انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد
E-currencies exchanger
E-currencies exchanger

lundi 9 mai 2011

البيــــــــــروقــــــراطيــــــــــة

البيــــــــــروقــــــراطيــــــــــة

يعتبر مفهوم البيروقراطية من أٌقدم المفاهيم و اعقدها على الإطلاق لما تتضمنه من معاني متعددة وفق الهدف المراد منه استعمالها ، بل هذه المعاني قد تضاربت تماما إذا ما قورنت ببعضها البعض ، و ما يميز الآونة الأخيرة أن بعض استعمالات مفهوم البيروقراطية قد أخذ طابعا سيئا وشاع استعماله على نحو يحمل في مضمونه جملة من المظاهر السيئة و التي تمس بشكل خاص الإدارة و العمل الإداري ، فأصبحت البيروقراطية تعني مجموع التعقيدات الإدارية و ما تتسم به إجراءات الإدارة من جمود في تأدية المهام الذي بدوره يؤدي إلى عرقلة التوصل إلى الحل و من ثم إلى عدم تحقيق الهدف ، عدم مرونة النظام الإداري ، عدم الاهتمام بالأشخاص ، التهرب من المسؤولية ، عدم التجديد و البطء في إنجاز المهام و الأعمال الإدارية ، الاهتمام بالمركز و السلطة بدل العمل .
و للوقوف على ماهية هذا المصطلح و ما أصبح عليه اليوم لا بد من التطرق لمن تناولوه من مثقفين و مفكرين لعقود مضت و أهم المتغيرات التي طرأت على هذا المفهوم .

السياسة الاقتصادية الكلية (نقدية ، مالية و تجارية

السياسة الاقتصادية الكلية
السياسة المالية ، السياسة النقدية ، السياسة التجارية
      مع التطورات المتسارعة لاقتصاديات الدول و ترابطها مع بعضها ، اتضح أن مفهوم الدولة الحارسة لم يعد كافيا لمسايرة معطيات و متطلبات هذا العصر ، و هذه الرؤية سادت منذ أن ساد العالم الكساد الكبير 1929 ، حيث برزت أفكار و نظريات الاقتصادي كينز ، و التي جاءت معاكسة لأصحاب النظرية الكلاسيكية التي كانت ترى أن دور الدولة يقتصر على الأمن ، الحماية ، العدالة و الدفاع و أن النشاط الاقتصادي لديه الآلية الذاتية لإعادة توازنه ، و بعد عجز اقتصاديات الدول على إعادة توازنها بطريقة آلية كما كان يرى الكلاسيكيون بدأت الشكوك تحوم حول مبادئهم ، فأوضح كينز بنظرياته كيف أن الدولة و تدخلها له دور فعال في اقتصادياتها ، و رسم لذلك السياسات الواجب إتباعها للخروج من الأزمة ، منها إقامة المشاريع العامة باعتبارها المضخة التي تنشط الدورة الاقتصادية ، تخفيض سعر الصرف لزيادة الطلب الخارجي على الصادرات و التقليل من الواردات ، و على ضوء ذلك ارتبط دور الدولة بالإحلال محل قوى السوق ، و انتشر أسلوب التخطيط المركزي و أصبح الاهتمام بالمالية العامة له حيز يشغله ، حيث تميزت هذه المرحلة بسيادة التخطيط المالي و الاقتصادي للدولة .
       و في ظل اقتصاد السوق و انفتاح اقتصاديات الدول على بعضها ، و تفاوت القدرات الاقتصادية فيما بينها توالت المشاكل فظهرت مشكلة البطالة ، التضخم ، المديونية ، العمالة ، أسعار الصرف ، و عادت مرة أخرى فكرة رفع الدولة يدها عن توجيه الاقتصاد و التحكم فيه ، و فتح المجال للقطاع الخاص وفق متطلبات العصر و مفهوم اقتصاد السوق ، و بدأت عمليات الخصخصة و سياسات تشجيع القطاع الخاص و دفع معدلات الاستثمار مع بقاء الأنشطة الرئيسية و الإستراتيجية في يد الدولة .
      و مما لا شك فيه أنه في ظل الظروف الراهنة التي يشهدها العالم من انفتاح على بعضه البعض كحتمية لا مفر منها ، فإن على الدولة دورا هاما و أساسي في إدارة الاقتصاد الكلي على النحو الذي يكفل الاستقرار و التوازن الداخلي و الخارجي ، و ضمان استقرار الأسعار و التحكم في استقرار العملة ، و منع الاحتكارات ، و تهيئة الاقتصاد للمنافسة ، هذا بالإضافة إلى الوظائف التقليدية من أمن ، دفاع و لهذا يتطلب من الدولة التدخل المدروس في الحياة الاقتصادية ، بحيث لا يمنع تدخلها هذا قوى السوق من أن تعمل بطريقة صحيحة و في نفس الوقت يتسنى لها إدارة الاقتصاد بما يتلاءم مع أهدافها التنموية ، و من هنا تبرز أهمية السياسة الاقتصادية لأي بلد و التي يعبر عنها بمفهومها الواسع أنها عبارة عن مجمل السياسات المالية و النقدية و التجارية .

الغاز الطبيعي " منظمة الدول المصدرة للغاز


الغاز الطبيعي " منظمة الدول المصدرة للغاز
 يشهـــد العالم موجة تصاعدية و طلبا متزايدا على مصادر الطاقة خاصة في ظل التطور الصناعي الحاصل ، و الغاز الطبيعي يعتبر من مصادر الطاقة الأساسية التي تعتمد عليها الدول خاصة الدول الغربية المتطورة ، فهو يسهم بنسبة 23,5 % من إجمال حجم الاستهلاك العالمي للطاقة ، و يستهلك القطاع الصناعي 44 % من إجمالي حجم استهلاك قطاع الغاز الطبيعي على مستوى العالم ، و الأكيد أن هذه المادة ستشهد طلبا متزايدا في السنوات القادمة بحكم معطيات الحاضر و التدهور البيئي الذي يشهده العالم ، و الذي بدوره و لد مفهوم جديد لدى الدول و هو البحث عن بدائل للطاقة أقل تلويثا و إضرار بالبيئة و خاصة النفط _ الذي تعتبر نسبة استهلاكه المتزايدة عالميا من الأسباب الرئيسية للتدهور البيئي _  و كذا موجة ارتفاع أسعار النفط التي يشهدها العالم  في ظل الأزمات التي تعاني منها الكثير من الدول ذات المكانة الهامة في السوق النفطية ، كلها مؤشرات تنبأ بأن الغاز سيتصدر مصادر الطاقة على المدى الطويل لامتلاكه جملة من الخصائص و المميزات ، فهو مصدر أنظف و أقل إضرار بالبيئة ، أكثر وفرة و غزارة من النفط أكثر سهولة في النقل و كذا أرخص سعرا عالميا .
     في ظـل هذه المعطيات و الاهتمام المتزايد بالغاز الطبيعي برزت للوجود فكرة إنشاء منظمة الدول المصدرة للغاز على غرار أوبك للنفط و بين مؤيد و معارض استقرت الرؤى .

