الإتجاهات الجديدة للتدخل الحكومي
في الإقتصاديات الرأسمالية
مقدمــــــة :
عندما كان الأمر يتعلق بدراسة دور الدولة , كان ذلك يثار بمناسبة دراسة الحريات العامة و الدستورية , وما كان يثور نقاش حول الموضوعات الاقتصادية كان يرتبط بتحليل وظائف اقتصاديات السيادة و متطلباتها , بهدف تحديد دور وحدود تصرفات الدولة .
وفي خلال القرنين السابع و الثامن عشر ساد الاعتقاد بأن المصلحة الخاصة الفردية هي تعبير عن مصلحة المجتمع , و المجتمع هو الدولة ن و الفرد عندما يسعى إلى تحقيق مصلحته الخاصة و هي الربح في إطار المنافسة الحرة فهو يحقق في ذات الوقت مصلحة المجتمع .
وفي منتصف القرن الثامن عشر ظهرت مدرسة الطبيعيون في فرنسا , و كانت المدرسة ترى القوانين التي تحكم كافة مظاهر الحياة الاقتصادية تقوم على مبدأين هما : المنفعة الشخصية و المنافسة . فالأولى تؤدي إلى تحقيق المنفعة الجماعية و الثانية تؤدي إلى زيادة معدلات الإنتاج .
وبعد ذلك نادى الطبيعيون بضرورة ترك النشاط الاقتصادي حرا و على الدولة أن تمتنع عن التدخل في الحياة الاقتصادية وكانت عبارتهم المشهورة : " دعه يعمل دعه يمر " .
ثم ظهرت بعد ذلك المدرسة الكلاسيكية في إنجلترا التي نادت بابتعاد الدولة عن الحياة الاقتصادية و بأن تدخلها يعوق جهاز المنافسة و الأثمان المحقق للتوازن الاقتصادي التلقائي , ودور الدولة يكون مقصورا على حماية الأمن في الداخل و الخارج , و تحقيق العدالة .
غير أن الأزمات التي عرفتها الرأسمالية بدءا من عام 1901 إلى غاية أزمة 1929 التي كانت الأكثر حدة , دفعت كينز إلى إصدار كتابة " النظرية العامة " و الذي دعا من خلاله الدولة إلى ضرورة التدخل لسد العجز الذي أحدثه الأفراد و المشروعات الخاصة نتيجة حذرهم الشديد في نفقاتهم على الاستهلاك و الاستثمار.
وقد دفع هذا معظم الدول الرأسمالية إلى التدخل في الحياة الاقتصادية من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي , ففي بريطانيا قامت الحكومة بمنح معونات للتخفيف من آثار البطالة و الفقر , كما تدخلت في الأسواق بمراقبة الأسعار , وفي ألمانيا نفذت الحكومة برامج ضخمة في الأشغال العمومية و البنية الأساسية , وفي فرنسا كما في بريطانيا قامت الحكومة بتأميم الكثير من الشركات و المؤسسات المصرفية و قطاعات المناجم و الغاز و الكهرباء .
ومع الأزمة الاقتصادية لعام 1971 نتيجة المضاربة ضد الدولار تعالت الأصوات بضرورة تقليص دور الدولة في الحياة الاقتصادية , و ازداد هذا الطرح قوة مع تولي حزب المحافظين و الرئيس ريجال مقاليد السلطة في بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية . حيث شرعت بريطانيا في عهد تاتشر في برنامج خوصصة واسع مس جميع القطاعات بما في ذلك الإستراتيجية , مما أدى إلى ارتفاع معدلات النمو الاقتصادية إلى مستويات قياسية .
ومع اشتداد تيار العولمة ازداد ضغط المؤسسات الدولية على الحكومات بضرورة الانسحاب من الحياة الاقتصادية و فسح المجال أمام القطاع الخاص ليلعب دوره في تحقيق التوازن الاقتصادي , غير أن ذلك لا يعني انتفاء دور الدولة بصورة نهائية إذا يبقى لها هامش للتحرك من أجل ضبط الأمور في حال انحرافها عن مسارها الطبيعي .
فإذن يغدو تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي مسألة مفروغا منها في النظام الرأسمالي بالذات , إنما تطرح القضية على الشكل التالي :
كيف يتحقق هذا التدخل ؟ ما هي ضروراته أو موجباته ؟ وهل هو استكمال آليات السوق أم للحلول محلها ؟
1 – دور الدولة في ظل الأنظمة الرأسمالية :
قبل نهاية القرن العشرين حسم الجدول بين المذهبين الرأسمالي و الاشتراكي لا ليحل أحدهما محل الآخر , وإنما لينجح كلاهما في الاستفادة من تجارب الآخر , فأخذت النظم الرأسمالية من النظم الاشتراكية , تحت ظروف الأزمات الاقتصادية و الحروب , إجراءات تهدف إلى تحقيق العدالة و المساواة , و تدخلت الدولة في مجالات اقتصادية كانت من صميم أعمال القطاع الخاص , واتسع مجال القطاع العام في كثير من الأنشطة .
خصائص الأنشطة التي تقوم بها الدولة :
تؤدي قواعد و آليات السوق إلى تخصيص الموارد نتيجة تفاعل قوى العرض و الطلب و الأثمان الناتجة من هذا التفاعل و المحددة لمعدل الربحية و من ثم فإن القاعدة المحددة لسلوك القطاع الخاص هي معدل الربحية المتوقع عند مستوى الأثمان السائدة و المتوقعة .
أما الاقتصاد العام أي الأنشطة التي تقوم بها الدولة لإنتاج السلع و الخدمات ", فيخضع كثير منها لقواعد حساب اقتصادي قد تختلف كثيرا عن قواعد الحساب الاقتصادي التي تحكم سلوك القطاع الخاص .
حيث تخضع بعض القرارات العامة الخاصة بالإنتاج لاعتبارات الكفاءة الإنتاجية " المقارنة بين التكلفة / الربح " و أحوال أخرى تبتعد عن المعايير الاقتصادية تحقيقا لأهداف اجتماعية كإعادة توزيع الدخل و إشباع حاجات إنسانية بأقل من تكلفتها الحقيقية .
كما تخضع كثير من القرارات العامة الخاصة بالإنتاج لمعايير اجتماعية تهتم بالعوائد المباشرة , المادية و غير المادية , وتهدف إلى تحقيق التوازن بين المصالح المتناقضة .
ولكن هناك بعض السلع و الخدمات لا يصلح نظام السوق و المنافسة لإشباعها نظرا لما تتسم به من خصائص تحول دون صلاحية هذا النظام لإشباعها, حيث توجد بعض السلع و الخدمات تقتضي الاحتكار لإشباعها و من ثم يمكن للمحتكر التحكم في سعرها في غير صالح المستهلك , وبعض السلع و الخدمات تحقق و فورات خارجية إيجابية أو سلبية لا يستطيع المنتج الفرد أن يدخلها في حساب التكلفة أو الربح . وسلع وخدمات أخرى لا يمكن استبعاد من لا يدفع مقابل الخدمة للاستفادة منها . و مثل هذه الأنواع يجب أن تقوم الدولة بإشباعها , وسوف نتناول ذلك فيما يلي :
أولا : حالة الاحتكار .
ثانيا : حالة الوفورات الخارجية .
ثالثا : حالة انتقاء عنصر المنافسة و عدم القدرة على الاستبعاد من لا يدفع مقابل الخدمة .
أولا : الاحتكار :
تحتاج بعض السلع و الخدمات إلى أن يتم إنتاجها في إطار ما يسمى بالاحتكار الطبيعي Natural Monopoly حيث لا يصلح نظام المنافسة في إطار السوق لإنتاجها .
