اقتصاديات
الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات ودوره في ظهور الإقتصاد المعرفي
تهدف هذه الورقة إلى دراسة إقتصاديات
الإستثمار في نظم وتكنولوجيا المعلومات ودوره في ظهور الإقتصاد المعرفي. وتكمن أهمية هذا الموضوع في حقيقة أكدتها
الدراسات السابقة حول الموضوع والتي تفيد
بأنه على الرغم من تزايد الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات لتحقيق أو/ و المحافظة
على الميزة التنافسية في أسواقها، إلا أن العوائد الإقتصادية الناشئة عنها أقل
بكثير مما هو متوقع. وفي هذا السياق، عادة
ما يواجه مدراء الشركات غموض في معرفة إقتصاديات الاستثمار في نظم وتكنولوجيا
المعلومات وتحقيق أقصى العوائد الممكنة منه. ولذلك
تأتي هذه الدراسة تشرح أهم قوانين إقتصاديات تكنولوجيا المعلومات وتوضح العملية
الإقتصادية لتكنولوجيا المعلومات وتبيان مشاكل الإستثمار فيه، ومن ثم تقترح
نموذجاً لهذا النوع من لإستثمارات. ثم توضح دور تكنولوجيا المعلومات في ظهور
الإقتصاد المعرفي، وأخيراً تقترح بعض السياسات للاقتصاد الإلكتروني والمعرفي.
تعمل تكنولوجيا ونظم المعلومات، بما في ذلك الإنترنت والستلايت والموبايل،
على إعادة تشكيل كثير من طرق الحياة الاعتيادية للأفراد ومنظمات الأعمال، من اتصال
وبحث وبيع وشراء وتوزيع وحتى قضاء أوقات الفراغ. كما تعمل على بناء علاقات تشابك
صناعي - غير تلك السائدة في ظل الاقتصاد التقليدي (مدخلات ومخرجات )، علاقات أقل
وضوحا وأكثر تعقيدا ولكن أكثر كفاءة، وفي معظم الأحيان أقل تكلفة.
لقد أصبحت تكنولوجيا ونظم المعلومات تمثل أحد أهم أعمدة منظمات الأعمال
الحديثة، وتشكل عنصرا كبيرا في موازناتها الرأسمالية، واكثر بنود الموازنات
التشغيلية نموا. ويؤكد بعض الخبراء على أن الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات يمثل
أكثر من 10% من العوائد التشغيلية في منظمات الأعمال الأمريكية. كما أصبحت
تكنولوجيا المعلومات تمثل عنصراً مهما من عناصر الميزة التنافسية للمنظمات. ومما
لا شك فيه، أن جميع البنوك والمؤسسات المالية وشركات الخدمات قد أصبحت أكثر
اعتمادا على تكنولوجيا المعلومات في تقديم خدماتها، إلى درجة أن أي عطل أو خلل في
تكنولوجيا المعلومات يؤدي في الغالب إلى توقف
الخدمة ذاتها.
ويعود سبب هذا الاندفاع
المتزايد نحو الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات إلى أن كثيرا من مدراء الشركات
وخبراء الإستراتيجية يعتقدون بأن تكنولوجيا المعلومات تحل كثيراً من مشاكل العمل،
وتوفر للشركة تحقيق الميزة التنافسية. كما يعتبرونها من الأصول غير الملموسة التي
إذا أُُحسن استخدامها سوف تُؤدي إلى زيادة قدرة مصادر المنظمة الأخرى بالإضافة إلى
إعتبارها مصدراً لخلق القيمة بدلا من التكلفة. لكل ذلك فقد أصبحت تكنولوجيا ونظم
المعلومات تمثل الثورة المعرفية الثالثة، أي الثورة التكنولوجية.
عربيا، نرى اندفاع
الكثير من منظمات الأعمال العربية والمؤسسات العامة والخاصة نحو الاستثمار في
تكنولوجيا المعلومات. ومع أنه لا ضير في ذلك، إلا أننا لم نر أي دراسة لتقييم جدوى
الاستثمار فيها. كما أنه لا يوجد بيانات دقيقة حول حجم الاستثمار في تكنولوجيا
المعلومات في المنظمات على الرغم من ضخامته، ولا يوجد تقديرات لحجم العوائد
الاقتصادية والمنافع الاستراتيجية القابلة للتحقيق من هذه الاستثمارات. وبالتالي
فلم يكن ممكنا للباحث إجراء دراسة تطبيقية في هذا السياق . ومع ذلك، تأتي أهمية
هذه الدراسة فيما يلي:
(1) تحليل العملية الإقتصادية لتكنولوجيا المعلمومات.
(2) تبيان مشاكل الإستثمار في تكنولوجيا المعلومات.
(3) إقتراح نموذج للإستثمار في تكنولوجيا المعلومات.
(4) شرح أهم قوانين إقتصاديات تكنولوجيا المعلومات.
(5) توضيح دور تكنولوجيا المعلومات في ظهور الإقتصاد
المعرفي.
(6) وضع سياسات للاقتصاد الإلكتروني والمعرفي.
ولغايات تحقيق أهداف
البحث أعلاه، فإن القسم التالي يستعرض نشأة وتطور فكرة الاقتصاد الجديد، الذي
سميناه بالاقتصاد الإلكتروني والسياسات اللازمة لتنميته، ثم نناقش تطور الاستثمار
في تكنولوجيا المعلومات ونبين أهم مشاكله، يلي ذلك التعرف على الطبيعة الاقتصادية
لتكنولوجيا المعلومات، ثم عوامل نجاح الإستثمار في تكنولوجيا المعلومات. وفي القسم
السادس نستعرض دور تكنولوجيا المعلومات في ظهور الإقتصاد المعرفي. وأخيراً نقدم
خلاصة البحث وأهم توصياته.
