انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد
E-currencies exchanger
E-currencies exchanger

lundi 29 avril 2013

البنية التحتية لاقتصاد المعارف في الوطن العربي الـواقـع و الآفـاق

البنية التحتية لاقتصاد المعارف في الوطن العربي الـواقـع و الآفـاق
    



                                                         
لقد غدت المعرفة، اكتسابا وإنتاجا وتوظيفا في مطلع الألفية الثالثة، الوسيلة الكفيلة لتحقيق التنمية البشرية،كما أن كفة التوازن بين المعرفة والموارد الأخرى في البلدان المتقدمة رجحت نحو المعرفة، باعتبارها المورد الرئيسي في مجتمع ما بعد الرأسمالية، وأن الأنشطة المعرفية هي المصدر الحقيقي للقدرة التنافسية.
        والنظرية الاقتصادية الحديثة تقوم على أن المعرفة هي الشكل الأساسي لرأس المال،و أن التراكم المعرفي والتطور التكنولوجي والأبحاث والتطوير والإبداع التكنولوجي ،والتي تشكل في مجموعها مفردات بيئة المعارف،هي ذات دور حيوي في توليد الثروة ورفع معدلات النمو.
        إن نمو بيئة المعارف وما تحوزه من هياكل متطورة وقدرات بشرية وبنى تحتية لإنتاج ونشر المعرفة وتوظيفها، أدى إلى ظهور نمط اقتصادي متطور قائم على المعرفة والابتكار والتطور التكنولوجي خاصة في مجال تكنولوجيا الاتصال والإعلام، هذا النمط الجديد عرف فيما بعد " بالاقتصاد الجديد" أو" اقتصاد المعارف".   
        وفي الوقت الذي شكل فيه تطور اقتصاد المعارف في الدول المتقدمة فرصة عظيمة لجني المزيد من المكاسب وتحقيق مستويات مرتفعة من النماء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، فإن الوضع مختلف في الدول النامية وفي الوطن العربي على وجه الخصوص، فاندماجها في هذا المجال يطرح أمامها تحديات كبرى، تتعلق أساسا بتوفر بيئة معرفية ملائمة لاكتساب واستغلال المعارف.
        ولقد أكد تقرير التنمية البشرية في الوطن العربي لسنة 2002، أن قصور المعرفة يشكل عائقا ضخما أمام الدول العربية على طريق مواجهاتها للتحديات القرن 21 في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. في الوقت ذاته فإن الاندماج في الاقتصاد العالمي القائم على المعرفة والاستفادة منه يتطلب توافر بيئة مجتمعية معرفية تكون البنية التحتية والأساس لبناء اقتصاد المعرفة.
وهنا نطرح التساؤل حول واقع البيئة المعرفية ومستوى تطورها في الوطن العربي، و ماهي أفاق بناء نموذج معرفي لإنتاج المعرفة وتحقيق وجود أقوى في الاقتصاد الجديد. 
        وفي ضوء ما تقدم يمكن تحليل جوانب هذا الموضوع من خلال المحاور الآتية:
-في المفهوم: المعرفة، اكتساب المعرفة، مجتمع المعرفة.
         - ماهية اقتصاد المعرفة ومقوماته.
        - البنية التحتية لاقتصاد المعارف في الوطن العربي.

مفهوم المعرفة، أنواعها وخصائصها:
لقد عرف تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002، المعرفة على أنها " المعرفة سلعة ذات منفعة عامة تدعم الاقتصاديات والبيئة السياسية والمجتمعات وتنتشر في جميع جوانب النشاط الإنساني"، وتتوقف قيمة المعرفة لأغراض التنمية على مدى تطبيقها بفعالية،لذا يتطلب السعي لإقامة مجتمع وضع استراتيجيات فوق قطاعية تحقق التكامل بين استيعاب المعرفة واكتسابها ونشرها, حيث يتعين أن ينظر إلى استراتيجيات تنمية المعرفة على أنها موضع اهتمام المجتمع ككل والفاعلين الاقتصاديين والحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني
والمعرفة تتكون من البيانات(DATA) والمعلومات(INFORMATION) والإرشادات والابتكار أو مجمل البنى الرمزية التي يحملها الإنسان أو يمتلكها المجتمع.
كما يشير مفهوم المعرفة أيضا إلى القدرة على التميز أو التلاؤم، وأن الرصيد المعرفي، الناتج من حصيلة البحث العلمي والمشروعات الإبتكارية تتمثل في الكم المعلوم القابل للاستخدام في أي مجال من المجالات. وهي تختلف بصفة دقيقة عن المعلومة وذات قدرة على توليد معارف جديدة.
