الخوصصة
الخوصصة مصطلح حديث العهد في الفكر الإقتصادي المعاصر و لم تزهر الخوصصة كسياسة منفصلة علن التطورات التي شهدتها إقتصاديات الدول المتقدمة حيث ظهرات، و إنما ظهرت كنتيجة لتطور داخلي بفضل عوامل و ظروف إقتصادية استدعت ظهورها العديد من المصاعب و المشاكل التي واجهتها تلك الإقتصاديات .
تعريف الخوصصة:
إن كلمة الخوصصة أو التخصصية هي الترجمة العربية للمصطلح الإنجليزي privatization و التي تتداول كثيرا من الأدبيات الإقتصادية المعاصرة،حيث ظهرت هذه الكلمة لأول مرة في القاموس عام 1983 و قد اتخذت تعريفا ضيقا صيغ بالشكل التالي
سياسة نقل ملكية المنشآت العامة أو إدارتها من القطاع العام إلى القطاع الخاص
و لقد أخذ هذا المصطلح عدة تعريفات أخرى أوسع، منها:
* الخوصصة هي عملية (بيع) أصول الشركة العمومية لأشخاص خواص أو إلى المؤسسين حسب الطرق المختارة و تكون مقررة حسب الأولويات التالية:
- أولويات المؤسسات العمومية - أولويات الحكومة - أولويات الشركات الأجنبية
* تعني الخوصصة وضع إطار مؤسساتي قادر على تنمية القطاع الخاص و وضع قوانين السوق و المتمثلة في تقليص الإحتكار و تحرير التجارة الخارجية.
* الخوصصة هي عملية تهدف إلى تقليص دور الحكومة أو الرفع من الور القطاع الخاص في نشاط ما أو ملكية وسائل الإنتاج.
في الحقيقة الخوصصة ليست عملية تحويل المشاريع العامة إلى القطاع الخاص تمليكا أو إدارة فقط، فهذا التعريف ضيق، حيث يقتصر دور القطاع الخاص على تملك أو إدارة المؤسسات القائمة و هذا لا يؤدي بالصفة المرجوة إلى التقدم الإقتصادي، فإن الخوصصة في معناها الواسع و محتواها المرغوب هو تنمية القطاع الخاص للقيام بدور فعال في تحريك النشاط الإقتصادي و الساعدة في التنمية الإقتصادية من خلال إيجاد المشاريع الجديدة.
كما أن مفهوم الخوصصة يختلف من دولة إلى أخرى ففي تونس إعادة الهيكلة ، و إعادة الهيكل التنظيمي في هولندا ، و إلغاء التأميم في فؤنسا ، و مواجهة البيروقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية .
و يمكن أن نفرق بين عدة أنواع من الخوصصة:
الخوصصة الصغرى: و هي خوصصة عن طريق المزاد العلني للوحدات الإنتاجية الصغرى خاصة في ميزان الخدمات مع الأخذ بعين الإعتبار إقتراحات السلفة المالكة لها.
الخوصصة الكبرى: و هي خوصصة المؤسسات العمومية الكبرى.
الخوصصة الداخلية: تجري هذه العملية عن طريق تحويل ملكية المؤسسات العمومية إلى عمالها عن طريق بيع حصصها بأسعار ميسرة رمزية أو عن طريق توزيعها مجانا.
الخوصصة الخارجية: و تتم هذه العملية عن طريق عرض المؤسسات العمومية للبيع للجمهور عن طريق اجراءات التفاوض.
الخوصصة التلقائية: و تتم عن طريق تشجيع القطاع الخاص، أي ليس هناك ما يدعو إلى تحويل ملكية المؤسسات العمومية إلى القطاع الخاص، بل يكفي أن نفتح المجال للقطاع الخاص و أن نشجعه بكل الطرق الممكنة.
إذا استمرت تلك السياسة مدة طويلة من الزمان فإنها ما تلبث أن تغيير طبيعة النظام الإقتصادي بأكمله و تصبح الصفة الغالية هي النشاط الفردي و يتضاءل دور القطاع العام تدريجيا إلى أن يصبح القطاع الثانوي.
دوافع الخوصصة:
تختلف الأسباب التي تؤدي بالدول إلى اللجوء إلى تطبيق الخوصصة باختلاف درجة تطورها و لكن الأسباب الرئيسية و العميقة التي تؤدي بالدول إلى تحويل ملكية أو إدارة المؤسسات العمومية إلى القطاع الخاص هي:
* دافع الفعالية الإقتصادية
* دافع قيود الإقتصاد الكلي
دافع الفعالية الإقتصادية :
يمكن تعريف دافع الفعالية الإقتصادية ببساط على أنها مقياس للإنتاج المستمد من قدر معين من مستلزمات الإنتاج،تزيد الكفاءة إذا زاد الإنتاج دون الزيادة في مستلزمات الإنتاج،أو إذا كان قدر أقل من مستلزمات الإنتاج ينتج نفس الكمية من الإنتاج.
في هذا الصدد نجد أن العديد من البلدان النامية تواجه صعوبات جمة في تحقيق زيادة في الكفاءة للمؤسسات المملوكة للدولة، و المشكلة التي تواجه مديري المؤسسات العمومية في هذه الدول هي أنه حتى و إن كانوا يعرفون ما يجب عمله لتعظيم العوائد المستخدمة، فإنهم لا يتمتعون بالإستقلال الذاتي الذي يتيح لهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لزيادة الإيرادات و تخفيض التكاليف، ولا يمكن في أغلب الأحيان تعديل أسعار منتجاتهم لتعكس التغييرات في تكاليف مستلزمات الإنتاج و أوضاع السوق.
يلاحظ أن مديري المؤسسات العامة مقيدون لأسباب سياسية بمواصلة تشغيل خطوط الإنتاج غير الإقتصادية و الأساليب غير المربحة و المصانع أو فروع الشركات الخاسرة، كما أن الموافقات الحكومية اللازمة على الموازنات و الإستثمارات و التوريد و التوظيف تستغرق وقتا طويلا و تزيد التكاليف الإدارية و تكاليف المعاملات و التوريد .
نظرا لانتشار هذه الظواهر السلبية في أوساط القطاع العام ،نادىالبعض بضرورة المضي الى اصلاحات تضمن كفاءة أفضل , أي أنه كي تتحقق التحسينات المالية اللازمة و المطلوبة في الكفاءة , يتعين تغيير ملكية أصول أي تنفيذ عملية خوصصة المؤسسات العمومية .
تربط النظريات الإقتصادية النيوكلاسيكية نتائج الكفاءة بهياكل الأسواق بشكل عام و بمدى المنافسة بشكل خاص , مما يعني بأن الملكية العامة لوسائل الإنتاج لا تتماشى مع إقتصاد السوق , حيث تتوفر مجموعة من الحجج الوجيهة التي ترتبط الملكية الخاصة بزيادة الإنتاجية و الكفاءة , وتلتقي هذه الحجج حول جوهر مشترك , فهي تحدد العوامل المسؤولة عن سوء أداء المؤسسات العامة و ترى أن أصحاب الملكية الخاصة سوف يتجنبون أو يتخلصون من القيود المشار إليها , و التعديل الذي تسوقه هذه الحجج يكون على النحو التالي :
* سيقلل تدخل السياسي في عملية اتخاذ القرارات المشتركة المعنية في ظل الملكية الخاصة
* سيتقاضى المديرون و العمال في الشركات الخاصة رواتب أكبر و تكون مرتبطة بالمعايير الإنتاجية و الربحية
* ستفرض الخوصصة على الشركات الإنظباط الخاص بالأسواق المالية
* ستؤدي الخوصصة إلى إحلال إشراف المساهمين الذين لهم مصلحة ذاتية , محل الإشراف الذي يمارسه موظفون بيروقراطيون حكوميون لا مصلحة لهم و هؤلاء المساهمون سيعملون جادين من أجل تحقيق الربحية التجارية باعتبارها الهدف الرئيسي للشركة , ويقيمون أداء المديرين عاى أساس نجاحهم أو فشلهم في تحقيق هذا الهدف.
دافع قيود الإقتصاد الكلي :
ترتبط هذه الفئة الثابتة من الدوافع بشروط نجاح برامج استقرار و تسيير الأزمة الإقتصادية التي تعرفها العديد من الدول و خاصة تلك السائرة في طريق النمو , و تختلف هذه المشاكل أو القيود في البلدان النامية عنها في الدول الإشتراكية
حالة البلدان النامية :
يمكن حصر القيود التي تدفع بالدول النامية لتطبيق برنامج الخوصصة كما يلي:
أ- غياب المنافسة :
المؤسسات العمومية محمية من عامل المنافسة عن طريق قواعد و قوانين حكومية , التي تجعلها في موضع احتكار بالنسبة للقطاعات الأخرى , و كذلك حمايتها مضمونة بحوافز كثيرة و بمقاييس أخرى تحد أو تقضي على المنافسة الأجنبية فهي بذلك تخضع لقيود موازنة الهيئة .
ب- عدم النجاعة : بما أن المؤسسات العمومية لا تخشى المنافسة لأنها ببساطة محمية من المنافسة داخليا و خارجيا , بالتالي لا يوجد أي داعي لزيارة المردودية في الإنتاج .
بالإضافة إلى ذلك نجد أن مستوى العمالة في هذه المؤسسات جد مرتفع , وتتصف بتأبيد كبير من طرف الطبقة السياسية مما يشجع عملية الرشوة و المحسوبية على مستوى القطاع العام.
ج- عجز ميزانية الدولة :
إن نقص المردودية خلف مشكل آخر و المتمثل في الإعانات المالية , حيث تستعمل الدولة المؤسسات العمومية كوسيلة لدعم المستهلك , المنتج و الهيئات الاجتماعية الأخرى , فبفضل هذه الإعانات المالية الحكومية تستطيع المؤسسات العمومية تطبيق أسعار على منتوجاتها أقل من أسعار السوق , ولقد ساهمت هذه الحماية التي تمنحها الدولة للمؤسسات العمومية بقدر كبير في عجز القطاع العمومي , مما أدى الى تلاشي موارد الخزينة العمومية .
د- غياب الأرباح :
من جراء غياب التحفيز و عدم الكفاءة و المقاييس التي تفرضها الأسواق المفتوحة و التنافسية , عرفت المؤسسات العمومية في أغلب الدول النامية خسائر مزمنة ز معتبرة .
ه- اختلال التوازن على مستوى الاقتصاد الكلي :
في العديد من الدول النامية ,يعتبر عدم فعالية المؤسسات العمومية السبب المباشر في عجز القطاع العام و في ثقل عباء المديونية الخارجية , ومن أجل تغطية الخسائر المزمنة المسجلة على مستوى المؤسسات العمومية تضطر الدولة إلى الإقتراض أو اصدار النقود .
هذه المقاييس أدت الى تضخم كبير , الذي يؤدي بدوره الى الحد القليل من الإستثمارات , ويشجع على تهريب رؤوس الأموال من طرف الدولة يؤدي الى امتصاص الموارد التي كان من المفروض أن توجه نحو القطاع الخاص .