     فما هي حقيقة هذه المنظمة و تداعيات إنشائها ؟ و ما هي نتائج إنشائها على الدول المصدرة و المستهلكة للغاز الطبيعي ؟ ما هي أهم العقبات التي تقف في تكوين هذا التكتل ؟ 

الهجــــرة الســـــــــرية

الهجــــرة الســـــــــرية

     الهجرة السرية ، قوارب الموت ، الهجرة غير الشرعية ، كلها تسميات لظاهرة باتت مستفحلة لدى شريحة كبيرة ، إن لم نقل السواد الأعظم ، خاصة بدول الجنوب ، شباب في مقتبل عمرهم يهجرون أهلهم و ذويهم ، يبيعون ممتلكاتهم من أجل تحقيق حلم و هدف واحد الضفة الأخرى ، و غالبا ما تكون نتيجته تحطمه على صخرة الساحل لدول الشمال ، لتضع تلك القوارب نهاية مأساوية لحياتهم ، و في أحسن الحالات الوقوع في يد حراس السواحل و ما يتبعه بعد ذلك ، ناهيك عن الذين فضلوا الموت على العودة إلى جحيم بلدانهم ، دون أن ننسى أنه تحت هذه الظروف كلها و العلم بمخاطر هذه التجربة و نتائجها المختلفة ، من موت ، سجن ، مافيا التنصير ، شبكات الدعارة و المتاجرة بالأعضاء ، المخدرات و حتى استغلالهم في ظل ظروفهم غير القانونية و غياب حقوقهم المدنية ، يتناسى المقبلين عليها مشاعر الألم و الاغتراب و فراق الأهل و الوطن ، و لمن تكتب لهم النجاة من الغرق في مقبرة البحر المتوسط و يصلون سالمين لا غانمين إلى شواطئ أوربا يهرعون إلى حرق أوراق الهوية أملا في اكتساب هوية جديدة وطن جديد ( ألهذه الدرجة أصبحت أوطانهم جحيم ) ، و أيضا صعوبة في المواءمة بين الحفاظ على النقاء العرقي والثقافي والحضاري مع ثقافة و حضارة البلدان المستقبلة لهذه الفئة .

إن حجم الظاهرة تبرزه بشكل واضح وسائل الإعلام التي نالت حظها منها سواء المقروءة أو المرئية ، فقد وجدتها مادة إعلامية دسمة ، و لم تعد هناك أخبار تخلو منها فتارة هلاك العشرات و تارة أخرى اعتقال المئات تضم فئات و شرائح مختلفة شباب أطفال نساء و حتى الشيوخ ، أطباء و محامين و تارة أخرى عدد المفقدين غير معروف ممن حاولوا المرور للضفة الأخرى .
  إن هذه الظاهرة اليوم و شدة استفحالها و انتشارها ، أصبح لها فنون يسهر على تنفيذها أناس مختصين يعملون في إطار مافيات كبيرة ، و التي تسعى في الغالب للمال ، حيث لم يعد الأسلوب المعتمد قوارب الموت فقط ، بل هنـاك عقــود العمــل المـــزورة ، الــزواج الأبيـــض ، الاختبـــاء في الحــافلات و السيارات مثلما يحدث في المغرب ، فضلا عن السفر القانوني من اجل السياحة ، العمل أو المشاركة في النشاطات الرياضية بدون رجعة ، و ما زاد من درجة استفحال الظاهرة أيضا جدلية الرفض القانوني والطلب الاقتصادي التي أدت إلى ظهور شبكات تنظيم وتوظيف هذه الهجرة عبر مناطق مرور المهاجرين السريين مقابل مبالغ مالية باهظة وهو ما يعرف بالتجارة بالأوهام  ، كما يتم أيضا استغلال اللجوء على نطــاق واســع منذ التسعينـــات لتبــرير ظــاهرة الهجــرة السرية وحتى تلك القانونية في إطار زخم ثقافة حقوق الإنسان حتى أصبح هذا الثنائي يقترن في جدلية اللاجئين ومبدأ الإنسانية لفرض حمايتهم من منظور القانون الدولي .

لم تعد ظاهرة الهجرة السرية تقتصر على الدخول بشتى الطرق الملتوية إلى التراب الوطني من طرف الأجانب الوافدين من اتجاهات متعددة كما سبقت الإشارة إليه بخصوص تعدد أروقة الدخول وإنما أصبحت هذه الظاهرة توظف وتستغل في ميادين مختلفة وعلى مستويات متباينة من قبل المهاجرين السريين أنفسهم وكذلك من طرف شبكة التهريب بأنواعه نظرا لما يدره هذا النشاط من أرباح خيالية وفي زمن قصير وبتكاليف جد محدودة :
أ- على المستوى الوطني وفي ميدان الجريمة المنظمة يتم توظيف الظاهرة في المجالات التالية:
- التهريب بجميع أنواعه ( تهريب المواد الاستهلاكية، الأدوية، الوقود، الحيوانات، العملات الصعبة).
-  التزوير بكل أنواعه (تزوير العملات خاصة العملة الوطنية، الأوراق الإدارية: شهادة الميلاد، الجنسية، بطاقة التعريف، جواز السفر).
-المتاجر ة بالمخدرات والمشروبات الكحولية، والفاحشة.
-تنظيم شبكات تهريب الأشخاص وتلك تجارة مربحة لارتباطها بالهدف المنشود لدى المهاجرين السريين الذين يدفعون في سبيله الغالي والنفيس بما في ذلك حياتهم.
-الإرهاب: يستخدم الإرهاب الهجرة السرية لتحقيق الأغراض التالية من خلال ابتزاز جماعات المهاجرين السريين الذين هم في ظروف التيه خاصة على مستوى الحدود الشرقية والشمالية الشرقية:
التجنيد. /الاستعلام.،.تأسيس معسكرات التدريب.


