انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد
E-currencies exchanger
E-currencies exchanger

mercredi 18 mai 2011

التكامل الإقتصادي العربي

التكامل الاقتصادي العربي

      لقد تميز الربع الأخير من القرن العشرين بتسارع وتيرة نمو تكتلات إقليمية في مختلف أنحاء العالم ، حيث أصبح التكامل الاقتصادي الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه الدول الكبرى قبل الصغرى ، و ذلك لكونه الوسيلة الوحيدة التي تساعد الدول على إثبات وجودها في عالم حافل بالمستجدات و المخاطر التي هي أكبر بكثير من أن تتحملها دولة واحدة بمفردها .
     أدى هذا الواقع الاقتصادي الدولي و ما أفرزه من الحاجة إلى مواجهة المشكلات الاقتصادية المعاصرة و التكتلات الاقتصادية الدولية ، بالإضافة إلى الانتفاع من المزايا و العوائد التي يمكن يتيحها التكامل الاقتصادي ، إلى حذو الدول العربية في ذلك حذو دول العالم عموما في اتجاه التكامل الاقتصادي ، خاصة أن هذه الدول تطغى فيها الأنشطة الأولية على الأنشطة الصناعية ، حيث تمثل الصناعات الإستخراجية النسبة الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي ، و يشكل أهم صادراتها و يعتمد على الخارج في توفير احتياجاتها من السلع الاستهلاكية و الغذائية مما يجعلها أكثر حساسية للتقلبات الاقتصادية العالمية ، لكن الأكيد أنه لو أحسن إدارة و استخدام ما يتملكه فإنه سيصل لمصاف الدول المتقدمة لا محالة ، وهذا الحكم ما هو إلا ترجمة لمقولة شهيرة لأحد الاقتصاديين حيث يقول " أنا لا أؤمن ببلد فقير و بلد غني ، أنا أؤمن ببلد حسن التسيير و بلد سيء التسيير " .
     لقد سعت الدول العربية و أبدت نيتها  لتحقيق التكامل الاقتصادي منذ قيام جامعة الدول العربية في عام 1945، وعلى الرغم من ذلك فقد تعطل مشروع التكامل العربي لأكثر من ستة عقود نتيجة للخلافات السياسية بين الدول العربية من جهة، ونتيجة لانشغال الدول العربية بالحروب مع إسرائيل، من جهة أخرى ، و ما زاد الأمر تعقيدا مثلما أشرنا في بداية هذه الورقة بروز العديد من التكتلات الاقتصادية ، الأمر الذي جعل كافة الدول العربية دون استثناء تشعر بأهمية التعاون و التكامل العربي ، وفي سبيل تحقيق هذا التعاون تم عقد عدة لقاءات و إبرام عدة اتفاقيات من اجل تحقيق هذه الرؤية .

فما هي خطوات التكامل الاقتصادي ؟ ماهي مقومات الوطن العربي من أجل التكامل ؟ ماهي أهم الخطوات المتخذة في سبيل تحقيق ذلك ؟ ما هو واقع التجارة في الوطن العربي ؟ ما هي المعوقات التي تقف في وجه هذا التكامل و ما هي أهم التوصيات و المقترحات لتحقيق هذا  التكامل ؟ 


