الحوار شمال جنوب
إن إعادة النظر في دراسة علاقات التعاون أصبحت حتمية لا مفر منها ، كون أن التقوقع و الانعزال هما من العوامل الأساسية التي تبقى الدول في كنف التشتت و التهميش العالمي ، خاصة في ظل تطور العلاقات الدولية على جميع الأصعدة ، وكذا تدهور العلاقات بين الشمال الغني و الجنوب الفقير هذا بالإضافة إلى الفجوة التكنولوجية بين الطرفين ، و التي بدورها خلقت تباين في التنمية الاقتصادية و الهياكل السياسية و الاجتماعية ، لقد كانت الدول النامية و مازالت في هامش منظومة الرأسمال العالمي و غيابها عن الساحة السياسية ، كون أن جل المنظمات العالمية و أغلب قراراتها تصب في صالح الدول الغربية و من أجل تعزيز العلاقات بين كافة الدول كان الحوار هو السبيل الأمثل ، و ذلك على عكس ما تم إقامته من علاقات قائمة على المصلحة و الهيمنة من قبل دول الشمال تقابلها التبعية و التخلف من قبل دول الجنوب ، و قد حاولا كلا الطرفين تحت ظروف عديدة مرت بها العلاقات الدولية بلورة فكرة الحوار في العديد من المناسبات ، فالدول الأوربية عملت على تطوير أشكال التعاون مع الدول المتوسطية باستمرار بحيث وصل هذا التطور إلى إحلال اتفاقيات شراكة محل اتفاقيات التعاون القديمة القائمة على أساس منح بعض الامتيازات التجارية و بعض أشكال الدعم و المساعدات المالية .
فماذا نقصد بالحوار شمال – جنوب؟ و ما هي أسابه و أهدافه ؟ هل تم تجسيد ذلك على أرض الواقع ؟
إن المراقبين و الباحثين يجمعون على أن الحوار بين الشمال و الجنوب تبلور بشكل واضح في السبعينيات و خاصة بعد الأزمة النفطية ، فقد برز النفط ليس كمادة أولية مميزة فحسب بل كسلاح إستراتيجي ذي أثر مهم في موازين الصراع الإقليمية و الدولية ، و كذا منذ إنشاء مجموعة 77 سنة 1964 التي تمثل مجموعة من الدول النامية و التي حليا وصل عددها إلى 130 دولة ، مجموعة 77 كان أول اجتماع رئيسي لها بالجزائر سنة 1967 و الذي بموجبه تم إنشاء الهيكل التنظيمي لهذا المجموعة ، و حاليا هناك ممثلون عن المجموعة في كل من منظمة الأغذية الزراعية – الفاو- و منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية – اليونيدو- و منظمة الأمم المتحدة للتربية و التعليم و الثقافة – اليونسكو- و منظمة الأمم المتحدة للبيئة – اليونيب- و صندوق النقد الدولي و البنك الدولي .
ففي أعقاب حرب 1973 ظهرت قوة النفط كسلاح ، حيث عقد اجتماع للدول العربية المصدرة للنفط و قرروا رفع الأسعار بنسبة 70 بالمائة و اتفقوا كذلك على خفض الإنتاج إلى 50 بالمائة ، و تم إصدار بيان مضمونه أن هذه الآلية في الإنتاج ستستمر حتى يتم انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي المحتلة ، و هكذا ظهر النفط كقوة اقتصادية و قوة سياسية ، و قد توالت التصريحات بعد اتخاذ هذا الإجراء من طرف عدة مسئولين فوزير الخارجية الفرنسي أعلن " أن الحوار بين العرب و أوربا هو أحد الآمال و الاهتمامات لكلا الجانبين ، و آخر أقر " بأن عصر الطاقة الرخيصة الذي قامت عليه اقتصاديات الدول الصناعية الغربية قد أتى فجأة إلى نهايته " .
إن آثار حرب أكتوبر كان لها الأثر الواضح على حتمية انطلاق الحوار بين الطرفين شمال جنوب من خلال استخدام الدول العربية المنتجة للنفط لسلاح البترول بوسائل مختلفة مثل المقاطعة و خفض الإنتاج و رفع الأسعار ، و جل الباحثين في مجال الطاقة البترولية يقرون بأنه خلال الفترة ما بين 1950 و 1973 كان سعر البترول مقوم بأقل من سعره الحقيقي بحوالي 50 بالمائة ، و كما ذكر الرئيس الجزائري هواري بومدين " أنه لأكثر من عشرين عام الدول المصدرة للبترول قد مولت التنمية الصناعية الغربية ".
