الشباب الجزائري والانترنيت
ظهور الانترنيت في الجزائر:
إن أحداث أكتوبر 1988 كان لها الأثر الفعلي في إحداث التغيير الجذري لمجمل السياسة الوطنية، خاصة منها في مجال الاقتصاد، الذي تمثل في ظهور القطاع الخاص، حيث شهدت مجمل المؤسسات الوطنية تحويلا في أنظمة تسييرها وحتى في مالكيها، الحالة التي يطلق عليها المختصون في مجال الاقتصاد بالخصخصة، وهي كلمة حديثة ظهرت لأول مرة في الطبعة التاسعة Weboter New collegate Dictionnary سنة 1983ّ وأول استعمال لها كان سنة 1948بالكونغرس الأمريكي، حيث كان من أكثر المصطلحات ثورية في التاريخ الحديث للسياسة الاقتصادية نظرا لحداثتها، لم يتفق إلى حد الآن على اختيار مصطلح عربي بعينه ليقابل الكلمة الانجليزية Privatisation واستخدمت كلمات مرادفة لها، أما مفاهيم الخوصصة والتخصيص فهي الأكثر انتشارا في الأدبيات الاقتصادية، لكن الترجمة من اللغة الأجنبية إلى اللغة العربية هي التخصيص.
ويختلف مفهوم الخصخصة حسب مجال تطبيقه حيث يعرف في المجال القانوني على أنه "نقل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص، من خلال تحويل مجموع أو جزء من الأصول المادية أو المعنوية أو الرأسمالية الاجتماعي للمؤسسات العمومية لصالح أشخاص ماديين أو معنويين أو خواص"، ويعرف في المجال السياسي على أنه وضع حد للتمييز السياسي بين القطاعين العام والخاص، وتغيير فكرة الإيديولوجية التي تعتبر القطاع الخاص مكملا للقطاع العام.
أما اقتصاديا فهو يمثل في تحويل مؤسسات الدولة إلى مؤسسات خاصة.
أما اجتماعيا يقصد به مساهمة العمال والإطارات المسيرة والجماهير الشعبية في شراء أصول المؤسسة وأسهمها.
إن خصخصة القطاع العام مدعم في ظهور القطاع الخاص في مختلف المجالات، هذا القطاع الذي يسير اعتمادا على آليات السوق، مثل المنافسة في تحديد أسعار السلع والكميات المنتجة أو المستهلكة من أجل تحقيق المنافسة الحرة، ويفترض في ذلك عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، حتى وإن لم يكن مفهوم القطاع الخاص المحدد في هذه الدراسة بهذه الشمولية والتعارف الأكاديمية، إلا أنه يحمل جزءا منه باعتباره نشاط تجاري يقوم على أساس الربح وهو متعلق بقطاع المعلومات.
بدايات استخدام الانترنيت في الجزائر:
أن ثورة المعلومات التي شهدها العالم وما أحدثته من اثر على مختلف مجالات الحياة، قامت بقلب الموازين وتغيير عام في المفاهيم، وأصبح مفهوم العولمة الذي ظهر نتيجة الانتشار الواسع للمعلومات، المبدأ الذي يقوم عليه أي نظام، سواء كان اقتصاديا أو سياسيا أو اجتماعيا أو حتى ثقافيا، هذا المفهوم الجديد أثار العديد من التساؤلات نجمت عنها تعاريف مختلفة كل حسب مجال اختصاصه، فهناك من يرى أن العولمة هي الحركة التنشيطية والحرة المتصارعة والمبادلات العالمية والمالية والتجارية، فهي إلغاء للحدود والحواجز الجمركية والتشريعية .
إلا أن الجزائر لم تعرف استخدام الانترنيت إلا في بداية التسعينات، حيث اقتصر استعمالها في معالجة النصوص، وبعدها استعملت للحصول على المعلومة واستشارة بنك المعلومات في مجالات مختلفة، ثم عرفت توسعا لتشمل عامة الناس، وكذا تنشيط البحث في مجال الشبكات ونقل المعطيات والاتصالات، بعد تعميم استعمال الانترنيت في التسعينات سعت الجزائر للاستفادة من هذه التقنية الحديثة من خلال ارتباطها بشبكة الانترنيت في1994 عن طريق Gerist مما جعلها تعرف تطورا ملحوظا في مجال الاهتمام والاشتراك والتعامل من خلال مشروع تعاون مع منظمة اليونسكو لإنشاء شبكة معلوماتية افريقية تدعى Rinaf ، حيث تكون الجزائر النقطة المحورية للشبكة في شمال إفريقيا.
... إن استعمال الانترنيت في الجزائر كان بداية على يد Gerist الذي يعد المزود الرئيسي للمستفيدين من خدمات الانترنيت لقدرته على استيعاب أهم ما يدور حول الشبكة، وكانت انطلاقة استعمال الخدمة في1993، وذلك باعتماد خط هاتفي، وفي 1994 تم ربط الجزائر بخط متخصص عن طريق ايطاليا، وفي 1995 فتحت الشبكة لفائدة الباحثين ثم فتحت أول مصلحة للاشتراك سنة 1995 للأشخاص المعنويين، وبالتعاون مع مصالح البريد والمواصلات ثم تدعيم الشبكة بخطين هاتفيين، وفي1998 تم ربط الجزائر بواشنطن عن طريق الساتل الأمريكي (MAA)، وخلال سنة 1999/2000 ارتبط المركز بالشبكة عن طريق القمر الصناعي الرابط بالولايات المتحدة الأمريكية .