حالة الدول الإشتراكية سابقا :
في نظام الإقتصاد المخطط , جميع الأنشطة الإقتصادية مراقبة من طرف الدولة , هذا يعني أنه لايوجد أي قطاع خاص , هذا العائق العويص المتمثل في التخطيط المركزي تسبب في عدد كبير من المشاكل الخطيرة للمؤسسات نفسها , قبل الإقتصاد ككل , فبعض هذه المشاكل تشبه تلك التي تم سردها و شرحها من قبل و المتعلقة بحالة الدول النامية , اما البعض الآخر فهي خاصة بالنظام الإشتراكي في حد ذاته و هي كالتالي :
أ- المستوى الإصطناعي للأسعار :
في نظام التخطيط المركزي الدولة هي التي تحدد الأسعار عوض ترك هذه المهمة للسوق , أحد مقاييس التي عملت بها البلدان الإشتراكية السابقة عند توجهها نحو إقتصاد السوق هو تحرير الأسعار مما أدى في العديد من الحالات خاصة في البداية الى زيادة التضخم.
ب- فائض العمالة :
في البلدان التي اتبعت نظام الإقتصاد المخطط , توظف المؤسسات العمومية عددا كبيرا من العمال , أكبر مما هو مطلوب , هذا راجع إلى أن الدولة توفر و تضمن العمل للجميع , و ما يلاحظ كذلك هو أن العمال لم يكونوا يتقاضوا أجورا حسب مردود يتهم , وهذا ما جعل المؤسسات العمومية تبدو عاجزة لأن عمالها لم يكونوا يهتمون بنوعية الأداء.
ج- غياب المنافسة في القاعدة الصناعية : وجدت البلدان الإشتراكية سابقا مالكة لمؤسسات عمومية قادرة على المنافسة في الأسواق الدولية , وأغلبيتها مهددة بالزوال , لأن المؤسسات الكبيرة مثل الصناعة الثقيلة أنعشت عن طريق قروض بنكية و قروض بين المؤسسات .و في ظل هذه الأوضاع يجد المسؤولون أنفسهم أمام اختيارين :
* التمسك بهذه القروض مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم .
* أو التوقف عن ممارسة نشاط هذه المؤسسات مما يؤدي إلى تسريح العمال و بالتالي ارتفاع البطالة .
مزايا و صعوبات الخوصصة :
لقد عرف مفهوم الخوصصة عند ظهوره في المحيط الإقتصادي كمفهوم جديد , مؤيدين و معارضين كل بحجته ودوافعه , فلقد تصدى المعارضون للخوصصة من خلال إبراز سلبياتها لاسيما طبيعتها الإحتكارية و تسلطها و استيلائها على الأجهزة السياسية وكانت حجتهم هي السيادة الوطنية , و في المقابل يرد دعاة الخوصصة بأن تجاوب اثبت فشل إدارة القطاع العام للمشاريع و الإقتصاد , وتسيبه و فساده سوء إدارته .
مزايا الخوصصة :
يضم الإتجاه المؤيد للخوصصة عدة نزعات نذكر منها :
براقماتية , ايديولجية , رجال الأعمال و النزعة الشعبية , فالبراقماتيون يطمحون إلى حكومة احسن في ظل نظام اقتصادي أكثر انتاجية , أما الإديويلوجيون , يهدفون إلى تقليل تدخلات الحكومة و ذلك عن طريق اعطاء حرية أكبر للقطاع الخاص و ورجال الأعمال يهدفون الى زيادة أنشطتهم عن طريق إعادة توجيه مصاريف الدولة نحوهم , أما النزعة الشعبية فترمي إلى الارتقاء نحو مجتمع أفضل و ذلك عن طريق إعطاء سلطة أكبر للأفراد من اجل تلبية رغباتهم المشتركة هذا من جهة , وبتقليص سلطة الإدارات الكبرى سواء عمومية كانت أو خاصة من جهة أخرى , وهناك العديد من المزايا التي تدفع بهؤلاء إلى القول بنعم للخوصصة و تأييدها و من بين هذه المزايا :
مزايا الخوصصة على المؤسسات التي تم خوصصتها :
أ- الإستثمار :
إن العديد من المؤسسات العمومية تعاني من نقص الإستثمارات و ذلك إما بفعل الخسائر المتراكمة أو أن الدولة تفتقد للأموال الكافية لتغطية الإحتياجات من الإستثمارات نتيجة لإرتفاع تكلفة الإستثمار الخاص في بعض القطاعات الحساسة .
ان الخوصصة يمكنها أن تجلب أمولا جاهزة لتمويل الإحتياجات من الإستثمارات و هذا من خلال عملية بيع الأسهم بواسطة الإستثمارات المنجزة من قبل المالكين الجدد و خاصة الأجانب منهم .
ب- تحسين فعالية المؤسسة بتخفيض التكاليف :
إن تطبيق عملية الخوصصة يمكن أن يؤدي إلى تخفيض الفائض من المستخدمين (تكلفة إضافية) حيث استبدال العامل بالآلة الإنتاجية ذات التكنولوجيا المتطورة و التي قد يأتي بها الملاك الجدد ذوي الخبرة و التكنولوجيا، مما يؤدي إلى الرفع من مردودية الإستغلال و زيادة فعالية المؤسسة، كما أن المؤسسة بخضوعها لقانون السوق(المنافسة) يجعل بقاءها غير مضمون،مما يعرض مناصب العمال و أجورهم إلى الخطر و هو حافز كافي يجند العمال إلى الرفع من إنتاجية المؤسسة.
ج- تجديد إدارة المؤسسة:
في معظم البلدان النامية ، يفتقد المسيرون إلى الكفاءة في التسيير في إطار القرارات و خاصة تلك المتعلقة بنوعية المنتوجات التي ستضيع كذا أسعار هذه الأخيرة فكل هذه القرارات تؤخذ من طرف المخطط المركزي، لكن عندما نقوم بالخوصصة ،أين يتم استدعاء مستثمرين أجانب أو محليين و الذين يقومون باختيار طاقم تسييري جديد،أكثر فعالية و كفاءة هذا من جهة، و من جهة أخرى فإن المسيرين الجديد سيكونون أكثر حرية من القيود السياسية المطبقة على الإدارات.
و بما أن المؤسسات العمومية يفرض عليها أحيانا الخضوع إلى أوامر متناقضة مع أهدافها و بالتالي يصبح مسيرو هذه الأخيرة بمثابة موظفين فقط، لذلك فإن الإدارة تبتعد كثيرا على طريقها المسطر ألا و هو البحث عن الفائدة القصوى، على الرغم من أن جميع المؤسسات سواء، كانت عامة أو خاصة قد تواجه بعض الضغوطات السياسية،إلا أن المؤسسات الخاصة تعمل بمرونة أكبر و التي ستسمح لها بمسايرة تطور السوق .
مزايا الخوصصة على الإقتصاد الكلي:
استقرار الميزانية:
إن وضعية المالية العامة تحسن بطريقتين:
أ- المبالغ المخصصة لتدعيم أنشطة المؤسسات العمومية أو لتغطية سائرها،ستخفض أو تلغي عن طريق تطبيق الخوصصة .
ب- انخفاض المصاريف العمومية ستترجم أو ستعكس الضغوط التضخمية التي ينتج عنها عدم الإستقرار الإقتصادي و عرقلة عمليات الإصلاح الإقتصادي، هذا من جهة. من جهة أخرى يمكن للدولة الحصول على مداخيل و ذلك عن طريق بيعها لبعض المؤسسات العمومية، و بالإعتماد على تقنيات للتمويل مثل- swap- أو تغيير الحقوق (exchanges de créance) أي المدين الأجنبي سيتبدل حقوقه مقابل أسهم في مؤسسة عمومية وطنية،فالدولة تستطيع بيع المؤسسات العمومية من أجل تخفيض أعباء المديونية الخارجية، و إذا أصبحت لهذه المؤسسات التي تم خوصصتها،مردودية عالية،فللدولة إمكانية رفع مداخيلها عن طريق الضرائب التي تفرضها على هذه المؤسسات.
إن ارتفاع مداخيل الدولة يستطيع أن يكون له مفعول تضخمي و ذلك بزيادة عرض النقود المحلية،هذا الشكل يطرح مثلا فيما يخص تغيير الحقوق مقابل المساهمات في رأس المال، لذا من المستحسن أن توجه الدولة المداخيل التي تحصلت عليها إثر بيعها للمؤسسة العمومية إلى هذه الأخيرة و ليس إلى الخزينة العامة.
فحاصل الاستقرار في الميزانية يعد ضروريا للتحكم في التضخم، و يساهم بشكل كبير في إنشاء محيط إقتصادي كلي مستقر، و الذي سيسمح بتوفير المناخ المناسب للمستثمرين و جلبهم و خاصة منهم الأجانب ذوي الخبرة و التكنولوجيا مما يعود بالفائدة على الدولة المستقبلة لهؤلاء المستثمرين و لرؤوس الأموال الأجنبية.
مزايا متعلقة بالمستهلكين:
إن خوصصة المؤسسات العمومية تعود بالفائدة على المستهلكين، فعندما تفقد المؤسسات صبغتها الإحتكارية، هذا يعني أنها ستصبح خاضعة للمنافسة، مما سيتوجب توفير رؤوس أموال إستثمارية جديدة،إدارة جديدة،تكنولوجيا جديدة، مما يعود بالفائدة على المستهلكين و هذا بتقديم خدمات أفضل بأقل تكلفة.
صعوبات الخوصصة:
إن عملية الخوصصة لن تتم بسهولة و يسر لمجرد تصميم الحكومة (الإدارة السياسية) بتنفيذها، وإنما هناك الكثير من العوائق و الصعوبات التي يجب و ضعها في الحسبان.
و يأتي في مقدمة الصعوبات و المعوقات العامل البشري و الإجتماعي، المعروف أن كل برنامج تصحيحي يلق معارضة فبرنامج الخوصصة حالة خاصة، فهو يلقي بدوره معارضة من بعض الجهات، و من أهم القرى المعارضة لبرنامج الخوصصة نجد نقابات العمال و مسيري المؤسسات العمومية و المجموعات السياسية ذات النزعة الوطنية.
فمن الصعوبة أن يتقبل الناس فكرة التخلص من العمالة الفائقة أو العمالة غير المؤهلة أو العمالة غير المنتجة، فلقد ورثوا مفهوم أن الدولة عليها إعانة الأفراد بتشغيلهم بغض النظر عن حاجاتها أو عدم حاجاتها لهم.
فتطبيق الخوصصة قد يرغم عددا كبيرا من عمال المؤسسات العمومية المقبلة على الخوصصة، على تحمل تكاليف إجتماعية عالية، بالإضافة إلى تقليص عدد العمال، سيتم إدخال شروط عمل جديدة أكثر صرامة و أكثر جدية مثل تمديد أوقات العمل أو التخفيض من الإمتيازات.
كما أن إلغاء التدعيمات و المساعدات المالية من الدولة تهديد كيان المؤسسة العمومية، و الجدير بالذكر هو استفادة بعض القطاعات العمومية من دعم السلطات العمومية بفضل علاقتها السياسية. فمسؤولي المؤسسات التي تعمل في قطاعات الأنشطة الرئيسية لديهم عادة تاثير سياسي معتبر غير مبني على العلاقات الشخصية التي تربطهم مع مسؤولين حكوميين فحسب، بل يتعدى إلى إمكانية تشكيل جماعات ضغوط مختلفة لها وزن معتبر في اتخاذ القرارات، ستصبح هذه المعارضة ضغوطا سياسية بالإضافة إلى الضغوط النقابية و التي قد تؤثر على متخذي القرار.
تقنيات الخوصصة:
من ضمن شروط نجاح أي برنامج تصحيح هو وجود تقنيات دقيقة يعتمد عليها في تطبيق هذا البرنامج، و الخوصصة أحد هذه البرامج و الذي يعتمد بدوره على تقنيات،قد تكون في بعض الأحيان معقدة، كما أن تنفيذ برنامج الخوصصة باستعمال تقنيات بصفة دقيقة وحيدة، قد تضمن النجاح و السير الحسن لهذا البرنامج.
