البطالة المسببات والآثار و الرؤية الإسلامية لها
قال رسول الله(ص): "من بات كالاً من عمل يده بات
مغفوراً له"
من
العسير على الإنسان أن يحيا في هذا الكون دون أن يحرك طاقاته ويشغل قواه التي
أودعها الله سبحانه وتعالى فيه ، فهو محور الكون وخليفة الله في ارضة فعلية العمل
والبذل والجد تحقيقا لإرادة الله سبحانه وتعالى وهي تحقيق إعمار الكون والقيام بحق
الاستخلاف كما أراد الشارع الحكيم ، ومن البديهي أن ليتحقق هذا الدور إلا بالعمل
والبذل وان التقاعس والتخاذل المقصود هو تعطيل لإرادة المولى عز وجل ، ولكن قد
يكون هذا التعطل في القوى والطاقات خارجا عن إرادة الإنسان أي انه ناجم عن أسباب
ومسببات كثيرة وعديدة ليس للمتعطل يد فيها ، وتسمى هذه الحالة حالة البطالة أي أن
الطاقات معطلة وغير منتجة وهي بذلك تكون واحدة من ابرز المشكلات التي تواجه
المجتمعات الإنسانية وقد تفاقمت هذه المشكلة وتطورت مع تطور الحياة الانسانية
حيث أصبحت ظاهرة من الظواهر الاقتصادية العالمية المرتبطة بالثورة الصناعية
والتقدم الإنساني ثم تطورت وانتشرت حتى أصبحت مشكلة تعاني منها كل مجتمعات الأرض
على وجه التقريب . حيث أصبحت مشكلة
البطالة في الوقت الراهن إحدى المشكلات الأساسية التي تواجه معظم دول العالم باختلاف مستويات في تقدمها وأنظمتها الاقتصادية والاجتماعية
والسياسية فلم تعد البطالة مشكلة العالم الثالث فحسب بل أصبحت واحدة من أخطر
مشاكل الدول المتقدمة ، ويزداد الامر خطورة حين
نعلم انه من المتوقع أن يصل عدد العاطلين عن العمل في وطننا العربي إلى 80 مليون
شاب عربي في العام 2013م
ولأدراك
ماهية هذه المشكلة فانه لابد من تحليلها مبتدئين بتعريف المفهوم وتحديد جوانبه ثم
الانتقال إلى مسببات البطالة وأثارها
مفهوم البطالة :
قدمت
الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تعريفات مختلفة للبطالة وفصلت
تعريفها من زوايا مختلفة وذلك بحسب مجال اختصاص الدراسة أو البحث ، ومن المفيد هنا
أن نعرض لبعض هذه التعريفات ليسهل علينا تكوين صورة واضحة عن المفهوم :
و
يقول أخر : هي عدم توافر فرص العمل للعمال القادرين على العمل والراغبين فيه
والباحثين عنه
تعريف
مبسط لهذه الظاهرة و ملخص لها :"
أنها حالة من حالات الاقتصاد يعجز فيها سوق العمل
عن استيعاب الطاقات المتوفرة والأيدي العاملة القادرة والمنتجة والراغبة
بالعمل وذلك لأسباب وعوامل بنيوية أو طارئة في الاقتصاد مدار البحث ويختلف شكلها
باختلاف الظروف والبيئات "
معدل البطالة وهي عبارة عن نسبة مئوية لعدد
العاطلين عن العمل على إجمالي القوى العاملة , حيث يعتبر أحد المقاييس الرئيسية لأداء اقتصاد
ما وأن السياسة الاقتصادية بالكلية لكل
بلد تركز على إبقاء هذا المعدل منخفضا معظم الوقت قدر الإمكان.
القوى العاملة: يقصد بها جميع الأفراد الذين
ينتمون لسن العمل وينطبق عليهم مفهوم العمالة أو البطالة. ، ولحساب نسبة البطالة
في أي مجتمع يتم الاستناد إلى القانون الآتي:
نسبة البطالة = عدد
العاطلين عن العمل × 100
إجمالي القوى العاملة
ويمكننا تقسيمها على
النحو التالي :
اولا:
الاسباب الاقتصادية :
-
في الدول المتقدمه :
1.
تشير الدراسات المتعلقة بالبطالة انها بدأت تنشأ مع نشؤ ونمو الصناعه
والتقدم الصناعي ولوحظ ايضا ان ازدياد التطور الصناعي يرافقة زيادة في معدلات
البطالة وذلك ناجم عن احلال الالة محل الانسان ، وقد ازدادت نسب البطالة مع
2.
البحث عن العمالة
الرخيصة ذات الانتاجية العالية وهذا تم من قبل الشركات المتعددة الجنسية التي اتسع
نطاق نشاطها حتى عم ارجاء العالم كلة بحثا عن عمالة رخيصة تؤدي ذات الغرض الذي
تؤدية العمالة في البدان الام لهذه الصناعات ، مما ادى الى تعطل الملايين من
العمال في تلك البلدان وارتفاع نسب البطالة فيها .
3.
بنية الاقتصاد
الراسمالي ذاته الباحث عن الربح الكثير باقل عمالة ممكنه مما دفع كثير
-
في الدول النامية :
1.
انخفاض معدلات النمو الاقتصادي الناجمة عن فشل
السياسات الاقتصادية . حيث أوجد
أحد الخبراء
الإقتصاديين arthir okun علاقة عكسية بين الناتج القومي و معدل
البطالة.فتدني الناتج بنسبة معينة يؤدي إلى زيادة معدل البطالة بنصف تلك
النسبة.
