انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد
E-currencies exchanger
E-currencies exchanger

dimanche 20 janvier 2013

السياسات المرافقة لنجاح منطقة التبادل الحر ( الجزائر )

-->
السياسات المرافقة لنجاح منطقة التبادل الحر ( الجزائر )
إن إقامة منطقة للتبادل الحر مع دول جنوب و شرق البحر المتوسط تمثل أهم العناصر في إستراتيجية الإتحاد الأوروبي الجديدة مع دول جنوب و شرق البحر المتوسط ، و يختلف الجيل الجديد من الاتفاقيات الأوروبية المتوسطية عن اتفاقيات الشراكة في الستينيات أو اتفاقيات التعاون في السبعينيات و التي كانت عبارة عن اتفاقيات تجارية بحتة و على العكس من ذلك نجد أن الاتفاقيات الجديدة لها مجال واسع يتجاوز التفضيلات التجارية الأوروبية من طرف واحد للاتفاقيات السابقة فهي تتضمن تعاونا ماليا اقتصاديا و تقنيا محورا اجتماعيا و ثقافيا و حوارا سياسيا و أمنيا ، كما أن التبادل الحر يخص فقط السلع المصنعة أما السلع الصناعية الغذائية أو الصيد فهي مستثناة من هذا المجال على الأقل في الأجل القصير أو المتوسط و تتمثل أهم خاصية لهذه الاتفاقيات فيما تنطوي عليه من قيام دول جنوب و شرق المتوسط بتحرير التجارة من جانب واحد و فتح الأبواب أمام استيراد السلع المصنعة الأمر الذي سيؤدي مع التفوق النوعي للسلع الأوروبية إلى تزايد في حدة المنافسة بأسواقنا فهل تنجح مؤسساتنا في تنمية تدريجية مواكبة لقدراتها التنافسية لمجابهة هذه المنافسة ؟
في هذا الإطار إن دخول اتفاقية إنشاء منطقة التبادل الحر ما بين الجزائر و الإتحاد الأوروبي ابتداء من شهر سبتمبر 2005 سيتميز بمراجعة شاملة لفلسفة تنظيم المبادلات التجارية الموروثة من الفترة التي أعقبت الاستقلال و تحليل ظاهرة التكامل الاقتصادي تتطلب الإجابة على السؤال التالي : ما هي الانعكاسات الاقتصادية لاتفاقية التبادل الحر ما بين الإتحاد الأوروبي و الجزائر على الاقتصاد الجزائري ؟
إن محاولة تحليل آثار التبادل الحر الصناعي مع الإتحاد الأوروبي على النمو و التنمية لدولة من دول جنوب المتوسط وهي الجزائر تطرح العديد من الإشكاليات لان الآثار هي في نفس الوقت مباشرة و غير مباشرة اقتصادية و اجتماعية على المدى القصير و على المدى الطويل إضافة إلى ذلك فإن التبادل الحر مع الإتحاد الأوروبي يتزامن مع التحرير الدولي للمبادلات في إطار المنظمة العالمية للتجارة قرب توقيع الجزائر على اتفاق للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة كما أن الآثار الإيجابية المتوقعة من التقارب الاقتصادي ما بين الجزائر و الإتحاد الأوروبي في إطار اتفاق منطقة التبادل الحر الأورو متوسطية لا تخضع فقط إلى حجم التنازلات الأوروبية في مجال الدخول الحر للسلع  الجزائرية إلى السوق الأوروبي و لكن أيضا إلى تبني و اعتماد الجزائر لمجموعة من السياسات و الإجراءات المرافقة لضمان نجاح هذا الاتفاق ما بين الطرفين فالشراكة لوحدها لا تستطيع حل الصعوبات و المشاكل الاقتصادية الإختلالا الهيكلية التي يعيشها الاقتصاد تمويل و عصرنة القطاعات الاقتصادية و الاندماج في الاقتصاد العالمي فما هي إذن شروط نجاح الاتفاق ؟
إن إنشاء منطقة التبادل الحر ما بين الجزائر و الإتحاد الأوروبي تتطلب توفر العديد من عناصر النجاح المهمة على جميع المستويات نذكر منها ضرورة تأهيل الاقتصاد كميا و نوعيا بالخصوص بالنسبة للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة قصد اكتسابها التنافسية و الكفاءة لتتمكن من منافسة المؤسسات الخارجية في فترة زمنية لا تتعدى 12 سنة .
و سوف نتطرق إلى هذه السياسات من خلال محورين الأول هو السياسات المرافقة الداخلية و الثاني هو السياسات المرافقة الخارجية
السياسات المرافقة الداخية :

أولا : إعادة التأهيل الصناعي : عن أهم المسائل التي تطرحها عملية الشراكة ما بين الإتحاد الأوربي و الجزائر هو كيفية تأهيل المؤسسات الاقتصادية الوطنية ، وكيف تستطيع هذه الأخيرة مواجهة و الاستعداد لمنافسة التي ستنتج عن الدخول الحر للسلع الأوروبية نحو السوق الجزائري ؟ و بهدف هذا البرنامج في التأهيل للتبادل الحر و تبادل السلع و الخدمات بين الإتحاد الأوربي
و الجزائر إلى أن تصبح المؤسسات تنافسية على مستوى الأسعار و الجودة و الإبداع و أن تكون قادرة على مواكبة و التحكم في تطور التقنيات و الأسواق.
إن برنامج إعادة التأهيل يعرف على أنه عبارة عن مجموعة من الإجراءات التي تتخذها السلطات قصد تحسين موقع المؤسسة و كفاءة الآداء في إطار الإقتصاد التنافسي و ان يصبح لها هدف اقتصادي و مالي على المستوى الدولي و يمكن لبرنامج إعادة التأهيل ان يكون له أثرين أيجابين تحسين الإنتاجية و المنافسة على مستوى السوق المحلي إذ أن إلغاء حواجز الدخول تحفز مباشرة الإنتاج و تولد طلبا استثماريا اضافيا و إذا نجح في تحسين انتاجية اداة الإنتاج و جعلها اكثر تنافسية فغن تحرير المبادلات سيكون مرادفا للنمو الإقتصادي و على هذا المستوى ينبغي ان يكون هدف السياسات الإقتصادية المرافقة ضمان أحسن شروط الإنتاج .
و نشير إلى أن نجاح برنامج إعادة التأهيل لا يمكن أن يتحقق إلا إذا قامت المؤسسات بتبني مجموعة من الإجراءات و التجديدات التي تخص أساليب التنظيم و الإنتاج الإستثمار و التسويق التحكم في التكاليف الجودة التأطير و التكوين و سياسات التسويق و الإنفتاح على الشركاء الفنيين و التجاريين و هذا المناخ الجديد يحتم على الجزائر ان تؤهل نظام الإنتاج و محيطه بإقرار برنامج و هياكل كفيلة بإنجاح هذا التأهيل و على هذا الأساس فإن تحقيق أهداف برنامج إعادة التأهيل يشمل عدة اجراءات موجهة للمؤسسة و محيطها قصد تمكين نظام الإنتاج من التأقلم مع متطلبات المناخ العالمي الجديد و يتحقق ذلك من خلال :
1- إصلاحات على مستوى المؤسسة : و يشمل ثلاثة محاور للتأهيل هي :
أ- الإستثمارات غير المادية : و تهم جميع الإستثمارات غير المادية التي ترمي إلى تحسين القدرة التنافسية للمؤسسة و بالخصوص في مجال الإمكانات البشرية و التنظيم و المعرفة العلمية و الدراسات و البحث عن أسواق جديدة و تشمل هذه الإستثمارات على :
* اعمال المساعدة الفنية الخاصة بطرق الإنتاج و المراقبة و التخطيط
* اعمال المساعدة الفنية المتلعقة بتنظيم المؤسسة و دراسة الوظائف و انشاء مكتب تنظيم
* أعمال المساعدة الفنية الخاصة بتحسين الجودة للمنتوجات و كذلك ما يسمح بالحصول على شهادة مطابقة المؤسسة مع المواصفات العالمية
* تحويل تكنولوجيا و اقتناء رخص الإختراعات
* اقتناء و إعداد برامج أعلامية لها تأثير مباشر على القدرة التنافسية للمؤسسة
* الدراسات التحضيرية للإستثمارات المادية
* التكوين و تاهيل الموارد البشرية
* الدراسات المتعلقة بتنظيم المؤسسة
* الإجراءات المتعلقة بالبحث عن شركاء
ب- الاستثمارات المادية : تشمل جميع الاستثمارات المادية التي تساعد على تحسين القدرة التنافسية للمؤسسة و نذكر بالخصوص :
* تجديد التجهيزات و تحديث تقنيتها
* اقتناء تجهيزات جديدة تؤدي إلى نجاعة أفضل تخفيض في التكاليف تحسين الإنتاجية ....)
* اقتناء تجهيزات جديدة تمكن من موازنة تسلسل الإنتاج و رفع نسبة استعمال التجهيزات المتوفرة .
* اقتناء تجهيزات إعلامية و مخبريه .
ج- إعادة الهيكلة المالية : إن تأهيل المؤسسة يتطلب في بعض الأحيان إعادة هيكلتها المالية و تمر هذه العملية بالمحاور التالية :
* دعم الإمكانات الذاتية ( بإقحام أموال جديدة )
* تثبيت التوازن للهيكلة المالية ( بإقحام الأموال المتداولة )
* الحد من حجم المخزونات بالنظر إلى النشاط
* التحكم في حجم و نوعية الديون
 * تمويل الاستثمارات برؤوس أموال مناسبة و ترشيد استعمال القروض البنكية
ثانيا : تأهيل المحيط : أن القدرة التنافسية للمؤسسة الصناعية مرتبطة بنسبة عريضة بمحيطها و لهذا وضعت مجموعة برامج منسقة قصد النهوض بالمؤسسة و تمكينها من شروط النجاعة و مواكبة تحولات المحيط المحلي و الدولي كما يظهر من الجدول التالي :
المؤسسة

