والخسائر تتراكم وتنعكس الأضرار على جميع اقتصادات دول المنطقة. الجزائر نفسها التي تراهن على ثروتها من الطاقة، ليست بمنجاة عن الخسائر. فالأحوال الاقتصادية والاجتماعية فيها ليست أفضل من المغرب وتونس.
ثم إن كل الملاحظين وكل المسؤولين في الهيئات الاقتصادية الدولية يوصون بإلحاح، بالإسراع بإنجاز المغرب العربي. وقد كرر مدير البنك العالمي الفرنسي دومينيك شتروس كاهن، وقبله مدير صندوق النقد الدولي الإسباني راطو، بفتح الحدود بين المغرب والجزائر معتبرين أن استمرار إقفال الحدود بين البلدين حالة غير عقلانية.
وكلاهما ندد بضعف التبادل التجاري بين بلدان المنطقة وهو تبادل لا يتجاوز5% في أفضل الحالات في حين أن الدول الأوروبية يصل التبادل فيما بينها جوالي 70%. وكل هذه الحقائق المادية والسياسية توضح أن الأضرار شاملة لكل دول المنطقة، وبالتالي نستطيع القول
إن الأضرار تتراكم وأنها تنذر بمستقبل غير مريح لكل دول المنطقة على صعيد فردي أو على صعيد حماعي.
"المغرب سيقيم الحكم الذاتي بالمناطق الصحراوية حتى لو فشلت المفاوضات وسنحمل الجزائر كامل المسؤولية، نظرا لأن المغرب من جانبه قام بكل ما كان عليه القيام به لتسهيل إيجاد مخرج، ولا ننتظر أن تقبل الجزائر أو لا تقبل
"
"
الاتجاه للإقامة الحكم الذاتي
المغرب سيقيم الحكم الذاتي بالمناطق الصحراوية حتى لو فشلت المفاوضات.
وفي حالة استمرار الحال على ما هو عليه يمكن توقع ما أشرنا إليه من قبل من تراكم الأضرار. أما في حالة فشل المفاوضات بالذات، فإننا سنحمل الجزائر كامل المسؤولية نظرا لأن المغرب من جانبه قام بكل ما كان عليه القيام به لتسهيل إيجاد مخرج، وذلك منذ أن قبل على صعيد منظمة الوحدة الإفريقية في الثمانينيات إجراء استفتاء بإشراف المنظمة الإفريقية، ثم بمطالبته المتكررة أمام الأمم المتحدة بإيجاد حل سياسي مقبول.
وأخيرا قبل المغرب الاتجاه إلى تقرير المصير، ولكن على أن يشارك التصويت كل أبناء الإقليم، أي بمن فيهم الذين نفتهم إسبانيا أيام الكفاح الوطني، وأيضا اشترطنا أن يشارك فقط أبناء الصحراء، ولا يقبل أحد من مالي والنيجر وغيرهم ممن كانوا محتشدين في تبندوف. وبعد أن تم إفشال كل هذه الصيغ، التي قبلها المغرب تسهيلا للحل، تقدم بمشروع الحكم الذاتي.
وإذا فشلت المفاوضات بشأن المشروع الذي تقدم به المغرب، فإننا سنستمر كما أعلن ذلك الملك محمد السادس في خطاب 6 نوفمبر/ تشرين الثاني الأخير، في إقامة الحكم الذاتي بالمناطق الصحراوية، ولا ننتظر أن تقبل الجزائر أو لا تقبل. وأنا من فئة ترى أنه كان علينا أن نتجه إلى إقامة الجهوية الموسعة في الأقاليم الصحراوية منذ سنوات.
فقد كانت الخلاصات التي انتهينا إليها في ندوة أقيمت في مؤسسة علال الفاسي سنة 2003 تصب كلها في اتجاه الإسراع بإقامة الحكم الذاتي في المناطق الصحراوية وتعميمها على باقي الجهات باعتبار أن مستقبل المغرب مرتبط لأغراض تنموية وسياسية بتدبير شؤون البلاد على أساس الجهوية الموسعة.
وأذكر هنا بأن أول خطاب للملك الراحل الحسن الثاني بعد المسيرة الخضراء كان واضحا لدى مخاطبته أبناء الجنوب، بشأن "تخويلهم الكلمة في تسيير شؤونهم المحلية، واستثمار ثرواتهم مع احترام عاداتهم". وهذا قبل أن يطلب منا المنتظم الدولي أي شئ.