2.
ارتفاع
معدل نمو العمالة في
كثير من الدول ومنها الدول العربية ، مقابل انخفاض نمو الناتج القومي؛ حيث ان نمو الناتج القومي الإجمالي لا يسير
بالتوازي مع معدل نمو العمالة في كثير من الاقتصادات وخاصة النامية منها .
3.
احلال العمالة الوافدة محل العمالة المحلية في كثير من البلدان
نتيجة عزوف العمالة المحلية عن الالتحاق بكثير من المهن والوظائف في اطار ما يسمى
بثقافة العيب .
4.
فشل نظم التعليم في اخراج اجيال متعلمة قادرة على تولي
الوظائف التي يحتاجها السوق وبمعنى اخر ضعف
موائمة مخرجات النظام التعليمي مع احتياجات سوق العمل.
5.
ازدياد الاعتماد على أسلوب كثافة رأس المال على حساب الايدي
العاملة ، بمعنى اعتماد أسلوب إحلال الالة محل اليد العاملة.
6.
تفاقم المديونيات الخارجية للدول النامية والتي
دفعتها الى سياسات التقشف مما نجم عنها ضعف مرونه التوظيف .
7.
عدم
نجاح القوانين المحفزة للاستثمار في توليد فرص عمل بالقدر الكافي.
8.
تراجع
دور الدولة في كثير من الدول في إيجاد فرص عمل بالحكومة، والمرافق العامة وانسحابها تدريجيًا من
ميدان الإنتاج.
9.
الاستغناء
عن خدمات كثير من العاملين في ظل برامج الخصخصة والإصلاح الاقتصادي التي تستجيب لمتطلبات صندوق النقد
الدولي في هذا الخصوص والتي تعتبر استحقاقا لمتطلبات العولمة الاقتصادية .
1. ارتفاع معدلات نمو السكان في كثير من الدول مما يحول دون قدرة الإقتصادات الوطنية
على استيعاب الخريجين الجدد سنويا في سوق العمل .
2. الثقافة الاجتماعية السائدة في كثير من الدول(ثقافة
العيب) والتي تعيب على الفرد العمل في وظائف معينة مما يخلق كم كبير من العاطلين
عن العمل وإحلال عمالة أجنبية محلها في مثل هذه الوظائف.
3. تراجع معدلات هجرة الأيدي العاملة الى الخارج مما
يؤدي إلى تكدسها داخل الدولة وبالتالي عجز الاقتصاد المحلي عن استيعابها .
ثالثا:
الأسباب السياسية :
1.
تلعب الظروف والأحداث
السياسية دورها في خلق البطالة نتيجة لتوقف عجلة النشاط الاقتصادي في كثير من
القطاعات .
2.
عدم العدالة في منح الوظائف لمن يستحقها حيث
يتولى الوظائف غير الاكفياء ويتعطل من هم اقدر وأكفاء على تولي الوظائف.
3.
استئثار السلطة بالأموال وعدم استثمارها في إيجاد مشروعات
عامة توفر فرص عمل للعاطلين .
4.
استثمار الحكومات للأموال العامة في الأسواق المالية
الخارجية مما يحرم البلد من مشروعات تخلق فرص عمل لأبناء الوطن.
آثـــار
البطــالة:
لاشك أن الفقر والبطالة من أكثر المؤثرات
السلبية على واقع الأفراد والمجتمعات معا وتتجلى الآثار السلبية للبطالة في جوانب
الحياة كافة الاقتصادية ، الاجتماعية السياسية ، الصحية والنفسية ، إضافة إلى
خطورتها على الأمن العام برمته ، ونعرض
فيما يلي لبعض هذه الآثار علها تشخص لتجد ما يناسبها من حلول من قبل أصحاب القرار
، ومنها:
أولا: الآثار الاقتصادية :
1. البطالة تعني ضياع مورد هام من موارد ألامه وعنصر هام من عناصر
الاقتصاد وهو عنصر العمل الناجم عن تحجيم وتعطيل طاقات الإنسان المنتج المبدع خاصة
أن الإنسان هو أساس النمو والتقدم الاقتصادي.
2. البطالة تعني الفقر والإنسان الفقير
يكون عاجز استهلاكيا مما يضعف الحركة الاقتصادية للسوق والتمثلية بالاستهلاك لان
النشاط الاستهلاكي هو سبب الحصول على الدخل وازدياده وهو أيضا سبب في ضعف النشاط
الاستثماري لان النشاط الاستثماري مشتق من النشاط الاستهلاكي .وبالتالي
اختلال حالة العرض والطلب في السوق . فكلما كانت نسبة البطالة مرتفعة، أدى
ذلك إلى زيادة قيمة الاستهلاك التلقائي(المستقل) مما يؤدي إلى تناقص كمية الادخار، مما
يؤدي إلى صعوبة تمويل الاقتصاد ، خاصة وأن الفئات الفقيرة والعاطلة عن العمل تتميز بميل حدي للاستهلاك
مرتفعا يؤدي إلى تأخر عتبة الادخار أكثر.
3. التأثير السلبي على الحركة التجارية –أي الصادرات
والواردات – وذلك نتيجة لضعف النشاط الاستهلاكي والنشاط الاستثماري وهذا يعني جمود الاقتصاد وبالتالي انهياره .
4.
البطالة سبب الكساد والركود وبالتالي الانهيار الاقتصادي .
ثانيا: الآثار الاجتماعية :
1.
