انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد
E-currencies exchanger
E-currencies exchanger

dimanche 28 avril 2013

التكوين الإلكتروني و إسهامه في تنمية الكفاءات داخل الاقتصاديات

التكوين الإلكتروني و إسهامه في تنمية الكفاءات داخل الاقتصاديات


                                           
                                   
     يرى جون بودان أنّه " لا ثروة و لا قوة إلاّ في البشر"، فبالرغم من السياق التاريخي لهذا الطرح ( حيث يعود إلى القرن السادس عشر )، إلاّ أنّ مغزى محتواه جعل منه طرحا معاصرا ينطبق على ما تعيشه المنشآت في بيئة اقتصاديات الألفية الثالثة.
     هذه الاقتصاديات التي لم يعد يرتكز فيها خلق الثروات على جوانب مادية فحسب، بل تعداها إلى جوانب غير مادية ؛ تتمثل أساسا في حركية و تسيير الدرايات و المعارف، الذكاء الجماعي،            و الكفاءات ، حيث تمثل هذه التوليفة غير المادية دعامة ارتكاز بالنسبة لما يعرف بالمنظمات المتعلّمة ، فهي تساعد من جهة على تقاسم المعارف بين عناصرها البشرية ، كما تدعّم من جهة أخرى وضعها التنافسي مستفيدة بذلك من الكفاءات و المعارف التي تغذّي باستمرار قدرتها التنافسية ، باعتبارها  مزايا تنافسية صلبة و دائمة تصعب محاكاتها من طرف المنشآت المنافسة ،    باختصار يمكن القول أنّنا نعيش عصر اقتصاديات المعارف و الدرايات.
     مدعومة بالمزايا التي يوفرها استخدام تكنولوجيات الإعلام و الاتصال، تعمل المنشآت في إطار اقتصاديات الدرايات على التنمية المستمرة لكفاءات أرصدتها البشرية ـ و ذلك من خلال تبني عدة أنشطة داخلية و خارجية ـ لتحقيق هدفين رئيسيين؛ فمن جهة ستستجيب لانتظارين من بين الإنتظارات الرئيسية الخمسة لمواردها البشرية ـ التي ينبغي أن تعتبر كزبائن داخليين ـ و المختصرة في 5 E ) أ (، و يتعلق   الأمر  بالإنفتاح  و الأهلية التشغيلية ، و من جهة أخرى ستسعى إلى تحقيق الانسجام و التأقلم مع المتطلبات التي تمليها بيئة اقتصاد الدراية.
     و عملا على تحقيق الهدفين السابقين، تنتهج المنشآت عدة أساليب حديثة نذكر من بينها على وجه التحديد، التكوين الإلكتروني الذي يحقق استخدامه مزايا هامة نورد منها على سبيل الحصر تخطي القيود الزمكانية ( بصورة كلية ) و القيود البشرية ( بصورة نسبية ) التي يفرضها التكوين التقليدي.
   و لا يتسنى للمنشآت تبنّي هذا الأسلوب الحديث في التكوين إلاّ بمرافقة فاعلة يوفرها استخدام الدّعامة الاتصالية التي تمثل أصل التطور الذي بلغته تكنولوجيات الإعلام و الاتصال، و تتمثل في الانترنيت و مشتقاته ( الإنترانت و الإكسترانت )، فهي تعدّ إحدى الركائز الأساسية لتطبيق التكوين الإلكتروني.
     و على هذا الأساس، تتمحور إشكالية هذه المداخلة حول الإجابة على السؤال الجوهري الآتي:
كيف يساهم التكوين الإلكتروني في تنمية الكفاءات داخل الاقتصاديات المبنية على الدرايات ؟
     و هو ما يقودنا إلى طرح الأسئلة الضمنية الآتية:
ü     ما المقصود بالتكوين الإلكتروني ؟
ü     لماذا يتمّ تبنّي هذا الأسلوب الحديث في التكوين ؟
ü     كيف تتمّ عملية التكوين الإلكتروني ؟
ü     ما المقصود بتنمية الكفاءات ؟
ü     ما هي الأنشطة الرامية إلى تنمية الكفاءات ؟
ü     كيف يسهم التكوين الإلكتروني في تنمية الكفاءات ؟
ü  ما هي العلاقة بين الخماسية الآتية: التكوين الإلكتروني، التسيير الإلكتروني للموارد  البشرية     ، الإدارة الإلكترونية ، إدارة المعارف ،   و تنمية الكفاءات ؟
ü     ما هي النماذج العالمية التي يمكن تناولها كأمثلة عن تطبيق التكوين الإلكتروني في المنشآت لأغراض معرفية ؟
تعريف التكوين الإلكتروني:
     إذا ركّزنا على تعريفه من الناحية اللفظية نجد تعددا في التسميات، فالتكوين عن بعد، التكوين المفتوح و عن بعد، التكوين بمساعدة الحاسوب ، التكوين عبر الانترنيت ، و التكوين الافتراضي، كلها مرادفات للتكوين الإلكتروني، بالإضافة إلى الاختلاف الملاحظ في الترجمة من اللغة الإنجليزية( e-Learning ) إلى اللغة الفرنسية( e-formation).  
     و لقد اختلفت رؤى الباحثين بشأن نشأته و تموقعه، فمنهم من يرى فيه اندماجا طبيعيا ضمن أنشطة التسيير الإلكتروني للموارد البشرية، بل يعتبر وظيفته التقليدية، في حين ذهب البعض الآخر إلى اعتباره مظهرا من مظاهر استخدام تكنولوجيات الإعلام و الاتصال في المنشآت، و بذلك فهو لا يعدو أن يكون سوى إحدى دورات التقدم في أساليب التكوين، بدلا من اعتباره إحدى ثورات القطيعة مع المناهج الكلاسيكية في التكوين  .
     أمّا من الناحية الاصطلاحية ، فقد اختلفت التعاريف بهذا الخصوص؛ إذ تمّ تعريف التكوين الإلكتروني بأنّه " فرع من التكوين المفتوح و عن بعد يرتكز على الشبكات الإلكترونية, كما يمكن تعريفه على أنّه " استخدام التكنولوجيات الحديثة المتعددة الوسائط  و الانترنيت لتحسين نوعية التعلّم ، و هو تعريف يدعّم اتجاه الرأي الثاني بخصوص نشأة هذا الأسلوب الحديث في التكوين، و هو ما يتأكّد لنا أيضا من خلال تعريف التكوين الإلكتروني بأنّه " تلقين المتعلّمين لتكوين عن طريق الاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة، أي في كلّ مرّة نلجأ فيها لاستخدام الوسائط التفاعلية بغرض التكوين ( انترانت، انترنيت، أقراص مضغوطة ) و بالتالي فهو تزاوج بين الوسائط المتعددة ( الصوت، الصورة،   و النص )، و الانترنيت، و هو ما دفع بالبعض إلى اعتبار التكوين الإلكتروني بمثابة المتنفس الثاني لسوق تكنولوجيات الإعلام و الاتصال.
     كما يمكن تعريفه كذلك بأنّه " التكوين في زمن الانترنيت، و التداخل بين التكوين و الشبكات        و الاقتصاد الجديد، فهو الرؤية المستقبلية لما سيؤول إليه التكوين المهني. ونحن لا نزال في بداية الطريق.
     التعريف السابق يقودنا إلى محاولة رسم المعالم المستقبلية المحددة لاستخدام هذا المنهج الحديث في التكوين داخل ما يسمى بالاقتصاد الجديد الذي يرتكز على المعارف و الدرايات، و حسن تسييرها و الاستفادة منها لصالح المنشآت المتعلّمة، التي تجيد إنتاج المعارف و رسملتها و تقاسمها بين كفاءاتها، بغية تحويلها إلى سلع و خدمات لتحسين وضعها التنافسي و الحصول على نصيب متزايد من السوق و كسب مزايا تنافسية إستراتيجية.
     و على هذا الأساس، يمكن تبني التعريف الآتي للتكوين الإلكتروني بأنّه " وسيلة تسمح بالقيادة الفعّالة للتغيير التنظيمي، الثقافي، و التكنولوجي ، و هو ما يمكن المنشآت من اعتلاء مصافّ ما يعرف بالمنشآت الشبكية  ؛  فبيع السلع و الخدمات على شبكة الانترنيت و القيام بالأعمال الإلكترونية ، يشترط على الموارد البشرية أن تعرف و تفهم وظائفها ،  تتحمّل مسؤولياتها ،  و تجيد التفاعل مع من تتعامل معهم من معاونين في جماعات العمل، زبائن، موردين،   و متعاملين آخرين.
     و هنا يبرز أحد أدوار التكوين الإلكتروني في المساعدة على القيادة الفعّالة للمتغيرات التنظيمية من خلال تأهيل التكوين و جعله يتلائم مع البيئة التنظيمية الجديدة للعمل ، هذا الأخير الذي يأخذ فيها عدة أشكال حديثة نذكر منها ما يعرف بـ ( groupware ) أو جماعات العمل الافتراضية التي تجمع بين موارد بشرية مرتبطة وظيفيا و متباعدة جغرافيا و مضبوطة تنظيميا بواسطة ما يعرف بالإدارة الإلكترونية ( e-management )، و المتغيرات الثقافية النابعة من المبادئ و القيم و السلوكات التي ينفرد بها كلّ عضو من أعضاء جماعات العمل الافتراضية، دون أن ننسى المتغيرات التكنولوجية التي تساهم بقسط كبير في التعلّم التنظيمي و إدارة المعارف بين أعضاء هذه الفرق، و القيادة الفعّالة لكلّ هذه المتغيرات ستساهم بأثر رجعي إيجابي في تنمية التكوين الإلكتروني، و هو ما يمكن إبرازه من خلال الشكل الآتي:






الشكل رقم 1: سيرورة تنمية التكوين الإلكتروني

لماذا يتم تبنّي هذا الأسلوب الحديث في التكوين ؟
     من التعاريف التي أوردناها سابقا نستنتج أنّ الحلول التكنولوجية المقترحة في مجال التكوين ستفتح آفاقا واسعة و واعدة أمام المنشآت التي تأخذ بها، نظرا لجاذبية التكوين الإلكتروني من حيث توفيره لجملة من المزايا ستجعل منه بديلا للتكوين ا لتقليدي في الخمس إلى العشر سنوات المقبلة بالولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك حسب تحليل السوق الأمريكي الذي قام به المركز الوطني الأمريكي لإحصائيات التربية في سنة 2000 ، و هو ما يمكن توضيحه من خلال الشكل الآتي:

الشكل رقم 2: تطور سوق نمطي التكوين في الولايات  المتحدة الأمريكية خلال فترة 1995 ـ  
2005
     من خلال الشكل السابق نلاحظ أنّ سوق التكوين بنمطيه هو في اتّساع مستمر بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث من المتوقّع أن تحقق منه المنشآت 79 مليار دولار خلال سنة 2005 بعد ما كانت تحقق 52 مليار دولار في سنة 1995، في حين سجّل التكوين الإلكتروني باستخدام الانترانت أوّل ظهور له في سوق التكوين الأمريكي سنة 1997 ثمّ أخذ في التزايد ابتداء من سنة 2000، حيث من المتوقع أن يصل إلى 34 مليار دولار في سنة 2005 ، و هذا على حساب التكوين التقليدي الذي من المتوقّع أن يسجّل تراجعا، إذ سيبلغ 45 مليار دولار خلال سنة 2005 بعدما كان يحقق 52 مليار دولار في سنة 1995، فما هو سرّ بداية اجتياح التكوين الإلكتروني للسوق الأمريكي، و بداية شدّه لاهتمام السوق الأوروبي و الفرنسي على وجه الخصوص ؟
     يجمع التكوين الإلكتروني بين مزايا مختلف الأشكال الحديثة للتكوين، و هو ما يتّضح لنا من خلال الجدول الآتي:

الجدول رقم 1: التكوين الإلكتروني و مختلف الأشكال الحديثة للتكوين


الأشكال الحديثة في التكوين
المزايا
المساوئ

التكوين عن بعد ذو البث الواسع
تكاليف وحدوية قليلة
جودة الدّعائم
تشخّص ضعيف
نسبة نجاح ضعيفة
تحضير و استثمار مبدئي