ولنشر خدمات الانترنيت على المستوى الوطني تم ربط Gerist المزود الوحيد بالاتصال بمواقع جهوية مختلفة مهمتها تزويد الاتصال بالانترنيت والاستشارة التقنية بهدف تمكين اكبر عدد من مستعملين الاتصال بالشبكة، ونظرا لأهمية الوسيلة ظهر متعاملون خواص في هذا المجال مثل مؤسسة خدمات الحاسوب العامة Gecos ومقاهي الانترنيت Cyber café، والى غاية 1999 ظل Grist المزود الوحيد بالاتصال بشبكة الانترنيت بغض النظر عن المؤسسات التي استفادت من خطوط اتصال متخصصة من قبل المركز، وعرف مجال الاتصال عبر الانترنيت ظهور العديد من الخواص خاصة بعد إصدار المرسوم التنفيذي 98/257 بتاريخ25 أوت 1998ّ الذي حدد شروط وكيفيات وضع واستغلال خدمة الانترنيت ويعرف خدمة الانترنيت في مادته الثانية "أنها خدمة الواب واسعة النطاق، وهي خدمة تفاعلية الاطلاع أو احتواء صفحات متعددة الوسائط، موصولة بينها عن طريق صلات تسمى نصوص متعددة"، والبريد الالكتروني هو خدمة تبادل رسائل الكترونية... .
إلا انه لم يتحدث عن الانترنيت باعتبارها وسيلة إعلامية، بل تطرق إليها على أساس أنها تقنية حديثة الاستعمال، وأهمل جانب الاتصال فيها باعتبارها أيضا وسيلة جماهيرية وهذا ما يؤكد لنا وجود فراغ قانوني ملحوظ في مواد المرسوم، والواقع يؤكد استخدام هذه الوسيلة لأغراض تجارية محضة، والدليل على ذلك إن الراغبين في تقديم خدمة الانترنيت يتجهون مباشرة إلى المكلفين بالسجل التجاري، حيث يسجلون كأي عمل تجاري أخر دون أن يحاسب مالك هذه الخدمة على الصفحات أو نوعية الخدمة التي يقدمها، ويتأكد ذلك من خلال المادة الرابعة من المرسوم المذكور سابقا والتي تنص على: لا يرخص بإقامة خدمات الانترنيت واستغلالها لأغراض تجارية ضمن الشروط المحددة أدناه المادة الخامسة، إلا لأشخاص معنويين خاضعين للقانون الجزائري المدعوين مقدموا الانترنيت وبرأسمال يملكه فقط أشخاص معنويين خاضعين للقانون العام أو أشخاص طبيعيين من جنسية جزائرية، أما عن شروط الحصول على الخدمة يحددها المرسوم من خلال مادته الخامسة والملاحظ أن ظهور المرسوم سهل عملية استغلال الوسيلة لدى الجمهور، بالإضافة إلى عدم احتكارها من طرف القطاع العام وفتحها للقطاع الخاص سواء كانت هذه الخدمة متمثلة في فتح مزودين آخرين للانترنيت دون Gerist أو بفتح مقاهي Cyber café وهي أماكن يرتادها المستعملون لشبكة الانترنيت من مختلف الأعمار والمستويات، ويمكنهم الارتباط بالشبكة والتجول في أنحاء العالم بكل سهولة وارتياح في جو خاص.
إن عدد هذه الأماكن ينمو في الجزائر بنسب ثابتة، ويتم فتح هذه الأماكن باعتماد حاسوب ومودم وخط هاتفي، ويتم الارتباط اعتمادا على الأقمار الصناعية، وأول مقهى للانترنيت ظهر بالجزائر كان سنة 1998 بشارع عبان رمضان بالجزائر العاصمة، وأصبحت إمكانية الدخول إلى شبكة الانترنيت أيضا باعتماد الحواسب البيتية وتخضع عملية الربط إلى توفر الشروط ذاتها، وذلك من خلال توفر مودم وجهاز كمبيوتر وخط هاتفي إلا أن هذا الأمر لا يمكن تعميمه لأنه مرتبط بالمستوى السوسيو اقتصادي لكل أسرة.
اسيمات مستخدم الانترنيت.
اتجهت أنظار كثير من الباحثين في علم الإعلام والاتصال وباقي العلوم الاجتماعية الأخرى في السنوات الأخيرة لدراسة انعكاسات وتأثيرات تكنولوجيا الإعلام والاتصال الحديثة على أنماط حياة الأفراد وتفكيرهم وتصرفاتهم وكذا تأثيراتها على البنية السوسيولوجية والثقافية للمجتمعات وقد أضحت هذه المجتمعات رقمية بامتياز تعتمد بقوة على تقنيات الاتصال كوسائط مهمة للتواصل الاجتماعي .
إن ازدياد تواثق الأفراد وترابطهم مع تكنولوجيات الاتصال، وباعتبارها وسائل لا يمكن الانعزال عنها أو العيش من دونها ما دفع بعدد من الباحثين من أقطار كثيرة من العالم إلى دراسة وتحليل العلاقات الرابطة بين هذه التكنولوجيات والأفراد بهدف استجلاء دوافع استغرائهم في استخدام تكنولوجيات الاتصال وكشف أسرار ارتباطاتهم الشديدة بهذه الوسائل إلى حد أن تتولد لديهم أعراض استخدام غير سوية كالإدمان المعلوماتي، والشعور بالقلق والكآبة في حالة عدم الاستعمال.
كان بروز هذه المظاهر والتجليات السلبية لدى مستخدمي تكنولوجيات الاتصال الدافع وراء إثارة نقاشات وجدالات واسعة من الباحثين حول طبيعة هذه الوسائل وتأثيراتها، فمنهم من أنذر وحذر من مخاطرها وانعكاساتها السلبية على الأفراد والمجتمعات، ومنهم من نوه بايجابياتها وأكد أنها تسير عملية التواصل الاجتماعي بين الأفراد وتمكنهم من اختصار المسافات والفضاءات وتعزز من إمكانيات
الاتصال الإنساني فتخلق فضاءات افتراضية لتواصل الإفراد.
إن الانترنيت كوسيلة اتصال تعد المظهر الأكثر تجليا لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وبمجرد الحديث عن هذه التكنولوجيات تذكر شبكة الانترنيت في المقام الأول كأهم واحدث تقنية اتصالية أحدثها الإنسان لتعزيز تفاعله وترابطه مع غيره من بني البشر.
