أزمة العلاقات الاقتصادية غير المتكافئة
بين الدول النامية و النظام الرأسمالي
تربط دول العالم شبكة معقدة من العلاقات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية , .... ولقد عرفت العلاقات الاقتصادية العالمية تطورا كبيرا بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة ازدياد وعي الدول بضرورة تحقيق لرخاء و الرفاه الاقتصادي العالمي , وهكذا ظهرت منظمات تعمل على تنظيم هذه العلاقات وتنميتها أو تسهيل إجراء المدفوعات الناتجة عن التبادلات أو تنمية الاستثمارات الدولية و أهم هذه المنظمات BIRD – FMI وظهرت و م أ كقوة عظمى لا تضاهيها أية دولة أخرى وتمكنت دول أوربا و اليابان من استعادة قوتها الاقتصادية في نهاية الخمسينات خاصة بعد المساعدات التي قدمتها لها الو . م. أ من خلال مشروع مارشال . كما أن خلال الستينات استقلت معظم دول العالم التي كانت مستعمرة و هكذا ازداد حجم العلاقات الدولية و زادت معدلات نمو التجارة الخارجية حيث وصلت إلى 8.7% . هذا ما أدى إلى زيادة ترابط و اندماج الاقتصادي العالمي . وبدخول فترة السبعينات تعرض الاقتصاد العالمي لأزمة عارمة , حيث عرفت معظم الدول الرأسمالية ركودا واضحا في اقتصادياتها وكذلك التضخم و ارتفاع معدلات البطالة و مشكلة التلوث و أزمة الطاقة و انهيار نظام النقد الدولي وتعويم العملات .
وفي ظل كل هذه التطورات و الأزمات كانت الدول النامية تسعى إلى إيجاد مكانة لنفسها في هذا العالم , ولكن نتيجة لضعف اقتصادياتها و لكون معظمها كانت مستعمرة واقتصادياتها مخربة , لم تستطع أن تجد لنفسها مكانة قوية تؤثر بها في الأسواق الدولية . فبقيت كما كانت قبل ح ع 2 متخصصة في تزويد الدول الرأسمالية بالمواد الخام .
وعلى هذا الأساس تم تقسيم العمل الدولي إلى دول رأسمالية في الشمال متخصصة في إنتاج و تصدير السلع المصنعة الغالية الثمن و دول نامية في الجنوب متخصصة في إنتاج و تصدير المواد الخم الرخيصة الثمن , وهذا هو السبب الذي جعل العلاقات الدولية غير متكافئة . فالدول الثانية تصدر سلعا رخيصة لتستورد سلعا غالية الثمن مما أثر سلبا على عملية التنمية فيها .
ولقد ارتبط اقتصاد الدول النامية باقتصاد الدول الرأسمالية حيث تمثل الدول الأخيرة المركز الرئيسي للتجارة الدولية للدول الأولى وهذا الارتباط أدى إلى تأثر اقتصاد الدول النامية بكل ما يحدث للدولة المتقدمة , اضف إلى كل هذا ظهور الشركات متعددة الجنسية وبروز مشكلة الغذاء وتفاقم مشكلة المديونية . كل هذا زاد من عدم تكافؤ العلاقات الدولية . و تمكنت الدول المتقدمة من إعادة ترتيب عناصر القوة التي مكنتها من مواجهة كل هذه المشاكل و اتجهت نحو اقامة التكتلات الاقتصادية الكبيرة و التمسك بحرية التجارة من خلال منظمة الجات على عكس الدول النامية التي تردت فيها الأمور على نحو اكثر خطورة تحت تأثير أزمة ديونها الخارجية و انخفاض أسعار مواد الخام التي تصدرها و إحلال بعض السلع الصناعية مكانها و خضوعها للدائنين و المؤسسات الدولية .
ورغم أنه مؤخرا حاولت الدول الرأسمالية تغير موقفها من الدول النامية ومحاولة مساعدتها على تنمية اقتصادياتها , لكن هذه المساعدات إلى جانب انها غير كافية فهي عادة ما تكون مصحوبة بشروط مجحفة تقف في طريق تحقيق تنمية حقيقية لهذه الدول . كل هذا يعبر كما سبق و ان عن العلاقات غير المتكافئة بين الدول النامية والدول الرأسمالية ومن هنا نطرح الأسئلة التالية :
ما هي أهم التطورات و الأزمات التي عرفتها الدول الرأسمالية و ما هي اثار هذه التطورات و الأزمات على الدول النامية في ظل العلاقات التي تربط بين هذين العالمين غير المتكافئين ؟
البلدان الرأسمالية :
- أهم التطورات التي عرفها النظام الرأسمالي بعد الحرب العالمية الثانية :
عرفت الدول الرأسمالية بعد الحرب العالمية الثانية وحتى السبعينات نموا مزدهرا في جميع المجالات الصناعية و الزراعية و التجارية . وتمثل هذا النمو أو الازدهار في تراكم رأس المال , و ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي , وضآلة واضحة معدلات البطالة , و استقرار نقديا و تزايد في الدخول , وتحسن في المستوى المعيشي . ويعود هذا النمو إلى مجموعة من الظروف الداخلية و البعض الآخر يرتبط بالظروف الخارجية .