وبالإضافة إلي الخطاب الذي وجهه عاهل البلاد إلي أبناء الإقليم في أول يوم جمعة بعد خطاب المسيرة، كانت تصريحاته في الندوة الصحافية يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 1975، وفي خطابه أمام ممثلي سكان الأقاليم الجنوبية يوم 6 ديسمبر/ كانون الأول 1975، وفي حديث صحافي يوم السابع من نفس الشهر واضحة في الكلام عن "مراعاة الخصوصيات المحلية".
وكان المغرب عام 1976 قد أخذ بنظام جديد للجماعات المحلية، اعتبر لبنة في بناء الجهوية، وذلك بتفويت بعض الصلاحيات من السلطة التنفيذية إلي المجالس المنتخبة، وفي 1992 تضمن الدستور الجهوية كوحدة ترابية، و في 1997 تم تجسيم تصور عام لهيكل الجهة وصلاحياتها.
إن النقاش الذي يدور في بلادنا حول مسألة الجهوية منذ أكثر من ثلاثة عقود، يدفع إليه أمران: الأول هو نشدان الحكامة الجيدة، والثاني هو مراعاة الخصوصيات المحلية. ولم يعد أحد يجادل في عيوب التمركز، ولا في أهمية اللامركزية في التسريع بالتنمية.
وبانتشار التعليم برزت كفاءات في مختلف جهات البلاد، قمينة بأن تيسر تدبير الجهوية، وبثورة تكنولوجيا المعلومات دخلت المجتمعات كافة في مراجعة تامة لمفهوم المركز والهامش.
ومثلما شهد القرن الماضي فوران فكرة السيادة والاستقلال الوطني، فإن المرحلة التي دخلت فيها البشرية الآن تشهد فوران فكرة الخصوصية المحلية.
ومن الجدير بالذكر أن المشروع كما قدمه المغرب إلى الأمم المتحدة، هو ضرب من اللامركزية في صيغتها القصوى. فهو ينص على أن الجهاز التنفيذي سينبثق عن خريطة البرلمان الجهوي المنبثق بدوره عن انتخابات عامة. وستكون لأجهزة الجهة صلاحيات لتدبير التنمية الاقتصادية، من حيث التخطيط والشغل وتشجيع الاستثمارات والتجارة والصناعة والسياحة والفلاحة.
كما سيكون لتلك الأجهزة تدبير التجهيزات الأساسية من ماء وكهرباء وتجهيزات مائية و أشغال عمومية، ونقل. ومن حيث تدبير الشؤون العامة سيكون لها الإشراف على الشرطة.
وكذلك الشأن بالنسبة للثقافة والشؤون الاجتماعية من سكنى وتربية وصحة. وبالإضافة إلى ذلك كله سيكون للجهة نوع من المشاركة في تدبير العلاقات الخارجية للدولة، بإبرام اتفاقات مع جهات أخرى أجنبية. وسيكون للجهة صلاحيات لتدبير التراث الثقافي، ويبقى للدولة الاختصاص بالمن الوطني والدفاع والسياسة الخارجية والشؤون الدينية. ومن الطبيعي أن يعمم هذا النمط على جهات أخرى في المملكة. وكان الملك قد أعلن منذ سنوات أن البداية ستكون بجهة الجنوب وبجهة الشمال.
إذن أتصور أن المغرب سيمضي في تطبيق مشروعه، الذي سيكون بمثابة إصلاح جوهري لبناء الدولة، وسيستمر تعاوننا مع الأمم المتحدة في هذا الصدد.
وسيتاح لأبناء الإقليم أن ينهمكوا في تدبير شؤونهم في إطار المؤسسات التي سينتخبونها. وسيتزايد عدد أبناء الإقليم الذين يختارون العودة إلى ديارهم لأنهم سيجدون المجال رحبا يستوعبهم جميعا في ظل دولة ديمقراطية وحديثة ذات هياكل ومؤسسات قابلة للعيش.
إن عدد العائدين من تيندوف إلى الأقاليم الصحراوية يقدر حاليا بما لا يقل عن خمسة آلاف مواطن أقدموا على مغامرات قاسية من أجل التخلص من ظروف الاحتجاز في تيندوف. ومن هؤلاء مسؤولون سياسيون وعسكريون في الأجهزة التنظيمية للبوليساريو ومنهم مؤسسون لهذه المنظمة، وشيوخ قبائل، أعياهم الانخداع بسراب كان قد تراءى لهم منذ حوالي ثلاثين سنة. لقد تكاثر عدد العائدين حتى أصبح ممكنا أن يقام مؤتمر للبوليساريو فوق الأرض المحررة بالمغرب.
