انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد
E-currencies exchanger
E-currencies exchanger

dimanche 16 octobre 2011

الأزمات النقدية والمالية الدولية

الأزمات النقدية والمالية الدولية
     تعتبر الأزمات المالية من أكثر مواضيع الاقتصاد تداولا، نظرا لطبيعتها الدورية، و ارتباطها بالإقتصاد المحلي و العالمي على حد سواء ، سنتناول مفهوم الأزمات و أنواعها و أسباب ظهورها .
 مفهوم الأزمات:
  إن تقسيم الأزمة و بحث جوانبها أمر ليس هينا، لكن يمكن إدراج التعاريف التالية للأزمات:
تعرف الأزمة على أنها لحظة حرجة و حاسمة تتعلق بمصير الكيان الإداري الذي أصيب بها، مشكلة بذلك صعوبة حادة أمام متخذ القرار تجعله في حيرة بالغة ، فالأزمة حسب ما سبق لها بعدين :
* التهديد الخطير للمصالح و الأهداف الحالية و المستقبلية.
* الوقت المحدد المتاح لاتخاذ القرار سريع و صائب لحل الأزمة، و إلا فان القرار يصير غير ذي جدوى في مواجهة الموقف الجديد المفاجئ.
الأزمة بمعنى آخر هي نتائج مجموعة تتابعات تراكمية تغذي كل منها الأخرى إلى أن تصل إلى حالة الانفجار.
 وتعرف أيضا الأزمة بأنها حدث يهدد المصلحة القومية، يحدث في ظروف ضيق الوقت و عدم توفر الإمكانيات، و ينشأ عن اختلاف وجهات النظر أو وقوع كوارث طبيعية أو اقتصادية، تستغل كل قوى الدولة أو بعضها لمواجهتها من خلال حل توفيقي قهري أو إجراء عاجل.
مما سبق نجد أن للأزمة خصائص أساسية هي :
* المفاجئة العنيفة عند حدوثها، و استقطابها لاهتمام الجميع.
* التعقيد، التشابك و التداخل في عواملها و أسبابها.
* نقص المعلومات و عدم وضوح الرؤية حولها.
* سيادة حالة من الخوف قد تصل إلى حد الرعب من المجاهيل التي يضمها إطار الأزمة.
و منه فان الأزمة ينظر لها من خلال تأثيراتها المستقبلية، باعتبارها خطر حقيقي لا يتعلق بالماضي و الحاضر، بل يشتد تأثيرها في المستقبل 
.
أنواع الأزمات الاقتصادية و المالية:
تعدد أنواع الأزمات الاقتصادية و المالية و تختلف، إلا أنه يمكن تصنيفها على النحو التالي :
أزمات مديونية خارجية : و هي أزمات تعني أن بلد أو مجموعة من البلدان أصبحت غير قادرة على خدمة ديونها الخارجية (تسديدها).
أزمات مصرفية : و هي نوع من الأزمات التي يتعرض فيها بنك أو عدد من البنوك لعدم القدرة على مواجهة طلبات سحب الودائع، عند حدوث تدافع شديد للمودعين.
أزمات عملة : يحدث هذا النوع من الأزمات عندما تتعرض عملة بلد ما لهجوم مضاربي عنيف، يؤدي
إلى انخفاض قيمتها انخفاضا كبيرا، أو إلى إكراه السلطات الحكومية لهذا البلد على الدفاع عن عملتها عن طريق إنفاق جانب كبير من احتياطاتها الدولية أو عن طريق رفع أسعار الفائدة عليها بشكل حاد.
أزمات مالية شاملة : هي أزمات تتميز باضطرابات شديدة في الأسواق المالية، تضعف من قدرتها على
العمل بكفاءة، و تؤدي إلى آثار غير مرغوب فيها بالنسبة للاقتصاد الحقيقي، و يتضمن هذا النوع صورا
مختلفة أهمها ما يلي :
أزمة سيولة : غالبا ما تنتج عن الاندفاع نحو سحب الودائع من البنوك، و التي قد تكون بسيطة إذا تعلق
الأمر ببنك واحد، حيث يستطيع في هذه الحالة بيع بعض أصوله لمجابهة طلبات المودعين، لكن إذا كان
التزاحم على سحب الودائع ظاهرة عامة تتعلق بكل النظام المصرفي ، فان تنافس البنوك على التصرف في أصولها و محاولة تسييلها يؤدي إلى انهيار قيمتها، و من ثم تتحول مشكلة السيولة إلى مشكلة عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات.
أزمة التوقف عن الوفاء بالالتزامات : و تنتج عن اختلال الهياكل التمويلية للمشروعات، و عدم توافق
هياكل الاستحقاق بين أصول و خصوم البنوك و محدودية رؤوس أموالها، عندما تتعرض المشروعات و
البنوك إلى التعثر و تصبح على وشك التوقف عن الوفاء بالتزاماتها، فتميل إلى الدخول في مجالات استثمار مرتفعة المخاطر أملا في الحصول على عوائد مرتفعة، كبديل من الدخول في مجالات استثمار آمنة منخفضة العائد، و في كثير من الأحيان ينتهي بها هذا السلوك إلى الإفلاس، كما حدث لبنوك الإقراض و الادخار في الو.م.أ مطلع الثمانينات.
أزمة انفجار فقاقيع الأصول : تحدث هذه الأزمة عندما ترتفع أسعار الأصول ارتفاعا شديدا بسبب هجوم
مضاربي عنيف، حيث يعتقد كل مضارب أنه بمعزل عن مخاطر انهيار السوق لأنه يستطيع الخروج منه
في الوقت المناسب، أو لتحقيقه مكاسبا رأسمالية ضخمة تؤمنه ضد مخاطر الانهيار، و لكن بمجرد عودة
أسعار الأصول إلى قيمتها الحقيقية يحدث الانهيار، و خير مثال عن ذلك أزمة الكساد العظيم في 1929
في الو.م.أ، و انهيار سوق الأوراق المالية في اليابان عام 1990 .
أزمة استراتيجيات وقف الخسائر : يحصل هذا النوع من الأزمات عند إصدار المضاربين و التجار أوامرهم بالبيع أو الشراء إلى السماسرة بسعر معين، فإذا ما انتشرت هذه الممارسات ، فان انخفاض الأسعار سيتفاقم بشكل ضخم، و من أشهر الأمثلة على ذلك أزمة أكتوبر1987 في الو.م.أ.
المؤشرات الاقتصادية للأزمات:
بالطبع لا توجد مؤشرات واضحة للدلالة على حودث الأزمات مستقبلا بشكل يقيني، و إلا أمكن معالجة الموقف بمجرد ظهورها، ومن ثم إمكانية تجنب الأزمة، ففي الحقيقة هناك مجموعة من المؤثرات الدالة فقط على مواقف تتسم بتزايد مخاطر التعرض للأزمات، و المنهج الشائع للاستخدام هو بناء "نظام للإنذار المبكر" ، يعني تحديد مجموعة من المتغيرات الاقتصادية التي يختلف سلوكها في الفترة التي تسبق الأزمة عن سلوكها المعتاد، فمن خلال مراقبة هذه المتغيرات يمكننا التنبؤ بوقوع الأزمة.
يتسع نطاق المتغيرات، و يتوقف اختيار بعضها دون البعض الأخر على فهم كل شخص لأسباب الأزمة،
فإذا كان الاعتقاد السائد أن أسبابها مالية، فسوف يعتمد على العجز المالي، الاستهلاك الحكومي،الائتمانات المصرفية للقطاع العام....وغيرها، أما إذا كان يعتقد أن مشكلات القطاع الخارجي مسؤولة أكثر من غيرها عن الأزمات، فان الأولوية سوف تعطى لمؤشرات أخرى مثل : سعر الصرف
الحقيقي، ميزان الحساب الجاري، تغيرات معدل التبادل الدولي، تفاوت أسعار الفائدة المحلية و غيرها.
باستخدام المنهج السابق، أظهرت دراسة أجريت على عينة شملت 53 دولة متقدمة و متخلفة خلال الفترة
من 1975 – 1997 أن سلوك بعض المتغيرات الاقتصادية الأساسية مثل أسعار الصرف، مؤشرات الأسواق النقدية و المالية، قد اختلفت عن سلوكها المعتاد قبل حدوث الأزمة بسنة أو سنتين، يمكننا تصنيف أهم المؤشرات الاقتصادية الدالة على إمكانية تعرض دولة ما لأزمات في سوق الأوراق المالية
و العملات في صنفين هما :
* التطورات في السياسة الاقتصادية الكلية.
* الخصائص الهيكلية للسوق (البنيوية).
التطورات في الاقتصاد الكلي:
* ارتفاع معدل التضخم
* نمو سريع في الدفق النقدي
* انخفاض حقيقي لمعدل نمو الصادرات.
* عجز مالي متزايد.
* ارتفاع معدل التبادل بالنسبة للاتجاه السائد.
* النمو السريع في الاعتمادات المالية المحلية كنسبة مئوية من الناتج القومي الإجمالي.
* ارتفاع نسبة القروض غير المنتجة إلى إجمالي القروض.
* ارتفاع نسبة العجز في الحسابات الجارية كنسبة مئوية من الناتج القومي الإجمالي.
* نمو الديون الخارجية و زيادة الديون في العملات الأجنبية.
* انخفاض الاحتياطي العالمي.
* انخفاض النمو الاقتصادي الحقيقي.
* ارتفاع معدل الأسعار و الأرباح.
*  ارتفاع معدلات الفائدة المحلية و ارتفاع معدل البطالة.
الخصائص الهيكلية أو البنيوية :
* نظام جمود معدلات التبادل.
* إستراتجية النمو المتزايد في الصادرات.
* قطاع التصدير أكثر تركيزا.
* ارتفاع معدل التغير للديون الخارجية.
* ارتفاع حجم الدين الخارجي قصير الأجل.
* تحرر سوق المال الحديث.
* إطار ضعيف للإشراف على الأموال و تنظيمها.
* أسواق الائتمان مضمونة بأصول مالية أو عقارية.
* انخفاض الاكتتاب في سوق الأسهم.
* سيطرة بعض المؤسسات على سوق الأسهم.
* سيطرة بعض الصناعات على سوق الأسهم.
* الرقابة على دخول السوق و الخروج منه.
    إن التدفق السريع للأموال و نمو الاعتمادات المالية المحلية التي تشجع على إزدهار سوق الأسهم، يشكل ضغطا على العملة المحلية في حين أن إرتفاع معدلات الفائدة المطلوب لحماية العملات المتدنية بشكل تدريجي بمحو شهرة و بريق الاستثمارات في الأسهم العادية، كما أن تزايد معدلات البطالة يشير إلى عدم استعداد الدولة للتضحية بالنمو الاقتصادي مقابل تحقيق زيادة معدل التبادل.