العوامل التي ساعدت على نمو الدول الرأسمالية بعد ح ع 2 :
* العوامل الداخلية : تمثلت في زيادة معدلات الاستثمار , التي احتاجت إليها عمليات إعادة التعمير والبناء , الزيادة في الإنتاجية الناتج عن التقدم التكنولوجي الذي حدث في طرق الانتاج . واعتمادها على التدخل الحكومي بوسائله المختلفة , وذلك للحد من تقلبات السوق و رفع معدلات النمو و زيادة الأنفاق العام في مجالات الضمان الاجتماعي , والأشغال العامة , والمجال العسكري وهو الأمر الذي أدى إلى توسيع الأسواق الداخلية و استقرارها , اعتمادا على كبر حجم الطلب الحكومي و الثورة العلمية و التكنولوجية التي شملت جميع الميادين الاقتصادية على الإطلاق , وكذلك تطبيق طرق جديدة لإدارة الانتاج و تحول العلم إلى قوة إنتاجية مباشرة .
* العوامل الخارجية :
لقد توفرت للدول الرأسمالية ظروف مواتية في مقدمتها آليات نظام بريتون وودز , ونظام النقد الدولي الذي حقق ثباتا في أسعار الصرف و أحوال السيولة و البنك الدولي للإنشاء و التعمير الذي شجع حركة الاستثمارات الدولية , واتفاقية الجات التي خفضت القيود الجمركية . أضف إلى ذلك تعميق تقسيم العمل الدولي لصالح الدول الرأسمالية , الشيئ الذي ساعدها في الحصول على المواد الأولية بأسعار رخيصة , وأدى إلى توسيع سريع في التجارة الرأسمالية العالمية و التعاون الإنتاجي و المبادلات الدولية . ويعتبر السبب الرئيسي الذي خلق التفاوت في درجات التقدم بين دول العالم .
- ويمكننا أن نلاحظ هذا التطور من خلال إجراء نظرة على تطورات معدلات النمو في هذه البلدان , فنلاحظ تسارع في نمو معدلات الإنتاج الصناعي و خاصة في التجارة الخارجية وذلك بالمقارنة مع فترة ما قبل الحرب . فإذا كانت تنمو الصناعة خلال الفترة 1920 – 1937 بمعدل 2.4 سنويا فإن معدل النمو ارتفع خلال ربع قرن من سنة 1950 إلى 5.5 أما بالنسبة إلى معدلات نمو حجم التجارة الخارجية الرأسمالية ( بالتعبير العيني ) فقد بلغ بالأرقام 2.5 % - 6.2 % على التولي و من خلال مقارنة هذه الأرقام نلاحظ أن فترة العشرينيات و الثلاثينيات كانت غير ملائمة للرأسمالية من زاوية معدلات التطور الاقتصادي .
- ولكن مع بداية السبعينيات , عرفت هذه الدولة اظطرابات شديدة التوتر اتسمت بوجود أزمات اقتصادية مستمرة حيث تراجعت معدلات النمو و ارتفعت معدلات البطالة والتضخم في آن واحد . وكان الجوهر الأساسي للأزمات هو أزمة نراكم رأس المال الناتجة عن تراجع معدل الربح في قطاعات الإنتاج المادي ( الزراعة – الصناعة ) , وفقد النموذج الكينزي و التدخل الحكومي فعاليتهما في الحفاظ على التوازن و استقرار النمو .
- ومع بداية الثمانينات عرفت سياسات الدول الصناعية تحولا رئيسيا كرد فعل للكساد التضخمي , وأيضا النمو السريع في كميات النقد الكلية و تزايد التوقعات التضخمية . وعرفت الاقتصاد عموما تباطئا ملحوظا , وقد اقترن بطئ نمو الإنتاج بانخفاض في اتجاه الإنتاج المتوقع منذ منتصف السبعينيات و بصفة خاصة في أوربا الغربية , ويرجع البعض هبوط إمكانات النمو الأساسية في أوربا الغربية إلى تزايد أوجه الجمود الهيكلي في أسواق العمالة و المنتجات , الأمر الذي أدى إلى إنخفاض حاد في نمو إنتاجية العمل وزيادة العبء الضريبي اللازم لتمويل النشاط الحكومي , والفشل في تكييف الهيكل لاقتصادي مع القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية الجديدة الداخلة في الأسواق العالمية و ارتفاع أسعار النفط و المواد الخام في السبعينيات من العوامل التي عزى إليها في الغالب سرعة تقادم التجهيزات و الفن أل لإنتاجي و تكوين رأس المال العيني و تشجيع الاتجاه إلى خفض العمالة في عملية الاستثمار .
ووفقا لهذا فإن الجمود في الأجور أدى إلى انخفاض الطلب على العمل من قبل أصحاب العمل , لتحقيق مكاسب من خلال فصل العمال , الشيء الذي أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة و كل هذا أدى إلى تفاقم المشاكل في أوربا الغربية .
- وبصفة عامة شهدت البلدان الرأسمالية مجموعة من التغيرات الجوهرية تسببت في إظطرابات قوية على الصعيد العالمي .
- أهم المتغيرات التي عرفتها الدول الرأسمالية : تمثلت فيما يلي :
* إنحلال النظام النقدي الدولي بعدما تخلت و .م . أ عن قابلية تحويل الدولار إلى ذهب في أغسطس 1971 و تعويم العملات .
* ارتفاع أسعار النفط بناءا على قرار الدول المصدرة له في عامي 1973 – 1974 ..............