و عادة ما تتوافر المعرفة بهيئتين: معرفة صريحة، و معرفة ضمنية. المعرفة الصريحة واضحة  مسجلة ومدونة يسهل نقلها و المشاركة فيها، و من أمثلتها (بالنسبة للمنظمات) مواصفات منتوج معين، أو صيغة علمية، أو برنامج حاسوب. أما بالنسبة للمجتمعات، فالمعرفة الواضحة تتمثل في القوانين، و التشريعات، و التعليمات، و ما إلى ذلك. أما المعرفة الضمنية فهي شخصية إلى حد بعيد، و هناك صعوبات بالغة في تحديد معالمها و التعرف عليها لذلك فمن الصعب، تناقلها و المشاركة فيها. محلها العقل البشري، تتمثل قي الخبرات ، المواهب والقدرات البشرية.
وتتميز المعرفة بعدد من الصفات التي تحدد طبيعتها الاقتصادية والتي منها:
-المعرفة معين متجدد،دائب التنامي.ولذلك فمن الضروري أن تقوم منظومة مجتمعية كفء، ونشطة وتتسم بالمرونة على مهام اكتساب المعرفة نشرا وإنتاجا،وتوظيفا في خدمة التنمية.
-المعرفة أثيرية بمعنى قدرتها على تخطي المسافات والحدود،خاصة إذا كانت مرقمنة.
-المعرفة متواصلة البقاء لا تفنى بالانتقال من شخص إلى آخر،ومع ذلك قد يتوجه الطلب إلى حفز محاولة إعادة إنتاج المعرفة نفسها بتكلفة إضافية، ربما في صورة أخرى لتحقيق أهداف اقتصادية معينة كتخفيض التكلفة أو تقليص الزمن اللازم للإنتاج.
-نفع المعرفة لا يتوقف على مضمونها المجرد، وإنما على مدى إسهام هذا المضمون في إيجاد حلول مناسبة لمشاكل التنمية في مجتمع معين وفي وقت معين.
منظومة اكتساب المعرفة:
يتطلب تحويل الثروة المعرفية إلى رأس مال معرفي، وتوظيفه بكفاءة في إنتاج معارف جديدة، عمليتين مجتمعتين مترابطتين، حيث محور الأولى نشر المعرفة المتاحة، بينما تنصب العملية الثانية على العمليات المباشرة لإنتاج معارف جديدة في شتى مجالات المعرفة، وتقتضي كفاءة هذين النشاطين أي نشر المعرفة وإنتاج معارف جديدة قيام مؤسسات مجتمعية لتحقيق أغراضهما.
وتتعدد العمليات والمؤسسات المجتمعية لبناء رأس المال المعرفي وتوظيفه في نشر المعرفة وإنتاجها، وتتداخل فيما بينها، ونتيجة لهذا التعدد تتوقف كفاءة نشر المعرفة وإنتاجها في المقام الأول على السياق التنظيمي الذي يحيط بهذه العمليات والمؤسسات ويحدد شروط قيامها ونشاطها.    
ويعد السياق التنظيمي لنشر وإنتاج المعرفة، أحد أهم محددات مجتمع المعرفة والذي يترتب عليه اهتمام كبير بإدارة المعرفة ونقلها وتوطينها وإنتاجها، واهتمام بدور المنظمين وحاضنات المشروعات ودور الدولة في فعالية منظومة المعرفة.
غير أن السياق التنظيمي لعمليات ومؤسسات المعرفة ليس إلا واحدا من مكونات السياق المجتمعي المركب لمنظومة المعرفة، حيث السياق السياسي والقانوني إضافة إلى البنية الاقتصادية والاجتماعية ويحيط بكل هذه السياقات السياق الإقليمي والعالمي لاكتساب المعرفة.
مفهوم مجتمع المعرفة:
يعرف تقرير التنمية البشرية العربية لعام2003 مجتمع المعرفة بأنه " ذلك المجتمع الذي يقوم أساسا على نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات نشاطات المجتمع:الاقتصاد والمجتمع المدني والسياسة والحياة الخاصة وصولا للارتقاء بالحالة الإنسانية باطراد، أي إقامة التنمية الإنسانية" .