المحيط
التشخيص الإستراتيجي الشامل

المؤسسي و التنظيمي
مخطط إعادة التأهيل و برنامج التمويل

الهياكل القاعدية و الخدمية
المصادقة على مخطط إعادة التأهيل

البنكية و المالية
تنفيذ و متابعة مخطط إعادة التأهيل

حوافز و تشجيعات الاستثمار
الصادرات
نظم الإنتاج التسيير و التنظيم
التكوين و التدريب
نظام الإنتاج
النوعية
التسويق و البحث عن الأسواق
التحالفات و الشراكة
القدرة التنافسية
السوق المحلي

الصادرات

المحيط المادي :
* المناطق الصناعية و المناطق الحرة : يجب بعث برنامج لتجديد و إعادة هيكلة المناطق الصناعية الموجودة و انجاز مناطق جديدة يتوفر فيها البناء التحتي الضروري لتقديم إطار استغلال ملائم للمؤسسات
* النقل : القيام بإصلاحات هامة لتحرير القطاع و الرفع من مستوى البنية الأساسية في الموانئ البحرية و الجوية .
* المواصلات: ضرورة تحديث المواصلات لتحسين الخدمات مع إعطاء الأولوية للمؤسسات و المناطق الصناعية، و يتجسد هذا التحديث في تجديد و توسيع الشبكات الموجودة و بإحداث خدمات جديدة ثم الربط المباشر مع عدد أكبر من الدول في العالم.
* البنية التحتية : تتمتع الجزائر اليوم بمستوى جيد في ميدان البنية التحتية يجعلها في صدارة دول المنطقة كما أن مستوى و جودة البنية التحتية بالجزائر في تحسين منتظم منذ 1990 و من المنتظر أن تتدعم هذه الظاهرة في المستقبل بإعادة هيكلة عدد من المؤسسات الحكومية الاختصاصية و إشراك القطاع الخاص في الإنتاج و التمويل و التصرف و الصيانة في البناء التحتي و الخدمات العامة الحضرية المختلفة .
2- المحيط القانوني و الهيكلي :
* الإطار القانوني العام : يجب  مراجعة الإطار القانوني بغية تحرير المبادرة في ميدان إنشاء المؤسسات و الاستثمار و كذلك في تحرير التبادل التجاري سواء على المستوى الداخلي أو مع الخارج بفضل إصلاحات هامة لقطاع التجارة .
و لقد تجسدت هذه الإصلاحات في السنوات الأخيرة في سن نصوص قانونية متعلقة بالمنافسة و الأسعار و تجارة التوزيع و شبكاتها و حماية المستهلك كما أن التجارة الدولية الآن تخضع إلى مراجعة نصوصها نظرا للظروف العالمية الجديدة .
* عن طريق برنامج واسع للتكوين و رسكلة الإطارات مع تبسيط و تحديث الإجراءات الإدارية .
* التعليم و التكوين المهني : تحقيق نوعية في تكوين أفضل الكفاءات و انفتاح على المؤسسات و تفاعل الأطراف و إشراكهم في إعداد البرنامج و تسيير هياكل التكوين بالتداول في إطار إستراتيجية وطنية و تدريجية و يتمتع هذا البرنامج بالمساعدة المالية من الإتحاد الأوروبي في نطاق مشروع ميدا .
* الهياكل المساندة: عن طريق إحداث مراكز فنية و مخابر التحليل و التجارب لمواصفات الملكية الفنية .
* تشجيع الجودة: عن طريق تكوين أخصائيين في التصرف في الجودة و إعداد مجموعة من المؤسسات للحصول على شهادة المطابقة مع مواصفات و تأهيل المختبرات و تحسين المؤسسات.
* الإعلام الاقتصادي: عن طريق إثراء قطاع الإعلام الاقتصادي قصد تنشيط و تحديث الجهاز الإحصائي.
* الإطار التشريعي و التنظيمي: من أجل ملائمة التشريعات الجزائرية مع ما هو معمول به دوليا السجل التجاري القانون الدول الخاص قانون التجارة .
* المحيط المالي و الصرفي : عن طريق مراجعة النظام الجبائي و المالي و تنمية سوق الصرف و البورصة و إعادة هيكلة المؤسسات المالية عن طريق إقرار قواعد حكيمة لتنمية نشاطاتها مع الحفاظ على قواعد سليمة للتصرف .
3- برامج التكوين الرسكلة : قيام المؤسسات بتأهيل خدماتها بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين و ذلك عبر برامج واسعة للتكوين و الرسكلة الموجهة لإطاراتها بحيث تمكنهم من تعزيز دورهم كشركاء ماليين متميزين للمؤسسة و كمستشارين مقربين لها .
و يهدف برنامج إعادة التأهيل إلى تحقيق الأهداف الموضحة في الشكل التالي :
أهداف برنامج إعادة التأهيل