ونستطيع القول إن التعددية السياسية في المغرب قادرة على أن تستوعب مختلف التعبيرات السياسية الجهوية والعقائدية.
ومعنى كل هذا أننا لن ننتظر قبول الجزائر، ولن نطلب منها بعد الآن إلا شيئا واحدا وهو أن تفتتح الحدود القائمة بيننا وبينها كعنوان لتطبيع العلاقات. وذلك لأن استمرار إقفال الحدود يضر باقتصادنا وباقتصاد الجزائر، إذ يترك المجال مفتوحا أمام المهربين بدلا من التنقل الطبيعي للسكان وللسلع في ظروف قانونية واضحة.
المغرب سيقيم الحكم الذاتي بالمناطق الصحراوية حتى لو فشلت المفاوضات.
وفي حالة استمرار الحال على ما هو عليه يمكن توقع ما أشرنا إليه من قبل من تراكم الأضرار. أما في حالة فشل المفاوضات بالذات، فإننا سنحمل الجزائر كامل المسؤولية نظرا لأن المغرب من جانبه قام بكل ما كان عليه القيام به لتسهيل إيجاد مخرج، وذلك منذ أن قبل على صعيد منظمة الوحدة الإفريقية في الثمانينيات إجراء استفتاء بإشراف المنظمة الإفريقية، ثم بمطالبته المتكررة أمام الأمم المتحدة بإيجاد حل سياسي مقبول.
وأخيرا قبل المغرب الاتجاه إلى تقرير المصير، ولكن على أن يشارك التصويت كل أبناء الإقليم، أي بمن فيهم الذين نفتهم إسبانيا أيام الكفاح الوطني، وأيضا اشترطنا أن يشارك فقط أبناء الصحراء، ولا يقبل أحد من مالي والنيجر وغيرهم ممن كانوا محتشدين في تبندوف. وبعد أن تم إفشال كل هذه الصيغ، التي قبلها المغرب تسهيلا للحل، تقدم بمشروع الحكم الذاتي.
وإذا فشلت المفاوضات بشأن المشروع الذي تقدم به المغرب، فإننا سنستمر كما أعلن ذلك الملك محمد السادس في خطاب 6 نوفمبر/ تشرين الثاني الأخير، في إقامة الحكم الذاتي بالمناطق الصحراوية، ولا ننتظر أن تقبل الجزائر أو لا تقبل. وأنا من فئة ترى أنه كان علينا أن نتجه إلى إقامة الجهوية الموسعة في الأقاليم الصحراوية منذ سنوات.
فقد كانت الخلاصات التي انتهينا إليها في ندوة أقيمت في مؤسسة علال الفاسي سنة 2003 تصب كلها في اتجاه الإسراع بإقامة الحكم الذاتي في المناطق الصحراوية وتعميمها على باقي الجهات باعتبار أن مستقبل المغرب مرتبط لأغراض تنموية وسياسية بتدبير شؤون البلاد على أساس الجهوية الموسعة.
وأذكر هنا بأن أول خطاب للملك الراحل الحسن الثاني بعد المسيرة الخضراء كان واضحا لدى مخاطبته أبناء الجنوب، بشأن "تخويلهم الكلمة في تسيير شؤونهم المحلية، واستثمار ثرواتهم مع احترام عاداتهم". وهذا قبل أن يطلب منا المنتظم الدولي أي شئ.
وبالإضافة إلي الخطاب الذي وجهه عاهل البلاد إلي أبناء الإقليم في أول يوم جمعة بعد خطاب المسيرة، كانت تصريحاته في الندوة الصحافية يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 1975، وفي خطابه أمام ممثلي سكان الأقاليم الجنوبية يوم 6 ديسمبر/ كانون الأول 1975، وفي حديث صحافي يوم السابع من نفس الشهر واضحة في الكلام عن "مراعاة الخصوصيات المحلية".
وكان المغرب عام 1976 قد أخذ بنظام جديد للجماعات المحلية، اعتبر لبنة في بناء الجهوية، وذلك بتفويت بعض الصلاحيات من السلطة التنفيذية إلي المجالس المنتخبة، وفي 1992 تضمن الدستور الجهوية كوحدة ترابية، و في 1997 تم تجسيم تصور عام لهيكل الجهة وصلاحياتها.
