تابع - البنك المركزي -
و المشكل في إعتماد سعر الفائدة كهدف وسيط للسياسة النقدية هو أن أسعار الفائدة تتضمن عنصر التوقعات التضخمية , و هو ما يفقد دلالة أسعار الفائدة الحقيقية , مما يفقدها أهميتها كمؤشر , كما أن التغيرات في سعر الفائدة لا تعكس في الواقع نتائج جهود السياسة النقدية وحدها , وإنما أيضا عوامل السوق , ذلك أن معدلات الفائدة تتجه نحو الارتفاع أو الانخفاض ؛ تبعا للوضعية التي يمر بها الاقتصاد (الدورة الاقتصادية). كما أن الجمهور عادة يلجأ إلى ربط تحركات معدلات الفائدة بتشدد السلطات , إضافة إلى أن معدل الفائدة كما يمكن استخدامه كهدف وسيط بصفته قناة إبلاغ ووسيلة للسياسة النقدية .
واعتبارا لكل ما سبق يذهب البعض إلى رفض استخدام سعر الفائدة كهدف وسيط للسياسة النقدية , لأن ذلك تعبير عن غياب الهدف النقدي للسياسة الاقتصادية في الواقع .
د سعر الصرف:
يستخدم سعر الصرف كهدف للسلطة النقدية ذلك أن انخفاض أسعار الصرف يعمل على تحسين وضعية ميزان المدفوعات ,كما أن استقرار هذا المعدل(سعر الصر ف) يشكل ضمانا لاستقرار وضعية البلاد تجاه الخارج و لهذا تعمل بعض الدول على ربط عملاتها بعملات قوية قابلة للتحويل , و الحرص على استقرار صرف عملتها مقابل تلك العملا ت. مما يؤدي إلى عدم القدرة على السيطرة و التحكم في هذا الهدف. فتقلبات أسعار الصرف تدفع بالسلطات النقدية إلى التدخل في التأثير عليه و استعمال ما لديها من احتياطات محاولة منها المحافظة على قيمة عملتها تجاه العملات التي ترتبط بها , دون ضمان النجاح , و هذه تكلفة مقابل اختيار هدف استقرار سعر الصرف.
3 قنوات إبلاغ السياسة النقدية:
تعبر قنات الإبلاغ عن الطريق الذي من خلاله يبلغ أثر أدوات ا لسياسة النقدية إلى الهدف النهائي تبعا
لاختيار الهدف الوسيط. و تنحصر هذه القنوات في أربعة:
سعر الفائدة:
و هي قناة تقليدية لانتقال أثر السياسة النقدية إلى هدف النمو , ذلك أن السياسة النقدية التقييدية تعمل على إرتفاع أسعارالفائدة الإسمية مما يعمل على إرتفاع سعرها الحقيقي و منه ارتفاع سعر تكلفة رأ س المال وهذا ما يؤدي تقليص الطلب على الإستثمار. كما قد يضعف طلب العائلات على السلع المعمد ة, و التحول إلى الإستثمار في العقار مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض الطلب الكلي و منه النمو
سعر الصرف:
تستخدم هذه القنات للتأثير على الصادرات من جهة , و من جهة أخرى تستعمل إلى جانب معدلات الفائدة في استقطاب الاستثمار الأجنبي , و تعود أهمية سعر الصرف إلى أن تأثير تغيره يصل إلى الاقتصاد المحلي من خلال تأثيره على حجم التجارة الخارجية , و على حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي.
أسعار السندات المالية:
و هذه القناة هي تعبيرعن وجهات أنصار المدرسة النقدية في تحليلهم لأثر السياسة النقدية على الاقتصاد ينتقل عبر قناتين: قناة توبين للإستثمار و التي تعتمد على ما يعرف بمؤشر توبين للاستثمار ( العلاقة بين القيمة البورصية للمؤسسات ومخزون رأس المال الصافي ). و قناة أثر الثروة على الإستهلاك. عبر القناة الأو لى: يؤدي انخفاض عرض النقود إلى زيادة نسبة الأوراق المالية و تقليل نسبة الأرصدة النقدية بالمحفظة الاستثمارية لدى الجمهور , مما يؤدي إلى انخفاض ا لإنفاق الخاص على الأوراق المالية, مما يدفع المتعاملين إلى التخلص من الأوراق المالية الزائدة ببيعها مما يؤدي إلى هبوط الأسعار , فينخفض المؤشر وبالتالي ينخفض حجم الاستثمار ومنه يتراجع الناتج المحلي الخام .
عبر القناة الثانية : يؤدي انخفاض عرض النقود إلى انخفاض أسعار الأوراق المالية و التي يؤدي انخفاضها إلى انخفاض قيمة ثروة الجمهور , ومنه الحد من الاستهلاك وبالتالي تراجع الناتج المحلي الخام الا ئتمان :
وتنقسم هذه القناة بدورها إلى قناتين:
الإقراض المصرفي : حيث يؤدي انخفاض العرض النقدي إلى انخف اض حجم الودائع لدى المصارف , ومنه ينخفض حجم الائتمان المصرفي الممكن تقديمه مما يقلل من الاستثمار و بالتالي الحد من النمو .
ميزانية المؤسسات : يؤدي انخفاض عرض النقود إلى الانخفاض في صافي قيمة المؤسسات , و الضمانات التي يمكن للمقترضين تقديمها عند الاقتراض ,ويؤدي ارتفاع سعر الفائدة إلى تخفيض التدفقات النقدية نحو المؤسسات الصغيرة , مما يزيد من مخاطر إقراضها . وهو ما يؤثر على استثمار القطاع الخاص وبالتالي نمو الناتج المحلي الخام
السياسة النقدية في جوهرها هي الاستراتيجية المثلى لتوجيه مسار الوحدات الاقتصادية نحو تحقيق النمو الذاتي المتوازن . وتضطلع بهذه الاستراتيجية السلطات النقدية للدولة والتي تستخدم عدة أدوات لإبلاغ الاتجا ه- انكماشيا كان أو توسعيا - الذي تنتهجه للتأثير على كمية النقود المتداولة لدى الجمهور .
وكل ذلك بغية تحقيق التوازن الاقتصادي على المستوى الكلي عن طريق معالجتها لكل المشاكل المعيقة للنمو والتنمية الاقتصاديين كالبطالة مثلا . وذلك عبر آليات السياسة النقدية .
إتجاهات السياسة النقدية
إن للسياسة النقدية ثلاثة اتجاهات أساسية, وتحديد أيها أنسب للدولة مرهون بالوضعية الاقتصادية لها ؛هذا في الحالة العادية لها . أما في حالة الأزمات فهو يتحدد وفق نوع المشكل و ظروفه المحيطة .
وهذه الإتجاهات تتمثل فيما يلي :
1 الإ تجاه التوسعي:
إن الهدف من هذا الإتجاه هو زيادة النشاط الاقتصادي , لذلك فمن المفروض أن يتجه كل من حجم وسائل الدفع و التغير في قيمة النقود نحو التوسع , وذلك بتشجيع الائتمان وتخفيض معدل الفائدة فيرتفع بذلك حجم الاستثمار مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج و التقليص من حدة البطالة .
2 الإ تجاه الا نكماشي:
إذا لاحظت الدول وجود معدل تضخم كبير وزيادة في المستوى العام للأسعار تقابلها دائما الزيادة في الأجور ,فتسعى السلطات النقدية إلى التقييد من الائتمان و الإقراض في محاولة لتثبيت الأجور و الأسعار
, كما تقوم برفع أسعار الفائدة لتشجيع الأفراد على الإدخار و التقليل من حجم الاستهلاك.
3 الإ تجاه المتعلق بالسياسة النقدية للدول النامية:
تتميز الدول النامية باقتصاديات زراعية ,موسمية وتصدير المواد الأولية إلى الخارج , وعليه يقوم البنك المركزي بزيادة حجم وسائل الدفع عند بدء مرحلة الزراعة ويقلص من حجمها عند مرحلة بيع المحصول بهدف حصر آثار التضخم
وظائف السياسة النقدية و آلياتها
عبر آلياتها , تعمل السياسة النقدية على تنظيم كمية النقود المتوفرة في المجتمع بغرض تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية المتمثلة في تحقيق التنمية الاقتصادية , القضاء على البطالة , تحقيق التوازنات الكبرى , و المحافظة على استقرار الأسعار ...
