مقدمة:
بتطور النشاط الإنساني تطورت وتعددت الأنماط الإدارية : الإدارة بالمشاركة، الإدارة بالاستثناء، الإدارة بالأهداف ...، وغيرها من الأنماط الإدارية، والتي يظهر تأثيرها على الجوانب المختلفة للمؤسسة ، وكذا على تفاعلاتها وتعاملاتها مع الأطراف الخارجية .
سنحاول في هذه الدراسة دراسة أحد هذه الأنماط الإدارية الحديثة، ألا وهو الإدارة بالأهداف وأثرها على صياغة رسالة المؤسسة، على اعتبار أن رسالة المؤسسة أحد المكونات الأساسية لإستراتيجية المؤسسة ، كإجابة على السؤال : كيف تؤثر الإدارة بالأهداف على صياغة رسالة المؤسسة ؟ وبمعنى آخر ، ما هو تأثير الإدارة بالأهداف على صياغة رسالة المؤسسة ؟ وللإجابة على هذا السؤال ، اعتمدنا المنهج الوصفي التحليلي، لأننا بصدد دراسة نظرية لتحديد العلاقة بين متغيرتين هما : الإدارة بالأهداف وصياغة رسالة المؤسسة ، على أن المتغيرة الأخيرة هي المتغير التابع والأولى هي المتغير المستقل.
وكانت فرضيات الدراسة:
-إن للإدارة بالأهداف أثر إيجابي على صياغة رسالة المؤسسة.
-تحديد الإدارة بالأهداف مدى فعالية صياغة رسالة المؤسسة.
نشأة و مفهوم الإدارة بالأهداف
يعتبر العديد من المفكرين بيتر دراكر، أول من أوجد الإدارة بالأهداف، إلا أن ذلك غير صحيح، و الدليل على ذلك هو أن كل فرد أو جماعة عند ممارستها لأعمالها أو أنشطتها العادية فإنها تسعى لتحقيق هدف معين أو الوصول إلى نتيجة محددة،
لكن الفضل يعود لبيتر داركر في إلقائه الضوء على النمط من الإدارة في كتابه " The Practice of Management"نشر عام1954 .
كما أن شركة جنرال إلكترونيك الأمريكية كانت قد اعتمدت نمط مماثل للإدارة بالأهداف، من خلال فكرة مركزية اتخاذ القرارات بوضع مناطق رئيسية للنتائج عند كل مركز من مراكز اتخاذ القرار، كما قامت آنذاك بتعديل هيكلها التنظيمي.
في عام 1975 وضح دوجلاس ماكريجور بالاعتماد على طرح دركر مدخلا جديدا لتقييم المرؤوسين و أدائهم، من خلال مراجعة المرؤوسين و الرؤساء، للأهداف المقترحة إلى أن يتم الاتفاق على الصورة النهائية للأهداف التي تكون بمثابة معيار يتم على أساسه الأداء و السلوك، بالتالي يظهر التقييم بواسطة الرؤساء ، و التقييم الذاتي للمرؤوسين مما ينشئ لديهم حافز لتحقيق الأهداف المطلوبة.
مع نهاية الستينات و بداية السبعينات، توسع مجال الإدارة بالأهداف ليصل إلى مجال التخطيط الإستراتيجي و القيادة الإدارية، و كل جوانب الإدارية و التسييرية، و بذلك أخذت الإدارة بالأهداف عدة تسميات، لعل أشهرها الإدارة بالأهداف و النتائج، الإدارة بالأهداف و الأولويات، الإدارة بالالتزام، الرقابة الذاتية، الإدارة بالإنتاجية، الإدارة بالعقود، الإدارة بالجهد الجماعي لتحديد الأهداف.
لقد تعددت التسميات لاعتبارات عديدة، فهناك من يسميها الإدارة بالأهداف و النتائج فذلك في اعـتقادنا لأنها تقوم على وضع أهـداف محددة يتم مقارنتها فيما بعد بالنتائج المحصل عليها، أي على أسـاس المقارنة بين الأهـداف و النتائج و أما من يسميها الإدارة بالأهداف و الأولويات فذلك لأن أساس وضع سلم الأهداف هو سلم الأولويات و تدرجها، و أما الإدارة بالالتزام فذلك لأن وضع الأهداف من الأساس يكون بشكل التزام لابد من الوفاء به و الشيء نفسه بالنسبة للمصطلحين الإدارة بالعقود و الإدارة الإنتاجية و فيما يخص الإدارة بالرقابة الذاتية، فذلك لأن هذا النمط من الإدارة يزيد من الرقابة الذاتية لدى الأفراد و يرتكز عليها أساسا، في حين أن تسمية الإدارة بالجهد الجماعي لتحديد الأهداف، فذلك لأن تحديد الأهداف يتم بالاتفاق بين مختلف الأطراف داخل المؤسسة رؤساء و مرؤوسين، كما أن تحقيقها يتم أيضا من خلال التضافر بين الجهود الجماعية.
من خلال محاولتنا توضيح جذور مختلف التسميات وصلنا إلى تحديد بعض أبعاد الإدارة بالأهداف، و التي سنوضحها أكثر من خلال إعطاء مفاهيم فيما يلي:
مفهوم الإدارة بالأهداف
تعددت مفاهيم الإدارة بالأهداف كما تعددت تسمياتها، و فيما يلي سنحاول طرح بعض منها:
الإدارة بالأهداف: "إحدى الإستراتيجيات الإدارية الفعالة التي تتيح المجال لتوظيف كافة الموارد المتوفرة و تمنح في نفس الوقت توجيها مشتركا للجهود نحو الرؤية، و أيضا خلق روح الفريق و مواءمة أهداف الفرد ( الموظف) مع المصلحة المشتركة و العامة للمنشأة"
و هي : "نظام تحدد المنظمة به طريقهاو ما تريد أن تصل إليه وقياس النتائج التي تحققها...و هذا النمط من الإدارة عبارة عن مجموعة من العمليات يشترك في تنفيذها كل من الرئيس و المرؤوسين و تتضمن هذه الأهداف المطلوب تحقيقها تحديدا واضحا و تحديدا مجالات المسؤولية الرئيسية لكل فرد...