إن النقاش الذي يدور في بلادنا حول مسألة الجهوية منذ أكثر من ثلاثة عقود، يدفع إليه أمران: الأول هو نشدان الحكامة الجيدة، والثاني هو مراعاة الخصوصيات المحلية. ولم يعد أحد يجادل في عيوب التمركز، ولا في أهمية اللامركزية في التسريع بالتنمية.
وبانتشار التعليم برزت كفاءات في مختلف جهات البلاد، قمينة بأن تيسر تدبير الجهوية، وبثورة تكنولوجيا المعلومات دخلت المجتمعات كافة في مراجعة تامة لمفهوم المركز والهامش.
ومثلما شهد القرن الماضي فوران فكرة السيادة والاستقلال الوطني، فإن المرحلة التي دخلت فيها البشرية الآن تشهد فوران فكرة الخصوصية المحلية.
ومن الجدير بالذكر أن المشروع كما قدمه المغرب إلى الأمم المتحدة، هو ضرب من اللامركزية في صيغتها القصوى. فهو ينص على أن الجهاز التنفيذي سينبثق عن خريطة البرلمان الجهوي المنبثق بدوره عن انتخابات عامة. وستكون لأجهزة الجهة صلاحيات لتدبير التنمية الاقتصادية، من حيث التخطيط والشغل وتشجيع الاستثمارات والتجارة والصناعة والسياحة والفلاحة.
كما سيكون لتلك الأجهزة تدبير التجهيزات الأساسية من ماء وكهرباء وتجهيزات مائية و أشغال عمومية، ونقل. ومن حيث تدبير الشؤون العامة سيكون لها الإشراف على الشرطة.
وكذلك الشأن بالنسبة للثقافة والشؤون الاجتماعية من سكنى وتربية وصحة. وبالإضافة إلى ذلك كله سيكون للجهة نوع من المشاركة في تدبير العلاقات الخارجية للدولة، بإبرام اتفاقات مع جهات أخرى أجنبية. وسيكون للجهة صلاحيات لتدبير التراث الثقافي، ويبقى للدولة الاختصاص بالمن الوطني والدفاع والسياسة الخارجية والشؤون الدينية. ومن الطبيعي أن يعمم هذا النمط على جهات أخرى في المملكة. وكان الملك قد أعلن منذ سنوات أن البداية ستكون بجهة الجنوب وبجهة الشمال.
إذن أتصور أن المغرب سيمضي في تطبيق مشروعه، الذي سيكون بمثابة إصلاح جوهري لبناء الدولة، وسيستمر تعاوننا مع الأمم المتحدة في هذا الصدد.
وسيتاح لأبناء الإقليم أن ينهمكوا في تدبير شؤونهم في إطار المؤسسات التي سينتخبونها. وسيتزايد عدد أبناء الإقليم الذين يختارون العودة إلى ديارهم لأنهم سيجدون المجال رحبا يستوعبهم جميعا في ظل دولة ديمقراطية وحديثة ذات هياكل ومؤسسات قابلة للعيش.
إن عدد العائدين من تيندوف إلى الأقاليم الصحراوية يقدر حاليا بما لا يقل عن خمسة آلاف مواطن أقدموا على مغامرات قاسية من أجل التخلص من ظروف الاحتجاز في تيندوف. ومن هؤلاء مسؤولون سياسيون وعسكريون في الأجهزة التنظيمية للبوليساريو ومنهم مؤسسون لهذه المنظمة، وشيوخ قبائل، أعياهم الانخداع بسراب كان قد تراءى لهم منذ حوالي ثلاثين سنة. لقد تكاثر عدد العائدين حتى أصبح ممكنا أن يقام مؤتمر للبوليساريو فوق الأرض المحررة بالمغرب.
ونستطيع القول إن التعددية السياسية في المغرب قادرة على أن تستوعب مختلف التعبيرات السياسية الجهوية والعقائدية.
ومعنى كل هذا أننا لن ننتظر قبول الجزائر، ولن نطلب منها بعد الآن إلا شيئا واحدا وهو أن تفتتح الحدود القائمة بيننا وبينها كعنوان لتطبيع العلاقات. وذلك لأن استمرار إقفال الحدود يضر باقتصادنا وباقتصاد الجزائر، إذ يترك المجال مفتوحا أمام المهربين بدلا من التنقل الطبيعي للسكان وللسلع في ظروف قانونية واضحة.
