المنظمات غير الحكومية
لقد تنامي ظهور المنظمات غير الحكومية في الآونة الأخيرة ، و قد جاء ذلك نتيجة الطلب للاستقلالية و تقوية مؤسسات التنمية المستدامة و المجتمع المدني ، و لتتحدى المؤسسات الرسمية للدولة و مؤسسات القطاع الخاص التجارية ، و لخلق التوازن المطلوب في المجتمع ، فالمنظمات غير الحكومية هي المنظمات التي لا تكون جزءا من الهيكل التنظيمي لجهاز الدولة ولا هي منظمة تهدف إلى تحقيق الربح مثل المنظمات في القطاع الخاص ، بكلمة أخرى هي منظمات لا يستفيد منها القائمون على إدارتها من عائد أنشطتها و برامجها أي منفعة شخصية ، بل نشاطاتها و برامجها لخدمة هدف عام .
إن أهم ما يميز المنظمات غير الحكومية عن غيرها من المنظمات هي رسالتها و الغرض من إنشائها فالمنظمات الخاصة الغرض من إنشائها هو تحقيق الربح ، و الحكومية وجدت للدفاع عن البلاد و حماية مكتسباتها و أمنها القومي لتحقيق الأمن و الدالة بين أفراد المجتمع و العمل على تحقيق الرفاهية العامة للمجتمع بتحقيق النمو الاقتصادي و القضاء على البطالة ، في حين أن المنظمات غير الحكومية وجدت غالبا لتقديم بعض الخدمات و دعم بعض التوجهات في مجالات متعددة اقتصادية اجتماعية و سياسية مثل تنبيه المجتمع لبعض المخاطر البيئية و الاجتماعية أو تقديم الرعاية الصحية أو خدمات تعليمية تربوية و ثقافية و اجتماعية و غيرها من الأسباب التي تحمل الطابع العام لأهمية توفير الأمن الاجتماعي و رفاه المجتمع بصفة عامة .
يعرفها البنك الدولي " بأنها مؤسسات و جماعات متنوعة الاهتمامات إما مستقلة كليا او جزئيا عن الحكومات ، و تتسم بالعمل الإنساني و التعاوني و ليس لها أهداف تجارية " .
أما الأمم المتحدة " بأنها منظمات لها رؤية محددة تهتم بتقديم خدمات للجماعات و الأفراد و تحسين أوضاع الفئات التي تتجاوزها أو تضرها التوجهات الإنمائية ، كما يتحدد عملها في ميادين المشاريع الإنمائية ، الطوارئ إعادة التأهيل و كذلك ثقافة المجتمع و الدفاع عن الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية " .
و عليه فإن هناك مجموعة من الصفات و المعايير يجب الاعتماد عليها عند تحديد مفهوم المنظمات غير الحكومية و تتمثل هذه الصفات و المعايير فيمايلي :
1- آن يتوفر للمنظمة شكل رسمي له سمة الدوام إلى حد ما .
2- أن تكون المنظمة غير هادفة للربح
3- أن تكون المنظمة غير حكومية أي غير مرتبطة بهيكل الحكومة .
4- أن تنبع الإدارة الذاتية للمنظمة من داخلها
5- توافر قدر من المشاركة التطوعية سواء في إدارة المنظمة أو في أنشطتها .
6- أن تكون المنظمة غير حزبية أي لا ترتبط أساسا بحزب معين لكنها قد تنشط سياسيا وهذا من منظور استقلالية المنظمة و توجهها إلى المجتمع ككل .
أهمية المنظمات غير الحكومية :
1- كونها تعكس حاجة تنموية اجتماعية عادة ما تنشأ داخل المجتمعات المحلية ، و بذلك تكون الرد الطبيعي أو العفوي لحاجات تنموية اجتماعية لفئة معينة أو مجموعة أو شريحة من السكان أو منظمة جغرافية أو مجموعة أو تيار سياسي أو قضية اجتماعية .
2- القدرة على التحرك بحرية نسبية حيث أنها متحررة نسبيا من المحددات الحكومية و الرسمية من نواح عديدة ، بما فيها النواحي السياسية و الإدارية .
3- التواصل و الاتصال مع الفئات المستهدفة تبعا لبنيتها و طبيعتها غير الرسمية و عنصر التطوعية ، فإن المنظمات عادة ما تكون أقدر على الوصول و التواصل مع الفئات المستهدفة .
4- كونها أكثر تقبلا و تحوز على ثقة أكبر من قبل الفئات المستهدفة تبعا للدرجة العالية من الاتصال و التواصل مع الفئات المستهدفة ، فغن المنظمات عادة ما تحوز على ثقة اكبر من قبل هذه الفئات و بالتالي يتم التعامل بإيجابية اكبر .