مما سبق يمكن القول أن الإدارة بالأهداف عبارة عن نظام حركي يسعى إلى دمج أهداف العناصر المكونة له مع أهداف المنظمة، من خلال تحديدها للنتائج التي تصبو للوصول إليها، مع تحديد مسارات العمل الفعالة و حدود المسؤولية، أي أن الإدارة بالأهداف ترتكز على المشاركة و التعاون بين كل أعضاء المنظمة: الرؤساء و مرؤوسين،ن لتحقيق النتائج المحددة سلفا في شكل أهداف بأكثر فعالية و كفاءة ممكنة بالاعتماد على الرقابة الذاتية التي ينميها هذا النمط من الإدارة، و تصبح كحافز لدى الرؤساء و المرؤوسين لأداء مهامهم على أكمل وجه.
من خلال المفاهيم السابقة نخلص إلى تحديد أهم خصائص الإدارة بالأهداف، و هي:
1 – تقوم الإدارة بالأهداف على مبدأ التشاور و المشاركة بين المرؤوسين و الرؤساء لتحديد الأهداف الجزئية التي تتكامل لتحديد الهدف العام للمؤسسة، و في حالة وجود بعض الأهداف المتعارضة ( مثلا: الجودة العالية و التكلفة المنخفضة)، فإن من مهام الإدارة بالأهداف تحقيق الانسجام بينها – و هي الحالة التي تكاد تكون موجودة في مختلف المؤسسات الحالية
2- تستلزم الإدارة بالأهداف التعاون بين الرؤساء و المرؤوسين على وضع الخطط و الإجراءات المرحلية لتنفيذ الأهداف، ووضع معايير لقياس و تقييم الأداء و تقوم الانحرافات التي قد تظهر.
3 – هذا النمط من الإدارة يعمل على تنمية العلاقات بين أعضاء المؤسسة، و يرفع الروح المعنوية لدى العاملين من خلال مساهمتهم في الإدارة، و الاتصال المباشر و المستمر مع الرؤساء الذين يعملون على توفير الظروف المناسبة للعمل.
4 – يساعد التحديد المسبق للأهداف و معرفة كل عضو في المؤسسة لمهامه المسير في أداء وظائفه لأن كل الفرد قد ساهم في تنظيم و تنظيم و تخطيط عمله من مشاركته في وضع الأهداف مما يجعله قادرا على التوجيه الذاتي الرقابة الذاتية.
5 – عملية التفاعل المشتركة بين العاملين في المؤسسة من رؤساء و مرؤوسين، و الاحتكاك المستمر بتطورات الأمور و تأثيرها العلمي على تحقيق الأهداف، و واقعية النظرة إلى الإنجاز بالإضافة إلى الخصائص السابقة، تجعل المؤسسة في مركز متميز من خلال معرفتها و ممارستها العملية للتغيرات يمكنها من المواجهة أفضل من مثيلاتها للتحديات و التغيرات المستقبلية التي قد تتعرض لها.
6 – فلسفة الإدارة بالأهداف تقوم على نتائج إيجابية تتفق و أهداف المؤسسة الأخيرة التي تعتبر كمحصلة لمجموعة أهداف فرعية لأطراف مختلفة : أهداف المالكين و المستثمرين، أهداف القائمين على إدارة المنظمة ( المؤسسة)، أهداف الموظفين و العاملين على مختلف مستوياتهم التنظيمية، أهداف المتعاملين مع المنظمة ( المؤسسة) من زبائن، موردين،...
بدل أن نحدد خطوات الإدارة بالأهداف و مزايا و مآخذ هذا النمط من الإدارة لابد أولا من التعرض لماهية الأهداف، لأنها أساس الإدارة بالأهداف.
ماهية الأهداف
إن محور عمل الإدارة بالأهداف هو الهدف أو الأهداف، لذلك لابد من تحديد ماهيتها و معالمها و خصائصها.
مفهوم الأهداف
تعددت تعاريف الأهداف، إلا أنها غالبا تصب في نفس المعنى، فنجد أن اتزيوني ETZIONI يرى بأنها : " صورة لحالة مستقبلية مرغوبة تحاول المنظمة تحقيقها"
أما أنسوف ANSOFF فيعتبر أن: " الهدف هو مقياس لمردودية العمليات الخاصة بواسطة تحويل الموارد" ، بالتالي فإن الأهداف هي النتائج النهائية التي تريد المؤسسة الوصول إليها خلال زمن معين، لأنه لا معنى لهدف دون ارتباطه بزمن تحقيقه، و قد اعتبر بيتر داركر أنه توجد ثماني مجالات يتمحور حولها نشاط المؤسسة هي:
- موقف المنظمة في السوق: تحديد القطاعات السوقية المستهدفة و الحصة المطلوب تحقيقها في كل قطاع.
-الابتكار: درجة اهتمام المنظمة بتقديم منتوجات أو خدمات جديدة.
-الإنتاجية: الطريقة التي سوف يتم من خلالها تقييم كفاءة المنظمة ( البدائل المتاحة).
-الموارد المادية و المالية: كفاءة الحصول على الموارد و المدخلات اللازمة و استخدامها.
-الربحية: لتحديد مستوى الربحية سواء في صورة معدل للعائد على الاستثمار، أو في صورة هامش محدد للربح.
-مستوى آداء و تنمية الإدارة: وضع معايير يمكن من خلالها تقييم مستوى إدارة المنظمة، و معايير تكوين و استخدام البرامج التدريبية اللازمة لمساعدة الإدارة في تطوير خريطة إدارتها.