طرق الخوصصة و معايير اختيارها
أ - طرق الخوصصة :
سنتطرق إلى أهم طرق الخوصصة و هي:
- بيع الأسهم للجمهور
- بيع الأسهم للخواص
- إعادة الهيكلة أو إعادة استغلال النشاط
- استثمار جديد خاص في المؤسسة العمومية
- بيع أصول المؤسسة العمومية
- مساهمة العمال
- المساهمة المعمقة
- الإيجار و عقد التسيير
بيع الأسهم للجمهور (كليا أو جزئيا):
تتم بالبيع للجمهور بمفهومه الواسع لكل، أو جزء من الأسهم التي تمتلكها الدولة في المؤسسات العمومية.
إن البيع الجزئي للأسهم يعني في بعض الحالات أن الحكومة تريد الإحتفاظ بالمراقبة الجزئية أو الكلية لمؤسسة المخوصصة، و العديد من عمليات الخوصصة تطبق طريقة بيع الأسهم للجمهور و طريقة البيع الخاص للأسهم، في نفس الوقت و ذلك من أجل تعظيم الموارد المالية التي تبحث عنها الحكومة، و قد بينت العديد من التطبيقات أن هذه الطريقة تهدف أساسا إلى البحث عن الموارد المالية.
إن الدول التي انتهجت إقتصاد السوق تتم فيها عملية البيع عن طريق البورصة (السوق المالية) و المؤسسات المعنية، و كي يتم قبولاه ينبغي أن تتوفر هذه المؤسسات على شروط قانونية و مالية مراقبة من طرف لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة إذا لم تتوافر هذه المؤسسة على الشروط والمعايير القانونية و المالية فإن لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة ترفض إصدار أسهمها للجمهور، بمعنى أن اللجنة تعارض دخول المؤسسة في البورصة.
شروط نجاح العملية:
تتطلب عملية بيع الأسهم للجمهور الشروط الآتية:
- يجب أن تكون المؤسسة العمومية المعنية بالأمر ذات حجم معتبر، وتكون قد حققت مردودية تاريخية مقبولة أي خلال السنوات الفارطة أو توحي بالتفاؤل في المستقبل.
- الوثائق التاريخية للمعلومات المالية و مردودية التسيير الخاصة بالمجموعة المسيرة.
- وجود إمكانية حقيقية لتحريك السيولة على مستوى السوق بتطبيق عملية بيع الأسهم الأسهم للجمهور.
- في حالة وجود سوق مالية، يجب أن تضع الحكومة هيكلا تنظيميا للمراقبة و الإعلام لجلب المشترين المحتملين و حمايتهم على وجه الخصوص ضد أي انحرافات خطيرة تحريك الموارد المالية و إمكانية تحويلها إلى ميزانية الدولة.
- شفافية صفقات الخوصصة
نظرا لهذه الأسباب فإن عملية بيع الأسهم للجمهور مختارة سياسيا من طرف الحكومات المطبقة لبرنامج الخوصصة.
بيع الأسهم للخواص:
تعريف الطريقة :
تعبر هذه العملية عن بيع الدولة أجزاء من الأسهم أو لكل رأس المال الاجتماعي للمؤسسة العمومية التي لها مجموعات من المشترين نظرا لقدراتهم أو لتشخيصهم.
و قد تأخذ عملية بيع الأسهم للخواص عدة أشكال هي:
- الإقتناء المباشر (الاكتساب) من طرف مؤسسة أخرى خاصة أو مختلطة
- بيع حصة من الأسهم لصالح مجموعة معينة قبل أو في نفس الوقت مع بيع الأسهم للجمهور.
إن البيع المباشر للأسهم مؤسسة عمومية قد يتبعه بيع للجمهور، حيث أن البيع المباشر للأسهم يستعمل عادة للحصول على النواة الصلبة،أي الحصول على قدرات للتحكم في التسيير، و كذلك رؤوس الأموال المؤسسة العمومية في حاجة ماسة إليها.
امتياز عملية بيع الأسهم للخواص بالنسبة للدولة، هو معرفة ميدانية و تسييرية ، أسواق جديدة و كذلك السيولة النقدية المتدفقة ، لهذا فإن هذا الشكل من الخوصصة تعتبر كمرحلة أولى لأنها تجلب العناصر الأساسية التي تضمن للمؤسسة التطور و الرقي و السير الحسن لها، و ليس من الضروري خوصصة المؤسسة 100% للحصول على الإمتيازات الإضافية، و في بعض الحالات تستعمل أشكال المقصات للسماح للمؤسسات العمومية ذات الأصول الصافية السالبة بتبادل الأسهم مع مساهم جديد للحصول على التكنولوجيا و المعرفة يمتلكها مقابل أقسام سوقها معه مثلا، بالإضافة فإن هناك شروط بيع الأسهم للخواص كوجود قواعد تمنع تغيير نشاط المؤسسة أو إعادة بيع ممتلكاتها لمدة معينة تكون ضرورية و لهذا فالدولة يجب أن تأخذها بعين الاعتبار و لا تهملها.
إعادة الهيكلة أو إعادة استغلال النشاط:
تعني هذه العملية إعادة تنظيم المؤسسة العمومية في عدة وحدات منفصلة أو مجمعة في إطار شركة جديدة تسمي(الشركة القابضة) مع عدة فروع ، و إعادة الهيكلة لا تعني خوصصة المؤسسات مباشرة بل تمثل مرحلة تحضيرية لذلك.
استثمار جديد و خاص في مؤسسة عمومية :
إذا كانت الدولة تسعى إلى جلب رؤوس أموال خاصة من أجل إعادة التوازن أو بالأحرى لتطوير نشاط قطاع معين و ذلك قصد رفع رأس المال الإجتماعي للمؤسسة التابعة للدولة، , و بغية المشاركة في استغلال ما هو موجود من قبل.
تمثل الخوصصة عن طريق الإستثمار الجديد و الخاص في المؤسسة العمومية حلا لمواجهة المشكل السيولة للإستثمار و التكنولوجيا، كما يمكن كذلك مواجهة مشاكل سوء التسيير الذي تعاني منه المؤسسة العمومية، و تسمح هذه الطريقة للمؤسسة العمومية المحافظة على شكلها المالي، مع الرجوع إلى فعاليتها و ذلك بتوفير العناصر الضرورية التي هي بحاجة إليها.
بما أن الأشكال الأخرى للخوصصة سبب في ظهور مشاكل إجتماعية عويصة، فإن المشاركة برأس المال الخاص(أجنبي أو وطني) هي طريقة متبعة مفضلة و زينة أين يمكن لكل فرد من إظهار قدراته.
بيع أصول المؤسسات العمومية:
تعريف طريقة بيع أصول المؤسسات العمومية:
في هذه الحالة،تأخذ الخوصصة شكل بيع الأصول و ليس الأسهم، فعاليات البيع تشبه الإستثمار الخاص، و يمكن أن يتم البيع حسب منهج الإعلان بالمناقصة أو حسب منهج الزاد العلني، و في كل من بطريقتي بيع الأسهم للجمهور و بيع الأسهم للخواص يتم بيع المؤسسة العمومية كمجموعة واحدة كليا أو مجموعات جزئية،أما في عملية بيع الأصول تنبغي تجزئة الأصول ينبغي تجزئة الممتلكات و بيعها يتم بالتجزئة و في وحدة متجانسة جديدة
و تأخذ عملية بيع الأصول في غالب الأحيان الشكل الذي يسمح للدولة من إنشاء مؤسسة مختلطة مع الخواص، و أسهم هذه الأخيرة، يمكن طرحها في مرحلة لاحقة عن طريق أو عبر البورصة.
و يمكن الاعتماد في طريقة بيع أصول الدولة على قاعدة دفتر الأعباء.
ليس تعديد سعر المعاملات فقط بل بالإضافة إلى شروط الشراء الأخرى، كما أن الرجوع إلى المناقصة قد يفتح الطريق إلى الشفافية و تحديد السعر الحقيقي على وجه الخصوص. مساهمة العمال:
تعريف الطريقة:
مساهمة الإداريين تخص مجموعة صغيرة من المسيرين، في حين أن مساهمة العمال تتم كل عمال المؤسسة المقبلة على الخوصصة والهدف هو تطبيق المراقبة الحقيقية من طرف الإطارات المسيرة للمؤسسة التي تم خوصصتها، و تمثل هذه الطريقة أحسن بديل للمؤسسة العمومية التي لا يمكن بيعها بسبب مشاكلها الخاصة، كفائض العمال حيث تعتبر عملية تصفيتهم مكلفة جدا لهم و للحكومة في نفس الوقت، و تشكل بذلك خطرا اجتماعيا صعبا. إن المساهمة الواسعة للعمال تشكل نوعا من تنشيط الإنتاجية مجموع العمال و حاجزا ضغطهم.المحافظة على الشغل،كما أن طريقة شراء المؤسسة من طرف عمالها يسمح بتقليص ضغوطات التشغيل و تجنب تكاليف الغلف حتى يحين التصفية النهائية.
المساهمة المعمقة القسائم:
وجدت هذه الطريقة الجديدة للخوصصة مع فشل النظام الإشتراكي في أوربا الشرقية، و إدخال أشكال جديدة للإنتقال إلى إقتصاد السوق، و كان ظهور هذه الطريقة لأول مرة في فيفري 1991 تشيكوفاكيا سابقا،كما أصبحت الخوصصة المهمة نموذجا، حيث تنشئ الدولة صندوق للإستثمار و هذا التسيير القسائم و توزع على كافة أفراد المجتمع و ذلك لأن لكل مواطن حق الحصول على دفتر مجاني من قبل الدولة، و قد يتدخل صندوق الإستثمار بشراء هذه الدفاتر بسعر يعادل 10 مرات قيمتها الأولية لقسائم الخوصصة، و قام الصندوق بهذه العملية سنتين من بعد و بالتحديد في فيفري 1993.
و تستعمل هذه الطريقة قصد تطوير"المساهمة الشعبية و الإنضمام الواسع لبرنامج الخوصصة، و ميزة هذا المنهج هو أنها تمس جزءا هاما من الجمهور و تكون أكثر فعالية عندما يتعلق الأمر بخوصصة جماهيرية.
لقد قامت روسيا بخوصصة 80% من مؤسساتها العمومية، و تم توزيع 70% من أصول هذه المؤسسات لكل مواطن روسي باستعمال طريقة فوشير بالإنجليزية أو بالتوزيع المجاني لسندات المساهمة و هذا في أكتوبر 1992 ،كان نظرا للأزمة التي منحها المجتمع الروسي أدت إلى عدم استجابة حقيقية للمجتمع الروسي لمثل هذا النوع من الخوصصة، وجاء هذا النوع من الخوصصة للإنتقال من الإقتصاد المخطط المركزي إلى إقتصاد السوق، و لا يمكن دراسة نتائج هذه الطريقة أصلا إلا بعد بضعة سنوات.
لكن بعد البيع في المزاد العلني و التجارة و الخدمات ما بين سنة 1991 و سنة 1992 اتبعت الدول الشرقية برنامجا سريعا لخوصصة كل المؤسسات الصناعية ماعدا القطاعات الإستراتيجية(الدفاع،الطاقة،...)
