التكنولوجيا بين المساهمة في التطور و بين خلقها لمشكل
البطالة
مركز التوزيع التابع لمؤسسة كوايت لوجيستيكس شمال بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية، يقوم إنسان آلي برفع أحد الرفوف ونقله عبر المستودع إلى إحدى محطات العمل.
وهناك، يقوم موظف بالتقاط البند المطلوب تغليفه من فوق الرف ويضعه في صندوق للشحن. ويقوم كل روبوت في مركز التوزيع بعمل يعادل ما يقوم به عامل ونصف.
وتقوم أجهزة الروبوت وغيرها من التكنولوجيات في الوقت الحالي بإحداث تحويلات جذرية في سلاسل الإمداد
، وتتبع بنود المنتجات من المصدر إلى المستهلك، وتقليل وقت الشحن وتكلفته، وأتمتة الأعمال الكتابية، وغير ذلك. ولكن
هل تنفي الحاجة إلى العاملين البشر، مما يؤدي إلى حدوث بطالة مستمرة بسبب التكنولوجيا؟ مما يبعث على الدهشة، أن مديري المستودعات والمرافق الأخرى في سلسلة الإمدادات يقولون إنهم يجدون صعوبة في تعيين عدد كاف من العاملين، على الأقل العدد الكافي من العاملين ذوي المهارات اللازمة لاستخدام التكنولوجيات الجديدة. وعلاوةً على ذلك، فإنهم يرون أن هذا النقص في المهارات سيظل مستمرا في العقد التالي.
وتحدث الآلات الذكية الجديدة حاليا تغييرا جذريا في طبيعة العمل، ولكن السؤال هو كيف يحدث ذلك. وتتولى التكنولوجيات الجديدة، باستخدام الذكاء الصناعي، القيام بالأعمال ليس فقط بدلا من عمال المستودعات، وإنما أيضا من العمالة الإدارية والمهنيين. فأجهزة الصرف الآلي أصبحت تقوم بمهام الصرافين في البنوك؛ وأصبحت برمجيات المحاسبة تقوم آليا بأعمال موظفي مسك الدفاتر.
وتستطيع الآن أجهزة الكمبيوتر تشخيص سرطان الثدي من الأشعة السينية والتنبؤ بمعدلات النجاة على الأقل بنفس جودة أخصائي الأشعة المتوسط.
وماذا يعني ذلك بالضبط بالنسبة للوظائف والأجور؟ في بعض الأحيان، تقضي التكنولوجيات الجديدة على بعض الوظائف بوجه عام، ولكنها تخلق أحيانا طلبا على قدرات جديدة ووظائف جديدة. ففي
حالة ما، تحل الآلات الجديدة محل العاملين بوجه عام؛ وفي حالة أخرى، تزيحهم فحسب وتنقلهم إلى وظائف مختلفة تتطلب مهارات جديدة. وفي
الماضي، كان الأمر يستغرق عقودا أحيانا لبناء مؤسسات التدريب وأسواق العمل اللازمة لتنمية المهارات الفنية الجديدة الرئيسية على نطاق واسع.
ويتعين أن يعرف صانعو السياسات الطريق الذي تمضي فيه التكنولوجيا الجديدة. فإذا
كانت تحل محل العمالة، فسيتعين عليهم التعامل مع البطالة المتنامية دوما وانعدام المساواة الاقتصادية الآخذ في الاتساع. ولكن
إذا كانت المشكلة الرئيسية هي الإزاحة، فسيتعين عليهم بالدرجة الأولى بناء قوة عاملة تتمتع بمهارات متخصصة جديدة. وتتطلب هاتان المشكلتان حلولا مختلفة للغاية.
وعلى الرغم من وجود مخاوف بشأن انتشار البطالة نتيجة للتكنولوجيا، فإنني أرى أن البيانات تشير إلى أن التكنولوجيا اليوم تقوم إلى حد كبير بإزاحة العاملين ودفعهم إلى وظائف جديدة دون إحلالهم بالكامل. ومن
بين مجموعات المهن الرئيسية، فإن قطاع الصناعات التحويلية هو القطاع الوحيد الذي تلغى فيه الوظائف باستمرار في الاقتصادات المتقدمة — ويوازن هذه الوظائف المفقودة نمو للوظائف في مهن أخرى.