التكوين المشخّص
مسارات مشخّصة
مرافقة محلية

قيود في التنفيذ
تكوين مُكلف
صعوبات الانتشار
تحضير و استثمار مبدئي

الأقسام الإفتراضية

تحضير معقول
تشخّص ضعيف
اقتصاد وفرة ضعيف
اتصال مُكلف
المخاطر المرتبطة بالتزامن
التكوين الإلكتروني:
التكوين الموزّع عبر شبكة

التشخّص (Personnalisation )
انتشار و اقتصاد
متابعة و مرافقة مكثّفة
حداثة و مخاطر
ضرورة ملائمة البيداغوجيا، التنظيم، و التموقع في السوق
     و لتبرير الاستثمار في مقاييس التكوين الإلكتروني، صرّح مسؤولو الموارد البشرية المستجوبون بفرنسا من طرف ( Benchmark Group ) في إطار دراسة أُعدّت في سنة 2003 حول " إستراتيجية الأنترانت و الأنترنيت للموارد البشرية "، أنّ التكوين الإلكتروني يوفّر الإنتاجية، يمنح إمكانية تشخيص التكوين، و بطبيعة الحال يفتح آفاقا للاقتصاد في التكاليف.
     بصفة عامة يمنح هذا الأسلوب الحديث في التكوين عدة مزايا هي:
ü     بالنسبة للمنشآت:
     يُحسب التكوين الإلكتروني لصالح المنشآت المستفيدة منه في عدّة نقاط هي:
التقليص من التكلفة الإجمالية للتكوين: و تعدّ من أهمّ مزايا التكوين الإلكتروني بالمقارنة مع التكوين التقليدي، و يتعلّق الأمر بـ :
3   التقليل من بعض المصاريف المرتبطة بالتكوين، كمصاريف الإقامة و التنقّل.
3   جعل مردودية التطبيقات التي يتقاسمها عدد معتبر من المُتكونين أكبر ما يمكن.
3   التسيير المحكم للوقت عن طريق التقليص من التكلفة الزمنية ( غياب المُتكونين عن مناصب عملهم ) التي كانت تتحمّلها المنشآت نتيجة القيد الزمكاني الذي يفرضه التكوين التقليدي.
ـ تبني هذا النمط الحديث يضفي المرونة على التكوين، وهذه الميزة تخدم بقدر كبير الشركات المتعددة الجنسيات، نظرا لانتشار مواردها البشرية في مختلف بلدان العالم، وهو ما يضمن لها تكوينا متجانسا مهما كان مكان تواجدها.
ـ استخدام تكنولوجيات الإعلام و الاتصال في التكوين يسمح بتدعيم صورة المنشآت في أعين جمهورها الداخلي و الخارجي على حدّ سواء .
ـ القدرة على رسملة ( Capitalisation )  كفاءات المنشآت
ـ المساهمة في الحفاظ على الرأسمال المعرفي من مخاطر تسرّب الموارد البشرية، هذا الأخير يشكل تهديدا للذّمة المعرفية للمنشآت .
ـ كسب زبون جديد يكلّف للمنشآت ما يقارب الخمس مرّات أكثر من أن تحافظ على زبون حالي، و هو ما يدفعها لتبني التكوين الإلكتروني الذي يوفّر لمواردها البشرية مهارات جديدة من شأنها تحسين الخدمات المقدّمة لزبائنها الحاليين.
ü     بالنسبة للموارد البشرية:
     يقدّم هذا النمط الحديث في التكوين عدّة مزايا للمتعلّمين يمكن ذكرها فيما يأتي:
ـ الرّفع من فعّالية المجهود التكويني المبذول من طرف المتكونين، و هذا راجع للخصائص التي يتميز بها التكوين الإلكتروني وهي :
3 سهولة تلقّنه، فبإمكان المتعلّم أن يتكوّن و هو متواجد في مقرّ عمله، في منزله، أو في أيّ مكان يتوفّر على ممرّ للأنترنيت.
3   مرونة إدارته، حيث باستطاعة المتعلّم أن يتكوّن متى يريد دون وجود قيود وقتية.
3 سهولة تلاؤمه مع الحاجات الخاصة للمتكونين، فتفاعل وسيلة الإعلام الآلي يسهل من تأقلم محتوى التكوين مع الحاجات الخاصة للموارد البشرية المتكوّنة، آخذا بذلك في الحسبان كلاّ من مستوى  و وتيرة الاستيعاب الشخصي على حدّ سواء.
3 يمنح إمكانية الذهاب بعيدا في التكوين، و ذلك إمّا عن طريق الوصيّين الذين بإمكانهم التأقلم مع أيّ مستوى ، أو بواسطة روابط الانترنيت التي تسمح بتوجيههم إلى مواقع ذات صلة بموضوع التكوين.
3   يمنح فرصة تبادل الآراء و المعارف فيما بين المتعلّمين، بفضل الملتقيات و الدردشة الإلكترونية.
3   يسمح بالجمع و التوفيق بين الدراسة و النشاط المهني ( الجامعات الإفتراضية ).
ـ بيّنت الدراسات التي تمّ إجراؤها في بداية التسعينات أنّ التكوين الإلكتروني يسمح بتحسين منحنيات التّعلّم، و رفع مستوى ترسيخهم للمعلومات بـ 50% .
ـ يسهم في تجسيد المقاربة الحديثة للتكوين و المتمركزة على الجماعة، بدل تلك التقليدية التي كانت متمركزة على المُكوّن أو المُتكوّن، فهذا النمط الحديث يتلائم مع معطيات الواقع المعاش حاليا،   أين يتطلّب الإقدام من جانب المتعلّم لجمع المعلومات، و التفاعل مع الآخرين لبناء المعارف    و المهارات.
ü     بالنسبة للمكوّنين:
     يستفيد المكوّنون بدورهم من التكوين الإلكتروني في عدّة نواحي نذكر منها:
ـ الإثراء الحيوي لمضمون التكوين.
ـ التقييم الدقيق نتيجة الاختبارات المتواصلة طول فترة التّعلّم (تقييم الإنجازات في نهاية المقاييس )
ـ تسهيل عملية تحيين المحتوى البيداغوجي للتكوين.
     باختصار، يمكن حصر أهمّ المزايا التي ينفرد بها التكوين الإلكتروني عن نظيره التقليدي في نتائج سبر الآراء الذي قامت به ( RH info )  في جوان 2001 بفرنسا، حيث استجوبت 194 مقرّرا حول العديد من الأسئلة المتعلّقة بهذا النمط الحديث في التكوين، من بينها مسألة المزايا التي يوفّرها،  و كانت الأجوبة كالآتي:

الجدول رقم 2: مزايا التكوين الإلكتروني حسب سبر الآراء الذي قامت به ( RH info )      الوحدة: %
النسب المئوية
إجابات المستجوبين
8,8
لم يدلوا بأي رأي ( 17 إجابة(
20,6
تخفيض تكلفة التكوين ( 40 إجابة(
20,1
ربح الوقت ( 39  إجابة(
40,2
تشخيص التكوين ( 78 إجابة (
6,7
إمكانية معالجة عدد  أكبر من المواضيع ( 13 إجابة (
3,6
تحميس أفضل للمتعلّمين ( 7  إجابات (








     من خلال الجدول السابق نلاحظ بأنّه حدث شبه إجماع بين المستجوبين على أنّ تخطّي القيود الزمكانية، البشرية، و المالية يعدّ ميزة رئيسية يتفرّد بها التكوين الإلكتروني عن نظيره الحضوري    ( أو التقليدي ).
سيرورة عملية التكوين الإلكتروني:
     تتضمن دورة أو تربص التكوين الإلكتروني من حيث الشكل ثلاث مراحل هي:
3   المرحلة القبلية: و فيها يتعرّف المتكوّن على مضمون التكوين و مخطّط العمل انطلاقا من موقع في الأنترنيت.
3   المرحلة الوسطية: تتطلّب توفّر وصيّ ، يتدخّل أولا للتأكيد على حيثيات المرحلة القبلية ، ثمّ ثانيا لتوضيح النقاط المستعصى فهمها أثناء التكوين.
3   المرحلة البعدية: تسمح بالذهاب بعيدا في هذه الدورة التكوينية، إذ تبقى الصلة قائمة بين الوصي ّ و المتكوّنين، و هو ما يضمن فهما و استيعابا جيّدين لمضمون التكوين.
     و يتواجد التكوين الإلكتروني عموما في ثلاثة أشكال يمكن توضيحها من خلال الجدول الآتي:

                              الجدول رقم 3: أشكال التكوين الإلكتروني

التكوين دون وصاية عبر الأنترنيت فقط

التكوين بالوصاية عبر الأنترنيت فقط

التكوين الحضوري أو عبر الأنترنيت بوجود وساطة عبر الأنترنيت
تكوين شبيه لذلك المقدّم بقرص أو بشريط فيديو.
لا يقدّم الكثير من حيث القيمة المضافة.
عادة ما يتواجد كأحد البدائل المتاحة في التكوين.
يتّجه مستقبلا نحو المجّانية.

نموذج مرجعي لبدائل التكوين.
موجّه للجمهور العريض.
المشتري يدفع ثمن تكوينه عبر الأنترنيت.
يقترح الوصيّ برنامج العمل.
نموذج خاص بالجامعات، المدارس، و الهيئات التكوينية.
توفر كلّ من مضمون التكوين، الإختبارات، الوصاية، و التقييم عبر الأنترنيت.
تقليص زمن الحضور.
السماح بجعل التكوين مشخّص.
السماح بالتذكير، الرّد على التساؤلات، أو التعمّق في المواضيع.

     أمّا من حيث السيرورة، فيمكن القول أنّ التكوين الإلكتروني قد يتمّ بطريقتين هما:
3   الطريقة المتزامنة :
     أي أنّ التكوين الإلكتروني يتمّ في زمن حقيقي داخل قاعة دروس مجهّزة بحواسيب متّصلة بشبكة، انطلاقا من أرضية تكوين، من قسم افتراضي، من ندوة مصورة بالفيديو (، عن بعد بواسطة مجموعة معلوماتية موجّهة لأغراض تربوية بأقراص و وثائق متوفرة عبر الأنترنيت، عن طريق اجتماعات هاتفية، بتبادل رسائل إلكترونية و وثائق مرقمنة بأسلوب متزامن، برفقة وصيّ، أو كذلك انطلاقا من منصب عمل المتعلّمين، كلّها بدائل متوفرة للتكوين وفق هذه الطريقة.
3   الطريقة غير المتزامنة:
     و ذلك باستخدام منتديات أو أرضيات تكوين تهدف إلى متابعة المتعلّمين من قبل مكوّنين         أو وصيّين موصولين بالبريد الإلكتروني، أسئلة ذات اختيارات متعددة ( QCM )، دراسة حالات      و تمارين متوفرة عبر الأنترنيت، كلّها كذلك بدائل متوفرة للتكوين وفق هذه الطريقة.
     و تجدر بنا الإشارة إلى أنّ العديد من الباحثين بفرنسا ألحّوا على مسألة هامّة تتمثّل في أنّ        " التكوين الإلكتروني لن يقدّم حلولا بيداغوجية فعّالة إلاّ إذا كان مكمّلا للتكوين التقليدي "، و بهذا الشكل سيسمح هذا النمط الحديث في التكوين بمثلوية في الفترات التعليمية بقاعات الدروس نتيجة تدخّله في أربعة مراحل هي:
3 يتدخّل في المرحلة القبلية لتوجيه المتعلّم المستقبلي إلى مقاييس التكوين التي تناسب احتياجاته،     و يتسنّى ذلك من خلال تقييم المتعلّمين باستخدام الأسئلة ذات الاختيارات المتعددة، استبيانات تقييم القدرات، و الحالات التطبيقية.
3 يتدخّل أيضا في المرحلة الوسطية الأولى لتحضير المتعلّمين جيّدا لاستيعاب مضمون ما يقدّم من دروس داخل القاعة، و يتحقق ذلك من خلال الدروس المتوفرة عبر الأنترنيت كمدخل للتّحكم في المصطلحات التقنية التي ستكون فيما بعد محلّ تعمّق و تحكّم أكثر في قاعة الدروس.
3 يتدخّل كذلك في المرحلة الوسطية الثانية لمساعدة المتعلّمين على ترسيخ ما تلقّوه من معارف في قاعة الدروس، و ذلك بحلّ تمارين و حالات تطبيقية متوفرة عبر الأنترنيت، و الاستعانة بخبراء   و وصيّين عن طريق الاتصال بهم عبر البريد الإلكتروني.
3 و أخيرا يتدخّل في المرحلة البعدية لمعرفة نتائج تقييم التكوين من طرف المتعلّمين، تفييمهم الشخصي، و متابعة مسارهم التكويني.
     ثمّ جاءت نتائج الدراسة التي قام بها ( Club défi ) لتؤكّد و تدعّم ما ألحّ عليه الباحثون بفرنسا، حيث تمحورت الدراسة حول " استراتيجيات التكوين " و شملت عيّنة تتكوّن من حوالي أربعين منشأة فرنسية كبيرة، هذه الأخيرة أجابت على السؤال المتعلق بكيفية إشراك التكوين الإلكتروني في التربصات التكوينية التقليدية وفق ما هو موضّح فيما يأتي:

الجدول رقم 4: كيفية تطبيق التكوين الإلكتروني حسب دراسة الوحدة: %   

النسب المئوية
إجابات المستجوبين
29
 كدعامة وحيدة في التكوين
29
 في التحضير للتربّص
32
 كمكمّل للتربّص
10
 أثناء التربّص
     من قراءة الجدول السابق يتبيّن لنا أنّ 71% من المنشآت المستجوبة أقرّت بضرورة تطبيق التكوين الإلكتروني كدعامة بيداغوجية مكمّلة للتكوين التقليدي قبل، أثناء، و بعد التربّص.
تعريف تنمية الكفاءات:
     بعدما تطرّقنا إلى أبرز حيثيات التكوين الإلكتروني، سنركّز اهتمامنا على توضيح مفهوم تنمية الكفاءات، قبل ذلك نرى بأنه من الأفيد أن نُعرّف أوّلا الكفاءات، فعلى ما يبدو يرجع أصل استخدام مصطلح " الكفاءة " إلى علم النفس، حيث استخدم سنة 1920 في مضامين تربوية، ثم تجسد استعمال هذا المصطلح أكثر في العمل الذي قام به" ماك سيلاند " سنة 1970  ـ من خلال كتابه المعنون  بـ  " testing for competence rather than intelligence " ـ في إطار تنمية الحركة الأمريكية   للكفاءة .
     أما فيما يتعلق بتعريف الكفاءة فقد وردت العديد من التعاريف في هذا الصدد، و ذلك باختلاف الباحثين و الدارسين لهذا المجال؛ فمن أقدمها نذكر ذلك التعريف الذي قدمه عالم اللسانيات " شومسكي" للكفاءة بأنها " دراية المؤلف بلغته "، فالدراية هي أساس الكفاءة، حيث تمثل " مزيجا تطوريا من التجارب، القيم، المعلومات،و الخبرات التي تشكل بدورها إطارا لتقييم و إدماج تجارب و معلومات جديدة إذن الدراية هي القاعدة المرجعية لتشكيل المعرفة، هذه الأخيرة تدخل كعنصر جوهري في الكفاءة ، و تنقسم إلى معرفة ضمنية تبنى من التجارب الشخصية يصعب نقلها من شخص لآخر، و معرفة صريحة يمكن تداولها بسهولة بين الأفراد بفضل المزايا التي يوفّرها استخدام التكنولوجيات الحديثة للإعلام و الاتصال.
     بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعريفها بأنها " القدرة على حلّ المشاكل المهنية ضمن إطار معطى "     فالكفاءة مكتسبة حسب هذا التعريف، إذ يتم تشكيلها من خلال الخبرة التي تُراكمها الموارد البشرية نتيجة مواجهة أوضاع العمل، و بالتالي يمكن اعتبار المعرفة العملية ـ بالإضافة إلى المعرفة ـ عنصرا جوهريا آخر تتضمنه الكفاءة.
     أمّا من وجهة نظر إستراتيجية، فيمكن تعريف الكفاءات بأنها" مجموع المعارف العملية التي تضمن تميزا تنافسيا في السوق، فالكفاءة الأساسية تعزز الوضع التنافسي للمنشأة داخل تشكيلة المنتجات أو الخدمات" ، و بالتالي فالمنشأة التي تتوفر على كفاءات يعني أنّ لها ميزة تنافسية تمثل إحدى نقاط القوة ـ حسب نموذج SWOT ـ التي تدعّم بها قدرتها التنافسية.
     بالإضافة إلى ما سبق، علينا التمييز بين " الكفاءة الفردية التي تتمثل في القدرة على استخدام الدرايات و المعارف العملية المكتسبة معا من أجل التحكم في وضعيات مهنية معينة و تحقيق النتائج المنتظرة، هذا من جهة. و من جهة أخرى، الكفاءة الجماعية التي لا تعتبر محصلة جمع الكفاءات الفردية، بل تتجسد في أثر التداؤب الذي يتحقق نتيجة اندماج الكفاءات الفردية التي تتقاسم ثقافة مشتركة للمنشأة، و معرفة عملية تنظيمية جماعية.
     و التعريف الأرجح للتبنّي حسب اعتقادنا هو ذلك الذي جاء به " لو بوتيرف "، حيث يرى بأنّ تعريف الكفاءة يتعدد بحسب المنظمات و ظروف العمل و هو ما سنوضحه من خلال الشكل الموالي:

الشكل رقم 3: تعدد تعريف الكفاءة

     الوصفة الضيقة                                                            الوصفة المفتوحة                                      

    المنظمة التايلورية                                                      منظمة " المهنة التامة "                                                                                    
                             " التواجد بكفاءة "             " التواجد بكفاءة "  
                                                                



                               المعرفة العملية              المعرفة السلوكية           
                           ( تنفيذ عملية موصوفة )        و التفـاعـلية
                                                         ( تسيير وضعيات معقدة و وقائعية؛
                                               القيام بمبادرات؛ مواجهة وقائع ؛  التنسيق )