ولم تكتف هذه الوسيلة الإعلامية الجديدة بتسيير عمليات التواصل فقط بين الأفراد فقط ، وأخرجت الجماهير والأفراد العاديين من دورهم السلبي إلى دور أكثر فعالية من خلال إمكانيات توليد فضاءات إبداعية واتصالية خاصة بهم كالمدونات ومنتديات النقاش التي أضحت مساحات اتصالية يعبر فيها عن أرائهم وما يختلج في صدورهم.
استطاعت الانترنيت بالفعل وفي خلال سنوات قليلة أن تكون الأداة التي استطاعت أن توحد وتقرب بين كل أقطار العالم من خلال عمليات تشبيك مترابطة لتوصل الأجزاء المتباعدة بعضها ببعض وتقرب البعيد، والمقصود بالتقريب والتوحيد ليس وفق تصور ومقاربة إيديولوجية وسياسية لان العالم بالطبع لا يزال يشهد لا توازن وتشتت بين كل أجزائه، والدليل على ذلك نشوب حروب وصراعات في كل الأوقات، بل قصدنا من وراء قولنا أن الانترنيت عالم توحيد وأنها جعلت العالم كله متواصل في شبكة واحدة حيث اختزلت الجغرافيا والحدود وأمكن لأي شخص أن يتواصل مع من يريد ومتى يرغب في ذلك دون أن تمنعه عوائق الحدود الإقليمية والوطنية.
شخص هذا الركن لعرض استخدامات الشباب الجزائري لمضامين شبكة الانترنيت وكيفية تأثرهم بها على مستوى تكوين اتجاهاتهم أو تغيرها أو تعديلها، للإشارة فالتحليلات والاستنتاجات التي يتضمنها الركن هي محصلة لدراسة ميدانية أجريت على المستوى الوطني على عينة واسعة من الشباب الجزائري والدراسة عنيت بفئة الشباب تحديدا لأن هذه الفئة هي أكثر فئات المجتمع تلقيا واستخداما لشبكة الانترنيت ومختلف التطبيقات المختلفة للتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال على اعتبار أنها توفر لهم إمكانات وخدمات اتصالية تشبع حاجاتهم النفسية والاجتماعية وتمكنهم من إثبات ذواتهم وتمنحهم الإحساس بالإثارة والمتعة.
الشباب بطبيعة الحال يمتازون بسيمات نفسية تميزهم عن باقي فئات المجتمع الأخرى ففترة الشباب هي مرحلة عمرية يمر بها الفرد ويحتاج فيها إلى استقلالية في بناء ذاته وشخصيته، والشباب في هذه المرحلة يمتلك حس استكشافي وخيالي كبير، يرفض إملاءات وضغوطات الآخرين،ويريد دوما أن يتعرف على العالم الخارجي بطريقته الخاصة، ويكتشف كل ما هو جديد لذا فالشباب أكثر ارتباطا من غيرها بأية تكنولوجيا جديدة تظهر بحثا عن الإثارة والمغامرة ويميل إلى التقبل التلقائي لكل ما هو جديد، بحكم انه ليس مثل كبير السن المرتبط بتجربة لا يود المساس بها أو تعديلها ناهيك عن تغيرها.
ولعل الشباب يجد إثارة في كل ما هو مستجد ولا يستوعب فكر الكبار المتردد في العلاقة مع الجديد، فالشباب يطبعه عنصر التجديد والتغيير وعادة هو أول من يتبنى التكنولوجيات الجديدة وقد أشارت الكثير من دراسات التأثير في علوم الإعلام والاتصال وتمكنهم من بناء علاقات اتصالية مع من يرغبون ومتى يرغبون وتجعلهم يعيشون في جماعات افتراضية صغيرة أو كبيرة.
يميل الشباب إلى استخدام مواقع الانترنيت لأنها تحقق لهم حاجات ورغبات لا يستطيعون تحقيقها بوسائل أخرى، وموضوع الاشباعات التي تحققها وسائل الإعلام هو موضوع قديم في أدبيات وسائل الإعلام، إذ أجرى عدد من الباحثين في علماء الاتصال دراسات بحثوا فيها مسألة الاشباعات التي تحققها الوسائل الإعلامية بالنسبة للأفراد والمجتمعات وطرحوا تساؤلات حول دوافع اتجاه الناس لاستعمال وسائل الإعلام وماهي التفضيلات التي يجدونها في وسائل دون أخرى تجعلهم يميلون إلى استخدامها المتكرر وقد حدد بعض الباحثين حاجات الأفراد التي يتم إشباعها عن طريق استعمال وسائل الإعلام أو غيرها بأنها تشبع لديهم الحاجات المعرفية المرتبطة بتقوية المعلومات والمعرفة وفهم البيئة وهي الحاجات التي تشبع حب الاستطلاع والاكتشاف لدى الإنسان، إذ توفر الانترنيت لتلبية حاجات الشباب المعرفية وذلك بالوصول إلى المواقع الأكاديمية وتحميل كتب الكترونية وزيارة مواقع استشارات طبية، حقوق الإنسان، الوصول إلى مواقع تلفزيونية، الوصول إلى خدمات التسوق والتجارة الالكترونية والوصول إلى الخدمات الإعلانية...
كما تشبع الانترنيت لدى هؤلاء الشباب نوع ثاني من الحاجات وهي الحاجات المرتبطة بتقوية الخبرات الجمالية والبهجة والعاطفة والتعبير عن المشاعر، ويعتبر السعي للحصول على البهجة والترفيه مع الدوافع العامة التي يتم إشباعها عن طريق وسائل الإعلام، وتوفر الانترنيت إمكانات اتصالية هامة لتلبية الحاجات العاطفية فهناك العديد من المواقع الالكترونية التي تزود الشباب بخبرات جمالية كمواقع الفنون الموسيقية والتواصل مع الأصدقاء والأهل في غرف الدردشة أما النوع الثالث من الحاجات التي تشبعها الانترنيت لدى الشباب فهي الحاجات المرتبطة بتقوية شخصيتهم من حيث المصداقية والثقة والاستقرار ومركز الفرد الاجتماعي وتشبع هذه الحاجات من رغبة الفرد للانتماء إلى الجماعة.