التحول من الاقتصاد التقليدي الى
الاقتصاد الإلكتروني
نعيش الآن وفرة مادية
كانت إلى وقت قصير غير قابلة للتصور في نظر أجدادنا، الذين عاشوا في ظل ظروف ثدرة
المصادر وقصور الموارد. فقد ارتفع دخل الفرد السنوي عالميا من 675 دولار (بأسعار
عام 1990) إلى 5000 دولار وإلى 20000 كمعدل للفرد في الدول الغنية وذلك عام 1995.
وفي عمر البشرية فإن التغير الذي شهدته البشرية في أقل من نصف قرن كان بمثابة
البارحة. وقد شهدت البشرية الحديثة ثلاث ثورات متباعدة، ابتدأت بالثورة العلمية
المعرفية التي ظهرت في العصور الإسلامية الوسطى الذهبية، أي
في القرن الميلادي السابع، عندما كانت أوروبا غارقة في عصورها المظلمة وأمريكا غير
مكتشفة، حيث عمل المسلمون على تطوير المعرفة التي ورثوها عن الحضارة اللاتينية
والإغريقية، وإرساء المفاهيم والقواعد العلمية الثابتة، التي ترجمها الأوروبيون
واشتقوا منها الجانب التطبيقي، فظهرت بذلك الثورة الصناعية ابتداء من العام 1820م.
وكان على البشرية أن تنتظر حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي (1996) لتظهر
ملامح الثورة التكنولوجية. وكان أول من تنبأ بهذه الثورة الفن توفلر Alvin Toffer في كتابة "وعود المستقبل" عام 1986، وشرح
تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية في كتاب "صدمة المستقبل، الموجه
الثالثة، نقل القوة وخلق حضارة جديدة" الصادر عام 1996، وعربيً، كان العجلوني
(1996) من أوائل من أشاروا إلى أهمية تكنولوجيا المعلومات في إدارة التنمية، ومن
أوائل من استخدموا هذه التكنولوجيا في تقديم الخدمات المالية عالمياً من خلال: www.Venturedirectory.com/Advisors &
www.BizFin.com/EuropeAdvisors
تتشابه الثورة الصناعية
والثورة التكنولوجية من حيث أن كلا منها استندت إلى تكنولوجيا جديدة لم تكن معروفة
من قبل، ونشأ عنها سلع وخدمات جديدة ودخلت أسواقا جديدة وكان أكثر المستفيدين منها
هم الأوائل (أي أوائل من استثمروا فيها)، وأن كُلاً من الثورتين قد نشأت عن
استثمارات خاصة برأس مال بشري، تطور هذا الاستثمار حتى غدا الاستثمار عاماً ورأس
المال مادياً.
وكان قد ظهر الاقتصاد،
الذي يعرف الآن بالتقليدي، لتفسير العلاقات الناشئة عن الثورة الصناعية كرأس مال،
والعماله والتكلفة من جهة المدخلات، والحجم والقيمة من جهة المخرجات. وقد ظهرت
بوادر الاقتصاد الجديد، الذي نُطلق عليه الاقتصاد الإلكتروني، من خلال ثلاثة
قوانين:
1- قانون
جروشGrosch’s Law ، نسبة إلى Herb
Grosch
أحد رواد الكمبيوتر. وينص هذا القانون على أن "قوة الكمبيوتر تزداد بمربع زيادة التكلفة". أي
أن زيادة قدرة الكمبيوتر على معالجة البيانات تتطلب تكلفو مضاعفة. ومن الناحية
الإقتصادية، فهذا يتضمن بأنه لا بد من زيادة الإنفاق الاستثماري بمقدار الضعفين
حتى يتسنى زيادة قدرة الكمبيوتر على معالجة المعلومات ضعفاً واحداً.
2- قانون مورMoore's Law ، نسبة إلى Gordon
Moore
أحد مؤسسي شركة Intel، وينص على "أن كثافة الدوائر المتكاملة Integrated Circuit Density
تتضاعف كل سنة، ثم تم تعديله مؤخراً ليصبح سنة ونصف
السنةً". إقتصادياً، هذا يعني سرعة زوال هذه التكنولوجيا نظراً للقفزات
الهائلة في نوعية وقدرة هذه التكنولوجيا، وبالتالي لا بد من الاستمرار في
الاستثمار حتى يتم جناية العوائد المطلوبة وبعكس ذلك يكون التراجع والخسارة.
3- قانون متكالف Metcalf’s Law، نسبة إلى Bob Metcalf
الذي اخترع Ethernet أحد أنواع (Local Area Network - LAN)، وينص على "ازدياد العوائد في شبكة الإنترنت كلما ازدادت عدد
الشبكات العاملة". أي أنه كلما ازداد عدد شبكات الإنترنت العاملة كلما
ازدادت قيمة كل منها، وإن العلاقة بين هذه الشبكات وقيمتها علاقة طردية
لوغارتيمية، حيث يبدأ النمو بطيئا ثم خطيا وبعد نقطة معينة من عدد الشبكات تصبح
العلاقة رئيسية. والشكل رقم (1) بين العلاقة بين عدد شبكات الإنترنت العاملة وقيمة
كل شبكة عاملة.