تشير الدراسات إلى أن
ارتفاع معدلات البطالة يؤدي إلى ارتفاع معدلات الجريمة والانحراف في المجتمع وهناك الكثير من الدراسات التي اجري في كثير من بلدان
العالم تربط بين الظاهرتين ومن أبرزها دراسة أمريكية تؤكد أن
ارتفاع نسبة البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل (1%) يؤدي إلى
الزيادة في جرائم القتل بنسبة (6.7% ) ، وجرائم العنف بنسبة (3.4%) ، وجرائم
الاعتداء على الممتلكات بنسبة (2.4%) .
2. التفكك الأسري
: لاشك أن البطالة وهي أم الفقر ستؤدي بالنهاية إلى عجز رب الأسرة عن الإنفاق على أسرته
وبالتالي تفاقم المشكلات البينية داخل اسرة والتي ليس لها نتيجة سوى الانفصال
والطلاق بين الزوجين مما يؤدي إلى التفكك الأسري وتشتت الأبناء وضياعهم مما يفاقم
المشكلات الاجتماعية وينتج مشكلات أخرى .
3. أن
تفكك الأسرة ليس له سوى نتيجة واحدة وهي الانحراف والضياع والانحراف هو طريق
الجريمة كالسرقة والنصب والاحتيال والتسول والسطو المسلح وغير المسلح والشذوذ
الجنسي أو ممارسة البغاء .... الخ بقصد
الحصول على الأموال اللازمة للحد الأدنى من المعيشة .
4. انتشار المخدرات
: البطالة توفر أوقات فراغ كبيرة للشباب والفراغ كما هو معروف مفسدة كبرى والفراغ
يولد الإحباط والإحباط يدفع صاحبة الى البحث عن المنسيات والملهيات والتي من
ابرزها تعاطي المخدرات التي يقصد منها متعاطيها ان يغيب عن هذا الواقع المرير الذي
يعيش بداخلة .
5. العنف والإرهاب
: البطالة تولد الحق والكراهية على الاخرين ممن يمتلكون الاموال والقادرين على
العيش الرغيد والحقد يدفع الى العنف والقتل والقاتل هو مادة خصبة ومشروع ارهابي
مناسب .
6. الشعور بالاغتراب
: وهي من أصعب أنواع المشاعر التي قد يبتلى بها الشباب لانها تضعف انتمائة لوطنه وأمته
فلا يعود يعنية كثيرا ما يصيب هذا الوطن من احداث ومشكلات بل انه يساهمن بصناعتها
مما يولد حالة من عدم الاستقارر السياسي والاجتماعي .
7. ترك الوطن (الهجرة ):
البطالة سبب رئيسي لهجرة الطاقات والعقول من بلادها الى بلاد اخرى وهذا يحرم الوطن
من طقاقات ابناءة وعقولهم وافكارهم ويرمي بها في احضان امم اخرى وبالتالي تضعف
البلاد وتقوى غيرها .
8. انقسام
المجتمع إلى طبقتين طبقة الأغنياء الذين يزدادون غنى وإلى طبقة فقراء يزدادون فقرًا،مما
يؤدي الى ثوران الأحقاد بين الناس ، وانتشار الجرائم.
ثالثا:
الاثار الامنية :
1.
هناك علاقة ارتباط قوية بين الجريمة والبطالة وهذا ورد في كثير من
الدراسات التي عالجت هذا الموضوع حيث أن هناك علاقة ارتباط قوية بين هذين
المتغيرين فكلما زادت نسبة
البطالة ارتفعت نسبة الجريمة ..
2. انتشار الجريمة يزعزع الاستقرار الأمني
ويقوض الأمن الاجتماعي في البلاد مما يرتب أعباء أمنية كبيرة
على الدولة مما يحول بينها وبين التقدم الاقتصادي .
رابعا:
الآثار السياسية :
1.
تشير الوقائع المعاصرة إلى الارتباط القوي بين البطالة وبين
السخط والثورة على السلطة
فالعاطل عن العمل يحقد على مجتمعه ولا يعود يهتم بالشأن السياسي العام .
2.
اصبحت المؤشرات الاقتصادية من المعايير الهامة التي تستخدم
للحكم على ديمقراطية النظام السياسي من عدمها ، ففي عالم
اليوم لم تعد الحقوق والحريات العامة التقليدية كافية للحكم على ديمقراطية النظام
السياسي بل يضاف اليها معايير اقتصادية
واجتماعية كثيرة في هذا المجال ، ووجود البطالة من شأنه أن يخل بهذه المعايير .
خامسا: الاثار النفسية والجسدية :
1. يؤدي العجز عن القيام بشؤون الأسرة وأعبائها
إلى حالة من الإحباط والاضطراب النفسي ، بل إن بعض
العاطلين عن العمل يصاب بحالات هستيرية ونوبات من الغضب الشديد تساهم في تقويض الأمن
الاجتماعي وتزيد من أعباء الدولة في توفير المصحات والمستشفيات والمستلزمات
اللازمة للمعالجة .
2.
يتسم كثير من العاطلين بعدم السعادة وعدم
الرضا
والشعور بالعجز وعدم الكفاءة مما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية، كما ثبت أن العاطلين عن العمل تركوا مقاعد
الدراسة بهدف الحصول على عمل ثم لم يتمكنوا من ذلك يغلب عليهم الاتصاف بحالة من
البؤس والعجز .
3.