ومن أسباب ولوج الشباب إلى عالم الانترنيت نجد:
· اغناء الثقافة العامة: إن مستخدمي شبكة الانترنيت اللذين فاق عددهم 350 مليون نسمة يستخدمون الانترنيت من اجل تبادل العادات والتقاليد والطقوس ومختلف الثقافات ويستخدمونها أيضا في البحث عن موضوعات تفيدهم في اغناء معارفهم.
· ملأ أوقات الفراغ: أن للدردشة الالكترونية نوع خاص تدفع البعض ليقضي وقت طويل دون الشعور بذلك، فمن يشكوا من وقت الفراغ الكبير والملل الروتيني يجد فيها وسيلة مسلية تنشغل وتقتل وقته الضائع.
· التواصل: تمتاز شبكة الانترنيت بسهولة الاستعمال والسرعة في الاتصال فهناك فئة من الشباب الذي يربط عمله بهذه الخدمة لغرض التواصل أي إرسال واستقبال الرسائل والمعلومات.
· بناء علاقات حب وزواج: حيث يقوم الشباب بالتعارف على فتيات عبر chat من الزواج وهي حالة مشروعة برغم غرابتها عن مجتمعنا.
أثر الانترنيت على الشباب:
إن شبكة الانترنيت خاصة بعد ظهور الواب تعد من آخر التطورات التي شهدتها الإنسانية شكلت عالميتها بفضل الاتصالات المستعملة التي تسمح بالربط بين أي بقعة في العالم، حيث أثارت الانترنيت منذ ظهورها تساؤلات عدة حول الأثر الذي يمكن أن تحدثه في حياة الإنسان، وتم التعرض إلى مختلف الآثار التي أحدثتها الانترنيت وجعلت نظام الحياة الإنساني إعلاميا، ونخص هنا دراسة أثر هذه الأخيرة على الشباب نظرا لحساسية هذه الشريحة التي تقبل كل ماهو جديد.
إن انتشار تكنولوجيا الحواسب أدى إلى ظهور قلق لدى السكان حول مصير الحقوق والحريات الأهلية خاصة تلك المتعلقة بالملكية وحرمة الحياة الشخصية وولد الانتشار المذهل للحواسب إلى ظهور هذا القلق رغم عدم انتشارها بصفة متساوية بين السكان جغرافيا داخل وخارج البلدان وهذا ما يؤدي إلى تكريس اللامساواة بين أفراد المجتمع الواحد، وكذا عدم تساوي انتشار وتوزيع تكنولوجيا المعلومات مما يؤدي إلى تعميق الفجوة المعرفية بين سكان البلد الواحد، وصنفت الحواسب من وسائل الاتصال الأخرى باعتبارها منتجات للاستهلاك وتختلف الحواسب عن وسائل الاتصال الأخرى، فمستخدم الحاسب لا يحصر نفسه بالاختيار الانفعالي لما يعرض عليه من معلومات، كما أنه يمكن له تجديد زمن استقبال وبث المعلومات بصورة مستقلة لذلك فهو يعمل بصورة غير متزامنة مع مصادر مستهلكي المعلومات، أما عن ميزة مستخدمي الحواسب البيتية فلهم مستوى عالي من التعليم والكفاءة لان ميزات استخدام البيتي تتلاءم مع حاجات الجزء الأكثر تعلما من السكان، وتختلف مصالح واهتمامات مشتري الحاسب البيتي) لأنهم غالبا ما يبدون اهتماما أقل بالتلفزة والرياضة كما انه يؤثر على تعزيز العزلة الاجتماعية واختصار مدة النوم وزيادة حدوث الصدمات العائلية إلا أن استخدامها وجد لأهداف مهنية، لإعداد وتحضير الدروس، التعلم والتسلية، كما أنها تشمل مجالات النشاط المهني والتعلم والراحة، ووجد أن الحاسوب البيتي ينشط اهتمام الأطفال بالتعلم وتخصيص اكبر وقت للدراسة وكذا توجيه اهتمامات الأسرة نحو الاهتمامات العلمية والتعليمية، كما انه يساعد على استبدال طرق التعلم إذا كان استخدام الحواسب البيتية يؤدي إلى تغيير مجالات الاهتمام، فإن الانترنيت أظهرت مفاهيم مثل الفردية والاستقلال، وهي مفاهيم ازداد انتشارها في عالم تعددت فيه الثقافات وتنوعت، وهذا ما أدى إلى طرح مسألة أثر الانترنيت على الصعيدين النفسي والشخصي والاجتماعي، ويعدCherri turkle أستاذ سوسيولوجيا العلوم بالولايات المتحدة الأمريكية من المهتمين بدراسة هذا الأثر وعالجت في كتابها«الحياة على الشاشة» موضوع الهوية عبر الانترنيت من خلال مسالتين هما:
أ- مسالة الفرق بين الواقعي والافتراضي: أشارت هنا أن الملايين من الأشخاص يقضون بصورة روتينية جزءا من حياتهم في الفضاء الافتراضي السيراني ِCeberespace حيث تعني كلمة Cyber علم التحكم في الإعلام الآلي، فتساءلت عن كيفية رسم الحدود بين الواقعي وغير الواقعي.