بعد هذه الحرب و الأحداث شعر الغرب بأهمية هذه المادة الإستراتيجية و خطورة غيابها و مدى تأثيرها على نشاطها الاقتصادية ، أما في الوقت الراهن و مازاد الأمر اهتماما أكثر بان الحوار يجب أن يكون السبيل لتحقيق تنمية عادلة بين الشمال و الجنوب هو بروز فكرة أنشاء تكتل للدول المنتجة للغاز ، فبعد " أوبك للبترول " هناك تلميحات بإنشاء " أوبك للغاز " و ازدادت معها مخاوف لدى الدول المستهلكة للغاز كمصدر طاقة أساسي و خاصة الو م أ و الإتحاد الأوربي فالدول الصناعية تزداد يوما بعد يوم تبعية في مجال الطاقة التي و من سنة إلى أخرى ستزداد حاجاتها لها ، فالغاز خاصة في الظروف الراهنة المتعلقة بالبيئة سيتربع بلا شك على عرش الطاقة ، كما أن الدول التي دعت لإنشاء هذه المنظمة و متمثلة في كل من إيران فنزويلا روسيا قطر و الجزائر مؤمنون أن إنشاء أوبك للغاز من شانه أن يضمن نتائج إيجابية للدول المصدرة للغاز ، و يوطد مكانتها في أسواق الغاز الطبيعي العالمية بل يمكنه أن يزيد من ثقلها على المسرح السياسي العالمي ، و الدليل على ذلك أن الو م أ و الإتحاد الأوربي أعربتا عن مواقفهما المعارضة لتشكيل هذه المنظمة لأنهما تريان أنها سوف تسيطر على أسواق الغاز الطبيعي العالمية و تحتكرها ، فدول الجنوب بالخصوص أدركت أنه يجب التخلص من مفهوم التبعية و السياسة المفروضة التي تنتهجها دول الشمال و المؤسسات الدولية ممثلة في صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و الشركات متعددة الجنسيات حيث أن سياسة صندوق النقد الدولي تحددها دولتان هما الو م أ و بريطانيا ولدت معها مشكلة الديون و التي أثقلت كاهل الدول النامية ، كما أن الشركات متعددة الجنسيات التي كانت تحتكر الأنشطة الإستراتيجية لقوتها الاقتصادية و التكنولوجية وصفتها الاحتكارية جعلها تدخل كمستغل لثروات البلدان النامية لا كمساعدة لها ، فالحوار لا غنى عنه في هذه الظروف حيث يجب أن يبنى على أساس العدالة و المنفعة للطرفين لا على أساس الاستغلال و الهيمنة و العلاقات غير المتكافئة فعلى الغرب أن يدرك بان شروط الحوار و الشراكة تغيرت و أن وفرة الأموال ( خاصة في ظل الظروف المواتية للأسواق البترولية ) ستسمح للبلدان المنتجة للنفط و الغاز شراء ما يلزمها من التقنيات و الخبرات من الدول الصناعية دون أن تقع في شرك التبعية لدولة أو جهة محددة ،و هذا ما جعل فكرة الحوار بين المنتجين ( دول نامية ) و المستهلكين ( دول الشمال الصناعية ) تتعمق أكثر ، و أن سياسة المساعدات و القروض التي تبنتها الدول الصناعية في تحقيق التنمية سياسة فاشلة .
هذا إلى جانب بروز العديد من المشاكل التي تتطلب تعاون ، و تكاثف دولي لمواجهتها ، كتجارة الأسلحة المخدرات ، الجريمة المنظمة ، الإرهاب و الأمن ، الهجرة السرية ، البيئة كلها أمور تعزز الحوار أكثر من ذي قبل ، و عليه فإن الحوار و التعاون شمال جنوب يجب أن يشمل أمور عدة :
- يجب أن يمس الحوار الجوانب السياسية و الأمنية
- يجب أن يمس الحوار الجوانب الاقتصادية و المالية
- يجب أن يمس الحوار الجوانب الثقافية و الاجتماعية
و على أساس ما تم ذكره فغن أساس الحوار نابع من كلا الطرفين لعدة أسباب و معطيات يمكن ذكرها كمايلي :
فبالنسبة لدول الجنوب :
- إن الدول النامية تحصل على قليل من القيمة المضافة على أسعار المواد الأولية و السلع الأساسية التي ت
صدرها إلى الدول الصناعية ، كما نجد أن عددا كبيرا من الشركات المتعددة الجنسيات تحتكر مجمل عمليات الإنتاج حتى التوزيع النهائي .