فبعد أن كانت الهجرة وسيلة لتلاقي الحضارات و  الثقافات ، و امتزاجها لتكوين حضارة إنسانية ، و بعد إرساء المواثيق الدولية للهجرة الشرعية التي كانت في مضمونها تدعوا لاحترام حقوق الإنسان الأساسية و ضمان لكرامته التي تجسدت في عدة مناسبات ، هاهي اليوم دول العالم أمام معضلة جديدة متمثلة في الهجرة السرية ، و التي تعتبر تحديا جديدا للمجتمع الدولي خصوصا مع تعاظم الشبكات المختصة في هذا العمل ، فهي حاليا تصنف في المرتبة الثالثة تبعا لخطورتها الإجرامية بعد المتاجرة بالمخدرات و الأسلحة ، كما أنها تعتبر عاملا مهددا للأمن القومي ، نتيجة تطور الإجرام العابر للقارات ، و جرائم الإرهاب ، و المتاجرة بالرقيق الأبيض و تنامي شبكات الدعارة ، فهي حسب القانون جريمة يعاقب عليها القانون ، و يخول المشرع في جل الدول خاصة الأوربية للمؤسسات المختصة الصلاحيات الواسعة لمحاربة الظاهرة بكل الوسائل المتاحة .

و حتى يكون الطرح موضوعي فيجب النظر و البحث فيه من عدة جوانب و التي نختصرها بالأسئلة التالية :
ماهية الهجرة غير الشرعية ؟ ماهي أسباب الظاهرة و انتشارها ؟ كيف ترى كل من الدول المصدرة للظاهرة و الدول الجاذبة لها ؟ و أيهم يتحمل المسؤولية تجاه الظاهرة ؟ ماهي الإجراءات المتخذة في ذلك ؟ و ما هي أهم المقترحات للتصدي لهذه الظاهرة ؟
هل صدقت مقولة بن خلدون عندما أقر بان المغلوب دائما مولع بالإقتداء بالغالب في كل شيء ؟ 

سيادة الدولة في ظل النظام العالمي الجديد


سيادة الدولة في ظل النظام العالمي الجديد

·        إن ظاهرة عولمة القيم التي أصبحت تسود المجتمع الدولي جعلت من الخصوصيات الوطنية المتعلقة بالأنظمة السياسية ظاهرة محدودة نسبيا ،حلل و ناقش ؟ .
·        لقد أعطت فكرة حقوق الإنسان مفهوما جديدا لسيادة الدولة من سيادة مطلقة للدولة في التصرف في شؤونها الداخلية و حريتها في اتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات داخل إقليمها ، إلى سيادة نسبية تعطي الحق للدول الكبرى و المنظمات الدولية في التدخل في الشؤون الداخلية للدول بحجة حماية هذه الحقوق ، حلل الفقرة تحليلا منهجيا مبديا رأيك في ذلك ؟ .


   إن البيئة العالمية الجديدة المبنية على أساس نظام أحادي القطبية الداعي لاقتصاد السوق و الحــــــــرية و انتشار المنظمات العالمية الحكومية و غير الحكومية ، و التكتلات الاقتصادية الكبرى أصبحت هي المحدد الأساسي للسياسة و النظام العالمي ، فالسياسة التي كانت من أبرز اختصاصات الدولة التي تحرص على عدم التفريط بها ضمن نطاقها الجغرافي بعيدا عن التدخلات الخارجية ،و التي ترتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم السيادة و ممارسة الدولة لصلاحياتها و سلطتها على شعبها و أرضها و ثرواتها الطبيعية ، أصبحت غير ثابتة في ظل هذا النظام ،فالعالم اليوم يشهد نوعا من التداخل و التشابك بين جل الدول عن طريق المعاهدات و المواثيق الدولية تحت غطاء العولمة التي كانت من أبرز إفرازات النظام العالمي الجديد ، و ما تحمله في طياتها من مفاهيم و أبعاد و التي طرحت جدل لوقت طويل ولا يزال مستمرا ، فما قيل عنها ربما أكثر من أن تحصيه كتابات الكتاب و الباحثين ، فاختلفوا حول تاريخ ظهورها ، وحول تعريفها و أسبابها و دوافعها ، واختلفت المواقف و الآراء واستقرت بين ثلاث رؤى بين مؤيد و معارض ورؤية موفقة بينهما ، فمصطلح العولمة بطريقة غير مباشرة هي ترجمة للنظام العالمي الجديـــــد و ما يحتويه من تغيرات كثيرة مست جل جوانب الحياة ،فنجد العولمة الاقتصادية التي لها وسائلها و أهدافها ،كما نجد العولمة السياسية أيضا بأساليبها و منظماتها و عولمة ثقافية و كلها تدل على أمــــــــر واحــــــــــد أن العــــــــــــالم أصبــــــــــــح أكثـــــــــــر تــــــــرابطا و تشـــــــــابــك .
     وفي ظل كل هذه المعطيات الجديدة أثيرت تساؤلات عديدة حول جملة من الأمور كانت في مقدمتها مصير السيادة الوطنية للدولة في ظل العولمة و النظام العالمي الجديد ،هذه السيادة التي تعتبر إحدى المقومات الأساسية التي تبنى عليها نظرية الدولة في الفكر السياسي القانوني ، و إحدى أهم أسس التنظيم الدولي التي تنظم العلاقات بين الدول و تحدد حقوقها وواجباتها ، فبين معطيات الحاضر و محصلات الماضي أصبحت الآراء تتعدد و تتنوع بين من يرى أن سيادة الدولة ستزول في ظل معطيات الحاضر ، و من ينظر إلى تقليص مجالاتها و الحكم على نسبيتها ،ومن يرى بروز حكومة دولية لها قوانينها عن طريق الهيئات و المنظمات العالمية ، و تغير المهام التي كانت تضطلع بها الدولة سواء بالتنازل عن بعض منها أو بتوكيل مهام أخرى على عاتقها ، و بين من يدافع عن استمرارية السيادة كونها مكسب للــــدولــــة وحـــــدها ،ولا تملك أي دولـــة الحــــق في التــدخــــل في شـــــؤونهـــا .