 يبدو لنا الآن أننا نعرف بعض الشيء عن محددات الانهيارات في سوق الأسهم، فالحركات في الاحتياطات العالمية، عملية التصدير و النمو الاقتصادي الحقيقي، التضخم المالي المحلي و التحركات في معدل  التبادل الحقيقي هي من بين المؤشرات المفيدة  جدا في التنبؤ بالأزمات في الدول المتقدمة و أسواق الدول النامية.
 أسباب الأزمات المالية:
 لا يمكن إرجاع الأزمات المالية إلى سبب واحد أو سببين، فهناك جملة  من الأسباب تتضافر في آن واحد لإحداث أزمة مالية، و يمكن تلخيص أهم هذه الأسباب فيما يلي:
 عدم الاستقرار الاقتصاد الكلي:
      إن أحد أهم مصادر الأزمات الخارجية هو التقلبات في شروط التبادل التجاري، فعندما تنخفض شروط التجارة يصعب على عملاء البنوك المشتغلين بنشاطات ذات العلاقة بالتصدير و الاستيراد الوفاء بالتزاماتهم خصوصا خدمة الديون، و تشير بيانات البنك الدولي إلى أن حوالي75% من الدول النامية التي حدثت بها أزمة مالية، شهدت:
انخفاضا في شروط التبادل التجاري: بحوالي 10% قبل حدوث الأزمة، وهذا العامل يعد سببا رئيسيا للأزمة المالية في كل من فنزويلا و الإكوادور،  حيث  الاعتماد الكبير على الصادرات النفط الخام مع صغر حجم الاقتصاد و قلة تنوعه.
كما أن تقلبات  أسعار الفائدة العالمية: أحد المصادر الخارجية المسببة للأزمات المالية في الدول النامية، فتغيراتها لا تؤثر فقط على تكلفة الاقتراض بل الأهم من ذلك هو تأثيرها على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر و درجة جاذبيته في هذه الدول.
التقلبات في معدل التضخم: هي عامل حاسم في قدرة القطاع المصرفي على القيام بدور الوساطة المالية(منح الائتمان و توفير السيولة)، و قد اعتبر الركود الاقتصادي الناتج عن ارتفاع مستويات الأسعار سببا مباشرا لحدوث الأزمات  المالية في دول أمريكا الجنوبية و الدول النامية.
التقلبات في أسعار الصرف الحقيقية: يعتبر أحد مصادر الاضطرابات على مستوى الاقتصاد الكلي و التي كانت سببا مباشر أو غير مباشر لحدوث العديد من الأزمات المالية كما حدث في الدول النامية في أمريكا الجنوبية، التي عانت من اضطرابات في أسعار الصرف الحقيقية بمعدل أعلى من أي إقليم في العالم بما في ذلك دول جنوب شرق آسيا، حيث أن الارتفاع الحاد في أسعار الصرف الحقيقية أحد آثار إرتفاع الأرباح في قطاع التجارة الخارجية أو ارتفاع أسعار الفائدة المحلية.
اضطرابات القطاع المالي:
 شكل التوسع في منح الائتمان في التدفقات الكبيرة لرؤوس الأموال من الخارج و انهيار أسواق الأوراق المالية القاسم المشترك الذي سبق حدوث الأزمات المالية في حالة دول جنوب شرق آسيا، فلقد شهدا القطاع المالي في تلك الدول خلال حقبة الثمانيات و التسعينات توسعا كبيرا، تواكب مع الانفتاح الاقتصادي و التجاري و التحرر المالي غير الوقائي و غير الحذر بعد سنوات من الانغلاق و سياسات الكبت المالي بما في ذلك ضغط الاقتراض و صغر حجم و دور القطاع المالي في الاقتصاد.
فلقد عانت تلك الدول من عدم التهيئة الكافية للقطاع المالي و ضعف واضح في الأطر المؤسسية القانونية و التنظيمية، من ناحية أخرى أدى التوسيع في منح الائتمان إلى حدوث ظاهر تركز الائتمان سواء في نوع معين من القروض مثل القروض الاستهلاكية أو العقارية مثل ما حدث في الأزمة  المالية في كوريا الجنوبية، أو لقطاع واحد كالقطاع الحكومي أو الصناعي أو التجاري كما حدث في تايلاندا.
  من الأمور التقليدية التي شاهدتها الدول النامية في جميع الأزمات المالية حصول انتعاش كبير في منح القروض، وهذه الظاهرة لم تقتصر على الدول النامية فقط بل شملت أيضا الدول الصناعية مثل فلندا، النرويج، السويد و الولايات المتحدة. كما كانت انتكاسة سوق الأوراق المالية  القاسم المشترك في العديد من الأزمات المصرفية. 
عدم تلاؤم أصول و خصوم المصارف: تظهر هذه المشكلة بسبب التوسع في منح القروض، وعدم الاحتفاظ بقدر كافي من السيولة لمواجهة التزاماتها الحاضرة و العاجلة في فترات تكون فيها أسعار الفائدة العالمية مرتفعة و أكثر جاذبية من أسعار الفائدة المحلية، وقد يتعرض زبائن البنوك كذلك إلى عدم التلاؤم بالنسبة للعملة الأجنبية، و عدم التلاؤم أيضا بالنسبة لفترات الاستحقاق.
تحرر مالي غير وقائي: إن التحرر المتسارع غير الحذر للسوق المالي، بعد فترة كبيرة من الانغلاق و التقيد، قد تؤدي إلى حدوث الأزمات المالية، فمثلا عند تحرير أسعار الفائدة فإن البنوك المحلية تفقد الحماية التي كانت تتمتع بها في ضل تقييد أسعار الفائدة كما يسبب لها التحرر المالي ضغوطا تنافسية نتيجة دخول بنوك أخرى للسوق المالي، بالإضافة إلى ذلك يؤدي إلى استحداث مخاطر ائتمانية جديدة قد لا تتحملها البنوك نتيجة ضعف الإعداد التهيئة الرقابية وقلة الموارد و الخبرات اللازمة للتعامل معها، وخير مثال على ذلك الأزمات المالية التي حدثت في البرازيل، الشيلي، المكسيك و فنزويلا.
تدخل الحكومة في تخصيص الائتمان: في الكثير من الأحيان كانت الحكومة تقوم بتوزيع الموارد المالية المتاحة على قطاعات اقتصادية و أقاليم جغرافية بعينها في إطار خطة للتنمية أو لخدمة أغراض أخرى قد تكون سياسية بالدرجة الأولى و ليست اقتصادية.
وفي الدول العربية، لا يزال القطاع المصرفي ملكا للدولة، مما يترتب عنه من مشاكل من حيث انخفاض الإنتاجية، قلة الكفاءة و الحافز على الإبداع، وفي كثير من الأحيان يعاني القطاع المصرفي من احتكار الحكومة لنشاطاته، فأدى هذا الوضع إلى حصول الأفراد ذوي النفوذ و الاتصالات الواسعة مع الحكومة على القروض دون الأخذ في الاعتبار سلامة المشروع الاستثماري أو القدرة المالية للمقترض. ضعف النظام المحاسبي و التنظيمي: تعاني معظم الدول التي تعرضت لأزمات مالية من الضعف في النظام و الأجراء المحاسبية المتبعة و درجة الإفصاح عن المعلومات خصوصا فيما يتعلق بالديون المعدومة و نسبتها في محفظة البنك الائتمانية، كما تعاني من ضعف النظام القانوني المساند للعمليات البنكية، و عدم الالتزام بالقانون الخاص بالحد الأقصى للقروض المقدمة لمفترض واحد و نسبتها من رأسمال البنك.
تشوه نظام الحوافز
  إن ملاك البنوك و الإدارات العليا لا يتأثرون ماليا من جراء الأزمات المالية التي ساهموا في حدوثها، فلا يتم إنهاء خدماتهم أو تحميلهم الخسائر التي حدثت من جراء الأزمة، فلقد أثبتت الإدارات عجزها في تعديل هيكل البنك و تدوير المناصب الإدارية، ودلت التجارب على أن الإدارات العليا كثيرا ما نجحت في إخفاء الديون المعدومة لسنوات وذلك نتيجة ضعف الرقابة المصرفية من جهة وضعف الإجراءات المحاسبية من ناحية أخرى، هذا الوضع جعل من الصعب التعرف على العلامات السابقة لحدوث الأزمة من أجل تفاديها.
 سياسات سعر الصرف  
  تعتبر الدول المعتمدة على سعر الصرف الثابت أكثر عرضة للصدمات الخارجية، ففي ظل هذا النظام يصعب على السلطات النقدية أن تقوم بدور البنك الملجأ الأخير للاقتراض بالعملات الأجنبية حيث أن ذلك يعني فقدان السلطات النقدية لاحتياطاتها من النقد الأجنبي و حدوث أزمة العملة مثل المكسيك و الأرجنتين وقد تمخض عن أزمة العملة ظهور العجز في ميزان المدفوعات، ومن ثم تنقص في عرض النقود و ارتفاع أسعار الفائدة المحلية مما يزيد من تفاقم الأزمة.
بالمقابل عند انتهاج سياسة سعر الصرف المرن فإن حدوث أزمة العملة سوف يؤدي فورا إلى تخفيض قيمة العملة و زيادة في الأسعار المحلية مما يؤدي إلى تخفيض قيمة أصول و خصم المصارف إلى مستوى أكثر توافق مع متطلبات الأمان المصرفي.
   الأزمة المالية هي اضطرا بات تحدث في أسواق المال، تضعف قدرة هده الأسواق على العمل بكفاءة، و تؤدي إلى أثار غير مرغوب فيها، و تتنوع هاته الأزمات وتنقسم إلى أزمة سيولة، التوقف عن الوفاء بالالتزامات، فقاقيع الأصول و أزمة استراتيجيات وقف الخسائر.
أما المؤشرات الاقتصادية المستعملة للتنبؤ بالأزمات المالية فهي مختلفة حسب الاعتقاد السائد حول أسباب الأزمة لكنها تبقى عاجزة نسبيا عن التنبؤ بالأزمات، و إلا أمكن تفادي هده الأخيرة نهائيا وترجع أهم أسباب الاضطرابات المالية عالميا إلى عدم استقرار الاقتصاد الكلي و مشاكل القطاع المالي إضافة إلى تشوه إدارة البنوك و مختلف و المؤسسات المالية وأخيرا سياسات سعر الصرف المتبعة، و سنتعرض  إلى أهم الأزمات المالية العالمية التي نتجت عن الأسباب سابقة الذكر.
 