-مستوى آداء العاملين: تحديد المعايير التي يمكن استخدامها في تقييم آداء العاملين و الجهود التي تؤخذ بعين الاعتبار لكي تحافظ على الاتجاه الإيجابي للعاملين نحو وظائفهم، و نحو المنظمة ككل.
-المسؤولية الاجتماعية: دور المنظمة في إشباع حاجات المجتمع.
بتحديد بيتر درايكر لمجالات الأهداف الثمانية، حاول الربط بين المديين الطويل و القصير، و اعتبر أن إهمال أي منهما سيعود بنتائج وخيمة على المؤسسة ، كما أنه مهما يكن هدف المؤسسة فإنه سيدخل ضمن هذه المجالات، الذي لا بد أن يتحدد بأربعة عناصر حسب أورسني ORSONI) : صفة القياس، سلم التقييم ، المعيار الأفق ( البعد) الزمني.
أهمية الأهداف
لكل فرد في المؤسسة على حد السواء أهداف يسعى إلى تحقيقها، و ذلك على اعتبار أن الأهداف:
- عنصر أساسي لتحقيق الاستقرار الشخصي و الوظيفي لأنه بلا هدف لا معنى لحياة الفرد أو المؤسسة
- تحدد الاتجاه الذي يرشد كافة الرؤساء و المرؤوسين.
-تسمح بتحقيق التعاون و التنسيق و التكامل بين مختلف الأطراف.
- تساعد في تحديد المسؤوليات و السلطات، و كذا تحديد مجال تفويض السلطة.
-تساهم في بيان نوعية العلاقات السائدة بالمنظمة و كذا علاقاتها ببيئتها.
-تسمح بتحديد معايير التقييم و الرقابة و التقويم.
- تحديد سلم الأولويات و تعتبر آداة للتحفيز.
-تساعد في تخصيص الموارد، و توصيف و تصميم الوظائف.
و حتى تكون الأهداف على هذه الدرجة من الأهمية، لابد أن تكون: كمية و قابلة للقياس، و تكون مفهومة وواضحة و محددة بدقة، أن تبنى على نوع من التحدي أي ألا تكون سهلة في المتناول أن تكون متسلسلة و متناسقة و متكاملة بين الوحدات حتى تتمكن من تحقيق الهدف الأساسي و تكون مرتبطة بزمن تحقيقها، و أن يشارك المرؤوسين في وضعها حتى تكون بمثابة الدافع و المحفز لهم.
خطوات الإدارة بالأهداف
يتم تحديد خطوات الإدارة بالأهداف بشكل متسلسل و بمشاركة مختلف المستويات الإدارية، لأن أهداف المنظمة ماهي إلا محصلة لمجموع الأهداف المختلفة كما سبق و أشرنا، و تتم وفق الخطوات التالية:
1-تحديد أهداف المنظمة من بين مقترحات الأهداف المجمعة من مختلف الأطراف، و في إطار الفرص و التحديات المتاحة في البيئة الخارجية و ضمن نقاط القوة و الضعف لديها.
2- تحليل أهداف المنظمة إلى أهداف فرعية حسب مجالات النشاط: محاسبة، إنتاج، و غيرها ثم إعادة تحليل أهداف مجالات النشاط إلى أهداف أكثر تفصيلا، حسب كل فرد أو عضو في في المنظمة، يقوم بهذه المهمة الإدارة العليا بالتعاون مع الإدارة التنفيذية : كما يتم هنا الاتفاق على معايير و مقاييس لتقييم الأداء.
3- رسم خطط عمل تفصيلية تتكفل بتحقيق مختلف الأهداف التي تظهر في شكل سلسلة مترابطة أفقيا و عموديا، كما تكون هذه الخطط مرتبطة بسلوك العاملين و أدائهم.
4 – توفير ظروف العمل المناسبة و التي تستلزم وجود أنظمة ضرورية للاتصال، التدريب و الحوافز
5 - وضع برامج مراجعات و لقاءات دورية بين الرؤساء و المرؤوسين في الوحدات التنظيمية في المنظمة لتصحيح الانحرافات.
6 – تنفيذ ما تم التخطيط له و تنظيمه انطلاقا من الأهداف المحددة.
7 – في هذه الخطوة يتم التقييم الفعلي في ضوء المعايير و المقاييس المسطرة في الخطوات السابقة و على أساس الأهداف المحددة، ثم تحديد الانحرافات و تحليل أسبابها، و تحديد الطرق و الوسائل التي تمنع تكرارها مستقبلا.
8 – مرحلة التقويم يتم هنا إجراء التصحيحات و التعديلات اللازمة لتحقيق أهداف المنظمة .
9 – تبدأ دورة إدارة الأهداف من جديد من النقطة الأولى استعدادا لأهداف جديدة أو متجددة لتمر عبر كامل الخطوات و المراحل السابقة.
من الملاحظ أن إدارة بالأهداف تتم ضمن حلقة متجددة و مستمرة، و هي بذلك تحقق للمنظمة العديد من الإيجابيات، إلا أنه يؤخذ عليها أيضا عدة مآخذ.
إيجابيات و سلبيات الإدارة بالأهداف
الإدارة بالأهداف كغيرها من النظم لها إيجابيات و عليها مآخذ أو سلبيات، ندرجها فيما يلي:
إيجابيات الإدارة بالأهداف
1- زيادة الطاقة الإنتاجية، و مستوى الإنتاج بفضل الإهتمام بالنوعية و الجودة في ذات الوقت و تحسين الآداء. لأن عمليتي التخطيط و التنظيم تتم بالإتفاق بين المنفذين و المسيير ين فتكون بمثاية الموجه لهم، و لأنها تنمي لديهم الرقابة الذاتية أيضا.