يمكن أن نستنتج من
الشكل (1) بأنه بعد نقطة معينة من عدد الشبكات، حيث العدد الضخم من مشتركي
الإنترنت، بالإضافة إلى العدد اللامحدود من الشبكات العاملة، فإن منظمات الأعمال
التي ليس لها وجود على الشبكة هي منظمات سلبية، وذلك لأن الأغلبية ممثلين على
الشبكة Online. كذلك يستنتج من هذا القانون بأن الاقتصاد الإلكتروني يختلف عن
الاقتصاد التقليدي من حيث أن محور العلاقة الاقتصادية لم يعد "التكلفة-
الكمية" وإنما "التكلفة– القيمة"، أي التكلفة الاستثمارية للإنترنت
وقيمتها خلال التشغيل، وبهذا فإن تأثير أعداد الشبكات يقود إلى زيادة قيمة
واستمرارية الشبكة مع كل مشترك أو معلن. وهذا يمثل مقدمي الخدماتConsumer Portals ومزودي
الخدمات Internet Service Providers (ISP) ومقدمي المحتوى .Content Providers ولكنه لايشمل لاعبي الإنترنت الذين ليس لديهم شبكة أو مجموعة أو مجتمع أو
هيكل للعضوية مثل وكالات تصميم صفحات الإنترنت التي هي ليست من ضمن نماذج أعمال
الإنترنت. حيث أن العلاقة بين التكلفة والقيمة علاقة في أفضل حالاتها خطية، وفي
أغلب الأحيان تميل إلى التكلفة، خاصة عندما يفشل التصميم أو تفشل المنظمات الجديدة
الطالبة لهذه التصاميم. ومع ذلك، يشير أحد التقارير) إلى أن عمل وكالات تصميم صفحات الإنترنت ما زال عملا
مجديا وبعائد مجزي نسبته 40%.
ولعل من أهم مزايا
اقتصاديات الإنترنت أن الحجم الكفؤ لوحدات أعمال الإنترنت في تناقص مستمر، مما
يقلل من حواجز الدخول إلى هذا النوع من الأعمال. ذلك أن تكلفة إنشاء وتشغيل عنوان
على شبكة الإنترنت منخفض جدا، بالمقارنة مع تكلفة إنشاء وتشغيل أي مشروع استثماري
تقليدي. الأمر الذي يعني استبدال القاعدة المعروفة في الاقتصاد التقليدي (اقتصادات
الحجم الكبير) Economies Of Scale بعكسها في الاقتصاد الإلكتروني (
الحجم ليس ذو قيمة اقتصادية) Diseconomies
of Scale.
وهذا لا يتنافى مع القاعدة المعروفة في تكنولوجيا المعلومات والتي مفادها بأنه
"كلما كان الحيزSpace أكبر كلما
كان أفضل".
تطور الاستثمار في تكنولوجيا
المعلومات ومشاكله
منذ ظهور الإنترنت
عالميا في منتصف التسعينات من القرن الماضي، إزداد توجه منظمات الأعمال إلى
الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات. ولقد ساعد على ذلك ظهور عدد من الدراسات التي
أكدت بأن الزيادة الكبيرة في إنتاجية الولايا المتحدة خلال النصف الثاني من عقد
التسعينات كان عائدا بشكل كبير إلى تبني تكنولوجيا جديدة. ودراسات أخرى أكدت بأن
الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات في منظمات الأعمال ذات العمالة الماهرة قد أدى
إلى تسهيل وتحفيز ظهور العديد من الإبداعات الجديدة على مستوى المنظمة الآمر الذي لفت الانتباه إلى أهمية تكنولوجيا
المعلومات ونقلها من المكاتب الخلفية إلى واجهة المنظمة، وتحويل مهامها من تخزين
البيانات ومعالجتها إلى صناعة القرار الإداري، وذلك من خلال إحداث منصب مدير
المعلومات Chief Information Officer (CIO) ضمن هيئة مدراء المنظمة (للمزيد
حول دور CIO،
وهكذا تم الاعتماد على
التكنولوجيا ليس فقط في خفض النفقات وتسريع إنجاز العمل، وإنما أيضا لتحسين الخدمة المقدمة أو السلعة المنتجة
وزيادة مرونتها بما يتلاءم واحتياجات المستهلك وتسهيل الإبداع في تقديمها. وفي
كثير من الحالات، أصبحت تكنولوجيا المعلومات جزءا من السلعة أو الخدمة ذاتها، مثل
خدمات حجوزات الطيران، أو جزءا استراتيجيا في بنية المنظمة التحتية، مثل البنوك
والمؤسسات المالية والأسواق المالية.