1- الأزمة النقدية والمالية الدولية خلال السبعينيات:
       عرفت الأزمة النقدية والمالية الدولية خلال السبعينيات أحداثا متنوعة ذات تأثيرات متبادلة ومتميزة من حيث الزمن. ويمكن تقسيم فترة السبعينيات إلى قسمين أثنين، هما:    
أ-  الأزمة النقدية والمالية الدولية خلال النصف الأول من السبعينيات:
   عرفت هذه الفترة تخفيضين متتاليين لقيمة الدولار الأمريكي إلى غاية نهاية سنة 1975، ففي سنة1971 إنخفضت قيمته مقابل عملتي سويسرا والنمسا عندما قامتا بتعويمهما كما أعلنت الحكومة الأمريكية في  15اوت1971 عن جملة من الإجراءات الإستثنائية لإنقاذ الدولار، تمثلت في إلغاء قابليته للإستبدال بالذهب للجهات الرسمية الأجنبية، وفرضت ضريبة جمركية إضافية على الواردات مقدارها 10%، وفي هذه السنة ومع إنعقاد مؤتمر صندوق النقد الدولي، طالبت الدول الأوربية بتخفيض قيمة الدولار وإلغاء الضريبة الجمركية الإضافية، أما الولايات المتحدة الأمريكية فمارست مختلف الضغوطات تجاه هذه الدول من أجل رفع قيم عملاتها مقابل الدولار حتى تتفادى عملية تخفيض قيمته وتحافظ على هيبته ومكانته، وبعد مفاوضات طويلة ومعقدة داخل مجموعة العشرة، تم التوصل في نهاية سنة 1971 إلى إتفاق شامل تضمن مايلي:
- تخفيض قيمة الدولار بحوالي 8%.
- رفع  سعر الرسمي للذهب من 35 دولار إلى 38 دولار للأوقية.
- رفع  قيمة بعض العملات الأخرى.
- توسيع هامش التقلبات في أسعار صرف العملات من2% إلى4,5%.
- إلغاء الضريبة الجمركية الإضافية.
    وقد ترتب عن عملية تخفيض قيمة الدولار إعادة النظر في أسعار صرف عملات الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي، حيث مست العملية 96 عملة من أصل 118عملة كما تراوحت نسبة الإنخفاض ما بين10% و12% أخذا بعين الإعتبار نسب التغير في أسعار صرف عملات الدول الأخرى وأهميتها النسبية في التجارة الدولية .
   وفي منتصف سنة1972، لجأت إنجلترا إلى تعويم الجنيه الأسترليني كنتيجة لإرتفاع معدلات التضخم وإنخفاض القدرة التنافسية لسلعها في الأسواق الدولية، بحيث إنخفض سعره في حدود 6%-8% .
   وفي بداية سنة 1973،  قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتخفيض ثان  في قيمة الدولار بمقدار 10% وهو ما أدى إلى إرتفاع السعر الرسمي للذهب إلى 42,22 دولار للأوقية، وكان من نتيجة هذا التخفيض أن إنتقلت الدول الصناعية من نظام أسعار الصرف الثابتة إلى نظام أسعار الصرف المعومة، وترتب عن هذا التوجه دخول العملات الرئيسية في تقلبات حادة ودائمة مست أسعار صرفها، كما قامت  ستة دول بتحديد هامش ضيق لتقلبات أسعار صرف عملاتها مقابل الدولار والعملات الأخرى، حيث بلغ الهامش 2,25%.وفي نهاية السنة ظهرت الأزمة النقدية والمالية الدولية مجددا، إذ إنخفضت أسعار صرف العملات الأوربية والين الياباني بشكل حاد، وإستمرت هذه التقلبات الحادة إلى نهاية سنة1975.
    وكانت لتحركات رؤوس الأموال قصيرة الأجل دورا بالغ الأهمية في التقلبات الحادة لأسعار صرف العملات، وكانت التقلبات التي تحدث خلال فترة قصيرة لا تبررها تغيرات مقابلة في العلاقة بين القوة الشرائية للعملات، زيادة على هذا، أدت التقلبات إلى الشعور بعدم الإطمئنان وفقدان الثقة في كل العملات وهو ما نجم عنه إرتفاع حاد في أسعار الذهب خصوصا سنتي 1973 و1974.
  وفيما يتعلق بأقسام السوق المالية الدولية والمتمثلة في سوق الودائع المصرفية وسوق القروض بمختلف أنواعها وكذا سوق الأوراق المالية، فكان تأثير الأزمة النقدية والمالية في  بداية السبعينيات كبيرا. فالإتجاه العام السائد فيما يخص سوق الودائع المصرفية تمثل في إرتفاع الأصول السائلة لدى البنوك، وقد ترتب عن هذا التطور إرتفاع حاد في القروض قصيرة الأجل وإنخفاض مقابل في القروض طويلة الأجل التي أدت إلى النقص الكبير في الإستثمارات طويلة الأجل، حيث إتجه المستثمرون إلى تفضيل إستثمار الأموال على شكل ودائع بهدف الحصول على الفوائد العالية المقدمة.
   ومع دخول عائدات الدول المنتجة للنفط إلى الأسواق المالية الدولية بداية من سنة1973 وإستمرار حجم الودائع قصيرة الأجل والجارية في الإرتفاع بوتيرة سريعة، عرفت أسعار صرف جميع العملات تقلبات حادة وإزدادت بقوة مع إعتماد نظام أسعار الصرف العائمة.
    في سنة 1974، ظهرت أزمة ثقة بالنسبة للعملات الأوروبية بعد إفلاس عدد  كبير من البنوك، هذه الأزمة أدت إلى تراجع كبير في الإحتفاظ بأرصدة على شكل ودائع طويلة الأجل لدى البنوك، كما تراجع الإستثمار في أسوق العملات الأجنبية والسندات الأوروبية نتيجة تفاقم العجز في موازين مدفوعات اليابان وإيطاليا بعد إرتفاع أسعار النفط نهاية 1973.
   وفي سوق السندات، حصلت تطورات هامة في السوق الأوروبية، بحيث لم يعد الدولار العملة الأولى في إصدار السندات بعدما تدهورت قيمته، كما أن حاملي السندات المحررة بالدولار كانوا يخافون من أن يؤدي الإنخفاض في قيمة الدولار إلى تدهور دخولهم وقيمة سنداتهم في الأسواق، ونتيجة لهذا، إرتفعت حصيلة الأوراق المالية المصدرة بالعملات القوية كالمارك الألماني والفرنك السويسري.
   وتجنبا للضغوط  التي تؤثر على أسعار صرف العملات، إتخذت ألمانيا وسويسرا عدة إجراءات بهدف الحد من عمليات إستعمال عملاتها في إصدار السندات في الأسواق المالية وهو ما أدى إلى دعم الدولار والحد من عمليات الهروب منه، وإلى جانب هذا، ساهمت عوامل أخرى في عدم خروج الدولار من سوق السندات الأوروبية من أهمها:
- تحسن مركز الدولار.
- إلغاء القيود التي كانت تعيق خروج روؤس الأموال من الولايات المتحدة الأمريكية.
- تطور السوق المالية الأمريكية.
- تخفيف الآثار السلبية لإنخفاض قيم العملات المستخدمة في إصدار السندات الدولية.
خلال سنتي 1973 و1974، عرف إصدار السندات الجديدة إنخفاضا حادا مقارنة بسنة  1972، كما إنخفض مبلغ السندات الأوروبية المصدرة سنة1974 إلى الثلث مقارنة بسنة 1972 كذلك.
خلال النصف الأول من سنة1975، إرتفع سعر صرف الدولار مقابل العملات الأوروبية بمقدار15% ورغم هذا التحسن فقد عرفت السندات المحررة بوحدة حقوق السحب الخاصة نموا كبيرا. كما إرتبط الطلب على السندات المحررة بالدولار أو بوحدة حقوق السحب الخاصة بإتجاه تقلبات سعر صرف الدولار، فعندما ترتفع قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى تنخفض قيمة الوحدة من حقوق السحب الخاصة مقيمة بالدولار، وهكذا ينخفض الطلب على السندات المحررة بوحدة حقوق السحب الخاصة، ويزداد بالمقابل الطلب على السندات المحررة بالدولار. أما حين تنخفض قيمة الدولار فيحدث العكس، وتصبح قيمة وحدة حقوق السحب الخاصة أكثر ثباتا من الدولار.
   إن معدلات التضخم التي إرتفعت في الدول الصناعية سنة 1975 ترتبت عنها خسائر كبيرة تحملها المقترضون جراء القروض الطويلة الأجل وكذلك القروض قصيرة الأجل. كما أن الإستثمارات تناقصت بشكل كبير جراء تفضيل المقرضون تقديم قروض قصيرة الأجل في فترات التضخم.
   ومع تسارع معدلات التضخم عانت البنوك من آثار سلبية نتيجة تزايد حجم الودائع الآجلة على حساب إنخفاض الودائع الجارية، أي من تزايد الفوائد التي تدفعها.
ب- الأزمة النقدية والمالية الدولية خلال النصف الثاني من السبعينيات :
    عرفت أسعار صرف العملات إستقرارا نسبيا خلال الفترة (1975-منتصف سنة1977)، إلا أنه لم يدم طويلا، فمنذ منتصف سنة 1977 وإلى غاية أكتوبر 1978، تعرض الدولار لسلسلة من الأزمات أدت إلى إنخفاض قيمته تجاه العملات الأوروبية والين الياباني وبلغت نسب الإنخفاض 26,69% و36,10% و40,8% تجاه المارك الألماني والين الياباني والفرنك السويسري على التوالي، كما ترتب عن هذا التدني إرتفاع سعر الذهب من 143 دولار إلى 242 دولار للأوقية.
  وتمثلت أسباب تدني قيمة الدولار في العناصر الموالية:
- تزايد فوائض الميزان التجاري الياباني.
- إرتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية.
- خروج رؤوس الأموال الأمريكية طويلة الأجل بإتجاه الدول الأخرى.
- عدم تدخل السلطات النقدية للتأثير على سعر صرف الدولار ودعمه.
 زيادة على هذا، نتج عن تدني قيمة الدولار الأمريكي نتائج بالغة الأهمية، تمثلت فيما يلي:
- تعرض دول أوروبا الغربية للضعف في قدراتها التنافسية في الأسواق الدولية.
- كما عانت من الآثار التضخمية بسبب تدخلها المستمر في أسواق العملات لدعم قيمة الدولار.
- تحمل الدول النامية لجزء كبير من أضرار إنخفاض سعر صرف الدولار نتيجة تدهور معدلات التبادل لديها .
- زيادة خدمات الديون الخارجية جراء إرتفاع أسعار الفائدة الناجمة عن عدم إستقرار أسعارصرف العملات الرئيسية والإرتفاع المطرد للتضخم.     
- إشتداد عمليات المضاربة بالعملات والأوراق المالية والذهب.
- إضطراب العلاقات النقدية الدولية.
   وخلال سنة1978، حصلت تطورات هامة في مجال الإستقرار النقدي، حيث عملت كل من فرنسا وألمانيا على تحقيق درجة كبيرة من الإستقرار في أسعار صرف العملات للدول الأعضاء في المجموعة الأوروبية من خلال تطوير آلية العمل بالنظام النقدي الأوروبي. كما إتخذت الولايات المتحدة الأمريكية سلسلة من التدابير تهدف إلى مكافحة التضخم والحد من تدني قيمة الدولار بدعمه في أسواق صرف العملات.
   وفي هذا الإطار، وضعت تحت تصرف سلطاتها النقدية مبالغ كبيرة متأتية من تسهيلات إئتمانية خارجية بالعملات الأجنبية، وكانت نتيجة هذه التدابير أن إرتفع سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى وتراجع عجز ميزان المدفوعات.
   في سنة 1979، أخذت الأزمة النقدية والمالية الدولية صورة أكثر حدة، وقد تميزت هذه الصورة بالآثار الموالية:
- إرتفاع معدلات التضخم إلى مستويات عالية جدا لم تعرف من قبل.
- إرتفاع أسعار الفائدة بشكل ملحوظ.
- إنهيار أسعار الأوراق المالية في الأسواق الدولية.
- تقلبات حادة في أسعار صرف العملات الرئيسية.
- ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات خيالية، نتيجة عجز مختلف العملات عن أداء وظيفتها كمستودع للقيمة.
2- الأزمة النقدية والمالية الدولية خلال الثمانينيات :
   في بداية الثمانينيات، عرف سعر صرف الدولار تحسنا ملحوظا تجاه العملات الأخرى، حيث إرتفع سعره أمام كل من الجنيه الإسترليني والمارك الألماني والفرنك الفرنسي والفرنك السويسري بالنسب الموالية على الترتيب: 35,67%، 27,13%، 17,83% 32,32%، 20,44%.
    في سنة1981، عرفت معدلات الإنتاج الصناعي والأسعار وعرض النقود وكذلك أوضاع الموازين التجارية تفاوتا كبيرا في أهم البلدان الصناعية، حيث إنخفض الإنتاج الصناعي في كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا بنسب متباينة، أما في اليابان والولايات المتحدة الأمركية، فقد عرف نموا بلغ 5% و8% على الترتيب، ومع هذه التطورات إرتفعت أسعار الإستهلاك في جميع الدول بمعدلات عالية كنتيجة للزيادات الكبيرة في عرض النقود كما إرتفعت أسعار الفائدة بحدة حتى وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ الحرب العالمية الثانية.
 ويعود هذا الإرتفاع إلى سببين إثنين هما:
- إرتفاع معدلات التضخم التي عولجت برفع أسعار الفائدة.
- عمليات دعم العملات.
    لقد أثرت أسعار الفائدة المرتفعة في الدول الصناعية على درجة الإستثمارات في الإقتصاد وعرقلت الأنشطة الإنتاجية بشكل خاص، الأمر الذي أدى إلى إستمرار إرتفاع معدلات التضخم.