 قبل أن نتناول موضوع التكامل العربي وجب التطرق و الإشادة بالمراحل الأساسية لتحقيق التكامل الاقتصادي ، حيث يجمع جميع الباحثين الاقتصاديين أن التكامل الاقتصادي بين الدول يتحقق من خلال المرور بخمس مراحل متتابعة ، حيث يتم في كل مرحلة تحقيق هدف و تذليل عائق من عوائق التكامل و هي كمايلي :
1- منطقة تجارية حرة
و هي المرحلة الأولى من مراحل التكامل ، و تعتبر ذات أهمية كبيرة كون النجاح في المراحل اللاحقة يعتمد بشكل كبير عليها ، إنشاء منطقة تجارة حرة هدفه تحقيق حرية انتقال السلع و الخدمات بين دولتين أو أكثر ، و يتم ذلك على مستويين تخفيض أو إلغاء التعريفات الجمركية على انتقال السلع عبر الحدود الوطنية للدول ، و تحرير تقديم الخدمات التجارية من خلال السماح بالتواجد التجاري للأشخاص الاعتباريين ( مؤسسات ) و الأشخاص الطبيعيين ( أفراد ) بغرض تقديم الخدمات في الدول الأخرى ، و في نفس الوقت تحتفظ كل دولة عضو في المنطقة بحقها في فرض ما تراه مناسبا من قيود على باقي الدول خارج الاتفاق ، إلا أن هذا الشكل من التكامل اوجد بعض المشاكل تمثلت بشكل أساسي في التهريب و التهرب الضريبي .
2- إتحاد جمركي :
     يتبع عملية إنشاء منطقة التجارة الحرة إنشاء إتحاد جمركي بين الدول الأعضاء و الخطوة الإضافية هنا بعد إلغاء التعريفات الجمركية هي توحيد النظم و التعريفات الجمركية بين دول التكتل من جهة و بين العالم الخارجي ، و يتم ذلك من خلال توحيد التعريفة الجمركية لواردات الدول الأعضاء في الإتحاد عند معدل معين ، بالإضافة إلى إنشاء صندوق مركزي للإيرادات الجمركية بهدف إعادة توزيع هذه الإيرادات بين الدول الأعضاء بهدف تعويض الدول التي قد تتضرر حصيلتها من الإيرادات الجمركية نتيجة لإنشاء الإتحاد .
3- سوق مشتركة :
      و هي المرحلة الثالثة تتمثل في إنشاء السوق المشتركة ، و التي تنطوي على حرية انتقال عناصر الإنتاج ( العمالة و رؤوس الأموال ) بين الدول الأعضاء ، فاستثمارات الدول الأعضاء تتم معاملتها معاملة الاستثمارات الوطنية ، و بالتالي نحصل على نفس الحقوق و الامتيازات ، فيستفيد الأفراد من الخدمات الاجتماعية ( كالصحة ، التعليم و الضمان الاجتماعي ) ، و تستفيد الشركات من الدعم و الإعفاءات الضريبية ( لا تفرض أي قيود على حركة العمل و رأس المال ) .
4-إتحاد نقدي :
       تعتبر هذه المرحلة مهمة جدا في سلم التكامل ، و تنطوي على توحيد السياسة النقدية من خلال خلق عملة موحدة و إنشاء سلطة نقدية مركزية ، فتكون للدول الأعضاء عملة موحدة و سياسة نقدية موحدة فيما يتعلق بسعر صرف العملة و أسعار الفائدة و أسس التنظيم و الرقابة على القطاع المصرفي .

5- سلطة اقتصادية موحدة :
     آخر مراحل التكامل الاقتصادي تتطلب إنشاء سلطة اقتصادية تهيمن على كافة النواحي الاقتصادية للدول الأعضاء، فيتم تنسيق العمل الاقتصادي على كافة المستويات كالمالية العامة ، التجارة الدولية و أسواق العمل .
 