ومع ذلك، فالأمور ليست كلها على ما يرام بالنسبة للقوى العاملة. فقد شهد العامل المتوسط ركود الأجور، ويقول أرباب العمل إنهم يجدون صعوبة في تعيين عاملين لديهم المهارات الفنية اللازمة. ومع قيام التكنولوجيا بخلق فرص جديدة، فإنها تخلق أيضا طلبات جديدة، ولا تمضي مؤسسات التدريب بالسرعة الكافية للتأقلم مع هذه التطورات. ورغم أن بعض الاقتصاديين ينكرون أن عدد العاملين الذين لديهم المهارات اللازمة أقل من اللازم، فإن نظرة متفحصة إلى الأدلة الواردة أدناه تشير إلى أننا نواجه تحديا كبيرا في بناء قوة عاملة لديها المعرفة اللازمة لاستخدام التكنولوجيات الجديدة. وإلى حين أن تلحق مؤسسات التدريب وأسواق العمل بهذا التغير، ستظل منافع تكنولوجيا المعلومات محدودة وغير متاحة للجميع على نطاق واسع.
التكنولوجيا لا تساوي البطالة
سأركز في السطور التالية على تكنولوجيا المعلومات لأن هذه التكنولوجيا جلبت تغيرا هائلا لقطاع كبير من القوة العاملة. يرى بعض الأشخاص أجهزة الكمبيوتر وهي تقتل الأعمال فتستنتج أن البطالة الناشئة عن التكنولوجيا حتمية. وتتناول دراسة حديثة
Frey and Osborne, 2013 الطريقة التي يمكن أن تؤدي بها أجهزة الكمبيوتر مهاما وظيفية مختلفة. وتنتهي الدراسة إلى أن 47 % من الوظائف في الولايات المتحدة تندرج تحت مهن معرضة بشدة لخطر الإندثار خلال العقد القادم أو نحوه. فهل يعني ذلك أن نصف الوظائف كلها تقريبا على وشك أن يلغى؟ لا يرجح ذلك. فلا يعني أن الوظائف ستلغى لمجرد أن أجهزة الكمبيوتر قادرة على أداء بعض المهام الوظيفية. ولنأخذ وظيفة صراف البنك مثالا. ركبت أجهزة الصرف الآلي للمرة الأولى في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصاديات المتقدمة في السبعينات. وتنفذ هذه الأجهزة بعض المهام الأكثر شيوعا التي يؤديها صراف البنك، مثل صرف النقدية واستلام الإيداعات. واعتبارا من منتصف التسعينات، أخذت البنوك تتوسع بسرعة في استخدامها لهذه الأجهزة؛ ويوجد في الولايات المتحدة وحدها اليوم أكثر من 400 ألف من هذه الأجهزة. وقد يتوقع المرء أن هذه الأتمتة تنتقص من أعداد صرافي البنوك، لكن الواقع هو أن عدد وظائفهم لم ينقص مع تعميم أجهزة الصرف الآلي. وبدلا من أن تضيع وظائفهم تضافر عاملان للحفاظ عليها. فأولا، زادت أجهزة الصرف الآلي من الطلب على صرافي البنوك لأنها حدت من تكلفة تشغيل الفروع المصرفية. وبفضل هذه الأجهزة، تناقص عدد الصرافين اللازمين لتشغيل أحد الفروع المصرفية في السوق الحضرية في المتوسط من 20 إلى 13 صرافا في الفترة بين عامي 1988 و 200 4 . إلا أن البنوك استجابت بفتح عدد أكبر من الفروع للتنافس على الفوز بحصة أكبر من السوق. فزاد عدد فروع البنوك في المناطق الحضرية بنسبة 43 %. وقل عدد الصرافين المطلوبين لكل فرع، إلا أن زيادة عدد الفروع كانت تعني عدم اختفاء وظيفة الصراف. وثانيا، في حين قامت أجهزة الصرف الآلي بأتمتة بعض المهام، فقد أصبحت للمهام المتبقية التي لم تؤتمَت قيمة أكبر. فمع سعي البنوك إلى الفوز بحصص أكبر في الأسواق، أصبح الصرافون جزءا مهما من ’’الفريق المصرفي المعني بالعلاقات‘‘. فكثير من احتياجات عملاء البنوك لا يمكن أن تلبيها الماكينات لا سيما العملاء أصحاب الشركات الصغيرة. ويمكن للصرافين الذين يكونون علاقة شخصية مع هؤلاء العملاء أن يساعدوا في أن يبيعوا لهم خدمات ومنتجات مالية مرتفعة الهوامش. وتغيرت مهارات الصراف، إذ أصبح للتعامل النقدي أهميةٌ أقل وللتفاعل الإنساني أهميةٌ أكبر. وإجمالا، كانت الاستجابة الاقتصادية لأتمتة عمل صرافي البنوك أكثر ديناميكية بكثير مما يتوقعه عدد كبير من الناس. ولا جديد في ذلك. فالأحلال خلال
الثورة الصناعية لم تخلق حالة من البطالة بسبب التكنولوجيا. وخلال القرن التاسع عشر،
على سبيل المثال، قامت المغازل الكهربائية بأتمتة
98 % من العمل اللازم لغزل ياردة واحدة من القماش.