وظائف السياسة ا لنقدية
إن السياسة النقدية تعمل على التأثير في عرض النقود الذي يتوقف على كميتها من جهة وعلى سرعة دورانها من جهة أخرى , و يمارس البنك المركزي السياسة النقدية بالتنسيق مع المهتمين بالسياسة المالية في الدولة الذين بدورهم يعملون لتحقيق الأهداف التي ترسمها السلطات العليا في الدولة . و نستطيع القول أن مجال السياسة النقدية يكمن في :
محاولة الوصول إلى التوظيف الكامل .
زيادة الدخل القومي الحقيقي عن طريق تحقيق النمو الاقتصادي .
استقرار المستوى العام للأسعار .
إحكام الرقابة على التضخم .
استقرار مستويات الأجور.
المحافظة على القوة الشرائية للنقود , وعلى قيمتها الخارجية عن طريق حماية الرصيد الذهبي الأرصدة القابلة للتحويل .
لكن يجب أن نلاحظ أن الأهداف السابقة تتضارب مع بعضها , فتحقيق العمالة الكاملة يتضارب مع مكافحة التضخم , فقد تجد الحكومة أن المصلحة زيادة العمالة أو رفع الاجور دون أن يقابل ذلك زيادة في الإنتاج , فيترتب على ذلك زيادة الطلب في حين أن مكافحة التضخم تقضي بتخفيض الطلب , كما أن سياسة مكافحة التضخم قد تؤدي إلى الحد من النمو الاقتصادي و زيادة الإنتاج .
ولكي تؤدي السياسات النقدية وظائفها ؛ وتحقق أهدافها فإن الذين يطبقون هذه السياسات يستعملون وسائل وأدوات أهمها :
سعر البنك ( سعر إعادة الخصم ).
السوق المفتوحة.
. نسبة الاحتياطي الإجباري 1
التحولات الجديدة في مجال السياسة النقدية
يعرف العالم حالة من التحول الجذري في السياق الاقتصادي و المؤسساتي منذ بداية الثمانينات و التي كان لها انعكاسها على توجهات السياسة النقدية .
ففي و.م.أمثل تعيين بول فولكر سنة 1979 على رأس الاحتياطي الفدرالي نقطة انعطاف محددة , فلم يعد الأمر ساعتها يتعلق بإدارة معدلات الفائدة , ولكن برؤية نقداوية كان لابد من وضع اليد على التحكم في الكتلة النقدية المتداولة , و في فرنسا أدى صدور القانون البنكي سنة 1984 و الكتاب لأبيض حول تمويل الاقتصاد إلى تغيير عميق في اتجاه زيادة المنافسة بين مؤسسات القرض والتعديل عن طريق السوق .
وفي نفس الوقت أصبحت مسألة إدارة أسعار الصرف تحظى بالأهمية يوما بعد يوم ا نطلاقا من تأسيس النظام النقدي الأوربي وخاصة باعتماد الفرنك القوي في سنة 1982 و 1983 , دعم اختيار المرور إلى العملة الموحدة في أوربا و ظهور معايير التقارب المحددة في إطار إتفاقية ماستريخت سنة 1992 , الأولوية المعطاة للتضخم ولإدارة أسعار الصرف , و با لموازات مع ذلك . شهدت هذه الفترة تزايدا في إضفاء الطابع المالي على الاقتصاد العالمي .
ولفهم ذلك انطلاقا من الحالة الفرنسية نجد أن المعاملات الجارية في ميزان المدفوعات لسنة 1978 تمثلت في حدود 75 % من مجموع التدفقات المسجلة في ميزان المدفوعات ؛ والاستثمارات طويلة المدى 17 % , وفي سنة 1994 لم تعد المعاملات الجارية تمثل أكثر من 23 % من مجموع التدفقات
% في حين مثلت حركة رؤوس الأموال طويلة المدى 74.50 % من المجموع منها 72.70 للاستثمارات بالمحفظة .
ونلاحظ على المستوى العالمي انفجارا للعمليات في سوق الصرف وتزايدا جنونيا لحركة رؤوس الأموال, والذي يمكن أن يفسر من خلال :
التزايد في معاملات الصرف و المعاملات المالية الدولية (في جزء كبير منه).
حركة التفكيك التشريعي في المجاال المالي .
. نمو الإبداعات المالية
ومن هنا فإن السياسة النقدية تجد نفسها في مواجهة العولمة المالية , فإلى غاية بداية الثمانينات (من القرن الماضي) كان القيد الخارجي المؤثر على الدولة يرتبط قبل كل شيء بالرصيد التجاري أو رصيد العمليات الجارية .
أما الآن فإن حركة رؤوس الأموال هي التي تلعب الدور الأساسي في التأ ثير . من حيث تعتبر هذه الحركات لرؤوس الأموال ذات طبيعة تطايرية , و المتعاملون في هذه الأسواق جد حساسين لمصداقية السلطات النقدية و السياسات التي يطبقونها , و يقومون برد فعل عنيف لكل توقع بالتضخم .و بالموازاة مع هذا الانفتاح الاقتصادي على حركة رؤوس الأموال نعايش اليوم تحولا على المستوى الفكري والمفاهيمي . ففي الثلاثين سنة التي أعقبت الحرب العالمية ساد الفكر الكيتري بإقراره لتدخل السلطات العمومية , في حين تميزت فترة الثمانينات و التسعينات بالتأثير المتزايد للأفكار الليبيرالية ,
فأفكار فريدمان ؛ التي انتقدت لمدة طويلة الطابع المقوض للاستقرار الذي يميز التدخلات النشطة , تم توسيعها من قبل منظري التوقعات العقلانية .
فحسب هؤلاء فإن السياسة النقدية النشطة عاجزة عن التأثير على المتغيرات الحقيقية للاقتصاد سواء في المدى الطويل أو في المدى القصير . ومن هنا فإن التطبيق الدائم لسياسة مرتكزة حول محاربة التضخم يمكنها بناء مصداقية السلطة النقدية , هذه المصداقية تم اكتشافها ببطء لكن يمكن فقدا نها بسرعة و بالتالي لا بد من وضع السياسة. النقدية بمنأى عن نتائج التداول السياسي
لا بد أن نشير إلى ظهور الإتحاد النقدي و الاقتصادي و الذي نجم عنه منطق جديد للسياسة النقدية ؛ يتجاوز المنطق السابق المرتكز على نطاق الدولة الواحدة . حيث أن ظهور هذا الإتحاد بعملة جديدة
"الأورو" أدى إلى ظهور السياسة النقدية المشتركة لنظام الأورو , و تهدف هذه السياسة إلى المحافظة على استقرار الأسعار وتدعيم السياسة الاقتصادية العامة للإتحاد الأوربي .
وفي هذا الإطار حدد مجلس محافظي البنوك المركزية تعريفا كميا لاستقرار الأسعار و هو تحقيق زيادة
سنوية في الرقم القياسي لأسعار الاستهلاك في منطقة الأورو لا تتجاوز 2 % علما بأن السياسة النقدية الوطنية تختفي في هذا النظام .
و لتحقيق استراتيجية السياسة النقدية لنظام اليورو , فإن السياسة النقدية ترتكز على عنصرين هما : إسناد دو ر هام للنقود انطلاقا من كون التضخم ظاهرة نقدية . ولهذا وضع مجلس المحافظين ضوابط للتوسع النقدي تصب في إتجاه المحافظة على استقرار الأسعار و السماح بتحقيق معدلات نمو ملائمة في
الإنتاج .