الأمر الذي خلق فائض مالي قامت البنوك التجارية ومعها صندوق النقد الدولي ..... بتقديمه في شكل قروض للدول التي حققت عجزا في موازين مدفوعاتها .
*تغيير مواقع القوى الفعالة في الاقتصاد العالمي حيث تراجع الوزن النسبي ل و. م. أ ...... وعرفت أوربا الغربية و اليابان تزايد في وزنها النسبي على المستوى العالمي .
* انتشار العولمة بقيادة الشركات العملاقة دولية النشاط و الشركات المتعددة الجنسيات
* تزايد الدور الذي تلعبه البنوك التجارية خاصة بعد النمو الهائل الذي حدث في اندماج أسواق المال العالمية و تعاظم حجم السوق الأوربية للدولار , الأمر الذي أدى إلى تضخم حجم السيولة العالمية و أصبح معه رأس المال العالمي ينمو ويتحرك بدون صلة بعمليات الإنتاج وحاجات التمويل الفعلي للتجارة .
* تفاقم علاقات العجز بين الدول الرأسمالية الصناعية من ناحية و بين هذه الدول و الدول النامية من ناحية أخرى , حيث تحولت و م أ و لأول مرة إلى دولة مدنية ونشوء أزمة مديونية خارجية للبلدان النامية .
* إعادة النظر في سياسة الحماية و فرض القيود التعريفية و غيرها على الصادرات المصنعة في البلدان النامية بعد النجاح الذي حققته دول جنوب آسيا (هونغ كونغ – سنغافورة – كوريا الجنوبية – تايوان ) وغزو منتجاتها للبلدان الصناعية ومنافستها للمنتجات المحلية في هذه البلدان .
أهم الأزمات التي تعرض لها النظام الرأسمالي :
يتعرض العالم الرأسمالي إلى أزمات اقتصادية باستمرار و نتيجة للعلاقات المتشابكة بين دول العالم , فإن هذه الأزمات تؤثر على العالم كله و خاصة على بلدان العالم الثالث وسنتعرض فيما يلي إلى أهم الأزمات التي تؤثر على النظام الرأسمالي
الأزمة النقدية المالية :
حتى تتمكن من التعرف على جوهر الأزمة النقدية و أزمة الطاقة , علينا أن نتعرض لجذور النظام النقدي المعاصر لأنه من خلاله يمكننا معرفة بعض العناصر التي أدت إلى هذه الأزمة , حيث كشفت الأزمة الاقتصادية العالمية في الثلاثينيات عن العجز الكامل للنظام النقدي الذي كان قائما على أساس قاعدة الذهب ثم جاءت الحرب العالمية الثانية و الآثار الناجمة عنها لتكمل إنهيار الأنظمة النقدية القائمة على الذهب كوسيلة للدفع و تقرر من خلال مؤتمر بريتون وودز ....أن يصبح الدولار معادلا للذهب في الحسابات الدولية و ربطت باقي العملات به وهكذا تحول الدولار إلى عملة مسيطرة و أخذت النقود الذهبية تتراكم على شكل إحتياطات في المصارف المركزية و الصناديق الحكومية الخاصة وتوقف تحويل النقود الورقية إلى ذهب و أصبح النظام النقدي و المالي العالمي مرتبط بالأوضاع الاقتصادية في الو . أ . وأدى تزايد النفقات العسكرية في لو, م , أ خلال حرب الفيتنام إلى تفوق النفقات على الإيرادات في الميزانية الاتحادية للولايات المتحدة الأمريكية و الإحداث التوازن قامت الو . م . أ بإصدار نقود ورقية جديدة أثرت على تدنى القيمة الاسمية للدولار , ومن جهة أخرى أدى تكوين سوق اليورو – دولار إلى المساواة بين الدولارات في الو . م . أ وهذه السوق , ويعتبر هذا السوق أحد أهم أسباب اهتزاز النظام النقدي الرأسمالي , الأمر الذي دفع الو. م. أ إلى إجراء تخفيضين متتاليين في قيمة الدولار وهكذا تحول الدولار إلى مجرد شكل من أشكال العملة الرأسمالية .
بعد التخفيضين المتتاليين في قيمة الدولار (71 – 72 ) تعرض سعر الدولار إلى تقلبات حادة صعودا وهبوطا حتى عام 1975 تقريبا ليبدأ مرحلة من الاستقرار النسبي لم يدم طويلا . فمنذ منتصف عام 1977 وحتى شهر أكتوبر 1978 تعرضت قيمة الدولار لسلسلة من الأزمات أدت إلى انخفاض قيمته مقابل العملات الأوربية .
كما أن بلدان العالم الثالث تحملت جزء هام من أضرار الانخفاض في سعر الدولار حيث أن معدلات التبادل قد تعرضت للتدهور المستمر وكذا ارتفاع أسعار الفائدة في تكاليف خدمة ديونها الخارجية .
أزمة الطاقة :
لقد تفجرت هذه الأزمة في أوضاع خاصة تنطوي على مجموعة من الأبعاد يمكن أن نشير إليها فيما يلي :
- بلغ اعتماد الدول الرأسمالية خاصة أوربا الغربية و اليابان على امداد النفط من الأقطار النامية درجة قصوى .