على المستوى الكلي عصرنة المحيط الاقتصادي

برنامج التأهيل

على مستوى القطاعات ترقية و تنمية الاقتصاد

على مستوى القطاعات تدعيم قدرات هياكل الارتكاز

على المستوى الجزئي تحسين تنافسية المؤسسة الاقتصادية
 









و من خلال هذا الشكل نستنتج أن هدف برنامج إعادة التأهيل يمكن النظر إليه من خلال ثلاثة مستويات أساسية:
1- على المستوى الكلي : و يمكن تلخيص أهداف برنامج إعادة التأهيل على هذا المستوى فيمايلي :
* إعداد سياسة اقتصادية من أجل تشجيع و رفع المستوى التأهيلي للمؤسسات
* وضع الآليات الأساسية التي تسمح للمؤسسات و الهيئات الحكومية بالقيام بإجراءات على المستوى القطاعي و الجزئي
* إعداد برنامج التأهيل للمؤسسة الاقتصادية و محيطها .
2 على المستوى القطاعي: و يهدف هذا البرنامج إلى تحديد الهيئات المتعاملة مع المؤسسة من حيث مهامها و إمكانياتها من أجل تدعيم و تحسين المنافسة بين المؤسسات و التي من أهمها:
* جمعيات أرباب العمل
* الهيئات العمومية
* هيئات التكوين
* البنوك و المؤسسات المالية
3- على المستوى الجزئي : الهدف منه التنبؤ بأهم النقائص أو الصعوبات التي تصطدم بها المؤسسة الاقتصادية و يكمن ذلك من خلال القيام بتشخيص استراتيجي لمعرفة جوانب القوة و الضعف و من ثمة اتخاذ مجموع الإجراءات المساعدة على تحسين أداء المؤسسات .
التشخيص الإستراتيجي العام