   إن الإجراءات والسياسات التي إعتمدتها الدول للتأثير على أوضاع أسواقها المالية وعلى قيم الأوراق المالية في البورصات، إنما كانت لمواجهة التضخم ومنه التأثير على أسعار الفائدة.
ورغم الإختلاف في الإجراءات المتبعة، إلى أنها إشتملت بصفة عامة على ما يلي:
- إحداث تغييرات في حجم النفقات الحكومية.
- إتباع سياسة السوق المفتوحة.
- زيادة الضرائب.
- تخفيض كمية النقود المتداولة.
    وخلال النصف الثاني من سنة 1981، شهدت الأسواق المالية الدولية أزمة حادة تسببت في إنخفاض أهم مؤشرات الأوراق المالية، ويرجع السبب في ذلك إلى إرتفاع أسعار الفائدة في الدول الصناعية وإلى إرتفاع معدلات التضخم.
     بداية من سنة1982، لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى رفع أسعار الفائدة لديها  بهدف دعم الدولار، إلا أن ذلك لم يمنع أسعار الأوراق المالية من الإرتفاع، ويرجع ذلك إلى تحسن معظم مؤشرات الأداء الإقتصادي التي أثرت على أوضاع الأسواق المالية الدولية.
  خلال الفترة الممتدة من سنة 1984 إلى سنة 1986، إنخفضت معدلات نمو الناتج القومي الحقيقي في كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وألمانيا، وكانت الأسباب الرئيسية لهذا الإنخفاض تكمن في إرتفاع أسعار الفائدة بشكل كبير حتى سنة1985، كما نجم عن هذا الإرتفاع تراجع حجم الإستثمارات ومنه تدني معدلات نمو التجارة الدولية بداية من سنة 1985.
خصائص تقلبات أسعار صرف العملات الرئيسية الدولية:
تميزت تقلبات أسعار صرف العملات الرئيسية الدولية بالخصائص الموالية:
- بداية من سنة 1981 وحتى سنة 1985، إتجه سعر صرف الدولار نحو الإرتفاع بشكل سريع مقابل العملات الأخرى بسبب إرتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، الأمر الذي إضطر اليابان والدول الأوروبية إلى رفع أسعار الفائدة لديها كي تخفف من الضغوط التي كانت تتعرض لها عملاتها والحد من التأثيرات السلبية على حجم الإستثمارات في إقتصادها  وكذلك على إستقرار الأسواق المالية الدولية بصفة عامة.
- منذ سنة 1985، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتخفيض أسعار الفائدة بهدف دفع سعر صرف الدولار نحو الإنخفاض وقد أدى هذا إلى حدوث هزات عنيفة في الأسوق المالية الدولية.
- في سنة 1987، رفعت الولايات المتحدة الأمريكية أسعار الفائدة مما أدى إلى إنخفاض أسعار الأوراق المالية بشكل حاد في الأسواق المالية الدولية، وفي نهاية السنة تزايدت مطالبة اليابان وألمانيا للولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل لدعم الدولار عن طريق تخفيف عجز موازنتها العامة، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تف بوعودها وكان هدفها هو تحقيق مزايا تنافسية في الأسواق الدولية من خلال إنخفاض قيمة الدولار ومنه تخفيف العجز في ميزانها التجاري. 
- أدى تدهور قيمة الدولار وأسعار الأوراق المالية في أهم الأسواق المالية الدولية إلى إنتشار موجة من الذعر في الأوساط المالية الدولية. مما حتم اليابان وألمانيا على التدخل في الأسواق المالية لدعم الدولار من خلال شراء مبالغ كبيرة منه مقابل عملاتها المحلية، وهو ما ساهم في رفع معدلات التضخم لديها.
 أزمة أكتوبر1987:
     تعرضت أسواق الأوراق الأوروبية لأزمة حادة جراء إنهيار الأسعار في بورصة   وول ستريت في نيويورك يوم19 أكتوبر 1987، وقد إمتدت آثار هذا الإنهيار بسرعة إلى آسيا ، ففي هذا اليوم إندفع المستثمرون مرة واحدة إلى بيع أسهمهم متسببين في هبوط مؤشر داوجونز بمقدار 508 نقطة في يوم واحد، وسرعان ما إنتشر الذعر إلى باقي بورصات العالم، وكانت الخسائر كبيرة، حيث بلغت في بورصة نيويورك 26% وفي فرانكفورت15% وفي أمستردام 12%، وفي هونغ كونغ وبروكسل11% ……إلخ.
وقد أعتبرت الأزمة النقدية والمالية في أكتوبر 1987 الأعنف بعد الأزمة الإقتصادية الكبرى سنة 1929، كما يعتقد أن الإعلان عن إحصائيات التجارة الأمريكية هو المتسبب في الإنهيار الحاصل. فالإنخفاض السريع الذي سجله مؤشر داوجونز والأرقام القياسية الجديدة في حجم بيع وشراء الأوراق المالية، أدى إلى تحول كبير في  سلوكية البورصات، بحيث تعرضت أسهم 5000 شركة تتعامل في البورصات الأمريكية إلى خسارة قدرها 490 مليار دولار، وكانت الإحصائيات الجديدة تبين أن العجز التجاري الأمريكي قد توسع بشكل لم يكن متوقعا، حيث بلغ 16,5 مليار دولار ي شهر سبتمبر 1987، وكان إستنتاج المستثمرين أن الولايات المتحدة الأمريكية ستعمل على دفع الصادرات وتحديد الواردات من خلال تخفيض قيمة الدولار في أسواق الصرف الدولية. وهذا ما يقلل من قيمة الموجودات الدولية لدى المستثمرين الأجانب.
أسباب أزمة أكتوبر 1987
  يمكن أجمال أسباب الأزمة النقدية والمالية الدولية لشهر أكتوبر1987 في النقاط الموالية:
- ظهور الكثير من المؤشرات حول حدوث أزمة إقتصادية مع بداية سنة 1988.
- استمرار عجز الميزان التجاري الأمريكي حسب الإحصائيات الأمريكية، وتوقعات المراقبين الاقتصاديين.
- توقع توجه الولايات المتحدة الأمريكية إلى معالجة العجز في ميزانها التجاري عن طريق تخفيض قيمة الدولار، بهدف زيادة الصادرات والحد من الواردات، وهو الإجراء الذي من شأنه المساهمة في تخفيض القيمة الحقيقية للموجودات بالدولار والبحث عن مجالات أخرى أكثر ضمانا، وهو ما ساهم في زيادة عرض الأصول المالية -خاصة الأسهم- ومنه انهيار أسعارها.
- تحول الكثير من المستثمرين من حيازة الأسهم إلى السندات -السندات الحكومية طويلة الأجل الصادرات عن السلطات الأمريكية- الأمر الذي أدى إلى إنهيار أسعار الأسهم.
- لجؤ الكثير من المستثمرين إلى الأسواق النقدية .
- إستبدال أصول مالية طويلة الأجل بأصول قصيرة الأجل توفيرا للضمانات في مواجهة الأزمات المتوقعة.
- إرتفاع أسعار الفائدة.
- تزايد حجم المديونية الخارجية الأمريكية التي وصلت إلى مستويات خطيرة، أضعفت إلى حد بعيد الثقة بالدولار والأصول المالية المحررة به.
العوامل المساهمة في حدة أزمة أكتوبر 1987 :
   هناك عوامل عديدة ساهمت في حدة أزمة أكتوبر 1987 مقارنة بأزمة أكتوبر1929 وهذه العوامل هي كما يلي:
- التطور الكبير في نشاط الأسواق المالية الدولية.
- قوة الروابط بين الأسواق المالية الدولية.
- ضخامة الصفقات والعمليات في هذه الأسواق.
- تنوع الأصول المتعامل بها.
- التقنية العالية المتعامل بها في إدارة العمليات والأنشطة.
-  سرعة أداء العمليات من خلال الأساليب الحديثة في الإتصال، الأمر الذي أدى إلى سرعة إنتقال الأزمة من سوق إلى أخرى.
- طبيعة وخصائص العلاقات النقدية والمالية الدولية، حيث أصبح تداول العملات الرئيسية    الدولية من أهم قنوات إنتقال الأزمات.
أشكال تدخل السلطات النقدية في الدول التي مستها الأزمة: 
  يمكن اجمال أهم أشكال تدخل السلطات النقدية في العناصر الموالية:
- إيقاف التعامل في بعض البورصات مؤقتا.
- استخدام أسعار الفائدة لإيقاف تدهور أسعار الأوراق المالية.
- لجوء بعض الدول- اليابان وألمانيا إلى شراء مبالغ ضخمة من الدولارات بعملاتها للحد من انخفاض قيمة الدولار.
- وضع قيود وضوابط جديدة لتنظيم عمليات البورصات والحد من إشتداد المضاربات.
- مطالبة الدول الأوروبية واليابان للولايات المتحدة الأمريكية بإتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لمعالجة أوضاعها المالية وخاصة إنخفاض قيمة الدولار.
- توجه بعض الحكومات إلى إجراء تحقيقات حول بعض المضاربات المشبوهة في البورصات.
- قيام الحكومة الأمريكية بالضغط على ألمانيا كي تجري تخفيضات في أسعار فائدتها بهدف إيقاف تدهور الدولار أمام المارك.
- تدخل الحكومات مباشرة في عمليات البيع والشراء بهدف إعادة الاستقرار تدريجيا إلى الأسواق المالية.
أزمة أكتوبر1989:
   منذ انهيار أسواق الأوراق المالية في أكتوبر1987، تراجع المستثمرون عن التعامل مع البورصة الأمريكية.
   وخلال سنة1988، تأرجحت سوق الأسهم الأمريكية في حدود ضيقة دون أن يكون لها اتجاها محددا. فبدأت الهيئات المستثمرة تفضل آمان التوظيفات قصيرة المدى على غلة الأسهم غير المؤكدة، فعلى مدى سنة1988، باعت الهيئات المستثمرة العامة أسهما أمريكية بحوالي 07 مليار دولار، كما قام الأفراد بتصفية ما يعادل 105 مليار دولار. وفي خلال أشهر قليلة بعد الأزمة، قامت الشركات وبشكل لم يسبق له مثيل بعمليات الإندماج أو الإفتراق والبيع وتقليل العمليات وإعادة التنظيم الهيكلي.
   وفي هذا الإطار، إشترت الشركات سنة 1988، أسهما بحوالي 113 مليار دولار وتراجع تمويل البورصة الأمريكية من خلال هذه المبالغ بنسبة25%، كما بلغ حجم عمليات الإندماج 200مليار دولار أغلبها أموال مقترضة، الأمر الذي أدى إلى وصول حجم ديون الشركات الأمريكية إلى 2000 مليار دولار.
    وفي يوم 13أكتوبر 1989، بدأت الإضطرابات إثر إعلان الحكومة الأمريكية عن إحصائيات تشير إلى تصاعد حدة التضخم، وإرتفعت أسعار الجملة والتجزئة خلال شهر سبتمبر بنسبة9%، و5% على التوالي، كما جاء في التقارير إحتمال قيام بنك الإحتياط الفدرالي بتخفيض أسعار الفائدة، وفي صبيحة هذا اليوم، فقد مؤشر داوجونز حوالي 190 نقطة وهو ما يعادل07% عن اليوم السابق، كما فقد مؤشر نيكي بطوكيو حوالي 647 نقطة أي 1,8%، وفي لندن أضاع مؤشر فايننشال تايمز حوالي 142 نقطة أي 6,4%، أما في باريس فقد تراجع مؤشر كاك أكثر من07%.
الأزمة النقدية والمالية الدولية خلال التسعينيات :
    سنتناول الأزمات النقدية والمالية التي حدثت في كل من دول شرق آسيا، وروسيا والمكسيك والبرازيل، ويكون هذا التطرق متعلقا بالأسباب والنتائج المترتبة بصفة عامة.
الأزمة المالية الآسيوية:
   كانت الدول التي مستها الأزمة المالية تايلندا، كوريا، اندونيسيا وماليزيا تتمتع بسجل رائع في الأداء الاقتصادي على مدى ثلاثة عقود، حيث تميز هذا الأداء بالنمو السريع والتضخم المنخفض واستقرار الاقتصاد الكلي والمراكز المالية القوية ومعدلات الادخار المرتفعة والاقتصادات المفتوحة والقطاعات الاقتصادية المزدهرة.
   ومع بداية النصف الثاني من سنة 1997، بدأت الأزمة متعارضة مع مستويات الأداء الجيدة، وقد ترتب عن الأزمة كساد عميق وارتفاع في البطالة والفقر والخلل الاجتماعي، وكانت الأزمة التي حدثت عبارة عن نتيجة حتمية لما تضمنته اقتصادات البلدان من الضعف، وبالأخص في الجانب المالي، وهو جوهر أسباب إندلاعها.
أسباب الأزمة المالية الآسيوية:
    اجتمعت مختلف الآراء على أن العامل الرئيسي الذي أدى إلى بداية الأزمة الآسيوية تمثل في الضعف المالي الذي شمل أربعة جوانب مترابطة، هي كما يلي:
* أن الكثير من المؤسسات المالية والشركات بالدول المتأثرة بالأزمة، كان يقترض بالعملات الأجنبية بدون تحوط كاف، الأمر الذي جعلها تتعرض إلى أخطار انخفاض قيمة عملاتها.
* مثلت الديون القصيرة الأجل حجما كبيرا في إجمالي الديون، في حين كانت الأصول المالية طويلة الأجل، وكانت النتيجة أن تدافع المودعون على سحب ودائعهم من المصارف بصورة غير عادية.
* كانت أسعار الأسهم والعقارات قد ارتفعت بشكل كبير قبل الأزمة، الأمر الذي أدى إلى حدوث انكماش شديد في أسعار الأصول.
* سوء تخصيص الإئتمان، حيث أثبتت المشاكل المتزايدة في المصارف وغيرها من المؤسسات المالية الأخرى -قبل اندلاع الأزمة - ضعف النظم المصرفية وسوء إدارة وتوجيه الشركات والافتقار إلى الشفافية في القطاع المالي.