"المغرب يشعر بفداحة الخسارة التي نمنى بها جميعا في الجانب الثقافي بسبب إقفال الحدود بين البلدين، وسنظل ندعو الجزائر إلى أن تسود فيما بيننا وبينها علاقات طبيعية تسمح بأن يكون هناك تواصل اجتماعي بين السكان في البلدين"
وسنظل ندعو الجزائر إلى أن تسود فيما بيننا وبينها علاقات طبيعية تسمح بأن يكون هناك تواصل اجتماعي بين السكان في البلدين، وهم أقرب إلى بعضهم البعض من أي منطقة متجاورة في العالم. وسيظل مطروحا علينا نحن المغاربة، لأن النسق الديموقراطي السائد عندنا يسمح بذلك، أن نكثف الجهود من أجل تأمين التواصل فيما بين مكونات المجتمع المدني في البلدين. وسنبذل أكبر ما يمكن من الجهد من أجل تامين التواصل الثقافي.
المغرب يشعر بفداحة الخسارة التي نمنى بها جميعا في الجانب الثقافي، بسبب إقفال الحدود بين البلدين. لقد شاركت في مؤتمر اتحاد الأدباء العرب الذي انعقد بالجزائر، وأحسست بأننا نعاني من قطيعة فظيعة. ولدى عودتي طالبت في تصريح بأن يعمل المغرب –من جانب واحد- على إلغاء التأشيرة. وحينما تم بالفعل إلغاء التأشيرة بالنسبة للجزائريين الراغبين في الدخول إلى المغرب، تلقيت الكثير من رسائل الثناء والترحيب بالمبادرة المغربية التي كانت قد استقبلت من لدن الرسميين في الجزائر بامتعاض شديد وكأنها إعلان حرب.
وسنستمر في هذا النوع من "الحرب" لأننا في المغرب جميعا نؤمن بأن لا بديل من إقامة علاقات طبيعية بين البلدين أي علاقات حسن جوار وتفتهم وتعاون. وعسانا ننجح في إنجاح هذ السيناريو الذي نفضله على غيره.
عقدة الهيمنة لدى المؤسسة العسكرية الجزائرية
هنالك عقدة للهيمنة تحذو المؤسسة الحاكمة في الجزائر، فمنذ الاستقلال في سنة 1962 تراءى للقيادات الجزائرية في غالب الأحيان أن الجزائر التي خرجت متوجة من حرب التحرير، تصورت أنها مخولة بفضل ذلك بقيادة أقطار المنطقة، وذلك لخوض منافسة على الزعامة، أسوة بالناصرية والبعث، وزاد توفرها على ثروة الطاقة من شعورها أن لها الوسائل التي تمكنها من ممارسة تلك الزعامة.
انبثقت الدولة الجزائرية المستقلة من "ميثاق طرابلس" الذي سطرته جبهة التحرير الوطني، وهي وثيقة تجاهلت ما بذلته شعوب ليبيا وتونس والمغرب لمؤازرة الثورة الجزائرية، وأعلنت أن الجزائر المستقلة ستكون مدعوة لمواصلة مناهضة الإمبريالية.
ومنذ ذلك الوقت لم تغادر قياداتها فكرة الزعامة، ونشأ أول نزاع علني للدولة الجديدة بعد أسابيع من استقلالها مع تونس. وتدخل الملك الراحل محمد الخامس لتسوية الوضع بين الشقيقين في مؤتمر انعقد بالرباط في فبراير/ شباط 1963 لكن لم تكن هناك نتائج مرضية، بسبب التصور الهيمني لقادة الدولة الجديدة، وبسرعة تدهور الوضع مع المغرب نفسه فكانت حرب الرمال بعد سنتين.
المغرب يشعر بفداحة الخسارة التي نمنى بها جميعا في الجانب الثقافي، بسبب إقفال الحدود بين البلدين. لقد شاركت في مؤتمر اتحاد الأدباء العرب الذي انعقد بالجزائر، وأحسست بأننا نعاني من قطيعة فظيعة. ولدى عودتي طالبت في تصريح بأن يعمل المغرب –من جانب واحد- على إلغاء التأشيرة. وحينما تم بالفعل إلغاء التأشيرة بالنسبة للجزائريين الراغبين في الدخول إلى المغرب، تلقيت الكثير من رسائل الثناء والترحيب بالمبادرة المغربية التي كانت قد استقبلت من لدن الرسميين في الجزائر بامتعاض شديد وكأنها إعلان حرب.