ومن المعلوم أن شرط الكفاءة الاقتصادية يتحقق عندما تحدث المساواة بين التكلفة الحدية و المنفعة الحدية ويتطلب ذلك توافر شرط المنافسة الكاملة , أما حالة الاحتكار فهي تفتقد هذا الشرط , ويتحقق التوازن لدى المنشأة حينما يتعادل الإيراد الحدي مع التكلفة الحدية وذلك في ظل المنافسة , في حين أنه في حالة الاحتكار غالبا ما يتوقف المحتكر عن الإنتاج عندما تكون النفقة المتوسطة عند حدها الأدنى مما يعني إمكانية وجود موارد معطلة.
ومن أمثلة هذه الحالات شبكات المياه والصرف الصحي و شبكات توليد الكهرباء , حيث لا يمكن تصور وجود أكثر من شبكة في مدينة واحدة لإنتاج هذه السلع أو تلك الخدمات.
وإذا كان من الضروري تركيز الإنتاج في إطار منشأة واحدة لتعظيم الاستفادة من ظاهرة اقتصاد الوفرة فيجب أن تكون هذه المنشأة مملوكة للدولة أو على الأقل خاضعة لسيطرة و إشراف الدولة , خاصة أن مثل هذه الخدمات تتسم بما يلي.
- تحتاج المشروعات التي تقدم مثل هذه الخدمات إلى استثمارات ثابتة و مرتفعة, فضلا عن كونها المحرك الأساسي لعملية التنمية.
- انخفاض التكلفة الحدية للوحدات الإضافية من الإنتاج , ويرجع ذلك إلى أنه في حالة الاحتكار لا تتوافر لعوامل الإنتاج حرية الاختيار و حرية الدخول في الصناعة, و ينفرد المشروع المحتكر بعرض السلعة أو الخدمة .
ويستطيع المنتج أن يحقق أقصى ربح حينما تكون النفقة المتوسطة عند حدها الأدنى , ويسعى تحقيقا لهذا الغرض إلى خفض الإنتاج إلى أدنى حد ممكن ورفع الثمن إلى أقصى مستوى ممكن , ويترتب عن هذا المسلك أن ينتج المشروع المحتكر كمية أقل من تلك التي يتحقق عندها التساوي بين النفقة الحدية و الإيراد الحدي , الأمر الذي ينجم عنه زيادة الندرة الاقتصادية للموارد و ليس الإقلال منها.
ثانيا : الوفورات الخارجية :
تتحد اتجاهات القطاع الخاص الاستثماري في مجال معين بعد دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع , و تركز دراسات الجدوى على المقارنة بين العائد و التكلفة وفقا لحالة السوق السائد و المتوقعة , ومعيار الربحية المالية هو المعيار الأساسي لاتخاذ القطاع الخاص قراراته الاستثمارية , والتي على أساسها يتحقق تخصيص عناصر الإنتاج المختلفة بين الاستخدامات المتاحة في السوق
أما بالنسبة إلى قرارات الدولة بإنشاء مشروع عام أو الاستثمار في مجال معين فهي و إن كانت تهتم عند دراسة جدواها الاقتصادية بالربحية المالية , إلا أن هذا الهدف لا يعتبر الهدف الأساسي من المشروع , و لكن غالبا ما يكون الهدف اجتماعي من خلال المقارنة بين التكلفة و العائد الاجتماعي .
ومن ثم نلاحظ أن الدولة تقوم بإنتاج سلع و خدمات تعتبر ضرورية للاقتصاد القومي على الرغم من أن معدل ربحيتها المالي قد يكون أقل بكثير من التكلفة المالية و ذلك لما تحققه من وفورات اجتماعية مرتفعة وهو ما يسمى بالوفورات الخارجية .
و يقصد بالوفورات الخارجية الآثار الاقتصادية التي تلحق إحدى الوحدات الاقتصادية نتيجة تصرف اقتصادي قامت به وحدة اقتصادية أخرى لا يسجلها اقتصاد السوق ,و هذا الأمر هو الذي يؤدي إلى اختلاف المنفعة و النفقة الخاصتين عن المنفعة و النفقة الاجتماعيتين . و الوفورات الخارجية قد تكون موجبة وقد تكون سالبة ومن أمثلة الوفورات الموجبة ما قد يترتب على مدى خط سكة حديد إلى منطقة نائية من تعمير لهذه المنطقة , و بالتالي من إمكانية قيام مشروعات جديدة بها , تستطيع أن تستفيد من خدمات هذا الخط الحديدي دون أن تتحمل نفقات إقامته و تشغيله , ومن ذلك يتضح أن الربح الاجتماعي الذي يعود على المجتمع بأسره من إقامة خط السكك الحديدية يفوق الربح الفردي الذي يعود على المشروع الذي أقام هذا الخط الحديدي دون أن تتحمل نفقات إقامته و تشغيله , وتكون بالتالي النفقة الاجتماعية " النفقة التي تحملها المجتمع بأسره أقل من النفقة الخاصة , ولهذا السبب لا يستطيع القطاع الخاص إقامة مثل هذه المشروعات ذات الوفورات الخارجية الموجبة , كما لا يستطيع تحصيل مقابل ما يحصل عليه الآخرون من مزايا " الوفورات الخارجية " , ومن ثم يفشل نظام السوق في تحقيق التخصيص الأمثل لعناصر الإنتاج في مثل هذه الحالات , وينجح في تحقيق التخصيص الأمثل لعناصر الإنتاج عندما يستطيع تحميل الآخرين مقابل الاستفادة من الوفورات الخارجية ومن الأمثلة المعروفة أيضا حالات إنشاء الطرق الكبرى و الأنفاق , حيث يجب أن تقوم الدولة بإنشائها وتمويل , وقد يمكن تصور إمكانية إسنادها إلى القطاع الخاص و تحصيل رسوم مقابل الاستخدام مثلما هو معروف من حالات تقاضي رسوم مرور في بعض الطرق , و لكن كما هو معلوم أنه في حالة إسناد هذه العمليات إلى القطاع الخاص , معنى ذلك أن هذه الرسوم يجب أن تتلاءم مع التكلفة الحدية الإنشاء . هذا ما يؤدي إلى ارتفاع قيمة الرسوم إلى الحد الذي يعرقل حركة المرور بالبحث عن طرق بديلة , ومن ثم تصبح هذه الوسيلة عديمة الفاعلية.
و أيضا من الأمثلة المعروفة و المحققة للوفورات الخارجية البحوث التي تعكس فوائدها على المجتمع كله , فإذا ما تركت للقطاع الخاص لن تجد من يقبل على القيام بها لأنه يفشل في تحصيل مقابل الاستفادة بها , ومن ثم توفير الدولة بتمويلها و بمكافأة القائمين بها من خلال نظام براءات الاختراع و توفير الحماية القانونية لها .
أما عن الوفورات السلبية فمن أمثلتها إلقاء المخلفات في الطبيعة التي تستلزم زيادة التكاليف نتيجة عمليات التطهير اللازمة
ومن الوفورات السلبية – إقامة مصانع القمامة التي تحقق أضرار بالبيئة المحيطة بها , والبيئة تعتبر بالمفهوم الواسع ما لا عاما تلتزم الدولة بحمايته .
ثالثا : انتفاء عنصر المنافسة وعدم القدرة على استبعاد من لا يدفع مقابل الخدمة :
تتميز بعض الخدمات التي يجب على الدولة أن تقوم بها ويصعب التخلي عنها للقطاع الخاص بخاصية الاستهلاك غير التنافسي وعدم القدرة على استبعاد من لا يدفع مقابل الاستهلاك أو الفائدة .
وتتوفر خاصية الاستهلاك غير التنافسي عندما لا يقلل استهلاك البعض من قدرة الآخرين على استهلاك ذات الخدمة .