      بعد معرفة المراحل التي يجب أن يمر بها التكامل الاقتصادي، نأتي الآن لنسلط الضوء على التكامل الاقتصادي العربي، و الوقوف على مساره، و كأول نقطة نتطرق لها سنتناول مقومات الوطن العربي.
І- مقومات التكامل الاقتصادي العربي :
   تتمتع الدول العربية بمقومات خاصة بإمكانها أن تزيد من فاعلية التكامل الاقتصادي ، و يمكن تلخيص هذه المقومات فيمايلي :
* توفر الموارد الطبيعية من أراضي زراعية و غابات ، و ثروات حيوانية ، و ثروات بترولية ـ و ثروات معدنية ، و يعاب على هذه الموارد و أنها لحد الساعة لم تستغل الاستغلال الأمثل .
* توفر رؤوس أموال ضخمة نتيجة عائدات البترول إلا أن هذه الأموال لا و لم تسهم بشكل جدي في تنمية الدول العربية .
* موارد بشرية هائلة غير مستغلة ، وغير مرسكلة لمسايرة متطلبات العصر .
* اتساع سوق الوطن العربي الذي يمتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي .
* موقع الدول العربية موقع إستراتيجي له أهميته الاقتصادية الخاصة ، حيث يحتل مركزا متوسطا بين ثلاث قارات هي آسيا ، إفريقيا و أوربا ، و تطل معظم الدول العربية على بحار و محيطات العالم مما يسمح لها بربط دول العالم ببعضها البعض ، وخير دليل على أهمية هذا الموقع الإستراتيجي تسابق الإتحاد الأوربي لإقامة شراكة أوربية ، و أمريكا من أجل مشروع الرق الأوسطي .
* امتلاكها لصحاري شاسعة، هذه الميزة في وقتنا الحالي تعتبر مكسب مهم كون أن العالم يسعى من أجل الحصول على مصادر الطاقة البديلة الأقل تلويثا للبيئة.
* ثروة النفط و الغاز حيث تبلغ نسبة احتياطي النفط و الغاز المؤكد في الدول العربية نحو 61.1 بالمائة و 30 بالمائة من الاحتياطي العالمي .
* هذا فضلا عن مقومات الدين اللغة العرق و التاريخ المشترك  .
І І- مسار التكامل الاقتصادي و معوقاته :
شهد الإقتصاد العربي في الأعوام الماضية مجموعة من التطورات في مجالات الإنتاج و الاستثمار و انتهاج سياسات التصحيح الهيكلي و التكييف الهيكلي في إطار الجهود الرامية لرفع معدلات النمو الاقتصادي و تحقيق الرفاهية للشعوب العربية من المحيط إلى الخليج و إيجاد مكان ملائم للدول العربية على خريطة العالم .
      الكثير من الصعوبات تقف أمام هذه المجهودات تتمثل في ندرة رأس المال في بعض الدول و الموارد الطبيعية في البعض الآخر ، إضافة إلى الجفاف الشديد و التصحر و قلة الموارد البشرية في البعض الآخر ، ناهيك عن التحديات العالمية التي تتمثل في قيام التكتلات الاقتصادية الدولية و منظمة التجارة العالمية ، و أيضا بعض القضايا السياسية العالقة التي مازالت دو ن حل .
     لا شك أن هذه التحديات تضع الدول العربية في موقف صعب يستوجب تضافر جهودها للحاق بركب التقدم السريع ، و إيجاد مكان لها في ركب العولمة السريع ، بما يضمن لها البقاء و الاستمرار ، و يمنع تحللها و اندثارها كم حدث للعديد من الدول و الحضارات التي لم تتمكن من التأقلم مع المستجدات العالمية عبر العصور ، ومن أهم هذه المعطيات ما تنادي به العديد من المؤسسات الدولية و منها البنك الدولي بضرورة توسيع التعاون التجاري و الاستثماري بين دول منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا  ، وهو ما يستوجب الوقوف على واقع التجارة العربية البينية و اتجاهاتها .
1- واقع و اتجاهات التجارة العربية :
      تحتاج الدول العربية إلى تطوير و تنويع نمطها الاقتصادي ، إذا يجب عليها أن تنتج فائضا تصديريا قادرا على المنافسة في الأسواق العالمية في ظل العولمة و سيادة مبادئ منظمة التجارة العالمية و انفتاح الأسواق التي تفرض على المنتجات العربية مواجهة منتجات دول ذات كفاءة صناعية و تكنولوجيا متطورة ، ومعدلات منخفضة لتكلفة وحدة العمل و قدرة عالية على التصدير كما هو الحال في الصين و الهند و دول جنوب شرق آسيا .
أ – دول الإتحاد الأوربي :
  تأتي دول الإتحاد الأوربي على رأس الشركاء التجاريين للمجموعة العربية حيث تستأثر بأكثر من ربع الصادرات ، خاصة مع القضاء على فروقات الصرف التي كانت موجود داخل الدول الأوربية بتوحيد العملة ، كما تحتل دول الإتحاد الأوربي المرتبة الأولى من حيث الواردات إذا تستحوذ على نحو 43.9 من إجمالي الواردات العربية للعالم الخارجي .
ب- اليابان :
تعد السوق اليابانية من أهم أسواق الصادرات العربية ، إذ يحتل المرتبة الثانية من حيث الصادرات و يحتل اليابان المركز الرابع فيما يتعلق بالواردات العربية العالمية .
ج- دول جنوب شرق آسيا :
      تأتي مجموعة دول جنوب شرق آسيا ( كوريا الجنوبية ، سنغافورة ، تايلاند ، أند ونسيا ) في المركز الثالث من حيث الصادرات العربية ، أما من ناحية الواردات تأتي في المرتبة الخامسة .
د- الولايات المتحدة الأمريكية :
تأتي الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الرابعة للصادرات العربية ، أما من ناحية الواردات فتأتي في المرتبة الثانية .
ه- الدول العربية :
     على الرغم من بعض التحسن الملحوظ في صادرات وواردات الدول العربية البينية ، إلا أن الظروف المتشابهة لهذه الدول جعل نسبة التبادلات لا تصل للمستويات المطلوبة و المنشودة ، فصادرات الدول العربية بشكل أساسي تعتمد على صادرات النفط ، غي حين يمثل الغذاء و السلع الرأسمالية أهم مكونات وارداتها ، بعكس الدول المتقدمة التي غالبا ما تصدر السلع التامة الصنع و تستورد المواد الخام و السلع الوسيطية .