وعلى الرغم من الفوائد
والعوائد الاقتصادية والإيجابيات المتوقعة من استخدام تكنولوجيا المعلومات، وعلى
الرغم من الحجم الكبير للإنفاق المالي عليها، ألا أن الاستثمار فيها يواجه العديد
من المشاكل والعقبات والصعوبات، نذكر منها:
(1) يتطلب الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات رأسمال كبير لا
تقدر عليه العديد من منظمات الأعمال الصغيرة والمتوسطة ولا تراه مجديا في ظل هامش
ربحها المنخفض، وذلك ما يؤكده المسح الذي أجراه
(2) فشل العديد من المستثمرين في التحقق من ومراقبة وحماية
حقوق ملكية الأصول غير الملموسة الناشئة عن الأبحاث و الدراسات والتطوير التي
استُثمرت فيها أموالهم إبتداءاً، وذلك حسب استطلاع
(3) وجود فجوة بين طموحات المنظمات من الاستثمار في
تكنولوجيا المعلومات وبين تأهيل الموظفين تقنياً لهذه الطموحات، وذلك حسب نتيجة
المسح الذي أجرته منظمة إدارة المعلومات والصور على البنوك عام 2004
(4) ضعف المعرفة المالية لدى موظفي تكنولوجيا المعلومات،
الأمر الذي أدي إلى الضعف في مقدرة توقع العائد المالي للاستثمار في نوع تكنولوجيا
المعلومات المقترح أو المصمم أو المستخدم، وذلك حسب نتيجة المسح الذي أجرته كلية
الإدارة في الجامعة الشمالية الغربية الأمريكية عام 2003 بالتعاون مع إحدى شركات
الاستثمار
(5) في كثير من الأحيان لم تُحسن تكنولوجيا المعلومات من
إنتاجية المهام المستخدمة والموكلة إلى الموظفين. وهذا يضع عائقا أمام استثمارات
جديدة في تكنولوجيا المعلومات
(6) إدخال تكنولوجيا المعلومات في بعض منظمات الأعمال قد
يستدعي إعادة الهيكلة الإدارية للمنظمة جذريا، الأمر الذي لا يحبذه مدراء هذه المنظمات لما ينطوي
عليه من مخاطر غير محسوبة
(4) طبيعة العملية الإقتصادية لتكنولوجيا المعلومات
لعل السبب في وجود مثل
هذه المشاكل والصعوبات في الثورة التكنولوجية ناشئ عن خصائص طبيعة العملية
الإقتصادية لتكنولوجيا المعلومات. فعملية الاستثمار الرأسمالي تتضمن إلتزامات
مالية كبيرة ونفقات تشغيلية متكررة وغير قابلة للرجوع عنها، وذات عوائد تعتمد
كلياً على كميات غير قابلة للتنبؤ بها وإن حالة عدم التأكد هذه لها ثلاث تأثيرات
على عملية اتخاذ القرار الاستثماري:
(1) لأن الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات غير قابل للرجوع
عنه، فإن الحصول على معلومات إضافيه أمر
ذو قيمة كبيرة لأنه يقلل من حالة عدم التأكد. وإذا
لم تتوفر معلومات كافيه، فإن الخيار البديل هو تأجيل الالتزام بالاستثمار.
(2) حتى وبعد عملية الالتزام بالاستثمار أو قرار تأجيله، فإن
إبقاء الباب مفتوحا أمام القرار الاستثماري أمر ذو قيمة. وهنا يكون الخيار إما
بالاستثمار أو زيادته. وإذا كان المشروع الإقتصادي لديه مثل هذه المرونة
الاستثمارية، فهو بالتأكيد أفضل من مشروع آخر لا مرونه فيه.
(3) في خضم الخيارات المذكورة أعلاه، لا بد من التأكيد
بأهمية الحقيقة الإقتصادية في الثورات الصناعية والتكنولوجيا والتي مفادها بأن
"الداخلون الأوائل لأي نوع من أنواع تكنولوجيا المعلومات هم الرابحون الأكبر
والأواخر هم الخاسرون "First Movers Win and Laggards Lose"، وذلك
كما تؤكده العديد من الشواهد الاستثمارية المسجلة بعضها في (.
وعلى أية حال، يمكن
تصنيف المشروعات الإقتصادية في تكنولوجيا المعلومات بحسب أهدافها إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: مشروعات الكفاءة التشغيلية (Operational Efficiency)، والتي تهدف إلى زيادة الطاقة
الإنتاجية للمنظمة. ومن خلال هذه الزيادة يتم تخفيض التكاليف أو زيادة الأعمال
التي تقوم بها المنظمة. ويؤكد (Gauthier and Sifonis) بأن معظم المشروعات الإستثمارية في تكنولوجيا
المعلومات التي تقع ضمن هذا التصنيف هي الأكثر نجاحاً.
النوع الثاني: مشروعات
البرامج الإستراتيجية (Strategic Programs)، والتي تهدف إلى تغيير ربحية أو تنافسية أو نظرة
الآخرين إلى المنظمة من خلال تحسين النوعية أو زيادة الربحية. وتنطوي هذه البرامج
على مخاطر كبيرة كونه ينشئ عنها تغييرات جذرية – إيجابية أو سلبية – في أداء
المنظمة. وتشمل هذه المشروعات برامج ربط العملاء أو مزودي المدخلات ببرامج ونظم
معلومات مشتركة فيما بينهم بما يؤدي إلى تعزيز روابط العمل وزيادته بينهم.
النوع الثالث: مشروعات تحوُل
الأعمال (Business Transition)، والتي تهدف إلى نقل المنظمة من وضع تنافسي غير محبذ
أو قطاع إقتصادي خامل إلى منظمة ناجحة ذات أعمال متنامية. وفي هذه الحالة يشكل
الإستثمار في تكنولوجيا المعلومات أصلاً من أُصول المنظمة وليس تكلفة في حساب
الأرباح والخسائر. وتعتبر هذه المشروعات في بداياتها وليست ذات إنتشار كبير بعد،
خاصة في الوطن العربي.