فما هي الفروق بين سيادة الماضي و السيادة الحالية للدولة ؟ و ما هي مظاهر تأثر سيادة الدولة بالوضع القائم حاليا ؟ هل سيادة الدولة تأثرت فعلا بفكرة حقوق الإنسان لوحدها أم أن هناك أشكال أخرى لتأثر سيادة الدولة بمعطيات العصر ؟

منظمة أوبك

منظمة أوبك
The Organization of the Petroleum Exporting Countries OPEC
إن أهم ما يميز هذا العصر ترابط الأسواق العالمية مع بعضها البعض ، وظهور المنظمات الدولية باختلاف أشكالها و أهدافها ، وكذا ظهور مفهوم التكتلات الاقتصادية التي لها دور بالغ في التأثير على الاقتصاد العالمي و رسم السياسات على جميع الأصعدة ، ومن بين هذه المنظمات التي كانت لها أثرها البالغ على الساحة الدولية نشأة أوبك منظمة الدول المصدرة للنفط ( OPEC) ، فقد كانت هذه المنظمة طرف فاعل و مؤثر في الاقتصاد العالمي ، وقبل الخوض في أبعاد هذه المنظمة و ما تسعى لتحقيقه ، لا بد من الإشادة بالظروف التي سبقت إنشاء هذه المنظمة و كذا الأسباب التي أدت إلى بلورة إنشاء هذه المنظمة .
كانت الاتفاقيات في مجال الأنشطة البترولية تجري بين طرفين أحدهما رئيسي و يتمثل في شركات البترول العالمية و الطرف الثانوي متمثل في الحكومات المضيفة المنتجة للبترول ، فالشركات البترولية العظمى أو كما أصطلح على تسميتها الشقيقات السبع ممثلة بخمس شركات أمريكية هي موبيل ، إسو ، ستاندرداويل أوف كاليفورنيا ، قولف و تكساكو ، وواحدة بريطانية ممثلة في بريتش بتروليوم و أخرى بريطانية هولندية هي شركة شل ، كانت هذه الشركات تملك جميع الامتيازات في الدول المضيفة من المنبع و حتى وصول النفط إلى المستهلك ، و تتحكم في تسخير البترول في خدمة العالم الصناعي الذي تنتمي إليه هذه الشركات ، و كانت الدول المضيفة تستلم حصتها المحدودة من أرباح عملية إنتاج البترول الخام التي تحددها الشركات كما نصت عليه اتفاقيات الامتياز ، حيث تحصل الشركات على القدر الأكبر من الأرباح و تترك الفتات للحكومات المضيفة .
و بعد أن نالت الدول المنتجة لمادة النفط استقلالها ، أعيد النظر في الاتفاقيات المبرمة مع هذه و كانت نقطة التحول في مطلع الخمسينات إذا بدأ بتطبيق مبدأ " المناصفة في الأرباح " و هذا ما أدى بالشركات أيضا بإعادة النظر في سياستها التسعيرية و أصبح تحديد السعر في يدها ، فضلا عن اهتمام الدول المضيفة بهذه النقطة ، كون أن هذه الأخيرة تعتبر مورد مالي رئيسي لهذه الدول و يجب تعظيم المنافع منها على جميع الأصعدة و في جميع المجالات .
فكانت البداية بالتلاعب بأسعار البترول من طرف هذه الشركات بما يحقق أقل عائد للدول المضيفة و التأثير في حجم العوائد لصالح هذه الدول ، و هذا هو الدافع الرئيسي و الأساسي للدول المنتجة للنفط للتفكير في إنشاء جهاز قوي يمثلها في التفاوض مع الشركات الكبرى و يقف في مواجهتها و يحقق أكبر مكاسب للدول المعنية .
كانت المبادرة من طرف خمس دول و هي السعودية الكويت العراق إيران و فنزويلا في بغداد سنة 1960 تم الاتفاق على إنشاء منظمة الدول المنتجة للنفط لمواجهة الشركات النفطية العالمية ، مقرها بعاصمة النمسا ، قوة هذه المنظمة مستمدة من حجم النفط الذي تتربع عليه ، فهي تستحوذ على 40 بالمائة من الناتج العالمي و 70 بالمائة من الاحتياطي العالمي .
أهداف المنظمة :
* وضع حد لنشاط الشركات الأجنبية و مراقبتها و تأسيس شركات نفطية وطنية
* تنسيق السياسات النفطية بين الأعضاء بما يخدم مصالحها مجتمعة و منفردة
* العمل على رفع أسعار البترول في حدود تضمن لها ديمومة معدلات التنمية و كذا المحافظة على أسعار السلع المستوردة .
* العمل على ضمان دخل ثابت من البترول لدول المنظمة بالعمل بقاعدة سقف الإنتاج و نظام الحصص .
* العمل من أجل الحصول على تكنولوجيا التكرير من الدول المتقدمة
* مواجهة الاحتكارات في السوق الدولية البترولية
* قصور العلاقات الثنائية و ضرورة الاهتمام بتشكيل تكتل يمثل الدول المصدرة للنفط
* استخدام البترول كوسيلة وقوة اقتصادية للتعبير عن المواقف السياسية
أحداث ميزة مسيرة المنظمة و تطور أسعار البترول :
• الصدمة البترولية 1979 لقيام الثورة الإسلامية في إيران ما أدى لزيادة الأسعار وكذا الحرب العراقية الإيرانية .
• بروز قوة المنظمة و قوة النفط كسلاح إستراتيجي عقب المعركة العربية الإسرائيلية 1973 و ذلك بتخفيض الإنتاج و التصدير الذي بدوره أثر بشكل كبير على الدول الغربية الصناعية كون هذه المادة أساسية لممارسة جميع نشاطاتها المختلفة ، كما تم حظر تصدير البترول لأمريكا وكذا هولندا لمساندتها لإسرائيل .
أهم التحديات التي تواجه المنظمة :
لقد عانت أوبك عدة تحديات و ضغوط تناوبت بين داخلية وخارجية :
* كأول تحدي واجه المنظمة عجزها عن ضم جل الدول المنتجة للنفط تحت كنفها ، كون أن هذه الأخيرة ترى أن المنظمة و نظام الحصص الذي تعتمده سينعكس سلبا على موادها ، خاصة و أن الطلب العالمي على أنواع معينة من النفط يشد إقبالا و طلبا عاليا على اختلاف أنواع النفط الأخرى مثل النفط الليبي ، أو الخوف من خسارة المكانة التي تحتلها بعض الدول في هذا الجانب مثل روسيا و النرويج لم تنضما إلى المنظمة لما تمثله هاتان الدولتان بالخصوص من ثقل في الإنتاج العالمي للنفط لاحتلالها المرتبة الثانية و الثالثة على التوالي بعد السعودية .
* مشكلتها في تحديد الأسعار مع الدول غير الأعضاء و كذا الحصص مع أعضائها ، حيث إن إنفراد الدول غير المنظمة بسياستها الخاصة ربما سينعكس سلبا على سياسة المنظمة ، و كمثال ربما تضع المنظمة خطة لتقليل حجم الإنتاج لضمان استقرار الأسعار أو لتحقيق أهداف أخرى ، لكن بالنسبة للدول غير الأعضاء فهي تعتبر ظرف مواتي لزيادة الإنتاج لتعظيم العوائد و بهذا يقل مفعول السياسة المتبعة .
* أوبك ولدت مفهوم جديد للدول الغربية و هو سياسة مخزوم النفط حيث تعمل هذه الدول على تخزين النفط و التوسع في استيراده في ظل ظروف مواتية و تستخدمه في حالة عوارض كارتفاع غير مسبوق لأسعار النفط نتيجة الطلب المتزايد عليه حيث يتم استخدام المخزون لموازنة الطلب و تحقيق استقرار في الأسعار حتى لا تتضرر اقتصادياتها .
* إن أوبك دفعت الدول الغربية للاهتمام بالبحث عن بدائل للطاقة و هو يمثل تحدي لها على المدى الطويل .
* الدول الغربية سعت و مازالت تسعى لتشويه هذه المنظمة كوصفها بالمنظمة الاحتكارية التي تهدف للسيطرة و التحكم في أسعار هذه المادة الإستراتيجية و تهدد استقرار الاقتصاد العالمي .
* رغم ارتفاع المداخيل البترولية في الآونة الأخيرة إلا أن انخفاض قيمة الدولار كونه العملة الأساسية في المعاملات النفطية و مرجع في تسعيرها يعتبر استنزاف لتلك المداخيل .