وسنستمر في هذا النوع من "الحرب" لأننا في المغرب جميعا نؤمن بأن لا بديل من إقامة علاقات طبيعية بين البلدين أي علاقات حسن جوار وتفتهم وتعاون. وعسانا ننجح في إنجاح هذ السيناريو الذي نفضله على غيره.
عقدة الهيمنة لدى المؤسسة العسكرية الجزائرية
هنالك عقدة للهيمنة تحذو المؤسسة الحاكمة في الجزائر، فمنذ الاستقلال في سنة 1962 تراءى للقيادات الجزائرية في غالب الأحيان أن الجزائر التي خرجت متوجة من حرب التحرير، تصورت أنها مخولة بفضل ذلك بقيادة أقطار المنطقة، وذلك لخوض منافسة على الزعامة، أسوة بالناصرية والبعث، وزاد توفرها على ثروة الطاقة من شعورها أن لها الوسائل التي تمكنها من ممارسة تلك الزعامة.
انبثقت الدولة الجزائرية المستقلة من "ميثاق طرابلس" الذي سطرته جبهة التحرير الوطني، وهي وثيقة تجاهلت ما بذلته شعوب ليبيا وتونس والمغرب لمؤازرة الثورة الجزائرية، وأعلنت أن الجزائر المستقلة ستكون مدعوة لمواصلة مناهضة الإمبريالية.
ومنذ ذلك الوقت لم تغادر قياداتها فكرة الزعامة، ونشأ أول نزاع علني للدولة الجديدة بعد أسابيع من استقلالها مع تونس. وتدخل الملك الراحل محمد الخامس لتسوية الوضع بين الشقيقين في مؤتمر انعقد بالرباط في فبراير/ شباط 1963 لكن لم تكن هناك نتائج مرضية، بسبب التصور الهيمني لقادة الدولة الجديدة، وبسرعة تدهور الوضع مع المغرب نفسه فكانت حرب الرمال بعد سنتين.
"هنالك عقدة للهيمنة تحذو المؤسسة الحاكمة في الجزائر، فمنذ الاستقلال سنة 1962 تراءى للقيادات الجزائرية في غالب الأحيان أن الجزائر التي خرجت متوجة من حرب التحرير أنها مخولة بفضل ذلك قيادة أقطار المنطقة"
وحتى الآن أصبح علينا أن نتوقع تصعيدا في النزعة الهيمنية للجزائر كلما ارتفع سعر النفط. وحينما قامت وحدة "جربة" بين تونس وليبيا أعلنت الجزائر حالة التعبئة للجيش الوطني الشعبي لتأكيد الرفض لتلك الوحدة. وحينما كان المغرب ينتشر في الساقية الحمراء تبعا لجلاء القوات الإسبانية عن الإقليم على إثر اتفاقية مدريد، جردت الجزائر قواتها المسلحة النظامية لاحتلال بعض تلك المواقع، وكانت نتيجة ذلك معركتا إمغالة الأولى والثانية في يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط 1976.
وقد استهدفت الوساطات التي قامت حينئذ، وخاصة وساطة نائب الرئيس المصري، أن يغض المغرب النظر عن التورط الجزائري، وأن يفك الحصار عن الجنود الجزائريين، الذين تسللوا إلى المواقع الصحراوية، وكان عددهم يتراوح ما بين أربعة إلى خمسة آلاف شخص. وفعلا قرر الحسن الثاني رحمه الله الصفح ورفع الحصار، ليتمكن المحاصرون من مغادرة المكان الذي كانوا مطوقين فيه بإحكام.
ومن جراء تلك المعركة وقع في الأسر 105 من الضباط والجنود الجزائريين وظلوا في قبضة القوات المسلحة المغربية حتى سنة 1988 حيث سلموا للصليب الأحمر الدولى خلال مراسيم رسمية. وكانت الصحافة الدولية قد تحدثت عن تلك المعركة بإسهاب في وقتها باعتبارها سباقا مع الساعة قامت به الجزائر لاحتلال موقع في الساقية الحمراء ووادي الذهب، وذلك بعد أن فشلت ضغوطها على حكومة فرانكو من أجل أن تتم تسوية مسألة الصحراء معها وليس مع المغرب وموريتانبا.