الإيجار و العقد التسييري:
تعريف الطريقة:
هذه الحالة تمس الخوصصة جانب التسيير و لا تمس الملكية،فالإيجار و العقد التسييري نوعين قد يبين من التسيير الخاص لمؤسسة عمومية، بحيث لا يستوجب ذلك تحويل الملكية أو تخلي الدولة عن ممتلكاتها في المؤسسة رغم أنهما إيجاء عقد، و يعتبران كمرحلة وسيطة للإنتقال نحو الخوصصة،و يستعمل كل من الإيجار و العقد التسييري أدوات و مقاييس مؤقتة للرفع من مستوى الفعالية، والنتيجة للمؤسسة العمومية،حيث أن القطاع الخاص يجلب معه المعرفة والخبرة و التكنولوجيا للتسيير لمدة التعاقد أو الإيجار المحددة كما تستطيع الحكومة اتخاذ القرارات إما عن طريق:
* منح حرية التسيير للمؤسسة نفسها
* تجديد الإيجار أو العقد التسييري الخاص بالممتلكات المحددة
فوائد الطريقة:
يمثل كل من الإيجار و العقد التسييري الطريقتين الأساتين لخوصصة التسيير دون خوصصة ممتلكات المؤسسة العمومية،كما تعطي كل من الطريقتين فوائد أفضل من الطرق الأخرى للخوصصة و هي كما يلي:
* يأخذ الإيجار شكلا من البيع المحدد(الثابت) و المؤكد.
* يعتبر العقد التسييري حلا وسيطا لتحويل المؤسسة العمومية لأنه يضفي عليها المعرفة و الخبرة و التكنولوجيا و التنظيم ، و تقنيات التسيير التي هي بأمس الحاجة إليها.
و ترتبط هذه الأشكال الخاصة بالتسيير بوضعية المؤسسة أو الدولة و كذلك لعدم الرغبة و خوصصة ممتلكاتها المؤسسة العمومية، و ذلك راجع لإعتبارات عديدة و هي:
- اعتبارات السيادة الوطنية
- مؤسسة لها مردودية بالنسبة للدولة
- عدم توفر شروط قيام الخوصصة
- ظهور مستثمرين جدد، يمكن أن يشكلوا مستقبلا قدرة شراء المؤسسة
معايير و طرق الخوصصة:
إن الخوصصة أخذت أشكالا عديدة في بلدان مختلفة،فمنهم من قام بخوصصة المؤسسات العمومية عن طريق بيع الأسهم للجمهور، و منهم كذلك حسن استعمال طريقة القسائم (المساهمة المعممة) التي ظهرت ما بين سنة 1991 و سنة 1992 و التي تعرف تطورا كبيرا، و تحث الهيئات المالية الدولية مثل البنك العالمي للدول النامية و التي تريد الخوض في الخوصصة على استعمال طريقة القسائم،لكن الإختيار و المفاضلة بين طرق خوصصة المؤسسات العمومية يتوقف على العديد من العوامل و الإعتبارات ،كما يجب أن تكون هناك مبادئ تحكم عملية الخوصصة حتى تكون هناك ضوابط تحكم هذه العملية، كما تجدر الإشارة إلى أنه يمكن المزج بين طريقتين أو أكثر للخوصصة،إذن فطرق و أساليب الخوصصة تختلف و من بين العوامل المتحكمة في اختيارها نذكر:
- أهداف الحكومة من الخوصصة
- تنظيم المؤسسة العمومية
- كفاءات التسيير
- القطاع النوعي لنشاط المؤسسة العمومية
- وجود السوق المالية
- العوامل السياسية و الإجتماعية
- المستويات المساعدة
أهداف الحكومة من الخوصصة:
إن أهداف الحكومة يختلف باختلاف القيود التي تواجهها، ومن كل الأموال فإن أهداف الحكومة المحددة في برنامج الخوصصة كثيرة و متنوعة من بينها:
- زيادة كفاءة المؤسسات
- الحصول على أكبر إيراد من أصول الدولة، وبالتالي اتباع طريقة خوصصة ينتج عنها تحقيق أقصى سعر للبيع
- تطوير عملية المساهمة في البورصة
- الوصول إلى جو تنافسي بين المؤسسات المخوصصة مستقبليا
إن الأهداف السابقة سيكون لها حتما تأثير على نوع الطريقة المتبعة لخوصصة المؤسسات العمومية، لأن الوصول إلى كل هدف من الأهداف المذكورة سيتوجب اتباع طريقة دون أخرى، فمثلا تطوير السوق المالية و الرفع من العمليات البورصية سيتوجب الإعتماد على خوصصة المؤسسات العمومية ذات الحجم الكبير و التي تستطيع استيعاب كبير من المساهمين.
الخوصصة في الجزائر:
إن تقييم مرحلة التسعينات يؤكد عدم السير الفعال و التنظيم السيئ للإقتصاد الجزائري، في هذا الصدد الإجراءات المتخذة أثناء نصف عشرية الثمانينات ارتبطت بضرورة إيجاد أنجع السياسات المردودية النظام الإقتصادي إعادة الهيكلة العضوية و المالية للمؤسسات العمومية، تقليل احتكار الدولة على التجارة الخارجية، اللامركزية المتعلقة بطريقة تخصيص الموارد،إعادة توجيه الإستثمارات في فائدة البنية التحتية و الصناعات الخفيفة، تسهيل شروط تدخل القطاع الخاص، وتنشيط الإستهلاك الخاص،كل هذا كان عبارة عن الأقسام الأساسية لإجراءات الإصلاحات المستخدمة خلال هذه المرحلة. إن إعادة لهيكلة التنظيمية للمؤسسات يمكن إعتبارها كمحاولة خوصصة في إطار تجزئة المؤسسات الكبيرة إلى عدة متوسطة الحجم،تسهيل عملية التنازل عليها من جهة، و من جهة أخرى سهلة التسيير و قابلة للبيع في نفس الوقت .
منذ سنة 1980 الخوصصة بدأت بعملية.بيع الموجودات العقارية و البنايات المسيرة من طرف الإدارات العمومية لحاجاتهم المهنية... و التي كانت تقدر بملايين الدينارات،إن لم نقل أكثر، لكن صفقات البيع تمت بمبالغ جد رمزية هذا العمليات تبعتها عمليات أخرى، إنطلاقا من سنة 1987، و المتعلقة بتوزيع الأراضي الزراعية التي كانت تابعة للثورة الصناعية.
و مواصلة لنفس السياسة ذهب المشروع إلى أبعد من ذلك بقانون 91-21 في ديسمبر 1991، حيث قرر بيع جزء من الآبار في شكل حقوق لفائدة مؤسسات أجنبية بهدف جلب التكنولوجيا و الخبرة بممارسات الإقتصاد الموجه، و نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج،فبقاء و صلابة البيروقراطية و إرتفاع مستوى العمالة كلها صفات تميز الإقتصاد الجزائري،بالإضافة إلى التبعية المتزايدة إلى الأسواق الخارجية و تصدير المحروقا بنسبة كبيرة دون الإهتمام بترقية الصادرات الأخرى.
كما جعل من الصعب الوصول إلى أهداف الفعالية الإقتصادية و زيادة المردودية .
إستقلالية المؤسسات:
السقوط المباشر لسعر برميل البترول في 1986 و انخفاض العائدات الخارجية نتيجة لهذا السقوط، دليل عن الضعف البنيوي للإقتصاد الجزائري، فكانت الحاجة إلى إصلاح جذري للنظام الإقتصادي ودفعه إلى الدخول في سلسلة من الإصلاحات التي مست الجانب التسييري و الإطار القانوني للمؤسسات العمومية و النظام المالي.
إن السلطات العمومية تداركا منها لتفادي إفلاس المؤسسات العمومية، و انهيار الإقتصاد الوطني،عمدت إلى رفع التدخل المباشر في الإقتصاد، و قد اتضح ذلك في نص القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية رقم 88/01 المؤرخ في 12/03/1988
و المتضمن مبدئين هما:
مبدأ الإستقلالية : و الذي يعني منح حرية أكثر للمؤسسات العمومية في العمل نتيجة لتمتعها بالشخصية المعنوي، وإستقلال ذمتها المالية،بهدف تحقيق الفعالية الإقتصادية.
مبدأ المتاجرة: يعني خضوع المؤسسة العمومية لأحكام القانون التجاري من حيث تنظيمها نشاطها و تمويلها.
و هذا ما جاء في المادة 48 من القانون 88/04،فمن الناحية التنظيمية تأخذ المؤسسة شكل مساهمة،أين المساهم الوحيد هو الدولة.
المؤسسات العمومية المستقلة عن الوصاية المباشرة للإدارة المركزية حولت إلى مؤسسات عمومية إقتصادية مستقلة(epe)،و أخذت شكل شركات بأسهم، أين رأس مالها الإجتماعي هو بالكامل مكتتب و فقط من الدولة،حيث سلمت الدولة تسيير حقها للملكية على رأس المال للمؤسسات العمومية الإقتصادية إلى صناديق المساهمة، والتي كان عددها حسب ما حدده المرسوم ثمانية(08) صناديق.
سمح هذا الإطار الجديد لحوالي 400 مؤسسة عمومية أن تمر إلى الإستقلالية و بعد أن مرت بمرحلة التطهير المالي الذي يعني إعادة التوازن المالي بين أصول و خصوم المؤسسة من خلال تمويل إستخدامتها بالمواد المناسبة.
و قد أدرجت في خضم مشروع إستقلالية المؤسسات العمومية بعض الإصلاحات على المستوى التأسيسي و التي كانت تتحرك في إطارها تلك المؤسسات العمومية و هي:
- إصلاح نظام الأسعار سنة 1989
- إصلاح النظام الضريبي خاصة إدخال نظام الرسم على القيمة المضافة (tva)
- إصلاح إحتكار الدولة على التجارة الخارجية في إطار إلغاء الإحتكار على النشاطات الإقتصادية
- إصلاح قوانين العمل(مرونة فيإطار عقد العمل ،تثبيت الأجور، تنظيم حق الإضراب، إلغاء الإحتكار النقابي...إلخ)
- مراجعة القواعد التجارية سنة 1993
- إصدار مرسوم تشريعي متعلق بترقية الإستثمار الخاص الوطني و الأجنبي.
لكن بقيت المؤسسات العمومية تعاني من عدة صعوبات حالت دون الوصول إلى الهدف الذي كانت تصبو إليه، و من بين هذه الصعوبات نذكر:
- التدخلات المستمرة للإدارة الوصية في شؤون تسيير المؤسسات العمومية المستقلة
- التأخرات المسجلة في إعادة الهيكلة و تنظيم المؤسسات العمومية
- صنادق المساهمة أظهرت محدوديتها رغم طموحها و الهدف الشريف الذي وجدت من أجله.
إعادة هيكلة الإقتصاد:
إعادة الهيكلة هي مجموع الإجراءات لإعادة التنظيم،إعادة الإنتشار و إجراءات عصرنة آلة الإنتاج الوطني و هدفها يتمثل في زيادة فعالية لمؤسسات العمومية و إضفاء طابع التنافس عليها و إدراجها في القسم الدولي للعمل.