ب- فتحت عرض أفكارها بين الواقعي وغير الواقعي: وأثرهما على أفكارها حول العقل والجسم والنفس والآلة بصفة موازية بين الاتجاهات الجارية في تكنولوجيا المعلومات وبين التفكير الاجتماعي وما بعد الحداثي Post modernist sociol حيث لاحظت سرعة الحاسبات تغيرها مما جعلها تقوم بعقد الموازنات والمقاربات التشبيهية بين محاكاة الحاسوب ومماثلته وبين نمط التفكير، التجريد والحديث، وهو ما يؤدي إلى تشكيل نظرية ما بعد الحداثة التي تعتمد على إعادة بناء الاتجاهات الجديدة والمواد المعروفة.تعقد الباحثة المقارنة بين التطورات حول الذكاء الاصطناعي وبين التطورات ما بين الحداثوية عن الذكاء الاصطناعي باعتباره آلة تستطيع التعليم بالاعتماد والارتكاز على التجربة وأخيرا تختبر علاقات الناس المعقدة بالحاسوب إلى اتجاه آخر هو رسم طريقة سلوك وتفاعل الناس، أي رصد الطرق الجديدة التي يمكننا بها أن نتفاعل ونتأثر من خلال وسائط الاتصال عن طريق الحاسوب.
إن للانترنيت أثرا على الجوانب النفسية والشخصية والفكرية في عالم الشخص وحياته، وليس للإنسان من مفر ظروف كهذه، إذ عليه التبصر والتفكير في مصيره الحالي والمقبل الذي يميل إلى مزيد من التقرب بين الواقع العالمي الذي يعيش فيه وعليه أن يبقى على صلة ومعرفة بأحدث إنجازات التقدم الحضاري الكلي حتى لا تهمشه الحضارة الجديدة أو تحوله إلى رقم مهمل في مساراتها المتشعبة.
إن هذه الآراء التي تطرقت لها الباحثة أظهرت أهمية الانترنيت وما يمكن أن تحدثه بصفة عامة من اثر على الشباب، ويصنف الباحثين أثر الانترنيت خاصة تلك المتعلقة بالجوانب النفسية بظهور ما يسمى إدمان الانترنيت.
التأثيرات السيكولوجية للانترنيت: أحدثت الانترنيت أمراض لم تعرفها المجتمعات من قبل حيث أصبح يميز عصرنا هذا مرض سيكولوجي أو ما يحدده بـ Computer Anxiety والسيبرغوبيا أو الخوف من الكمبيوتر وهو يصيب المراهقين بصفة عامة، وهم اللذين وصلوا إلى حالات متقدمة من هذا المرض يعانون الغثيان والدوار والعرق البارد، ويرجع هذا القلق إلى أسباب مثل الخوف من إحداث تلف بالكمبيوتر والخوف من الفشل الشخصي والشعور بعدم التحكم للذين لا يتمتعون بخبرة كافية وهذا أيضا يؤدي إلى تقليل حجم التعاملات الإنسانية والوحدة والعزلة.
إدمان الانترنيت: أصبحت الانترنيت اتجاه كل فرد في وقتنا الحالي وخاصة في أوقات الفراغ أحيانا يكون الدخول إلى الشبكة مضيعة للوقت ومؤديا للإدمان وأوردت التقارير عن حالات الإدمان للانترنيت Internet addication حيث يقضي بعض مستخدميها 12ّ ساعة يوميا في الاتصال المباشر وتؤدي خطوط الدردشة عبر الانترنيت إلى الإدمان بصفة خاصة. حيث توصل بعض الدارسين الأمريكيين أن أغلب الذكور لا يستطيعون أن ينتزعوا أنفسهم بعيدا عن أجهزة الكمبيوتر حتى بعد مضي 12ّ ساعة متواصلة، والقليل منهم يواصل جلوسه دون طعام أو حتى الذهاب إلى الحمام حتى لا يخاطر بفقدان الدردشات والمناقشات على الخط.
و اعتبرت السيدات أكثر إدمانا للانترنيت حيث كشفت دراسة بريطانية أجريت أواخر 1998 عن تزايد في عدد السيدات المستعملات لشبكة الانترنيت بشكل يفوق استخدام المراهقين وتتراوح أعمارهم في الثلاثينات غالبا، ويتم استخدامها طوال الأسبوع خاصة خلال فترات الاكتئاب وعدا هذا الإدمان الذي تحدثه شبكة الانترنيت، فإن لهذه التكنولوجيا أثار في العلاقات الاجتماعية حيث أوجدت هذه الأخيرة خيارات عديدة أمام مستخدميها فهي بالإضافة إلى توفيرها لمختلف الأساليب في العمل والتفكير والترفيه توفر بعض الخيارات والأخلاقيات المختلفة التي تعكس بعض المعايير وتساعد في توجيه السلوك والتصرفات، ومع امتزاج أجهزة الكمبيوتر والاتصالات فإننا نواجه الآن ما يمكن أن يطلق عليه بأخلاقيات العصر الالكتروني Cyber Kthyrs التي يقوم بتحديد الأفعال الصحيحة في هذا العالم الرقمي...
فالانترنيت لها الأثر الواضح والصريح ويمكن أن يكون هذا الأثر على الفرد والجماعة والمجتمع بأسره... وقد يكون الدخول إلى الشبكة مهما أو يكون مضيعة للوقت مؤديا للإدمان وفي هذا يدلي احد الأساتذة قائلا «في أحد الأيام كنت ابحث عن مستندات لمشروع بحثي ووجدت نفسي مسحوبا إلى مستندات متعلقة بالفيزياء الفلكية من مؤسسة lund السويدية وكان المسند باللغة السويدية مصحوبا بالترجمة الانجليزية وعند الانتهاء من قراءة المستند وترجمته اكتشفت أنني استغرقت ما يزيد عن ساعة كاملة، وعند ذلك قلت أنني بحاجة إلى أن اخرج من الشبكة ».
وأوردت بعض التقارير أيضا عن حالات الإدمان على الانترنيت أن هناك من يقضي 17 ساعة يوميا في الاتصال المباشر لينفقوا مئات الدولارات مقابل فواتير الهاتف الشهرية كما أوجدت "مجموعة مدمني الانترنيت" Group Internet Addication Support وتتضمن 300 عضو في الشبكة وتعمل ليستفيد مدمني الفضاء التخيلي من تجارب بعضهم.