- إكتسبت الدول النامية مكانة لا بأس بها على المستوى العالمي خاصة البلدان المصدرة للنفط (opec) و ازدادت قوة هذه الأزمة تحت ضغط و ضربات الموجه التضخيمية الناتجة عن الأزمة النقدية التي مست البلدان الرأسمالية .
- لقد قامت أقطار opec برفع أسعار النفط أربع مرات خلال عامي (1973 – 1974 ) الأمر الذي أسفر عن رد فعل قوي من جانب النظام الاقتصادي العالمي في مجال الطاقة وكذلك المجالات النقدية المالية و السياسية و غيرها من مجالات النشاط الحيوي العالمي .
أو أدى هذا الإرتفاع في أسعار النفط إلى زيادة العجز في موازين مدفوعات البلدان المستوردة للنفط بمقدار 60 مليار$ وقد تحولت الدول المصدرة للنفط إلى قوة سياسة مستقلة تستند على أساس من المقدرة الاقتصادية المتميزة في ممارسة تأثيرها على مجرى الأحداث العالمية .
أزمة المواد الخام :
تعتبر أزمة المواد الخام هي الأخرى نوعا من الأزمات التي تعرض لها العالم الرأسمالي غير أن هذه الأزمة كانت عملية سوقية عفوية ولم ترتبط بالتدابير أو الأهداف السياسية و يعود هذا إلى الأسباب التالية :
- التوزيع الجغرافي الغير عادل للخدمات و تركزه في مناطق معينة .
- اعتماد الدول الرأسمالية في اقتصادياتها على استيراد المواد الخام من الخارج اضعف إلى ذلك نمو استهلاك الدول النامية لهذه المواد من أجل النهوض بقاعدتها الصناعية الذاتية .
- نمو الوعي السياسي في البلدان النامية .
- وفي ظل التطور الذي يشهده النشاط الصناعي المعاصر في العالم و الاتجاهات....
التي تحصل في بنية هذا النشاط فإن الأزمة العالمية لابد أن تزداد حتى حدوث انقلاب جذري في تكنولوجيا الإنتاج الحديث من شأنه أن ينقل العلاقات المتبادلة بين البشرية و الطبيعية إلى حالة جديدة من حيث المبدأ أي حالة لم يسبق لها مثيل من حيث عناصرها الأساسية .
أزمة الغذاء :
تعرضت مجموعة كبيرة من بلدان العالم في بداية السبعينات إلى زيادة تفاقم المشكلة الغذائية على إثر سوء المحاصيل في سنة 1972 و يتميز البعد الاجتماعي للموارد في الأزمة الغذائية بظاهرة التوزيع الطبيعي غير العادل لإمكانيات المواد الغذائية لتلبية الحاجات البشرية بين الدول الرأسمالية و الدول النامية حيث تتميز الأولى بوفرة المحاصيل عكس الدول الثانية و تتسع هذه الفجوة مع مرور الزمن و قد ارتفعت أسعار الغذاء في السوق الرأسمالية العالمية بنسبة 40 %خلال فترة (70-73 ) فقط قياسا بالسلع الرأسمالية الصناعية بعدما كانت تقل عنها بـ 25 % .
وتستخدم الدول الرأسمالية المشكلة الغذائية كوسيلة للضغط على الدول النامية وقد بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بتشجيع استصلاح الأراضي البكر , بعدما كانت تضع العراقيل في طريق الفلاحين وذلك من أجل توسيع تدخلها في السوق العالمي
إذا كانت الأزمات الاقتصادية قد تمكنت من الاقتصاد الرأسمالي عبر السبعينيات و الثمانينات فتتبع حركة الاقتصاد الدولي بين استمرار هذه المظاهر بل زيادة حدتها في بعض السنوات على عكس ما يبدو من أن هذه الدول تعرف ازدهارا كبيرا ويمكن أن نلاحظ هذا من خلال المؤشرات الرئيسية لأوضاع الاقتصاد الرأسمالي في التسعينات و ظهرت على النحو التالي :
- بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي الحقيقي فنلاحظ أن معدلات نموه في التسعينات في تناقص مستمر كما تبينه المعدلات التالية :
كل البلدان المتقدمة
الرأسمالية 1990 1992 1993 1998 1999
معدل النمو 2.4 1.3 1.1 1 2.5
-بالنسبة لمؤشر البطالة : تعرف الدولة المتقدمة زيادة مستمرة في معدلات البطالة وقد تطورت كما يلي عبر التسعينات :
البلدان المتقدمة
الرأسمالية 1990 1991 1992 1993 1998 1999
معدل
البطالة 6 6.6 7.3 7.7 7 6.7
- بالنسبة لمؤشرات التضخم : فتعرف الدول الرأسمالي معدلات تضخم مرتفعة في السنوات الأخيرة ففي التسعينات ظهرت معدلات التضخم كما يلي :
البلدان المتقدمة
الرأسمالية 1990 1991 1992 1993 1998 1999
معدل التضخم 4.5 4.3 3.1 2.7 1.7 1.7
البلدان النامية
أهم التطورات التي عرفتها الدول النامية :
ففي خلال فترة الازدهار العالمي بعد الحرب عالمية الثانية إستفادى الدول النامية من العلاقات الاقتصادية التي ربطتها بالبلدان المتقدمة الرأسمالية باعتبارها دولا مصدرة للمواد الخم لهذه البلدان و مستوردة منها جميع ما تحتاج إليه , ولقد استطاعت مجموعة هذه البلدان أن تحقق معدلات لا بأس بها من النمو الاقتصادي , وإن لم يتغير من هياكل الانتاجية .