2- تمكن من تحديد المشاكل الفعلية و المحتملة، بالتالي إمكانية تصحيحها حتى قبل وقوعها لأن هذا النمط من الإدارة يعتمد على المشاركة و التشاور و التنسيق.
3-زيادة فعالية تقييم و تقويم الآداء، و كذا الإستفادة إلى أبعد الحدود – من إستغلال الإمكانات المتاحة داخليا و خارجيا.
4 - يعزز الثقة بين الإدارة و العاملين و ثقة العاملين بأنفسهم.
5- تشجيع أعضاء المنظمة و تنمية روح الإبداع و المبادرة لديه
6-القضاء على الترهل و التسيب الإداري خاصة من خلال المتابعة الحثيثة أثناء ممارسةالنشاط، و من خلال حذف الوظائف التي لا أهداف جزئية لها تخدم أهداف المنظمة.
سلبيات الإدارة باهداف
1- صعوبة فهم و تعلم الإدارة بالأهداف و بالتالي صعوبة تطبيقها خاصة عند التعامل في بيئة أعمال لا تتوفر على المعلومات و الإتصالات اللازمة، أو التي تشجع الإبداع.
2- صعوبة صياغة أهداف موضوعية بسبب تداخل عدة أطراف في تحديدها، إضافة إلى أن الأهداف القصيرة الأجل تطغى على الأهداف طويلة الأجل.
3- زيادة الوقت و الجهد و التكلفة، بسبب العودة إلى التشاور بين مختلف الأطراف.
4- التمادي في ترجمة الأهداف إلى قيم قباسية، رغم عدم قابلية بعضها للقياس الكمي.
5- البيئة الداخلية و الخارجية دائمة التغير، مما يتطلب مرونة عالية الأهداف، و هذا ما قد لا يمكن تحقيقه في بعض الأهداف إضافة إلى تغير الأهداف حتى تتلاءم مع هذه التغيرات مما ينجم عنه عدم الإستقرار في المهام و الوظائف داخل المنظمة التي تتسبب في مشاكل عديدة.
بالرغم من سلبيات الإدارة بالأهداف إلا أنها إذا طبقت بشكل فعال، أي بدعم الإدارة و مساندتها لها و شرح و توضيح نمط الإدارة بالأهداف لمختلف الأطراف، و تحديد الأهداف بوضوح و دقة و السعي للإرتقاء بالمستويات الفكرية للرؤساء و المرؤوسين على حد السواء، فإنها ستحقق نجاحا كبيرا، و يبقى الأثر الكبير للإدارة بالأهداف بارزا أكثر في صياغة رسالة المنظمة.
رسالة المؤسسة و أسس صياغتها و تقييمها
مفهوم رسالة المؤسسة و أهميتها
مفهوم رسالة المؤسسة:
هي الإجابة الوافية عن الأسئلة المتعلقة بالمنظمة و نشاطها لأنها: " الجملة التي تميز منشأة عن منشأة أخرى مشابهة." ، و هي اللبنة الأساسية لبناء الإستراتيجية بحكم أنها: " الإطار الرئيسي المميز للمنظمة دون غيرها من المنظمات، من حيث مجال نشاطها و منتجاتها و عملائها و أسواقه،... بهدف بيان السبب الجوهري لوجود المنظمة و هويتها و عملياتها و ممارساته." ، فهي تعمل كحافز يدفع العاملين إلى تحقيق الأهداف الفرعية و التي تتناسق و تتكامل مكونة الهدف العام للمنظمة، كما تعطي صورة عامة للعملاء بما يمكن أن توفره لهم من منافع،و حتى تكون الرسالة جيدة لابد أن تكون:
1-صياغة الرسالة بصورة واضحة، دقيقة و مختصرة بما يسهل فهمها و تذكرها لدى الأفراد، و في نفس الوقت قابلة للتعديل و التجديد بما يتناسب مع تغيرات البيئة الداخلية و الخارجية.
2-أن تكون عبارات الرسالة قابلة للتحويل إلى خطط و سياسات و ليست مجرد شعارات جوفاء.
3-أن تكون منطلقة من احتياجات السوق و العملاء و تتناسب مع قيم و أخلاقيات المنظمة و أهدافها.
4-العناصر أو الإجابات التي يجب أن تتوفر عليها الرسالة و يتم تقييمها و تقويمها على أساسها، تختلف باختلاف المفكرين و المسييرين، إلا أنه يظهر اتفاق ضمني على تسع عناصر أساسية لابد أن تشملها الرسالة الفعالة، و تظهر في شكل إجابات للأسئلة:
-العملاء: من هم عملاء أو زبائن المؤسسة؟
-السلع و الخدمات: ماهي السلع و الخدمات الرئيسة التي تقدمها مؤسستنا لزبائنها ؟
-الأسواق: ماهي الأسواق التي تتعامل ضمنها؟ و من هم منافسونا ؟
-التكنولوجيا: ماهي أسس التكنولوجيا التي تعتمد عليها مؤسستنا ؟
-الاهتمام بالبقاء و النمو و الربحية لمؤسستنا ملتزمة بالنمو و المركز المالي الجيد ؟ بمعنى ماهي التزامات المؤسسة نحو تحقيق الأهداف الاقتصادية ؟
-الفلسفة و الإيديولوجيا: ماهي المعتقدات الأساسية و القيم و التطلعات و الأولويات الأخلاقية للمؤسسة.
-المفهوم الذاتي : ماهي قوانا الداخلية ؟ و ماهي ميزتنا التنافسية ؟
-الاهتمام بالصورة العامة: ماهي الانطباعات العامة لدى الجمهور عن الشركة ؟
-الاهتمام بالعمل: ماهي اتجاهات الشركة نحو العاملين ؟
أهمية رسالة المؤسسة
انطلاقا من العناصر المكونة للرسالة و التي سبق الإشارة إليها، فإن للرسالة أهمية بالغة تكمن في:
1-أن الأهمية الأساسية للرسالة تكمن في أنها تعطي الإجابة عن السؤال : ماهو عملنا ؟ هذا السؤال الذي يرى بيتر داركر أنه يجب أن يطرح على المسيرين، لأنه يحدد الاتجاه العام للمؤسسة.