وتعد الإباحية الالكترونية التي يتعرض لها الشباب عبر شبكة الانترنيت من أهم المخاطر التي تشكل أثرها على الشباب وتتعلق الإباحية الالكترونية بتبادل الصور الفوتوغرافية المخلة بحرية تامة عن طريق الشبكة، وأصبح هناك نواد للإباحية في الغرب تباشر أعمالها بالاستعانة بشبكة الواب العالمية...
إن الدول التي اخترعت الانترنيت وأسست هذه الوسيلة في الاتصالات وساهمت في نقلها من مجالها العلمي إلى الجمهور العريض وتحولت من وسيلة لتبادل المعلومات إلى وسيلة
نقل ومعالجة وبث المعلومات على مختلف أشكالها قد أثرت على مختلف المجالات، وتلك المتعلقة بالأخلاق تعد أكثر مساسا لأخطار الانترنيت أوجدت قوانين تحد من حرية استعمالها خوفا من تمادي الأثر الذي تحدثه هذه الأخيرة.
الشباب والانترنيت بين بالأمان والإدمان:
هناك الكثير من المفردات والمصطلحات التي أصبحنا نرددها في اليوم الواحد عشرات المرات، ليس فقط من باب البريستيج الاجتماعي بل لأنها تعكس في واقع الأمر صورة لحياتنا نحن الشباب اليوم فالموبايل و3MP وMP4 والانترنيت وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة أصبحت عناصر أساسية لاغني عنها في حياتنا العملية والشخصية على حد سواء، فكم منا من لا يشعر بالإرباك والضياع وعدم القدرة على التركيز عندما ينسى لسبب ما هاتفه المحمول بعيدا عنه بحيث لا نتمكن من استعادة توازننا النفسي والعاطفي إلا عندما نستعيد دفئه بين أيدينا.
وكم من ساعات نقضيها بلا توقف أمام شاشات الكمبيوتر على الماسنجر وفي غرف الدردشة وساعات الموسيقى الحديثة تصمم أذاننا وتعزلنا عن كل ما يحيط بنا، وكأن العالم بأسره أصبح مختزلا بمجرد شاشة، نعم تؤثر وسائل التكنولوجيا الحديثة على حياتنا اليومية وترسم بتردداتها إيقاع يومنا فهي أصبحت شديدة الالتصاق بنا أو بالتعبير الأدق أصبحنا نحن شديدو الالتصاق بها والتماشي مع وسائلها المتعددة فلماذا يحدث هذا وكيف ؟ وما هي تبعاته علينا كأفراد وعلى محيطنا الاجتماعي.؟
نظرا لكون غالبية الشباب اليوم يتعاملون مع الأجهزة التقنية بأسلوب يبتعد عن تعقيدات المصطلحات وخلفياتها، ونظرا لما تملكه وسائل التكنولوجيات الحديثة من قدرة على التأثير في أوساط الشباب فقد دفعت هذه العلاقة المتشابكة والشائكة في نفس الوقت كل من شركة ميكروسوفت وشبكة أمتي إلى رعاية دراسة تهتم بهذا الموضوع، أجريت الدراسة على عينة تتكون من ألف فرد ينقسمون إلى شريحتين عمريتين الأولى (8-14) سنة والثانية من (14-24) سنة وذلك في 16 دولة حول العالم، وذكرت الدراسة أن المعدل العالمي لعدد من الأفراد المسجلين في قائمة الاتصال الخاصة بالهاتف الجوال هو94 فردا وفي قائمة الاتصال الخاصة بالماسنجر78 فرد، وفي قائمة الاتصال الخاصة بمواقع الشبكات الاجتماعية 86 فرد، كما تناولت تأثير 21 وسيلة تقنية على الشباب وصغار السن بدءا من الانترنيت والتلفزيون على رأس قائمة الاختيار بنسبة 85% بينما جاء سماع الموسيقى في المرتبة التالية بنسبة 70% ثم ممارسة العاب الفيديو بنسبة 67% أما أون لاين على الانترنيت فحاز على نسبة 50٪ وكشفت الدراسة عن اختلافات في الأرقام الواردة في نتائج الدراسة نتيجة اختلاف الثقافات، فعلى سبيل المثال جاء الاختيار الأول الأطفال والمراهقين الصينيين في فئة (8-14) سنة في البقاء أون لاين مفضلين ذلك على مشاهدة التلفزيون ولأننا في مجتمعنا العربي نفتقد مع الأسف لمثل هذه الدراسات الإحصائية الهامة، فإن الالتقاء بالشباب والتحدث معهم عن دور وسائل التكنولوجيا الحديثة عن حياتهم يبدوا الوسيلة الوحيدة الفعالة للتعرف أكثر على طبيعة العلاقة التي تربط الشباب بأجهزة التكنولوجيا الحديثة خاصة وان الدراسات لأبحاث تظهر أن المراهقين والشباب هم الأكثر استخداما للتكنولوجيا وأنهم الأكثر قدرة على استيعابها، كما تؤكد أنهم لا يستطيعون التخلي عنها وأنها مهمة جدا بالنسبة لهم.