إن قوة منظمة أوبك لم تعد تخفى على أحد كونها تملك أهم سلاح يدير العالم اليوم النفط ، وحتى لا يكون هناك بلدان منافسة للمنظمة يلجأ أعضائها لضم أكبر عدد لها عن طريق خفض الأسعار في حالة وجود منافسة قوية ، حتى تكون فعلا في موقع ريادي في تزويد السوق العالمية بحاجياته من النفط و استغلال قوتها على أتم وجه في شتى المجالات و بلورة المواقف على جميع الأصعدة .

الحوار شمال جنوب


الحوار شمال جنوب

      إن إعادة النظر في دراسة علاقات التعاون أصبحت حتمية لا مفر منها ، كون أن التقوقع و الانعزال هما من العوامل الأساسية التي تبقى الدول في كنف التشتت و التهميش العالمي ، خاصة في ظل تطور العلاقات الدولية على جميع الأصعدة ، وكذا تدهور العلاقات بين الشمال الغني و الجنوب الفقير هذا بالإضافة إلى الفجوة التكنولوجية بين الطرفين ، و التي بدورها خلقت تباين في التنمية الاقتصادية و الهياكل السياسية و الاجتماعية ، لقد كانت الدول النامية و مازالت في هامش منظومة الرأسمال العالمي و غيابها عن الساحة السياسية ، كون أن جل المنظمات العالمية و أغلب قراراتها تصب في صالح الدول الغربية و من أجل تعزيز العلاقات بين كافة الدول كان الحوار هو السبيل الأمثل ، و ذلك على عكس ما تم إقامته من علاقات قائمة على المصلحة و الهيمنة من قبل دول الشمال تقابلها التبعية و التخلف من قبل دول الجنوب ، و قد حاولا كلا الطرفين تحت ظروف عديدة مرت بها العلاقات الدولية بلورة فكرة الحوار في العديد من المناسبات ، فالدول الأوربية عملت على تطوير أشكال التعاون مع الدول المتوسطية باستمرار بحيث وصل هذا التطور إلى إحلال اتفاقيات شراكة محل اتفاقيات التعاون القديمة القائمة على أساس منح بعض الامتيازات التجارية و بعض أشكال الدعم و المساعدات المالية .

فماذا نقصد بالحوار شمال – جنوب؟ و ما هي أسابه و أهدافه ؟ هل تم تجسيد ذلك على أرض الواقع ؟

     إن المراقبين و الباحثين يجمعون على أن الحوار بين الشمال و الجنوب تبلور بشكل واضح في السبعينيات و خاصة بعد الأزمة النفطية ، فقد برز النفط ليس كمادة أولية مميزة فحسب بل كسلاح إستراتيجي ذي أثر مهم في موازين الصراع الإقليمية و الدولية ، و كذا منذ إنشاء مجموعة 77 سنة 1964 التي تمثل مجموعة من الدول النامية و التي حليا وصل عددها إلى 130 دولة ، مجموعة 77 كان أول اجتماع رئيسي لها بالجزائر سنة 1967 و الذي بموجبه تم إنشاء الهيكل التنظيمي لهذا المجموعة ، و حاليا هناك ممثلون عن المجموعة في كل من منظمة الأغذية الزراعية – الفاو- و منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية – اليونيدو- و منظمة الأمم المتحدة للتربية و التعليم و الثقافة – اليونسكو- و منظمة الأمم المتحدة للبيئة – اليونيب- و صندوق النقد الدولي و البنك الدولي .