الأزمة المالية المكسيكية :
    عرفت المكسيك سنتي 1994 و1995 أزمة مالية كبيرة، أدت إلى إثارة الاضطراب في أسواق الأسهم وأسواق الصرف الأجنبي في بلدان أمريكا اللاتينية الأكبر حجما، كما تدهورت منها أسواق العملة والأوراق المالية الآسيوية في بداية سنة 1995.
   لقد كانت الأسباب التي أدت إلى نشوب الأزمة المالية في المكسيك مشابهة إلى حد كبير للأسباب التي عجلت بأزمة دول شرق آسيا.
أسباب الأزمة المالية المكسيكية :
   فيما يلي الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ظهور الأزمة المالية في المكسيك سنتي 1994 و1995.
ضعف النظم المالية:
   أدى التوقف المفاجئ في تدفق رؤوس الأموال إلى الداخل إلى أزمة عميقة في النظم المالية الداخلية، الأمر الذي أدى إلى زعزعة استقرار القطاعات الإنتاجية.
   لقد تدفقت رؤوس الأموال بكميات ضخمة على المكسيك نتيجة للتطورات التي عرفها الاقتصاد والتي بينت سيره باتجاه نمو دائم، فخلال الفترة 1990-1994، بلغت .التدفقات 104 مليارات دولار، مشكلة نسبة 20% من إجمالي التدفقات الرأسمالية إلى الاقتصادات النامية، وكانت لهذه التدفقات الكبيرة نتائج متعددة، تمثلت في الآتي:
- توسع الطلب الكلي.
- زيادة أسعار الأسهم والعقارات.
- نمو متسارع للأصول والخصوم المصرفية.
- عجز ضخم في الحساب الجاري الخارجي.
   إن الوتيرة القوية لتدفقات رؤوس الأموال أدت بالمستثمرين إلى التشكيك في صمود الاقتصاد المكسيكي، حيث أصبح عرضة للضرر، وزاده في ذلك النمو السريع للائتمان المصرفي المقدم للقطاع الخاص، والاحتفاظ بالارتباط بعملة أخرى، وأسعار الفائدة الدولية المرتفعة،  كما قامت المؤسسات المالية بتوجيه مبالغ كبيرة من التدفقات الى مشاريع ذات مخاطرة مثل قطاع العقارات، وكانت النتيجة أن ارتفعت أسعار هذه الأصول جاذبة المزيد من الاستثمارات، وترتب عن ذلك حدوث فجوات واسعة بين قيمة القروض المقدمة وقيمة العقارات، ومع انهيار أسعار العقارات  بدأت المحافظ المصرفية المستحقة الدفع في التضخم وإضعاف القطاع المالي.
ترتيبات سعر الصرف:
   أدى الارتفاع في قيمة سعر الصرف الحقيقي، والدين الخارجي قصير الأجل المتزايد وحجم العجز في الحساب الجاري الخارجي وهي مؤشرات تعقدت نتيجة ضعف النظام المالي إلى ممارسة ضغوط قوية على سوق النقد الأجنبي، وأدت المضاربة على البيزو المكسيكي إلى التخلي عن الارتباط بعملة أجنبية وإتباع سياسة التعويم بداية من 22 ديسمبر 1994، ونتيجة لتخوف المستثمرين من حالة عدم الاستقرار بعد إتباع سياسة التعويم  ولضعف النظم المالية المتميزة بعدم كفاية الإشراف واللوائح التنظيمية، تمت مهاجمة العملة من قبل المضاربين، وترتب عن ذلك، تخفيضات حادة في قيمة البيزو وانهارت أسواق الأسهم وارتفعت أسعار الفائدة.
الإصلاحات النقدية والمالية:
   بمجرد أن حدثت الأزمة المالية في المكسيك حتى بادرت الحكومات بعمليات التصحيح بعيدة الأمد. حيث كانت أمام تحدي كبير تمثل في تخفيض عجز الحساب الجاري الخارجي، وإيقاف انهيار القطاعين المالي والإنتاجي.
     وبعد التصحيح المالي والنقدي، واتباع سياسة التعويم للعملة، وبعد النتائج المحققة من الإصلاحات الهيكلية وتحرير الأسواق، لجأت إلى المؤسسات المالية الدولية –صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، بنك التنمية للبلدان الأمريكية- بهدف الحصول على التمويل ومنع التوقف عن دفع الالتزامات الخارجية. وفي هذا الإطار قام البنك المركزي بتوفير السيولة للبنوك التجارية حتى لا تتأخر عن سداد التزاماتها الأجنبية، كما تم إعداد برنامجين، أحدهما لتوفير رؤوس أموال مؤقتة للبنوك، والآخر لزيادة التحفيز للبنوك التي تعاني عجزا، زيادة على إجراء إصلاحات تهدف إلى تحقيق نمو الناتج الداخلي الخام بنسبة 6,2% سنة 1995، وفي سنة 1996، انتعش هذا المؤشر مسجلا نموا قدره 5,1% ثم 9,7 سنة 1997، كما انخفض معدل البطالة من 7,6 سنة 1995 إلى 3,5% سنة 1998، أما معدل التضخم فقد انخفض من 52% سنة 1995 إلى 15,7% سنة 1997.
    وفيما يخص سياسة التعويم المتبعة، فقد كانت النتائج هي الأخرى جيدة، حيث تم الحفاظ على ضوابط نقدية صارمة دعمتها سياسة مالية سليمة كما تم تخفيض عجز الحساب الجاري من متوسط 6,7% من الناتج الداخلي الخام خلال الفترة 1992-1994 إلى متوسط 01% خلال الفترة 1995-1997، وزادت الاحتياطيات الدولية بأكثر من 25 مليار دولار خلال الفترة 1995-1998، أما مديونية القطاع العام فانخفضت من 39% من الناتج الداخلي الخام سنة 1995 إلى 27% سنة 1997، وزاد معدل الادخار المحلي بمقدار 6,3% خلال الفترة 1994-1997.
الأزمة المالية الروسية سنتي 1998، 1999:
   عرفت روسيا أزمة مالية خانقة سنتي 1998، 1999، وقد أدت إلى إنهيار مختلف جوانب الاقتصاد. وفيما يلي سيتم التطرق إلى الأسباب التي عجلت بهذه الأزمة، والى النتائج التي ترتبت عنها.
أسباب الأزمة المالية الروسية:
   يمكن إجمال أهم أسباب الأزمة المالية الروسية في النقاط الموالية:
- تعتبر الديون والفائدة المرتفعة المستحقة عليهما السبب الرئيسي الذي عجل بوقوع الأزمة في أوت 1998.
- كان لأثر العدوى من جراء الأزمة المالية الآسيوية أن إنسحب المستثمرون برؤوس أموالهم إلى الخارج.
- عندما فقد المقرضون الغربيون الثقة في الاقتصاد الروسي، امتنعوا عن تجديد حيازاتهم للسندات وعن إقراضهم للبنوك الروسية.
- حين واجهت الحكومة الروسية الالتزامات التي لم تستطع تلبيتها، أصدرت قرارا رسميا بتأجيل دفع الديون المستحقة بشأن عمليات العملة الأجنبية، وخفض قيمة النقد في شهر أوت1998.
- في الثلاثي الأول من سنة 1998، عرفت روسيا عجزا تجاريا كبيرا جراء انخفاض أسعار النفط الذي يمثل الصادرات الرئيسية، كما عرفت الواردات إرتفاعا بمقدار الثلث  عما كانت عليه.
- قيام البنوك التجارية الروسية بالاقتراض من الخارج على نطاق واسع لجني الأرباح المرتفعة بالروبل من السندات الحكومية إلى أن ارتفع دينها الخارجي قصير الأجل إلى أربعة أمثال إحتياطيات البنك المركزي من الصرف الأجنبي.
نتائج الأزمة المالية الروسية:
   ترتب عن الأزمة المالية الروسية نتائج مختلفة، يمكن ذكر أهمها فيما يلي:
- نتيجة إعادة هيكلة الديون الروسية من جانب واحد، ونتيجة لتخفيض قيمة العملة بعد ذلك أثيرت موجة من الصدمات في روابط أسواق المال الناضجة، كما تكبد كثير من المستثمرين خسائر كبيرة.
- انهار أحد أكبر صناديق التحوط العالمية في شهر سبتمبر 1998، وهو عبارة عن صندوق خاص بإدارة رؤوس الأموال طويلة الأجل.
- خسرت روسيا احتياطيات كبيرة نتيجة دفاع البنك المركزي عن سعر الصرف في وقت لا يمكن الدفاع عنه، ونتيجة قيام البنوك التجارية الروسية بتحويل ما لديها من العملة إلى صرف أجنبي للاحتفاظ به في الخارج، في هذا الإطار تسببت الحكومة في هروب رؤوس الأموال إلى الخارج حين خفضت نسبة الاحتياطي الإجبارية للبنوك، كما سمحت لهم بشراء صرف أجنبي لحسابهم الخاص.
بعد هذه الإجراءات، أصبح من المستحيل الإبقاء على سعر الصرف ثابتا.
في نهاية الثلاثي الأول من سنة 1999، فقد الروبل قيمته الاسمية مقابل الدولار مقارنة عما كانت عليه في بداية الأزمة.