استخدام بعض المؤشرات الاقتصادية و المالية وأبرزها سعر الفائدة طويل المدى , منحنى العائد , الأجور
, تكلفة وحدة العمل و أسعار الواردات . وهذا قصد إجراء تقييم موضوعي أساسه تقدير المخاطر التي تواجه استقرار الأسعار
السياسة ا لنقدية والتوازن الداخلي
لقد أثبتت التجارب العملية نهاية الثلاثينيات عدم حساسية قرارات الاستثمار بالنسبة للتغير في سعر الفائدة . ولذلك فقد يعتمد ألفين هانسن استخدام هذه الحقائق كي ينتقد استخدام السياسة النقدية لإنعاش الاقتصاد القومي . وقد أضاف ساملون إلى أن سعر الفائدة لا يكون له أي تأثير على التكاليف في الأجل القصير كما أنه وفي خلال الأجل الطويل فإن القرارات الاستثمارية تحكمها عوامل أخرى إلى جانب سعر الفائدة في مقدمتها عامل المخاطرة وعدم التأكد، إلا أن ماحدث خلال الخمسينيات و الستينيات يؤكد فعلا على أهمية ميكانيكية النقود سعر الفائدة الاستثمارات , ومدى ارتباطها بالأسعار النسبية ( معدل العائد ) وأيضا علاقتها بنموذج اختيار حافظ ة الأوراق المالية , وهذا ما أعاد إلى الأذهان النظرية النقدية وأ يضا بلور أهمية السياسة النقدية للتوسع أو لتقييد الائتمان و أيضا لتحديد كمية النقود فضلا عن استخدامها للحد من الآثار التضخمية و لتحريك الأنشطة الاقتصادي ة على مستوى الاستثمارات و أيضا أدت إلى زيادة قوة الدولار العالمية , فضلا عن استخدام ألمانيا وفرنسا زيادة كمية النقود لتحريك الأنشطة الاقتصادية , فزاد
. الإصدار النقدي إلى مستوى أصبح يخشى فيه من التضخم
ميكانيكية السياسة النقدية
مما لا شك فيه أن أدوات السياسة النقدية تمكن من التدخل في ميكانيكية السوق النقدي و التأثير عليها وذلك بغرض تحقيق أهدافها .
إن التطورات الاقتصادية أدت إلى فاعلية ميكانيكية النقود سعر الفائدة الاستثمار و أهميتها ومدى ارتباطها بالأسعار النسبية (معدل العائد) و أيضا علاقتها بنموذج اختيار حافظة الأوراق المالية بالنسبة للوسطاء الاقتصاديين و هذا ما أعاد إلى الأذهان النظرية النقدية و أيضا بلور أهمية السياسة النقدية في التأثير على المتغيرات الاقتصادية المختلفة .
فمن المعروف أن أدوات السياسة النقدية هي الأسلحة التي تمكن السلطات النقدية من التدخل على مستوى السوق النقدي سواء لزيادة السيولة أو لتحديديها وذلك حسب الهدف المرجو من التدخل فتحديد سعر الفائدة على مستوى السوق النقدي كون له أكبر الاثر على حجم الإقتراض فعلى سبيل المثال نجد أن ارتفاع سعر الفائدة عن المعدل المناسب قد يؤدي إلى إحجام المشروعات والمقترضين على زيادة طلبهم على الإقتراض , حيث أن رفع سعر الفائدة للجهاز المصرفي سوف يجعل الإقتراض مكلف للغاية بالنسبة للمشروعات و للأفراد أيضا , إلا أن الا مر يختلف لو كان هذا الإرتفاع نتيجة للتضخم وارتفاع المستوى العام للأسعار .
مع هذه الحالة سوف يجد المنتجون و المنظمون في ارتفاع الأسعار و ازدياد الطلب ما يعوضهم عن ارتفاع سعر الفائدة بالتالي يستمر طلبهم على الإقتراض , فهم يقدرون جيدا ارتفاع تكاليفهم بالنسبة للأسعار, فارتفاع سعر الفائدة قد يكون عاملا للإسراع في التضخم و ليس عاملا لتخفيض حدته .
فبإحجامهم عن الإقتراض بسبب ارتفاع معدلات الفائدة تقيد الاستثمارات ويقل حجم الإنتاج في الوقت الذي يزيد فيه الطلب وهنا يزيد التضخم , ومن ناحية أخرى فإن الأموال تتجه نحو استثمارات المضاربة على البناء و العقارات ...إلخ . وذلك بغرض تحقيق الربح حتى ولو لم تنطوي على زيادة الإنتاج و الإنتاجية , ما يضر بالاستثمارات المنتجة التي قد تلبي تزايد الطلب فنجد أن سياسة سعر الفائدة يمكن استخدامها كأداة للتدخل في فترات التضخم وذلك لتوجيه الاستثمارات غير المنتجة بدرجة أكبر من سعر الفائدة على الأنشطة الإنتاجية. و جدير بالذكر أن و . م , أ قد اتبعت سياسة رفع سعر الفائدة كعلاج لنقص حجم الاستثمارات , و السياسة استطاعت التأ ثير على مستوى الاستثمارات المطلوبة بغرض زيادة تشغيل طاقاتها الإنتاجية وتخفيف مشكلة البطالة وقد نجحت هذه السياسة كأداة لتصحيح الإختلالات التي حدثت في الاقتصاد الأمريكي , بعدما عجزت السلطات النقدية عن السيطرة على التوسع النقدي , ولذا فقد لجأت السلطات النقدية إلى رفع سعر الفائدة الحقيقي بدرجة تغري المدخر على زيادة مدخراته. وقد كان من نتيجة ذلك تدفق رؤوس الأموال إلى و. م . أ وهذا أدى إلى زيادة قدرة البنوك على تمويل الاستثمارات المختلفة (داخليا وخارجيا ) وقد استخدمت و. م . أ هذا السلاح لمعالجة حالة الركود النسبي الذي كان يعاني منه الاقتصاد الأمريكي , وهذا يؤدي إلى الرأي القائل بأن انخفاض سعر الفائدة في فترات الركود لا يكون دائما وسيلة فعالة لزيادة حجم الاستثمارات , حيث أن حالة الركود نفسها تتطلب درجة عالية من التفاؤل تدفع المشروعات إلى الإقتراض و التوسيع في أنشطتهم حتى ولو كانت تكلفة الإقتراض منخفضة , فهنا تكون درجة الخطر وعدم التأكد مرتفعة , و لكي تغري هؤلاء على الإقتراض لابد أن تخفض في سعر الفائدة إلى أدنى حد له أين يحجم المدخرين عن زيادة مدخراتهم .
وهنا نجد انخفاض أسعار الفائدة لا يفيد إلا في حالة زيادة الاستهلاك ؛ أو شراء الأراضي و العقارا ت, و هذا أمر لا يساعد على تحريك الأنشطة الاقتصادية بالقدر الذي يخرج الاقتصاد القومي من أزمته .
نخلص من هنا أن سياسة سعر الصرف كسلاح نقدي يمكن استخدامه بطريقة تفاعلية أكثر ؛ في حالة الرواج الاقتصادي وزيادة الطلب وزيادة فرص الاستثمار , لأنه كلما كان هناك احتمال في زيادة الرغبة و انخفاض عامل المخاطرة كلما زاد الطلب على الإقتراض , وهنا نجد أن سياسة سعر الفائدة توجه في هذا الإتجاه و تستخدم لتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات المرغوب فيها , و تستخدم كأداة لإمتصاص فائض القوة الشرائية من سوق السلع , أي يجب أن تكون مغرية من وجهة نظر المستهلك بالدرجة التي تجعله يتخلى عن توجيه الزيادة في دخله نحو الاستهلاك دون أن تكون مرهقة جدا للمستثمر كما تستطيع السلطات النقدية التدخل في ميكانيزم السوق النقدي من خلال أدوات أخرى غير سعر الفائدة مثلما هو الحال بالنسبة لسياسة السوق المفتوح وهذه الوسيلة تضمن مستوى سيولة هذا السوق و أيضا ثمن هذه السيولة . فبالنسبة لمستوى أو لدرجة سيولة السوق فقد يتحدد طبقا لما يقوم به البنك المركزي من بيع و شراء حيث يترتب على ذلك زيادة النقود الائتمانية المتداولة (كأثر للشراء ) أو تخفيض حجم هذه النقود (كأثر للبيع ) و بوجه آخر يمكن القول أنه عن طريق هذه الأداة غير المباشرة للتدخل النقدي , تستطيع البنوك التجارية التوسيع أو التقييد في منح الائتمان . إلا أن الواقع العملي يؤكد لنا أن البنوك المركزية عادة لا تستخدم أسلوب بيع الأوراق المالية التي في حافظتها للبنوك التجارية , و ذلك بغرض تخفيض درجة سيولة السوق و ذلك لاقتناع البنوك المركزية التام بحاجة البنوك التجارية للسيولة , لذا فإن البنوك المركزية دائما تلجأ إلى أسلوب الشراء حتى توفر للبنوك التجارية القدر المطلوب من هذه السيولة و بذلك تكون البنوك المركزية بمثابة عامل الحقن للسوق النقدي بالسيولة في الأوقات المناسبة والمتطلبة لذلك
فيما يتعلق بثمن السيولة فإن تدخل البنك المركزي في ميكانيزم السوق النقدي قد يعدل من سعر توازن هذه السوق . فعلى سبيل المثال : نجد أن بيع الاوراق المالية قد يؤدي إلى رفع سعرالسيولة , بينما نجد أن شراء هذه الأوراق يخفض سعرها . و إذا كان السوق النقدي قد وصل إلى نقطة التوازن بين العرض والطلب في خلال فترة معينة , فإن تدخل البنك المركزي سوف يغير الوضع التوازني بدخول عمليات جديدة كل يوم أو كل أسبوع و أن البنوك سوف تحتاج إلى حجم أكبر من السيولة مما يؤثر في سعرها .