     ففي أعقاب حرب 1973 ظهرت قوة النفط كسلاح ، حيث عقد اجتماع للدول العربية المصدرة للنفط و قرروا رفع الأسعار بنسبة 70 بالمائة و اتفقوا كذلك على خفض الإنتاج إلى 50 بالمائة ، و تم إصدار بيان مضمونه أن هذه الآلية في الإنتاج ستستمر حتى يتم انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي المحتلة ، و هكذا ظهر النفط كقوة اقتصادية و قوة سياسية ، و قد توالت التصريحات بعد اتخاذ هذا الإجراء من طرف عدة مسئولين فوزير الخارجية الفرنسي أعلن " أن الحوار بين العرب و أوربا هو أحد الآمال و الاهتمامات لكلا الجانبين ، و آخر أقر " بأن عصر الطاقة الرخيصة الذي قامت عليه اقتصاديات الدول الصناعية الغربية قد أتى فجأة إلى نهايته " .

     إن آثار حرب أكتوبر كان لها الأثر الواضح على حتمية انطلاق الحوار بين الطرفين شمال جنوب من خلال استخدام الدول العربية المنتجة للنفط لسلاح البترول بوسائل مختلفة مثل المقاطعة و خفض الإنتاج و رفع الأسعار ، و جل الباحثين في مجال الطاقة البترولية يقرون بأنه خلال الفترة ما بين 1950 و 1973 كان سعر البترول مقوم بأقل من سعره الحقيقي بحوالي 50 بالمائة ، و كما ذكر الرئيس الجزائري  هواري بومدين " أنه لأكثر من عشرين عام الدول المصدرة للبترول قد مولت التنمية الصناعية الغربية ".
بعد هذه الحرب و الأحداث شعر الغرب بأهمية هذه المادة الإستراتيجية و خطورة غيابها و مدى تأثيرها على نشاطها الاقتصادية ، أما في الوقت الراهن و مازاد الأمر اهتماما أكثر بان الحوار يجب أن يكون السبيل لتحقيق تنمية عادلة بين الشمال و الجنوب هو بروز فكرة أنشاء تكتل للدول المنتجة للغاز ، فبعد " أوبك للبترول " هناك تلميحات بإنشاء " أوبك للغاز " و ازدادت معها مخاوف لدى الدول المستهلكة للغاز كمصدر طاقة أساسي و خاصة الو م أ و الإتحاد الأوربي فالدول الصناعية تزداد يوما بعد يوم تبعية في مجال الطاقة التي و من سنة إلى أخرى ستزداد حاجاتها لها ، فالغاز خاصة في الظروف الراهنة المتعلقة بالبيئة سيتربع بلا شك على عرش الطاقة ، كما أن الدول التي دعت لإنشاء هذه المنظمة و متمثلة في كل من إيران فنزويلا روسيا قطر و الجزائر مؤمنون أن إنشاء أوبك للغاز من شانه أن يضمن نتائج إيجابية للدول المصدرة للغاز ، و يوطد مكانتها في أسواق الغاز الطبيعي العالمية بل يمكنه أن يزيد من ثقلها على المسرح السياسي العالمي ، و الدليل على ذلك أن الو م أ و الإتحاد الأوربي أعربتا عن مواقفهما المعارضة لتشكيل هذه المنظمة لأنهما تريان أنها سوف تسيطر على أسواق الغاز الطبيعي العالمية و تحتكرها ، فدول الجنوب بالخصوص أدركت أنه يجب التخلص من مفهوم التبعية و السياسة المفروضة التي تنتهجها دول الشمال و المؤسسات الدولية ممثلة في صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و الشركات متعددة الجنسيات حيث أن سياسة صندوق النقد الدولي تحددها دولتان هما الو م أ و بريطانيا ولدت معها مشكلة الديون و التي أثقلت كاهل الدول النامية ، كما أن الشركات متعددة الجنسيات التي كانت تحتكر الأنشطة الإستراتيجية لقوتها الاقتصادية و التكنولوجية وصفتها الاحتكارية جعلها تدخل كمستغل لثروات البلدان النامية لا كمساعدة لها ، فالحوار لا غنى عنه في هذه الظروف حيث يجب أن يبنى على أساس العدالة و المنفعة للطرفين لا على أساس الاستغلال و الهيمنة و العلاقات غير المتكافئة فعلى الغرب أن يدرك بان شروط الحوار و الشراكة تغيرت و أن وفرة الأموال ( خاصة في ظل الظروف المواتية للأسواق البترولية ) ستسمح للبلدان المنتجة للنفط و الغاز شراء ما يلزمها من التقنيات و الخبرات من الدول الصناعية دون أن تقع في شرك التبعية لدولة أو جهة محددة ،و هذا ما جعل فكرة الحوار بين المنتجين ( دول نامية ) و المستهلكين ( دول الشمال الصناعية ) تتعمق أكثر ، و أن سياسة المساعدات و القروض التي تبنتها الدول الصناعية في تحقيق التنمية سياسة فاشلة .

     هذا إلى جانب بروز العديد من المشاكل التي تتطلب تعاون ، و تكاثف دولي لمواجهتها ، كتجارة الأسلحة المخدرات ، الجريمة المنظمة ، الإرهاب و الأمن ، الهجرة السرية ، البيئة كلها أمور تعزز الحوار أكثر من ذي قبل ، و عليه فإن الحوار و التعاون شمال جنوب يجب أن يشمل أمور عدة :   
-         يجب أن يمس الحوار الجوانب السياسية و الأمنية
-         يجب أن يمس الحوار الجوانب الاقتصادية و المالية
-         يجب أن يمس الحوار الجوانب الثقافية و الاجتماعية

و على أساس ما تم ذكره فغن أساس الحوار نابع من كلا الطرفين لعدة أسباب و معطيات يمكن ذكرها كمايلي :

فبالنسبة لدول الجنوب :