     من خلال الشكل السابق نلاحظ بأنّ تعريف الكفاءة يتطور تبعا لزالق (curseur) ينتقل بين قطبين هما:
ـ قطب ظروف العمل المتميزة بالتكرار ، الروتين ، البساطة ، التنفيذ الحرفي للأوامر و   التعليمات   ، و الوصفة الضيقة،
ـ قطب ظروف العمل المتّسمة بمواجهة المخاطر، التجديد، القيام بمبادرات، و الوصفة المفتوحة.
     و على هذا الأساس، يكون تعريف الكفاءة متغيرا تابعا لظروف العمل و خصائص المنظمات؛ فعندما يتواجد الزالق في القطب الأول، ينحصر تعريف الكفاءة في المعرفة العملية فقط، و يتّضح لنا ذلك من خلال التنفيذ الصارم للأوامر و التعليمات، و مثل هذه التعاريف يتم تبنيها في بيئة تايلورية.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                       
     و إذا تواجد الزالق في القطب الثاني، فهذا يعني أنّ تعريف الكفاءة يتجسد في المعرفة السلوكية      و التفاعلية، بمعنى الإجابة على السؤالين: " معرفة ماذا نعمل ؟ " و " متى ؟ "؛ فعلى المورد الكفء أن يعرف كيف يتصرف قبل ( للإستباق )، أثناء ( للتقليل قدر المستطاع من فترة المشاهد    الكوسمولوجية )،  و بعد الأزمات ( لاستخلاص العبر و الدروس ) ؟، أن يتحلى بروح المبادرة      و الإقدام، أن يتحمل المسؤولية و يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب باختصار يمكننا القول بأنّ الكفاءة هي أداء العمل بانفتاح وراء حدود الوصفة التايلورية الضيقة.
     أمّا ما يتعلق بتنمية الكفاءات، فيمكن تعريفها بأنها " الإجراءات المتخذة من قبل المنشأة لتنمية قاعدة كفاءاتها. بعبارة أخرى، تنمية الكفاءات هي ذلك المزيج من الطرق، الوسائل، و النشاطات التي تساهم في رفع مستوى أداء الكفاءات التي تتوفر عليها المنشآت. هذا التعريف يقودنا إلى طرح السؤال الآتي: كيف يساهم التكوين الإلكتروني بدوره في تنمية الكفاءات ؟
التكوين الإلكتروني و تنمية الكفاءات:
     يعدّ التكوين فاعلا أساسيا ضمن الوسيلتين الرّئيسيتين لتنمية الكفاءات و هما:
3   القيام بنشاطات لتنمية قاعدة كفاءات الموارد البشرية التي تتوفر عليها المنشآت:
     بإمكان المنشآت أن تثري قاعدة كفاءات مواردها البشرية بممارسة عدة نشاطات يأتي توضيحها في الجدول الموالي:
الجدول رقم 5: النشاطات الممارسة لتنمية قاعدة الكفاءات الداخلية للمنشآت الأوروبية الصغيرة      و المتوسطة خلال سنوات 1999 ـ 2000 ـ 2001

عدد العمال

قائــــــمة النشــــــــاطات
( 50 ـ 249)
(10 ـ 49)
( 0 ـ 9)




78
70
57
 زيارات الصالونات و المعارض التجارية
54
38
19
 المحاضرات / الملتقيات / الندوات المقدمة من طرف الموارد البشرية للمنشأة
70
56
39
 المحاضرات / الملتقيات / الندوات المقدمة من طرف مكوّنين خارجيين
41
22
17
 زيارات للدراسة
29
17
8
 الدوران على المناصب ( في الداخل أو في منشآت أخرى )
27
20
10
 نشاطات إرشاد و توجيه الموارد البشرية
58
39
36
 ترقية مطالعة الأدبيات المهنية
39
32
21
 التعاون مع مستشارين لتنمية الكفاءات الداخلية
56
46
32
 اجتماعات الموارد البشرية لتبادل المعارف
5
5
4
 نشاطات أخرى
                                                                                                              لوحدة:%  مصدر
     من خلال الجدول السابق يتّضح لنا أنّ زيارات الصالونات و المعارض التجارية، المحاضرات / الملتقيات / الندوات المقدمة من طرف مكوّنين خارجيين، ترقية مطالعة الأدبيات المهنية، واجتماعات الموارد البشرية لتبادل المعارف، النشاطات الرئيسية المستخدمة من طرف مختلف أنواع المنشآت الأوروبية حسب أحجامها في تنمية قاعدة كفاءاتها الداخلية.
3   الحصول على كفاءات من مصادر خارجية:
     قد تلجأ المنشآت إلى مصادر خارجية لتنمية قاعدة كفاءاتها، و يتم التعرف على هذه المصادر من خلال الجدول الآتي:
الجدول رقم 6: لجوء المنشآت الأوروبية الصغيرة و المتوسطة إلى مصادر خارجية لتنمية قاعدة كفاءاتها خلال سنوات 1999 ـ 2000 ـ2001
                                                                                         الوحدة:%

عدد العمال

قــــائمة المصـــــادر الخــــارجية
( 50 ـ 249)
(10 ـ 49)
( 0 ـ 9)




48
27
13

 توظيف الموارد البشرية  بالكفاءات الجديدة المكتسبة

26
20
14
 محافظي الحسابات و البنوك
35
24
18
 المستشارين
40
34
33
 الزبائن و / أو الموردون
16
12
13
 مقاولون آخرون ( خارج علاقات الأعمال )
35
27
15
 مراكز التكوين / الجامعات ( العمومية و الخاصة )
36
26
20
 الجمعيات المهنية
17
9
8
 السلطات العمومية
4
3
5
 أطراف أخرى
     تسمح لنا قراءة أرقام الجدول السابق بإبداء الملاحظتين الآتيتين:
ü  بصفة عامة، يمكن القول أنّ هناك تفاوتا في اللجوء إلى المصادر الخارجية حسب حجم المنشآت، حيث يتزايد كلّما انتقلنا من المنشآت الصغيرة جدّا إلى المنشآت المتوسطة باستثناء المصدرين الخارجيين المتمثلين في المقاولين الآخرين و الأطراف الأخرى،
ü  يعتبر الزبائن و / أو الموردون، الجمعيات المهنية، المستشارين، مراكز التكوين / الجامعات،     و محافظي الحسابات و البنوك المصادر الخارجية الرئيسية التي تعتمد عليها المنشآت لإثراء قاعدة كفاءاتها.
     و لا يُستثنى التكوين الإلكتروني ـ كأحد الأساليب الحديثة في التكوين ـ من كونه دعامة مساعدة على تنمية الكفاءات، و هو ما يتّضح لنا من خلال الدراسة التي قام بها كلّ من Whetten,] Cameron,etWoods [ في سنة 2000، و هي تعتبر من أشمل الدراسات التي تمّ إجراؤها حول الكفاءات التي ينبغي على الإطارات التّحكّم فيها للتصرّف بكلّ فعّالية في التنظيمات المعاصرة         ( منها الشبكية، المستقيمة، المرنة، الخلوية، خفيفة الحركة )، و يساهم التكوين الإلكتروني في تنمية بعض محاور هذه الكفاءات، مع إمكانية امتداد إسهامه تدريجيا ليشمل كلّ محاور النموذج المقترح من طرف هؤلاء الباحثين)، و الموضّح أدناه:

الشكل رقم 4: نموذج محاور الكفاءات الواجب تنميتها في إدارة الموارد البشرية

 

هذا النموذج يصلح حتى للأشخاص العاديين من أجل أن يكونوا فاعلين سواء في مجتمعهم أو منازلهم أو مؤسساتهم حيث تمنح الشخص و تساهم في تطوير ذاته و نفسيته سواء تجاه نفسه أو تجاه الغير كما تسمح له بمعايشة الواقع أكثر و الاحتكاك به و معالجة جميع المشاكل و العقبات هي حلقة فرض الذات داخل البيئة التي تعيش فيها .
     يمكن للتكوين الإلكتروني أن يساهم في تنمية كفاءات التأطير بمختلف جزئياتها الموضّحة أعلاه، و ذلك عبر العديد من الحلول التي يقترحها، نذكر من ذلك توفير كلّ من شبكات التشخيص التحضيرية للتكوين و شبكات التقييم الذاتي على الأنترنيت، وكذا الشأن بالنسبة للمراسلات مع المكوّنين، فرق المحادثة مع المتكوّنين، الأعمال التطبيقية الفردية و الجماعية، دراسة حالات، تمارين المقابلات و الاتصال الكتابي ( البريد الإلكتروني ) و الشفوي ( الندوات المصوّرة بالفيديو )، كما يعتبر الحلّ الجماعي عن بعد للحالات التطبيقية من طرف الموارد البشرية لنفس المنشأة إسهاما كبيرا لحلول التكوين الإلكتروني .
التكوين الإلكتروني، التسيير الإلكتروني للموارد البشرية، الإدارة الإلكترونية، إدارة المعارف، تنمية الكفاءات: عن أيّ علاقة نتحدّث ؟
     بعدما تعرّفنا على كيفيّة إسهام التكوين الإلكتروني في تنمية الكفاءات، نحاول أن نوسّع دائرة العلاقات لتشمل عيّنة أخرى من العناصر الفاعلة داخل اقتصاد المعرفة، كمحاولة بسيطة لتوضيح حركية بعض هذه الجزئيات التي يحتويها الكلّ المتمثّل في الاقتصاد غير المادّي، و يمكن التعبير عمّا سبق من خلال الشكل الآتي:
الشكل رقم 5: العلاقة بين التكوين الإلكتروني و كلّ من التسيير الإلكتروني للموارد البشرية، الإدارة الإلكترونية، إدارة المعارف، و تنمية الكفاءات