و تتوفر خاصية عدم القدرة على استبعاد من لا يدفع مقابل الاستفادة من الخدمة عندما يستطيع كل مقيم داخل الدولة الاستفادة من الخدمة و يستوي في ذلك من يدفع مقابل الاستفادة و من لا يدفع هذا المقابل .
ومن أمثلة ذلك استفادة المقيمين داخل الدولة من إقامة الجسور و الطرق و السدود وإنارة الشوارع وخدمات الدفاع و العدالة .
مثل هذه الخدمات تتسم بصفة عامة بأن تقديمها إلى مستهلك إضافي لا يكلف شيئا أو لا يكلف كثيرا , ولذلك يكون من مصلحة المجتمع تعميم الاستفادة منها إلى أقصى قدر ممكن ولو دون دفع مقابل الاستفادة حيث تكون تكلفتها الحدية مساوية للصفر أو قريبة من الصفر .
و تعتبر مثل هذه الخدمات ضرورية للمستهلك و يصعب توفير البديل لها حيث يكون مرتفع التكلفة . وتسمى هذه الأموال بالأموال العامة .
أهداف الأنشطة التي تقوم بها الدولة :
يعتبر توفير الخدمات الأساسية للمجتمع هو مبرر وجود الدولة , وقد صاحب ذلك جميع المجتمعات الإنسانية , حيث قامت السلطات السياسية بتوفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية اللازمة لحفظ المجتمع وحمايته , بالإضافة إلى تدخل الدولة لتوفير عدد من الخدمات الأساسية اللازمة للمجتمع .
و الدولة ببعض الأنشطة لأسباب التي سبق إيضاحها و أيضا لتحقيق أهداف أخرى و أهمها تصحيح انحرافات السوق , حيث قد يؤدي نظام السوق و المنافسة إلى سوء تخصيص الموارد , و إلى سوء توزيع الدخل , كما قد يؤدي إلى عدم التوازن الهيكلي , وقد لا تستطيع قوى السوق أن تصحح نفسها , ومن ثم يجب أن تتدخل الدولة لتحقيق هذه الأهداف , وتتمثل هذه الأهداف فيما يلي :
أولا : التخصيص الأفضل للموارد .
ثانيا : إعادة توزيع الدخل .
ثالثا : تحقيق الاستقرار الاقتصادي .
أولا : التخصيص الأفضل للموارد :
عرفنا أن بعض السلع و الخدمات تتميز بانتفاء عنصر المنافسة بين المستهلكين أو عدم القدرة على استبعاد من لا يدفع مقابل الخدمة أو السلعة , ومثل هذه السلع والخدمات إذا ما تركت للقطاع الخاص و حساب التكلفة / الربحية لن يقدم على إنتاجها , ولما كانت مثل هذه السلع و الخدمات ضرورية للمجتمع و يرتبط بعضها بالبنية الأساسية للدولة فيجب على الدولة أن تتخذ قراراتها المتعلقة بتخصيص الموارد و إنتاجها و من ثم فإن مقتضيات التخصيص الأمثل للموارد تستلزم قيام الدولة بإنتاج هذه النوعية من السلع و الخدمات .
يتوقف اختيار حجم ونوعية هذه السلع و الخدمات على طبيعة الأهداف المتوخاة من السياسة الاقتصادية و الاجتماعية للدولة .
ثانيا : إعادة توزيع الدخل :
تعني عملية إعادة توزيع الدخل بواسطة الدولة , كل التعديلات التي تدخل على الدخول النقدية و الدخول العينية و يتحقق ذلك إما عن طريق السياسة المالية:
الضرائب وخاصة الضرائب التصاعدية و الإعانات , و إما عن طريق توزيع الخدمات و السلع بالمجان أو بسعر أقل من سعر السوق , وسعر السوق يعني السعر الذي يتضمن التكلفة بالإضافة إلى هامش ربح وإما عن طريق تدخل الدولة بسياسة تسعير بعض المنتجات وبيعها بأقل من السعر الاقتصادي , ومن أمثلة ذلك الخبز و السلع التي توزع بنظام البطاقات في بعض الدول .
ولا شك أن إبعاد الدولة لتحقيق هذا الهدف يعني تجاهل البعد الاجتماعي تحت دعوى أن السوق ينظم نفسه بنفسه , وأن كل فرد يأخذ بحسب إنتاجيته وهذه أوهام ستؤدي إلى تدمير الاستقرار الاجتماعي , ومن ثم يجب على الدولة أن تتدخل لتحقيق إعادة توزيع الدخل لوضع الأفراد في مأمن ضد الفقر و المرض و البطالة .
ثالثا : تحقيق الاستقرار الاقتصادي :
يؤدي نظام السوق إلى عدم توازنات هيكلية ( بطالة – انكماش – تضخم ) وذلك من مظاهر فشل أو انحراف السوق الذي يحتاج إلى تدخل الدولة لتصحيح هذه الانحرافات لتجنب الآثار السيئة على الهيكل الاقتصادي الكلي .
تستخدم الدولة عدة سياسات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي , ففي حالة التضخم قد تلجأ الدولة إلى الحد من الإنفاق العام و إلى زيادة عبء الضرائب , وكثيرا ما تعجز الدولة عن ضغط الإنفاق العام لذلك تلجأ ترشيده , وعادة ما تكون الضرائب وسيلة أكثر سهولة للالتجاء إليها في حالات التضخم , أما في حالات الانكماش , تستطيع الدولة بسهولة أن تزيد من حجم الإنفاق العام و تقلل من حجم الضرائب .
كما تسعى الدولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال معالجة مشكلة البطالة و إيجاد فرص العمل بما يتناسب مع نوعية البطالة السائدة و تحديد الحد الأدنى للأجور لضمان مستوى ملائم لدخول الطبقة العاملة .
وكذلك تعمل الدولة على تحقيق التوازن بين النتائج القومي من السلع و الخدمات وما يقابله من تيار نقدي للسيطرة على مشكلة التضخم .
ولقد استقر الفقه على أهمية هذه الأهداف و إن اختلف حول مضمون بعض الأنشطة المتعلقة بإنتاج السلع و الخدمات المحققة لها , و يرتبط ذلك بمشكلة تخصيص الموارد بين القطاع و القطاع الخاص , وتحديد الموارد المخصصة للقطاع العام يقتضي الفهم الكامل للطرق و الأدوات التي يستخدمها القطاع الخاص لتخصيص الموارد و ذلك من خلال فحص علاقات التبادل بين المنتج و المستهلك , تلك العلاقات التي تعطي دلالات لما يستطيع القطاع الخاص أن ينتجه وما لا يستطيع , ومن ثم يقوم القطاع العام بإنتاجه .
مجالات الأنشطة التي تقوم بها الدولة :
في مجال سياسة الخوصصة , يجمع الكثير من الاقتصاديين على أن هناك أنشطة يجب أن يختص بها القطاع العام بصفة أساسية أو على نحو يكون له فيها السيطرة , تلك المجالات تتمثل فيما يلي :
أ . الأنشطة المتعلقة باستغلال الموارد الطبيعية .
ب . المشروعات التي تمثل احتكار طبيعيا مثل : السكك الحديدية , الاتصالات السلكية واللاسلكية و المياه ,... إلخ .
ج. الصناعات الأساسية ذات التكلفة الرأسمالية العالية و المخاطرة الكبيرة مثل : صناعات الحديد و الصلب و الألمنيوم و الكيماويات الثقيلة.
د. المشروعات والمرافق التي تقوم بإنتاج وتقديم سلع وخدمات محققة لأهداف اجتماعية ووفورات خارجية يصعب تقييمها ماليا مثل : التعليم الأساسي , الرعاية الصحية الأولية , السكن الاجتماعي بعض طرق الموصلات.