الأزمة المالية في البرازيل (بداية سنة 1999):
   امتدت الأزمة المالية التي ضربت دول شرق آسيا والمكسيك وروسيا، إلى الاقتصاد البرازيلي،  وترتبت عنها تقريبا نفس الآثار التي ظهرت على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية في الدول سالفة الذكر، كما أن الأسباب التي أدت إلى ذلك كانت في مجملها نابعة من ضعف النظام المالي.
أسباب الأزمة المالية في البرازيل:
   تتلخص مجمل الأسباب التي قادت البرازيل الى الدخول في الأزمة المالية بداية من سنة 1999، في العناصر الموالية:
- توقفت تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية الخاصة الى داخل البرازيل بصفة مفاجئة، حيث  يرجع السبب في ذلك إلى الذعر الناجم عن توقف روسيا عن سداد ديونها.
- كان العجز في الحساب الجاري للبرازيل يمثل تقريبا 5% من الناتج الداخلي الخام.
- الدين الحكومي المحلي والبالغ 40% من الناتج الداخلي الخام، كان الجزء الأكبر فيه عبارة عن تمويل قصير الأجل.
- تعويم سعر صرف العملة الريال في جانفي 1999، الأمر الذي أدى إلى هبوط سعر صرف الريال أمام الدولار بأكثر من النصف خلال شهر فقط. حيث أصبح الدولار الواحد يساوي 2,15 ريال بعدما كان الريال يساوي 1,20 دولار.
- حدوث ضغوط تضخمية على الاقتصاد جراء انخفاض سعر صرف الريال.
- عجز ميزان المدفوعات.
- كان حجم الإنفاق الحكومي يفوق مستوى الدخل.
- ارتفاع معدلات التضخم.
تدفقات رؤوس الأموال على الأسواق الناشئة:
   بدأت استجابة رأس المال الخاص للفرص القائمة في الأسواق الناشئة تتحسن في التسعينيات بسبب عوامل عديدة داخلية وخارجية، تمثلت فيما يلي:
أ- العوامل الداخلية:
   حسنت خصائص العائد والمخاطر الخاصين بالنسبة للمستثمرين الأجانب من خلال ثلاث  قنوات رئيسية:
- تحسن الجدارة الائتمانية كنتيجة لإعادة هيكلة الديون الخارجية في بلدان كثيرة.
- ارتفاع مكاسب الإنتاجية من جراء الإصلاح الهيكلي وترسيخ الثقة في إدارة الاقتصاد الكلي في كثير من البلدان.
- أصبحت البلدان التي تبنت أنظمة سعر صرف ثابتة اكثر جاذبية بالنسبة للمستثمرين نتيجة تحول مخاطر تقلبات سعر الصرف من المستثمرين إلى الحكومة.
ب- العوامل الخارجية:
  لعبت العوامل الخارجية دورا كبيرا في طفرة تدفقات رؤوس الأموال للداخل في التسعينيات بسبب كل من القوى الدورية والهيكلية، حيث عملت أسعار الفائدة الحقيقية المنخفضة في العالم على دفع المستثمرين نحو الأسواق الصاعدة، ومع استمرار تدفق رؤوس الأموال بعد ارتفاع أسعار الفائدة في العالم سنة 1994، وبعد أزمة المكسيك في سنتي 1994 و1995، تبين أن هناك قوى هيكلية خارجية لها تأثيرها.
   بدأت القوى الهيكلية الخارجية تعمل عندما أدى تطوران في الهياكل المالية للبلدان المصدرة لرأس المال إلى زيادة استجابة رأس المال الخاص لفرص الاستثمار عبر الحدود، فقد دفع انخفاض تكلفة الاتصالات، والمنافسة القوية، والتكاليف المتزايدة في الأسواق المحلية، المؤسسات في البلدان الصناعية للاتجاه نحو الإنتاج في الخارج لزيادة كفاءتها وأرباحها، كما أصبح المستثمرون أكثر استعدادا وقدرة على الاستثمار في بلدان الأسواق الصاعدة بسبب ارتفاع معدلات العائد المتوقع على المدى الطويل، وفرصهم الأوسع في تنويع المخاطر نظرا لكبر وعمق أسواق أوراقهم المالية وزيادة جدوى الاستثمار بسبب تحرير حساباتهم الرأسمالية.