وشهدت أغلبية دول العالم الثالث و تأثر نمو أقل خلال السبعينيات و الثمانينات باستثناء الدول المصدرة للبترول التي عرفت خلال السبعينات نوعا من النمو حيث فاق معد النمو في 1976 معدل النمو في 1973 . وفي الواقع لقد بدأت عملية انتعاش تجاري في عام 1976 لكنها ضعفت بسرعة و استمرت بوتائر نمو تراجعية حتى عام 1979 تقريبا دون أن تتوج بالإزدهار الاقتصادي مشكلة بذلك ركودا اقتصاديا واضحا للنظام , وفيما بين عام 1976 – 1979 عان اقتصاد البلدان النامية من ركود ملحوظ في حين تدهورت مؤشرات نشاطها الاقتصادي الخارجي حيث ازداد في هذه السنوات الفارق التضخمي مع الدول الرأسمالية المتطورة حيث وصل في عام 1976 إلى 19% في البلدان الغير مصدرة للبترول , وكان التدهور الأكثر بروزا في الديون الخارجية التي زادت بوتيرة متوسطة بنسبة 22.4 % سنويا بينما زادت خدمتها بنسبة 31.1 % ما بين 1976 – 1979 وهكذا نجد أن الانتعاش الاقتصادي لم يصل إلى بلدان العالم الثالث في حين تعززت الاتجاهات السلبية في اقتصادياتها خلال السنوات اللاحقة 1974- 1975 (7) .
حيث نلاحظ أن هناك تفاوتا كبيرا من حيث الأداء , فقط انخفض معدل النمو في الدول الأسيوية من معدل سنوي متوسط بلغ 4.8 % في الفترة 1973 – 1979 إلى 3.1 % في الفترة 1980 – 1985 و في دول أمريكا اللاتينية من 4.7 % إلى 1% و في الدول الرئيسية المصدرة للنفط من 0.9% إلى 1.2 % .
أهم خصائص وسمات اقتصاديات الدول النامية :
تتسم معظم الدول النامية بسمات مشتركة تحدد مدى كفاءتها في استخدام الموارد المتاحة لها و يختلف تأثير هذه السمات من دولة إلى أخرى باختلاف ظروف هذا البلد و يمكننا تحديد أهم سمات الدول النامية فيما يلي
1- انخفاض الدخل القومي ومعدل النمو : ويعود ذلك إلى انخفاض الدخل القومي مقارنة بزيادة عدد السكان . كما أن هناك سمة أخرى ترتيط بالدخل القومي و هي سوء توزيعه بين طبقات المجتمع مما يترتب عليه اتساع الفجوة في متوسط الدخل بين الفئات ذات الدخل المنخفض و الفئات ذات الدخل المرتفع على عكس البلدان المتقدمة التي تتقلص فيها هذه الفجوة بين الطبقات في المجتمع .
2- انخفاض إنتاجية القطاعات الاقتصادية : بسبب غياب الموارد الرأسمالية .........المكملة لعناصر الإنتاج الأخرى كالعمل و الأرض , مما يؤدي إلى تناقص الإنتاجية الحدية في النشاطات الانتاجية وخاصة الزراعية , و يترتب على هذه الحالة تدنى مستوى الأجر , أو بمعنى أخر انخفاض عوائد عناصر الإنتاج بسبب استخدم وسائل تقنية تقليدية في النشاطات الاقتصادية .
3- ارتفاع الأهمية النسبية للنشاط الزراعي : ويمثل الناتج المحلي الزراعي مكانة هامة في الناتج المحلي الكلي و لكن الزراعة في هذه البلدان تتميز باستخدام وسائل إنتاج تقليدية مما يتطلب الاعتماد على استخدام كثافة العمل مقارنة برأس المال , كما أن ندرة النشاطات غير الزراعية أدت إلى ارتفاع الأهمية النسبية للنشاط الزراعي .
4- ارتفاع معد النمو السكاني : تتراوح هذه النسبة بين 3 % و 3.5 % مقارنة ب1% في الدول المتقدمة , كما أن ارتفاع الولادات و انخفاض الوفيات نتيجة للعناية الطبية الشيء الذي أدى إلى ارتفاع عدد الأطفال مقارنة بالسكان النشطين اقتصاديا .
5- ضيق السوق المحلية و الاعتماد المتزايد على السوق العالمية : نتيجة لانخفاض القدرة الشرائية لأفراد , اضعف إلى ذلك هذه الدول تعتمد في تجارتها على تصدير المواد الأولية و استيراد المواد المصنعة وبذلك فإن معظم الدول النامية لا يكون معدل التبادل في صالحها .
6- ضعف البنية التحتية وعدم كفايتها .
- المكانة الهامشية التي تحتلها المؤسسات البنكية و التمويلية : بسبب ضعف المداخيل الفردية و ما يترتب على ذلك من ضعف الادخارات و خاصة الفردية الإرادية التي تتراوح فيما بين 10 % و 13% من الدخل الوطني في البلاد الرأسمالية المتقدمة مقابل 3% في الهند و 5% في المكسيك .