الطرق الإستراتيجية

اختيار الطرق الإستراتيجية

اختيار الإستراتيجية

قيم وميولات المسيرين

التطلعات الإجتماعية

البدائل الإستراتيجية حسب السناريوهات

معوقات و فرص المحيط

قوة و ضعف المؤسسات
 








و تجدر الإشارة هنا إلى أن برامج إعادة التأهيل هذه ليست فقط مشكلة مالية بالنسبة للمؤسسات الجزائرية ، ولكنها تتعلق أيضا باستراتيجيه صناعية موارد بشرية التحكم التكنولوجي و هياكل دعم للتأهيل و لكن في الأخير فإن كل هذه العوامل تبقى خاضعة لمشكلة التمويل و يمكن للشراكة الأوروبية متوسطية و من خلال الدعم المقدم من طرف الإتحاد الأوروبي في إطار برامج ميدا و الاستثمارات الأجنبية أن تضمن جزءا من هذا التمويل .
كذلك يبقى التأهيل قضية تتعلق بمدى قدرة المؤسسات و امكانياتها على تعبئة موارد التمويل الداخلية و هنا تطرح اشكالية تتعلق بخصائص النظام البنكي و المالي فتنوع موارد التمويل للمؤسسات هو تحدي أساسي للسنوات القادمة و هذا التنوع يمر من خلال تطوير سوق القيم المالية فهل يمكن للبورصة أن تكون وسيلة وساطة فعالة و بأي شروط سيتم ذلك ؟
و في إطار الحديث عن اتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي فإن المكاسب المباشرة و المنتظرة للإقتصاد الجزائري تأتي من الدخول الواسع و الأقل تكلفة لسلع التجهيز و السلع الوسيطة المستوردة و هذا من شأنه تحسين انتاجية الصناعة الجزائرية أما على المستوى الإقتصادي الكلي فإن المكاسب المحتملة و المتوقعة فهي الإصلاحات الخاصة بإعادة هيكلة و عصرنة القطاع الصناعي الذي سيترافق مع التبادل الحر من أجل مواجهة صدمة نوع الحماية .
كما أن دعم و ترقية عصرنة القطاع الصناعي عبر ما يسمى الشراكة يظهر اليوم كضرورة من أجل مرافقة اندماج الإقتصاد الجزائري في الإقتصاد العالمي ، كما يمكن اعتبارها أنها أحد الأدوات الرئيسية لوضع حيز التطبيق للسياسة الصناعية الجديدة للدولة و ذلك من أجل إعادة تأهيل الأداة الإنتاجية و توسيع النسيج الصناعي الوطني .
إن هذه الشراكة يمكن أن تطبق في 3 مجالات :
- أداة الإنتاج الموجودة و خاصة المركبات الصناعية
- قطاعات النشاط الإقتصادي التي تمثل فرصا كبيرة للإستثمار
- قطاعات النشاط غير المغطاة بالصناعة الوطنية
و في هذا المجال فإن الدولة يجب أن تحسن من الإطار و المحيط الضروري لتطوير الشراكة و تحسين مناخ الأعمال و الإستثمار لإستقطاب الإستثمارات بطريقة تساعد على خلق المزايا النسبية و هذا ممكن نظرا للإمكانيات التي تتوفر عليها الجزائر :
- الهياكل القاعدية الصناعية
- اليد العاملة المؤهلة
- المواد الأولية و الطاقوية المتوفرة بالسعر التنافسي
- تطوير خدمات الدعم للصناعة كالخدمات المعلوماتية التكوين البحث و التطوير الإستشارة المقاييس مراقبة النوعية حماية الملكية الصناعية .....الخ كما أنها تتطلب وضع حيز التطبيق لنظام الإعلام الصناعي من أجل التعرف على التطورات التكنولوجية التجديدات تسويق المنتوجات امكانيات الشراكة و الإستثمار .
     إن الإجراءات الخاصة بالإنعاش الاقتصادي الموضوعة حيز التطبيق للمؤسسات الصناعية اقتصرت فقط على الإجراءات المالية البنوك المؤسسات و على التطبيق الميداني لبرنامج الهيكلة الصناعية و لكن هناك إجراءات أخرى على المؤسسات الصناعية القيام بها رغم الصعوبات و التطورات الداخلية كتطوير الشراكة الصناعية بأشكالها المختلفة و خاصة المالية و بالخصوص في التكنولوجيات المولدة للثروة تحسين نوعية المنتوجات عصرنة طرق التسيير و أدوات الإنتاج تحسين خدمات دعم الصناعة و يمكن أن يتم ذلك عن طريق فتح رأس المال أو تكوين فروع مشتركة و أيضا عن طريق إدماج أفواج و إطارات أجنبية ضمن موظفي التأطير و الإدارة من أجل تحكم أحسن في تقنيات و أساليب التنظيم .
إن المؤسسة الصناعية يجب أن تجعل من الشراكة أحد العناصر الرئيسية و الهامة لتطبيق أهداف ترمي إلى :
- تحسين نوعية المنتوجات من خلال المواصفات و تكييفها انطلاقا من إعادة تأهيل عمليات الإنتاج و تجهيزات الإنتاج متطلبات الأسواق الأجنبية و المحلية .
- هيكلة التمويل و الاستغلال و الاستثمار عن طريق الدخول إلى المصادر الخارجية التي تتمثل في انفتاح رأس المال و تكوين شركات مختلطة جديدة.
- فعالية التنظيم عن طريق التقنيات الجديدة
- الاهتمام بالموارد البشرية باعتبارها أثمن أصول المؤسسة مع تخصيص الاستثمارات الكافية لتعظيم انتاجية هذا المورد و كما هو معلوم فلقد أصبحت المعرفة في الوقت الراهن أهم من المواد الأولية و حتى رأس المال و أصبحت الحاجة إلى العنصر البشري التمكن فكريا و مهاريا على رأس مصادر تعزيز التنافسية .
- القدرة على التعلم من التجارب ومن الغير من خلال المقارنة و الإقتداء بمنافس نموذجي كمدخل إداري حديث يساعد المؤسسة كثيرا على درب التحسين المستمر و يعزز فاعلية برنامج الجودة الشاملة فبيئة الأعمال حافلة بمواقف قد تحسن المؤسسة إدراكها أو لا توفق في ذلك كما أن المنافسين يمكن أن يكونوا مصدرا جيدا للتعلم و تطوير الأهداف و الإستراتيجيات و السياسات و السلوك الإداري عموما .
- التوجه التسويقي لكافة أنشطة المؤسسة تحت مظلة برنامج الجودة الشاملة من خلال استلهام رغبات و توقعات العملاء كأساس لتصميم الأهداف و الإستراتيجيات و السياسات و المنتجات و العمليات .
- القدرة التكنولوجية المتاحة و المتطورة بما يتناسب و خصائص العمالة و العمليات و المنافسة و متطلبات السوق و تبني و استخدام تكنولوجيا المعلومات في مجالات مثل دعم عملية صنع القرار و البحوث و التطوير و تصميم و تطوير المنتوجات و جدولة العمليات و التسليم للعملاء .
هذه المؤسسات ستخوض على المدى منافسة متزايدة لن تكون تقليدية باستخدام سلاحي الجودة و التكلفة فقط بل سيضاف لهما أسلحة تنافسية مؤثرة أخرى هي :
- التنافس بالوقت : حيث سيتبارى المتنافسون في اختصار الوقت بين كا ابتكار و تقديم لمنتوج جديد و على اختزال وقت إنتاج و تقديم المنتوج .
- التنافس بالتميز: و له سلبه و مجالاته المتعددة كالتكلفة و الجودة و الوقت و الابتكار.
ثانيا: السياسة الصناعية الجديدة: إستراتيجية المجمعات الصناعية
إن الثنائي التخصص الكفاءة توجد اليوم في صلب جوهر اهتمامات السياسات الصناعية في العالم و كل الدول صغيرة كانت أو كبيرة تبحث عن الشروط التي تمكنها من احتلال و الاحتفاظ بوضعيات تنافسية على مستوى الأسواق الدولية ، و الجزائر لا تخرج عن هذه القاعدة فكيف تبني أسس النمو و كيف تخلق ميزة تنافسية في بعض القطاعات ؟ و ما هي خصائص الاقتصاد الجزائري التي ستحدد قدرتها على خلق و الاحتفاظ بالميزة التنافسية ؟ و ما هي القطاعات التي يمكن أن تملك فيها ميزة على منافسيها ؟ و ما هي السياسة العمومية الواجب القيام بها حتى تكون المؤسسات ذات كفاءة في قطاع أو آخر ؟
إن تحليل المحيط التنافسي الذي يواجه المنتجين اليوم سمح بتحديد جوانب القوة و الضعف لمختلف القطاعات و تحديد مجمعات النشاط التي تكون فيها الجزائر أكثر قدرة على النمو و أ الرفع من حصصها من الأسواق العالمية.
أما عن التجمعات فهي عبارة عن مجموعات قطاعية مندمجة أي متكونة من مؤسسات و صناعات التي تتدعم ثنائيا بفضل التعاون التكنولوجي علاقات الزبون المورد و روابط قوية مع الهياكل الاقتصادية .
فالتطور الصناعي يتطلب توفر خدمات خاصة بالهياكل القاعدية و نشير إلى أن اتفاقية التبادل الحر بإمكانها أن تخلق مجالا جديدا للسياسات القطاعية الوطنية و ذلك من خلال :
* تدعيم الهياكل القاعدية الأساسية و إعادة التأهيل
* تطوير الهياكل القاعدية التكنولوجية ( مخابر مراكز تقنية صناعية )
* سياسات التنميط ( ترقية المعايير المواصفات .....الخ )
* ترقية الصناعات الصغيرة و المتوسطة و تمويل النشاطات الحرفية و التجارية .
* عصرنة الإدارة و إصلاح النظام التربوي و الهياكل القاعدية و هياكل الاتصال .
ثالثا : توحيد المواصفات : عن المساعدات الأوروبية لا تقتصر فقط على التحويلات المالية الخاصة أو العامة التي تمنحها للدول بأشكال وصيغ مختلفة و لكنها تحتوي على تحويلات مؤسساتية تهدف إلى المساهمة في تحسين المحيط الاقتصادي لدول جنوب و شرق المتوسط و دعم استقرار المنطقة و العمل بصورة ملائمة على تشجيع مبادرات الأعوان الاقتصاديين المحليين و الأجانب . و لكن هذا الاندماج الجهوي المؤسساتي و الذي يتجسد أساسا من خلال توحيد المواصفات في إطار الأورو متوسطي يمكنه أن يمثل خطرا على الشركاء المتوسطين و خاصة في غياب مفوضات حول هذه المسائل لا تأخذ بعين الاعتبار وضعية المؤسسات الاقتصادية في هذه الدول فالمواصفات التقنية الأوروبية جد معقدة و تفرض على الدول المرشحة للانضمام إلى الإتحاد الأوروبي بتبني هذه المواصفات .
