التحرير المصرفي
من أجل تحقيق النمو الإقتصادي سعت الكثير من الدول النامية في فترة السبعينات إلى تطبيق التدخل الحكومي ، بصفتها القادرة على إبداء النصيحة الإقتصادية ، والقادرة على توفير رؤوس الأموال الضرورية لخطط التنمية ، ولتغطية العجز في الأسواق المالية.
ساهم التدخل الحكومي على توجيه أسعار الإئتمان ، وبالتالي إنخفاض معدلات الفائدة على القروض والودائع ، ومس هذا الإنخفاض معدلات الفائدة الخاصة بالودائع ، ولم يعد للمدخرين حافزا داخل البلاد ، إذ هُربت الأموال خارج الوطن في إطار التدخل والرقابة الحكومية ، مما أدى إلى نوع من الكبح المالي ، الذي ترتب عنه المناداة بتطبيق سياسة التحرير المصرفي .
إستكملت الدول المتقدمة فعليا عملية التحرير المصرفي في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ، وبعدها شرعت العديد من الدول النامية في إجراء إصلاحات إقتصادية ، بالإنتقاال من الإقتصاد المخطط إلى الإقتصاد الحر (إقتصاد السوق) ، إذ لا يمكن للإصلاح الإقتصادي أن يحدث إلا بالإهتمام بالقطاع المصرفي ، والتعجيل به عن طريق تحرير القطاع المصرفي ، يدخل هذا في الشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي في إطار برنامج الإصلاح الإقتصادي.
يدخل التحرير المصرفي كذالك ضمن التطورات المصرفية العالمية التي تقوم على التحررمن القيود والعراقيل ، زيادة حدة المنافسة بين البنوك ، إستعمال وسائل تكنولوجية متطورة للإتصال والمعلومات ، تطبيق مقررات لجنة بازل ، و الدخول إلى) ( OMC كمنظم للعلاقات التجارية بين أعضاءه ومحرر للخدمات المالية و المصرفية .
ماهية التحرير المصرفي :
يمكن تعريف التحرير المصرفي بالمعنى الضيق ، على أنه مجموعة الإجراءات التي تسعى إلى خفض درجة القيود المفروضة على القطاع المصرفي، أما بالمعنى الواسع ، فيشمل مجموعة من الإجراءات التي تعمل على تطوير الأسواق المالية،وتطبيق نظام غير مباشر للرقابة النقدية ، وإنشاء نظام إشرافي قوي.
تقوم سياسة التحريرالمصرفي على الثقة الكاملة في الأسواق ، حيث يتم تحريرها من القيود الإدارية ،وبالتالي إعطاء لقوى السوق الجدية في العمل ،عن طريق تحرير معدلات الفائدة ،وعدم وضع حدود قصوى له ، مما يؤدي إلى زيادة الإستثمارات وتحسين نوعيتها ، بزيادة الإدخار والتحكم بالأسعار، والقضاء على الصعوبات التي تعرقل عمل الأسواق .رغم النجاح الذي عرفته سياسة التحرير المصرفي في الدول المتقدمة ، إلا أنها تشهد
صعوبات في تطبيقها في الدول النامية ، ترجع هذه الصعوبة لهشاشة إقتصادها نتيجة أعباء المديونية ، فالدول النامية تلجأ إلى طلب القروض لتطبيق برامج التنمية ، وأصبحت تعتمد على صندوق النقد والبنك الدوليين من أجل تحقيق الإستقرار الإقتصادي .هذه الظروف أدت ببعض الدول لرفض تطبيق سياسة التحرير المصرفي، نظرا لأثارها السلبية على الإقتصاد ، إلا أنه يمكن تطبيق هذه السياسة لكن بإلتزام الحيطة والحذر مع التدرج في تطبيقها ، وكذا وضع الرقابة الحذرة على البنوك من طرف البنك المركزي ، فليس المهم تطبيق سياسة التحرير المصرفي بل إدارتها بنجاح ، والتمسك بالشروط الكفيلة بتحقيق الإستقرار الإقتصادي .