عوامل نجاح الاستثمار في تكنولوجيا
المعلومات
يعتمد نجاح الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات في
منظمات الأعمال على نجاح هذه المنظمات تجاريا. وهذا الأخير بدوره يعتمد على خصائص
أعمال هذه المنظمات، التي من أهمها حقوق الملكية والتي تتراوح بين براءات
الاختراعات وحقوق التصميم والنسخ والمعلومات السرية والأسرار التجارية والمعرفة
التشغيلية Know-How. وتمثل هذه الخصائص أهم وأغلى أصول هذه المنظمات.
وبالتالي فإن قدرة هذه المنظمات على (1) إمتلاك وحماية حقوق ملكيتها
(2) إستغلال وتسويق منتجاتها و (3) منع الآخرين
من الاستفادة من حقوق ملكيتها، كل ذلك سوف يحدد مدى نجاح المنظمة تجارياً.
ومن جهة ثانية، يعتقد
بعض الخبراء بأن إدارة المنظمة تحمل مفتاح
النجاح لملائمة تكنولوجيا المعلومات مع استراتيجية المنظمة، وذلك من خلال (1)
نوعية القيادة لدى المدراء غير التكنولوجيين في المنظمة و (2) انضمام مدير تكنولوجيا
المعلومات إلى باقي المدراء في تشكيل وصياغة استراتيجية المنظمة. وحتى يتم ذلك، لا
بد من تجسير الفجوة المعرفية بين المدراء غير التكنولوجيين وزملائهم المدراء
التكنولوجيين، بالإضافة إلى استمرارية التخطيط للاستثمارات في تكنولوجيا
المعلومات، على اعتبار أن عملية التخطيط هذه هي آلية لإدارة الاستثمارات في
تكنولوجيا المعلومات وليس وسيلة لخلق أفكار إستثمارية جديدة في تكنولوجيا
المعلومات
على ضوء ما سبق، يمكن
إقتراح النموذج التالي للإستثمار الناجح في تكنولوجيا المعلومات والمعبر عنه
بالشكل (2). يعتمد الإستثمار الناجح في تكنولوجيا المعلومات على (1) وجود
إستراتيجية محددة بالمنظمة يتطلب تنفيذها تطبيق تكنولوجيا المعلومات و(2) تحديد
إحتياجات المنظمة الحالية والمستقبلية من تكنولوجيا المعلومات. وحتى تتمكن الإدارة
من التخطيط للإستثمار في تكنولوجيا المعلومات، لا بد وأن تكون مؤهلة، أي على معرفة
ودراية، بتكنولوجيا المعلومات. ويجب أن تتضمن خطة الإستثمار ثلاث دراسات، هي (أ)
دراسة وضع المنظمة التنافسي والتعرف على إستراتيجيات المنظمات المنافسة، وخاصة
فيما يتعلق بتطبيق تكنولوجيا المعلومات. (ب) دراسة القطاع الذي تنضوي تحت رايته
أعمال المنظمة، وخاصة فيما يتعلق بإتجاهات نموه المستقبلية ودرجة التركز الصناعي
والتشريعات والقوانين التي تحكمه. (ج) دراسة المصادر البشرية الموجودة في المنظمة
ذات العلاقة بتطبيق تكنولوجيا المعلومات، ومدى الحاجة إلى تأهيلها وتحديد موضوعات
التأهيل، ومدى الحاجة إلى إستقطاب عمالة خبيرة بنوع تكنولوجيا المعلومات المطلوبة،
هذا من جهة. ودراسة الأصول الموجودة من تكنولوجيا المعلومات وتحديد المطلوب منها،
من جهة ثانية. وبناءاً على الدراسات الثلاث هذه يتم وضع سيناريوهات المنظمة وذلك
فيما يتعلق بأي نوع من تكنولوجيا المعلومات سوف يتم الإستثمار، والتي تم شرحها
سابقاً، وهي (1) إستثمار في تكنولوجيا المعلومات لزيادة الكفاءة التشغيلية، أو (2)
إستثمار في برامج تكنولوجيا معلومات إستراتيجية، أو (3) إستثمار في تكنولوجيا
المعلومات تعمل على نقل المنظمة نقلة نوعية.
دور تكنولوجيا المعلومات في ظهور
الاقتصاد المعرفي:
على الرغم من الزيادة
المطردة في إستثمار منظمات الأعمال العربية في تكنولوجيا المعلومات، إلا أن القلة
منها استطاعت أن تستخدم هذه التكنولوجيا في تحويل المنظمة وتحصيل الميزة التنافسية
التي تستطيع هذه التكنولوجيا أن توفرها. إن تطوير تكنولوجيا المعلومات عامل مهم في
ظهور الاقتصاد المعرفي. حيث أن المعرفة يمكن تحويلها إلى معلومات قابلة للتصنيف
والنقل عبر أجهزة الكمبيوتر وشبكة الاتصالات. وحيث أن تكلفة الحصول على المعرفة
أصبحت متدنية جداً ، فإن حواجز الدخول إلى هذه المعرفة قد أُلغيت تماماً، كما
تغيرت الاحتكارات وظهرت سلع وخدمات جديدة. كل هذا أدى إلى قصر دورة حياة السلعة
وسرعة إندثار المهارات.