ومن هذا المنطلق تتدخل السلطات النقدية البنك المركزي بطريقة مباشرة لرفع الاحتياطات القانونية للبنوك التجارية وذلك لتخفيض احتياجاتهم السائلة و تقييم استخدامها للنقود المصرفية (الداخلية) و مضاعفة ظاهرة التحويل الداخلية بين هذه البنوك التجارية التي تلجأ إلى إعادة تمويل احتياجاتهم , بمعنى بيع جزء من الأوراق المالية التي في حوزتها , و الذي يعكس لنا تضخم في الأرصد ة. الدائنة للحسابات ا لجارية لكل بنك لدى البنك المركزي. و هذا التضخم سوف يكون مكلفا لهذا البنك , من حيث أنه احتجاز إجباري لجزء من السيولة المتاحة للبنك دون أن يكون ذلك مصحوبا بعائد , في حين أن ذلك يؤدي إلى السماح لها بالاستفادة من هذه السيولة و أن تخصم من عوائدها. و هذه الاحتياطات تغير دائما طبقا لأهداف السيا سة النقدية . و على أي حال هذا الاحتياطي الإلزامي للبنوك التجارية يعد بمثابة زيادة مصطنعة لحاجة هذه البنوك المركزية (نقود قانونية) و أن أثر زيادة الاحتياطات الإجبارية يكون مماثل لأثر زيادة حاجتها للنقود , و على هذا يجب على البنوك التجارية أن تحد هذه الآثا ر عن طريق البنك المركزي أو السوق النقدية ؛ إما بغرض تمويل حسابا ا أو بغرض مقابلة احتياجات عملائها . و بذلك نجد أن نظام الاحتياطات القانونية كأداة من أدوات السياسة النقدية يجعل البنوك التجارية في حالة خضوع تام و مستمر للبنك المركزي.
وفي الحقيقة إذا أصبح معدل الاحتياطي القانوني عرضة للتغيير المستمر فإن هذا يجعل الأمر في غاية
الصعوبة بالنسبة للبنك المركزي , إذ يصعب عليه تعديل مستوى هذه الاحتياطات باستمرار . فضلا عن
تأثير ذلك على سيولة البنوك وعدم استقرارها . أما بالنسبة لسعر الفائدة كأداة للسياسة النقدية ف قد فقدت الكثير من فاعليتها نظرا لمحدودية دورها في التمويل حاليا .و عادة ما يلجأ البنك المركزي لتقييد هذه الأداة وذلك لتقليل إلتجاء البنوك التجارية إليها لطلب سيولة إضافية , و هنا يكون بمقدور البنك المركزي أن يوجه الإتمان بالموافقة على ذلك أو الرفض الذي يستخدمه كسلاح حتى لا يغرق الجهاز المصرفي في السيولة
* أثر الإصدار النقدي على السيولة :
من المؤكد هنا أن السياسة النقدية لا تساهم وحدها في تحديد مستوى السيولة , بل هناك عوامل أخرى تشترك معها في ذلك : الخزينة العامة و القطاع الخارجي , فبالنسبة للخز ينة العانة لا يمكن أن نتجاهل أن البنك المركزي و هو بنك الدولة و المسؤول عن حسابات الخزينة العامة , يقوم بإجراء العديد من العمليات الخاصة بالدولة ( قروض , سلف للقطاع العام ), عادة ما يحاول تغطية العجز في الموازنة العامة عن طريق زيادة الإصدار النقدي ( دون مقابلات) , و عادة ما يكون استخدام هذه النقود داخل في دائرة تعامل الخزينة العمومي.
* أثر التعامل الخارجي على السيولة:
إن زيادة تسرب النقد خارج الجهاز المصرفى قد يزيد من حدة الظغوط التضخمية , و هذا قد يستتبعه بالفعل زيادة التسرب إلى الخارج إما في صورة زيادة الواردات أو في زيادة الطلب على العملات الأجنبية بصفتها قيم محمية من التضخم , و هذه الصورة تعتبر من السمات المميزة للاقتصاديات النامية .
إلا أن الوضع يختلف في الدول المتقدمة و التي تميل معدلات التبادل الدولي في صالحها . حيث أن زيادة الصادرات إلى الخا رج من شأنها زيادة دخول المصدرين في صورة عملات أجنبية , و هؤلاء المصدرين عادة ما يحتفظون بحصيلة صادراتهم في البنوك وهذه البنوك عادة ما تحول العملات الأجنبية إلى عملة وطنية , و عكس هذه العملية يحدث بالنسبة للمستوردين الذين يسددون قيمة الواردات بالعملة الوطن ية للبنوك ؛ و هذه البنوك تقوم بتحويل العملة الوطنية إلى عملة أجنبية لتغطية عمليات الإستيراد . و إذا نظرنا إلى هاتين العملتين لوجدنا أن:
هناك عملية خلق للنقود المصرفية في كلا مرة تقع فيها عمليات التصير هذه النقود المصرفية تمثل مزيدا من السيولة الجديدة التي تدخل في دائرة التعامل بين البنوك وقد تؤدي هذه العمليات إلى تقييد قدرة البنك المكزي على إحكام الرقابة على السيولة , إلا أنه في إستطاعته عدم استبدال النقود المصرفية بالعملات الصعبة المتحصل عليه ا. وهذا يكون ممكنا فقط في حالة ما إذا كانت المشروعات التصديرية لا تحتاج لهذه النقود بل تريد الاحتفاظ بها.
و تجدر الاشارة إلى أن البنك المركزي و لامتصاص جزء من فائض السيولة من البنوك يقوم برفع نسبة الاحتياطي القانوني و كذا يقوم بامتصاص الجزء الباقي عن طريق سياسة السوق المفتوحة . و إذا كان طالبي الائتمان من المشروعات و الأفراد سوف يضغطون على البنوك للحصول على الائتمان بأي سعر فإن الطلب على السيولة على مستوى السوق النقدي سوف يتزايد بحد كبير و أن العرض المقابل له سوف يؤدي إلى ارتفاع سعر السوق النقدي .
بالمقابل سوف يقبل البنك المركزي الذي يهدف إلى إمتصاص الكتلة النقدية الإضافية بدفع سعر أعلى لهذه السيولة , و هنا الضغط على الطلب سوف يتزايد وإن سعر السوق النقدي سوف يرتفع أكثر , و هنا لو كان هناك بعض المواطنين أو الأجانب يملكون رؤوس أموال في صورة عملات اجنبية و يرغبون في
استثمارها عند سعر فائدة مرتفع للغاية , فإنهم سوف تكون أمامهم فرصة سانحة لاستثمار هذه الأموال في الدول التي تمنحهم أعلى معدل فائدة ممكن و هذا ما حدث في و . م . أ وأدى إلى زيادة إتجاه رؤوس الأموال إليها مما أضفى مزيدا من السيادة على الدولار الأمريكي . حيث أن العملات الأجنبية سوف تتدفق على هذه الدولة التي يرتفع فيها سعر السوق النقدي , و هذا سوف يزيد من قدرة البنوك على عرض مزيد من النقود المصرفية في مقابل العملات الأجنبية التي في حوزتها , ففي هذه الحالة يستطيع البنك المركزي أن يزيد طلبه ويقبل أن يدفع سعر أعل ى للسيولة كما أن استمرار هذا الوضع سوف يؤدي إلى تدفق مزيد من العملات الأجنبية و أن العملية سوف تتطلب من البنك المركزي التدخل السريع من جديد لامتصاص فائض السيولة
السياسة ا لنقدية في مواجهة التضخم و البطالة
تعد السياسة النقدية من أهم الأدوات الخاصة بتحقيق الاستقرار والتوازن الاقتصادي العام , فهي تعالج بشكل رئيسي مشكلة التضخم إضافة إلى البطالة , وذلك بدفع عجلة الاستثمار قدما لزيادة التشغيل للقضاء على البطالة , فضلا عن زيادة الإنتاج والدخول الحقيقية .