ومع ذلك زاد عدد وظائف الغزل في المصانع على مدى هذه الفترة.
فقد كان انخفاض تكلفة العمل للياردة يعني انخفاض السعر في
الأسواق التنافسية؛ وكان انخفاض السعر يعني زيادة حادة في الطلب على
القماش؛ وكانت زيادة الطلب على القماش تزيد الطلب على عمال
الغزل برغم انخفاض حجم العمل المطلوب لإنتاج ياردة واحدة من
القماش. وعلاوةً على
ذلك، في حين استمرت التكنولوجيا في أتمتة المزيد من
أعمال الغزل، أصبحت المهارات المتبقية لعمال الغزل، مثل المهارات اللازمة لتنسيق العمل عبر
مغازل متعددة، متزايدة
المهارات
الجديدة للتكنولوجيا الجديدة
ليس مديرو سلاسل الإمدادات هم التنفيذيين الوحيدين الذين يقولون إنهم يواجهون صعوبات في العثور على العاملين الذين لديهم المهارات اللازمة لاستخدام التكنولوجيا الجديدة. وتجري شركة مانباور غروب الكائنة في الولايات المتحدة مسحا سنويا يشمل 38 ألف مديرا في مختلف بلدان العالم. وفي العام الماضي، أفاد 35 % من المديرين أنهم يجدون صعوبة في تعيين عاملين لديهم المهارات المطلوبة. وذكرت مسوحٌ أخرى أرقاماً مماثلة. إلا أن بعض الاقتصاديين يتشككون بشدة في شكاوى أرباب العمل من وجود نقص في العمالة الموهوبة. ويرى البعض، مثل بيتر كابيللي، أن عدد العاملين المتعلمين يتجاوز العدد اللازم لأداء وظائف اليوم. إلا أن المهارات الغائبة متصلة في معظم الأحوال بالتكنولوجيا ويتم تعلمها من خلال الخبرة الوظيفية وليس في المدرسة، ومن ثم يمكن أن يواجه أرباب العمل نقصا في المهارات على الرغم من ارتفاع مستويات التعليم. ويرى اقتصاديون آخرون أنه يستبعد أن يكون هناك نقصٌ في المهارات لأن متوسط الأجور لا يرتفع. ويقول غاري بيرتليس من معهد بروكينغز إنه ما لم يكن المديرون قد نسوا كل ما تعلموه في مادة مبادئ الاقتصاد في الجامعة
فإنه ينبغي أن يعترفوا بأن إحدى طرق ملأ الشواغر هو أن يعرضوا على طلاب الوظيفة المؤهلين سببا دامغا لقبول الوظيفة بعرض أجر أو مزايا أفضل. ونظراً لأن الأجر الوسيط لا يزيد، ينتهي بيرتليس إلى أنه لا يوجد نقص في العمالة الماهرة. وبيرتليس على حق حين يقول إن الأجور تزيد للعاملين الذين يملكون المهارات اللازمة، إلا أنه يفترض أن العاملين، في المستوى الوسيط، يمتلكون بالفعل المهارات التي يريدها أرباب العمل. ويبدو ذلك غير مرجح إذا كانت لديهم صعوبة في تعلم المهارات اللازمة للتعامل مع أحدث تكنولوجيا. وفي تلك الحالة، سيتعلم بعض العاملين ويتمتعون بتزايد الأجور، إلا أن آخرين، بمن فيهم العامل الوسيط، سيرون أن مهاراتهم قد أصبحت غير مواكبة للعصر ويحصلون على أجور راكدة أو حتى أقل. ولا تمثل تنمية المهارات لتطبيق التكنولوجيا الجديدة مشكلة جديدة. ففي الماضي، استغرقت مؤسسات التدريب وأسواق العمل أحيانا وقتا طويلا للتأقلم مع تكنولوجيات جديدة رئيسية. وعلى