-         إن الدول النامية تحصل على قليل من القيمة المضافة على أسعار المواد الأولية و السلع الأساسية التي ت
صدرها إلى الدول الصناعية ، كما نجد أن عددا كبيرا من الشركات المتعددة الجنسيات تحتكر مجمل عمليات الإنتاج حتى التوزيع النهائي .
-         مجمل الاتفاقيات القديمة تتميز بعدم الإنصاف و أنها تعود بالنفع على دول الشمال على حساب الجنسيات دول الجنوب
-         ازدواجية النظام الليبرالي ففي حين يدعوا لتحرير التجارة و إلغاء الرسوم الجمركية هو يمارس التضييق على تدفق السلع التي تصدرها الدول النامية بشروط تعجيزية خاصة في ظل  غياب التكنولوجيا كان يفرض شروط على السلعة المستوردة أو بممارسة سياسة حمائية على عكس ما يدعوا له النظام الرأسمالي .
-         انعدام مشاركة الدول في صنع القرارات الدولية و يظهر ذلك بالخصوص في القرارات التي يتم التوصل إليها على مستوى المؤسسات المالية و النقدية ، و كذا هيئة الأمم فيما يخص القرارات السياسية خاصة في ظل وجود دول لها حق النقد و الاعتراض ( الفيتو) كميزة لها عن بقية الدول .
-         ازدياد الديون الخارجية المستحقة على الدول النامية و هو ما أدى إلى إعلان عدد من الدول عن عدم قدرتها على دفع المستحق عليها ، و في كثير من الأحيان اللجوء إلى إعادة جدولة هذه الديون التي بدورها ستحمل هذه الدول أعباء إضافية على غرار هذه الديون .
-         إدراك دول الجنوب بان اقتصادياتها تعاني من خلل بنيوي و ذلك لاعتمادها على تصدير المواد الأولية و افتقارها للتكنولوجيا المطلوبة لدخول مجال التصنيع و هو ما عزز مفهوم الحوار و المطالبة بالتكنولوجيا من اجل كسر نمط التبعية و تشجيع التصنيع و ذلك بمطالبة الدول المتقدمة سواء بمساعدات مالية ( برنامج ميدا 01 ، و ميدا 02 ) أو من خلال المؤسسات الدولية لتامين التموين اللازم للصناعات المتقدمة في الجنوب ، كما يجب تقديم المزيد من المساعدات التقنية و التدريبية نقل التكنولوجيا ، كما تطالب دول الجنوب بتسهيل دخول بضائعها لأسواق و البلدان المتقدمة عن طريق إزالة تدريجية للحواجز الجمركية و غيرها من الإجراءات الحمائية .
-         بناء نظام نقدي دولي قادر على تأمين الاستقرار لجميع الدول خاصة أسعار الصرف لا سيما من حيث تقلباتها على تجارة السلع الأساسية ، و بالتالي على النمو في دول الجنوب بالإضافة إلى ذلك لابد من إشراك الدول النامية بفاعلية في كل مراحل اتخاذ القرارات في المؤسسات المالية الدولية .  
-         تنظيم عمل الشركات متعددة الجنسيات تتحكم باقتصاديات الدول خاصة فيما يتعلق بالمواد الأولية من حيث إنتاجها و أسعارها ، و أي محاولة سياسية لتغيير الواقع تتدخل الدولة الأم ، و لذلك طلبت دول الجنوب بوضع مدونة دولية لقواعد و سلوك الشركات متعددة الجنسيات لضمان عدم تدخلها في الشؤون الداخلية للبلدان المضيفة و تأمين التوافق بين نشاط هذه الشكات و عمليات التنمية في الدول المضيفة و إعادة استثمار أرباحها في الدول المعنية .
-         ناهيك عن الحالة التي تشهدها جل البلدان العربية و النامية من عدم استقرارها الأمني و السياسي و تدهور أوضاع الشرق الأوسط ، ما هي إلا عوامل جذابة لتبني الحوار كأساس و منهج على أي نهج أو حل آخر .
أما دول الشمال فكان تركيزها منصب على ربط العالم اقتصاديا بانفتاحه على بعضه البعض من قبل أي توجه آخر ، و هذا هو الهدف التقليدي ، أما اليوم فمحور أهداف الدول الصناعية هو الحصول على ضمانات لاستمرار تدفق موارد الطاقة ، فهي تزيد ضمان وفرة إمداد الطاقة الأحفورية و ضمان استمرار هذا التدفق و استقرار أسعاره و المشاركة في وضع السياسة الإنتاجية و التسويقية ، و هذا ما كان سائدا قبل الثورة النفطية في السبعينات و مع ريادة منظمة أوبك في التأثير في هذه المادة الأساسية و تأثيرها في رسم السياسات جعل دول الشمال مضطرة لتغيير استراتيجيها تجاه الجنوب لتحقيق الهدف المذكور ، فلولا المواد الأولية عموما و البترول خصوصا و انخفاض أسعاره لما تسنى لدول الشمال تحقيق هذا النمو الهائل ، و ما يعزز كذلك مفهوم الحوار في هذا الجانب شيوع في الآونة الأخيرة مصطلح أوبك للغاز و ما رافقه من تداعيات على الدول الصناعية ، و كذلك شيوع مصطلح الطاقة المتجددة و الطاقة البديلة و ما تسخر به دول الجنوب كلها عوامل تستدعي أن يكون الجنوب طرفا أساسيا للحوار لما يملكه من مصادر للطاقة البديلة كصحراء الجزائر .
كما أن الدول الصناعية بحاجة إلى زيادة اهتمامها بتوسيع أسواقها في العالم النامي ، خاصة و أن الصراع في أوجه بين الدول الصناعية الكبرى للاستحواذ على أعلى نسبة من أسواق الشمال لتصريف منتجاتها ، و كذا من أجل معالجة بعض المشكلات التي أفرزتها العولمة مثل الجريمة المنظمة الإرهاب المخدرات تجارة الأسلحة الهجرة السرية من جنوب البحر المتوسط .
و كذا المؤتمرات المتعلقة بالبيئة حديثا قد فرضت على الدول الصناعية الحد من الغازات الدفيئة أي بصورة أخرى تقليل نشاطها الصناعي و لتعويض ذلك يجب استعمال طاقة أقل تلويثا و الدول النامية تسخر على طاقة بديلة نظيفة و بالتالي هي وجهة مستهدفة من طرف الدول الصناعية .