وكان كل ذلك الجهد السياسي والعسكري الذي بذلته الجزائر جزءا من مسلسل طويل كانت مندفعة في حمأته يرمي إلى فرض قراراتها على دول المنطقة. وقد تبين أنه ليس هناك من سبيل إلى تحقيق ذلك المخطط غير الواقعي.
وظهر جليا أنه لا يمكن أن يستقيم الوضع في منطقة المغرب العربي إلا على أساس التكافؤ بين مختلف أطرافه. وهذا ما فطن إليه الآباء المؤسسون حينما قرروا في مؤتمر طنجة أبريل/ نيسان 1958 لأحزاب المغرب العربي أنه يجب التطور في أفق وحدة فيدرالية بين بلدان المنطقة.
ومعلوم أن ذلك المؤتمر كان قد انعقد من أجل شيئين: الأول نصرة الجزائر في كفاحها التحرري، وذلك بتعبئة طاقات كل من المغاربة والتونسيين للنزول بكل ثقلهم إلى جانب الثورة الجزائرية، والثاني هو توجيه كل الجهود من أجل إعداد وحدة مغاربية تقوم على أساس فيدرالي.
وإذا رجعنا إلى الظروف التي انعقد فيها المؤتمر في 1958 وتذكر سطوة الشعارات الوحدوية ذات الشحنة الخطابية والنزوع الشعبوي نتصور ذلك القدر الكبير من الواقعية والوضوح الذي ساور قادتنا منذ خمسين سنة وهم يفكرون في المستقبل.
وقد استهدفت الوساطات التي قامت حينئذ، وخاصة وساطة نائب الرئيس المصري، أن يغض المغرب النظر عن التورط الجزائري، وأن يفك الحصار عن الجنود الجزائريين، الذين تسللوا إلى المواقع الصحراوية، وكان عددهم يتراوح ما بين أربعة إلى خمسة آلاف شخص. وفعلا قرر الحسن الثاني رحمه الله الصفح ورفع الحصار، ليتمكن المحاصرون من مغادرة المكان الذي كانوا مطوقين فيه بإحكام.
ومن جراء تلك المعركة وقع في الأسر 105 من الضباط والجنود الجزائريين وظلوا في قبضة القوات المسلحة المغربية حتى سنة 1988 حيث سلموا للصليب الأحمر الدولى خلال مراسيم رسمية. وكانت الصحافة الدولية قد تحدثت عن تلك المعركة بإسهاب في وقتها باعتبارها سباقا مع الساعة قامت به الجزائر لاحتلال موقع في الساقية الحمراء ووادي الذهب، وذلك بعد أن فشلت ضغوطها على حكومة فرانكو من أجل أن تتم تسوية مسألة الصحراء معها وليس مع المغرب وموريتانبا.
وكان كل ذلك الجهد السياسي والعسكري الذي بذلته الجزائر جزءا من مسلسل طويل كانت مندفعة في حمأته يرمي إلى فرض قراراتها على دول المنطقة. وقد تبين أنه ليس هناك من سبيل إلى تحقيق ذلك المخطط غير الواقعي.
وظهر جليا أنه لا يمكن أن يستقيم الوضع في منطقة المغرب العربي إلا على أساس التكافؤ بين مختلف أطرافه. وهذا ما فطن إليه الآباء المؤسسون حينما قرروا في مؤتمر طنجة أبريل/ نيسان 1958 لأحزاب المغرب العربي أنه يجب التطور في أفق وحدة فيدرالية بين بلدان المنطقة.
ومعلوم أن ذلك المؤتمر كان قد انعقد من أجل شيئين: الأول نصرة الجزائر في كفاحها التحرري، وذلك بتعبئة طاقات كل من المغاربة والتونسيين للنزول بكل ثقلهم إلى جانب الثورة الجزائرية، والثاني هو توجيه كل الجهود من أجل إعداد وحدة مغاربية تقوم على أساس فيدرالي.
وإذا رجعنا إلى الظروف التي انعقد فيها المؤتمر في 1958 وتذكر سطوة الشعارات الوحدوية ذات الشحنة الخطابية والنزوع الشعبوي نتصور ذلك القدر الكبير من الواقعية والوضوح الذي ساور قادتنا منذ خمسين سنة وهم يفكرون في المستقبل.