- مجمل الاتفاقيات القديمة تتميز بعدم الإنصاف و أنها تعود بالنفع على دول الشمال على حساب الجنسيات دول الجنوب
- ازدواجية النظام الليبرالي ففي حين يدعوا لتحرير التجارة و إلغاء الرسوم الجمركية هو يمارس التضييق على تدفق السلع التي تصدرها الدول النامية بشروط تعجيزية خاصة في ظل غياب التكنولوجيا كان يفرض شروط على السلعة المستوردة أو بممارسة سياسة حمائية على عكس ما يدعوا له النظام الرأسمالي .
- انعدام مشاركة الدول في صنع القرارات الدولية و يظهر ذلك بالخصوص في القرارات التي يتم التوصل إليها على مستوى المؤسسات المالية و النقدية ، و كذا هيئة الأمم فيما يخص القرارات السياسية خاصة في ظل وجود دول لها حق النقد و الاعتراض ( الفيتو) كميزة لها عن بقية الدول .
- ازدياد الديون الخارجية المستحقة على الدول النامية و هو ما أدى إلى إعلان عدد من الدول عن عدم قدرتها على دفع المستحق عليها ، و في كثير من الأحيان اللجوء إلى إعادة جدولة هذه الديون التي بدورها ستحمل هذه الدول أعباء إضافية على غرار هذه الديون .
- إدراك دول الجنوب بان اقتصادياتها تعاني من خلل بنيوي و ذلك لاعتمادها على تصدير المواد الأولية و افتقارها للتكنولوجيا المطلوبة لدخول مجال التصنيع و هو ما عزز مفهوم الحوار و المطالبة بالتكنولوجيا من اجل كسر نمط التبعية و تشجيع التصنيع و ذلك بمطالبة الدول المتقدمة سواء بمساعدات مالية ( برنامج ميدا 01 ، و ميدا 02 ) أو من خلال المؤسسات الدولية لتامين التموين اللازم للصناعات المتقدمة في الجنوب ، كما يجب تقديم المزيد من المساعدات التقنية و التدريبية نقل التكنولوجيا ، كما تطالب دول الجنوب بتسهيل دخول بضائعها لأسواق و البلدان المتقدمة عن طريق إزالة تدريجية للحواجز الجمركية و غيرها من الإجراءات الحمائية .
- بناء نظام نقدي دولي قادر على تأمين الاستقرار لجميع الدول خاصة أسعار الصرف لا سيما من حيث تقلباتها على تجارة السلع الأساسية ، و بالتالي على النمو في دول الجنوب بالإضافة إلى ذلك لابد من إشراك الدول النامية بفاعلية في كل مراحل اتخاذ القرارات في المؤسسات المالية الدولية .
- تنظيم عمل الشركات متعددة الجنسيات تتحكم باقتصاديات الدول خاصة فيما يتعلق بالمواد الأولية من حيث إنتاجها و أسعارها ، و أي محاولة سياسية لتغيير الواقع تتدخل الدولة الأم ، و لذلك طلبت دول الجنوب بوضع مدونة دولية لقواعد و سلوك الشركات متعددة الجنسيات لضمان عدم تدخلها في الشؤون الداخلية للبلدان المضيفة و تأمين التوافق بين نشاط هذه الشكات و عمليات التنمية في الدول المضيفة و إعادة استثمار أرباحها في الدول المعنية .
- ناهيك عن الحالة التي تشهدها جل البلدان العربية و النامية من عدم استقرارها الأمني و السياسي و تدهور أوضاع الشرق الأوسط ، ما هي إلا عوامل جذابة لتبني الحوار كأساس و منهج على أي نهج أو حل آخر .