إصابة كثير من العاطلين عن العمل
بالأمراض وحالة الإعياء البدني كمرض السكري الناجم عن الضغوط النفسية
وارتفاع ضغط الدم ، وارتفاع الكولسترول والذي من الممكن يؤدي إلى أمراض القلب
فبالعمل والحركة يزداد الجسم نشاطاً, وتزداد العضلات قوة, في حين أنّ الكسول لا
يتمتع بكمال الصحة الجسدية, لأن جسمه خـامل.
4.
الشعور العزلة : حيث
يفقد الشباب الثقة في أنفسهم وقدراتهم، فينعزلوا عن المجتمع، ولا يجدوا طريقًا إلا
الاكتئاب أو الانحراف.
إن الآثار الواردة
اعلاة تشير إلى مدى خطورة ظاهرة البطالة ومدى تأثيرها السلبي على الفرد والمجتمع
على حد سواء ، وقد أدرجنا هذه الآثار علها تجد طريقها إلى صناع القرار ومن بيدهم مقاليد الأمور فتجد الحل الشافي الذي
ينقذ مجتمعاتنا من براثن المشكلات التي تؤرق الإنسان في أرجاء عالمنا العربي
تحديدا فنحقق الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي بعون الله .
البطالة رؤية
اقتصادية اسلامية
لقد اتسمت
الشريعة الإسلامية بالشمولية ، وعالجت كل ما يحيط بالإنسان من قضايا ومشكلات على كافة
الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والجسدية .....الخ ، ومن ابرز
القضايا الت يعنيت بها الشريعة هي معيشة الإنسان وحياته اليومية من مآكل ومشرب
وملبس ، ودعت بل وأمرت من بيدة الأمر إلى
توفير كل ما يحتاجه الرعية من مستلزمات الحياة ، ومن القضايا التي عالجتها
وناقشتها الشريعه قضية العمل والشغل وقضية
البطالة ، وبينت مفهومها وطرق الوقاية منها ومنهج الحد منها في إطار دقيق عز أن
نجد له فلقد حث الإسلام أهله على العمل والكسب ونهى عن البطالة بقوله صلى الله
عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة:" لأن
يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ، فيتصدق منه ، فيستغني به عن الناس خير من أن يسأل
رجلاً أعطاه أو منعه ذلك فإن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول
".
وقد
اورد الباحثون الذين ناقشوا قضية البطالة
من منظور إسلامي بعضا من تعريفاتها من وجهه نظر الشريعة الغراء ومنها :
-
انها
العجز عن الكسب في أي صورة من صور العجز سواء كان ذاتيا: كالصغر أو العته أو
الشيخوخة أو المرض الذي يقعد عن العمل. أو غير ذاتياً: كالاشتغال في تحصيل العلم.
-
إذن
يمكننا تعريف البطالة وفق الرؤية إلاسلامية بأنها :" كل إنسان لا يستطيع العمل بتاتاً إما لأمر خارج
عن إرادته كالعجز أو المرض المزمن أو العته أو الجنون. أو لأمر تحث سيطرته كطلب
العلم وشعوره بعدم القدرة على الموازنة بين علمه وعمله وأنه سيؤثر سلبياً على
احدهما فلا يستطيع الجمع بينهما وإتقانهما
موقف
الإسلام من البطالة:
لقد حث الاسلام على العمل وحض علية ورغب
به واعتبره عبادة وقيمة وشرف وجعل ثوابه مثل ثواب المجاهد فى سبيل الله ، وقد اعتبر العمل في
الاسلام ضرباً من ضروب العبادة وسبيلاً للتقرب إلى الله ، ولقد أشار القرآن إلى ذلك فى مواطن كثيرة ،
منها قول الله تبارك وتعالى :] وآخرون يضربون في
الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله [ ( المزمل : 20 ) ، وشدد
على استغلال طاقات الانسان وعدم تعطيلها لان في تعطيل طاقات الشباب والقادرين على
العمل ضياع لموارد الامة وهدر لطاقات ابناءها اضافة الى خراب اقتصادها ودمار
اسواقها ، وقد ادركت الشريعه الغراء خطورة مشكلة البطالة باعتبارها بداية طريق
الاجرام والانحراف وبالتالي خراب المجتمع وهذا ما رفضة الاسلام بشدة ونهى عنه .
والإسلام يفرق بين
البطالة والتبطيل، فالبطالة هي القعود عن العمل في حالات الضرورة القاسية التي قد
تصل بالإنسان إلى وضع يحل له فيه "المسألة" أي الاستجداء، ولكنه يحث
العاطلين _اضطراراً إلى احتراف أي مهنة ولو بدت حقيرة في نظر الناس، فان ذلك خير
من المسألة. وفي ذلك يقول
رسول الله(ص) "لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على
ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه.
وبالمقابل فان
الإسلام يشجب التبطيل -أي إدعاء البطالة - نتيجة التخاذل أو الكسل، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الكسل, وبيّن لأصحابه أن العمل
هو مقياس رفعة الرجل في قومه, وقد روى أن أقواما قدموا عليه صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إن فلاناً
يقوم الليل ويكثر الذكر. فقال: " أيكم يكفيه الطعام" فقالوا: كلنا. أي نتعاون على سد حاجته. فقال صلى الله عليه وسلم : " كلكم خير
منه" ، ويقول عمر بن الخطاب رضي الله
عنه: إني لأرى الرجل فيعجبني, فأقول: أله حرفةٌ؟ فإن قالوا لا, سقط من عيني.