سبيل المثال، كانت أجور المصانع أثناء الثورة الصناعية راكدة لمدة عقود إلى أن تم توحيد المهارات الفنية والتدريب؛ وعندما حدث ذلك ارتفعت أجور المصانع بصورة حادة. ويحدث شيء مماثل فيما يبدو اليوم. ولننظر مثلا إلى مصممي الجرافيكس. حتى الآونة الأخيرة، كان مصممو الجرافيكس يعملون أساسا في الوسائط المطبوعة. ومع مجيء الإنترنت، زاد الطلب على مصممي الشبكات الإلكترونية؛ ومع الهواتف الذكية، زاد الطلب على مصممي تطبيقات الهواتف المحمولة. وكان على المصممين مواكبة التكنولوجيات الجديدة والمعايير الجديدة التي تتغير باستمرار. وفي هذه البيئة، لا يمكن للمدارس أن تواكب التغيرات. ولا تزال معظم كليات فنون الجرافيكس موجهة نحو تصميمات الوسائط المطبوعة، وسرعان ما يصبح جزء كبير مما يعلمونه غير مواكب للعصر. وبدلا من ذلك، يتعين أن يتعلم المصممون أثناء العمل، ولكن أرباب العمل لا يقومون في جميع الأحوال بتوفير حوافز قوية لذلك. ولا يرغب أرباب العمل في الاستثمار في التعليم عندما يغادر الموظفون وتتغير التكنولوجيا.
وعلاوةً على ذلك، فنظرا لأن التكنولوجيا الجديدة غير موحدة في
الغالب، فإن المهارات التي يتم تعلمها في وظيفة ما لا تعني الكثير لأرباب العمل الآخرين، ومن
ثم فإنهم لا يعرضون أجورا أعلى. ولا
يرغب الموظفون في الاستثمار في أنفسهم دون أن تكون هناك سوق عمل
قوية لمهاراتهم ومسارهم المهني في الأجل الطويل. التكنولوجيا زادت
من انعدام المساواة الاقتصادية ومع ذلك
فإن المصممين الأكثر موهبة يعلمون أنفسهم المهارات الجديدة وينشئون لأنفسهم سمعةً تساعد على إعلام أرباب العمل المحتملين. ويطلب أعلى
10% من المصممين مرتبات بمئات الألوف من الدولارات الأمريكية أو يحصلون على معدلات أجور في الساعة عالية مقابل التصميم بالقطعة. وفي
الوقت نفسه، لم تتغير أجور.
التكنولوجيا زادت من انعدام المساواة الاقتصادية
ولا يزال
المصمم الوسيط على أي حال مصمماً للوسائل المطبوعة. وسيدفع أرباب العمل أجورا مرتفعة للمصممين أصحاب المهارات المناسبة والسمعة الجيدة، ولكن إلى أن تقوم مؤسسات التدريب وأسواق العمل بمواكبة التغيرات الحاصلة، سيظل المعروض من هؤلاء المصممين محدودا. وقد
ظلت أجور المصمم الوسيط راكدة لمدة 30 عاما
تحديدا لأن هذه المؤسسات لم تواكب التكنولوجيا المتغيرة باستمرار.
ونتيجة لذلك، نشأت حالة متزايدة من انعدام المساواة الاقتصادية داخل هذه المهنة؛ حيث زاد الفرق بين أجور أعلى 10% من
المصممين وأجور المصم الوسيط بصورة حادة. ويُرى هذا
النمط في مهن أخرى
أثرت عليها أجهزة الكمبيوتر. ويبين الرسم البياني 3 أدلة
على تزايد الطلب على عمال مختارين في المهن كثيفة الاستخدام لأجهزة الكمبيوتر. وتبين الأعمدة الزرقاء نمو الأجور للمئين التسعين مقارنة بالعامل الوسيط داخل كل مجموعة.