نتائج تدفقات رؤوس الأموال :
   كانت لتدفقات رؤوس الأموال على البلدان النامية وبالأخص الأسواق الصاعدة، نتائج عديدة ومتباينة، يمكن إجمالها فيما يلي:
- أدت التدفقات الضخمة لرؤوس الأموال للداخل إلى التوسع المفرط في الطلب الكلي والى آثار سلبية على القطاع المالي.
- زيادة الضغوط التضخمية على الاقتصادات المتلقية.
- خفض السعر الحقيقي للصرف.
- حدوث العجز بالحسابات الجارية ، بسبب الاستثمارات الرديئة النوعية، عرفت ضعفا اقتصاديا كبيرا، كونها لا تساهم في إيجاد الطاقة الإنتاجية في المستقبل، أو في سداد الديون الخارجية.
- زيادة التكامل المالي في البلدان النامية نتيجة اهتمام المستثمرين بها.
دور الديون القصيرة الأجل في الأزمة:
   شهدت فترة التسعينيات رواجا كبيرا في الديون القصيرة الأجل التي قدمتها البنوك العالمية للدول النامية ، واستمر هذا الرواج حتى بدأت الأزمة الآسيوية سنة 1997، فقد ارتفعت المستحقات القصيرة الأجل من 12% من مجموع ديون الدول النامية سنة 1990 إلى 20% سنة 1997، وكانت الديون المستحقة على الدول النامية للبنوك الدولية والتي تقل آجال استحقاقها المتبقية عن عام واحد، تمثل حوالي 60% من مجموع هذه الديون.
   لقد تزايد حجم الديون قصيرة الأجل بأسرع ما يمكن في شرق آسيا تلتها أمريكا اللاتينية، كما كانت البرازيل وتايلاندا وروسيا وكوريا والمكسيك من بين أكثر عشرة دول تلقت قروضا قصيرة الأجل خلال الفترة 1990-1996.
  إن الديون القصيرة الأجل التي تم اقتراضها كانت أكبر من مستوى الاحتياطيات الدولية لدى كل من هذه الدول خلال الفترة التي سبقت التحولات العكسية الكبيرة في تدفقات رؤوس الأموال الخاصة، وبلغة الأرقام، وخلال الفترة 1990-1996، تلقت كوريا وتايلندا والمكسيك واندونيسيا والبرازيل ما مقداره 15%، 11%، 8%، 8%، 10% على التوالي من إجمالي القروض قصيرة الأجل الممنوحة للدول النامية.
   لقد صاحب نمو الديون قصيرة الأجل خلال التسعينيات لارتفاع مستويات الدخل وزيادة نمو الناتج الداخلي الخام وزيادة الانفتاح على التجارة والدول المقترضة، وكانت هذه العوامل ساهمت بصورة جزئية في الارتفاع المفاجئ للاقتراض قصير الأجل. زيادة على هذا، كان لمحاولة الحكومات تدعيم أسعار الصرف المرتبطة بعملات أجنبية أن شجعت الاقتراض قصير الأجل، وهذا بواسطة تعقيم التدفقات الرأسمالية الداخلة.
   وهناك عوامل خارجية دفعت بالاقتراض قصيرة الأجل، حيث انخفضت أسعار الفائدة في الدول الصناعية خلال التسعينيات، الأمر الذي أدى إلي توسع السيولة العالمية، وشجعت هذه الأخيرة الدول النامية على الاقتراض قصير الأجل.
 انعكاسات الأزمات المالية العالمية على الدول النامية:
   شكل تكرار الأزمات المالية في دول النامية، خلال حقبة التسعينات، ظاهرة مثيرة للقلق والاهتمام، وترجع أسباب ذلك إلى أن آثارها السلبية كانت حادة و خطيرة و هددت الاستقرار الاقتصادي و السياسي للدول المعنية، إضافة إلى انتشار هذه الآثار وعدوى الأزمات المالية لتشمل دول أخرى نامية و متقدمة كنتيجة للانفتاح الاقتصادي و المالي الذي تشهده هذه الدول واندماجها في منظومة التجارة العالمية.
عدوى الأزمات المالية العالمية للدول النامية:
   إذا كانت أهمية وخطورة نشاط الأسواق النقدية والمالية في العلاقات الاقتصادية الدولية قد أصبحت من الأمور المسلم بها، فإن مدى تأثر اقتصاديات البلدان النامية بأوضاع و أزمات هذه الأسواق من الأمور الهامة التي تستدعي وبإلحاح الدراسة و التمحيص بهدف توفير الحماية اللازمة للحد من انتقال هذه الأزمات إلى اقتصاديات البلدان النامية.
   هذا ما يستلزم تفهم مختلف جوانب العلاقة بين نشاط الأسواق النقدية و المالية الدولية والبلدان النامية، والتي يمكن إيجازها فيما يلي:
* إن معظم الفوائض والاحتياطات النقدية الرسمية للدول النامية موظفة في الأسواق النقدية والمالية الدولية وتشكل أهم مصادر الموارد فيها، كما تساهم الودائع الخاصة لأفراد و مؤسسات الدول النامية في تكوين موارد تلك الأسواق.
* تقدم الأسواق النقدية و المالية الدولية القروض للبلدان النامية من أموال مواطنيها و مؤسساتها (الدول النامية)، ويترتب عن هذه الوساطة المالية تحويل جزء متزايد من دخول ثروات الدول النامية إلى البنوك والمؤسسات المالية الأخرى على شكل فوائد و أرباح و عمولات، تشكل اقتطاعات هامة من ثرواتها و دخولها القومية التي هي بأمس الحاجة لها.
* يرتبط حجم القروض الخارجية التي تحصل عليها البلدان النامية لظروف وأوضاع الأسواق النقدية و المالية من جهة، ومدى توافر مجالات الاستثمار في الدول الصناعية من جهة أخرى، فعندما لا تجد البنوك والمؤسسات المالية في الدول الصناعية المجالات الاستثمارية المناسبة تضطر حينها إلى توجيه الفائض في مواردها نحو تقديم القروض للدول النامية.
* أثبتت الوقائع والدراسات الاقتصادية في السنوات الأخيرة أن تفاعل العرض والطلب على الأصول المالية في الأسواق النقدية و المالية الدولية له تأثيرا هاما على أسعار صرف العملات لذلك فإن أزمات هذه الأسواق وما يترتب عنها من تقلبات حادة في أسعار صرف العملات الرئيسية الدولية تساهم في إحداث تقلبات هامة في عوائد صادرات البلدان النامية بسبب التغيرات في قيم العملات التي تسعر وتقييم بها هذه الصادرات في الأسواق الدولية لذلك فإن تغييرات أسعار صادرات الدول النامية ليست خاضعة لتغير تكلفتها، أو حجم العرض والطلب عليها، بل لتقلبات أسعار صرف العملات التي تسعر بها في الأسواق الدولية، وأيضا حركات رؤوس الأموال بفعل تغيرات أسعار الفائدة.
* يتحدد سعر الفائدة في الأسواق الدولية كأي سعر آخر نتيجة تفاعل العرض والطلب، بالإضافة  إلى عوامل أخرى لها علاقة وثيقة ومتبادلة مع سعر الفائدة وهي حركة رؤوس الأموال وتغيرات أسعار صرف العملات، تحدد تقلبات هذا السعر تغير مقدار الاقتطاعات من دخول الدول النامية للبنوك الدولية في شكل فوائد وغيرها أي يعتبر سعر الفائدة تكلفة الاقتراض بالنسبة للدول النامية.
* تنعكس السياسات النقدية والمالية للدول الصناعية ذات العملات الرئيسية الدولية بشكل مباشر أو غير مباشر على نشاط الأسواق النقدية والمالية، ومنها  تنتقل إلى الدول النامية، ومنه فإن الأزمات الداخلية في الدول الصناعية تتخذ بسهولة صفة الدولية من خلال عملاتها وقنوات علاقاتها النقدية و المالية الدولية.
* أن الأزمات المالية العالمية ليست ذات طابع عارض وإنما هي ملازمة لنشاط الأسواق المالية ومستمدة من خصائص الأنظمة الإنتمائية الحديثة التي أدى تطويرها الهائل إلى زيادة حدة هذه الأزمات وسرعة انتشارها.
      بعد تحديد العلاقة بين الدول النامية و الأسواق النقدية والمالية العالمية يمكن التعرض إلى إمكانيات انتقال تأثر الأزمات المالية وعدواها من بلد إلى آخر، حيث يرجع هذا تأثير الأزمات المالية وعدواها من بلد إلى آخر، حيث يرجع هذا التأثر المعدي إلى ثلاث مجموعات من الأسباب، هي كالتالي:
* إن الأزمات يمكن أن تنتج عن سبب عام مشترك مثل تحويلات كبرى في بلدان الصناعية، تجلب معها الأزمة في أسواق الناشئة، فالارتفاع الحاد في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة في الثمانيات كان أحد أسباب نشوب أزمة المديونية في بلدان أمريكا الجنوبية، كما أنّ إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الين الياباني في التسعينات ساهم في ضعف القطاع الخارجي في بلدان جنوب شرق آسيا، رغم مساهمة العوامل السابقة في إمكانية تعرض بعض الدول للأزمات، يبقى اندلاع الأزمة فعليا يتوقف على الظروف الاقتصادية المحلية في كل بلد مثل هشاشة القطاع المالي، تفاقم المديونية، تبني أنظمة غير مرنة لأسعار الصرف.
* قد تنتج الأزمة بسبب تأثر عوامل اقتصادية خارجية نتيجة للعلاقات التجارية و روابط أسواق رأس المال، فتخفيض قيمة العملة في بلد ما يؤثر سلبا على القدرة التنافسية الدولية للبلدان الأخرى، كما أنه نقص السيولة في أحد الأسواق يمكن إن يدفع الوسطاء الماليين في الأسواق الأخرى إلى تسييل أصولهم، ومن أمثلة ذلك أزمة آلية  أسعار الصرف الأوربية 1992-1993، حينما أدى تخفيض قيمة بعض العملات الأوربية إلى ضعف بقية العملات، وكذلك أزمة بلدان جنوب شرق آسيا في منتصف عام 1998.
* تدفع الأزمة في أحد البلدان الدائنين إلى إعادة تقييم الأوضاع الاقتصادية الأساسية في البلدان الأخرى من اجل تخفيض مخاطر استثماراتهم حتى و إن لم تكن هناك أية تغيرات في هذه البلدان. وغالبا ما يكون هذا السلوك ناتج عن تأثير عوامل نفسية وعن نقص في المعلومات و الشفافية، فيميل الدائنون إلى محاكاة بعضهم البعض.
* إن عدوى الأزمة تنتقل في هذه الحالة عبر الآلية المعروفة بنداء الاستيقاظ ، بمعنى إن اندلاع الأزمة في بلد ما يؤدي تنبيه المقروض وإلى ضرورة إعادة تقييم جدارتهم الائتمانية،ومن هنا يبدؤوا في اتخاذ ما يلزم من الإجراءات و التدبير لحماية أموالهم مما يؤدي إلى انتشار الأزمة.
   وبصفة عامة يمكن القول أن التجارب التاريخية تشير إلى إن انتقال عدوى الأزمات يكون أكثر انتشارا على النطاق الإقليمي منه على النطاق العالمي، و أكثر خطورة في فترات الاضطراب منه في فترات الاستقرار، وأن الأزمات تنتقل في الغالب من البلدان الكبيرة إلى البلدان الصغيرة. فإذا كان منشأ هذه الأزمات نابع من تعارض مصالح البلدان الصناعية، فإن البلدان النامية تعد متضررا رئيسيا منها، كما أنه إذا كان من السهل على الدول الصناعية تسوية خلافاتها بطريقة أو بأخرى، فهذه الأزمات بالنسبة للدول النامية تزداد تعقيدا و تبقى بدون حلول جذرية.       
سياسات تجنب الأزمات المصرفية :
هناك جملة من السياسات الهادفة إلى تقليل احتمال حدوث الأزمات المالية منها :
* العمل على تقليل الاضطرابات و المخاطر التي يتعرض لها الجهاز المصرفي خصوصا تلك التي تكون تحت التحكم الداخلي للدولة وذلك عن طريق استخدام أسلوب التنويع و شراء تأمين ضد تلك المخاطر و الاحتفاظ بجزء أكبر من الاحتياطات المالية لمواجهة مثل تلك التقلبات. واستخدام سياسات مالية ونقدية متأنية وأكثر التزاما بأهدافها.
* الاستعداد و التحضير الكافي لحالات الانتكاس في الأسواق المالية و الرواج المتزايد في منح الائتمان المصرفي و توسع الدور المالي للقطاع الخاص. وذلك عن طريق  استخدام السياسات المالية و النقدية التي تستطيع أن تتعامل مع تلك المشاكل من جهة وتصميم نظام رقابة مصرفية يقوم بتعديل وتقليل درجة التقلبات و تركيز المخاطرة في منح الائتمان من جهة أخرى.
* التقليل من حالات عدم التلاؤم والمطابقة في السيولة مع التزامات المصرف الحاضرة، و المطلوب هو آلية لتنظيم العمليات المصرفية في هذا المجال خصوصا في الأسواق الناشئة، وقد يكون ذلك عن طريق فرض احتياطي قانوني عالي خلال الفترات العادية استخدام أدوات السياسة النقدية غير المباشرة ،  ويمكن تقليله في حالات احتياج المصرف للسيولة في حالات الأزمات، والاستعداد أيضا لمواجهة الأزمات من خلال الاحتفاظ باحتياطات كافية من النقد الأجنبي.
* الاستعداد الجيد و التهيئة الكاملة قبل تحرير السوق المالي، استخدام أدوات غير المباشرة السياسة النقدية، تعميق السوق المالي، زيادة الرقابة المصرفية وإتباع المعايير الدولية كمعيار لجنة بازل لكفاية رأس المال، كما يفترض العمل على التطوير وتعديل الأطر القانونية و المؤسسية و التنظيمية للقطاع المصرفي.
* تقلص دور الدولة في القطاع المصرفي و التقليل من القروض الموجهة من الحكومة مع إعادة هيكلة القطاع ، وقد يكون السبيل لذلك هو الحث و التحفيز على تقليص دور الدولة من خلال برنامج لخصخصة القطاع المصرفي.
* تقوية وتدعيم النظام المحاسبي و القانوني و زيادة الشفافية والإفصاح عن نسبة الديون المعدومة من جملة أصول المصرف و القطاع المصرفي و المالي.
* تحسين نظام الحوافز لملاك المصارف و إداراتها العليا بما يخدم ويعزز نشاطات المصارف بحيث يتحمل كل طرف نتائج قراراته على سلامة أصول وأعمال المصرف.
* منع وعزل آثار سياسة سعر الصرف المعمول بها  من التأثير السلبي على أعمال المصرف أو التهديد بإحداث أزمة في القطاع المصرفي.
* إعطاء استقلالية أكبر للمصارف المركزية، بمعنى منع التدخل الحكومي عند قيام المصرف المركزي بأداء وظيفته الأساسية وهي تنفيذ السياسة النقدية بحيث تقوم تلك الأخيرة على أساس اقتصادي ولا تتدخل أغراض السياسة المالية فيها.
* زيادة التنافس في السوق المالي و ذلك عن طريق فتح المجال لمصارف جديدة سواء محلية أو أجنبية.
* رفع الحد الأقصى لرأس المال المدفوع و المصرح به حتى تستطيع المصارف تلبية التزاماتها الحاضرة و المستقبلية في عالم تتسم فيه عمليات انتقال رؤوس الأموال بسرعة فائقة.
* الرقابة الوقائية واستخدام طرق أفضل من مراقبة و تتبع أعمال المصارف التجارية من منظور السلامة و الآمن للأصول المصرفية وزيادة المقدرة على التنبؤ بالكوارث و الأزمات المصرفية قبل حدوثها وبالتالي الحد من آثارها السلبية على الجهاز المصرفي حتى تستطيع السلطات النقدية الوقاية منها و منع انتقالها إلى بنوك أخرى وهذه الطرق تتضمن:
الكفاية الرأسمالية : تطبيق نسب الكفاية الرأسمالية بما يتفق مع اتفاقية لجنة بازل.
نسبة السيولة : تطبيق نسبة السيولة الإجبارية (مثال ذلك 20% في مصر و السعودية، 30% في الأردن، 60% في المغرب)
التحفظ على القروض الرديئة: وذلك بتصنيف القروض حسب جودتها و فرض احتياطي أكبر على القروض العالية المخاطر.
سياسة توزيع الأرباح: تدخل السلطات النقدية في هذه العملية مما يضمن سلامة أصول المصرف وأعماله وفي نفس الوقت  يحفظ حقوق المساهمين.
زيادة الشفافية و الإفصاح عن كافة المعلومات.
تعيين مدققي حسابات خارجيين.
منع حدوث ظاهرة التركيز الائتماني: وضع حد أعلى لمقدار القروض والتسهيلات الائتمانية التي يمنحها المصرف لمفترض واحد.
إنشاء مكتب مركزي للمخاطر.
استحداث نظام تأمين الودائع: على غرار النظام المتبع في الولايات المتحدة و كندا و بريطانيا و ذلك بتأمين حد أعلى على الودائع (مثلا في كندا 10 ألاف دولار كحد أعلى على الحسابات الوديعة).
    من خلال ما سبق إن أهم قناة لانتقال الأزمات المالية هو سعر صرف العملات و أسعار الفائدة.فبالنسبة لسعر صرف العملات فانه يسعر ويقيم صادرات الدول النامية وبالتالي أي تغير يحدث عليه يؤثر بالضرورة على عوائد هده الدول، أما سعر الفائدة فانه يمثل تكلفه إقراض الدول النامية وتغيرات هدا السعر تحدد تقلبات المقدار المقتطع من دخول الدول المقترضة، لدلك يجب على هده الأخيرة إدخال تعديلات عميقة وقوانين صارمة على منظومتها المصرفية باعتبارها عنصر مؤثر ومتدخل فعال في السوق المالي والنقدي، وإصلاحها يعود بالنمو والاستقرار لجميع الأسواق الدولية سواء النقدية أو المالية.
     