أما دول الشمال فكان تركيزها منصب على ربط العالم اقتصاديا بانفتاحه على بعضه البعض من قبل أي توجه آخر ، و هذا هو الهدف التقليدي ، أما اليوم فمحور أهداف الدول الصناعية هو الحصول على ضمانات لاستمرار تدفق موارد الطاقة ، فهي تزيد ضمان وفرة إمداد الطاقة الأحفورية و ضمان استمرار هذا التدفق و استقرار أسعاره و المشاركة في وضع السياسة الإنتاجية و التسويقية ، و هذا ما كان سائدا قبل الثورة النفطية في السبعينات و مع ريادة منظمة أوبك في التأثير في هذه المادة الأساسية و تأثيرها في رسم السياسات جعل دول الشمال مضطرة لتغيير استراتيجيها تجاه الجنوب لتحقيق الهدف المذكور ، فلولا المواد الأولية عموما و البترول خصوصا و انخفاض أسعاره لما تسنى لدول الشمال تحقيق هذا النمو الهائل ، و ما يعزز كذلك مفهوم الحوار في هذا الجانب شيوع في الآونة الأخيرة مصطلح أوبك للغاز و ما رافقه من تداعيات على الدول الصناعية ، و كذلك شيوع مصطلح الطاقة المتجددة و الطاقة البديلة و ما تسخر به دول الجنوب كلها عوامل تستدعي أن يكون الجنوب طرفا أساسيا للحوار لما يملكه من مصادر للطاقة البديلة كصحراء الجزائر .
كما أن الدول الصناعية بحاجة إلى زيادة اهتمامها بتوسيع أسواقها في العالم النامي ، خاصة و أن الصراع في أوجه بين الدول الصناعية الكبرى للاستحواذ على أعلى نسبة من أسواق الشمال لتصريف منتجاتها ، و كذا من أجل معالجة بعض المشكلات التي أفرزتها العولمة مثل الجريمة المنظمة الإرهاب المخدرات تجارة الأسلحة الهجرة السرية من جنوب البحر المتوسط .
و كذا المؤتمرات المتعلقة بالبيئة حديثا قد فرضت على الدول الصناعية الحد من الغازات الدفيئة أي بصورة أخرى تقليل نشاطها الصناعي و لتعويض ذلك يجب استعمال طاقة أقل تلويثا و الدول النامية تسخر على طاقة بديلة نظيفة و بالتالي هي وجهة مستهدفة من طرف الدول الصناعية .
و كمحاولة من دول الشمال استحدثوا آلية جديدة من اجل تعزيز العلاقات مع دول الجنوب لتأهيل اقتصاديات دول هذه الأخيرة منها برنامجي ميدا 01 و ميدا 02 المتعلق بالمساعدات المالية :
فبرنامج ميدا 01 ( 1995 / 1998 ) تم التركيز فيها على محاولة تهيئة اقتصاديات الدول النامية المعنية بهذه المساعدات من إصلاحات هيكلية ، اهتمام بالتجارة و ترقيتها ، و خصخصة المؤسسات العمومية الاهتمام بالمؤسسات الصغيرة و المتوسطة ، تطوير القطاع المالي .....................
أما برنامج ميدا 02 ( 2000/2006 ) هو يعمل على توفير أحسن السبل لتعميق الشراكة و التعاون بين دول الشمال و دول الجنوب و الذي يهدف لزيادة معدلات النمو داخل البلدان المعنية ، تحقيق نمو خارج قطاع المحروقات ، معالجة بعض المشاكل كالبطالة و التضخم و دفع الاستثمارات ...........
على العموم فإن الحوار مع العالم العربي ( دول الجنوب ) يرتبط بأمرين رئيسين من مجموع الأمور المستهدفة ( طاقة تجارة ) ، حيث أن دول الشمال كانت تهدف لتلافي إي آثار المقاطعة البترولية ، و هذا إلى جانب علمها أن ثروة البلدان النامية المصدرة للبترول ستعود إليها باستخدامها في الاستثمــــــــــارات و استيراد المواد و البضائع و الخدمات التكنولوجية من البلدان الغربية الصناعية .
و هكذا فإن دول الشمال تستطيع أن تعيد دورة رؤوس الأموال مرة أخرى التي دفعتها لقا فواتير البترول المستورد ، لذلك أرادت دول الشمال الاستفادة من شراكة طويلة الأمد بين رأس المال البترولي العربي و التكنولوجيا الغربية بالإضافة للمميزات الأخرى التي يتميز بها العالم العربي و العمل كذلك على الحد من الآثار و الآفات العابرة للقارات .