و في مجال المواصفات التقنية ، فنشير إلى أن أوروبا تملك تشكيلة واسعة من التشريعات التي تم وضعها تدريجيا حسب التحكيمات ما بين الدول الأعضاء و المتطلبات المتزايدة للمستهلكين الأوروبيين في مجال حماية البيئة النوعية الشاملة للسلع المعروضة الخطر على الصحة  و المقاييس الإجتماعية ، فهذه التشريعات يمكن أن تمثل عنصرا ايجابيا للدول الأقل نموا لخوض البحر الأبيض المتوسط التي لا تتواجد فيها مثل هذه المعايير و المواصفات و في نفس الوقت فإن الاستعانة بهذه المواصفات يمكن أن يلعب أيضا دورا يحابيا في تحويل التكنولوجيا نحو هذه الدول فدخول اسبانيا مثلا إلى المجموعة الأوروبية فرض عليها توحيد تشريعاتها و لكن في نفس الوقت سمح بارتفاع هام في نوعية السلع القادرة على المنافسة ، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود إعانات مالية و إدارية التي يمكن لدول جنوب و شرق المتوسط الاستفادة منها في إطار برنامج ميدا ، إضافة إلى هذه الآثار الإيجابية فإن وضع حيز التطبيق و مراقبة المواصفات و المعايير يخلق صعوبات مؤسساتية و تقنية من الصعب حلها فدول جنوب و شرق حوض المتوسط لا تمتلك أساسا في أغلبيتها على إدارات كفؤة قادرة على ضمان مراقبة فعالية لتطبيق هذه المواصفات .
و في هذا الإطار هناك 3 مجالات يمكن ان تكون محل اهتمام خاص في إطار المفاوضات الأورو متوسيطية البيئة الإجراءات الصحية و المواصفات الإجتماعية .
فالتدويل المتزايد للتكاليف البيئئية دفع العديد من المنتجين الأوروبيين على الخصوص إلى الدعوة لتطبيق نفس غجراءات الحماية على المنافسين من دول جنوب و شرق المتوسط رغم أن الدول الأوروبية هي احد مصادر التدهور البيئي العالمي ، كما أن نمو اقتصادي على حساب تدمير الموارد الطبيعية يمثل خطرا على النمو على المدى البعيد ، ومن هنا تظهر اهمية ارتباط الشراكة الأوروبية المتوسطية بهذه المسائل كما ان الإجراءات الصحية تتمثل أيضا في متطلبات مشروعة للمستهلكين و ستكون محل مفاوضات في الإطار الاوروربي المتوسطي  و على الخصوص في آفاق انفتاح المبادلات الزراعية من أجل أن لا تكون أي من هذه الغجراءات حواجز حمائية جديدة على بعض السلع عند الدخول إلى السوق الأوروربي هنا أيضا تكمن ضرورة التعاون من أجل المساعدة على وضع حيز التطبيق في دول جنوب و رق المتوسط لغجراءات الرقابة الصحية .
و أخيرا المتطلبات في المجال الاجتماعي يمكن أن تقود بعض المنتجين الأوروبيين إلى اتخاذ بعض إجراءات ضد الإغراق و التي يمكن أن تعوق الصادرات القادمة من دول جنوب و شرق المتوسط و منعها من استغلال مزاياها النسبية في مجال التكلفة الأجرية بينما إعادة توطين جزء من العمليات الإنتاجية في الجنوب ، الذي يكون مصدره إحدى المؤسسات الأوروبية أو الدول الأخرى قادر على الاستفادة من المردودات التكنولوجية و نوعية الإنتاج في دول المنطقة مؤديا على المدى البعيد إلى ارتفاع في تكلفة العمل و على هذا الأساس فغن التعاون في المجال الاجتماعي يجب أن يساعد على وضع حيز التطبيق لأنظمة حماية عادة غير موجودة و يساهم في إقامة ميكانيزمات الحوار الاجتماعي.
كما أن توحيد المواصفات ما بين شمال و جنوب المتوسط يمكن أن يؤدي إلى مكاسب مؤكدة لبعض الشركاء و تسهيل المبادلات ما بين الطرفين .
كما أن إقامة منطقة تبادل حر تتطلب الأخذ بعين الاعتبار بعض الجوانب الجمركية أبعد من التخفيض الجمركي من جهة كما أن توحيد الإجراءات الجمركية يسمح بترقية و تحسين المبادلات التجارية داخل المنطقة من جهة أخرى كما أن وضع حيز التطبيق لمبدأ تراكم قواعد المنشأ سيشجع على الاندماج الاقتصادي الموسع سواء ما بين دول الجنوب و شرق المتوسط الشركاء فيما بينهم و بين المجموعة الأوروبية و من أجل الوصول إلى تقارب ما بين التشريعات الجمركية ما بين الشركاء المتوسطين و الإتحاد الأوربي  فلقد اقترحت اللجنة الأوروبية القيام بعملية تكييف و تقريب التشريعات الجمركية و العمل على عصرنة الخدمات الجمركية للدول الشريكة ووضع حيز التطبيق التعاون الثنائي في المجال الجمركي ما بين مختلف الإدارات المؤهلة للشركاء و الإتحاد .
كما أن قواعد المنشأ تمثل الأداة الهامة لعمل متجانس لأي منطقة تبادل حر ووضع حيز التطبيق التدريجي في منطقة التبادل الحر للتراكم المتوقع من طرف هذه القواعد سيسمح بتطوير المبادلات الشمال / الجنوب و خاصة إذا ترافقت بالتوقيع على اتفاقيات تبادل حر ما بين الشركاء المتوسطين و نشير هنا إلى أن قواعد المنشأ السارية المفعول في الإتحاد الأوروبي جد معقدة مفصلة و متغيرة حسب السلع و هي تحدد طرق التحول الكافي حتى تستطيع سلعة أن تصرح بأنها من دولة معينة  و إذن ينطبق عليها التعريفة التفضيلية أو الإعفاء من الحقوق الجمركية أنها تساهم في الرفع من الواردات المتقاطع و هو ما يتطابق مع هدف تكثيف المبادلات داخل المنطقة مما سيحفز المنتجين في جنوب و شرق المتوسط التموين على مستوى الأسواق الأوروبية و العكس صحيح .
السياسات المرافقة الخارجية:
أولا : الإعانات المالية : إن الإعانات الأوروبية الممنوحة للدول المتوسطية الشريكة هي في الأساس تتكون من هبات و من جهة أخرى من قروض ميسرة الإعانات الثنائية تحتوي على هبات بدون مقابل كما أن البنك الأوروبي للاستثمار يقدم بعض القروض بمعدلات فائدة بسيطة .
إضافة إلى محدودية في ميزانية الإعانات للمجموعة أو الثنائية فهناك ضعف في قدرة الامتصاص لاقتصاديات المنطقة و يرى البنك الأوروبي للاستثمار أن قدرة الامتصاص ضعيفة جدا في هذه الدول المتوسطية رغم أن حجم القروض التي يمنحها للمنطقة قد تم تجديدها سنة 2000.
كما أن الصعوبات المؤسساتية ضعف القطاع الخاص و مشاكل الفساد الإداري تؤدي إلى صعوبات في تحديد المشاريع المعنية بهذه التخصصات المالية ، رغم أن طريقة تسيير الإعانات الأوروبية قد تتغير فهناك رؤية جديدة لأولويات التنمية التي سيتم تمويلها من طرف أوروبا وضع اختيارات خاصة بالسياسات الإقثصادية و الإجتماعية ) .
إضافة إلى الثقل الإداري و عدم الفاعلية النسبية للخدمات العمومية يمكن أن يضاف إلى ذلك الخلافات السياسية كما أن برامج التنمية و خاصة فيما يخص التصحيح الهيكلي يحتوي على عمليات الخوصصة الواجب وضعها حيز التطبيق أو تعميقها ، وهي أبعد من أن تكون محل إجماع في هذه الاقتصاديات على العموم ، كما أن الكل متفق الآن على أن القليل من الاستقرار المالي و التكييف الهيكلي هي عناصر أساسية لفاعلية الإعانات فبدون تسيير اقتصادي محكم فإن الإعانات العمومية يمكن أن تؤدي إلى عدم فعالية ميزانيات الدول على القضاء أو تخفيض من الفقر و تحسين أداء و ديناميكية الاقتصاديات كما أن ضعف القطاع الخاص يمكن أن يحد من تأثير الإعانات العمومية على تحفيز المشاريع .
و بسبب انعدام التنسيق في السياسات الأوروبية فان الإعانات الأوروبية المتعددة او الثنائية لم يكن لها نفس الأهداف المخططة على دول جنوب و شرق المتوسط .
إن الصدمة الخارجية بالنسبة للدول المتوسطية و الناتجة عن انفتاح المبادلات الصناعية مع المجموعة الأوروبية يمكن أن تكون غير قادرة على تحملها في الوقت الذي تكون فيه آثار التفكيك الجمركي مهمة فتعبئة مالية أوروبية مكثفة و على المدى القصير تصبح ضرورية لمساعدة بعض الدول التي توجد في وضعيات صعبة من اجل تجاوز هذه المرحلة الانتقالية و تجنب لإختلالات في التوازنات الإجتماعية و السياسية ، كما أن نوعية المساعدة و فعاليتها مهمة من ناحية حجمها و سرعة تقديمها في الأوقات المناسبة ، فالتجارب السابقة للإعانات المقدمة للتنمية و التحليل الحالية تبين أن التحويلات المالية المكرسة لمشاريع التنمية تكون أكثر فعالية إذا كانت تسجل في إطار من الإصلاحات و ما يصطلح عليه الحكومة الجيدة .