أهم خصائص ومشاكل التجارة الدولية للدول النامية :
1- تعتمد الدول النامية اعتمادا كليا على الدول المتقدمة كمصدر للواردات , وعادة ما تكون هذه السلع رأسمالية حيث 70 % من واردات الدول النامية مصدرها الدول المتقدمة و سوق لصادراتها – 74 % من صادرات دول النامية تصدر للبلدان المتقدمة.
2- ونتيجة للخاصية الأولى فإن تجارة الدول النامية فيما بينها محدودة جدا ولا تزيد عن ربع تجارة الدول النامية .
3- تكوين صادراتها من الموارد الأولية – 77 % من قيم صادرات الدول النامية الكلية بالرغم من جهودها في التصنيع و توسيع الصادرات التحويلية , أضف إلى أن صادراتها الصناعية تتمثل تقريبا في الأقمشة و الملابس و التي تتطلب كثافة عمالية ومستوى منخفض من التكنولوجيا في الإنتاج .
4- انخفاض معدلات التبادل الدولي و يرجع هذا إلى صغر حجم نصيب العالم الثالث في التجارة الخارجية . فنلاحظ أن البلدان النامية شاركت في التوسيع الذي عرفته التجارة الخارجية بعد الحرب العالمية الثالثة لكن بنسبة أقل من نسبة البلاد النامية , فمثلا معدل الزيادة المتوسطة للحقبة 1950 – 1969 كان فقط 8.7 % للبلاد المتطورة . كما أن نصيب البلاد المتقدمة في التجارة العالمية في نفس الحقبة مر من 60.8 % إلى 71.2 % بينما هبط نصيب البلاد النامية في نفس الفترة من 31.2 % إلى 17.9 % (10) .
5- عدم استقرار أسعار الصادرات , كما رأينا فإن السلع الزراعية و المواد الأولية تمثل نسبة كبيرة من صادرات هذه البلاد و بذلك فإن خصائص العرض و الطلب على هذه السلع يخلق مشكلات للدول النامية خاصة فيما يتعلق بأسعار الصادرات نتيجة للإعتمادها الكبير على الدول المتقدمة كسوق لصادراتها وبذلك فإن أي تغير في طلب الدول المتقدمة على هذه السلع سيؤدي إلى تقلبات عريضة في أسعار الصادرات و عوائدها و التي يكونه لها تأثير سلبي على اقتصاديات الدول النامية بشكل عام . وأحد أهم هذه الأثار سوء تخصيص الموارد داخل هذه الدول , فمثلا يجذب السعر المرتفع مؤقتا المنتجين و لكن زيادة العرض يؤدي إلى انخفاض الأسعار لمستوى يتلاءم مع قيمة السلعة في الأجل الطويل و بذلك تبقى كمية كبيرة من الموارد غير مستغلة و لا يمكن تحويلها إلى نشاط انتاجي آخر نتيجة لاعتبارات الكفاءة . كما أن عدم التأكد من استقرار الأسعار يحول دون دخول الموارد إلى قطاع التصدير .
العلاقات الاقتصادية بين الدول النامية والدول الرأسمالية :
لا يمكن لنا أن نتحدث عن العلاقات الاقتصادية الدولية دون أن نتحدث عن التقسيم الدولي للعمل .
التقسيم الدولي للعمل : لقد تم تقسيم العمل الدولي بين دول العالم و أصبح لكل دولة ميدان تختص به ولكن هذا التقسيم عموما كان بين الدول المتقدمة في الشمال و الدول المتخلفة في الجنوب , حيث تخصصت الأولى في انتاج السلع و المنتجات المصنعة و الرأسمالية و الثانية في انتاج المواد الخام , وهذا التقسيم القديم ارتكز إلى الحتمية المناخية لأن معظم المواد الخام موجودة في الدول المتخلفة , ونلاحظ أن هذا التقسيم يزداد حدة ويمثل إحدى سمات التطور الإقتصادي العالمي و يتطور حسب أسلوب الإنتاج الرأسمالي بشكل تلقائي و متناقص لصالح أقوى الدول الرأسمالية التي تستغل وتنهب الموارد البشرية الطبيعية للبلدان الضعيفة حيث يعيش أكبر عدد من السكان . و ازدادت حدة هذا التقسيم بعد الحرب العالمية الثانية أي في الفترة التي أخذت تتسع فيها التجارة الدولية بمعدلات سريعة , فخلال الفترة 1950 – 1969 ارتفع حجمها بمقدار 26 مرة وتحديدا من 114 مليار $ إلى 2975 مليار $ و جزء كبير من هذا التطور يرجع إلى التضخم . ولقد ارتفع نصيب الدول المتقدمة في التجارة الخارجية من 1950 إلى 1970 من 71 % إلى 80 % و هبط في المقابل نصيب البلدان النامية من 3/1 إلى 5/1 وقد تركز 3/2 من التبادل العالمي في اليد الرأسمالية بداية من الستينات . وبهذا فإن توطد مواقع البلدان الرأسمالية في الأسواق الخارجية يقابله تردي في مواقع البلدان النامية . فمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى اندلاع الطاقة و ارتفاع أسعار النفط هبط نصيب البلدان النامية من صادرات العالم بمقدار 1.7 مرة أي أن الدول النامية تشغل مكانة تتميز بالخضوع في العلاقات الدولية وهذه الدول لا تشكل أي منظومة تجارية مترابطة , فنصيب التبادل بين هذه البلدان يعادل 7% من صادرات العالم الرأسمالي أي أقل بثلاث مرات تقريبا من تلك التدفقات التي تربطه بـ الدول الرأسمالية , ومازالت الغالبية العظمى من الدول التي تحررت حديثا تعتمد في تجارتها على الدول التي كانت تستعمرها سابقا باستثناء بريطانيا التي أزحتها الو. م . أ , أما فرنسا احتفظت بمستعمراتها ومازالت حتى وقتنا هذا تزداد الإختلالات التناسبية في التخصص التجاري الخارجي . وتبدو الدول النامية غير قادرة على التأثير في أسواق السلع التي تمثل تخصصها الأساسي , فنصيب السلعة الرئيسية من صادرات البلد النامي في السوق العالمية لهذه السلعة أعلى عدة مرات من نصيب البلد نفسه في الأسواق العالمية , وماعدا البلدان الأساسية الأعضاء في منظمة OPEC فإن البلدان التي تؤثر بشكل جوهري على السوق العالمية للسلعة التي تصدرها هي بلدان قليلة جدا .