بدأت عملية إنتقال الإقتصاد الجزائري في إطار برنامج الإستقرار الممضي مع صندوق النقد الدولي و برنامج التعديل بالتنسيق مع البنك العالمي تقه هذه الإجراءات الأولية في المدى القصير و تحضير الإنتقال نحو إقتصاد السوق الذي يمر إجباريا بتغيير عميق للعلاقات التي تسيطر حاليا على الإقتصاد الوطني و يتضمن برنامج التعديل هذا على ما يلي:
الإستقرار على المستوى الإقتصادي الكلي:
الغرض من برنامج الإستقرار، الساري المفعول حاليا هو تخفيض التضخم و الوصول إلى نمو الإقتصاد الوطني،الخطوط العريضة لهذا البرنامج تتعلق بتحرير التجارة و تحرير نسب المبادلات، و تخفيض توترات الإقتصاد الكلي، بهدف الوصول إلى معدل صرف موحد للدينار و تقليص العجز الميزاني، تمويل الإقتصاد الوطني الذي يكون مؤسسا على تدعيم و ترقية الإدخار الوطني الداخلي
و كل هذه الظروف تكون في مصلحة المستثمرين سواء الأجانب أو الوطنيون حيث تضمن لهم الإستثمار على المدى البعيد في النشاطات المنتجة.
تحرير الإقتصاد:
في إطار إعادة الهيكلة، فإن النظام الوطني الإنتاجي يتطلب تحرير العلاقات بين المتعاملين الإقتصاديين و هذا من خلال العناصر التالية:
- تطوير قطاع خاص صناعي
- تقليص و حتى إقصاء التدخل المباشر للإدارة في النشاطات الإقتصادية.
- إلغاء الإحتكرارات أو شبه الإحتكارات
- فتح المجال للمستثمرين الأجانب
- تحرير التجارة الخارجية
تطوير القطاع الخاص: تحديد دور الدولة كمنتج يعطي إمكانية لتطوير القطاع الخاص، و بالتالي على الدولة أن تأخذ إجراءات التحفيز لتطوير المبادرة الخاصة، و هذا من أجل ضمان استبدال الدولة بالمتعاملين الخواص في قطاعات النشاطات أين يجب على الدولة أن تنسحب حيث يجب على الدولة أن تلغي الحواجز التي تقف أمام مساهمة القطاع الخاص في المسيرة لتنموية للإقتصاد الوطني.
في الأخير، لابد من إدخال و بصفة واضحة مفهوم الشراكة من أجل جعل الإقتصاد الوطني أكثر فعالية ومن أجل تكييف أفضل لإقتصاد منتج للثروات مبني على المنافسة.
تقليص دور الدولة :
يستلزم الإنتقال من الإقتصاد الموجه إلى إقتصاد السوق تركيز نشاط الدولة على دورها التعديلي على حساب دورها كمنتج، على هذا التغيير أن يظهر على مستوى الإقتصاد بصفة عامة، والقطاع المنتج بصفة خاصة ، وهذا من خلال تقليص التدخل المباشر للإدارة في القرارات المتعلقة بالإنتاج، المتاجرة و الإستثمار، وترك المبادرة للسوق، الذي يبقى الوحيد الذي يستطيع أن يفرض هذه القرارات.
و يستلزم هذه الوضعية على مستوى الوزارات،التخلي عن فكرة الوصاية الترتيبية و كذلك تغيير في إدراك أدوارهم، وهذا من طرف الموظفين و حتى المؤسسات التي تقع تحت وصية هذه القرارات.
لذا لابد على الدولة أن تحدد الدور الذي ينبغي أن تلعبه في إقتصاد مسير بقوانين السوق و الذي يهدف إلى فعالية عوامل الإنتاج.
و يمكن تحديد الأدوار الرئيسية التي ينبغي الدولة أن تلعبها و هي:
الدولة المنظمة ،الدولة الحامية ،الدولة المنتجة ، الدولة المنشطة.
الدولة المنظمة:
في هذا الإطار تتدخل الدولة كقوة عمومية، يكون نشاطها الرئيسي هو العمل من أجل إنشاء و توفير الشروط التأسيسية،المنظمة، الشرعية و النظامية هذا من أجل نمو و تطور الإقتصاد الوطني بطريقة منسجمة ، ومن أجل إرضاء المواطنين فيما يخص حاجياتهم الأساسية، كما يهدف دور الدولة المنظمة في ظل إقتصاد السوق و بصفة أساسية إلى احفاظ على التوازنات الداخلية و الخارجية و الحفاظ على العدالة الإجتماعية.
الدولة الحامية:
لهذا الدور أهمية كبيرة، حيث يجب على الدولة أن تحرص على التوفير العادل للسلع و الخدمات العمومية، هذا لا يعني أنه واجب على الدولة أن تنتج هذه السلع و الخدمات بل يتمثل دورها الأساسي في الحرص على تماشى عرض هذا السلع و الخدمات المقدمة من المؤسسات العمومية أو الخاصة مع طلب و إحتياجات لمواطنين
الدولة المنتجة:
بما أن الدولة أصبحت لا تملك الوسائل لعمل كل شيئ و في كل مكان خاصة و أن آلة الإنتاج التي تملكها أصبحت متميزة بأزمة خانقة، يجب عليها أن تنظم ذمتها المالية و هذا من أجل أن تكيف مع قواعد و قوانين إقتصاد السوق.
و سيكون ذلك بإعادة تحديد و تنظيم علاقتها مع المؤسسات التي تملكها في إطار تنظيمي جديد و متناسق.كما يكون ذلك بإعادة توجيه نشاطاتها.
الدولة المنظمة:
في هاذ الإطار يتعلق الأمر بإعادة تنظيم الإقتصاد و تحويل العلاقات الإقتصادية التي تنظم العلاقات بين مختلف الأعوان الاقتصاديين.
فعلى الدولة أن تتدخل و بقوة كموجه للتحول و المرور بدون حواجز إلى إقتصاد السوق، و على هذه الإستراتيجية أن تكون معلنة و واضحة و مطبقة من أجل إرجاع مصداقية الدولة، و تربط هذه الخطة دائما بالعناصر التالية:
* مواصلة الإستقرار على مستوى الإقتصاد الكلي
* وضع مؤسسات السوق
* إصلاح القطاع العام
*خوصصة المؤسسات العمومية
تحرير التجارة الخارجية:
مقاييس تحرر حددت في إطار برنامج الإستقرار الإقتصادي.لأن المرور من إقتصاد موجه إلى إقتصاد السوق يستوجب مثل هذه المقاييس، و الملاحظ هو التطور العميق الذي شهدت تنظيم التبادلات الخارجية منذ سنة 1990 بالمقارنة مع الوقت الذي كان فيه منحصر فقط على القطاع العام.
هذا التحرير تم تدعيمه بإلغاء اللجنة الخاصة، وفتح المجال للبنوك بمنح المتعاملين الإقتصاديين و مهام كان وضعهم القانوني الوصول إلى العملة الصعبة المطلوبة و هذا في إطار المنشور رقم 20 للبنك الجزائري، و بالإضافة إلى إلغاء القوائم المتعلقة بالمواد الممنوعة الإستيراد، واستبدالها، بحوافز تعريفية غير مشجعة لإستيراد المواد غير المهمة أو التي تنافس و بطريقة غير شرعية الإنتاج الوطني.
أخيرا من أجل الفعالية الإقتصادية الكاملة، عملية تحرير التجارة الخارجية تعتبر ضرورة من أجل القضاء على الإحتكارات أو شبه الإحتكارات فيما يخص المواد الغذائية، هذه الإحتكارات التي نتجت عنها ظاهرة التبذير و التخزين الهائل للسلع و ارتفاع الأسعار و التي تثقل ميزان المدفوعات و تساهم في إختلال التوازنات المالية الخارجية،بالإضافة إلى مفعولها التضخمي على الإقتصاد الوطني و تشجيع المضاربة و الفوضى في دوائر التوزيع.
مع ظهور خوصصة المؤسسات العمومية و الإنفتاح الكامل للنشاطات التجارية للمستوردين الخواص،يمكن أن تزول هذه الإحتكارات.
لقد إختارت الجزائر فعلا إدماج نفسها في الإقتصاد العالمي الأخذ بعي الإعتبار فرصه و ضغوطاته، ولهذا انخرطت في المنظمة العالمية للتجارة(omc) و أبرمت إتفاقيات شراكة مع الإتحاد الأوروبي لذا كان على متعاملين الإقتصاديين الجزائريين أن يتكيفوا مع هذا الإنفتاح و أن يستعدوا من أجل أخذ مكانة مقبولة في السوق العالمي و الإستفادة منه بكسب الخبرة و التكنولوجيا إذا وفرت لهم الدولة الشروط و الوسائل لذلك.
تحفيز المستثمرين الأجانب:
المحاولات العديدة لإنفتاح الإقتصاد الجزائري للمستثمرين الأجانب لم تأتي لحد الآن إلا نتائج محدودة، وهذا رغم المنافع العديدة المرخصة من قبل القانون الجديد للإستثمارات و التسهيلات الإدارية المتاحة في إطار نظام شباك التوزيع الوحدي، و يرجع سبب ضعف هذه النتائج إلى غياب إطار إقتصاد كلي مستقر، والنمو الضعيف لسوق المنافسة، وإلى الحواجز المعلقة على التبادلات الخارجية و المراقبة الكاملة و المستمرة للدولة على وسائل المدفوعات الخارجية و خاصة يرجع هذا إلى النقائص في تجسيد الإختيار المعلن عن التوجه نحو إقتصاد السوق.
إذا كانت الوضعية الحالية قد استجابت لعدد كبير من انشغالات القطاع الأجنبي الخاص عن طريق تبنى برنامج التثبيت و تحرير التجارة الخارجية،يبقى ، الشركاء الأجانب للجزائر ينتظرون استراتيجية واضحة فيما يخص إعادة الهيكلة الصناعية في إطار توجيه صارم و بدون تحفظ نحو إقتصاد السوق.
في هذا الصدد فإن تقليص دور الدولة و خوصصة جزء من القطاع العام،ستشكل إشارات واضحة و مشجعة لدخول الرأسمال الأجنبي.
دوافع الخوصصة في الجزائر:
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي بالدول إلى تبني البرامج الإصلاحية بصفة عامة و برنامج الخوصصة بصفة خاصة و هذا ضمن برنامج شامل للإصلاح الإقتصادي، و قد تختلف الأسباب من دولة إلى أخرى، إلا أن الأسباب الرئيسية و التي قد تدفع خاصة الدولة ذات النظام الإقتصادي الموجه سابقا و الموجودة في مرحلة إنتقالية نحو إقتصاد السوق مثل الجزائر،تتمثل في الأسباب التالية:
* تدهور وضعية القطاع العام و شبه غياب للقطاع الخاص
* تأزم الوضعية المالية
* ضغوطات المنظمات الدولية
تدهور وضعية القطاع العام و شبه غياب للقطاع الخاص
تدهور وضعية القطاع العام:
يرجع سبب لجوء الجزائر لخوصصة مؤسساتها العمومية إلى عدم نجاعة و فعالية هذا القطاع، و ظهوره بصفة سلبية بعد إنخفاض أسعار البترول، وتدهور وضعيته مما شكل عبئا كبيرا على ميزانية الدولة، في الوقت الذي كان فيه من الواجب أن يكون مصدرا للتمويل و تنمية الإقتصاد الوطني.
فلقد تميزت المؤسسات العمومية في بداية الثمانينات بضعف الإنتاج و لم تستطع تغطية نفقاتها، و لم يرتفع الإنتاج الوطني الخام إلا بنسبة 2.3% (خارج المحروقات و الإنتاج الزراعي) مع إرتفاعه بنسبة 6.6% في أواخر الثمانينات و هذا راجع إلى جمود الإنتاج الصناعي، وعدم استعمال المؤسسات العمومية لكل طاقاتها الإنتاجية و التي لم تتعدى نسبة 52%، مما أدى إلى عجزها ماليا، وإضافة إلى رفع أجور المستخدمين بشكل لا تتماشي و القدرات المالية لهذه المؤسسات.