 





24 commentaires:

  1. جهد مشكور
    مع خالص التحية

    RépondreSupprimer
  2. شكرا على المرور الطيب للجميع
    نفيد و نستفيد من بعضنا من له أفكار و مواصيع لنعالجها فلا يبخل علينا
    تعدد الآراء و الأفكار يعني الإلمام بالموضوع من كل جوانبه

    لا إله إلا الله محمد رسول الله

    RépondreSupprimer
  3. هذاعمل جيد نشكرك يا اخي













    RépondreSupprimer
  4. واش راكم شوية

    RépondreSupprimer
  5. tnanx alot for your effort

    RépondreSupprimer
  6. بارك الله فيك...عمل متقن و مفيد

    RépondreSupprimer
  7. شكرا على المرو الطيب و الجميل و اعدكم بتقديم كل ماهو جديد و مميز هدفنا التميز و شعارنا نفيد ونستفيد من بعضنا ، اتمني أن لا تكون هده زيارتكم الاخيرة فردودكم و تشجيعاتكم تحفزنا على العمل و تقديم المزيد ، و اعدكم بجملة من المواضيع التي يعمل حاليا فريقنا على تنفيحها و تمحيصها و تعديلها حتي تكون بسيطة و مفهومة و نافعة للجميع و تساير متطلبات و مستجدات الحاضر في قضايااه المعاصرة اعدكم بالتميز فلا تبخلوا علينا بردودكم المشجعة

    RépondreSupprimer
  8. شكرا مقال جيد جدا

    RépondreSupprimer
  9. بوركتم على الموضوع

    RépondreSupprimer
  10. بوركتم على هذا المجهود

    RépondreSupprimer

شركنا برايك ووجهة نظرك