هـ. الأنشطة التي تترتب عنها نتائج اجتماعية أو سياسية أو تحقق أهدافا اجتماعية سياسية .
وهناك أنشطة أخرى تعتبر محل تنافس بين القطاع العام و الخاص مثل : نشاط المصارف و التأمين و أنشطة الاستيراد و التصدير .
وبعيدا عن المبررات النظرية لتدخل الدولة , فإن الواقع يثبت أن هناك أنشطة يجب أن تقوم بها الدولة لعدم صلاحية أو قدرة القطاع الخاص على القيام بها لاعتبارات متعددة. وهناك أنشطة يمكن أن يقوم بها القطاع الخاص ولكن لاعتبارات اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية يجب أن تشارك الدولة في تحقيقها و الرقابة عليها , ولا توجد معايير واضحة للتفرقة بين هذه المجالات و إنما يتوقف الاختيار على الظروف التاريخية الواقع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي لكل دولة .
ولقد أوضح التاريخ الاقتصادي في كل بلاد العالم تقريبا أن الدولة لعبت دورا هاما في تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال ما حققته الحكومات من التحسين في مجال التعليم ومجال الصحة و الحد من التفاوت الاجتماعي بين الطبقات ومن ثم , أيا كانت مبررات سياسية الخوصصة ومهما ساهم القطاع الخاص في مجال التعليم و الصحة يجب أن تبقى الدولة إلى جانب القطاع الخاص في هذه المجالات تحقيقا لاعتبارات العدالة الاجتماعية وضمان نشر التعليم و الرعاية الصحية لذوي الدخول المحدود , وضمان الرقابة و السيطرة على القطاع الخاص في تأديته لهذه الخدمات.
وكذلك عندما لا يصلح نضام السوق كما هو الحال بالنسبة إلى معظم السلع و الخدمات العامة كإنشاء خطوط السلك الحديدية أو الطرق الريفية و الإمداد بالمياه الصالحة للشرب و الصرف الصحي مثل هذه الخدمات تقوم بها الدولة مع إمكانية إسناد الخدمات الملحقة بها للقطاع الخاص .
وهناك قطاعات أخرى يمكن للقطاع الخاص أن يقوم بها كاملا بدون حاجة إلى تدخل الدولة و مع ذلك لاعتبارات اجتماعية و اقتصادية تقوم الدولة بالمساهمة إلى جانب القطاع الخاص في تقديم الخدمة وذلك مثل عمليات بناء المساكن لذوي الدخول المحدودة .
وفيما يلي قائمة للأنشطة التي يجب على الدولة المساهمة فيها
أولا : إنشاء خطوط السلك الحديدية و إنشاء الطرق .
من المعروف أن إنشاء السكك الحديدية و الطرق من أهم عناصر البنية الأساسية للمجتمع ومن أهم العوامل التي تساهم في تحقيق تنمية الاقتصادية , كما أن هذه المرافق من أكثر المرافق تحقيقا للوفورات الخارجية الإيجابية التي لا يمكن تقييمها ماليا , و إنشاء هذه المرافق يستلزم نفقات ضخمة لا يستطيع القطاع تحملها و استهلاك تكلفتها يستغرق سنوات طويلة كما أن مثل هذه المرافق لا تحتمل المنافسة , حيث لا يتصور وجود أكثر من خط سكة حديدية في منطقة واحدة.
لكن يمكن أن تستند عمليات تسيير القطاعات الخاص حتى نضمن خدمة أحسن و بتسعيرة معقولة , وإذا كان هذا النظام يؤدي إلى أن الدولة تتحمل تكاليف الإنشاء , ثم يقوم القطاع الخاص بتحصيل الأرباح , ولذلك يجب تطبيق نظام ضريبي كفيل بتعويض الدولة عن منشآتها .
ثانيا : الإمداد بالمياه و الصرف الصحي :
خدمات توفير المياه الصالحة للشرب و الصرف الصحي من الخدمات التي تحتاج إلى الاحتكار الطبيعي حيث لا تحتمل المنافسة ونقصد في هذا المجال خدمات الإمداد بشبكات المياه و الصرف الصحي ,أما الخدمات الخاصة بتوفير عدادات المحاسبة و التحصيل و الصيانة فيمكن إسنادها للقطاع الخاص .
ثالثا : توليد الكهرباء :
صناعات توليد الكهرباء و نقلها و توزيعها من الصناعات التي تستفيد من اقتصاديات الحجم الكبير , ولذلك تستلزم أن يتم الإنتاج في ظل الاحتكار الطبيعي .
غير أن ذلك لا يمنع من مساهمة القطاع الخاص فيمكن مثلا للقطاع الخاص القيام بعمليات التوليد على أن تتولى الهيئة العامة للكهرباء شراء الطاقة من محطات التوليد الخاصة ثم القيام بعمليات التوزيع .
رابعا : التعليم :
يلعب التدخل الحكومي في التعليم دورا هاما في تقليل عدم المساواة بين المواطنين , فهو يفتح الطريق أمام الفقراء و المحرومين و الدولة هي الأكثر قدرة على التخصيص الفعال للموارد في هذا القطاع.
و باعتبار أن التعليم هو أهم عناصر تكوين الهيكل الاقتصادي الكلي ومن أكثر الأنشطة تحقيق للوفورات الخارجية الإيجابية فتكون الدولة هي القادرة على إشباع احتياجات المجتمع بعيدا عن اعتبارات الربحية الفردية و العائد المباشر .
خامسا : قطاع الصحة :
رغم أن هذا القطاع يعتبر من القطاعات الغير خاضعة للاحتكار الطبيعي أي يمكن ممارستها في ظل المنافسة , إلا أن دور الدولة يبقى أكثر من ضروري في هذا المجال لما يمثله من أهمية في حياة أفراد المجتمع و يبقى تدخل الدولة في هذا الدولة عديدة في أوربا حيث يشمل هذا النظام 99.9 % من القادرين على العمل في فرنسا أما التأمين الصحي فيشمل كافة أفراد الشعب الياباني و العلاج مجاني بالكامل .
/ - العولمة و التوجه نحو تقليص دور الدولة في الحياة الاقتصادية :
جاءت العولمة لتفرض على الدولة نمطا جديدا في إدارة الحياة الاقتصادية وذلك من خلال انسحاب الدولة من مجال الاقتصاد و فسح المجال أمام القطاع الخاص ليلعب دوره كمنشط للإطار الاقتصادي العام و اكتفاء الحكومات بتوفير الجو الملائم لهذا النشاط .
دور الدولة الحديثة و النماذج المطبعة في الدولة الرأسمالية .
تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي تحت إما ضغوط ظرفية كتلك التي سادت بعد الحرب العالمية الثانية في الدولة الأوربية و اليابان أو تحت ضغوط هيكلية كما حدث للبلدان النامية بعد الاستقلال .
وتستهدف الدولة في الحالة الأولى تحقيق الاستقرار الاقتصادي و النمو و العدالة الاجتماعية ... ولكنها تستهدف ما هو أبعد من ذلك في الحالة الثانية فالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية تتطلب تغييرا جذريا و إرادة شعبية وتخطيطا جيدا .
وبصفة عامة قد يأخذ التدخل الحكومي شكل التوجيه و التنظيم و التشجيع باستخدام مختلف أدوات السياسات الاقتصادية و المالية و النقدية و السعرية , بحيث تتحكم في إطار العام الذي يمارس من خلاله القطاع الخاص نشاطاته المتعددة .
وتتراوح التدخل الحكومي في المجال الاقتصادي بين الأشكال التالية مع الإشارة إلى إمكانية الجمع بين أكثر من شكل منها
1- توفير الرأسمال الأساسي بما في ذلك القانون و النظام في المجتمع , أي تحديد الالتزامات القانونية و التعاقدية و تنفيذها و إقامة التسهيلات التعليمية و الصحية و الرفاه الاجتماعي و القيام بالوظائف العسكرية و الدفاعية .