ماهية التضخم و أسبابه
تعريف التضخم :
أكثر التعاريف انتشارا : " الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار و الذي هو عبارة عن متوسط
الأسعار النقدية لعدد كبير من السلع والخدمات داخل الاقتصاد وذلك في لحظة معينة من الزمن " أي أن"مظهره العام يتمثل في الانخفاض المستمر للقيمة الحقيقية لوحدة النقد . هذه القيمة التي تقاس بالمتوسط العام لمختلف السلع و الخدمات الممكن شراؤها بهذه الوحدة .
هذه الكمية من السلع والخدمات تقل بارتفاع أثمانها و تزيد بارتفاع هذه الأثمان , و من هنا فإن هناك تناسبا عكسيا بين القوة الشرائية لوحدة النقد و بين المستوى العام للأسعار , غيرأن الارتفاع المتواصل في الأسعار لا يعني بالضرورة ارتفاع تضخمي , فقد يكون سبب الارتفاع هو الانخفاض المفاجيء في العرض الكلي للإنتاج . كتعرض الإنتاج الزراعي في بلد يعتمد على الزراعة للجفاف لعدة سنوات متتالية , فالارتفاع المتواصل هنا لا تعتبر تضخميا , لأنه ناتج عن إتجاه جهاز الثمن لتحقيق التوازن المتناقص للإنتاج و الطلب عليه ".
و هناك عدة تعاريف للتضخم تصب كلها في المظهر العام له :
عرفه بيرو : " التضخم هو ازدياد النقد الجاهز دون زيادة السلع والخدمات " .
عرفه كورتير :" التضخم هو الحالةالتي تأخذ فيها قيمة النقود بالانخفاض عندما تأخذ الاسعار بالارتفاع
عرفه ليرنر : "التضخم هو زيادة الطلب على العرض ".
عرفه مارشال : "التضخم هو الارتفاع المستمر في الاسعار " .
عرفه بيجو : " تتوفر حالة التضخم عندما تصبح الزيا دات في الدخل النقدي أكبر من الزيادات في كميات
الإنتاج المحققة بواسطة عناصر الإنتاج " .
عرفه قمف : "ازدياد وسائل الدفع المستعملة بصورة غير عادية بالنسبة لكمية البضائع و الخدمات المعروضة على المشترين خلال مدة معينة "
2 أنواع التضخم :
هناك منظوران للتمييز بين أنواع التضخم باعتباره التغير في المستوى العام للأسعار , و هما : معدل التغير في المستوى العام للأسعار , و سبب التغير في الأسعار ؛ و نعتمد فقط على المنظور الأول كمعيار للتقسيم .
التضخم السريع أو الجامح :
و في ظل هذا النوع من التضخم يتعرض الاقتصاد القومي إلى موجات سريعة و مستمرة من الارتفاع
الجاد في المستوى العام للأسعار ,و يمثل الاقتصاد الألماني في أعقاب الحرب العالمية الأولى نموذجا صارخا لهذا النوع ففي ذلك الوقت شهد المجتمع الألماني ارتفاعا هائلا في المستوى العام للأسعار, فقد كانت أسعار السلع و الخدمات تتصاعد بشكل جنوني بين ساعة و أخرى مما دفع أفراد هذا المجتمع إلى التكالب على إنفاق دخولهم في أسرع وقت حتى يتجنبوا انخفاض قوتها الشرائية , وقد أدى التضخم خلال هذه الفترة إلى انخفاض القوة الشرائية للمارك الألماني بشكل خيالي . لذا نجد الشعب والحكومة الألمانية أكثر حساسية و اهتماما بظاهرة التضخم من شعوب وحكومات الدول الأخرى .
التضخم البطيء أو الزاحف :
في ظل هذا النوع من التضخم يزيد معدل التغير في الأسعار ببطء شديد غير ملموس , و ترتفع أسعار السلع و الخدمات تدر يجيا و بمعدلات منخفضة ,و عادة ما ينشأ التضخم البطيء في أعقاب خروج النشاط الاقتصادي من مرحلة الكساد , و تتزايد معدلات الأسعار كلما إتجه النشاط الاقتصادي إلى الانتقال إلى مرحلة الرواج أو التوسع . و الملاحظ أن التضخم البطيء أقل ضررا من النوع الأول .
التضخم المكبوت أو المقيد :
الخاصية الأساسية للتضخم المكبوت هي عدم مصاحبته لارتفاع مستمر في المستوى العام للأسعار , و يرجع ذلك لاتخاذ الحكومات مجموعة من الإجراءات تمنع ظهور الارتفاع في أسعار السلع و الخدمات , مثل فرض الأسعارالإلزامية على عملية الشرا ء والبيع , تجميد مستويات الأجور , الإشراف على بيع السلع بأسعار تقل عن أسعارها السوقية , منح الإعانات لمشروعات لتغطية جزء من نفقات الإنتاج وما شابه , ورغم عدم تغير المستوى العام للأسعار فإنه يقال أن هناك تضخما مكبوتا لأنه سيحول إلى تضخم سافر عند توقف الحكومة عن مثل هذه الإجراءات
أهم النظريات المفسرة للتضخم :
تختلف النظريات النقدية في تفسيرها لمصدر القوى التضخمية الدافعة لارتفاع الأسعار المتواصل , و للتعرف على المصادر المختلفة للقوى التضخمية , نتعرض لمختلف النطريات النقدية التي حاولت إعطاء
تفسير مقنع عن التضخم :
النظرية النقدية التقليدية لتفسير التضخم :
يرى أنصار النظرية الكمية أن الزيادة في كمية النقد المتداول في السوق هي سبب ظهور البوادر التضخمية . بمعنى آخر كلما طرحت في السوق كمية من النقود المتداولة كلما ارتفعت الأسعار التي تنم عن حصول ظاهرة تضخمية في المجتمع . غير أن العلاقة بين كمية النقود و المستوى العام للأسعار التي تضمنها هذه النظرية ليست بالبساطة التي يتصورها , فقد ترتفع الأسعار لأسباب لا علاقة لزيادة كمية النقودد بها.
ذلك أن أزمة الكساد ( 1929 1933 ) أثبتت عدم صحة هذا التحليل للتضخم إذ لم تؤدي زيادة كمية النقد الذي أصدرته الحكومة لارتفاع الأسعار , بسبب زيادة لتفضيل النقدي للأفراد . و رغم هذه الانتقادات فإن هذه النظرية استطاعت أن تفسر الارتفاع التضخمي في الأسعار تحت ظروف معينة يتحقق فيها قدر كبير من افتراضاتها .