2- مسار التكامل الاقتصادي العربي :
      سجل الدول العربية حافر بالعديد من صيغ التعاون و التكامل و خاصة في المجال الاقتصادي حيث أرتبط ذلك بقيام جامعة الدول العربية ، و ذلك لكونها أول تنظم قوي في تاريخ العرب المعاصر و فيمايلي نستعرض بعض تجارب التكامل الاقتصادي العربي المهمة :
أ- معاهدة الدفاع المشترك و التعاون الاقتصادي 1950 :
     إنشاء مجلس اقتصادي يتكون من وزراء الدول المتعاهدة المختصين في الشؤون الاقتصادية أو من يمثلهم ليقترح على حكومات الدول الأعضاء ما يراه كفيلا بتحقيق أهداف هذا التعاون الاقتصادي العربي .
ب- مشروع الوحدة الاقتصادية العربية 1953 :
     تكليف لجنة من الخبراء العرب تتولى إعداد مشروع كامل للوحدة الاقتصادية ، دخل المشروع حيز التنفيذ 1964 و تضمنت أهداف رئيسية أساسية منها :
* حرية انتقال الأشخاص و رؤوس الأموال
* حرية تبادل البضائع و المنتجات الوطنية و الأجنبية
* حرية الإقامة و العمل و الاستخدام و ممارسة النشاط الاقتصادي
* حرية النقل و الترانزيت و استعمال وسائل النقل .
تخلت الدول العربية عن مشروع الوحدة الاقتصادية في عام 1964 و اتجهت إلى طريق آخر هو السوق المشتركة .
ج- السوق العربية المشتركة اتفاقية 1964 :
      تم إدراج  جدول زمن اشتمل على مراحل متدرجة لتحرير التجارة من الرسوم الجمركية و القيود الأخرى المفروضة على الواردات ، تعرف هذه الاتفاقية باتفاقية السوق العربية المشتركة من سنة 1965 إلى غاية 1977 كان عدد الدول المنضمة لهذه الاتفاقية 7 دول هي : مصر ، سوريا ، الأردن ، ليبيا ، العراق ،اليمن ، و موريتانيا و لم تكن تلك السوق سوى منطقة تجارة حرة ، و لم تطور إلى إتحاد جمركي أو سوق مشتركة ، و لكن  على الرغم من ذلك اعتبرت هذه الاتفاقية من أهم الإنجازات الهادفة إلى تحقيق الوحدة الاقتصادية .
    ظلت السوق قائمة و حققت نتائج إيجابية واضحة في حجم التجارة البينية بين الدول الموقعة عليها ، لكن سنة 1980 حينما تم تجميد عضوية مصر في الجامعة العربية بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل ، توقفت الدول الأعضاء الأخرى في السوق عن تطبيق الاتفاقية المبرمة بعد خروج اكبر سوق من حيث الحجم من الاتفاقية .
د- اتفاقية تسيير و تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية1981 :
      تم عقد اتفاقية تسيير و تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية سنة 1981 ، تم التوقيع عليها من قبل 21 دولة عربية ، وتهدف إلى الإعفاء الكامل من الرسوم و القيود على السلع الزراعية و الحيوانية و المواد الخام المعدنية ، وغير المعدنية كما تم تصنيف المنتجات الصناعية وفق لقوائم تحدد لاحقا ضمن مفاوضات جماعية ، و نصت الإتفاقية على عدم إمكانية منح ميزة تفضيلية لدولة غير عربية ، تفوق تلك الممنوحة للدول الأطراف ، كما أبرمت اتفاقية أخرى في سنة 1982 و هي اتفاقية موحدة لاستثمار رؤوس الأموال ، ووقع عليها كذلك 21 دولة ، تنص على منح الأموال العربية ضمانات أساسية يمكن دعمها بامتيازات أخرى عن طريق اتفاقيات ثنائية ، لكن لم يحظيا بنجاح يذكر إذ حالت العراقيل التجارية و السياسية و غيرها دون تنفيذها .