والإسلام لا يقر البطالة من أجل الانقطاع
للعبادة ويرى في هذا تعطيلاً للدنيا التي أمر الله عباده بالسعي فيها لأن الله تعالى لا يحب الكسول العاجز, بل
يحب العبد النشيط العامل. .
وأما أدلة الحض على العمل والحث علية فهي
كثيرة ومصادرها عديدة أبرزها القران الكريم والسنة النبوية المطهرة والآثار
الواردة عن الخلفاء الراشدين والسلف الصالح عليهم رضوان الله .
الأدلة
من القران الكريم :
-
يقول تعالى :" {وهو الذي جعل لكم
الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}، «سورة الملك آية 15».
-
وقولة تعالى :" : {فإذا قضيت
الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} (سورة الجمعة آية 10).
-
وقوله تعالى )وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ
عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ( (التوبة:105).
-
وأيضا قوله تعالى )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا( (الكهف: 30).
-
وقوله تعالى :" وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله
وآخرون يقاتلون في سبيل الله [ ( المزمل : 20 )
وجاء
القرآن الكريم حاثًّا على العمل والسعْي، وتَحمُّل التبِعات وتقدير المسؤوليَّات، فقال: (وأنْ ليس للإنسان إلاَّ ما سعى* وأنَّ
سعيَه سوف يُرى * ثُمَّ يُجْزَاه
الجزاءَ الأَوْفَى) (النجم 39-41). ويزخر القران الكريم بالعشرات من الآيات العظيمة
التي تحث على العمل وتشجع علية وترفض النكوص والجلوس والتقاعس .
-
الأدلة من السنة النبوية المطهرة .
قوله صلى الله
عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة ( لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ، فيتصدق منه ،
فيستغني به عن الناس خير من أن يسأل رجلاً أعطاه أو منعه ذلك فإن اليد العليا خير
من اليد السفلى وابدأ بمن تعول )..
-
وقد جاء في كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على شخص قالوا له عنه أنه
يقوم الليل ويصوم النهار وهو منقطع للعبادة انقطاعاً كلياً فسأل الرسول عليه
الصلاة والسلام عمن يعوله فقالوا كلنا، فقال الرسول عليه السلام كلكم أعبد منه.
ونجد أيضاً من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم والتي تحث على العمل وأهميته
بالنسبة للفرد فقال: «ما
أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل
يده».
- عن عائشة رضي
الله عنها قالت قال رسول الله
:" " ان الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»..
-
عن عبد الله بن عمر ان رسول الله علية الصلاة والسلام قال :" إن الله يحب المؤمن المحترف ، .
ويقول رسول الله(ص): "من بات كالاً من عمل يده بات
مغفوراً له"
-
روي عن النبي أنه
عندما رجع من الغزو استقبله أحد الصحابة وقال له: ما هذا الذي أرى بيدك؟ فقال
الصحابة: من أثر المر والمساحاة، اضرب وأنفق على عيالي وهنا قبل الرسول يده قائلاً
هذه يد لا تمسها النار.
-
أدلة من أقوال السلف الصالح :
-
ولِعُمر الفاروق ـ
رضي الله عنه ـ كلمة بليغة في التندِيد بالتواكل، والتحريض على
العمل مع التوكل،
يقول فيها: "لا يَقْعُدَنَّ
أحدُكم عن طلب الرزق، ويقول: "اللهم ارزُقْني، وقد علِم أن السماء لا
تُمطر ذهبًا ولا فِضَّةً".
- وقد رَوى عبد
الله ابن الإمام
العظيم أحمد بن حنبل قال: قلتُ لأبي: هؤلاء المتوكلون يقولون: نَقعُد وأرزاقنا على
الله. فقال الإمام: هذا قول رديء خبيث، يقول الله عز وجل: (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا
إلى ذكر الله وذروا البيع) (الجمعة9).
- وقال أيضًا: سألتُ
أبي عن قوم يقولون: نتَّكِل على الله، ولا نَكْتَسِب، فقال: ينبغي للناس كلِّهم أن يتَّكِلوا
على الله، ولكن يَعُودون على أنفسهم بالكسْب.
- وروي عن ولده صالح
أنه سأله عن التوكل، فقال: التوكل حسَن، ولكن ينبغي للرجل ألا يكون
عيَّالاً على الناس، ينبغي أن يعمل حتى يُغنِي أهلَه وعِيالَه، ولا يَترك
العمل.
- ويقول
الإمام أحمد بن حنبل: (إذا
جلس الرجل ولم يحترف دعته نفسه إلى أن يأخذ ما في أيدي الناس). وللإسلام
موقف حازم من البطالة فحث على العمل واحتراف المهن وفضلها على التفرغ للعبادة وشجع
عليها وكره الكسل ورفض التواكل والتسول.
ولقد كان السلف الصالح قومًا مؤمنين حَقَّ
الإيمان، متوكِّلِين على ربهم حق التوكل، ومع ذلك لم يَتواكلوا ولم يَتغافلوا، ولم
يَتَثاقلوا عن
واجباتهم، في الحياة، بل عمِلوا ونَاضَلوا، واشتغلوا وكسبوا. ولقد
كان أبو بكر وعثمان
وعبد الرحمن بن عوف وطلحة تُجَّارًا، حتى إن أبا بكر لمَّا تَوَلَّى الخلافة
أصبح غاديًا إلى السوق، يَحْمِل أثوابًا يُتَاجِرُ فيها، فلقيه
عمر وأبو عبيدة،
فقالا له: أين تريد؟ قال: السوق. قالا: تَصْنَع ماذا وقد وَلِيتَ
أمر المسلمين؟ قال:
فمِنْ أَيْنَ أُطْعِمُ عِيَالي؟ ثُمَّ فَرَض المسلمون له ما يَكْفِيهِ وأولاده
حتى يُفَرِّغَ وقته وجهده لأعمال المسلمين.