مهنية. فبالنسبة للمهن المكتبية ومهن
الرعاية الصحية، زادت الأجور بوتيرة أسرع بكثير بالنسبة لأعلى 10% من
العاملين، بما يعني ضمنا أن هؤلاء العاملين لديهم مهارات قيمة لا يملكها العامل المتوسط في هذه المجموعات. وبقدر ما تكون هذه المهارات القيمة مكتسبة من خلال الخبرة والتعليم، زادت أيضا الأجور بوتيرة أسرع للعاملين أصحاب الخبرة مقارنة بالمعينين حديثا وللعاملين من أصحاب الدرجات الجامعية مقارنة بالعاملين الحاصلين على تعليم ثانوي في المهن كثيفة الاستخدام لأجهزة الكمبيوتر.
وتوضح هذه البيانات أن أرباب العمل يدفعون أجورا أعلى، ولكن فقط للعاملين الذين تعلموا مهارات معينة في المهن المتصلة بأجهزة الكمبيوتر. ويقوم عدد كبير من هؤلاء العاملين بتعليم أنفسهم والتعلم من خلال خبرتهم في الوظيفة التي يشغلونها. إلا أن العامل المتوسط يجد صعوبة بالغة تحول دون اكتسابه للمعارف الضرورية المتصلة بالتكنولوجيات الجديدة.
الانعكاسات على السياسات
تفرض تكنولوجيات المعلومات الجديدة بالتأكيد مشكلة للاقتصاد. ولكن حتى الآن، لا تتمثل تلك المشكلة في بطالة أعداد غفيرة من الأشخاص بسبب التكنولوجيا. بل هي مشكلة تتعلق بركود أجور العاملين العاديين ونقص المهارات بالنسبة لأرباب العمل. فالعاملون تجري إزاحتهم إلى وظائف تتطلب مهارات جديدة ولا يجري إحلالهم بالكلية. ومع ذلك، فالمشكلة الحقيقية إلى حد كبير هي أن التكنولوجيا زادت من انعدام المساواة الاقتصادية. ولكن يمكن تخفيف حدة مشكلة المهارات إلى حد ما باعتماد الإجراءات السليمة على مستوى السياسات من جانب الشركات والاتحادات التجارية والحكومات. وعلى سبيل المثال، تدير رابطة مناولة المواد الأمريكية المعروفة باسم MHI برنامجا لتشجيع برامج التدريب المتخصصة في الكليات التي تبلغ عدد سنوات الدراسة فيها أربع سنوات وكليات المجتمع المدني وحتى في المدارس الثانوية. واشتركت الاتحادات الصناعية في إعداد خريطة طريق تكنولوجية تدعو إلى بذل جهود للاحتفاظ بالعاملين من المهن الأخرى وجذب عاملين متنوعين ديموغرافيا إلى الميدان. وتقر خريطة الطريق بأن بعض المهارات الأساسية لا تعلم في المدارس وإنما بالخبرة. ولتعزيز المسارات المهنية للعاملين الذين يتعلمون أثناء العمل، يقترح المعهد إنشاء مركز وطني لإصدار شهادات بامتلاك تلك المهارات. وتقترح خريطة الطريق أيضا زيادة التعاون وتبادل المعلومات بين الشركات بحيث يمكن توحيد التكنولوجيا والمهارات. وقد تكون ثورة تكنولوجيا المعلومات تمضي بوتيرة متسارعة. ومن المتوقع أن تزود برمجيات الذكاء الاصطناعي أجهزة الكمبيوتر بقدرات جديدة هائلة على مدى الأعوام القادمة، الأمر الذي قد تفقد فيه وظائف في مئات المهن. إلا أن ذلك التقدم ليس سببا لليأس بشأن نهاية العمل‘‘. بل إنه سبب أكبر للتركيز على السياسات التي ستساعد أعدادا كبيرة من العاملين على اكتساب المعارف والمهارات اللازمة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
شركنا برايك ووجهة نظرك