ه- منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى GAFTA :
     تعتبر منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى مبادرة جديدة لجامعة الدول العربية تحاول من خلالها إحياء جهود التكامل الاقتصادي الإقليمي غير الناجحة ، و تستهدف أساسا تحرير التجارة العربية من القيود الجمركية و القيود الأخرى ذات الأثر المماثل .
    تم التوقيع على اتفاقية تأسيس منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى في جوان 1996 بالقاهرة ، تم الاتفاق على إزالة الحواجز التجارية بين الدول 12 أعضاء الجامعة آنذاك ، دخلت الإتفاقية حيز التنفيذ في 01 جانفي 1998 على أن تلغى جميع الرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء في 2007 ، و أن تساير المنطقة احتياجات الدول العربية و أحكام منظمة التجارة العالمية .
   بلغ عدد الدول العربية التي اتخذت إجراءات التنفيذ لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بعد عام واحد من بدء البرنامج التنفيذي 14 دولة عربية هي : الأردن ، الإمارات ، البحرين ، تونس ، السعودية ،سوريا ، العراق ، عمان ن قطر ، الكويت ، لبنان ،ليبيا ، مصر و المغرب مما يعكس الجدية التي تتعامل بها الدول العربية مع هذه المنطقة و إدراك أهميتها في ظل المتغيرات الاقتصادية الدولية الراهنة ، أملا مع انتهاء تطبيق البرنامج التنفيذي لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى في مطلع عام 2005 ، فوصل عدد الدول العربية الأعضاء سبعة عشر 17 دولة عربية بعد انضمام كل من السودان ن فلسطين ، و اليمن أما الجزائر فبدأت في إجراءات الانضمام إلى هذه المنطقة منذ سنة 2002 .
    لم يحقق التكامل العربي مبتغاة ، وهو ما دفع الدول  العربية على البحث عن مصالحها في العالم الخارجي منفردة ، مما أدى على استغلال الدول المتقدمة لهذه الفرصة الثمينة لتحطيم إلي جهود للتكامل الاقتصادي العربي و تقديم بدائل له ، فالولايات المتحدة قدمت السوق الشرق الأوسطية كبديل ، و اقترح الإتحاد الأوربي الشراكة الاورو عربية كبديل آخر .
ه-1- مقومات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى :
* توفر الإرادة السياسة حيث أن قرار إنشاء المنطقة صدر على مستوى رؤساء الدول العربية و ملوكها ووزراء خارجيتها .
* تنامي مؤسسات العمل العربي المشترك .
* الاتجاه إلى عقد اتفاقيات ثنائية لتحرير التجارة الدولية .
* إرساء المنظمة العالمية للتجارة لقواعد جديدة تساعد على التكامل العربي الاقتصادي ، تتضمن و بصورة حتمية انفتاح الحدود العربية فيما بينها ، وذلك بانضمامها على المنظمة العالمية للتجارة .