2- توفير البنية الاقتصادية الارتكازية مثل : المصارف و التسهيلات النقدية و المالية, الطرق العامة و شبكات الخطوط الحديدية , والمرافق العامة الأخرى كالماء و الكهرباء و الهاتف.
3- تطبيق رقابات مباشرة أو غير مباشرة من خلال إجراءات متنوعة مثل التعرفة الجمركية و الضرائب و الدعم و تقنين السلع و الائتمان و الرقابة على الأسعار ..
4- إقامة مشروعات تتراوح بين إدارة بعض الصناعات أو بعض المشروعات العالمة في صناعات مختلفة أو الملكية العامة لبعض أو كل وسائل الإنتاج .
5- التخطيط المركزي الذي قد يشتمل على تركيز كامل أو جزئي في عملية صنع القرار الاقتصادي في مجلس تخطيط قومي مركزي .
و إذا نظرنا إلى الدولة التي تسير وفق نظام اقتصادي يعتمد على آليات السوق فإننا نراها :
1- تشترك فيما بينها من حيث الجوهر , بقانونها الأساسي القائم على أولوية المجال الاقتصادي الذي يخضع لمقتضياته كل المجالات الأخرى , اعتمادا على فكرة أن الاقتصاد هو الذي يحدد قوة الدولة و مكانتها في ساحة العلاقات الدولية .
2- وتختلف طرق تطبيقها لآليات السوق عن الرأسمالية النظرية المثالية اختلافا كبيرا بحسب الشروط التاريخية لنشأتها و الاختلاف ليس فقط في المنظومة الكلية بل أيضا من حيث المنظومات الاقتصادية الجزئية .
إذا تختلف فيما بينها من حيث مدى وشكل تدخل الدولة في الإدارة الاقتصاد وضبط علاقات السوق , ومن حيث اضطلاعها بمسؤولية ضمان شروط تطوير العمل الاقتصادي و الاجتماعي كإقامة البنى الهيكلية و تنظيم و تمويل البحوث العلمية و التعليم و التأهيل و خدمات الضمان الاجتماعي ويمكن التمييز بين الأشكال التالية بحسب تصنيف المنظر الفرنسي : ROBERT POYER :
1- النموذج الأنكلوسكسوني : وهو الأكثر رداءة من الناحية الاجتماعية إذا تسود فيه الاقتصاد و الروح التجارية و تتولى السوق وحدها تقريبا تنظيم علاقات التبادل التجاري وتتولى إعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية و الثقافية و إخضاعها لمقتضياتها المباشرة وبالتالي يكون دور الدولة محدودا ومقيدا , وتكون الضمانات الاجتماعية ضئيلة و أقرب إلى مفهوم الصدقة , وتكون المنافسة ليس فقط في علاقات السوق بل وفي السياسة و الإعلام و الثقافة أيضا , و زعيمة هذه المجموعة هي الولايات المتحدة و استراليا و كندا .
2- النموذج الاجتماعي الديمقراطي و يعد طريقا وسطا بين الرأسمالية و الاشتراكية و نموذجها المثالي السويد و تأتي ألمانيا بعدها .
3- النموذج اللاتيني و مثاله الأبرز فرنسا و تمارس الدولة هنا وظيفة المحرك الاقتصادي في التخطيط و الاستثمار و تكوين رأس المال و التعليم و التأهيل و الثقافة و الإعلام أي أن الدولة تلعب دورا محركا و منظما للاقتصاد و تمتلك قطاعا اقتصاديا واسعا و منظومة متطورة للضمان الاجتماعي و تشمل هذه المجموعة أيضا إيطاليا و أسبانيا ...
4- تنفرد اليابان بنموذج خاص بها , حيث تسود أنظمة جماعية تشاركية منظمة تلعب فيها الوزارات و النقابات و الشركات الكبرى بالاتفاق فيما بينها الدور الرئيسي و الحاسم و تتميز بقيام علاقة وثيقة و متشابكة فيما بين البنوك و المؤسسات المالية الأخرى و بين رأس المال الصناعي و التجاري و تلعب هذه العلاقة دورا هاما في الادخار و الاستثمار و ضبط التوازنات الاقتصادية إذ أن الحكومة أمنت المصادر الاستراتيجية ( الموارد و العنصر البشري و التمويل ) لخمسة من الصناعات الرئيسية و هي الفحم و الفولاذ و النقل البحري و الأسمدة الكيماوية و الكهرباء و من ثم عملت على تقوية الصناعات المساندة إضافة إلى حماية متساهلة للصناعات الوليدة ووضعت نوعا من الإجراءات الوقائية لوقف تناقص حصص الأسواق التي تلحق الأذى بالشركات .
5- النموذج الناشئ في بلدان شرق وجنوب آسيا وهي بعيدة عن الديمقراطية و عن برنامج الضمان الاجتماعي و تلعب فيها الدولة و قطاعها الاقتصادي دورا مباشرا وحاسما عن طريق القيود الإدارية و القطاع العام .
6- النموذج الناشئ في روسيا و بلدان أوربا الشرقية و التي تطبق برامج الصدمة الكهربائية . لتكييف الاقتصادي وهي تشكل نوعا من المختبرات لتطبيق الليبرالية الأكثر نقاء .
وقد تحول النموذج الأخير و الذي يطلق عليه " الليبرالية الطائشة " من مجرد إرهاصات لفكرة اقتصادي و اجتماعي جديد إلى برنامج اقتصادي و سياسات اجتماعية و جدت سبيلها إلى التطبيق في بريطانيا بعد نجاح مار جريت تاتشر في انتخابات 1979 و في الولايات المتحدة بعد نجاح رونالد ريجان في بداية الثمانينات.
ويتمسك أنصار هذه الليبرالية بآرائهم منطلقين من الأسس التالية :
إن المنافسة الحرة هي الإطار الصحي لزيادة إنتاجية المشروعات العامة : و تحسين نوعية المنتجات و خدمة مصالح المستهلكين في إطار المنافسة الكاملة بينما قد تؤدى المنافسة الحكومية إلى مستنقع الرشوة و الفساد و سرقة المال العام.
1-إن توفير مناخ المنافسة الحرة يستلزم إلغاء كافة أشكال الاحتكار بما في ذلك ما يسمى بالاحتكارات الطبيعية للدولة ( المناجم , آبار النفط ...) فمثل هذه الاحتكارات تؤدي إلى انحرافات عن المستوى الأمثل للأداء الاقتصادي و إلى تدهور الإنتاجية و الربحية و الكفاءة في القطاع المحتكر .
2-لا غنى عن تطبيق مبدأ استقلالية الإدارة . فالقرارات لا يجب أن تتأثر باعتبارات انتخابية أو معارك حزبية .
3-إن نقص التمويل كمشكلة يجب أن يعالج عن طريق سو ق المال و ليس عن طريق التمويل بالعجز في الميزانية العامة للدولة .
4- إن تحويل ملكية القطاع العام إلى القطاع الخاص هو أقصر طريق لتحقيق النتائج السابقة لأن الحكومة منتج رديء , و مستهلك غير رشيد و رجــل أعمــال غيـــر كــفء .