2- تضمن الرسالة توجيه الجهود و إجماعها للحصول على الأفضل في المؤسسة.
3-تمد المسير بالأسس الواضحة و المعايير اللازمة لعملية الاختيار الإستراتيجي، بحكم أنها تشتمل على العناصر الأساسية المحددة للإطار العام للمؤسسة، لعملاء، المنتجات، الأسواق، التكنولوجيا، البقاء و النمو و الربحية، الفلسفة و الإيديولوجية، المفهوم الذاتي، الصورة العامة و العاملين.
4- تحديد الرسالة للأطر و المجالات العامة للمؤسسة يسمح بتوفير المناخ الملائم لآداء العاملين.
5-توفر الرسالة على الأهداف العامة للمؤسسة يسهل تحويلها إلى أهداف فرعية و من ثمة إلى مهام و أنشطة محددة، بمعنى آخر تفصيل الأهداف العامة إلى المهام و الأنشطة الفرعية.
6-تعتبر الرسالة آداة للرقابة و التقييم.
7-يمكن من خلال الرسالة تحديد ثقافة و أخلاقيات و اتجاهات أصحاب القرار في المؤسسة.
8-إذا يمكن القول أنه للرسالة أهمية سواء للمؤسسة أو لمختلف الأطراف المتعاملة معها، لأن هذه الأخيرة تستطيع تحديد كيفية التعامل مع المؤسسة، لأنها تستنبط من الرسالة: العملاء، المنتجات، السوق،...
لقد تعززت أهمية الرسالة من خلال إحدى الدراسات الحديثة، التي قامت بإجراء تحليل مقارن لـ 500 شركة بغية التعرف على أثر اهتمام المنظمات بوضع رسالة محددة و إعلانها بشكل ما، و شملت الدراسة شركات تتميز بكفاءة الآداء وأخرى تتسم بانخفاض الآداء، و خلصت الدراسة إلى اهتمام الشركات بوضع و تحديد رسالتها و الإفصاح عنها يعد من أهم أسباب تميزها و نجاحها.
مراحل تطور رسالة المؤسسة
تتطور الرسالة بتطور المؤسسة و ذلك لأن كل مرحلة من المراحل التي تمر بها المؤسسة ضمن حياتها تقتضي وجود تغيرات معينة، مما يستوجب تغير أو تعديل الرسالة، و الملاحظ عموما أن الرسالة تمر بأربعة مراحل، إلا أنه يمكن إجمالها في مرحلتين أساسيين هما:
مراحل الرسالة غير الواضحة أو العامة
و تتضمن المؤسسات الصغيرة الحجم، أو التي لا تأخذ بمفهوم الإدارة الإستراتيجية أو المؤسسات التي تعمل دون أن تحاول أن تسأل نفسها عن المساحة التي ينبغي أن تشغلها في المجال الذي تعمل فيه و بتطور المؤسسة و توسع مجالات عملها و تدخل أطراف جديدة بسبب تغير البيئة الداخلية لها، تظهر الحاجة إلى وضع رسالة واضحة.
مراحل الرسالة المحددة
و تتميز الرسالة هنا بالتحديد، و تشمل مرحلتين:
- مرحلة وضع رسالة محددة: على الرغم من أن المؤسسة تحدد رسالتها في هذه الرسالة تتميز بالعمومية، لأن عباراتها و مضمونها ينقصهما التحديد الدقيق، و عدم وجود المقاييس و المحددات اللازمة لها كنسب النمو أو درجة الإشباع بالتالي يصعب تحديد ما إذا كانت المؤسسة قد حققت أهدافها أم لا.
مرحلة وضع رسالة محددة
تتميز الرسالة في هذه المرحلة بالدقة و التحديد مما يسهل عملية التقييم و يستحسن أن تكون الرسالة مكتوبة حتى يسهل فهمها و متابعتها من قبل مختلف الأطراف إضافة إلى أنها تميز المؤسسة عن باقي المؤسسات المنافسة، و من أهم خصائص الرسالة في هذه المرحلة:
1-تحديد الرسالة في مصطلحات يمكن قياسها.
2-وصف لدور الرسالة في بيان مكانة المنظمة ( المؤسسة).
3-توضيح دور الرسالة في تحقيق العوائد.
بتشعب نشاطات المؤسسة و توسع مجالاتها أكثر فأكثر تظهر المرحلة الرابعة لتطور الرسالة.
مرحلة الأولويات في عرض مضمون الرسالة
المؤسسات الكبيرة الحجم تتميز بتعدد الأطراف المتعامل معها بسبب تعدد و توسع مجالات عملها، و ينتج عن ذلك ضرورة تعدد رسالة المؤسسة، لذلك يستلزم على المؤسسة ترتيب أولويات اهتمامها ضمن مضمون رسالتها، بمعنى آخر التوفيق بين مختلف الأطراف، مع احترام سلم أولوياتها بالتالي ترتيب الأولويات يحقق ومفهوم العمل الجماعي.
في هذه المرحلة تأخذ الرسالة أهمية بالغة، حيث تصل في بعض المؤسسات الكبيرة إلى أن تكون موثقة في سجلات المنظمة. ( المؤسسة) بدءا من لوائحها و قراراتها و تقاريرها السنوية و غيرها من نشرات المنظمة، لذلك فإن صياغة الرسالة تطلب جهدا و تركيزا أكبر.