إن المساعدة الأوروبية لمنطقة جنوب و شرق المتوسط تمثل بهذا المعنى كأغلبية الإعانات العمومية للتنمية دعما ضروريا لمرافقة الإصلاحات و انفتاح الاقتصاديات كما أنها تستجيب للشرطية الموضوعية حيز التطبيق من طرف مؤسسات بيتون وودز ومن أجل ربط المساعدة الاقتصادية و انجاز الإصلاحات
إن الشرطية الموضوعة من طرف هذه المؤسسات و التي تم تبينها من طرف المجموعة الأوروبية في إطار الإعانات الممنوحة غير كافية من أجل ضمان نجاح الإصلاحات المعتمدة و إذا كان هناك اعتقاد بان وضع أقل من الاستقرار المالي و التكييف الهيكلي ضروري لفاعلية الإعانة ، فنرى أن هذه المعايير تبقى غير كافية بينما عمليا نجد أن نوعية المؤسسات و الخدمات العمومية لهذه الدول من ضمان للملكية و دولة القانون بصفة عامة مرورا بدرجة مشاركة المجتمع المدني الرشوة و طبيعة الأنظمة الإدارية مرتبطة بقوة مع قدرة الدولة على القيام و إنجاح الإصلاح مما سيجعل الإعانة مفيدة في تحقيق الأهداف و المشاريع المخصصة لها .
و نشير إلى أنه و حسب بعض التقديرات ففي الدول التي تتميز بمؤسسات عمومية فعالة و تتحكم في تسيير السياسات الإقتصادية فإن إعانة للتنمية تقدر بنسبة 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ترفع حسب هذه التحاليل النمو إلى 0.5 بالمائة و تخفض الفقر بمعدل 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ، كما أن الطبيعة الديمقراطية للحكومة قادرة على إقامة و انجاح الإصلاحات الإقتصادية الملائمة للتنمية إن البنك العالمي يبين أن احتمال حكومة منتخبة حديثا و تقوم بتطبيق برنامجا للتعديل هو 95 بالمائة مقابل 65 لحكومة استبدادية متواجدة في السلطة منذ 12 سنة .
كما يرتبط نجاح الإعانات المالية بمشاركة المجتمع المدني الذي يعتبر اليوم من طرف الإقتصاديين شرطا لنجاح التنمية و في مجال الإصلاحات الإقتصادية ، ومن جهة أخرى فغنه في اطار برنامج ميدا و التعاون الثنائي للدول الأعضاء يجب توجيه الإعانات إلى القطاعات الأكثر فعالية .
ثانيا : الإستثمارات الاجنبية المباشرة : إن كل الدراسات تؤكد على أن الإستثمارات الأجنبية المباشرة المرافقة للتوقيع على اتفاق تكوين منطقة التبادل الحر عامل محدد و هام لنجاح مثل هذه الإتفاقيات و ذلك من أجل تعويض عدم التوازن في ميزان المدفوعات على المدى القصير و لتحفيز العرض على المدى المتوسط و خاصة في القطاعات التصديرية و السماح بتحويلات مهمة في التكنولولجيا و كل ذلك يتطلب ما يطلق عليه بمناخ الإستثمار و هي مجمل الاوضاع القانونية و الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية التي تكون البنية التحتية التي تتم فيها الإستثمارات و مكونات هذه البيئة متغيرة كما أنها متداخلة إلى حد كبير و أهم العناصر المكونة لجاذبية الإستثمار يصعب حصرها و هيكلتها في نموذج كمي قصد التنبؤ بتطورها و ضبط علاقة واضحة مع مستويات الإستثمار الخارجي و تغيراته .
إن حالة ووضعية البنية الأساسية تؤثر تأثيرا كبيرا على قرار الاستثمار لدى العديد من المستثمرين و تشمل هذه الخدمات إمدادات الكهرباء المتميزة بالكفاءة و شبكات النقل المصممة تصميما جيدا الطرق الموانئ المطارات و السكك الحديدية و شبكات الاتصالات السلكية و اللاسلكية و خطوط أنابيب النفط و الغاز و تلعب الدولة دورا هاما في توفير أو تحسين نوعية هذه الخدمات أو زيادة اتساقها مع المعايير و المواصفات الدولية فمن جهة فغن سوء نوعية الخدمات سيؤثر في تكاليف الإنتاج و قدرة المؤسسات على المنافسة و من جهة أخرى فإن التجهيز مكلف جدا و له أهمية إستراتيجية .
إن الاستثمارات الخاصة الوطنية و الأجنبية يمكن أن تساهم في تسيير و تحسين المنشآت و الخدمات لما تملكه من تقنيات حديثة و أنظمة عصرية للتسيير و الإدارة فتحسين الهياكل الصناعية يتطلب تحسين مقابل في المنشآت التقنية مما دفع العديد من الدول إلى اللجوء إلى إقامة العديد من المناطق الحرة أو التجمعات الصناعية التي أصبحت تلعب دورا متزايدا الأهمية في النشاط الاقتصادي و لا سيما النشاط الكثيف الاستخدام للتكنولوجيا و التجمعات هي تركز الشركات في صناعة واحدة أو صناعات قليلة و الاستفادة من أوجه التآزر التي تنجم عن شبكة كثيفة من المتنافسين و المشترين و الموردين و تتألف التجمعات من مشترين كثيري المطالب و موردين متخصصين و موارد بشرية رفيعة التطور و المال و مؤسسات الدعم المتطورة تطورا جيدا و يمكن أن تجذب هذه الموارد و القدرات المركزة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الباحثة عن الكفاءة كما أنها تساعد على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر الباحث عن الأصول إلى الدول المضيفة الأكثر تقدما .
لم يعد من المبالغة القول أن قطاع الإتصلات هو القطاع الأهم في اقتصاديات الدول في عصرنا الحاضر و لا تنبع أهمية هذا القطاع من حجمه و حجم الاستثمارات التي يستقطبها و من حجم العمالة الماهرة و حجم الكفاءات التي يستوعبها بل تينع كذلك من كونه القطاع الداعم للنشاطات الاقتصادية الأخرى و من كونه المعيار الأساسي لأداء تلك النشاطات و لقدرته التنافسية فبمقدار ما يتطور قطاع الإتصلات كبنية تحتية للتكنولوجيا و بمقدار ما تتغلغل هذه التكنولوجيا في القطاعات الاقتصادية تتمكن هذه القطاعات من تحقيق تطور كمي و نوعي سواء كانت انتاجية أم خدماتية فالتقنية باتت شرطا أساسيا لتحسين الأداء كما باتت شرطا لأداء مختلف القطاعات الصناعية السياحة الزراعة الطيران التعليم الاستشفاء و النقل ....الخ .
ووفقا لدراسة للاستثمارات تبين أن جودة البنية الاتصالية و الكثافة المتزايدة لانتشار الهاتف تؤثر ايجابيا و بشكل مباشر على الاستثمارات الخارجية فضلا على أنها تحفز النمو الاقتصادي و لقد أدرج مؤخرا اتخاذ مستوى تطور قطاع الاتصالات كأحد أهم مقاييس تقييم المناخ الاستثماري في دولة ما ولا عجب في ذلك فالقطاع المذكور قد شهد ثورة اختصرت المسافات إلى ثوان ليس فقط داخل الدولة الواحدة و إنما في طول الأرض و عرضها و تحول كوكبنا بفضل تطور وسائل الاتصال إلى قرية عالمية صغيرة بتصرف رجال الأعمال و غيرهم .
كما أن تكاليف الصفقات التي تواجه المتعاملين في الدول المتوسطية مازالت عالية من مختلف دول المنطقة في مجهوداتها لجذب الاستثمارات المباشرة .
كما أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بحل النزاعات و تمثل التحدي الأخير الذي يشار إليه من طرف المستثمرين الأجانب إضافة إلى مناخ عدم الاستقرار القانوني الذي يحيط بالعمليات التجارية و المالية و معالجة قضية بسيطة على مستوى المحاكم يمكن أن يأخذ عدة سنوات كما أن غياب الثقة لدى المستثمرين في الأنظمة القانونية الوطنية يقود إلى اللجوء إلى التحكيم الدولي  لحل النزاعات ذات الطبيعة المالية أو التجارية و إذا كان هذا الأخير أصبح قاعدة في العقود التي تربط المستثمرين الأجانب مع الدولة فإنه عمليا أكثر تعقيدا لوضعه حيز التطبيق على مستوى العقود التجارية التي تربط الأشخاص الطبيعيين و المعنويين .
هذه العناصر التي مازالت تمثل أحد عراقيل تطوير الاستثمارات المباشرة على مستوى المنطقة و هذا يتطلب إدماج المستثمر الأجنبي في إستراتيجية صناعية متجانسة ووضع حيز التطبيق لإجراءات عملية فعالة و هذا يتطلب أن تطور الإدارة في الوقت الذي تنفتح فيه الدولة على الخارج فإدارة ذات كفاءة و فعالية يمكن أن تحسن من مناخ الأعمال .
و يعتبر النقل عاملا كذلك في تسهيل تنقل الأشخاص و الأموال لذلك يجب أن يتطور دوره باستمرار و عليه أكد تصريح برشلونة على اهمية تطوير و تحسين المنشآت القاعدية بما في ذلك انشاء نظام نقل فعال و ضرورة :
- انشاء خطوط برية تربط الشرق و الغرب في ضفتي المتوسط الجنوبية و الشرقية
- ربط شبكات النقل المتوسطية بالشبكة العابرة لأوروربا بكيفية تجعلها عملية فيما بينها .
و نشير في هذا الخصوص أن يتم نقل حوالي 150 مليون طن من السلع سنويا بين الإتحاد الأوروربي و البلدان المتوسطية الإثنتي عشر بمعدل 75 بالمائة عن طريق النقل البحري و 17 بالمائة عن طريق الأنابيب و في ميدان المحروقات تتم نسبة 40 بالمائة من عمليات النقل بين الجزائر و الإتحاد الأوروبي