دور الدولة المستقبلي في ظل نظام العولمة :
إذا كانت العولمة تعتمد بصفة أساسية في وجودها على الكيانات الاقتصادية الخاصة حيث تتبنى مفاهيم اقتصاد السوق الذي يفسح الطريق أمام النشاط الفردي بعيدا عن سيطرة الدولة, فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو ما هي حقيقة العلاقة بين دور القطاع الخاص ودور الدولة في الحياة الاقتصادية في عصر العولمة ؟ أن الإجابة على هذا السؤال تكون من خلال طرحة عبر التساؤلات الآتية :
-- ما مدى تطور علاقة القطاع الخاص بالدولة عبر المراحل المختلفة للعولمة ؟
- ما هي وسائل تشجيع العولمة للقطاع الخاص ؟
ما هي مظاهر تدخل القطاع الخاص في ظل العولمة ؟
ما هي وسائل تحقيق التوازن بين دور الدولة و دور القطاع الخاص في ظل آليات العولمة ؟
أولا : تطور علاقة القطاع الخاص العولمي بالدولة :
تشهد الدولة في ظل العولمة تحولات مختلفة في الأدوار الاقتصادي و الاجتماعي المنوطة بها , حيث تأتي العولمة بفلسفة مغايرة لتلك التي كانت قد استراحت الدولة في ظلها مئات السنين . فالعولمة جاءت لتؤكد عالمية الأفكار الليبرالية الاقتصادية التي كانت قائمة في القرن الثامن عشر . ولكن مع إدخال بعض التغيرات علي الدور الذي كان مرسوما للدولة في هذه الحقبة الزمنية .
وذلك مراعاة للأوضاع السياسية و الاقتصادية التي قامت بعد ذلك و التي كان من ثمارها ازدياد المد الاشتراكي و إعادة النظر في دور الدولة في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية , حيث نشأت فلسفة الدولة المتدخلة – في البلدان الاشتراكية – التي تحمل على أكتافها تنظيم الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية للأفراد .
فالعولمة جاءت لتحيي هذه الأفكار الليبرالية القديمة مع تهذيب الأفكار المتعلقة بدور الدولة في ظلها و التي تقصرها علي حفظ الأمن الداخلي و الخارجي و تحقيق العدالة . من هنا نشأ في ظل العولمة ما يسمى بالطريق الثالث أو الليبرالية الجديدة كما يسميها البعض . من هنا فإن العولمة وإن كانت تقوم علي أكتاف الشركات الخاصة, إلا أنها لا تهجر الدولة بل مازالت تؤمن بوجودها . ولكن هذا الإيمان مشروط بالإعتراف المسبق من الدولة بوجود هذه الكيانات الاقتصادية الخاصة و إعطائها التسهيلات و الضمانات المختلفة للقيام بدور فاعل في تسيير الحياة الاقتصادية . فكأن الحفاظ علي كرسي حكومة الدولة علي مسرح العولمة يكون مرهونا بضرورة مد الدولة يدها إلى القطاع الخاص كي تعينه و تشجعه علي القيام بدوره . من هنا نستطيع القول بأن العولمة و إن كانت تشجع النشاط الفردي و تمجده إلا أنها لا تلغي في نفس الوقت نشاط الدولة . و لكن هذا النشاط يكون محصورا في مجالات معينة و إطلاق يد القطاع الخاص في باقي المجالات بحيث يقتصر دور الدولة علي وظيفة المراقب أو المنظم لأنشطة هذه الكيانات . من هنا فإن السياسات الاقتصادية في الدولة المختلفة تشهد الآن تحولا كبيرا من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق الذي يشجع القطاع الخاص و يؤكد وجوده على مسرح الحياة الاقتصادية .
ثانيا : وسائل تشجيع القطاع الخاص العولمي :
إن تشجيع دور القطاع الخاص في ظل العولمة يكون على مستويين
1- حيث تتسابق الدولة المختلفة – من بينها البلاد العربية – إلى توفير المزايا و الإجراءات المختلفة التي تؤكد رغبة الدولة في جذب القطاع الخاص سواءا كان الوطني أو الأجنبي متمثلا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة .
وتعمل علي تهيئة البنية الأساسية التي تعينها علي القيام بالأنشطة الاستثمارية المختلفة و ذلك بما توفره من طرق معبدة و شبكة اتصالات و غيرها من الركائز اللازمة لقيام البنية الأساسية لأي نشاط اقتصادي . كما تعمل على منحه من الإعفاءات الضريبية فترات تصل إلى عشرة سنوات . كما تكفل له اللجوء إلى التحكيم في المنازعات التي يكون طرفا فيها بعيدا عن القضاء الوطني , و تعطي له إمكانية اختيار نظام قانوني للفصل في هذه المنازعات بعيدا عن قانون الدولة التي يمارس فيها نشاطاته .
2- إن المنظمات الدولية من جانبها تعمل على تكريس دور القطاع الخاص في البلدان المختلفة كي يقوم بعملية التنمية الاقتصادية في كثير من البلدان النامية .
فبعد أن كانت التنظيمات الدولية الاقتصادية كالبنك الدولي للإنشاء و التعمير يقصر نشاطه علي منح قروض لحكومات الدولة الفقيرة كي تتولى عملية تحديث و تنمية مجتمعه , نجده قد أنشأ مؤسسة التمويل الدولية لتشجيع الحكومات البديلة القطاع الخاص بما يمنحه من قروض و مساعدات كي يتولى القيام بمشروعات التنمية في هذه الدولة . كما تم إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التي تقوم بين الدول و الشركات المتعددة الجنسيات . كما أن منظمة التجارة العالمية O. M. C قد تضمنت هي الأخرى القواعد التي تعمل علي الحفاظ علي الحقوق الفكرية لهذه الكيانات الاقتصادية و ذلك بما تضمنته من قواعد لحماية منتجات الملكية الذهنية كحماية براءات الاختراع و المعارف الفنية و منتجات المعلوماتية . لأنه من المعروف أن التوصل إلي مثل هذه المنتجات الذهنية يستلزم القيام بعمل أبحاث و دراسات مستمرة تستلزم رصد الأموال الوفيرة لقيامها , وهو ما تقدم عليه هذه الشركات لما تملكه من إمكانات علمية ومادية مختلفة . ولذا فإن الدولة الكبرى التي قامت علي هندسة اتفاقية التجارة العالمية كانت حريصة علي إدراج ملحق خاص (الفكرية) بحماية الملكية الذهنية الي اتفاقية التجارة العالمية لتؤكد البعد الاقتصادي و التجاري لهذه المنتجات الذهنية بما يضمن الحفاظ علي عوائد هذه المنتجات في مواجهة الدولة المستخدمة لها . وإذا كانت هناك بالفعل الاتفاقيات التي كانت قائمة لحماية حق المؤلف – اتفاقية جنيف 1886 و اتفاقية حماية الملكية الصناعية و الثقافية باريس 1883 , إلا أن الجديد في هذه الاتفاقية أنها أوجدت قواعد تمثل الحد الأدنى الذي يجب أن تتمتع به المنتجات الذهنية من حماية و أردفت بها الجزاءات التي تلحق الدولة نتيجة عدم احترام هذه الحقوق .
ثالثا : مظاهر تدخل القطاع الخاص العولمي في النشاط الاقتصادي للدولة :
إن وسائل تشجيع المختلفة السابقة الوطنية و الدولية قد دفعت القطاع الخاص العولمي إلي التدخل في الميادين الاقتصادية المختلفة , فكان مؤشرا قويا علي تقدم القطاع الخاص و تراجع الدولة قليلا إلى الوراء:
1- لقد كانت البداية في تراجع الدولة عن التدخل في المجالات الإنتاجية و السلعية و توزيعها بحيث أضحي القطاع الخاص يتولى القيام بها . علي اعتبار أن مثل هذه الأنشطة تتفق مع النشاط الفردي مما يستلزم إن خلع الدولة يدها منها و ترك المجال واسعا للقطاع الخاص .
2- بل وجدنا أن القطاع الخاص لم يقتصر دوره علي مجرد هذه الأنشطة الإنتاجية و التوزيعية للسلع والخدمات , بل وجدناه يقوم بأعمال كانت في فترة من الفترات لا يتصور القيام بها الا من الدولة الا وهي مشروعات البنية الأساسية من إقامة المطارات و رصف الطرق و مد شبكات الكهرباء و التعليم .