و من أسباب تدهور وضعية القطاع العام، إنعدام المنافسة، مما يؤدي بها إلى فقدان الفعالية و خاصة وأن الدولة تطبق أسعارا للمنتوجات و الخدمات أقل من تكلفة إنتاجها(أقل من سعر السوق)، وكذلك الفائض الموجود في العمالة،الشيئ الذي يؤثر على نشاط المؤسسة فيعرضها إلى خسائر مستمرة مما يستدعي الدولة لتمويل هذه الخسائر، ونظرا لمحدودية قدراتها على التمويل فإنه يعرض ميزانية الدولة إلى العجز، الشيئ الذي يجعل الدولة تلجأ إلى الإستدانة الأجنبية أو الإصدار النقدي لتغطية هذا العجز.
رغم الإصلاحات التي بدأت فيه الجزائر و خاصة فيما يتعلق باستقلالية المؤسسات العمومية في سنة 1988، والتي كانت غبر كافية، بقي القطاع العام متميزا بـ:
* تبعية القوية للأسواق الخارجية على مستوى التموين و التكنولوجيا كنتيجة للإنتاج الضعيف ما بين القطاعات.
* إستعمال ضعيف للقدرات الإنتاجية و المقدرة بمعدل 50%
* التحكم غير الكافي لعملية الإنتاج الذي لا يسمح بتكييف سريع للتغيرات التكنولجية و لمتطلبات السوق الداخلية و الخارجية
* المنافسة الخارجية الضعيفة لمؤسستنا الصناعية
شبه غياب للقطاع الخاص:
إن الجزائر و بحكم النظام الإشتراكي الذي انتهجته،إعتمدت و بصفة شبه تامة على القطاع العام، مع إهمال للقطاع الخاص و الدور الهام الذي من الممكن أن يلعبه في تنمية الإقتصاد الوطني، فقد كان ينحصر دور القطاع الخاص في بعض الأنشطة التجارية و الزراعية،مما أدى إلى ضعف القطاع الصناعي الخاص، و في بداية الثمانينات و مع ظهور ضعف القطاع العام،بدأ يتجلى للدولة الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في الإقتصاد الوطني،فأعطيت له المبادرة للظهور، و لكن تم تقييده مما أثر سلبا على نموه و تطوره ومن بين القيود نذكر:
* تحديد السقف الأعلى للإستثمار(بـ 30 ملوين دج)
* تشجيع القطاع العام (المواد الأولية،ترقية التصدير ،إحتكار السوق)
* مراقبة نشاط القطاع الخاص و موارد المالية (عدم إمكانية الحصول على القروض البنكية)
* عدم إكتساب المتعامل المحلي الخاص للذهنية الإنتاجية و الصناعية(معاملات تجارية في إطار عائلي بعوائد مرتفعة)
* وجود المشاكل المعقدة كالأراضي لوضع الإستثمارات التي هي ملك للدولة إرتفاع معدل الفائدة بشكل لا يشجع على الإستثمار
* عدم وجود تسهيلات و مزايا قانونية كتخفضي الضرائب و تشجيع بعض الإستثمارات
تأزم الوضعية المالية:
المديونية:
تعتبر المديونية التي تعرفها الجزائر من الأسباب التي تدفع إلى تطبيق برنامج الخوصصة، ويمكن التطرق إلى عنصر المديونية من خلال العناصر التالية:
عبء الواردات:
قبل إنخفاض سعر البترول في سنة 1986،كانت الجزائر قادرة على تسديد وارداتها نقدا و الوفاء بإلتزاماتها نحو الخارج، حيث كانت لديها الموارد المالية اللازمة لذلك كما كانت لديها في تلك الفترة صلاحيات التفاوض التجاري و المالي
أما بعد سنة 1986 و بعد الإنخفاض الحاد لسعر البترول،انخفضت عائدات الوطن من العملة الصعبة بـ50%، وأصبحت الجزائر عاجزة عن تسديد إحتياجاتها المكونة أساسا من المواد الأولية و المواد المصنعة و المواد نصف المصنعة و التجهيزات و قطع الغيار الموجهة للإستثمارات الجديدة أو لصيانة الإستثمارات القديمة، وكذلك بغية مواجهة الإنخفاض في الإنتاج المحلي.
عبء الديون :
إن الإستحقاقات السنوية لخدمات الديون (الفوائد) تعتبر ثابتة نوعا ما، و لقد قدرت سنة 1986 و سنة 1991 بـ 1.6 و 3.6 مليار دولار على التوالي، ولكن الإستحقاق السنوي (رأس المال) تغير من 3.5 مليار دولار إلى 7.4 مليار دولار للفترة ما بين 86 و 89 و يمكن تلخيص الأسباب التي أدت إلى هذا التغيير في سببين رئيسيين، أحدهما تعتني و الآخر مرتبطة بالسياسة الإقتصادية، ويترجم هذا الأخير بتقليص عائدات النفط من الصادرات لسوء السياسة التصديرية للمحروقات لفترة الثمانينات مقارنة بتلك المتبعة في السبعينات.
و أصبحت هذه الديون متكونة أساس من قروض لتمويل التموين اليومي للإقتصاد و هي قروض تجارية قصيرة الأجل و مرتفعة الفائدة، الأمر الذي زاد مدة الإستحقاقات المختلفة.
التضخم :
يمكن تعريض التضخم على أنه الإرتفاع العام في أسعار السلع و الخدمات معبرا عنها بالنقود، ويظهر التضخم في الجزائر حاليا في مؤشر الأسعار، وكذلك في عدة ظواهر أخرى كإنخفاض المردودية الإقتصادية و غياب العرض التي تنتج عنها ظاهرة الطوابير، و ظاهرة التضخم ناتجة عن سلسلة من القرارات التي تؤشر على المحيط الإقتصادي و المتخذة على أعلى المستويات السياسية، من طرف المسؤولين الوطنيين ، وبالتالي يحاول المسؤولون و باستمرار إخفاء و بقدر الإمكان هذه الظاهرة،إما بالتحكم في مؤشرا الأسعار ،أو بإعطاء أرقام خاطئة مباشرة و بالتالي يصعب مكافحة ظاهرة التضخم لعدم إتخاذ سياسة نقدية و مالية ناجحعة للحد منه إلى الضغوطات الأخرى التي تقع على صانع القرار.
أسباب التضخم التي تميز الإقتصاد الجزائر تجد منبعها في قرارات السياسة الإقتصادية الخاطئة و المتخذة في فترة إمتدت لأكثر من عشريتين، ويمكن حصر هذه الأسباب في العناصر التالية:
- زيادة الطلب الداخلي، الناتج عن الزيادة المستمرة في الأجور التي لم تفسر بالتحسن في إنتاجية العمل، أو بفقر اليد العاملة.
- إرتفاع تكاليف الإنتاج و التي لم تنتج فقط من إرتفاع الأجور أو أسعار المواد الأولوية و تجهيزات الإنتاج، و لكن ناتج عن سوء التسيير للآلة الإنتاجية و نهب أصول المؤسسات عن طريق ممارسات الرشوة.
- عدم التحكم في إصدار النقود، حيث يتم إصدار النقود في شكل قروض الإستغلال و قروض الإستمرار، والتي لم تسدد أبدا في الآجال المحددة.
ضغوطات المنظمات الدولية:
نتيجة لاختلال ميزان مدفوعات الجزائر بفعل ضخامة الديون، حيث بلغ حجم الديون الطويلة و المتوسطة الأجل ما يقارب 49% من الناتج الداخلي الخام لسنة 1989، أما استهلاك القروض و دفع الفوائد فقد بلغ 11% ، 4% على التوالي من الناتج الداخلي الخام لنفس السنة (أي 1989) ، مما أدى بالدولة إلى عجزها على تمويل الواردات من المواد الأولوية و العتاد الضروري لسير عجلة الإنتاج،الشيء الذي جعلها مضطرة إلى إعادة جدولة ديونها الخارجية باللجوء إلى صندوق النقد الدولي و البنك العالمي، وإمكانية حصولها على قروض لتسير عجلة الإنتاج،إلا أنه لكي تتم جدولة هذه الديون،فإنه يستلزم وجود ضمانات لتحسين وضعية الاقتصاد الوطني من خلال تطبيق برامج إصلاحية.
في الحقيقة تهدف مساعدة البنك العالمي و صندوق النقد الدولي للبلدان الموجودة في وضعية اقتصادية مشابهة لوضعية الاقتصاد الوطني الجزائري، إلى فتح أسواقها أمام صادرات و استثمارات البلدان المصنعة،و توجيهها نحو إقتصاد السوق،كما أن أمام صادرات و استثمارات البلدان المصنعة، و توجيهها نحو إقتصاد السوق،كما هذه المساعدة تتمثل أساس في معالجة العجز المؤقت في ميزان المدفوعات،أما فيما يخص معالجة الإختلالات الأخرى فإن هذه التنظيمات لا تساهم فيها مساهمة فعلية، إتخاذ جملة من الإجراءات الإقتصادية، وهي ليست أمرا إختياريا بالنسبة للدول المدنية، إذ تعتبر تدخلا في شؤونها الداخلية، وبالتالي فرض النمط الرأسمالي في إتجاهتها المستقبلية، ومن خلال إحداث إصلاحات و إجراءات إقتصادية جديدة يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
* تخفيض النفقات و الإستثمارات العامة
* الحد من دور القطاع العام و أولوية الزراعة على الصناعة و المشروع الأجنبي على المشروع المحلي، و الأنشطة التجارية على الأنشطة الإنتاجية
* تراجع الدولة عن دعم أسعار بعض السلع الأساسية
* تخفيض قيمة العملة الوطنية
* جعل سعر الصرف متماشيا و نسبته الواقعية
* رفع أسعرا منتجات القطاع العام
* رفع سعر الفائدة المدينة و الدائنة
* إلغاء الرقابة على الصرف الأجنبي أو تقليصها إلى أدنى حد
* تحرير الإستيراد من القيود و خصوصا بالنسبة للقطاع الخاص
* تعديل قوانين الشركات و تنمية أسواق رأس المال المحلية
إلا أن العنصر الأساسي الذي يمس المؤسسات العمومية في إطار مخطط التعديل الهيكلي يتمثل في الخوصصة قصد تمكين هذه المؤسسات من تحقيق الفعالية المرغوبة.
و لا يقتصر تدخل هذه المنظمات على نوع البرنامج الإصلاحي الواجب إنتهاجه بل يتعدى ذلك، فلقد إقترح خبراء البنك العالمي على الجزائر تطبيق تقنية الخوصصة الجماهرية(الخوصصة المعممة) لخوصصة المؤسسات العمومية، محاولين إسقاط تجربة الخوصصة في بعض بلدان أوربا الشرقية على بلادنا،مقترحين خوصصة أكثر من 300 مؤسسة دفعة مبررين ذلك بنجاحها في تلك الدول، وبإعتبار هذه التقنية الوسيلة الناجعة للإسراع في برنامج الخوصصة.
الإطار القانوني المتعلقة بخوصصة المؤسسات العمومية:
كل مشروع خوصصة يكون في مجالات لقطاع الإقتصاد، وغالبا ما يكون خاضعا لشروط، أي أن انسحاب الدولة من المجال الإقتصادي يكون شروطا،و يصيبوا دائما إلى تحقيق أهداف معينة و لتحقيق هذه الأهداف يجب توافر هيئات مكلفة بتنفيذ و متابعة و مراقبة هذا المشروع.