-تلعب المعرفة فيه دورا حاسما في تشكيل البنى الاجتماعية وأدائها الاقتصادي حيث يتكاثف المدخل المعرفي في الحياة اليومية للأفراد وفي مجال العمل يزداد عدد العاملين في منظومة المعرفة،ونصيبهم من قوة العمل وترتفع نسبة وقت العمل المخصصة للنشاطات المعتمدة على المعرفة. وفي هذا الصدد يشير دركر-Drucker- إلى أن مجتمع ما بعد الرأسمالية سوف يتميز بأن المورد الرئيسي فيه هو المعرفة وليس رأس المال أو الخامات, وهذا المجتمع الجديد يضم طبقات جديدة تختلف بما كان سائدا في المجتمع الرأسمالي, ففي المجتمع الأول توجد طبقتان هماالرأسماليــون والعمــال،أما مجتمع المعرفة فيتكون من طبقتين أساسيتين هما:عمال المعرفـة، وعمال الخدمـات.كما ستكون الأنشطة المعرفية هي أساس إنتاج الثروة, وأهم أدواتها هما: الإنتاجية والابتكار وستكون المهارة الإدارية الأساسية هي كيفية توظيف المعرفة في استخدامات مفيدة أي " اقتصاد المعرفة", وتتميز المعرفة في عصرها الجديد بكونها معرفة متخصصة يمارسها المتخصصون. .
-مجتمع المعرفة يعني تأسيس نمط إنتاج المعرفة عوضا عن هيمنة نمط الإنتاج الريعي الذي تشتق القيمة الاقتصادية أساسا من استنضاب المواد الخام.
-تتضمن مجتمعات المعرفة سياقا مجتمعيا مواتيا لنشاط منظومة المعرفة، بحيث يتأسس فيها " ثقافة معرفية" شاملة لقيم الحفز على اكتساب المعرفة وتوظيفها ونشرها.
- في مجتمع المعرفة يجري العمل على نشر وإنتاج المعرفة باعتبار هما استثمارا مجزيا في خدمة الهدف الاستراتيجي للمجتمع.
-إقامة بنية مجتمعية مواتية لاحتضان نشوء رأس المال المعرفي وتوظيفه بكفاءة وامتلاك القدرة على إنتاج المعرفة، الأمر الذي يتطلب توطين العلم سبيلا لإنتاج المعرفة.
السياق التنظيمي لاكتساب المعارف:
يعتبر وجود نسق للابتكار من القضايا الحيوية الخاصة بالسياق التنظيمي الذي يجري فيه نقل وتوطين التقانة بوصفها معرفة في ميدان النشاط الاقتصادي، إضافة إلى ذلك الدور الذي يقوم به المنظمون ورواد الأعمال وحاضنات المشروعات في اقتصاديات السوق والترتيبات المؤسسية والسياسات الكفيلة بنجاح نسق الابتكار والمنظمين في تأسيس اقتصاد المعرفة.
واقتصاد المعرفة يتطلب تعزيز فعالية السياق التنظيمي لإنتاج المعرفة، بما يضمن قيام نسق للابتكار يقوم على الإدارة الكفء لنقل التقانة من خارج المجتمع، واستيعابها المجتمعي، وتنشيط إنتاجها المؤدي إلى توليد تقانات جديدة بما يحقق غايات الكفاءة الإنتاجية والتنمية الشاملة.
  و الابتكار حسب تعريف المعجم الاقتصادي المتخصص “Penguin Dictionary of Economics”،  يعني "طرح منتجات وخدمات جديدة في السوق أو وسائل جديدة لإنتاجها.  وتسبق الابتكار أبحاث قد تؤدي إلى اختراع ما، يُطور فيما بعد لخدمة السوق.. ويعتبر الابتكار القاطرة الأساسية للنمو الاقتصادي، والسبيل الأنجع لبناء اقتصاد المعرفة ومن ثم القاعدة الرئيسية للمنافسة في الأسواق العالمية.
ويتكون نسق الابتكار في المجتمع من جميع المؤسسات التي تؤثر في إنتاج المعرفة وفي القدرة على إنشاء التقانة وتطويرها ونشرها واستيعابها وتوظيفها في عمليات إنتاجها .
وتتمثل الفكرة الأساسية لمفهوم نسق الابتكار في أن التميز في إنتاج المعرفة ونشرها واستخدامها، والقدرة على المنافسة الدولية، وتحقيق النمو، لا يعتمد فقط على أداء مؤسسات محددة كالمشروعات والجامعات ومؤسسات البحث والتطوير لأنشطتها، بل ربما بدرجة أهم يعتمد الأداء على كيفية تواصل هذه المؤسسات والتفاعل فيما بينها من جهة، ومع مؤسسا الدولة من جهة أخرى، وتلعب الدولة دورا رئيسيا في وضع السياسات والتوجهات العامة، ووضع المؤسسات والنظم الكفيلة بتفعيل الابتكار في المجتمع من خلال إقامة بيئة اقتصادية ونظام تعليمي وتدريب فعال، وبنية اتصالات متطورة، وتدعيم القدرة الإنتاجية عن طريق تطوير بيئة الإنتاج وتطوير الأسواق حتى تستوعب منتجات المشروعات الاقتصادية. (.