وحتى تستطيع المنظمات
من استغلال تكنولوجيا المعلومات على الوجه الأمثل، فلا بد لإدارتها من الاحاطة
بأحد المفاهيم الحديثة في الاقتصاد المعرفي الناشئة عن تكنولوجيا المعلومات. ذلك
هو مفهوم إدارة محتوى المنظمة Enterprise
Content Management – ECM . ذلك أن تكنولوجيا المعلومات المستخدمة في المنظمة تنتج كم هائل
من البيانات والمعلومات غير الهيكلية. فمثلاً تصور عمليات السحب اليومي من الآت
الصراف الآلي (ATM). ويمكن لقرص ممغنط بسيط من الاحتفاظ بهذه البيانات
غير الهيكلية وتجمعها من جميع الآلات التابعة للبنك ومن ثم يمكن تحليل هذه
البيانات واستخدامها في حساب ليس فقط مقدار النقد المسحوب من ودائع البنك، وإنما
أيضاً معدل السحب اليومي لكل عميل ونسبة ذلك السحب إلى حجم ودائعه، وغير ذلك من
النسب والمعدلات التي يمكن استخدامها من قبل الإدارة العليا في إدارة النقدية
للبنك . ويعتقد بعض الخبراء (بأن المعلومات غير الهيكلية تمثل أكثر من 90% من المعلومات الناشئة عن عمليات
المنظمة.
وعليه، يمكن تعريف
إدارة محتوى المنظمة بأنها إدارة وتخزين وتجميع وتحليل وتوزيع البيانات غير
الهيكلية التي تمثل أحد أصول المعرفة في المنظمة، من خلال نظم معلومات تساعد على
إدارة هذا المحتوى وبناء قاعدة معرفية للمنظمة. ولعل كفاءة المنظمة في إدارة
محتواها على الوجه المذكور أعلاه، سوف يؤدي إلى تعظيم وإضافة منافع جديدة
للاستثمار في تكنولوجيا المعلومات لم تكن محسوبة سابقاً.
وهنا تكمن أهمية نظم
المعلومات في الاستفادة من الكم الهائل من البيانات التي تنتجها تكنولوجيا
المعلومات وهذا يمثل المرحلة الأولى من ثورة المعلومات. وبالتالي فإن المرحلة
التالية من ثورة المعلومات سوف تكون في تطبيق الأدوات والأساليب المطورة خصيصاً
للنهل من مناجم المعلومات المتوفرة. وعليه، فإن التركيز يجب أن يكون نحو تمكين
المستخدمين من هذه الأدوات والأساليب. وكنتيجة لهذه المرحلة فإن المعلومات
المستخدمة من تلك المناهج سوف تكون هي السلعة ذاتها في الاقتصاد الجديد
إن تطور هذا النوع من
القواعد المعرفية لدى منظمات الأعمال سوف يؤدي إلى إيجاد كم هائل من القواعد
المعرفية والسلع المعلوماتية القابلة للاستخدام فلي البحث والتطوير والتطبيق
والإدارة وعرض السياسات والاستراتيجيات. الأمر الذي سوف يؤدي إلى ظهور النوع
الثالث من الاقتصاد ألا وهو الاقتصاد المعرفي، أي الاقتصاد القائم على المعرفة
والمعلومة دون إلغاء مفاهيم الاقتصاد التقليدي من عرض وطلب ومرونة وتسعير. وسيكون
للإقتصاد الجديد مفاهيمه ونظرياته وأدواته التي قد تحدث انقلاباً في قياس متغيرات
الاقتصاد التقليدي.
لقد ساهم الاقتصاد
التقليدي في إيجاد القواعد التكنولوجية اللازمة لظهور الاقتصاد الالكتروني. ومما
لا شك فيه، فإن الاقتصاد الالكتروني سوف يساهم في إيجاد مجموعة القواعد المعرفية
اللازمة لظهور الاقتصاد المعرفي. وفي هذا الاقتصاد المعرفي الجديد سوف تتغير قواعد
اللعبة من حيث اكتساب الميزة التنافسية. إذ ومع تطبيق الجميع لتكنولوجيا المعلومات
بنفس مستوى الكفاءة تصبح الحاجة إلى ملعب جديد لاكتساب الميزة التنافسية. وهنا
يأتي دور قواعد المعرفة الموجودة داخل المنظمات ذاتها. ومرة ثانية، يأخذ قطاع
الخدمات دوراً جديداً في الاقتصاد المعرفي، وذلك بالتركيز على قيمة التكنولوجيا في
تقديم الخدمة ونوعية رأس المال البشري. وسوف يكون قطاع الخدمات المالية والمصرفية
والتأمين والتجارة والاتصالات من أكبر مشتري السلع المعلوماتية وتكنولوجيا
الاتصالات.
ولا بد من التأكيد هنا
بأن هناك متطلبات كما أن هنالك مخاطر قد تكون غير محسوبة سواء عند التحول من
الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الالكتروني أو من الاقتصاد الالكتروني إلى
الاقتصاد المعرفي. ولعل من أهم هذه المتطلبات هي في الاستثمار في الإنسان. وذلك أن
الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات يصبح أكثر
فعالية عندما تكون العمالة أكثر
مهارة، حيث أن العلاقة المتشابكة بينهما علاقة طردية ففي الاقتصاد المعرفي سوف تعتمد كافة القطاعات
الاقتصادية على المعرفة. وبالتالي فإن تحسين مهارات العمالة سوف يصبح شرط لاداء
اقتصادي أفضل. وهكذا، فإن زيادة عدد سنوات التعلم غير الأكاديمي للعمالة سوف يصبح
جزءاً من العمل نفسه.