و كمحاولة من دول الشمال استحدثوا آلية جديدة من اجل تعزيز العلاقات مع دول الجنوب لتأهيل اقتصاديات دول هذه الأخيرة منها برنامجي ميدا 01 و ميدا 02 المتعلق بالمساعدات المالية :
فبرنامج ميدا 01 ( 1995 / 1998 ) تم التركيز فيها على محاولة تهيئة اقتصاديات الدول النامية المعنية بهذه المساعدات من إصلاحات هيكلية ، اهتمام بالتجارة و ترقيتها ، و خصخصة المؤسسات العمومية الاهتمام بالمؤسسات الصغيرة و المتوسطة ، تطوير القطاع المالي .....................
أما برنامج ميدا 02 ( 2000/2006 ) هو يعمل على توفير أحسن السبل لتعميق الشراكة و التعاون بين دول الشمال و دول الجنوب و الذي يهدف لزيادة معدلات النمو داخل البلدان المعنية ، تحقيق نمو خارج قطاع المحروقات ، معالجة بعض المشاكل كالبطالة و التضخم و دفع الاستثمارات ...........
على العموم فإن الحوار مع العالم العربي ( دول الجنوب ) يرتبط بأمرين رئيسين من مجموع الأمور المستهدفة ( طاقة تجارة ) ، حيث أن دول الشمال كانت تهدف لتلافي إي آثار المقاطعة البترولية ، و هذا إلى جانب علمها أن ثروة البلدان النامية المصدرة للبترول ستعود إليها باستخدامها في الاستثمــــــــــارات و استيراد المواد و البضائع و الخدمات التكنولوجية من البلدان الغربية الصناعية .
و هكذا فإن دول الشمال تستطيع أن تعيد دورة رؤوس الأموال مرة أخرى التي دفعتها لقا فواتير البترول المستورد ، لذلك أرادت دول الشمال الاستفادة من شراكة طويلة الأمد بين رأس المال البترولي العربي و التكنولوجيا الغربية بالإضافة للمميزات الأخرى التي يتميز بها العالم العربي و العمل كذلك على الحد من الآثار و الآفات العابرة للقارات .
و الدول العربية بالمقابل تتطلع إلى المزيد من العناية و الاهتمام بمواقفهم و متطلبات تنميتهم ، و بحسب وجهة النظر العربية فإن أوربا يجب عليها اتخاذ موقف واضح و منصف إزاء العرب العادلة و أداء دورها كاملا في الشؤون الدولية بحكم كونها تتصل بالدول العربية عبر البحر المتوسط بصلات تجارية متينة و مصالح حيوية متداخلة لا يمكن أن تنمو إلا في إطار تسوده الثقة و المصالح المتبادلة .
و مما لا شك فيه بان وضع سياسة عربية موحدة تجاه المجموعة المذكورة أو أي كتلة اقتصادية أخرى أصبحت ضرورة و حتمية لا مفر منها ، فالتحديات التي ستواجهها تتباين بين ما هو اقتصادي مرتبط بتداعيات العولمة و إفرازاتها ، و سياسي مرتبط بتزايد الضغوط على مختلف الدول باتجاه احترام حقوق الإنسان و نهج الديمقراطية و حاجة هذه الدول لبلورة تصور واضح موحد بشأن الإصلاحات الواجب التطرق لها على جميع الأصعدة ، و عسكري تعكسه مختلف الاعتداءات و التهديدات التي تطال العديد من دول الجنوب بخاصة العربية منها .
و من هذا المنطلق يجب التنويه بان التعاون جنوب – جنوب يعتبر محورا رئيسيا و آلية هامة من أجل تعزيز الحوار و تحقيق التنمية في هذه الدول و من منطلق أن العالم أصبح يتميز بتكتلات لا بدول يجب على الدول النامية أن تتحد لتحقيق أقصى المنافع و الأهداف و تعزيز التعاون من أجل المشاورات السياسية حول مختلف القضايا الإقليمية و الدولية ذات الأهمية المشتركة لفرض رأيها و كذا حول التحديات التي تواجه المنطقة المتوسطية ، لان التفاوض مع كتل ضد دولة وحدها حتما المفاوضات ستكون لصالح الكتلة المفاوضة .
ويجدر في الأخير ذكر بعض العقبات التي تقف في وجه هذا الحوار منه :
·        تضارب المصالح و عدم الاستقرار السياسي و الأمني في الدول العربية و كثرة المشاكل العالقة
·        التناقض بين الوحدة العربية السياسية و الاقتصادية شيء و العمل الفعلي و الإيمان بضرورة التكامل الاقتصادي شيء آخر
·        بدل من التعاون بين كتلتين من أجل تحقيق الأهداف المشتركة ، إلا أن الواقع يثبت أن العلاقات الثنائية بين الدول المعنية طغت على مجالات التعاون أي أن العلاقات الثنائية ساهمت بشكل كبير في تقلص حماس الدول المشتركة في الحوار إلى الحد الأدنى حيث إن بعض الدول ترى أنه إذا استطاعت تحقيق نتائج إيجابية على مستوى العلاقات الثنائية فلا داعي للحديث عن تكتل .
·        القضية الفلسطينية كانت عائق و نقطة اختلاف حيث أن الإتحاد الأوربي و أمريكا لها من العلاقات ملا يعد ولا يحصى و نتيجة لذلك فغن الجانب العربي أصيب بخيبة أمل نتيجة هذه الاتفاقيات و يرون أن الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل تعتبر بمثابة تشجيع معنوي و دعم اقتصادي لدولة معتدية .
·        و يجب التنبيه إلى أن اتفاقيات التعاون الاقتصادي بين المجموعة الأوربية و الكيان الصهيوني يعتمد على مبدأ التكامل المتكافئ و على القيام بعمليات مشتركة في ميدان البحث العلمي و التقني ، و ذلك على نقيض الاقتصاد العربي المتخلف الذي يعتمد على المنتجات الإستخراجية و الزراعية و المواد الأولية .
و خلاصة القول أن كلا الطرفين يردان تحقيق أقصى المنافع و الأهداف ، فدول الجنوب تريد استغلال مواردها التي تسخر بها و توظيف عائداتها في الأوضاع الداخلية على جميع المستويات و كذا تحسين مكانتها في العلاقات الاقتصادية الدولية ، و كذا دورها في رسم السياسة الدولية ، في حين يكمن هدف الشمال في الحصول على هذه المواد بكميات كبيرة و أسعار مقبولة من أجل ضمان المسيرة السليمة لاقتصادياتها .