في الجزائر جاء الأمر المتعلق بخوصصة المؤسسات العمومية، و هو الأمر 95-22 المؤرخ في 29 ربيع الأول عام 16-19 الموافق لـ 26أوت 1995، و الذي عدل و تتم بالأمر 97-11 المؤرخ في 11ذي القعدة عام 1917م الموافق لـ19مارس 1997 و عدل وتم ذلك بالأمر 01-04 المصادر في 01جمادى الثانية عام 1422هـ الموافق لـ 20 أوت 2001، و المتعلق بخوصصة المؤسسات العمومية و الذي يحوي عدة نصوص تشريعية قانونية:
الأمر 01-04 الصادر في الأول جمادى الثانية عام 1422هـ الموافق لـ20أوت 2001 والمتعلق بتنظيم و تسيير و خوصصة المؤسسات العمومية الإقتصادية
مرسوم التنفيذية رقم 01-252،01، 253، 01-254 الصادرين في 10نوفمبر 2001 و المهتمين على التوالي بالنشاط الخاص، استرجاع ملكية المؤسسة من طرف مستخدميها و لجنة المراقبة.
تحدد هذا الأمر قواعد تنظيم المؤسسات العمومية الإقتصادية و تسييرها و مراقبتها و خوصصتها بصفة مباشرة أو غير مباشرة من طرف الدولة، أو الأشخاص المعنويين التابعين للقانون العام، وكذا الأصول المكونة لوحدة مستثمرة مستقلة عن المؤسسات التابعة للدولة.
نطاق تنفيذ الخوصصة:
المواد 20-21، 22، 23،24، 25 كان الأمر 01-04 المتعلق بتنظيم و تسيير و خوصصة المؤسسات العمومية الإقتصادية تحدد القطاعات التي يتم خوصصتها، وكذلك تحديد الطرق التنظيمية و التسييرية و مراقبة خوصصة المؤسسات العمومية الإقصادية و يقوم هذا الأمر على المبادئ التالية:
* إرساء إطار تشريعي موحد يمكن من النسبة بين استراتيجيات التسيير لمساهمات الدولة مع خوصصة المؤسسات العمومية و جعلها متكاملة مع بعضها البعض
* يتولى عمليات الخوصصة الوزير المكلف بمساهمات الدولة و الخوصصة
* المرونة في ارساء عمليات الخوصصة مع استنباط من الإطار التسرعي كل التدابير المتعلقة بالإطار التنظيمي
* الحفاظ على مبدأ الشفافية و المحافظة على مصالح و أيضا جعل عمال المؤسسات معتمدين بمصير مؤسساتهم
* تخفيف اجراءات الخوصصة و عمليات المراقبة
* تتولى لجنة مستقلة مهمة المراقبة
طرق الخوصصة:
لقد سطرت الحكومة في برنامجها أربعة طرق للخوصصة و هذا ما نصت عليه في المادة 26 من الأمر 01-04 المتعلقة بتنظيم المؤسسات العمومية الإقتصادية و تسييرها، وهذه الطرق هي :
عن طريق البورصة: و يتعلق الأمر بالعرض العمومي للشراء بسعر مبدئي و العرض العمومي للبيع بسعر ثابت هذه التقنيتين مستعملة أن خاصة لخوصصة المؤسسات الكبيرة بعد تمويلها إلا شركات ذات أّسهم،و كذلك استعمالها من أجل إدخال أسهم المؤسسة القابلة للخوصصة إلى البورصة، والبيع بإلزام مبدئي مع البيع بسعر ثابت في إطار عرض عمومي للبيع.
الإختلاف الجوهري بين التقنيتين يكمن في تحديد سعر البيع ففي الحالة الأولى يوجد سعر مبدئي و الحالة الثانية السعر محدد من طرف السلطات
خرج السوق المالية (الغير بورصية) : يتعلق الأمر بالمزايدة و التنازل بالتراضي،القانون الجزائري يجعل من طريقة التراضي حالة استثنائية ففي غالب الأحيان المتحصل على الملكية يكون مختار بعد اجراء المزايدة.
المزايدة: هي طريقة كلاسيكية للتنازل على ملكية أشياء فهي تجمع الشفافية و احترام المساواة بين المطاليبن في الجزائر طرق المزايدة يمكن أن تكون مفتوحة أو ضيقة، وطنية أو دولية
التنازل بالتراضي: يتمثل في تحديد مالك أو عدة مالكين ثم إجراء مفاوضات مباشرة معهم، فبعد معرفة أوضاع السوق المحلي من طرف السلطات تحدد هذخ الأخيرة العناصر الأكثر أهمية و القادرة على الإمتلاك هذه الطريقة تجمع بين المرونة و السرعة في التنفيذ و قلة التكاليف، لكن لديها عيب يتمثل في نقص الشفافية و احتمال التلاعبات في التفاوض
شروط بتنفيذ عملية الخوصصة و أهدافها:
اخضع المشروع الجزائري تنفيذ الخوصصة إلى شروط و ذلك من أجل ضمان حسن سيرها و من أجل تحقيق الأهداف .
شروط تنفيذ عملية عملية الخوصصة:
يمكن أن نصنف هذه الشروط إلى:
* شروط إقتصادية
* شروط إجتماعية
* شروط زمنية و قانونية
الشروط الإقتصادية:
سياسة خوصصة المؤسسات العمومية لها أرضية اقتصادية و الجانب الذي يدخل في الشروط الإقتصادية يتعلق بتقييم المؤسسة العمومية و ضمان استمرار الخدمة العمومية.
إن المادة 06 من الأمر 95-22 تنص على أنه قبل أي عملية خوصصة يجب أن تكون عناصر الأصول و السندات التي هو بعدد الخوصصة محل تقويم تعتبر هذه العملية حساسة جدا و بالغة الأهمية لذا يجب على الحكومة أن تحرص على أن يكون تقييم المؤسسة المعروضة للتنازل بقيمتها الحقيقية و ذلك لتفادي إهدار مدخولات
الخزينة العمومية من العملية، و تستند مهمة تحديد الأسعار إلى المجلس الوطني للخوصصة و الذي بإمكانه أن يفوض خبراء للقيام بذلك. أما استمرار الخدمة العمومية للدولة ضمنها المشرع و ذلك من خلال المادة الثالثة من الأمر 95-22، أي تدخل الدولة من أجل ضمان استمرار الخدمة العمومية حتى و إن كانت المؤسسة قد تم خوصصتها و هذا يخفف العبء على المستعملين.
الشروط الإجتماعية:
تعمل الدولة على أن لا تكون عملية الخوصصة حساب مصالح العمال و لذلك وضعن شرطين لضمان مصالحهم و هذين الشرطين هما المحافظة على مناصب العمل و إدماج العمال كمساهمين في المؤسسات الموجهة للخوصصة.
الحفاظ على مناص العمل نصت عليه المادة الرابعة من الأمر 95-22 و التي تفرض على المأجور فيها أو ببعض منها، يعتبر هذا الشرط مكسب هام للعمال، و قد عرفت هذه النقطة نقاشات حادة لأنه من الناحية العملية من الصعب التوجه نحو عملية الخوصصة بالمحافظة على مناصب العمل كاملة في المؤسسة و لهذا السبب عدل الأمر 97-11 هذه المادة و ذلك في المادة الثانية منه.إذ منح للمؤسسة مقابل ذلك إمتيازات خاصة يتم التفاوض عليها حالة بحالة.
أما مساهمة الأجراء فتعتبر حل مكمل للحفاظ على مناصب العمل و قد نصت المادة 36 من الأمر 95-22 و المعدلة بالأمر 97-11في مادته العاشرة و المادة 37 من الأمر 95-22 على أن تمنح مجانا 10% من أقصى رأسمال المؤسسة العمومية القابلة للخوصصة إلى الأجراء.
كما ينتفع العمال الأجراء زيادة على ذلك يحق الشفعة بـ 15 إلى 20% من رأسمال المؤسسة العمومية القابلة للخوصصة.
إن فتح المساهمة أمام العمال يمكن من تجنب مشاكل طرد العمال و توفر امكانية المحافظة على مناصب العمل.
الشروط القانونية و الزمنية:
الشروط القانونية: أخضع المشرع عملية الخوصصة إلى قانون المنافسة و إلى دفتر الشروط.
قانون المنافسة: عملية الخوصصة خاضعة للسوق، و هذا يعني الشفافية و الإشهار و الموضوعية،إذ منح قانون الخوصصة حق العارضين حضور فتح الظروف الخاصة بعروض التملك و ذلك بعد إعلامهم بمكان ذلك و تاريخه و ساعته. كما نصت كذلك المادة 40 من الأمر 95-22 على ضمان الشفافية و ذلك عن طريق لجنة مراقبة الخوصصة التي تسهر على الشفافية و الصق و الإنصاف في سير عمليات الخوصصة.
كما نصت المواد 18،19 و 20 من نفس الأمر على أن تنشر كل المعلومات الخاصة بالمؤسسة التي تعتزم الدولة خوصصتها في الصحافة المكتوبة،كما يتم الإشهار بواسطة الوسائل السمعية البصرية و الإعلان على مستوى الغرفة التجارية. كما يتم النشر عن طريق الصحافة المكتوبة بعد ابرام العملية كل المعلومات الخاصة بالعملية.
الخضوع لدفتر الشروط: خوصصة المؤسسات العمومية محكومة بدفارت الشروط الخاصة و تمنيط شروط تحويل ملكية المؤسسات العمومية أو خوصصة تسييرها في دفاتر الشروط الخاصة التي تحدد فيها حقوق المتنازل و المتملك و واجباتها.
الشروط الزمنية: نصت المادة الرابعة من الأمر 95-22 و ذلك في الفقرة الثانية على أن يلتزم المتملك أو المتملكون بالإحتفاظ بالنشاط المالي لمدة 5سنوات و حددت هذه المادة لكي تضمن الدولة مواصلة النشاط خلال هذه الفترة،لكن هذه الإلزام لقي معارضة شديدة، لهذا عدلت المادة الرابعة بالأمر 97-11 في المادة الثانية،إذ تم إلغاء الإحتفاظ بالنشاط لهذه المادة.
تفرض المادة 46 حق إنتفاع بشفعة التخفيض بـ15% و يمارس هذا الحق خلال ثلاثة أشهر إبتداءا من تاريخ التبليغ عرض التنازل إلى الإجراء.
و هناك شروط أخرى لعملية الخوصصة يجب الإشارة إليها و هي شروط الدفع و هذا ما جاء في المادة 34 من الأمر 95-22 إذ تلزم المتملك بالدفع الفوري لقيمة المتنازل، ويعتبر هذا الشرط معرقلا لعملية الخوصصة و حسب تصريح للسيد مبتول رئيس المجلس الوطني للخوصصة سابقا فإنه يري حتى و لو كان المتملك ملياديرا فإنه لا يسدده فورا، ولهذا جاء التعديل و ذلك بالأمر 97-11 في المادة 9 و لذك بمنح إمكانية الدفع بالتقسيط
أهداف عملية الخوصصة :
سطر المشرع الجزائري من خلال الأوامر المتعلقة بخوصصة المؤسسات العمومية عدة أهداف و يمكن التطرق إليها من خلال العناصر التالية:
* إصلاح المؤسسات و تحديثها
* تحقيق المساهمة الجماهرية
* منح الإمتيازات للأشخاص الحاملين للجنسية الجزائرية
إصلاح المؤسسة و تحديثها: و هذا ما نصت عليه المادة 4 من الأمر 97-11 إذ يتعهد المتملك أو المتملكون بإصلاح المؤسسة و تحديثها،أي أن الدولة لا تقوم بالخوصصة من أجل الخوصصة بل من أجل إعادة السير الحسن للمؤسسة و تطويرها وتحديثها و المحافظة على استقرارها.