النظرية الكيترية لتفسير التضخم :
يمكن أن نسمي نظرية التضخم الكيترية بنظرية فائض القيمة حيث أثار كيتر في نظريته العامة أن النظرية النقدية فشلت في تشخيص أسباب الكساد , كما رفض الأفكار الأساسية للتحليل الكلاسيكي , فعند كيتر يتحدد المستوى التوازني عند تقاطع منحنى الطلب الكلي مع منحنى العرض الكلي أي بالطلب الكلي الفعال , و يتميز التحليل الكيتري في تفسيره للتضخم بمرحلتين أساسيتين :
المرحلة الأولى :لاتكون فيها كل الموارد الإنتاجية للاقتصاد الرأسمالي الصناعي مستغلة في هذه الح الة عند زيادة الإنفاق الوطني بزيادة إنفاق الحكومة مثلا : فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة الدخول , و بالتالي يزيد الإنفاق على الاستهلاك أي يزيد الطلب الكلي , فينعكس ذلك على زيادة الإنتاج مما يسبب ارتفاعا بسيطا في الأسعار , لأن فائض الطلب يمتصه التوظيف و الإنتاج . غير أنها مع زيادة الإنفاق يتجه الاقتصاد الوطني إلى التشغيل التام بحيث لايقابل فائض الطلب زيادة في الإنتاج , حينها تبدأ الإتجاهات التضخمية في الظهور , و هذا التضخم هو التضخم الجزئي يظهر قبل الوصول إلى مستوى التشغيل الكامل , و السبب هو عجز بعض عناصر الإنتا ج عن مواجهة الطلب المتزايد عليها , و ضغوط نقابات العمال على أصحاب الأعمال لرفع الأجور , وكذا الممارسات الاحتكارية لبعض المنتجين , و هذا التضخم لا يثير المخاوف لأنه يحفز على زيادة الإنتاج بسبب ارتفاع الأرباح.
المرحلة الثانية: و هي مرحلة التشغيل التام حيث تكون الطاقات الإنتاجية قد وصلت إلى أقصى حد من تشغيلها.فإذا افترضنا أي زيادة في الطلب الكلي لا تنجح في إحداث أي زيادة في الإنتاج أو العرض الكلي
للسلع والخدمات , حيث تكون مرونة العرض الكلي لاتنجح في إحداث أي زيادة في الإنتاج أو العرض الكلي في السلع و الخدمات , حيث تكون مرونة العرض الكلي بلغت صفرا
و يسمى الفرق بين الطلب الكلي والناتج الوطني لفائض الطلب الذي ينعكس على ارتفاع الأسعار , و من الملاحظ أن الارتفاع في الأسعار سيستمر باستمرار وجود فائض الطلب (القوة التضخمية) و يسمي كيتر هذا التضخم " التضخم البحت " , و في تقييم للتحليل الكيتري للتضخم فإنه يعبر أكثر عن الدول الرأسمالية الصناعية التي تتميز بقطاع صناعي ضخم و أسواق عالية الكفاءة , و هذا ما يخلق فائضا إنتاجيا. ورغم ذلك فإن هذه النظرية تلقي الضوء على الإختلال بين قوى الطلب الكلي و قوى العرض الكلي و هو أمر مهم للبلدان النامية و المتقدمة .
النظرية المعاصرة لتفسير التضخم :
أعادت مدرسة شيكاغو بزعامة ميلتون فريدمان النظرية الكمية إلى الحياة في صورة جديدة , و انتشار هذه النظرية في الواقع لا يرجع فقط إلى مساهمات فريدمان في هذه الصياغة الجديدة بل أيضا إلى المناخ الاقتصادي الذي ساد اقتصاديات الدول الرأسمالية في السبعينيات , و خاصة انتشار ظاهرة التضخم الركودي حيث صاحب الارتفاع المتواصل للأسعار تزايد معدلات البطالة , ما يثبت عجز سياسات مكافحة التضخم التي تنصح بها النظرية الكيترية , و هي الظروف التي نشأت فيها النظرية , هذه النظرية التي تنظر إلى التضخم على أنه ظاهرة نقدية , و أن مصدره هو نمو كمية النقود بسرعة أكبر من نمو الإنتاج , حيث تقوم نظرية فريدمان على مبدأين :
المؤثر في المستوى العام للأسعار هو تطور التغير في النسبة بين كمية ال نقود , و ليس مجرد تطور كمية النقود .
التغير الذي يطرأ على سرعة دوران النقود أو التفضيل النقدي كمعبر عن الأرصدة النقدية التي يرغب الأفراد الاحتفاظ بها من دخولهم النقدية .
يتصور فريدمان أن التغير في كمية النقود يدعمه تغير في سرعة دورانها في نفس الإتجاه , و ينعكس
إجمالي أثر التغير في كمية النقود و سرعة دورا نها في إحداث تغير في كل من الناتج الوطني و الأسعار بنسب متفاوتة.
و نخلص من هذا أن مصدر الارتفاع التضخمي في النظرية المعاصرة لكمية النقود , يرجع إلى زيادة الرصيد النقدي في المجتمع عن " الحجم الأمثل " الذي يحقق الاستقرار في المستوى العام للأسعار.
إن المعدل الأمثل للتغير في كمية النقود هو ذلك المعدل الذي يقابل التغير في كل من الناتج الوطني والتغير في سرعة دوران النقود
ففرضية فريدمان تقول أن الحركات الصعودية في مستوى الأسعار هي ظاهرة نقدية فقط لو كانت الحركة الصعودية عملية مستمرة , وهذا مايتفق فيه الاقتصاديون سواء نقديين أو كيتريين على فرضية فريدمان
أسباب التضخم:
بمقتضى التحليل الكيتري فإن الطلب الكلي الفعال يعتبر عاملا رئيسيا في تحديد مستويات العمالة , الدخل و الإنتاج ؛ فالتغيرات في مستويات ا لإنتاج , الاستهلاك , الاستثمار و الإدخار تعتمد بصفة رئيسية على التغيرات في مستويات الطلب الكلي الفعال.
و في حالة التضخم يعبر عن الخلل في التوازن بارتفاع الطلب الكلي عن العرض الكلي , أو بانخفاض العرض الكلي عن مستوى التشغيل الكامل , و يمكن البحث في هذه الحالة في مجموع العوامل الدافعة للطلب الكلي الفعال نحو الارتفاع ؛ وكذا في مجموع العوامل الدافعة للعرض الكلي نحو الانخفاض .
العوامل الدافعة بالطلب الكلي إلى الارتفاع :
يمكن إرجاع تلك الدوافع إلى ما يلي :
زيادة الإنفاق الاستهلاكي و الاستثماري :
إن النظريات الخاصة بالتوازن و الخاصة بالعرض والطلب الكلي و جهاز الأثمان تفترض اقتران الخلل في التوازن بالزيادة في الإنفاق الكلي عند مستوى التشغيل الكامل , و يتمثل في زيادة الطلب الكلي عن العرض الكلي , و عند هذا المستوى يحدث التضخم , والمتمثل في الزيادة في الإنفاق الكلي التي لا تقابلها
زيادة مماثلة في المنتجات و السلع المعروضة , على فرض الوصول إلى حجم التشغيل الكامل , و بالتالي فإن حجم الإنفاق الكلي هو الحاسم كسبب من أسباب التضخم
التوسع في فتح الاعتمادات من قبل المصارف :
إن توسع البنوك التجارية في منح الائتمان و الاعتمادات , يعتبر عاملا مهما في تزويد الأسواق بمبالغ نقدية كبيرة , فقد ترغب الدولة في تنشيط الأعمال العامة و زيادة الإنتاج , فتشجيع المصارف على فتح عمليات الائتمان بوسائلها المعروفة كتخفيض سعر الفائدة فيزيد إقبال رجال الأعمال على الاستثمار و هذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ظاهرة تضخمية كان سببها الأول الاعتمادات التي فتحتها المصارف للمنتجين .
العجز في الميزانية :
تعتبر هذه الطريقة سهلة تلجأ إليها الحكومات و الدول من أجل تمويل م شروعاتها الإنتاجية و تشغيل العناصر الإنتاجية المعطلة في المجتمع. و العجز في الميزانية لا يحدث صدفة بقدر ما تتعمد الدول إحداثه , لتمويل خطط تمويلية تنوي الحكومة القيام بها , فتلجأ إلى توفير النفقات الضرورية اللازمة لها بوسائل كثيرة , و يقصد بإحداث عجز الميزانية زيادة النفقات العامة عن الإيرادات العامة بالقدر الذي تقترضه الحكومة من البنك المركزي .
و إن عجز الميزانية هو وسيلة متعمدة تلجأ إليها الحكومة , و هي على علم بآثارها السيئة , و من قبيل الافتراض أن ذلك في سبيل إنعاش الحركة الاقتصادية و توفير رواج الأشغال و تنفيذ برامجها المدنية و العسكرية هذا في حالة ما قبل مستوى التشغيل الكامل . أما إذا كانت جميع العناصر الإنتاجية مشتغلة فإن النفقات العامة في هذه الحالة لا تجد لها منفذا سليما و تكون في هذه الحالة سببا في ارتفاع الأسعار , والتي كانت كنتيجة لعدم التوازن مابين فيض النقد المتداول المتمثل في ازدياد الإنفاق العام , والمعروض السلعي.
