التكامل الاقتصادي العربي
لقد تميز الربع الأخير من القرن العشرين بتسارع وتيرة نمو تكتلات إقليمية في مختلف أنحاء العالم ، حيث أصبح التكامل الاقتصادي الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه الدول الكبرى قبل الصغرى ، و ذلك لكونه الوسيلة الوحيدة التي تساعد الدول على إثبات وجودها في عالم حافل بالمستجدات و المخاطر التي هي أكبر بكثير من أن تتحملها دولة واحدة بمفردها .
أدى هذا الواقع الاقتصادي الدولي و ما أفرزه من الحاجة إلى مواجهة المشكلات الاقتصادية المعاصرة و التكتلات الاقتصادية الدولية ، بالإضافة إلى الانتفاع من المزايا و العوائد التي يمكن يتيحها التكامل الاقتصادي ، إلى حذو الدول العربية في ذلك حذو دول العالم عموما في اتجاه التكامل الاقتصادي ، خاصة أن هذه الدول تطغى فيها الأنشطة الأولية على الأنشطة الصناعية ، حيث تمثل الصناعات الإستخراجية النسبة الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي ، و يشكل أهم صادراتها و يعتمد على الخارج في توفير احتياجاتها من السلع الاستهلاكية و الغذائية مما يجعلها أكثر حساسية للتقلبات الاقتصادية العالمية ، لكن الأكيد أنه لو أحسن إدارة و استخدام ما يتملكه فإنه سيصل لمصاف الدول المتقدمة لا محالة ، وهذا الحكم ما هو إلا ترجمة لمقولة شهيرة لأحد الاقتصاديين حيث يقول " أنا لا أؤمن ببلد فقير و بلد غني ، أنا أؤمن ببلد حسن التسيير و بلد سيء التسيير " .
لقد سعت الدول العربية و أبدت نيتها لتحقيق التكامل الاقتصادي منذ قيام جامعة الدول العربية في عام 1945، وعلى الرغم من ذلك فقد تعطل مشروع التكامل العربي لأكثر من ستة عقود نتيجة للخلافات السياسية بين الدول العربية من جهة، ونتيجة لانشغال الدول العربية بالحروب مع إسرائيل، من جهة أخرى ، و ما زاد الأمر تعقيدا مثلما أشرنا في بداية هذه الورقة بروز العديد من التكتلات الاقتصادية ، الأمر الذي جعل كافة الدول العربية دون استثناء تشعر بأهمية التعاون و التكامل العربي ، وفي سبيل تحقيق هذا التعاون تم عقد عدة لقاءات و إبرام عدة اتفاقيات من اجل تحقيق هذه الرؤية .
فما هي خطوات التكامل الاقتصادي ؟ ماهي مقومات الوطن العربي من أجل التكامل ؟ ماهي أهم الخطوات المتخذة في سبيل تحقيق ذلك ؟ ما هو واقع التجارة في الوطن العربي ؟ ما هي المعوقات التي تقف في وجه هذا التكامل و ما هي أهم التوصيات و المقترحات لتحقيق هذا التكامل ؟