أما نصيب البلدان المتطورة فهو عادة أكثر من أهمية السلعة المعينة في نسبة صادراتها فألمانيا الاتحادية و الو. م. أ تملك نسبة أعلى من الأسواق العالمية لعشر سلع أساسية من صادرتها . وفي النتيجة استولت البلدان الرأسمالية المتطورة و احتكاراتها على أهم ميادين التجارة العالمية - حيث وصلت صادرات دول العالم الثالث مع الدول الرأسمالية إلى حوالي 14% من مجموع التبادل التجاري للدول الرأسمالية , وذلك باستثناء دول ألا وبك و إذا أضفنا هذه الأخيرة فإن المعدل يصل إلى 26%لذلك فإن الأوضاع الاقتصادية في الدول الرأسمالية تؤثر و تنعكس مباشرة على الدول النامية .
- ولقد عرفت تقسيم العمل الدولي اتجاهات جديدة بعد الثروة العلمية و التكنولوجية و تمثلت هذه الاتجاهات في التبادل العلمي و التكنولوجي و الصناعي . ويتميز التبادل الدولي حاليا بالتبادل الفكري أو المعنوي مقابل التبادل السلعي , و نتيجة لعدم التكافؤ في التوصل إلى العالم و التكنولوجيا فانهما يدخلان أيضا في إطار التبادل غير المتكافئ . وانتقال هذه الأخيرة مرتبط بقرارات المشروعات الخاصة خاصة الشركات متعددة الجنسيات , مما أدى إلى انخفاض تدفق الاستثمارات نحو البلدان النامية و اتجاه معظم الإستثمارات الدولية نحو الو. م. أ وتتم الآن إعادة توزيع الموارد على النطاق العالمي و أصبحت منتجات صناعات المعلومات و مركباتها تحتل المكانة الأولى في التجارة الدولية و المنافسة الدولية . وأدت التكنولوجيا إلى الوفر في استخدام مدخلات الطاقة و المواد الخام و ايجاد منتجات وسيطة تحتل مكان هذه الأخيرة مما زاد من تدهور اقتصاديات البلدان النامية .
و في الأخير نستنتج أن العلاقات الاقتصادية بين الدول الرأسمالية و الدول النامية هي علاقات غير متكافئة نتيجة لعدم التكافؤ في تقسيم العمل الدولي , فالبلدان النامية تصدر المواد الخام الرخيصة الثمن وتستورد السلع المصنعة الغالية الثمن و العكس بالنسبة للدول الرأسمالية وهذا ما أدى إلى هذا التفاوت في درجات التقدم و الرفاهية الاقتصادية .
أثار الأزمات الاقتصادية الرأسمالية على الدول النامية :
لقد وفرت هذه الأزمات الأساليب و الوسائل لا ستنزف خيرات الدول النامية من قبل البلدان الرأسمالية و إعادة جزء هام من دخول البلدان النامية لصالح البلدان الغنية
- أدت التقلبات الحادة في أسعار صرف العملات خاصة $ إلى تقلبات مماثلة في عوائد صادرات الدول النامية و بالتالي التأثير على برامج خطط تنميتها الاقتصادية و الاجتماعية , و أصبحت عوائد صادرات ب.ن تتحدد تبعا لإتجاهات تقلبات أسعار الفائدة و حركات رؤوس الأموال على الصعيد الخارجي و ليس استنادا إلى التكلفة الحقيقية لهذه السلعة المصدرة , وهذا يعني أن حجم الموارد اللازمة لتمويل التنمية الاقتصادية في البلدان النامية سوف تتغير تبعا لعوامل عشوائية لا تستطيع هذه الدول التحكم أو التأثير في اتجاهاتها .
- اعتماد الدول النامية بشكل كامل تقريبا على الدول المتقدمة كسوق لصادراتها ومصدر للواردات من السلع و النكنولوجيا و رأس المال أدى إلى استغلال الدول المتقدمة لموارد و خيرات الدول النامية مما زاد في تعقيد المشكلة اضف إلى ذلك أن المؤسسات الدولية مثل FMI و BIRD و GAT و التي يزعم بأنها أنشأت بهدف التعاون الاقتصادي بين جميع دول العالم وفي الحقيقة هي تحت سيطرة الدول المتقدمة وبذلك فهي غير قادرة فعلا على على حل مشاكل الدول النامية فمثلا في FIM و BIRD يعتقد هيكل التصويت على حجم و أهمية الدول في تلك المؤسسة وهذا ما يزيد من هيمنة الدول الرأسمالية على عمليات إصدارا لقرارات .