و الدول العربية بالمقابل تتطلع إلى المزيد من العناية و الاهتمام بمواقفهم و متطلبات تنميتهم ، و بحسب وجهة النظر العربية فإن أوربا يجب عليها اتخاذ موقف واضح و منصف إزاء العرب العادلة و أداء دورها كاملا في الشؤون الدولية بحكم كونها تتصل بالدول العربية عبر البحر المتوسط بصلات تجارية متينة و مصالح حيوية متداخلة لا يمكن أن تنمو إلا في إطار تسوده الثقة و المصالح المتبادلة .
و مما لا شك فيه بان وضع سياسة عربية موحدة تجاه المجموعة المذكورة أو أي كتلة اقتصادية أخرى أصبحت ضرورة و حتمية لا مفر منها ، فالتحديات التي ستواجهها تتباين بين ما هو اقتصادي مرتبط بتداعيات العولمة و إفرازاتها ، و سياسي مرتبط بتزايد الضغوط على مختلف الدول باتجاه احترام حقوق الإنسان و نهج الديمقراطية و حاجة هذه الدول لبلورة تصور واضح موحد بشأن الإصلاحات الواجب التطرق لها على جميع الأصعدة ، و عسكري تعكسه مختلف الاعتداءات و التهديدات التي تطال العديد من دول الجنوب بخاصة العربية منها .
و من هذا المنطلق يجب التنويه بان التعاون جنوب – جنوب يعتبر محورا رئيسيا و آلية هامة من أجل تعزيز الحوار و تحقيق التنمية في هذه الدول و من منطلق أن العالم أصبح يتميز بتكتلات لا بدول يجب على الدول النامية أن تتحد لتحقيق أقصى المنافع و الأهداف و تعزيز التعاون من أجل المشاورات السياسية حول مختلف القضايا الإقليمية و الدولية ذات الأهمية المشتركة لفرض رأيها و كذا حول التحديات التي تواجه المنطقة المتوسطية ، لان التفاوض مع كتل ضد دولة وحدها حتما المفاوضات ستكون لصالح الكتلة المفاوضة .
ويجدر في الأخير ذكر بعض العقبات التي تقف في وجه هذا الحوار منه :
· تضارب المصالح و عدم الاستقرار السياسي و الأمني في الدول العربية و كثرة المشاكل العالقة
· التناقض بين الوحدة العربية السياسية و الاقتصادية شيء و العمل الفعلي و الإيمان بضرورة التكامل الاقتصادي شيء آخر
· بدل من التعاون بين كتلتين من أجل تحقيق الأهداف المشتركة ، إلا أن الواقع يثبت أن العلاقات الثنائية بين الدول المعنية طغت على مجالات التعاون أي أن العلاقات الثنائية ساهمت بشكل كبير في تقلص حماس الدول المشتركة في الحوار إلى الحد الأدنى حيث إن بعض الدول ترى أنه إذا استطاعت تحقيق نتائج إيجابية على مستوى العلاقات الثنائية فلا داعي للحديث عن تكتل .
· القضية الفلسطينية كانت عائق و نقطة اختلاف حيث أن الإتحاد الأوربي و أمريكا لها من العلاقات ملا يعد ولا يحصى و نتيجة لذلك فغن الجانب العربي أصيب بخيبة أمل نتيجة هذه الاتفاقيات و يرون أن الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل تعتبر بمثابة تشجيع معنوي و دعم اقتصادي لدولة معتدية .
· و يجب التنبيه إلى أن اتفاقيات التعاون الاقتصادي بين المجموعة الأوربية و الكيان الصهيوني يعتمد على مبدأ التكامل المتكافئ و على القيام بعمليات مشتركة في ميدان البحث العلمي و التقني ، و ذلك على نقيض الاقتصاد العربي المتخلف الذي يعتمد على المنتجات الإستخراجية و الزراعية و المواد الأولية .
و خلاصة القول أن كلا الطرفين يردان تحقيق أقصى المنافع و الأهداف ، فدول الجنوب تريد استغلال مواردها التي تسخر بها و توظيف عائداتها في الأوضاع الداخلية على جميع المستويات و كذا تحسين مكانتها في العلاقات الاقتصادية الدولية ، و كذا دورها في رسم السياسة الدولية ، في حين يكمن هدف الشمال في الحصول على هذه المواد بكميات كبيرة و أسعار مقبولة من أجل ضمان المسيرة السليمة لاقتصادياتها .