رسالة المؤسسة
صياغة رسالة المؤسسة
صياغة رسالة المؤسسة تتطلب كما سبق و أشرنا إلى الجهد و تركيز كبيرين، لأنها تتطلب دراسة و تحليل البيئة الداخلية و البيئة الخارجية للمؤسسة حتى تتمكن من تحديد ما تريد الوصول إليه مستقبل انطلاقا من وضعها الحالي ( الإمكانيات و الفرص الممكنة) و تركز المؤسسة عموما على ثلاث أبعاد في صياغة رسا لتها و تسمى مثلث أبعاد الرسالة و هي :
1 – الأهداف التي تسعى لتحقيقها مستقبلا.
2 – العمليات التي تقوم بها المنظمة ( المؤسسة) و تميزها عن غيرها من المنظمات.
3 – الموارد / المدخلات و تتمثل في درجة جودة المدخلات للعملية الإنتاجية و للمنظمة و قدرتها على جذب أفراد ذوي الكفاءة العالية و درجة استقرار مصادر التوريد المختلفة و القدرات الإدارية العالية التي تتمتع بها المنظمة.
إن مثلث أبعاد الرسالة يحدد الإطار العام للحكم على مدى جودة صياغة الرسالة، إلا أنه يمكن إضافة عناصر أخرى كالفرص و المخاطر، نقاط القوة و الضعف، مخرجات المؤسسة، كما أن التحديد و الدقة في صياغة الرسالة تستلزم في الوقت نفسه الاتساع بدرجة تسمح بالمزيد من الابتكار و الإبداع و هذا يعطي أبعاد الرسالة شكلا هندسيا متعدد الأضلاع، و للتعبير عن رسالة المؤسسة توجد وجهتا نظر مختلفين..
1 – وجهة نظر الوصفية: ينادي أصحابها بضرورة أن تعكس العبارات فكرة التعظيم لبعض مؤشرات الأداء بالمنظمة فهي تعكس الأداء المثالي إما في صورة تعظيم لأحد المتغيرات الخاصة بالآداء كالربح أو العائد على رأس المال المستثمر، أو في صورة تدنية لبعض المتغيرات الأخرى المرتبطة بالآداء مثل الكلفة ( التكلفة). و تستخدم دائما المتغيرات كمقياس لمستوى آداء المنظمة ( المؤسسة).
2 – وجهة النظر المعيارية: و ترى أن المنظمة الفعالة هي تلك التي تعمل من خلال عدد من المعايير المحددة التي يمكن من خلالها تقييم مدى جودة العبارات التي تعكسها الرسالة، و يمكن استخدام عدد كبير من المعايير في تقييم العبارات.
بالتالي فإن وجهة النظر الأولى تسعى إلى الأمثلية: أما الثانية فتتميز بقربها من الواقع- أي واقعية- فوجهة النظر المعيارية تقود الأفراد داخل المنظمة بشكل واقعي بعيدا عن المثالية، بالتالي هي التي تتماشى حسب اعتقادنا بشكل أفضل مع شروط الرسالة: الدقة، الوضوح،..
تقييم الرسالة للمؤسسة
توجد العديد من التوجهات لتقييم رسالة المؤسسة، فالبعض يرى أن الرسالة الجيدة هي التي تقود مختلف الأطراف المتعاملة مع المؤسسة في الاتجاه الذي يخدم مصالحهم و مصالحها في نفس الوقت، لذلك فالرسالة الجيدة هي التي تقدم الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بعناصر الرسالة الفعالة – في حين يحدد البعض ستة معايير لتقييم رسالة المؤسسة، يشملها الجدول التالي:
جدول المعايير المستخدمة في تقييم رسالة المؤسسة
المعــــيـار وصــف المعيـــار
1- نتائج محددة بدقة يعني وجود مصطلحات قابلة للقياس مع تحديد زمن محدد لتحقيقها
2- التوافق مع البيئة مدى تناغم المنظمة مع البيئة التي تعمل بها المنظمة حاليا أو من المتوقع أن تعمل معها في المستقبل
3 – طريقة الوصول وصف كيفية وصول المنظمة إلى النتائج المرغوبة من خللا الأنشطة
4 – التطابق الداخلي قياس مدى تطابق السياسات و الإجراءات و الخطط التي توضع على مستوى المنظمة أو على مستوى وحدات العمل
5 – تكامل المنظمة تحقيق درجة من التكامل بين أجزاء و مكونات المنظمة الرئيسية كأن توضح نطاق و حجم العمليات و تخصيص الموارد و المزايا و العيوب الخاصة المنظمة
6- إمكانية تحقيقها لابد و أن تكون واقعية و لكنها تعطي الفرصة للمنظمة للتحدي في نفس الوقت في حدود ما يمكن الحصول عليها من موارد.
معايير تقييم الرسالة لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل و أثناء الصياغة، كما لابد من التقييم الدوري المستمر بعد ذلك حتى تتمكن الرسالة من تناول و شمول مختلف التغيرات التي يمكن أن تطرأ على البيئة الداخلية و الخارجية للمؤسسة و ما ينعكس من جراء ذلك على إستراتيجية المؤسسة خاصة و أن الرسالة تعتبر أكثر الأجزاء المرئية و الشعبية في إستراتيجية المؤسسة.
أثر الإدارة بالأهداف على صياغة رسالة المؤسسة
سنحاول إبراز أثر الإدارة على صياغة رسالة المؤسسة، من خلال أبعاد مثلث أبعاد الرسالة، إضافة إلى عنصر آخر يضم باقي المتغيرات.