أيضا يتطلب الاقتصاد
المعرفي ديناميكية أكثر في العلاقات العمالية، وبالتالي كلما كانت هذه العلاقات
أكثر مرونة وحيوية كلما كان الاقتصاد ذاته أكثر
ديناميكية وحيوية. وهذا يتضمن مراجعة التشريعات العمالية بما يكفل تحرير
حرية إنتقال العمالة الماهرة بين منظمات الأعمال دون فقدان مكتسباتها. ولا بد أن
يكون ذلك ضمن الأطر الثقافية للمجتمع .إذ يؤكد عالم التاريخ الاقتصادي David Landes بأنه ثقافة المجتمع هي التي تحدد الفرق بين الدول من
حيث النمو والأداء الاقتصادي. وفي هذا السياق ، فلا بد من سياسات جديدة للتخطيط
الاقتصادي تأخذ بعين الاعتبار ثلاثة أمور:
أولاً: زيادة قدرة
العمالة والمجتمع على التكيف.
ثانياً: تقليل التكلفة
الاجتماعية لعملية التكيف وبخاصة العمالة المتضررة والتجمعات السكانية الصغيرة
والنائية.
ثالثاً: زيادة قدرة
المؤسسات وبخاصة الصغيرة على الحصول على الاستشارات التكنولوجية المتخصصة والاستثمارات
برأس المال المخاطر.
وفي كل الأحوال فإن على
الأفراد والمنظمات أن يدركوا بأن الفشل، كجزء من عملية التعلم وليس نهاية المطاف،
يُوَلِد الطاقات الإبداعية لدى الأفراد ويعُدهم لتقبل المخاطر المتوقعة.
الخاتمة
لقد شهدت البشرية
الحديثة ثلاث ثورات متباعدة، ابتدأت بالثورة العلمية المعرفية التي ظهرت في العصور
الإسلامية الوسطى الذهبية، فالثورة الصناعية في القرن التاسع عشر وحديثاً الثورة
التكنولوجية. تتشابه الثورة الصناعية والثورة التكنولوجية من حيث استنادهما على
تكنولوجيا جديدة ونشأ عنهما سلع وخدمات جديدة ودخول أسواقا جديدة، وأن كُلاً من
الثورتين قد نشأت عن استثمارات خاصة برأس مال بشري، تطور هذا الاستثمار حتى غدا
الاستثمار عاماً ورأس المال مادياً. عمل الاقتصاد التقليدي تفسير العلاقات الناشئة
عن الثورة الصناعية كرأس مال، والعماله والتكلفة والحجم والقيمة. وقد ظهرت بوادر
الاقتصاد الاقتصاد الإلكتروني من خلال ثلاثة قوانين: قانون جروش وقانون مور وقانون متكالف.
لقد أصبحت تكنولوجيا
المعلومات تمثل أحد أهم أعمدة منظمات الأعمال الحديثة وتمثل عنصراً مهما من عناصر
الميزة التنافسية للمنظمات حتى أنها أصبحت لازمة لعمل البنوك والمؤسسات المالية
وشركات الخدمات. وذلك لأنها تحل كثيراً من مشاكل العمل، وتساعد على تحقيق الميزة
التنافسية وتُؤدي إلى زيادة قدرة مصادر المنظمة الأخرى وتعتبر مصدراً لخلق القيمة
بدلا من التكلفة.
وعلى الرغم من الإندفاع
العربي نحو الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات إلا أن ذلك لم يقم على دراسات
إقتصادية لتقييم جدوى الاستثمار فيها، كما أنه لا يوجد بيانات حول حجم الاستثمار
العربي في تكنولوجيا المعلومات على الرغم من ضخامته، ولا يوجد تقديرات لحجم
العوائد الاقتصادية والمنافع الاستراتيجية القابلة للتحقيق من هذه الاستثمارات.
وأن القلة استطاعت أن تستخدم هذه التكنولوجيا في تحويل المنظمة وتحصيل الميزة
التنافسية التي تستطيع هذه التكنولوجيا أن توفرها.
إزداد التوجه للاستثمار
في تكنولوجيا المعلومات، بعد ظهور الإنترنت عالميا، على ضوء الدراسات التي بينت
بأن لها علاقة بزيادة الإنتاجية وتسهيل وتحفيز ظهور العديد من الإبداعات الجديدة
على مستوى المنظمة. الآمر الذي أدى إلى نقلها من المكاتب الخلفية إلى واجهة
المنظمة، وتحويل مهامها وإحداث منصب مدير المعلومات. وقد إستخدمت لخفض النفقات
وتسريع إنجاز العمل وتحسين الخدمة / السلعة وزيادة مرونتها والإبداع في تقديمها
حتى أصبحت جزءا من السلعة أو الخدمة ذاتها. ومع ذلك، فأن الاستثمار فيها يواجه
العديد من المشاكل والعقبات والصعوبات. ويكمن السبب في خصائص وطبيعة العملية
الإقتصادية لتكنولوجيا المعلومات. وعلى أية حال، تصنف المشروعات الإقتصادية في
تكنولوجيا المعلومات بحسب أهدافها إلى ثلاثة أنواع: مشروعات الكفاءة التشغيلية
ومشروعات البرامج الإستراتيجية ومشروعات تحوُل الأعمال.
يعتمد نجاح الاستثمار
في تكنولوجيا المعلومات في منظمات الأعمال على نجاح هذه المنظمات تجاريا. أن نوعية
إدارة المنظمة ومدى الفجوة المعرفية بين المدراء غير التكنولوجيين وزملائهم
المدراء التكنولوجيين واستمرارية التخطيط للاستثمارات كلها عوامل نجاح تكنولوجيا
المعلومات في المنظمة. وقد تم إقتراح نموذج للإستثمار الناجح في تكنولوجيا
المعلومات يعتمد على وجود إستراتيجية وتحديد الإحتياجات الحالية والمستقبلية
وتأهيل الإدارة. و تتضمن خطة الإستثمار دراسة التنافسية والقطاع والمصادر البشرية.