ه-2-عقبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى :
* غياب الشفافية و المعلومات حول التعاون التجاري بين الدول الأطراف
* عدم اتفاق الدول العربية حتى الآن على إزالة القيود الجمركية على الواردات العربية ، وذلك لحماية منتجاتها الوطنية من المنافسة و ضبط موازينها التجارية و توفير الموارد المالية لميزانياتها .
* عدم تحديد قواعد المنشأ تحديدا دقيقا ن مما يؤدي إلى التلاعب .
و- معوقات التكامل الاقتصادي العربي :
أ- اجتماعية :
* الاختلاف و التباين في مستويات المعيشة بين مختلف الدول العربية من أهم و أقوى عقبات التكامل الاقتصادي ، حيث نجد في الدول العربية دول غنية و دول فقيرة ، فبينما تتمتع دول الخليج البترولية باقتصاديات قوية تعاني دول عربية أخرى ويلات الفقر مثل اليمن و موريتانيا .
* تزايد معدلات نمو السكان في بعض الدول العربية إلى تعميق الفجوة بين الفقراء و الأغنياء في هذه الدول ، مما يساهم في خلق مشكلات اقتصادية و اجتماعية أسفرت عن ارتفاع معدلات البطالة و تنقص العمالة .
* ارتباط أعمال التكامل الاقتصادي العربي بالأجهزة الرسمية و غياب حركة شعبية مناضلة من أجل الوحدة العربية .
ب- سياسية :
* الصراعات و الخلافات السياسية الحادة بين الدول العربية حيث لا تزال بعض هذه الصراعات دون حل ، حيث فشلت الجامعة العربية في التوصل إلى حلول لمثل هذه المشكلات ، مما ينعكس سلبا على العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية ، حيث كان من الصعب عليها الاتفاق على سياسة مشتركة يتم إدارتها ضمن نضمها الحكومية و سياستها الوطنية المتباينة ، بينما تطبق كل دولة سياسة خاصة بها تحددها مجموعة من العوامل و المصالح الداخلية و الخارجية التي تخصها وحدها .
* تغلب المصالح الضيقة على المصالح العامة مما يجعل الغرب ينتهز هذه التناقضات بين الدول العربية ليتدخل في شؤونها بطرق مباشرة أو غير مباشرة .
* ضعف الإرادة السياسية لعدم وضوح الفوائد الكبيرة المتبادلة للتكامل الاقتصادي أو إدراكها بسبب قلة المعلومات و عدم وضوحها ، مما أضعف الاقتناع لدى أصحاب القرار السياسي بجدواها و جديتها .
* تفضيل العديد من الدول العربية الاتفاقيات الثنائية الخارجية على مفهوم التكامل العربي و السوق العربية المشتركة .
ج- معوقات اقتصادية :
* تفاوت درجات النمو الاقتصادي بين الدول المعنية جعلها تفضل مثيلاتها على غيرها .
* اختلاف الأنظمة الاقتصادية بين الدول العربية بتعبير آخر صعوبة تنسيق السياسات الاقتصادية .
* ضعف القاعدة الإنتاجية  التوجه الخارجي لإستراتيجية التنمية في الدول العربية .
* التبعية الاقتصادية و المالية للدول المتقدمة تجعل جل الدول تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة أكثر من المصلحة العامة لمجموع الدول العربية ، وهذا الوضع يؤدي إلى حدوث تفتت بين الدول العربية لصالح الدول المتقدمة التي تسعى إلى إعاقة كل محاولة للتكامل بين الدول العربية .
* اقتصاد ريعي قائم على عائدات النفط .
* افتقار للبنى التحتية الأساسية و شبكات النقل و المواصلات بين الدول العربية ، لأن العبرة ليست في حرية انتقال السلع و الأشخاص بل في توفير الإمكانيات اللازمة لتحقيق ذلك .