وهو ما يؤكد مدى تدخل القطاع الخاص في الوظائف التي كانت حكرا علي الدولة وحدها . من هنا يمكن ان يطلق بحق علي القطاع الخاص و الدور الذي يقوم به في ظل العولمة بأنه الحكومة البديلة كما يسميه البعض . ولا توجد في الحقيقة مبالغة في هذا التوصيف و ذلك لأن هذه الكيانات الاقتصادية الخاصة لها من الإمكانات الفنية و المادية ما تفوق به كثيرا من الدول . ولذا أصبح القائمون علي أمر هذه الحكومات يجدون من الترحيب و التشجيع من جانب الحكومات المختلفة بما يقرب من المعاملة التي يلقاها الممثلون الرسميون لدولهم و ليس ادل علي ذلك من مقابلة الرئيس الفرنسي شيراك شخصيا عام 2000 لرئيس شركة ميكروسوفت أثناء زيارته لفرنسا .
رابعا : آليات تحقيق التوازن بين دور القطاع الخاص العولمي و دور الدولة :
إذا كانت البيئة الدولية و المحلية في جميع البلدان تعمل علي توفير المناخ المناسب للقطاع الخاص بما يضمن الحفاظ علي أمواله بعيدا عن شبح التهديدات التي كان يشكو منها ابان فترة السيادة الاقتصادية الكاملة للدولة , بما يوفر في النهاية الأمان القانوني للقطاع الخاص . ولكن إذا كانت حماية القطاع الخاص هدفا مشروعا في ذاته , إلا أنه يجب أن يعمل وفقا لمصلحة المجتمع في النهاية . بمعنى يجب آلا تتمادى الدولة في حماية هذه الشركات و في نفس الوقت تنسى ما يجب أن تحققه هذه الشركات عملا بموجبات الحماية التي نكرسها لها . وهذا يقتضي إلا تغفل عينا الدولة عن مراقبة نشاط هذه الكيانات الاقتصادية الخاصة من خلال سن التشريعات التي تعمل علي الحفاظ علي البنيان الاجتماعي للدولة بما يضمن عدم غياب السلام الاجتماعي . فعلي سبيل المثال
1- يجب أن تقتصر الإعفاءات الضريبية علي المشروعات الإنتاجية المهمة ذات الأجل الممتد و التي من شأنها أن تساعد علي تنمية المجتمع في النهاية , دون تلك المشروعات المؤقتة التي لا تلبث أن تنتهي بانتهاء فترة الإعفاء الضريبي و دون أن يستفيد منها المجتمع شيئا بل تكون هي التي استفادت و حرمت المجتمع من العائد الضريبي الذي كانت تتمتع بميزة الإعفاء من الوفاء به . كما يجب أن نضمن عدم هروب المشروعات المختلفة بعد إنتهاء فترة الإعفاء الضريبي وما تخلفه بعد ذلك من بطالة و ترشيد للأيدي العاملة بها , وبعد أن تكون قد سرقت حقوق المجتمع الضريبية .
2- كما يجب أن يتم تدشين القوانين التي تعمل علي حماية العامل في مواجهة هذه الشركات بما يضمن له حياة مستقرة آمنة و مستقبلا معلوم دون أن يكون مهددا بالفصل أو التشريد من جانب هذه الكيانات دون ضابط أو رقيب بحجة تقليل الأيدي العاملة أو غيرها من المبررات التي يتحملها هذه الأشخاص الخاصة . ولا غرو في ذلك لأنه حتى في الدولة التي تحمل علي أكتافها ترسيخ نظام العولمة توجد بها ترسانة القوانين المختلفة التي تخلق المؤسسات و الهيئات الرقابية علي نشاط المشروعات الخاصة بما يضمن عدم تعسف هذه الشركات في مواجهة الأيدي العاملة بها وبما يضمن حقوقهم . بمعنى ضرورة و جود نوع من التوازن بين الحماية التي يجب أن يتمتع بها رأس المال و تلك التي يجب أن يتمتع بها العمل الإنساني .
3- كما يجب أن تتم حماية المستهلك في مواجهة هذه المشروعات العملاقة و بصفة خاصة في عملية الجودة التي يجب أن تتمتع بها هذه المنتجات .
و تشجيع جمعيات حماية المستهلك التي تعمل علي الدفاع عن المستهلك . لأنه من المتصور أن هذه الشركات يكون لديها من الإمكانات الفنية و الخبرات القانونية التي تمكنها من الدفاع عن مصالحها في حين أن المستهلك بوصفة الطرف الضعيف لا يستطيع و حده مجابهة هذه الشركات العملاقة كي يطالب بحقوقه من مواصفات يجب أن تتمتع بها السلعة أو من حقوق تعويضية نتيجة الأضرار التي لحقته لعدم تناسب السلعة مع حاجاته أو إلحاقها أضرارا جسدية به . ومثل هذه التشريعات موجودة في الدول المتقدمة , فعلي سبيل المثال يوجد في غالبية الدول الأوربية تشريعات تعطي للمستهلك فترة سماح بعد شراء السلع كي يختبر مدي توافقها مع حاجاته , و إلا فله الحق في أن يقوم بردها إلى البائع . كما تنتشر بها جمعيات حماية المستهلك و التي تعمل علي الدفاع عن مصالحة في مواجهة البائع و ذلك من خلال اللجوء إلى الأساليب التوفيقية أو تلك القضائية ليس فقط في مواجهة الشركات التي تتركز علي إقليم الدولة , بل من حقها أن تقوم بممارسة دعوة حماية المستهلك في مواجهة الشركات التي تقيم علي إقليم دولة أخرى .
4- كما يجب أن يتم تكريس القواعد التي تضمن المنافسة الحرة الحقيقية بين المشروعات المختلفة دون احتكار لشركة معينة لإنتاج سلعة معينة . من هنا تظهر أهمية الإسراع بخروج مشاريع قوانين حماية المستهلك و حماية المنافسة الي النور كي تواجه هذه الشركات بما يضمن تحقيق استقرار في السوق الوطني بين الطرفين المنتج والمستهلك . وليس ببعيد عن ذاكرتنا ما قامت به الحكومة الأمريكية في مواجهة شركة مايكروسوفت لمنع احتكارها صناعة البرمجيات و إصرار الحكومة علي تفتيت هذه الشركة وذلك لا جل إتاحة الفرصة للشركات الأخرى . بما يحقق في النهاية استقرارا للسوق الوطنية و حماية للمستهلك .
5- إن ضمان نفاذ الآليات السابق ذكرها لا يكون مضمونا إلا إذا كانت الدولة تتمتع بإمكانات اقتصادية قوية تعادل إن لم تفوق هذه الشركات العملاقة العابرة للحدود . هذا لا يتحقق إلا إذا عملت الدولة علي إيجاد التكتلات الاقتصادية
بما يضمن في النهاية في النهاية وجود قوة اقتصادية كبرى قادرة علي مواجهة نفوذ هذه الشركات . وذلك لأننا إذا كنا نؤمن بسلامة أهداف القطاع الخاص الوطني ودوره في تحقيق التنمية الوطنية و العمل على مساندة كل ما يقوي المجتمع ويؤكد وجود الدولة المستقرة داخليا وخارجيا , فإن هذا الإيمان لا يلبث أن يتزعزع في مواجهة القطاع الخاص الأجنبي الذي تمثله هذه الشركات العملاقة العابرة للحدود و التي غالبا لا تكتفي بنشاطها الاقتصادي بل يكون لها تطلعات أبعد من ذلك , وتاريخها مع الدول النامية يشهد بذلك .