وبناءاً عليه توضع السيناريوهات فيما يتعلق بأي نوع من تكنولوجيا المعلومات سوف
يتم الإستثمار.
كان لتطوير تكنولوجيا
المعلومات دور مهم في ظهور الاقتصاد المعرفي حيث يمكن تحويل المعرفة إلى معلومات
قابلة للبيع والإستثمار. ولاستغلال ذلك ظهر مفهوم حديث في الاقتصاد المعرفي هو
مفهوم إدارة محتوى المنظمة من البيانات والمعلومات غير الهيكلية التي تمثل
أكثر من 90% من المعلومات الناشئة عن
عمليات المنظمة. مما يؤدي إلى تعظيم وإضافة منافع جديدة للاستثمار في تكنولوجيا
المعلومات لم تكن محسوبة سابقاً. وهنا تكمن أهمية نظم المعلومات في الاستفادة من
الكم الهائل من البيانات التي تنتجها تكنولوجيا المعلومات وهذا يمثل المرحلة
الأولى من ثورة المعلومات. وبالتالي فإن المرحلة التالية من ثورة المعلومات سوف تكون
في تطبيق الأدوات والأساليب المطورة خصيصاً للنهل من مناجم المعلومات المتوفرة.
وعليه، فإن التركيز يجب أن يكون نحو تمكين المستخدمين من هذه الأدوات والأساليب.
وكنتيجة لهذه المرحلة فإن المعلومات المستخدمة من تلك المناهج سوف تكون هي السلعة
ذاتها في الاقتصاد الجديد. إن تطور هذا
النوع من القواعد المعرفية لدى منظمات الأعمال سوف يؤدي إلى إيجاد كم هائل من
القواعد المعرفية والسلع المعلوماتية القابلة للاستخدام فلي البحث والتطوير
والتطبيق والإدارة وعرض السياسات والاستراتيجيات. الأمر الذي سوف يؤدي إلى ظهور
الاقتصاد المعرفي القائم على المعرفة والمعلومة دون إلغاء مفاهيم الاقتصاد
التقليدي من عرض وطلب ومرونة وتسعير. وسيكون للإقتصاد الجديد مفاهيمه ونظرياته
وأدواته التي قد تحدث انقلاباً في قياس متغيرات الاقتصاد التقليدي.
لقد ساهم الاقتصاد
التقليدي في إيجاد القواعد التكنولوجية اللازمة لظهور الاقتصاد الالكتروني. ومما
لا شك فيه، فإن الاقتصاد الالكتروني سوف يساهم في إيجاد مجموعة القواعد المعرفية
اللازمة لظهور الاقتصاد المعرفي. وفي هذا الاقتصاد المعرفي الجديد سوف تتغير قواعد
اللعبة من حيث اكتساب الميزة التنافسية.وسيأخذ قطاع الخدمات دوراً جديداً في
الاقتصاد المعرفي، وذلك بالتركيز على قيمة التكنولوجيا في تقديم الخدمة ونوعية رأس
المال البشري. وسوف يكون قطاع الخدمات المالية والمصرفية والتأمين والتجارة
والاتصالات من أكبر مشتري السلع المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصالات. ولكن هناك
متطلبات ومخاطر قد تكون غير محسوبة سواء عند التحول من الاقتصاد التقليدي إلى
الاقتصاد الالكتروني أو من الاقتصاد الالكتروني إلى الاقتصاد المعرفي. ولعل من أهم
هذه المتطلبات هي في الاستثمار في الإنسان وديناميكية أكثر في العلاقات العمالية
ومراجعة التشريعات العمالية وسياسات جديدة للتخطيط الاقتصادي تأخذ بعين الاعتبار
زيادة قدرة العمالة والمجتمع على التكيف وتقليل التكلفة الاجتماعية لعملية التكيف
وزيادة قدرة المؤسسات وبخاصة الصغيرة على الحصول على الاستشارات التكنولوجية
المتخصصة والاستثمارات برأس المال المخاطر.
إن الاقتصاد المعرفي
يتطلب تعديلات جوهرية في عمل منظمات الأعمال والعمالة والتشريعات. فهو يتميز بسرعة
التغير وبالتالي يتطلب مرونة وقدرة على التكيف أكبر. إن تنمية الإنتاجية وزيادة
الناتج وطرق العمل يجب أن تُبني على أساس التطور التكنولوجي وتنمية المصادر
البشرية. وبالتالي فالسياسات والتشريعات يجب ان تكون محفزة لتوسيع الاستثمار في
رأس المال البشري والتكنولوجيا والإبداع وشبكات المعلومات. فالحكومة الكفؤة هي
التي تكون قادرة على فهم هذا النوع من الاقتصاد وتشجع التحول إليه، ف..
"الأوائل هم الفائزون والأواخر هم الخاسرون".
Great delivery. Great arguments. Keep up the great spirit.
RépondreSupprimerHere is my site ... diet that works
I'm extremely impressed with your writing skills and also with the layout on your blog. Is this a paid theme or did you customize it yourself? Anyway keep up the excellent quality writing, it is rare to see a nice blog like this one today.
RépondreSupprimermy blog post ... video reviews
This post offers clear idea designed for the new visitors of
RépondreSupprimerblogging, that really how to do blogging and site-building.
Also visit my web site: special compilation
شكرا
RépondreSupprimer