يذكر أن الدراسة التي أعدتها مايكروسوفت تشير إلى المواقع الترفيهية(الفنية، ومواقع الدردشة والمحادثة) تحتل المرتبة الأولى من حيث المتابعة لدى الشباب تليها المواقع الرياضية ثم مواقع المناقشة، وتحتل المواقع الإخبارية، السياسية والاقتصادية مراتب متدنية في سلم زيارات الشباب، مع زيادة تأثير التكنولوجيا بنواحيها المختلفة على حياة المراهقين والشباب عموما تدعوا معظم الدراسات الحديثة هؤلاء الشباب إلى الابتعاد ولو مؤقتا عن التكنولوجيا الحديثة مشيرين إلى أنهم بحاجة إلى استراحة قصيرة بين الحين والأخر لاستعادة روحهم والاستمتاع بممارسة الحياة الطبيعية والعودة إلى الواقع بعيدا عن الفضاء الالكتروني، تقول ميشيل ويل المؤلفة المشاركة لكتاب الإجهاد التكنولوجي كيفية التعامل مع التكنولوجيا في العمل وفي المنزل وفي اللعب"أن الانهماك في عالم التكنولوجيا أشبه بالضياع في الفضاء فالمرء يضيع في عالم الانترنيت والألعاب والمحادثة" قد قامت ميشيل مع زميلها لاري روزن بتأليف كتاب بعد أن لاحظت طول الفترة الزمنية التي يقضونها أمام أجهزة الكمبيوتر ومدى الإجهاد الذي يتعرضون له بسبب التقنية التي يفترض أنها تطورات لجعل الحياة أسهل.
من جهة أخرى يقول العالم النفسي ديف غرينفيلد المتخصص في قضايا التكنولوجيا الفائقة انه «يجب أن نمتلك التكنولوجيا لا أن تمتلكنا» لقد دخلت التكنولوجيا الحديثة وملحقاتها بقوة في حياة الصغار والكبار وأوجدت لنفسها مساحات كبيرة في حياتنا وهذه حقيقة لا يستطيع احد أن ينكرها نظرا لما تملكه من إمكانات لا حدود لها في خلق التواصل، وعلى الرغم من كون التواصل هو أساس الحياة الاجتماعية للإنسان إلا أن الباحث الاجتماعي طلال الزين يؤكد وجود تأثيرات سلبية على الحياة الاجتماعية للشباب من جراء إدمان استخدام هذه الوسائل التكنولوجية الحديثة، أن إدمان الشباب على استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة الاتصالية منها تحديدا يؤثر بشكل غير مباشر على الحياة الاجتماعية لهؤلاء الشباب، فاستخدام الانترنيت أصبح بديلا للتفاعل الاجتماعي الصحي مع الرفاق والأقارب،وأصبح هم الشباب قضاء الساعات الطويلة في استكشاف مواقع الانترنيت المتعددة مما يعني تغير في منظومة القيم الاجتماعية للأفراد بما يعزز استخدام مفرط للقيم الفردية بدلا من القيم الاجتماعية ويعزز الرغبة والميل للوحدة، مما يقلل من فرص التفاعل والنمو الاجتماعي نظرا لتحول هذه الوسائل إلى "الصديق الوحيد المقرب" فهي تقوم بمصاحبتهم يوميا وتسد أوقات الفراغ والوحدة عندهم، خاصة وان جزء كبير من هذه الوسائل الحديثة يعتمد فكرة بناء عالم افتراضي خاص (الألعاب،الدردشة على الانترنيت ) يتحول فيه الشباب مع كثرة الاستخدام إلى مجرد عبد للآلة تقطع معه المسافات الوهمية وهو جاثم في مكانه دون حراك تقوده إلى عالم الخيال والشخصيات الوهمية ليصحوا من غفوته لاحقا ويرى انه لا يزال جالسا وحيدا في مكانه. حديث الأستاذ الزين تؤكده دراسة حديثة أعدها الدكتور نورمان سارتوس رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي، تؤكد أن ثورة التكنولوجيا الحديثة وظهور الحاسوب والانترنيت والجوال والفيديو تفرز أمراضا نفسية عديدة منها الاكتئاب والقلق والاضطرابات العصبية، وذلك لدورها في عزلة الإنسان وانطوائه وإنهاء علاقاته وترابطه الأسري.
إن دخول التكنولوجيا في مجالات الحياة الواسعة أصبح عاملا مساعدا في تقوية الفجوة بين الأجيال فيما يتعلق بثقافة الحوسبة والاتصال مع العالم الخارجي... لا بل أن الكثير من الناس اللذين لا يتمتعون بميزة استخدام هذه الوسائل أصبحوا عرضة للاهتمام بالتخلف والغباء مما يساعد على تطوير نموذج من الصراع الاجتماعي والثقافي بين الأجيال أو شرائح المجتمع أو بين الصغار والكبار أو الأبناء والآباء.
ما العمل وجميعنا يجمع اليوم على استحالة الاستغناء عن أي من وسائل التكنولوجيا الحديثة إن لم نكن نطالب بالمزيد؟
واقع الانترنيت في الجزائر:
واقع الانترنيت في العالم الثالث:
لقد ضل العالم الثالث يشكوا من تسلط أجهزة الاتصال الدولية عليه، وسيطرت دول العالم الأول على المؤسسات الإعلامية والاتصالية وذلك باستحواذها على غالبية الترددات والمدارات الفضائية وإنتاج غالبية أجهزة الاستقبال وسيطرتها على صناعة الصحافة والكتاب وكل الوسائل الالكترونية والمطبوعة، ولكنه لم يفرغ من إعداد احتجاجه حتى الآن على سيطرة الانترنيت التي قد يظن البعض أنها منحصرة في مضمونها وما تحمله من موضوعات ولكنها قد تكون اشمل وأوسع وتتجاوز ذلك كله إلى قضية الحصول على الوسيلة نفسها ولعل هذه فرصة طيبة نستطيع فيها القول أن الانترنيت حسنة من حسنات هذا العصر ووسيلة الكترونية ولدت بأسنانها ...
فالانترنيت ساحة مفتوحة للجميع ولكل من يريد استخدامها سواء سواء... وبقدر ما ينتج من معلومات وبقدر ما يودع منها في الشبكة بقدر ما يجد الاستجابة من مستخدميها في كل أنحاء العالم، ولا يستطيع احد أن يقف في سبيله أو يحول بين معلوماته ومستخدمي الشبكة، ولا يستطيع احد أن يطمسها أو يمحوها فهي كما وضعها تظل هناك... فالمجال مفتوح والحوار مفتوح والصراع مفتوح والحلبة هي الانترنيت فمن يملك المعلومة والحجة هو المنتصر وأصحاب القضايا يجدون من يستمع إليهم.