و تتميز شبكات النقل في بلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط بمستوى تطور داخلي متفاوت نسبيا و غير متماثل و على أية حال فهو لا يكفي لتلبية الطلب و إحداث آثار التعاون على المستوى الاقتصادي و تهدف الخطوط الموجودة إلى ربط المراكز الحضرية الكبرى في حين يبقى تطور الخطوط الداخلية على مستوى المنشآت القاعدية البرية ضعيفا و على الصعيد الخارجي يلاحظ ضآلة المبادلات الأفقية من جهة و الطابع المنعزل للمنشآت القاعدية مما يترتب عنه عدم تواصلها على المستوى القضائي من جهة أخرى و يبدو أن هذا الشكل مرتبط بعدم وجود أو ضعف فضاء أو مشروع اقتصادي مشترك لبلدان الضفة الجنوبية من حيث الجوهر .
أما فيما يخص المنشآت القاعدية للمواصلات السلكية و اللاسلكية فلا تزال الفوارق كبيرة بين البلدان الأعضاء في الإتحاد الأوروبي و تلك البلدان التي تنتمي إلى جنوب البحر المتوسط و شرقه سواء تعلق الأمر بتغطية الدولة بشبكات مواصلات سلكية ولا سلكية و خدمات أو بالتكنولوجيا المستعملة في التجهيزات و عمليات التركيب و يستحوذ خمسة عشر بلدا تابعا للإتحاد الأوروبي على 95 بالمائة من الناتج الداخلي الخام كما تملك 88 بالمائة من الخطوط الهاتفية .
و تواجه بلدان جنوب البحر المتوسط و شرقه ضغوطا تعود إلى :
* توسيع الشبكات الموجودة من أجل تلبية الحاجات المتزايدة للسكان الناجمة عن تطور المنشآت القاعدية الصناعية و تنمية الاقتصاد .
* استبدال التجهيزات القديمة و البالية بتجهيزات أخرى تستخدم تكنولوجيات حديثة
ومن أجل تمويل الاستثمارات في المنشآت القاعدية و تمويلها تلجأ الاستثمارات في مجال المنشآت القاعدية إلى وسائل تقنية مالية بشرية و تسييرية بنسب معتبرة و تتطلب إقامة أطر تشريعية و تنظيمية ملائمة و أجهزة فعالة من أجل استقطاب الموارد و توفير الظروف الملائمة لمشاركة القطاع الخاص وطنيا كان أم دوليا و تشكل المنشآت القاعدية بحكم طبيعتها تجهيزات ثقيلة غالبا ما يتطلب انجازها عدة سنوات و من ثمة تعبئة الموارد اللازمة لتمويلها إذ تتطلب في غالب الأحيان مصادر مالية إما من الدول و إما من مؤسسات خاصة تتمتع بقدرات مالية كبيرة و قادرة على منحها لآجال طويلة المدى .
و إذا كان التعاون الأورو متوسطي مازال ضعيفا في ميدان الاستثمارات كما تمت الإشارة إلى ذلك في العديد من التحاليل مقارنة بما أنجزه اليابانيون في دول شرق آسيا و المحيط الهادي و ما قامت به الو م أ في أمريكا اللاتينية و في المكسيك يجب التذكير هنا بالدور الفعال الذي يمكن أن يقوم به الإتحاد الأوروبي عن طريق المشاركة في تطوير البلدان غير الأعضاء في هذا الإتحاد و بالمساهمة في إقامة آليات و أدوات لجلب الاستثمارات و دعمها نحو دول جنوب و شرق المتوسط لا سيما عن طريق تعزيز تدفق الأموال غير المولدة للديون .
و يمكن لمنطقة التبادل الحر الأورو متوسطية أن تعمل على إنجاح هذا النموذج و اعتبارا للدور الذي تقوم به مختل المنشآت القاعدية و المستوى العالي للوسائل المالية الضرورية لتطويرها يبدو من المستعجل إنجاز دراسات وافية و متكاملة لكل منشأة قاعدية على غرار الرواق المتوسطي الخاص بأنواع النقل أو المخطط الأزرق بالنسبة للبيئة و هذه الدراسات التي تشكل قاعدة مرجعية ستفرز برامج أخرى منها برنامج الري في منطقة البحر الأبيض المتوسط بالنسبة للمياه و برنامج الاتصالات السلكية و اللاسلكية .
و لتفادي مخلفات و انعكاسات رفع الحماية الجمركية فهناك اشكالية خاصة بالإجابة على التساءل التالي : كم يجب تحقيق نسبة تطور في الناتج المحلي لمواجهة الخسارة في الإيرادات ؟ و ما هي نسبة الإستثمارات المباشرة الموجهة إلى الجزائر من الإستثمارات الخاصة و ما هي نسبة النمو المطلوبة في الإستثمارات الأجنبية المباشرة ؟
بالنسبة للجزائر كما رأينا سابقا نجد أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة لا تمثل سوى نسبة ضئيلة جدا من الاستثمارات الكلية و من الاستثمارات الخاصة أما من حجم الناتج المحلي فهي لا تمثل سوى نسبة 0.01 بالمائة.
و سواء من خلال التجربة العامة لتحرير التجارة أو تقييم آثار اتفاقيات منطقة التبادل الحر مع الإتحاد الأوروبي فهناك اتفاق شامل حول مجموعة من المتطلبات من أجل نجاح هذه الإستراتيجية إضافة إلى ما سبق أن أشرنا إليه من سياسات مرافقة يجب القيام بها :
- تقوية النظام الضريبي لتعويض الانخفاض في الدخل الجمركي من الواردات نتيجة لإزالة التعريفات  عن السلع القادمة من الإتحاد الأوروبي .
- التوفيق بين المعايير و مجانسة الإجراءات الجمركية و الإحصائية و تنظيم السوق و سياسة المنافسة و آليات الاستثمار .
- زيادة التوجه نحو السوق في الاقتصاديات مع تحرير أسواق عناصر الإنتاج و السلع المحلية لتسهيل نقل الموارد و سرعة الاستجابة إلى تغيرات الأسعار و يتضمن ذلك على وجه الخصوص تحرير القواعد التنظيمية المطبقة على الاستثمار الأجنبي المباشر و قطاع الخدمات.
- الخوصصة و إصلاح القطاع العام للحصول على حوافز أكثر حيادا للمشاريع الاستثمارية و زيادة سرعة استجابة الإنتاج و قطاعات التجارة في الاقتصاد إلى أوضاع السوق مما سيساهم في زيادة الكفاءة الاقتصادية العامة و المدخرات بالإضافة إلى توسيع المجال أمام القطاع الخاص في الاقتصاد .
- تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي بما في ذلك الاستقرار المالي و توازن الميزانية و سياسة مرنة لأسعار الصرف لتخفيض التعريفة على وجه الخصوص و لتحقيق سعر صرف يتميز بالاستقرار و القدرة الحقيقية على المنافسة .
- تخفيف الدين الخارجي إذ أن وجود دين خارجي ضخم عند بدأ تحرير التجارة يؤدي إلى تعقيد التصحيح الاقتصادي الكلي كما قد يقلل من احتمالات جذب المستثمرين و يرجع هذا إلى أن خدمة الدين المرتفعة تفرض عبئا ثقيلا على الموازنة و ميزان المدفوعات .
- شبكة للأمان الاجتماعي الشامل قد يؤدي التصحيح الاقتصادي الكلي و تطبيق تدابير شاملة لتحرير الاقتصاد إلى انخفاض المداخيل الحقيقية لبعض المجموعات الإجتماعية في المدى القصير و من أجل تقليل تكاليف الانتقال الاقتصادي فإن إقامة شبكة أمان اجتماعي تستهدف تحقيق مزايا للفئات و الشرائح الإجتماعية الأكثر تعرضا للضغوط الاقتصادية و انفتاح السوق أصبحت ضرورية .
-  و أخيرا تحرير أحادي الجانب أكثر عالمية و شمولا للتجارة مع الدول غير الأعضاء في الإتحاد الأوروبي بغرض تقليص الفرق بين نسب التعريفات الخاصة بالدولة الأولى بالرعاية و التجارة الحرة و لتفادي أو التقليل إلى أدنى حد من انحراف التجارة و تكلفتها و زيادة آثار الاستثمار من خلال إتاحة الفرصة للمستثمرين لاختيار تأسيس مشاريعهم في أوروبا لخدمة الأسواق المختلفة التي يرتبط معها الإتحاد الأوروبي باتفاقيات منطقة التبادل الحر بدلا من تأسيس هذه المشاريع في إحدى الدول المتوسطية الشريكة ذات الأسواق الصغيرة .
خلاصة الورقة :
يشكل تطبيق الجزائر لاتفاقيات منطقة التبادل الحر مع الإتحاد الأوروبي أحد أهم العوامل التي ستحدد الأداء الاقتصادي لها على مدى الأعوام الثني عشر أو العشرين القادمة ، و الفكرة الأساسية التي يمكن استنتاجها تتعلق بالخاصية غير التناظرية عدم التكافؤ لتكوين منطقة التبادل الحر ما بين الإتحاد الأوروبي و الجزائر و أهم خاصية لهذه الاتفاقيات فيما تتضمنه من قيام الجزائر بتحرير التجارة من جانب واحد و فتح الأبواب أمام استيراد المنتوجات المصنعة فدخول حيز التطبيق لهذا الاتفاق يعني تطبيقا لتدمير جمركي من طرف واحد للحماية إزاء السلع الأوروبية و بدون مقابل مماثل من طرف الإتحاد الأوروبي مدام أن أغلبية السلع المصنعة لها نفاذ حر نحو أسواق الإتحاد الأوروبي و كل الآثار تسمح برفع الصادرات بدون أية إشكالية بينما تكوين منطقة التبادل الحر تترجم بطريقة و صورة مؤكدة بارتفاع حجم الواردات .
إن الآثار التجارية المنتظرة من تكوين منطقة التبادل الحر لا يمكن أن تكون سوى آثار غير مباشرة على الأقل فيما يخص السلع المصنعة هذه الآثار الإيجابية ناتجة عن:
- انخفاض أسعار المدخلات المستوردة من الإتحاد الأوروبي سلع التجهيز و السلع الوسيطة للإنتاج الموجه نحو السوق المحلي أو إلى التصدير .
- تحسينات في الكفاءة ناتجة عن نزع الحماية للاقتصاد الوطني أي ارتفاع الإنتاجية بسبب المنافسة الخارجية .
- هذه الآثار يمكن لها أن تكون جد معتبرة و المكاسب من تكوين هذه المنطقة ستكون ايجابية إذا توفر شرطين :
- ارتفاع في حجم الاستثمارات الأجنبية
- وضع حيز التطبيق للتخفيض الجمركي عن طريق سياسة اقتصادية كلية غير تقييدية .