أثر الإدارة بالأهداف على صياغة الرسالة من خلال الأهداف
تشمل رسالة المؤسسة الأهداف العامة التي تحدد وفق نمط الإدارة بالأهداف من خلال اختيار الأهداف المشتركة و الأكثر أهمية من بين الأهداف المقترحة، و الجهة التي تقوم بعملية الاختيار و المفاضلة هي الإدارة العليا، و و مختلف الأطراف إلا أن القرار النهائي يعود للإدارة العليا، بالتالي تتحدد الأهداف و منه بالرغم من الأهداف تستنبط من أهداف وفق: ميولاتها، خلفياتها، سلم أولوياتها،...، و يكون هذا التأثير إيجابيا كما قد يكون سلبيا فنجد أن بعض المسيرين يميل إلى هدف الربحية في حين يميل البعض الآخر إلى المسؤولية الاجتماعية، و يظهر ذلك مباشرة في صياغة الرسالة، فقد تجلب متعاملين لهم نفس سلم الأولوية، كما أنها قد تظهر معارضة بعض الأطراف و بذلك يظهر الجانب السلبي لأثر الأهداف على صياغة رسالة المؤسسة، من جهة أخرى نعلم أن الإدارة بالأهداف تقوم على تحقيق التوافق و التكامل بين أهداف مختلف الأطراف سواء من داخل المؤسسة : مسيرين و عمال، أو من خارجها، و هذا التوفيق يصعب تحقيقه في بعض الأحيان، بالتالي تلجأ الإدارة العليا في صياغتها لرسالتها على وضع جملة من الأهداف الغير واضحة و هذا ينعكس سلبا لأن الأطراف الخارجية، قد ترى في ذلك سوء تسيير أو تقصير من الإدارة العليا مما يؤثر على صورة المؤسسة أساسا و ليس فقط على صياغة رسالة المؤسسة، بمعنى آخر كون رسالة المؤسسة تعكس جوهر الإستراتيجية التي تساعدها في تحقيق أهدافها ، و لأن الرسالة هي الجزء الظاهر من إستراتيجية المؤسسة، فإن التحديد غير الصحيح للأهداف أو التطبيق الغير فعال لإدارة الأهداف ينعكس سلبا على فعالية صياغة الرسالة و منه على المتعاملين مع المؤسسة.
المبحث الثاني: أثر الإدارة بالأهداف على صياغة الرسالة من خلال العمليات:يحقق نظام الإدارة بالأهداف التوحد و الترابط بين مستويات الأداء و منه الإنجاز على:
-مستوى الفرد أو جماعة الأفراد.
-مستوى التقـسيم التـنظيمي.
-مستوى المـنظمة ( الشـركة)
بالتالي فالإدارة بالأهداف في صياغتها لرسالتها، تحاول أن تضع الأسباب لإستراتيجية المؤسسة على العموم، و على مستوى الأداء العملي، و من ثمة ترجمة ذلك في شكل إجراءات و عمليات و برامج، إن عملية الترجـمة هذه تتطلب التحليل الدائم و المستمر للمناخ الداخـلي للمؤسسة، و يتطلب ذلك أن تتم صياغة رسالة المؤسسة بأقـصى ما يمكن من المرونة لأن المراجعة الدورية و ما ينتـج عنها من تعديلات في الخطط و البرامج و العمليات لابد أن تبقى في إطار صياغة الرسالة، لأنها إن لم تعكسها فإن ذلك معناه عدم فعالية أو جدوى الرسالة، مما قد يفسر إلى عدم مصداقية الرسالة.
من جهة أخرى إذا كانت صياغة المؤسسة متماشية مع الإدارة بالأهداف، من حيث شمولها للعمليات و الإجراءات اللازمة لتنفيذ ما تتطلبه الإدارة بالأهداف، فمعنى ذلك أن الرسالة صيغت بصورة فضفاضة حتى تستوعب مختلف التغيرات التي قد تطرأ على مختلف العمليات و الإجراءات و هذا ما يتنافى مع الشروط الواجبة التحقيق لصياغة رسالة فعالة للمؤسسة هذا على مستوى نموذج الرسالة، و على مستوى الأطراف فإن هذه الصياغة الفضفاضة، لن تؤدي بالرسالة إلى تحقيق الهدف المرجو منها و الخاص بتوجيه الأفراد إلى أداء ما هو مطلوب منهم كما لا يمكنها من أداء دورها كأداة لتقييم الأداء العام للمؤسسة.
إن وقوفنا على النقاط التالية لا يعني أن أثر الإدارة بالأهداف على صياغة رسالة المؤسسة مرتبط فقط بالجانب السلبي، لأنه لا يمكن أن نهمل أثرها الإيجابي و المتمثل في أن الإدارة بالأهداف تسهل صياغة الرسالة، لأن الإدارة بالأهداف أداة لتعبئة جهود و طاقات مختلف الأطراف و المستويات و توحيد جهودهم بالتالي يصبح من السهل على الإدارة العليا صياغة رسالة المؤسسة، و هذا ما يصعب تحقيقه في إطار الأنماط الإدارية الأخرى.
أثر الإدارة بالأهداف على رسالة المؤسسة من خلال الموارد / المدخلات
تتمثل الموارد أو المدخلات في مجموع: المواد الأولية، الوسائل و أدوات الإنتاج، الموارد البشرية و مختلف المعلومات التي تحتاجها المؤسسة لصياغة رسالتها، و التي كلما كانت على درجة أعلى من الجودة كلما انعكس ذلك بالإيجاب على صياغة رسالة المؤسسة.