ومن الصحابة أيضاً من
كانوا عمالاً فالزبير بن العوام كان خياطا، وكان علي ابن ابي طالب يسقي بالدلاء
على ثمرات، سعد بن أبي وقاص كان يبري النبل وعمرو ابن العاص كان جزاراً وقتيبة بن
مسلم القائد المشهور كان جمالاً والمهلب بن ابي صفرة بستانياً.
إن الإسلام حين وضع
شِرْعَة الحساب، ورَتَّب عليها الثواب
والعقاب، أراد أن يدفع الناس إلى مجالات السعي والعمل، وأن يُبْعدهم عن مزالق
التواكل والفشل، ولذلك ذكرهم برقابته وإحصائه، ودِقَّة محاسبته
وجزائه: (إِنَ
رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَنْ سَبيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِمَنِ اهتَدَى. ولله
ما في السموات وما في الأرض لِيَجْزِي الذين أساءوا بما عمِلوا ويَجزِي الذين
أحسنوا بالحسنى) (النجم: 30 ـ 31).
كما
أن كل إنسان في مجتمع الإسلام مطالب أن يعمل، مأمور أن يمشي في مناكب الأرض، ويأكل
من رزق الله، واتضحت سنة الله في الخلق حيث أن الأرزاق التي ضمنها والأقوات التي
قدرها والمعايش التي يسرها لا تنال إلا بجهد يبذل وعمل يؤدى ولهذا رتب الله سبحانه
وتعالى أن من كان قادراً على السعي في مناكب الأرض له رزقه فمن سعى أكل ومن كان
قادراً على السعي ولم يسع للعمل كان جديراً ألا يأكل.
ان
الاستعراض السابق ينقلنا إلى تصنيف انواع البطالة في الإسلام حيث يمكننا تقسيمها
الى :
1.
بطالة
المضطر(خارج عن ارادته): وهو الذي لا يجد عملاً أو لا يستطيع أن يعمل لأنه به مرض
أو عاهة.
2.
بطالة الكسول المتخاذل(
التبطيل) : وهو الذي يدعي البطالة ويتخاذل عن العمل ويتكاسل عن ادائة ، والإسلام
يرفض هذين النوعين ، ويطالب ولي الأمر أن يعين من الزمته الضرورة الى عدم وبالتالي
نجد أن الإسلام قد حث المجتمع على توفير فرص العمل المناسب لطالب العمل أو توفير
تدريب مهني وإعداد خاص يستطيع به أن يجد العمل المناسب فمن واجب المجتمع والحكومة
أن يجتهدا على ذلك حتى ينهضا بعبء العمل وحدهم دون طلب لمعونة أو صدقة.وقد ربط بعض
فقهاء المسلمين مفهوم البطالة بالكسل, وهذا المفهوم عرضه الفقيه محمد بن عبد
الرحمن الوصابي اليمني(712-782) في كتابه:"البركة في فضل السعي والحركة
" حيث عرّف البطالة "بأنها الكسل عن العمل لكسب الحلال, أو الكسل عن
القيام بأمر الآخرة . والربط بين البطالة والكسل يدفع إلى وضع سياسات لعلاج
البطالة بل علاج الاقتصاد برمته. وإذا كان طالب العمل بحاجة إلى رأس المال أو
التدريب أو إلى أدوات الصنعة وآلات الحرفة فيجب على المجتمع والحكومة أولاً أن
يوفرا له المال والأدوات والتدريب والمكان المناسب مما يجعله مواطناً صالحاً يسعى
بعدها لتطوير ذاته وكفايتها ومساعدة غيره وهذه هي الفكرة من الزكاة أن نعمل على
كفاية من لا يجد الفرصة ليسعى هو بعدها على تطوير ذاته ومساعدة غيره.
سبل
العلاج من منظور إسلامي:
لم يقدم الاسلام تصورات نظرية فقط
للمشكلات التي تواجة الانسان في حياته اليومية بل قدم له الحلول العملية
والتطبيقات الميدانية التي تعالج القضية من جذورها سعيا لحماية الانسان المسلم
وصيانه له ، وكغيرها من المشكلات حظيت
البطالة بقصط وافر من المعالجات والحلول ، وفي هذا المبحث سيتم التطرق إلى
وسائل علاجها من منظور إسلامي ويمكننا تقسيم الاعلاج الاقتصادي السلامي الى قسمين
الاول عملي تطبيقي ، والثاني نظري يقوم على الوعظ والارشاد والوجية وتعميق القيم
الاسلامية العظيمة الخاصة بالعمل والكسب والجد في طلب الرزق .