- تظهر الإحصائيات الدولية أن أسعار المواد الخام في انخفاض مستمر مما أثر سلبا على عوائد البلدان النامية فمثلا في عام 1985 بسبب انخفاض سعر الدولار قامت الدول النامية بزيادة صادراتها من المواد الخام للمحافظة على مستوى عوائدها من الصادرات دون تغير الطلب الأمر الذي أدى إلى تدهور أسعار هذه المواد وبالتالي تراجع عوائد صادراتها ونتج عن هذا لانخفاض تحويل جزء متزايد من ثروات البلدان النامية المتقدمة . كما أن الانخفاض الحاد في أسعار البترول عام 1986 ساهم في استنزاف موارد الدول المصدرة له , وإن كانت الدول المتقدمة نجحت في تخفيض معدلات التضخم فان هذا كان على حساب ثروات و دخول الدول النامية و التي في المقابل سيؤدي إلى إنخفاض وارداتها و إلى حدوث أزمة كساد في الدول المتقدمة .
- تزايد المديونية الخارجية لبلدان العالم الثالث , كما أن تكاليف خدمة القروض أصبحت مرتفعة وأكبر من القروض الجديدة مما تسبب في تخفيض الموارد الموجهة لتمويل التنمية الاقتصادية و الاجتماعية , هذا بالإضافة إلى الصعوبات الكبيرة في الحصول على القروض جديدة كالشروط التعجيزية التي تضعها المنظمات الدولية على القروض التي تمنحها مما تسبب لبعض الدول في عام 1987 توقيف عمليات سداد قروضها الخارجية وتزايد الصعوبات التي تعاني منها هذه الدول .
- إن هذا الواقع الذي فرضه النظام الاقتصادي الدولي الذي يسمح لقلة من الدول السيطرة و التحكم في ثروات بلدان العالم يتطلب من الدول النامية أن توجه جهودها نحو الاعتماد على مواردها الذاتية أكثر فأكثر وزيادة تعاونها مع بعضها البعض ( جنوب –جنوب) مع تنسيق توحيد مواقفها في المنظمات الدولية لتتمكن من الدفاع عن مصالحها واتخاذ سياسات موحدة في الأسواق الدولية بهدف الحد من تحكم الاحتكارات الدولية في أسعار صادراتها .
تغير مواقف الدول المتقدمة اتجاه الدول النامية :
لقد كانت الدول المتقدمة في السابق تتجاهل مسألة الرفاهية الاقتصادية لغالبية السكان في الدول النامية , فظلا عن إتباعها لسياسات مجحفة في حق هذه البلدان لاستنزاف خيراتها و الحصول على نصيب غير عادل من الدخل الناتج عن التعامل معها . يعتبر هذا السبب الرئيسي الذي زاد في تردي الوضعية في الدول النامية , ولكن و لأسباب انسانية و اقتصادية و سياسية غيرت الدول المتقدمة موقفها هذا اتجاه إنماء الدول النامية . وقدمت لها مساعدات في صور أرصدة نقدية و استثمارية و موارد بشرية و معرفة فنية , فمثلا قدر التيار الصافي لرأس المال طويل الأجل عام و خاص و الهبات الرسمية الممنوحة للدول النامية نحو 9.7 مليار $ أمريكي عام 1966 ولقد ارتفع هذا الرقم ليصبح 19.2 مليار $ في عام 1972 . وبلغت المساعدات الرسمية بمفردها عام 1988 ما قدره 51 مليار $ .
و في الحقيقة فان الأسباب أو الأهداف الرئيسية التي جعلت الدول المتقدمة تقدم على مساعدة الدول المتخلفة هي أسباب اقتصادية و المقصود من هذه المساعدات ليس فقط النهوض باقتصاديات الدول النامية بقدر ما هو توسيع أسواقها و تمكينها من استيعاب صادراتها وبالتالي الإبقاء على منتجاتها الاقتصادية . فكما أثبتت التجارب الاقتصادية من أن إنماء هذه الدول يتمخض عنه دعم صادرات الدول المتقدمة و خصوصا من السلع الإنتاجية مما يدعم بدوره إنماء الدول المتقدمة لذلك فان المساعدات أو القروض المقدمة للدول النامية غالبا ما تكون بشروط معينة كفتح أسواق هذه البلدان أمام صادرات البلدان الصناعية أو استعمال هذه القروض أو جزء منها في الإستراد من البلد المدين , وعادة ما تكون هذه السلع استهلاكية لا تساهم في التنمية الاقتصادية وعلى هذا الأساس فان غلق البلدان النامية لأسواقها أمام صادرات البلدان المتقدمة يعني حتما الكساد بالنسبة لكثير من القطاعات الاقتصادية في البلدان المتقدمة .
شكراااااً كتير ع المجهود :)
RépondreSupprimerبارك الله فيك
RépondreSupprimerجزاك الله خيرا
RépondreSupprimerعمل قيم وجد مفيد كل التحية على المجهود
RépondreSupprimerكل التووفيق
RépondreSupprimer