واقع الانترنيت في الوطن العربي:
مثلما كان الحديث عن بداية عصر البث الفضائي يتركز على المخاوف والقلق وبدرجة أكبر كان مصدر تشوش وعدم استقرار في الوعي اتجاه معطيات الفضائيات الوافدة على الوطن العربي، جاء الآن دور الانترنيت لطرح تلك الهواجس نفسها، ومثلما اختلفت الأقطار العربية في التعامل إزاء البث الفضائي الأجنبي الواصل إلى الوطن العربي، جاءت أيضا هذه المواقف متباينة حول الارتباط بشبكة الانترنيت.
وقد وصل عدد المشتركين والمستخدمين للانترنيت في الوطن العربي من 340ألف بداية عام 1988 إلى700 ألف نهاية العام وبنسبة نمو قدرها (106٪) وهي من النسب المرتفعة على مستوى العالم، وأظهرت دراسة مسحية أجرتها مجلة انترنيت العالم العربي أن عدد المشتركين بالانترنيت ومستخدميها بلغوا مع نهاية عام1998 ربع مليون مشترك، وثلاثة أرباع المليون مستخدم ومستفيد من خدماتها في اثني عشرة قطرا عربيا مشاركا بالخدمة.
وارتفع عدد المشتركين والمستخدمين العرب من (110915ّ) ألف مشترك مع نهاية عام 1997 إلى حوالي (206400ّ) ألف مشترك مع نهاية عام 1998ّ، وبلغت نسبة الزيادة في ذلك 120ّ٪ وتشير التوقعات بان هذا العدد سوف يزداد باستمرار خلال الأعوام القادمة خاصة بعد مشاركة جميع الأقطار العربية في الخدمة.
ولا يمكن الاستناد إلى أرقام إحصائية دقيقة وموثوق بها بشان عدد المستخدمين الفعليين للانترنيت في العالم والوطن العربي سبب اختلاف مفهوم المشترك عن مفهوم المستخدم، فإذا كان الشخص مشتركا بالانترنيت في منزله يمكن أن يشاركه واحد أو أكثر من أفراد أسرته في عملية الاستخدام من المنزل، فالتحرك العربي باتجاه تكنولوجيا الإعلام والمعلومات عموما واستثمار إمكانات الانترنيت وخدماتها على وجه الخصوص، لا يزال دون مستوى الطموح رغم وجود بعض المؤشرات والأرقام والإحصاءات الايجابية، وارتبطت الأقطار العربية خلال السنوات الماضية بالانترنيت إما بشكل بحيث تستثمر كل تطبيقاتها.
ومن خلال كل هذا نجد أن العرب فرضوا أنفسهم ووجدوا لهم مكانا في الانترنيت ولو بشكل بسيط، وهذا الذي يبين مسايرة العرب للتكنولوجيا الحديثة وإدراكهم لأهمية الانترنيت، حيث بدا اهتمام بعض المدارس الخاصة والمعاهد والجامعات بالانترنيت للانتقال إلى مستوى أخر من مستويات التعليم، وتظهر فيها العديد من مواقع الجامعات.
والمدارس، ورافق ذلك تخفيض تكاليف اشتراك الطلاب والأساتذة في بعض الأقطار العربية إلى نصف المبلغ المعتاد.
واقع استخدام الانترنيت في الجزائر:
لقد سطرت الحكومة الجزائرية سنة2005 هدفا لبلوغ ستة ملايين مشترك، ويقتضي هذا إطلاق حملة واسعة التكوين الجماهيري في مجال التكنولوجيات الحديثة ترعاها كل من وزارة التعليم والتكوين المهنيين في تأهيل النساء الماكثات بالبيت والبطالين وحاملي شهادات التكوين المهني في المعلوماتية مع تحديد الشبكة وتطوير حجم التدفق، وقد بلغ حجم الجزائريين المربوطين بشبكة الانترنيت400ألف، إلا أن بلوغ هدف ستة ملايين مشترك يتطلب إستراتيجية وطنية لتعميم استقبال المعلوماتية وخلق المواطن الرقمي لتكوينه وتأهيله.
في آخر إحصائيات 2009 تجاوز عدد مستخدمي شبكة الانترنيت في الجزائر أربعة ملايين مستخدم، وتتوفر الجزائر على 48 ألف نادي انترنيت سنة 2006 بعدما كان 10 ألف نادي عام 2004، وقد حققت الجزائر مستوى قدر 62٪ سنة 2007 والذي يجعلها في المرتبة الأولى عربيا.
في هذا المجال يقول الوزير السابق بوجمعة هيشور " أن الجزائر تطمح إلى بلوغ المستوى العالمي وبلوغ نسبة40٪ من المواطنين الجزائريين النافذين إلى الشبكة أي ما يعادل 6ملايين جزائري في أفاق 2010، وتعمل الجزائر على التنمية البشرية في مجال التكنولوجيا الحديثة من حيث مستوى التأهيل لدى السكان، حيث أن عدد الذين يملكون مستوى تعليمي مقبول 17.5مليون" ولا يفوق عدد المؤهلين لاستعمال الانترنيت 13مليون جزائري وهذا نفسه اقل من 40٪ التي وعد بها الوزير السبق بوجمعة هيشور.تعتبر المشاريع التي تعدها الجزائر في مجال الجزائر الالكترونية في 2013 من أهمها تلك التي تخدم النفاذ إلى الانترنيت والهاتف الثابت، وهذا ما يجعل هذه المشاريع طموحة وجعل من الجزائري مشروع إنسان رقمي. فالجزائر يتوفر فيها اتصال كامل مع الانترنيت من خلال شبكة الاتصالات القومية (Algeria Net ).
موضوع مهم يحتج إلى بحث معمق ، شكرا على مساهمتكم في إثراء الموضوع : طالب دكتراه مهتم بشبكات التواصل الإجتماعي .
RépondreSupprimer