تحقيق المساهمة الجماهرية: للسماح بمشاركة أو بيع للجمهور نصت المادة 44 من الأمر 95-22 على إمكانية تجزئة الأسهم أو الحصص إلى سندات أو قيم إسمية أقل ارتفاعا، وهذا الإجراء يجنب الإحتكار أي إمتلاك الأسهم من طرق الأقلية.كما تهدف أيضا الحكومة من هذا الإجراء إلى حماية مصالح العمال و ذلك بتوفير لهم حظوظ أكبر للبقاء في مناصب عملهم(عدم تسريحهم)
منح الإمتيازات للأشخاص الحاملين للجنسية الجزائرية :تستطيع الهيئة المكلفة بالخوصصة تحديد نسبة الأسهم التي يمكن التخلي عنها بالأولوية لصالح الأشخاص المادية الحاملين للجنسية الجزائرية.
و بالإضافة إلى الأسهم النوعية التي تحتفظ بها الدولة و التي تعتبر كحماية لمصالح الدولة، المشرع يحدد كهدف منح الإمتيازات للأشخاص المادية الجزائرية على الأشخاص المعنوية الجزائرية و كذلك الأجنبية.
إذن المشرع يعمل على تبقى المؤسسة في أيادي جزائرية و ذلك بزيادة المساهمة للجمهور و يمنح الجمهور حق الأولوية في المساهمة، و يبقى فقط أن المشرع لم يحدد نسبة الأسهم أو الحصص الإجتماعية التي يمكن أن تتنازل عنها الدولة لصالح الأجانب.
هيئات تنفيذ و رقابة عملية الخوصصة:
سنطرق في هذا المطلب إلى دراسة الهيئة المكلفة بتنفيذ عملية الخوصصة، والهيئة التي تقوم بمتابعة و مراجعة هذه العملية، وذلك حسب ما لغت عليه الأوامر المتعلقة بخوصصة المؤسسات العمومية
هيئات تنفيذ الخوصصة:
في مسار الخوصصة لمؤسسات الآتي ذكرها مدعوة كل واحدة منها إلى أداء الدور المتوسط به :
* الحكومة
* مجلس مساهمات الدولة
* وزارة المساهمات الدولة
* وزارة المساهمات و تنمية الإصلاحات
* مؤسسات تسيير المساهمات
* المؤسسات العمومية الإقتصادية
الحكومة: لديها عدة مستويات للتدخل:
- قائمة المؤسسات المخوصصة بإقتراح من مجلس مساهمات الدولة الحكومة تقرر بأمر تعيين قائمة المؤسسات العمومية المراد خوصصتها
- إتخاذ قرار حول ملف التنازل بخصوص تقييم حال الأسعر و كذلك ملف إجراءات تحويل الملكية هذا الملف يرسل إلى الحكومة من طرف مجلس مساهمات الدولة على أساس تقارير الوزارة المعنية و لجنة مراقبة عمليات الخوصصة
- إقرار استراتيجية و برنامج الخوصصة و أيضا الميزانيات السنوية لعمليات الخوصصة
مجلس مساهمات الدولة: يكلف المجلس بما يأتي:
- يحدد الإستراتيجة الشاملة في مجال مساهمات الدولة و الخوصصة
- يحدد السياسات و البرامج فيما يخص مساهمات الدولة و تنفيذها
- يحدد سياسات و برامج خوصصة المؤسسات العمومية الإقتصادية و يوافق عليها
- يدرس ملفات الخوصصة و يوافق عليها
وزارة المساهمات و تنمية الإصلاحات :المادتين 20-21 من الأمر 01-04 يتولى الوزير المكلف بالمساهمات في إطار تنفيذ استراتيجة خوصصة المؤسسات العمومية الإقتصادية ما يأتي:
- يعد برنامج الخوصصة،بالتشاور مع الوزراء المعنيين، وكذا الإجراءات و الكيفيات و الشروط المتعلقة بنقل الملكية و يقترح ذلك على مجلس مساهمات الدولة للموافقة عليها.
- يعد و ينفذ استراتيجة اتصال تجاه الجمهور و المستثمرين حول سياسات الخوصصة و ينفذها المساهمة في رأسمال المؤسسات العمومية
- يكلف من يقوم بتقدير قيمة المؤسسة أو الأصول التي يعتزم التنازل عنها.
- يدرس العروض و يقوم بانتقائها و يعد تقريرا معضلا حول العرض الذي تم قبوله
- يحافظ على المعلومة و يؤسس اجراءات كفيلة كضمان سريعة هذه المعلومة
- يرسل ملف التنازل إلى لجنة مراقبة عمليات الخوصصة.
- يعرض على مجلس مساهمات الدولة ملف التنازل الذي يحتوي بالخصوص على تقييم الأسعار وحدها الأدنى و الأعلى، وكذا كيفيفات نقل الملكية التي قبولها و كذا اقتراح المشتري وحتى يتم القيام بمجموع هذه المهام على أحسن ما يرام ،يستعين الوزير المكلف بالمساهمات بالخبرة الوطنية و الدولية المطلوبة
مؤسسات تسييرالمساهمات: إلى جانب الهيئات الثلاث الأساسية يجب معرفة دور المؤسسة الموجهة للخوصصة و ماليكها القانونية ألا وهو مؤسسة تسيير المساهمات، هذا الأخير الذي عليه أخذ الإجراءات التالية:
* تحضير المؤسسة للخوصصة
* تطبيق توجيهات الوزارة
* توفير كل الوسائل من أجل المحافظة على أصول المؤسسة و القيام بكل العمليات المتعلقة بالسير الحسن و العادي لهذه المؤسسات و أنها الإستثمارات المستقبلية اللازمة من أجل استمرار هذا النشاط.
المؤسسات العمومية الإقتصادية: حسب المادة الرابعة من الأمر 01- 04 المتعلق بخوصصة المؤسسات العمومية الإقتصادية فإن ممتلكات المؤسسات العمومية الإقتصادية قابلة للتنازل عنها قابلة للتصرف فيها طبقا لقواعد القانون العام و أحكام هذا الأمر و يشكل رأسمالها الإجتماعي الراهن الدائم و غير المنصوص للدائنين الإجتماعيين.
الأوامر المتعلقة بخوصصة المؤسسات العمومية:
* يوصي بتوجيهات خاصة بسياسة الخوصصة و كذا مناهج الخوصصة الأكثر ملائمة لكل مؤسسة أو لأصولها.
* يقدر أو يكلف من يقدر قيمة المؤسسة العمومية أو أصولها المزمع التنازل عنها.
* يدرس العروض و يقوم بانتقائها و يعد انتقادا ظرفيا عن العرض المقبول و يرسله إلى الهيئة.
* يمسك السجلات و يحفظ المعلومات و يؤسس إجراءات إدارية لضمان سرية المعلومات.
* يحتفظ في كل عملية خوصصة بجيمع الوثائق التس استعملت في إنجاز كل مراحل العملية.
* يعين فريق للمفاوضة في كل عمليات الخوصصة التي لا يتم عن طريق العلني لبيع الأسهم.
* يقوم بنشر تفاصيل عن طريق منهج الخوصصة و شروط المناقصة للمؤسسة التي يعتزم خوصصتها و ذلك عبر وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة
* يمكن للمجلس أن يستعين بأي خبير بتداوله مساعدته ضرورية.
* وفي نهاية كل سنة يقدم المجلس إلى اهيئة تقريرا سنويا يتضمن حصيلة نشاطه.
هيئة مراقبة الخوصصة :
لكي يتم الخوصصة بصفة علقلانية و منطقية و بدون عراقيل فإنه يجب أن أن تكون محل رقابة،لتفادي جميع الإنحرافات، ولهذا الغرض نص قانون الخوصصة على إنشاء هيئة تتكفل بالرقابة و تتمثل في اللجنة الوطنية لمراقبة عمليات الخوصصة، وتتكون هذه اللجنة الوطنية حسب ما نصت عليها المادة 38 من قانون الخوصصة من :
-قاضي من السلك القضائي يقترحه وزير العدل من بين القضاة المختصين في قانون الأعمال ليكون رئيسا للجنة
-ممثل عن الخزينة العمومية يقترحه الوزير المكلف بالخزينة
-ممثل عن نقابة العمال الأكثر تمثيلا
-ممثل عن وزير القطاع المعني.
وعلى كل أعضاء اللجنة قبل مباشرة مهامهم أن يؤدوا اليمين المنصوص عليه في المادة 3 من الأمر 01-04 المتعلق بخوصصة المؤسسات العمومية تتمثل مهام هذه اللجنة وفقا لما ورد في هذه المادة من نفس الأمر في احترام الشفافية و الدقة و الإنصاف في سير عمليات الخوصصة. و للقيام بذلك فإن اللجنة تصادق على تقرير التقويم الذي يعده المجلس و فارق السعر المقرر و اجراءات التنازل و كيفياته المقررة كما يحدد أجلا أقصاه شهر واحد للمصادقة عليه من طرف اللجنة و إلا تصبح المصادقة ضمنية، و في حالة الرفض فإنه يتم إبلاغ الحكومة بذلك عن طريق تقرير ظرفي.
و لتعزيز مصداقية عملية الخوصصة فإنه إقرار قاعدة التنافي بين الوظائف لمختلف أعضاء الهيئات المنفذة و المراقبة لعملية المخوصصة، أي بين أعضاء الهيئة المكلفة بالخوصصة، و لجنة مراقبة عملية الخوصصة، و كذلك أعضاء لجنة فتح الأظرفة و شركائهم الذين يتم الإستعانة بهم و هذا وقتا لأحكام المادة 50 من الأمر 95-22
و لضمان اليسر المهني و فعالية الخوصصة فإنه يمنع كل أعضاء الهيئات المنفذة للعملية و الخبراء المستعان بهم في شراء بصفة مباشرة أو غير مباشرة لأسهم أو قيم منقولة أو أصول شركات تم خوصصتها ، طوال مدة وظائفهم وخلال الثلاث سنوات الموالية لإنشاء وظائفهم، و يتعين على هؤلاء الإحتفاظ بالسر المهني أي لك المعلومات التي يكونوا على علم بها عندما مارستهم لمهمتهم.
و لكي تكون الرقابة ناجعة و ذات مفعول فإنه من الواجب توافر عقوبات ردعية لمواجهة كل التجاوزات و هذا ما عليه الأمر 95-22 و ذلك في المواد : 52-53و 54، إذ يعاقب كل من ارتكب مخالفة متعلقة بإفشاء السر المهني و التي يتحمل مرتكبوها مسؤولية إدارية و مدنية و جزائية بغرامة مالية من 10000 إلى 100000 دج زيادة على إقصاء مرتكبها بصفة تلقائية من وظائفه.
أما فيما يخص مخالفة شراء أحد منفذي عملية الخوصصة لأسهم المؤسسة خلال فترة أداءه لوظائفه أو قبل إنقضاء ثلاث سنوات من انتهاء وظيفته فإنه يتحمل مسؤولية مدنية و جزائية و يترتب عن هذه المخالفة بطلان العملية و تعد قيمة المعاملة التجارية مكتسبة الخزينة العمومية و يعاقب على هذه المخالفة أما بغرامة مالية قدرها مرتين إلى خمس مرات قيمة الشراء المحققة، أو بالحبس من شهر واحد إلى سنة واحدة أو بالعقوبتين معا.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
شركنا برايك ووجهة نظرك