ونهاية , أن اتباع كل الآليات السابق ذكرها يؤدي إلى إيجاد علاقة تبادلية بيم القطاع الخاص وبين الدولة , فكلاهما يفيد و يستفيد . ومن ثم لم يكون القطاع الخاص ممثلا لحكومة بديلة للحكومة الرسمية – كما يبشر بذلك البعض – وإنما سيكون بمثابة حكومة مكملة لدور الحكومة الرسمية . فالعلاقة بينهما إذن لن تكون علاقة تنافر تعارض بل تكامل و تعاون بما يعود بالنفع على المجتمع ككل . وهذا التوصيف هو ما نجده حاليا مستقرا لدى دول الشمال المتقدمة التي اتضحت فيها صورة العلاقة بين القطاع الخاص و الحكومات الرسمية بها منذ فترة زمنية طويلة , مما أدى إلى إيجاد دول قوية تتضح فيها أدوار الأجهزة و المؤسسات المختلفة في الدولة حيث يقوم كل شخص عام أو خاص بدوره المنوط به بما يحفظ في النهاية للدولة و جودها القوي داخليا و خارجيا .
الرد على أنصار العولمة و الدعوة إلى الإبقاء على دور الدولة :
إن ما يورده أنصار التحول نحوى اقتصاد السوق و الخوصصة و عدم تدخل الدولة في ألية السوق يمكن الرد عليه إذ أن السوق تنسق القرارات ولكن بصورة لاحقة و نادرا ما يتم التوصل للتوازن بين العرض و الطلب بسلامة بدون اختلالات و أزمات قد تطول مدتها و قد تفشل السوق في تحقيق الكفاءة والنمو لأسباب التالية :
1- عجز السوق عن إصدار الإشارات السعرية الملائمة كما في حال وجود آثار خارجية , وكما في حالة الاحتكار
2- عجز السوق عن توليد الاستجابة المناسبة من جانب المتعاملين .
3- في حالة البلدان النامية هناك غياب لبعض الأسواق و تبعثرها و غياب طبقة واسعة من رجال الأعمال
4- إن حرية الاختيار من جانب المستهلك تتوقف على وجود بدائل متعددة .
5- إن اتخاذ معيار الحدية كقياس لكفاءة الإنتاج أو تخصص الموارد ليس مقبولا دائما .
6- من حيث عبء المشروعات العامة على الموازنة العامة أو ميزان المدفوعات فإنه في حالة الدول النامية لا بأس من الاستثمار في صناعة رائد لها آثار هيكلية منشطة للقطاعات الأخرى .
7-إن قوى السوق ليس شيئا خارج الطبيعة و هي تعكس رغبات و قرارات متناقضة و ليست تلك سمة القطاع العام فقط .
وقد أثبتت التجارب إن الشركات الكبرى هي أول من يستنجد بالدولة عندما تواجه أزمات اقتصادية اقتصادية حادة تتصل بالركود و التضخم والبطالة.
ولو لم تسارع الحكومة إلى الإنقاذ لكانت الرأسمالية حسبما تمارس في الولايات المتحدة , في طريقها الآن إلى الانهيار . فغالبية بنوك الادخار و الإقراض في أمريكا تخضع الآن للحراسة القضائية الحكومية , وأيضا هناك أعداد كبيرة من البنوك التجارية صحيح أنها لم تصل بعد إلى درجة الإفلاس و لكنها في الواقع مفلسة بمعنى أن تصفيتها لم تعد تكفي لسداد حقوق مودعيها إذا تطلب الأمر تلك التصفية .
ومن المفارقات أنه بينما تقوم أوربا الشرقية بعمليات خوصصة تقوم الولايات المتحدة بعمليات تأميم , فمع انهيار جانب كبير من قطاعها المصرفي اضطرت الحكومة الأمريكية في بداية 1991 إلى الاضطلاع بإدارة أصول خاصة قيمتها مائتا مليار دولار , ومن المتوقع أن ينتهي الأمر بتملكها أصول خاصة قيمتها ثلاثمائة مليار دولار قبل أن يتوقف النزيف , ويواجه قطاع التأمين المشكلة ذاتها وكذلك بعض شركات القطاع الصناعي و ستنشأ الحاجة إلى مزيد من المساعدة الحكومية أي من أموال دافعي الضرائب . أن الرأسمالية الأنجلوسكسونية التي لا تحدها قيود تجد صعوبة ي مواجهة مشكلات الحاضر وقد لا تكون هي موجة المستقبل التي لا يمكن صدها و التي يحلو لأصحاب اليمين السياسي تمجيدها .
ويكفي النظر أيضا للتدخل الحكومي الذي طالبت به الشركات اليابانية و البرامج الحكومية الهائلة التي توضع الآن لمعرفة مدى هشاشة هذه النظريات التي يريدون تطبيقها على الآخرين فقط إذا أنه وحتى في سنوات حكم ريغان فإن نسبة الإنفاق الحكومي إلى الناتج القومي ( كمقياس للتدخل الحكومي ) قفزت من 35.8 % عام 1981 إلى 37.8 % عام 1986 .
ويمكن في حالة البلدان النامية تلخيص مبررات تدخل الدولة و القطاع العام بالنقاط التالية :
1- قلة المنظمين الأكفاء و صغر حجم الوحدات الاقتصادية و عجز القطاع الخاص عن توفير موارد كافية للاستثمارات في منشات كبيرة ذات كفاءة عالية .
2- كون الحكومة المصدرة الوحيدة المعول عليه و القادر على إقامة البنى الإرتكازية الاقتصادية و الاجتماعية في الاقتصاد 3- تحقيق استقلال اقتصادي وطني متحرر من الشركات الأجنبية .
4- محاولة تحقيق تنمية اقتصادية و اجتماعية واسعة لا يستطيع أحد , سوى الدولة , توفير ما تحتاجه من أموال طائلة وإدارة قادرة على إنجاز أهدافها الواسعة في التصنيع السريع والواسع .
5- تقاعس القطاع الخاص عن المشاركة في الاستثمار المنتج .
- وحديثا فإن العولمة هي وراء ظاهرة انحسار دور الدولة في الحياة الاقتصادية لصالح الشركات الدولية ومع ذلك فإن دور الدولة أصبح مهما جدا لأن الدولة أصبحت مدعوة لأن تواجه الاقتصاد بقطاعيه العام والخاص و قطاعه التعاوني في بيئة اقتصادية معقدة تتصف بالتنافس المتزايد و التغير التكنولوجي و السلعي المتزايد و التحدي المتزايد , خلافا لما يعتقده البعض أن الانتقال من الاقتصاد المغلق حيث التخطيط الإداري يتناول قطاعا تحت السيطرة إلى حد كبير فإن التخطيط في اقتصاد السوق أو في الاقتصاد العالمي يتطلب مزيدا من التخطيط و له شقان :
- الشق الأول تخطيط قصير الأجل أي التخطيط الذي يهدف إلى الحد من أضرار آلية السوق , الحد من البطالة , الحد من الركود الاقتصادي و استباق النهوض الاقتصادي بالاستثمار .
- و الشق الثاني تخطيط استراتيجي بعيد المدى و باختصار فإن الدولة يجب أن تقود التنمية وتقود السوق لا أن يقودها السوق و يجب أن تلعب دور المرشد و يجب أن يتصف دورها بالديمقراطية و الشفافية و المحاسبية .
Τhe results shоωn bу thіѕ
RépondreSupprimercream аre alѕο fantaѕtic,
with changе in thigh sizе anԁ other аreаs gеtting сlaimеԁ by its customers.
mу page :: prnewswire.com
It has anything in it that can get rid of any style of disorder.
RépondreSupprimerPores and skin tags are incredibly common skin imperfections influencing a lot
of persons.
Feel free to surf to my blog ... reviews of Dermatend