"الجزائر وهي شاعرة بقدرة المغرب على مقاومة مخططات الهيمنة، تعمل على أن يبقى المغرب منشغلا بملف يمكن أن يسبب له إرهاقا أو على الأقل عدم اطمئنان، في انتظار أن تجبره الظروف على الخضوع"
الجزائر تريد إبقاء القضية مفتوحةبقي الملف مفتوحا بإرادة الجزائر، وقد تمكن المغرب في فترة 1974/1975 من قلب الأوضاع لصالحه في مواجهة فرانكو، وكان الرئيس الجزائري المرحوم بومدين قد أعلن أمام القمة العربية عام 1974 أن بلاده تؤيد الاتفاق المغربي الموريتاني للتنسيق ضد إسبانيا، وأنه لا مطلب للجزائر في الصحراء. ولكن حينما انتهت المفاوضات بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا بالاتفاق على الانسحاب قامت الجزائر بتحرش كثيف لمناوءة اتفاقية مدريد.
وأوفدت في نوفمبر / تشرين الثاني 1975 إلي مدريد وفدا حاشدا برئاسة الوزير عبد الغني عضو مجلس قيادة الثورة، من أجل أن تكون اتفاقية مدريد معها وليس مع المغرب وموريتانيا. لم يكن هناك حينذاك كلام عن حركة تحرير، و لا عن تقرير المصير، بل كان الأمر يتعلق بصفقة كانت إسبانيا مدعوة إلي أن تعقدها مع الجزائر رأسا لرأس، من دولة إلي دولة.
ولدى التصويت في الأمم المتحدة يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول 1975 على توصية تتعلق بالمصادقة علي تلك الاتفاقية، تقدمت الجزائر بمشروع يرمي إلي تجاهل اتفاقية مدريد والتأكيد علي ضرورة إجراء استفتاء. وضمنت لفائدة أطروحتها أصوات 24 دولة إفريقية.
وحينما مال المغرب إلى الانفتاح والحوار، تشجعت الجزائر على الاستمرار في تحريك المسألة، وتم إغراق الملف في العديد من الحيثيات، وتم إفراز العديد من التفريعات (فكرة مؤتمر القمة الاستثنائي لمنظمة الوحدة الخاص بالصحراء - لجنة الحكماء - اللجنة السباعية للتنفيذ - عضوية البوليساريو في المنظمة الأفريقية الخ).
وكانت ضغوط الجزائر علي إسبانيا من كل نوع، حيث فتحت مكتبا لمنظمة "إيتا" في الجزائر. وفضلا عن تقديم الدعم المالي والدعائي لحركة تحرير جزر الكناري، عملت الجزائر بعد سنوات على تسجيل مسألة الأرخبيل الكناري في جدول أعمال منظمة الوحدة الإفريقية. وتأتى حينئذ للمغرب أن يبين أنه وفي للاتفاق مع إسبانيا فعمل علي شطب المسألة من جدول أعمال منظمة الوحدة الأفريقية في دورة عقدت في طرابلس.
وقد كان جائزا في وقت ما أن يفكر البعض في أن هدف الجزائر هو الحصول علي ممر نحو الأطلسي، أو خلق كيان طيع في المنطقة يخدم رغبات الجزائر، أو يقطع الامتداد الإفريقي للمغرب.
ولكن ما ثبت طيلة العقود التي مضت هو أن الجزائر، وهي شاعرة بقدرة المغرب على مقاومة مخططات الهيمنة، تعمل علي أن يبقى المغرب منشغلا بملف يمكن أن يسبب له إرهاقا أو على الأقل عدم اطمئنان، في انتظار أن تجبره الظروف على الخضوع، وهذا هو الأساس في حسابات الجزائر.
شكرا جزيلا على هذا المجهود المتميز فلكم الاجر الكامل على كل شخص يقرء هذه المواضيع المتميز و يستفيد منه ومنهم انا فقد استفدت كثيرا فارجوا مواصلة وادراج كل ما هو جديد والف شكرا مرة ثانيةاستفدت كثيرا
RépondreSupprimerشكرا جزيلا
RépondreSupprimerMERCI
RépondreSupprimerشكرا على المرور الطيب للجميع
RépondreSupprimerنفيد و نستفيد من بعضنا من له أفكار و مواصيع لنعالجها فلا يبخل علينا
تعدد الآراء و الأفكار يعني الإلمام بالموضوع من كل جوانبه
و بارك الله في كل من مر من هنا
لا إله إلا الله محمد رسول الله
انا مغربي من قبيلة اولاد ابي السباح المغربية واردد ان الصحراء الشرقية والغربية ستبقى مغربية وسنسترد سبتة ومليلية والجزر المغربية ان شاء الله
RépondreSupprimer