أهم التوصيات و المقترحات :
في ظل هذه المعطيات سنحاول في هذه الأسطر تقديم مجموعة من المقترحات و التوصيات التي قد تساعد على تفعيل العمل العربي المشترك من ناحية و مواجهة الآثار السلبية المحتملة من ناحية أخرى :
* الإسراع باستكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى و تهيئة المناخ المناسب لزيادة حجم التجارة العربية البينية .
* إزالة العقبات في وجه التجارة البينية و سن تشريعات صالحة لجمع الدول من شأنها أن تسهل معدلات التجارة البينية .
* العمل على إيجاد نوع من التخصص و تقسيم العمل في الدول العربية ، يساعد على زيادة درجة التكامل و الاعتماد المتبادل فيما بين الدول العربية من ناحية و يساعد على خلق و تنشيط التاجرة البينية من ناحية أخرى ، كما يضمن إنتاج بأسعار هدفها الأساسي ليس المنافسة و إنما تحقيق الاكتفاء الذاتي داخل الوطن العربي أولا ، و بالتعاون بين الدول المعنية ووضع هدف نصب أعين الجميع سيتحقق بلا شك .
* تطبيق نظرية كل من الميزة النسبية و الميزة المطلقة داخل الوطن العربي .
* الاستثمار في اليد العاملة و رسكلتها ، لا يمكن أن تهدر القوة البشرية العربية دون الاستثمار فيها .
* استصلاح صحاري الوطن العربي في المجال الزراعي و يمكن توظيف و استثمار المساجين بدلا من تركها طاقة عاطلة .
* وضع التجربة الأوربية كنموذج ناجح رغم الاختلافات الشاسعة بين دوله ، و كيف انطلق و المدة التي استغرقها ( إتحاد بنولكس ، و 20 سنة ) ، أي لا يمكن أن تكون انطلاقة الدول العربية بضرورة وجود جميع الدول العربية .
* لا يختلف اثنان على أن كل مواطن عربي يحلم في أن يرى عملة عربية موحدة يستخدمها جميع المواطنين العرب ، بما يشعرهم بالفخر و يجعلهم يستعيدوا جزء من الأمجاد العربية و يقلل من حالة الإحباط العربي ، ومن ناحية اقتصادية لا شك أن وجود عملة عربية موحدة و سياسة نقدية موحدة سوف تساهم بشكل كبير في زيادة حجم التبادل التجاري و الاستثمارات المشتركة و يقلل من الظواهر السلبية كالتضخم  و اختلال ميزان المدفوعات و التذبذب في أسعار صرف العملات .
* توفير التمويل اللازم للمشروعات و الاستثمارات العربية المشتركة بشروط ميسرة طبقا لنوعية المشروع و طبيعته ، على أن تؤدي هذه الاستثمارات إلى تسمية حقيقة تزيد من الطاقات الإنتاجية العربية . 
* بذل المزيد من الجهود لنقل و توطين التكنولوجيا و تضافر الجهود العربية لخلق تكنولوجيا عربية تساهم في رفع جودة الإنتاج الصناعي العربي .
* إنشاء المزيد من الاتحادات العربية في مختلف المجالات ، خاصة المجالات التي تهتم بتنظيم مراقبة الجودة و المواصفات القياسية في القطاعات الصناعية ، من اجل توحيد المعايير بين الدول العربية و الارتقاء بهذه المعايير وفق الشروط الدولية .
* استحداث هيئة مختصة تضم جميع الدول العربية تسهر على البحث و اكتشاف مكامن القوة و الضعف لجميع الدول العربية ، و التركيز على الإيجابيات و تطويرها و التنسيق بين الدول في مجال الشراكة .
* منظمة التجارة العالمية آلية كي يتوجه جميع الدول العربية إليها لأنها فتحت الباب كي توحد جميع الدول سياساتها ، وعليه يمكن استغلال هذه الفرصة ليس لتحقيق منافع ذاتية تعود على البلد نفسه بمنافع ، و لكن يمكن التنازل عن أهدافها الآنية لصالح أهداف قومية تعود على الجميع بالنفع ، بشرط الرغبة الحاسمة للدول المعنية قبل التوجه للمنظمة في إقامة هذا التكتل و توحيد السياسات .
* استحداث بنك مركزي عربي ، و سوق مالية عربية قادرة على جذب رؤوس الأموال و تعزيز آليات الشراكة .
خاتمة هذه الورقة :
استغلت الدول المتقدمة فرصة عدم نجاح العديد من تجارب التكامل الاقتصادي العربي و عدم علاج و تذليل تلك المشاكل التي حالت دون تحقيقه ، في حث الدول العربية على البحث عن مصالحها في العالم الخارجي منفردة ، وفي تحطيم أي جهود للتكامل الاقتصادي العربي ، لتقديم بدائل له ، فالولايات قدمت مشروع السوق الشرق الأوسطية كبديل و اقتراح الإتحاد الأوربي الشراكة الأورو عربية كبديل آخر .
رغم التحديات التي تواجه الدول العربية و التي حالت دون تحقيق التكامل الاقتصادي العربي ، إلا أن هذه الدول أدركت و لو كان ذلك متأخرا ، ضرورة التكامل الاقتصادي العربي و يتجلى ذلك من خلال السعي إلى إنجاح منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي محاولة جريئة لإحياء جهود التكامل الاقتصادي العربي المتعثر .
و رغم كل الإحباط الذي نعيشه بصورة يومية ، لا يزال أملنا كبيرا كعرب أن نرى دولنا تنصهر في كيان اقتصادي واحد من المحيط إلى الخليج ، يتنقل فيه المواطن العربي بين دوله بكل حرية للعمل و الاستثمار و يتعامل بعملة ، هل يتحقق هذا الحلم الزمن وحده كفيل بالإجابة ؟ وطن لا يزول بزوال الرجال .

3 commentaires:

  1. في إنتظار ردودكم اتمنى لكم اوقات مفيدة

    RépondreSupprimer
  2. معلومات رائعة وبحث اقتصادي رائع اشكر جهودكم
    معاذ حمزة

    RépondreSupprimer

شركنا برايك ووجهة نظرك