الإجراءات
العملية التطبيقية :
لم يكتف الاسلام بالتنظير فقط في مجال
مكافحة البطالة والحث على العمل ، بل قدم بعضا من الاجراءات العلاجية العملية
ومنها :
1. فريضة الزكاة :
تعتبر الزكاة من ابرز الوسائل والادوات التي تعالج مشكلات المجتمع الاقتصادية حيث انها
وسيلة من وسائل اعادة توزيع الدخل ونقلة من وحدات الفائض الى وحدات العجز التي
يزيد لديها الميل الحدي للاستهلاك ، وبالتالي تنشط حركة الاسوق وينتج عن هذه
الحركة زيادة الانتاج ، كما ان الفكرة البارزة في الزكاة هي أن تعمل على كفاية من لا يجد الفرصة ليسعى كما
انها تساعد القادر على العمل على تمويل مشروع صغير يعتاش منه ويعمل على تطوير ذاته
ومساعدة غيره.. اضافة الى اهميتها في تقليص الفجوة بين خط التوزيع الحقيقي وخط
الفعلي الفعلي وذلك وفق منحنى لورنس
المعروف . ومع الأهمية الكبيرة للزكاة في التكافل
الاقتصادي ومحاربة الفقر والبطالة، إلا أن ذلك ليس كافيا في التطورات الحديثة
للمجتمعات، وفي زمن التطورات المالية والمعاملات الإنسانية المبنية عليها، ولذا
فلا بد للاقتصاد الإسلامي من اجتراح الحلول الاقتصادية التي تساعد أفراد المجتمع
على تخطي المشكلات التي تواجههم، بحيث يتم تقديم المساعدات المالية القائمة على
المشاركة في إقامة المشاريع التي توفر دخلا مناسبا للإنسان، إذ يمكن لكثير من
الفقراء أن يستفيدوا مباشرة من الحصول على قروض التمويل الإسلامي للمشاريع
الصغيرة، التي تعد من أهم الوسائل التي تمكنهم من التغلب على الفقر، من خلال توفير
فرص العمل المناسبة .
2. الإقراض الحسن بقصد العمل:
دعا الإسلام المسلمين الى التراحم والتكافل
والتعاون فيما بينهم على البر والتقوى ومساعدة بعضهم البعض بشتى السبل المادية والمعنوية ، ومن ابرز وسائل
المساعدة التي حض عليها الاسلام هي القرض الحسن والذي رتب علية رب العاملين الأجر
والثواب العظيم ، حيث قال عليه الصلاة
والسلام ليلة اسري به: رأيت على باب الجنة مكتوب الصدقة بعشر أمثالها، والقرض
بثمانية عشر، فقلت: يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة، قال عليه الصلاة والسلام:
لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجه. ويقول أيضا رسول الله
"ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كانت كصدقتها مره". والقرض الحسن
واحد من ابرز وسائل تمويل المشروعات الصغيرة بعيدا عن الاقراض بالفائدة الذي يحرمة
الاسلام.
1.
الدعوة الى الاحتراف ( التدريب
المهني ) :
لم يقف الإسلام عند
التنظير فقط بل قدم حلولا عملية تطبيقية للخروج من بوتقه الفقر وبراثن البطالة
وتحريك طاقات الشباب وتحفيزهم على العمل ،حيث دعا الى تعلم الحرفة والمهنه والصنعه
، والشواهد كثيرة في تاريخنا الاسلامي العظيم سواء من السيرة النبوية العطرة او من
سيرة اسلافنا عليهم رحمة اللع ورضوانه. حيث ورد عن عبد الله بن عمر ان رسول الله
علية الصلاة والسلام قال :" إن الله يحب المؤمن المحترف ، "
اي صاحب المهنه والحرفة ، وبارك رسول الله علية الصلاة والسلام باليد الخشنة التي
بان فيها اثر العمل والكد وقال عنها هذه يد لاتمسها النار . وكان رسول الله علية
الصلاة والسلام اذا جاءة من يشكو الفقر والحاجة نتيجة قلة العمل يأمرة بالعمل حتى
ولوكان متواضعا صغيرا لأن المشروع الصغير هو نواة المشروع الكبير وقد ثبت ذلك
اقتصاديا حيث ان كثير من الشركات المتعددة الجنسية اليوم كانت نواتها مشروعات صغيرة
جدا ، وتلقى المشروعات الصغيرة اهتماما كبيرا من قبل الحكومات والدول اليوم
باعتبارها احد ادوات علاج البطالة لدة اصحبا الشهادات والخبراتمن الشباب والنساء
الذين ليس لديهم رؤوس اموال تساعدهم على البدء بالعمل ، وهنا يظهر دور الاسلام في
واهتمامه في ما يسمى اليوم بالاستثمار البشري. ويلاحظ أن الدول المتقدمة تعتمد
وبشكل أساسي على المشاريع الصغيرة فمثلاً ايطاليا 2مليون و300الف مشروع صغير.
وأوروبا 30% من اقتصادها للحكومة والشركات الكبرى و70% للمشروعات الصغيرة.أما
أمريكا فقد وفرت 15 مليون فرصة عمل في العشر سنوات الأخيرة من المشروعات الصغيرة.
2.
الحث على الادخار والتوفير :
حث الإسلام
على الادخار وشجع علية بحيث يستطيع المدخر استخدام هذه الأموال المدخرة في تمويل
مشروع خاص به آو تمويل استثمارات كبيرة ان كان حجمها كبيرا .ولكن يجب التنبية هنا إلى
الفرق بين الادخار والاكتناز فالادخار لا يعني حبس المال وكنزه، لان هذا المنع أو
الحبس للمال يخالف تعاليم ديننا الحنيف ، حيث يقول تعالى )وَالَّذِينَ
يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ
فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ( (التوبة:34). وتوعد الله من يفعل ذلك في قوله تعالى )يَوْمَ
يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ
وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ
تَكْنِزُونَ( (التوبة:35).