أما عن أثر الإدارة بالأهداف على صياغة رسالة من خلال الموارد/ المدخلات، فيظهر من كون الإدارة بالأهداف تبنى بالأساس على المعطيات الداخلية و الخارجية هذه الأخيرة التي على رأسها المدخلات مهما كان شكلها، و الإدارة بالأهداف على العموم من الأنماط الإدارية التي تسعى إلى جذب الكفاءات الإدارية و المهارات التنظيمية و تعمل على توفير المناخ المستقر لآدائها، و هذا ما يظهر من خلال رسائل المؤسسات التي تعمل في ظل هذا النمط من الإدارة.كما أن طبيعة المدخلات في حد ذاتها تعد هدفا فنجد بعض المؤسسات تسعى إلى استخدام المدخلات الطبيعية الغير مضرة بالفرد أو البيئة، في حين أن مؤسسات أخرى تهمل هذا الجانب، و هذا التحديد لطبيعة المدخلات يظهر بشكل جلي في صياغة رسالة المؤسسة، مما قد يكسب رسالة المؤسسة ميزة للتفوق على رسائل المؤسسات الأخرى، لأنها حددت بدقة مدخلاتها، بالتالي يسهل على ضوء ذلك تحديد طبيعة مخرجات المؤسسة بسهولة، لأن الإدارة بالأهداف مبنية على تسلسل و ترابط الأهداف و تكاملها، فمن غير الممكن أن يسمح هذا النمط من الإدارة طرح مخرجات منخفضة الجودة من مدخلات عالية الجودة لأن في ذلك تعارض و تضاد، و معنى ذلك أن الإدارة بسعيها إلى تحقيق الأفضل تتطلب مدخلات عالية الجودة بأكثر كفاءة و فعالية ممكنة و الذي يظهر مباشرة في صياغة الرسالة، إلا أن ما يؤخذ على ذلك هو أن الإدارة بالأهداف تتطلب المراجعة الدورية و المستمرة التي قد تؤدي إلى تغيير المدخلات أو الموارد، ما يستلزم إجراء تعديلات على صياغة رسالة المؤسسة أو تغييرها جذريا.
أثر الإدارة بالأهداف على صياغة رسالة المؤسسة من خلال معايير التقييم
أردنا المزج بين أثر الإدارة بالأهداف و المعايير المستخدمة لتقييم رسالة المؤسسة حسب Hofer و Schende ، حتى يتم تحديد الأثر بصورة أدق و أشمل كما يلي:
-فالإدارة بالأهداف تسعى لوضع أهداف في صورة نتائج مسبقة محددة بدقة و هذا ما تتطلبه الرسالة: الدقة و الوضوح، مع وجود البعد الزمني لهذه النتائج.
-تبني الإدارة بالأهداف كما سبق و أشرنا على التشخيص الجيد للبيئتين الداخلية و الخارجية للمؤسسة بكفاءة أعلى كما تسمح باختصار الجهد، الوقت، و المال.
-طريقة الوصول لتحقيق الأهداف تحدد بشكل متسلسل، في شكل إجراءات و عمليات على مستوى كل عضو في المنظمة مما يجعل رسالة المؤسسة موجهة فعلا لأفراد المؤسسة، كما أنها تكون بمثابة الحافز لهم و الآداة المساعدة للتقييم الجيد.
-تسمح الإدارة بالأهداف بالكشف عن العيوب أو الإختلالات التي يمكن أن تحدث في المؤسسة كما تتحدد على ضوئها مجالات السلطة و المسؤولية، و العلاقات بين مختلف الأفراد أو الوحدات و الموارد اللازمة لآداء أي عملية مهما كانت بسيطة أو معقدة، بالتالي يتم في ضوء ذلك تجديد المكونات الأساسية و العلاقات الرئيسية التي يجب أن تشملها الرسالة.
-لابد من توفر شرط أساسي سواء في الإدارة بالأهداف أو في صياغة رسالة المؤسسة ألا و هي إمكانية التحقيق و الواقعية، لكن أثر الإدارة بالأهداف هو الذي يطغى على صياغة رسالة المؤسسة، لأنه حتى و إن طرحت أهداف غير قابلة لتحقيق فمن المفترض أن تتم المفاضلة بين جملة من الأهداف، و من جملة معايير المفاضلة إمكانية التحقيق من خلال ذلك لأنها هي التي تسمح اختبار إمكانية التحقيق، فإذا تم ذلك بشكل فعال فسينتج لنا صياغة فعالة للرسالة، كما يظهر العكس إذا لم يتم الاختبار بشكل فعال.
في الأخـير يمكن القول أن الإدارة بالأهداف و صياغة الرسالة يسيران ضمن خطين متوازيين و بنفس الاتجاه، إن لم نقل أنهما متطابقين في العديد من النقاط، فما تتطلبه الإدارة بالأهداف ، تتطلبه أيضا صياغة الرسالة، إلا أن الإدارة بالأهداف هي صاحبة التأثير على صياغة الرسالة إن كان التأثير إيجابيا أو سلبيا.
خــاتمة
من خلال هذا البحث الذي تناولنا فيه الإدارة بالأهداف و رسالة المؤسسة حاولنا إلقاء الضوء على نمط من الأنماط الحديثة للإدارة و عنصر أو جزء أساسي من أجزاء الإستراتيجية كمحاولة للإجابة على السؤال: كيف تؤثر الإدارة بالأهداف على رسالة المؤسسة، و قد وجدنا أن هذا التأثير يأخذ و جهتين: وجه إيجابي و آخر سلبي، فإذا تمت الإدارة بالأهداف بشكل فعال و جيد فإن ذلك سينعكس مباشرة على صياغة رسالة المؤسسة، أما إذا كانت الإدارة بالأهداف تتميز بعدم الفعالية ونقص الجودة، فإن ذلك سيظهر مباشرة وبشكل سلبي على صياغة رسالة المؤسسة، أي أن علاقة التأثير بينهما تأخذ شكل العلاقة الطردية، أي أنهما يسيرنا بنفس الاتجاه (سلبي أو إيجابي)، إلا أن السؤال الذي يمكن طرحه الآن: هو ما مدى تأثير الإدارة بالأهداف على صياغة الرسالة ؟ وللإجابة على هذا السؤال فإن ذلك يتطلب بعد كمي، كما أنه يتطلب دراسة عملية لمؤسسة قائمة فعلا تعتمد على نمط الإدارة بالأهداف حتى نتمكن من قياس درجة تأثير الإدارة بالأهداف على صياغة الرسالة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
شركنا برايك ووجهة نظرك