تمويل العمليات الحربية :
تعتبر الحروب من الأسباب المنشيئة للتضخم لما يتخللها من نفقات عامة كبيرة , ففي هذه الحالة إذا
ما رأت الدولة أن قدرتها المالية قد ضعفت , تلجأ إلى أقرب الموارد وهي آلة الإصدار لتمدها بالمال اللازم . و الحقيقة أن الحاجة إلى المال تبدأ قبل اندلاع الحرب للاستعداد لها , و أثناء الحرب لتيسير أمور البلاد , و كذلك ما بعد الحرب لمعالجة ما خلفته الحرب من ويلات تنصب معظمها على الاقتصاد .
الارتفاع في معدلات الأجور :
السبب المباشر و الفعال في ارتفاع معدلات الأجور ونفقات المعيشة , يكمن في صلب الأنظمة الرأسمالية التي تسمح بحرية النقابة العمالية و إعطائها حق الإضراب تبريرا لتحقيق مطالبهم في رفع الأجور. فزيادة الأجور ترفع من حدة ال تكاليف الإنتاجية مما يخفض من معدلات الأرباح عند مستوى التشغيل الكامل , و يمكن تجاوز هذه المشكلة باقتراح الحكومة للحلول التالية :
الإتفاق مع الإحادات العمالية على عدم المطالبة بزيادة الأجور لفترة معينة .
الإتفاق مع الإتحادات العمالية على عدم المطالبة بز يادة في الأجور بنسبة تتعادل مع نسبة الزيادة في
. إنتاجيتهم محافظة على استقرار ولو نسبي في الأسعار
التوقعات و الأوضاع النفسية :
قد يرجع الارتفاع في الطلب الكلي الفعال إلى عوامل نفسية و تقديرية أكثر منها عوامل اقتصادية , فكثيرا ما يكون لل حالات النفسية للأفراد الأثر الكبير في نشوء بعض الظواهر التضخمية و لعل أفضل الحالات التي يكون فيها للظروف النفسية آثارها الفعالة في فترات الحروب حيث تكون الظروف مهيأة لتقبل الأقاويل و التنبؤات بارتفاع الأسعار مستقبلا , الذي يزيد من حركة النشاط و الانتعاش , و في قطاع الاستثمار يترتب على التنبؤ بارتفاع الأسعار , إقدام المنتجين على تجنيد أصولهم الحالية للحصول على معدلات أكبر من الأرباح , فترتفع الكفاية الحدية لرأس المال المستثمر , مما يزيد من حدة ارتفاع الطلب الكلي الفعال و ليس عند التنبؤ بانخفاض الأسعار .
آثار التضخم و كيفية معالجته
آثار التضخم :
ينتج عن التضخم آثار بالغة الأهمية على مستوى التشغيل و الإنتاج في الاقتصاد إضافة إلى ذلك أنه يؤدي إلى إعادة توزيع الدخل الحقيقي و الثروة بين أفراد المجتمع و هو من العوامل التي تقلص الثقة في المستقبل , إذ أن الارتفاعات الميوالية في مؤشر الأسعار (التضخم) يمكن أن نستخلص منها استنتاجات عديدة غير مشجعة , فالاقتصاد الذي يتميز بموجات تضخمية هو اقتصاد يتميز بهشاشة الوضع النقدي , و يقلص هذا الأمر من احتمال أخذ قرارات بعيدة المدى على أساس وضع غير مستقر
إعادة توزيع الدخل :
خلال فترة التضخم يتوالى ارتفاع الدخل النقدي بشكل مستمر و بمعدلات تفوق ارتفاع الدخل الحقيقي , و كلما قارب مستوى توظيف عناصر الإنتاج مستوى التوظيف الكامل , كلما تضاءل معدل نمو الدخل الحقيقي إلى أقصى مستوى ممكن له , و لايمكن زيادة إلا في الأجل الطويل . و يصنف هؤلاء المتأثرون بالتضخم حسب :
أصحاب الدخول .
أصحاب المرتبات و الأجور .
. أصحاب المشروعات 1
إعادة توزيع الثروة:
إن التغير في ملكية الثروة يرتبط ارتباطا وثيقا بالتغيرات في الدخول الحقيقية , فملاك الثروات إذا ما انخفضت دخولهم الحقيقية خلال عمليات التضخم سيلجؤون إلى التصرف في ثرواتهم بالبيع وذلك بغية المحافظة على مستوى معين من الاستهلاك اعتادوا عليه . فأصحاب الأراضي و العقارات ما يشجعهم على البيع هو ارتفاع القيمة النقدية لهذه الأصول بمعدلات تفوق معدلات الارتفاع العام في الأسعار , وهذا ما يعرف بإعادة توزيع الثروات على المجتمع . و حتى عمليات القروض تتأثر بالتضخم .
آثار التضخم على النشاط الإقتصادي:
تؤدي إعادة توزيع الدخل الحقيقي و الثروة إلى زيادتهما لفئة و انخفاضهما لفئة أخرى , و هو ما ينجم عنه آثار بعيدة المدى على النشاط الاقتصادي إضافة إلى الآثار المباشرة التي يحدثها على الاقتصاد .
إذا كان الاقتصاد في مرحلة قريبة من مستوى التوظيف الكامل فإن زيادة الطلب الكلي و ارتفاع الأسعار يمكن أن يؤديا إلى زيادة الإنتاج لكن بمعدلات منخفظة , وكلما اقترب الاقتصاد من مستوى التشغيل الكامل كلما اقتربت مرونة الانتاج من الصفر , مما يزيد حدة ارتفاع الأسعار وما ينجر عنها من انتشار المضاربة و قيام رجال الأعمال بتخزين السلع بغية بيعها في وقت لاحق لتزداد الأرباح ؛ و هذا ما يؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار.
وفي هذه الحالة يعدل الأفراد عن الاستثمار في المجالات ذات العائد على المدى الطويل التي تعود بنفع كبير على الاقتصاد , و بالتالي يوظفون أموالهم في انتاج السلع الاستهلاكية الكمالية التي تستهلكها فئات معينة زادت دخولها زيادات كبيرة خلال فترة التضخم. و كلما اقترب الاقتصاد من مرحلة التوظيف الكامل قلل رجال الأعمال استثمارهم و توجهوا إلى تصريف ما انتج سابقا مما يؤدي إلى حدوث انكماش اقتصادي يبدأ من قطاع معين و يستمر ليشمل باقي القطاعات
معالجة السياسة النقدية للتضخم :
تتضمن وسائل السياسة النقدية الس يرة على عرض النقود بواسطة البنك المركزي ويهدف استخدامه لهذه الوسائل إلى تقليل عرض النقود لغرض المضاربة , و بالتالي رفع تكاليف القروض المنوحة من قبل الجهاز المصرفى هذا ما يجعل الأفراد يقللون من رغبتهم في الإقتراض من أجل شراء السلع الضرورية التي تعاني من قلة العر ض. ويعتمد البنك المركزي على مجموعة من الأدوات الكمية و النوعية و الأدوات المساعدة , خاصة سياسة السوق المفتوحة , و سعر إعادة الخصم و نسبة الاحتياطي النقدي القانوني .
صعوبات استخدام وسائل السياسة النقدية:
تكمن صعوبة استخدام أدوات السياسة النقدية في مواجهة ظاهرة التضخم في المسائل التالية:
*إذا قامت الحكومة بتقليص حجم الكتلة النقدية قبل الوصول إلى حالة التشغيل التام يؤدي إلى ارتفاع سعر لفائدة و التقليص من حجم الاستثمارات , و انخفاض مستوى الدخل و يترتب عن انخفاض الإنتاج ارتفاع الأسعار.
* إن ارتفاع سعر الفائدة سيؤدي إلى ارتفاع قيمة القروض التي يمكن إن يحصل عليها الجمهور مما يطرح مشكلات جديدة أمام الحكومة .
* إن انخفاض أسعار الأوراق المالية (السندات) نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة سيعرض أصحابها إلى الخسارة مما سيثير سخطهم على السياسة النقدية.