و الخلاصة الأساسية لهذه الورقة هو أن رهان الإنفتاح التجاري يظهر أنه صعب بدون دخول معتبر لرؤوس أموال أجنبية المرتبطة مباشرة بالإعلان عن التوقيع على اتفاق الشراطة و لكنه يبقى غير مؤكد و على هذا الأساس من الضروري بالنسبة للسياسات الإقتصادية الإهتمام بسياسة الإستثمارات الأجنبية المباشرة و بتوفير المناخ الإستثماري الملائم لأن المكاسب المرتبطة بتكوين منطقة رؤوس الأموال الخارجية و ثانيا بسياسة اقتصادية كلية متبعة بدقة .
و على الدولة الإهتمام بتوفير الشروط المتعلقة بمناخ الإستثمار التي يجب أن تترافق مع التدمير الجمركي إن هذه السياسة المرافقة تخص تكوينا عاليا لليد العاملة توفير الهياكل القاعدية الضرورية الشروط المؤسساتية و الغدارية الإستقرار الإقتصادي و المالي و الإصلاح الجبائي و في هذا الإطار يمكن لمنطقة التبادل الحر أن تحقق ما عجزت برامج التصحيح الهيكلي على تحقيقه عن طريق إعادة تأهيل المؤسسات أو المساعدة على تنفيذ سياسات استقرار الإقتصاد الكلي خاصة و أن التكامل يمكن ان يساعد على تحقيق استقرار الإقتصاد الكلي بوسائل متعددة و خاصة و أن الروابط بين الإقتصادين العيني و المالي و ه أساسية في اتفاقيات التكامل الإقتصادي تحتاج إلى سياسات مستقرة للإقتصاد الكلي إذا أريد للغتفاق أن ينفذ بنجاح .
أما فيما يخص الجزائر فغن أوروبا قدمت عرضا للتبادل الحر مع الجزائر بدون الإعتقاد بالنتائج الإيجابية المنتظرة ، كترقية النمو الإقتصادي تحسين أداء المؤسسات المحلية تحسين الإنتاجية و المنافسة فمنطقة التبادل الحر لن تصاحبها حوافز اقتصادية جديدة من منظور المستثمر الاجنبي فتبقى آثارها منحصرة في أبعادها السياسية إذ ان أنشاء منطقة التبادل الحر مع الإتحاد الأوروبي تمثل أثباتا و تعزيزا للمسيرة الإنفتاحية للغقتصاد الجزائري فتعهد الجزائر باشناء منطقة التبادل الحر مع الإتحاد الاوروبي يمثل مصداقية اضافية للتوجه المتبع منذ سنة 1988 و الرامي إلى ارساء قواعد لإقتصاد حر و متفتح على العالم و هذا الخيار من شانه ان يضيف جاذبية اضافية لمناخ الإستثمار في الجزائر .
و على هذا الأساس بقدر ما تؤدي هذه الإتفاقيات إلى تعزيز الإستقرار السياسي في المنطقة فغنها تخدم التنمية الإقتصادية بوجه عام كما تخدم هدف إصلاح السياسات بوجه خاص فيجب ضمان أن يكون هذا الإتفاق عامل محدد لنجاح الإصلاحات الإقتصادية المتبناة منذ الثمانينات و تحقيق الإستقرار الإقتصادي و لكنه لن يكون البديل عن أولوية التحرير الداخلي أو متعدد الأطراف .



3 commentaires:

  1. شكرا على المرو الطيب و الجميل و اعدكم بتقديم كل ماهو جديد و مميز هدفنا التميز و شعارنا نفيد ونستفيد من بعضنا ، اتمني أن لا تكون هده زيارتكم الاخيرة فردودكم و تشجيعاتكم تحفزنا على العمل و تقديم المزيد ، و اعدكم بجملة من المواضيع التي يعمل حاليا فريقنا على تنفيحها و تمحيصها و تعديلها حتي تكون بسيطة و مفهومة و نافعة للجميع و تساير متطلبات و مستجدات الحاضر في قضايااه المعاصرة اعدكم بالتميز فلا تبخلوا علينا بردودكم المشجعة

    RépondreSupprimer

شركنا برايك ووجهة نظرك