أزمة العلاقات الاقتصادية غير المتكافئة
بين الدول النامية و النظام الرأسمالي
تربط دول العالم شبكة معقدة من العلاقات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية , .... ولقد عرفت العلاقات الاقتصادية العالمية تطورا كبيرا بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة ازدياد وعي الدول بضرورة تحقيق لرخاء و الرفاه الاقتصادي العالمي , وهكذا ظهرت منظمات تعمل على تنظيم هذه العلاقات وتنميتها أو تسهيل إجراء المدفوعات الناتجة عن التبادلات أو تنمية الاستثمارات الدولية و أهم هذه المنظمات BIRD – FMI وظهرت و م أ كقوة عظمى لا تضاهيها أية دولة أخرى وتمكنت دول أوربا و اليابان من استعادة قوتها الاقتصادية في نهاية الخمسينات خاصة بعد المساعدات التي قدمتها لها الو . م. أ من خلال مشروع مارشال . كما أن خلال الستينات استقلت معظم دول العالم التي كانت مستعمرة و هكذا ازداد حجم العلاقات الدولية و زادت معدلات نمو التجارة الخارجية حيث وصلت إلى 8.7% . هذا ما أدى إلى زيادة ترابط و اندماج الاقتصادي العالمي . وبدخول فترة السبعينات تعرض الاقتصاد العالمي لأزمة عارمة , حيث عرفت معظم الدول الرأسمالية ركودا واضحا في اقتصادياتها وكذلك التضخم و ارتفاع معدلات البطالة و مشكلة التلوث و أزمة الطاقة و انهيار نظام النقد الدولي وتعويم العملات .
وفي ظل كل هذه التطورات و الأزمات كانت الدول النامية تسعى إلى إيجاد مكانة لنفسها في هذا العالم , ولكن نتيجة لضعف اقتصادياتها و لكون معظمها كانت مستعمرة واقتصادياتها مخربة , لم تستطع أن تجد لنفسها مكانة قوية تؤثر بها في الأسواق الدولية . فبقيت كما كانت قبل ح ع 2 متخصصة في تزويد الدول الرأسمالية بالمواد الخام .
وعلى هذا الأساس تم تقسيم العمل الدولي إلى دول رأسمالية في الشمال متخصصة في إنتاج و تصدير السلع المصنعة الغالية الثمن و دول نامية في الجنوب متخصصة في إنتاج و تصدير المواد الخم الرخيصة الثمن , وهذا هو السبب الذي جعل العلاقات الدولية غير متكافئة . فالدول الثانية تصدر سلعا رخيصة لتستورد سلعا غالية الثمن مما أثر سلبا على عملية التنمية فيها .
ولقد ارتبط اقتصاد الدول النامية باقتصاد الدول الرأسمالية حيث تمثل الدول الأخيرة المركز الرئيسي للتجارة الدولية للدول الأولى وهذا الارتباط أدى إلى تأثر اقتصاد الدول النامية بكل ما يحدث للدولة المتقدمة , اضف إلى كل هذا ظهور الشركات متعددة الجنسية وبروز مشكلة الغذاء وتفاقم مشكلة المديونية . كل هذا زاد من عدم تكافؤ العلاقات الدولية . و تمكنت الدول المتقدمة من إعادة ترتيب عناصر القوة التي مكنتها من مواجهة كل هذه المشاكل و اتجهت نحو اقامة التكتلات الاقتصادية الكبيرة و التمسك بحرية التجارة من خلال منظمة الجات على عكس الدول النامية التي تردت فيها الأمور على نحو اكثر خطورة تحت تأثير أزمة ديونها الخارجية و انخفاض أسعار مواد الخام التي تصدرها و إحلال بعض السلع الصناعية مكانها و خضوعها للدائنين و المؤسسات الدولية .
ورغم أنه مؤخرا حاولت الدول الرأسمالية تغير موقفها من الدول النامية ومحاولة مساعدتها على تنمية اقتصادياتها , لكن هذه المساعدات إلى جانب انها غير كافية فهي عادة ما تكون مصحوبة بشروط مجحفة تقف في طريق تحقيق تنمية حقيقية لهذه الدول . كل هذا يعبر كما سبق و ان عن العلاقات غير المتكافئة بين الدول النامية والدول الرأسمالية ومن هنا نطرح الأسئلة التالية :
ما هي أهم التطورات و الأزمات التي عرفتها الدول الرأسمالية و ما هي اثار هذه التطورات و الأزمات على الدول النامية في ظل العلاقات التي تربط بين هذين العالمين غير المتكافئين ؟