ويقول
علية الصلاة والسلام : "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول
احدهما: اللهم أعط منفقاً خلفا، ويقول الأخر: اللهم أعط ممسكا تلفاهذا يدل على
الفرق بين الادخار المباح وبين الاكتناز المحرم ، فقد اشار الاقتصاديون الى ان
الادخار من ابرز ادوات تحريك النشاط الاستثماري في الاقتصاد محل الاعتبار .
3.
– يبرز اليوم دور المصارف الإسلامية في
تمويل المشروعات الاستثمارية حيث
ان عليها واجبات اجتماعية كبيرة وكثيرة تجاه الامة وابناءها ، لذلك لابد من قيام السلطات بحث وتوجيه البنوك
والمؤسسات المالية الإسلامية لدعم المشروعات التي تستوعب أكبر عدد من العاطلين عن العمل من ابناء
المجتمع .
4.
هناك
بعض الاجراءات العملية التي طبقها الاسلام والتي من شأنها ايجاد فرص العمل وتحريك
عجلة الاقتصاد ومنها:
أ.
الاوقاف
الخيرية : والتي من شأنها ان تسهم في استيعاب الشباب العاطلين عن العمل والتخفيف
ممن حدة البطالة في المجتمع.
ب.
شرع
الاسلام نظام احياء الارض ، (فمن احيا ارضا ميتة فهي له) .
ت.
شرع
الاسلام نظام الاقطاع ، ونظام الاستزراع والتحجير ومنع احتجاز الارض (ليس لمحتجز
حق بعد ثلاث) ،حيث مارس النبي الكريم كل هذه الادوات وطبقها تطبيقا عمليا وكان
القصد منها تحريك عجلة الانتاج والعمل في المجتمع المسلم وقول عمر لبلال بن حارث
المزني في القصة المشهورة :" ان رسول الله لم يقطعك لتحجزة عن الناس وانما
اقطعك اياة لتعمل به .." انما هو دليل قاطع على ان القصد من كل هذه الاجراءات هو العمل ليس الا..
الاجراءات
النظرية:
قدم
الإسلام نموذجا نظريا فريدا من نوعه يقوم على القيم والأخلاق الفاضلة والمبادئ
الرشيدة التي تدخل القلوب والألباب قلد ان تطرق المسامع ، حيث رتب الثواب والأجر
العظيم لمن يتبعها ويسير وفقها وقد كان للجانب الاقتصادي نصيب كبير من هذه القيم والأخلاقيات
ومنها :
أ
. المنهج التربوي الذي يقوم على بيان اهمية وقيمة العمل والدعوة الية والحض علية
وترك التواكل والتكاسل باعتبار ان العمل عبادة .
ب.
تعزيز وتنمية روح المبادرة وتنشئة الشباب على تحمل المخاطر ، وقد كان خير قدوة لنا
في هذا المجال هو رسول الله علية الصلاة والسلام حيث مارس المهن المحتلفة حيث كان
راعيا للغنم وتاجرا ، وكذلك الانبياء الكرام من قبلة والصحابة الاجلاء من بعدة .وتشجيع
الشباب على المغامرة والبدء بالمشروع حتى ولوكان صغيرا .
ت.
الدعوة الى حسن الادارة والتنظيم وكذلك التفكر والتدبر والتعلم بهدف التجاوب مع
متطلبات العصور المختلفة واستعياب التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها لخدمة الاقتصاد
.ويدخل في هذا الاطار اتقان العمل وتحسينة ، (ان الله يحب اذا عمل احدكم عملا ان
يتقنه ).
ج.
استغلال اوقات العمر وعدم هدرها بالجلوس والتكاسل والتخاذل عن العمل حيث في ذلك
مخالفة لاوامر الشريعه الصريحة في هذا المجال .
د.
حث الافراد على السعي والتدرب واكتساب المهارات اللازمة عن طريق الالتحاق بالمراكز
التدريبية المختلفة .فهو واجب وما لايتم الواجب الا به فهو واجب.
ه.
تعليم الشباب وتربيتهم على اهمية ترشيد الاستهلاك والبعد عن الاسراف والتبذير لان
ذلك هو بداية الطريق نحو حماية مقدرات الامة واموالها العامة .
خلاصة القول:
ان المنهجية الاقتصاديه الإسلاميه لعلاج مشكلة
البطالة تقوم على عدة محاور َ عملية ونظرية تسهم وبلا شك في تخفيف حدة البطالة
وعلاجها وذلك من خلال إعداد الإنسان إعدادًا أخلاقيًا وقيميا تدريبيا ، وتوفير
التمويل اللازم للمشروعات بالصيغ الإسلامية، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في
دعم المشروعات الصغيرة.
النتائج :
من خلال الدراسة السابقة تم التوصل إلى النتائج
الآتية:
1- ظهر ان البطالة هي مرض من أمراض العصر
سببة التطور الصناعي الهائل الذي قلص من دور الإنسان واتعاض عنه بالآلات .
2- للبطالة أثار شاملة تكاد تطال كل مناحي
الحياة حيث انها سبب التوترات الاجتماعية وعدم الاستقرار السياسي.
3- قدم الإسلام من خلال آيات القران الكريم والسنة النبوية آليات علاجية
لمشكلة البطالة تتناسب مع كل زمان ومكان وهي على ضربين : عملي ونظري (أخلاقي وقيمي
) .
4- تعتبر الزكاة والقرض الحسن من مصادر
التمويل الهامة التي تساهم في خلق فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل وخاصة
المؤهلين اكاديمياً ولكنهم غير قادرين ماديا .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
شركنا برايك ووجهة نظرك