5- مرونة الحركة عادة ما يكون للمنظمات غير الحكومية مرونة نسبية عالية في التحرك و خاصة لكونها اكثر تحررا من قيود البيروقراطية التي تعاني منها الجهات الحكومية .
و تكتسب المنظمات غير الحكومية أهميتها من ثلاث عوامل مترابطة هي :
1- تصور الناس للقواعد و المبادئ و القيم التقليدية ، إعتقادتهم الدينية و مخزونهم الثقافي ، ومعتقدات الديمقراطية و الحرية و الحكم الصالح و المجتمع و الأسرة و الفرد .
2- القوانين التي تطبقها الدولة و التي تحدد حرية التعبير و حركة الأفراد و الحيز القانوني الذي يعمل فيه كل فرد بقصد تكوين شبكات و جمعيات .
3- عملية بناء الثقة بين الأفراد و مع مختلف المجموعات المنظمة ن وهذا يشكل الأساس الذي يقوم عليه تكوين الشبكات الاجتماعية .
التحديات التي تواجه عمل المنظمات :
بالرغم من الدور الذي تمارسه المنظمات غير الحكومية في مجال التنمية الاقتصادية و الرعاية الاجتماعية و التنمية الثقافية و التوعية بالمخاطر البيئية ، بالإضافة إلى تقديم المساعدات المعونات الإنمائية للدول النامية و الفقراء في كافة أنحاء العالم ، غير أنها اليوم تواجه العديد من التحديات الداخلية و الخارجية ، و يشير التقرير الأول للتنمية الإنسانية العربية عام 2002 إلى أن المعوقات التي تواجه المنظمات غير الحكومية هي متعددة منها قسم خارجي مثل : القيود الإدارية و البيروقراطية و تلك المرتبطة بالنظام العام ، و القسم الآخر يأتي من داخل الجمعيات نفسها مثل قلة الديمقراطية الداخلية التي تنعكس في البطء في تداول الإدارة ، و انخفاض تمثيل الشباب في مجالس إدارتها ، و تركيز الغدارة في يد شخص واحد ، كذلك نقص الشفافية فيما يخص عملية اتخاذ القرارات حيث أن البعض من الجمعيات تجد صعوبة في احترام قواعد واضحة للإدارة و المحاسبة و محدودية العمل التطوعي و تقليص القاعدة الاجتماعية و التبعية المالية للخارج و أسهمت هذه العيوب في كثير من المشكلات التي تواجه العديد من الجمعيات في تمويل نشاطاتها .
و يمكن إيجاز أهم العراقيل كمايلي :
* نقص التشريعات الخاصة بالمنظمات غير الحكومية ، نقص الدعم غياب الامتيازات و التسهيلات
* مشكل التمويل غالبا ما يتم التمويل بالتبرع من طرف الشركات و المحسنين و التبرعات ، أي عدم وجود دخل ثابت لهذه المنظمات .
* صعوبة التواصل مع المجتمعات التي يغيب فيها الوعي و الثقافة و عدم إقبال شريحة كبيرة على هذه المنظمات
* غياب كوادر شبابية نشط قادرة على التأثير ، و غياب التخطيط الإستراتيجي .
* ظهور عدد كبير من المنظمات تحت تسميات مختلفة لكن الهدف واحد
إن تفعيل دور المنظمات غير الحكومية في التنمية بوصفها شريكا لكل من القطاع العام و الخاص ، يستدعي تبني مجموعة من الإجراءات الكفيلة بمواجهة المعوقات و المشاكل و التحديات التي تواجه عمل المنظمات غير الحكومية و يمكن ذكر البعض منها :
1- العمل على سن و تطوير منظومة القوانين و التشريعات التي تنظم عمل المنظمات غير الحكومية و تحدد العلاقة بينها و بين الحكومة بما يضمن شفافيتها و استقلالها و تنمية مواردها .
2- تقديم الدعم الفني و المعنوي و المالي الحكومي للمنظمات في إطار شراكة من اجل إنجاز برامج و مشاريع تنموية منسجمة مع السياسات القطاعية الحكومية لمختلف الفئات الاجتماعية .
3-تشجيع المتطوعين للمساهمة في إنماء المنظمات كجزء من الخدمة المدنية و تحسين الحس المعنوي لهذه المنظمات
4- إنشاء صناديق خاصة بهذه المنظمات لتمويلها
5- تبني المنظمات الدولية التي لها فروع في جميع دول العالم و استطاعت أن تفرض نفسها على الساحة الدولية
دعوة خير لصاحبكم
شكرا
RépondreSupprimerشكرا جزيلا على المجهود المبذول
RépondreSupprimer