* قد تسمح السلطات النقدية باستمرار ارتفاع الأسعار حتى بلوغ الاقتصاد التشغيل الكامل حيث تتدخل
الحكومة للحد من ارتفاع الأسعار , إلا أنه في هذه الحالة ستواجه السياسة النقدسية مشكلة تحديد أو معرفة
مستوى التشغيل الكامل .
وسائل السياسة النقدية في معالجة التضخم :
بواسطة الوسائل الكمية السابقة فإن البنك المركزي يستطيع تحديد الحجم الأمثل الأعلى للإئتمان و القروض الممنوحة من قبل البنوك التجارية خلال فترة معينة , أي العمل على تنظيم عرض الإئتمان بما يخدم السياسة الاقتصادية الانكماشية التي تتبعها الدولة في فترات التضخم , بينما الأدوات النوعية تنظم الطلب على الإئتمان أي تدخل البنك في تبيان شروط و كيفية استخدام الائتمان و تبيان الكيفية التي يجب على
البنوك التجارية منح لإئتمان بموجبها وهي تتمثل خاصة فيما يلي:
في حالة التضخم يتدخل البنك المركزي ليحدث التوازن عن طريق سعر الفائدة حيث يقوم برفع هذه الأخيرة على القروض الاستهلاكية للحد منها.
سياسة البيع بالتقسيط:
تعتمد هذه السياسة على ثلاتة عناصر : الحة الأولى , الحصص المتبقية و سعر الفائدة , ففي حالة
. التضخم تقوم هذه السياسة على أساس رفع الحصة الأولى و التقليص من المدة المتبقية و رفع سعر الفائدة
الإغراء الأدبي :
. يقوم البنك المركزي بتوجيه الاقتراحات و الإجراءات
ماهية و أ سباب البطالة
مفهوم البطالة :
تعتبر البطالة قبل كل شيء ظاهرة اجتماع ية ذات صفة عالمية , و هذه الظاهرة تمثل بالتأكيد مشكلة لأي مجتمع سواءا كان متقدما أو متخلفا , لأنها تنحرف عن القيم و المعايير المطلوبة للحياة الاجتماعية السليمة . وللتعرف على مفهوم البطالة بشكل واضح لابد أن نتعرف على معنى العاطلين عن العمل وهم الذين يمثلون الجيش الاحتياطي العمالي الذين أفرزتهم هذه الظاهرة الاجتماعية .
اعتبر البعض أن العاطلين عن العمل هم أولئ الأشخاص الذين كانوا يعملون سابقا لكنم متعطلون عن العمل في وقت الإحصاء . هذا التعريف غير شامل لكل هؤلاء حيث يعتبر العاطلون عن العمل هم العمال السابقون والمتعطلون حاليا , ولكن العاطلين عن العمل أيضا قد لا يكونون عمالا سابقين مثل خريجي الجامعات و المعاهد حديثي التخرج و الذين ينتظرون فرص العمل المناسبة فهم عمليا في عداد العاطلين عن العمل .
و يعتقد بعض الاقتصاديين أن العاطلين عن العمل هم أولئك الأشخا ص الذين يرغبون في العمل ولا يمكنهم أن يجدوا فرصة عمل . هذا الرأي ناقص أيضا إذ أنه يركز على مسألة الرغبة في العمل بالرغم من أن الرغبة يوافقها مجموعة مقاييس مثل الأجور و الموقع الوظيفي و غيرذلك , و يرى البعض أن العاطلين عن العمل هم الذين يقدرون عن العمل و مستعدون للقيام به لكنهم عاجزون عن العثور على العمل المناسب ,
و بالرغم من أن هذا التعريف هو الأدق ؛ إلا أن مسألة القدرة و الاستعداد هم توفر فرصة العمل المناسبة ضمن الأجر الذي يحدده و الظروف التي تناسبه و الوقت الذي يلائمه , ثم إن القدرة ليست مقياسا , فالمريض مثلا غير قادر على العمل إلا أنه غير متعطل ضمن مفهوم البطالة , ثم إن هناك كثيرا من الأعمال تتناسب مع القدرة البدنية و العقلية و التركيب الفسيولوجي لكل شخص .
أنواع البطالة :
هناك أنواع متعددة للبطالة تختلف من طرف لآخر و تبعا للسبب الذي يكون أساس تشكل ظاهرة البطالة , و بشكل عام فإن أنواع البطالة يمكن تلخيصها فيما يلي :
البطالة السافرة :
هي البطالة الناتجة عن فائض الأيدي العاملة غير الفنية و التي لا يمكن استخدامها في الزراعة والصناعة
الحديثة , التي تتطلب كفاءات فنية عالية تتلاءم مع طرائق الإنتاج الحديثة , و هذا النوع من البطالة شائع في البلدان النامية بسب عجز الكفاءات الفنية الوطنية عن سد احتياجات المجتمع من الأيدي الفنية و عدم قدرة السواد الأعظم من العمال على تلبية هذه الاحتياجات بسبب تدني المستوى العلمي و التقني لديهم
البطالة الدورية :
هي البطالة الناتجة عن قصور الطلب على الإنتاج وما يصحب ذلك من ركود في تصريف المنتجات عند الأسعار و الأجور السائدة . هنا يتم تسريح عدد من العمال في الصناعات التي قل الإقبال على منتجاتها
أو توقفت عن استيعاب عمال جدد , و قد تتوقف بعض المشاريع عن العمل مما يضطر العمال أن يبحثوا عن عمل جديد و ذلك يستغرق وقتا يكونون فيه عاطلين عن العمل , و حتى لو وجدوا أعمالا بسرعة فإن
البعض يظلون دون عمل بسبب الدورة الاقتصادية أي حالة الركود , وهي الدورة تحدث كل عدة سنوات , و تسمى هذه البطالة أيضا البطالة العابرة . فهي تحدث في البلدان الرأسمالية التي تمر بأزمات دورية غير منتظمة .
البطالة الفنية :
تنشأ هذه البطالة نتيجة لترك بعض العاملين أعمالهم لينتقلوا إلى اعمال أخرى , فخلال فترة الانتقال يكون في بطالة خاصة , و أن ذلك يستغرق وقتا لأن العامل يترك عمله الأول بحثا عن أجور أعلى أو ظروف معيشية أفضل و هذا قد لا يتوفر بسرعة , و هذا النوع من البطالة قد يحدث في أوقات الرخاء بسبب العوامل الأخرى التي تسبب وجودها . فمثلا : قد يتم الاستغناء عن بعض العمال بسبب التحسينات التي تطرأ على المكائن و طرائق الإنتاج , فيعاني هؤلاء العمال من البطالة الفنية .
غير أنه ليس بالضرورة أن يؤدي كل تقدم تكنولوجي إلى بطالة فنية . فقد يزيد الطلب على المعدات التكنولوجية الحديثة مما يزيد الطلب على المستخدمين لدى مصنعيها . و كذا إن هذا التقدم التكنولوجي يتيح الفرصة لتوسيع الكثير من الصناعات و خلق صناعات جديدة و حتى تحديث القطاعات الأخرى . ما يخلق فرصا جديدة أخرى لاستيعاب فائض المستخدمين
البطالة الموسمية :
هذه البطالة غالبا هي رهن الأحوال المناخية و العادات الاجتماعية , حيث يتعطل الكثير من العمال خلال جزء من السنة بسبب الأحوال الجوية . فمثلا في فصل الشتاء غالبا ما يتعطل الفلاحون, عمال البناء , عمال صناعة المشروبات و المأكولات الصيفية . و في الصيف يتعطل عمال الصناعات الشتوية , كذلك صانعي الملابس قد يتعطلون بسبب تغير الموضة أو بسبب انتظارهم في الفصول القادمة التي تتطلب ملابس جديدة تتلاءم مع الموضة والمناخ .
ومن المعروف أن هذا النوع من البطالة يمكن التغلب على بعض أجزائه و ذلك بإجراء تحسينات على العمل واستخدام الوسائل الفنية في العمل مثل : البيوت البلاستيكية في الزراعة أو الملابس التي تلائم جميع الفصول , و كذلك باستخدام وسائل التخزين السليمة للصناعات الموسمية ... إلخ .
البطالة المقنعة :
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
شركنا برايك ووجهة نظرك