     من خلال إلقاء نظرة على الشكل السابق نلاحظ بأنّ التكوين الإلكتروني يعدّ بمثابة حلقة الوصل مع باقي العناصر الأخرى؛ حيث يرتبط أوّلا مع التسيير الإلكتروني للموارد البشرية باعتباره إحدى وظائفه و تطبيقاته التي تعتمد بالدرجة الأولى على الانترنيت و مشتقاته ( الانترانت و الإكسترانت ).
     و يرتبط ثانيا مع الإدارة الإلكترونية من حيث يعتبر مرافقا بيداغوجيا و تقنيا لها يساهم في تكوين الإطارات في بيئة إدارة إلكترونية تتطلّب التّحكّم في جملة من الكفاءات ( كفاءات بين الأشخاص، كفاءات داخل الأشخاص، و كفاءات العمل في جماعة ) .
     كما يرتبط ثالثا مع إدارة المعارف، بل هناك من الباحثين من يحاولون التقريب بين العنصرين،  و بالتالي بين المقاربتين الآتيتين:
3   تسمح إدارة المعارف برسملة و تقاسم المعارف و الدرايات.
3   يمكّن التكوين الإلكتروني من بثّ الدرايات، تنمية / إنتاج الكفاءات و المعارف العملية.
     و ترتكز الصلة التي تربطها إدارة المعارف مع التكوين الإلكتروني على المبادلات الجانبية      و العمودية التي تحاول تحريكها و تدعيمها داخل المنشأة، وعلى هذا الأساس ينبغي أن يكون التكوين من نفس الطبيعة؛ أي محفّزا على تنمية التفاعلات بين المتعلّمين و المكوّنين من جهة، و ما بين المتعلّمين من جهة أخرى،و هو ما يسمح بترقية التكوين ليصبح تكوينا تشاركيا ـ كما اقترحه  Prax ـ على مختلف المستويات ( الإعداد، الإنجاز، و التقييم )، كما اقترح أيضا تبنّي العديد من أنماط التعلّم لتسهيل التناوب بين حيازة الدرايات التصوّرية و النظرية، التطبيقية، المنهجية، و قيادة المشاريع ، و ميّز بين أربعة أنماط للتعلّم يمكن استخدامها بالتناوب انطلاقا من الحاسوب وهي (:
3   الإنصات: برامج الفيديو و الصوت؛
3   البحث: استخدام الانترنيت و التسيير الإلكتروني للوثائق ( GED )؛
3   التطبيق: مقاييس التكوين الذاتي، التقييم الذاتي، دراسة حالات، و تمارين؛
3   التبادل: المنتديات، جماعات العمل الإفتراضية.
     باختصار يمكن القول بأنّ التكوين الإلكتروني كامتداد طبيعي للتسيير الإلكتروني للموارد البشرية يسمح بتنمية الكفاءات و يساعد في إنتاج، رسملة، و تقاسم المعارف و الدرايات اللازمة للعمل في بيئة تفرضها متطلّبات الإدارة الإلكترونية، و تتفاعل هذه التوليفة باستمرار داخل الكلّ المتمثّل في اقتصاد المعرفة.
بعض النماذج العالمية في تطبيق التكوين الإلكتروني لأغراض معرفية:
     لإبراز الدور الذي يقوم به التكوين الإلكتروني في تنمية معارف و كفاءات الموارد البشرية      و تقريبه إلى الواقع العملي، ارتأينا تقديم مثالين مختصرين عن تجربتي منشأتين في تطبيق التكوين الإلكتروني لأغراض معرفية وفق ما يأتي:
3   نموذج منشأة BNP-Paribas:
     إثر الاندماج الذي حدث بين منشأتي BNP و Paribas في ماي 2000، طُرحت العديد من المسائل المعتادة و المتعلّقة بهذا النوع من العمليّات كإعادة التنظيم، إدماج منشأتين مختلفتين من حيث الثقافة، التقاسم المثلوي للموارد، و اندماج الخدمات.
     و تعتبر سياسة التكوين وسيلة ناجعة لتخطّي مثل هذه الظروف، حيث مثّل التكوين السريع      لـ 77000 موردا بشريّا في أهداف المجمّع، تقنيات و مناهج العمل المشتركة تحديّا أساسيا بالنسبة للمنشأة الجديدة، و لهذا الغرض تمّ استخدام الانترانت في تطبيق التكوين الإلكتروني إلى جانب دعامتين أساسيتين؛ تمثّلت الأولى في تخصيص حاسوب لكّل مورد بشري و توفير خدمة إرشاديّة تشتمل على: مسار تكوين المورد البشري مع حوصلة لتقييمه الذاتي، مسار متفاوض عنه مع الرئيس  و المسؤول المحلي عن التكوين، و قاعدة معطيات حول الدرايات المتعلّقة بالمهن التي تتضمّنها المنشأة، أمّا الثانية فتمحورت حول توزيع اختيارات التكوين و الاستجابة الدائمة للحاجة إلى درايات تقنية متعلّقة بالمهن.
     فيما يتعلّق بالدرايات ، يُعدّ الممرّ إلى قاعدة معطيات المهن ممكنا بالنسبة للأسئلة التقنية و الدقيقة التي تتطلّب استشارة عبر الأنترنيت لمدّة لا تزيد عن خمس دقائق، أمّا إذا تطلّبت الحاجة إلى درايات فترة زمنية أطول ( نصف ساعة ) في الإستشارة عبر الأنترنيت، سيدخل التعلّم في إطار منظّم للتكوين يقتضي من المتعلّم أخذ مواعيد مع مسؤوله المحلّي عن التكوين للعمل في إطار تعلّم بمساعدة الحاسوب.
     مع الإشارة إلى أنّ التكوين الذي باشرته المنشأة الجديدة اشتمل على التخصّصات الآتية: الإستراتيجية و تنظيم المنشأة، الإدارة، تقنيات المهن، اللّغات، و المعلمة ( Bureautique ) Roussel, ) 2001  (.
3   نموذج منشأة PSA Peugeot Citroën:
     لا يزال التكوين الإلكتروني قيد التجريب في مختلف وحدات و مصانع هذه المنشأة، و يرجع السبب في ذلك إلى قرارها بتبني هذا النمط الحديث في التكوين بطريقة متدرّجة، مهيكلة، و مدروسة،  أخذا بعين الاعتبار خصائصها، طبيعة نشاطها، و الفئة البشرية التي يمكن استهدافها من خلال هذا التكوين.
     كما قرّرت المنشأة كمرحلة أولى خوض هذه التجربة في تخصّصي المعلمة و اللّغات باستخدام التكوين الحضوري و الإلكتروني مناصفة، ثمّ الانفتاح ـ في حالة نجاح المرحلة الأولى ـ على التخصّصات التقنية كمرحلة ثانية).   
 

     يمثّل تسرّب الموارد البشرية أحد المخاطر التي ينبغي على المنشآت الحدّ منها نظرا لتأثيرها على رأسمالها المعرفي، فانتقال العامل البشري للإنتاج من منشأة إلى أخرى من شأنه التأثير بدرجة كبيرة على المزايا التنافسية المرتكزة على المعارف و الدرايات، و بالتّالي على المنشآت أن تحافظ على رصيد ذاكرتها المعرفية عن طريق رسملة فعّالة للدرايات في إطار إدارة المعارف.
     و في نفس المضمون يساهم التكوين الإلكتروني في تحقيق الهدف السابق نظرا لإحدى مزاياه التي يوفّرها و المتمثّلة أساسا في انجذاب الموارد البشرية إلى هذا النمط الحديث في التكوين و إلى هذه المقاربة الحديثة التي ترتكز على التكوين التشاركي.
     إلاّ أنّ ذلك لا ينفي ضرورة الازدواجية التكوينية بشقّيها الحضوري و الحديث في محاولة لإضفاء الفعّالية على التكوين، و جعل المتعلّم يحسّ فعلا بتحقيق قيمة مضافة لكفاءاته و دراياته.


2 commentaires:

  1. un tres bon travail félicitation

    RépondreSupprimer
  2. شكرا على المرور الطيب و لكل من مر من هنا أعرفه أو لا اعرفه أتمنى لي وله التوفيق في حياته ، و أنا أسف لو تاخرت في الرد على كل من مرة من هنا لظروف خاصة و الغائب عذره معه ـ احترام و تقدير متبادل متبادل نفيد و نستفيد من بعضنا ، 1.2.3 ................... ، مواضيع متجددة بإستمرار دائم لنرتقي إلى الأحسن دوما .
    من يملك أي بحوث دراسات خاصة ملتقيات محاضرات برامج يرجى تزويدنا بها على العنوان redhar314@gmail.com لنعرضها و نستفيد بها و كما قلت نفيد و نستفيد من بعضنا .
    لا إله إلا الله محمد رسول الله .

    RépondreSupprimer

شركنا برايك ووجهة نظرك