ماهية اقتصاد المعرفة ومقوماته :
مفهوم اقتصاد المعرفة وخصائصه:
 اقتصاد المعرفة، أو ما أصطلح عليه الاقتصاد الجديد أو اقتصاد الشبكة أو الاقتصاد الرقمي،هو حسب "Dominique foray  " " تخصص فرعي من الاقتصاد يهتم أساسا بالمعرفة من جهة، ومن جهة أخرى يعتبر ظاهرة اقتصادية حديثة تتميز بتغير سير الاقتصاديات من حيث النمو وتنظيم النشاطات الاقتصادية .
واقتصاد المعرفة هو الاقتصاد الذي تحقق فيه المعرفة الجزء الأعظم من القيمة المضافة‏.‏ وعليه فأن المعرفة - في هذا الاقتصاد - تشكل مكونا أساسيا في العملية الإنتاجية كما في التسويق‏, وأن النمو يزداد بزيادة هذا المكون‏.‏ كما أن هذا النوع من الاقتصاد يقوم على أساس تكنولوجيا المعلومات والاتصال‏, ‏باعتبارها المنصة الأساسية التي منها ينطلق.
وبما أن المعرفة هي خليط من التعلم والخبرة المتراكمة وتعتمد على الفهم والإدراك البشري فإنها بهذه الصفة يمكن أن تتحول إلى سلع وخدمات يكون مستهلكوها على استعداد لدفع مقابل للحصول عليها، من هذا المنطلق فإن وضع كل بلد في الاقتصاد العالمي الجديد يحدد وفقاً لكمية وجودة المعارف التي يمتكلها، وذلك من خلال تطوير التعليم وتكثيف برامج البحث والتطوير إضافة إلى التدريب .   
و يمكن تعريف اقتصاد المعرفـة أيضا بأنـه" نمط اقتصادي متطور قائم على الاستخـدام واسع النطاق للمعلوماتـية و شبـكات الانتـرنت في مختلف أوجه النشاط الاقتصـادي و خاصة في التجارة الالكترونـية، مرتكزا بقـوة على المعرفة و الإبداع   و التطور التكنولوجـي  خاصة ما يتعلق بالتكنولوجيات الإعـلام و الاتصـال" ..
إن التطور الاقتصادي العالمي خلال النصف الثاني من القرن الماضي قد ارتكز وبشكل متزايد على التطور التقني والعلمي، أكثر من اعتماده على التطور الكمي في الإنتاج، وفي العقدين الأخيرين بدأ الاقتصاد العالمي يتوجه نحو المنتجات ذات الكثافة المعرفية ، وحسب معطيات تقرير التنمية البشرية عام 1999، فإن أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي لمعظم دول "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية"، يقوم على العلم، وازدادت حصة منتجات التكنولوجيا الرفيعة "High-Technology" في المبادلات الدولية من 12% إلى 24% من الصادرات العالمية خلال التسعينات. .
و نظرا لارتباطه الشديد بآخر التطورات العالمية في تكنولوجيا الإعلام و الاتصال و ارتكازه على عامل المعرفة كعنصر إنتاج جديد ، فإن اقتصاد المعرفة يختلف عن أنماط الاقتصاد السابقة في بعض الأوجه المهمة مثل  .
-على عكس عناصر الإنتاج الأخرى، لا يمكن نقل ملكية المعرفـة من طرف إلى طرف آخـر.
- يتسم اقتصاد المعرفة بأنه اقتصاد وفرة أكثر من كونه اقتصاد ندرة، فعلى عكس أغلب الموارد التي تنضب من جراء الاستهلاك، تزداد المعرفة في الواقع بالممارسة و الاستخدام وتنتشر بالمشاركة.
-يسمح استخدام التقانة الملائمة بخلق أسواق ومنشآت افتراضية تلغي قيود الزمان والمكان من خلال التجارة الإلكترونية، التي توفر كثيراً من المزايا من حيث تخفيض التكلفة ورفع الكفاءة والسرعة في إنجاز المعاملات على مدار الساعة وعلى نطاق العالم. ونتيجة لذلك، ينصب التركيز أولاً على تطوير الأسواق والشراكة والتحالف الإستراتيجي مع أطراف خارجية قبل التركيز على تطوير المنتجات.
-من الصعوبة بمكان في اقتصاد المعرفة تطبيق القوانين والقيود والضرائب على أساس قومي بحت، فطالما أن المعرفة متاحة في أي مكان من المعمورة وأنها باتت تشكل عنصر الإنتاج الأساسي، فإن ذلك يعني أن هنالك اقتصادا عالميا يهيمن على الاقتصاد الوطني.
- إن عمال المعرفـة هم أولئك الذين يسخرون الرموز أكثر من الآلات، كالمصممين وعمال البنوك والباحثين والمعلمين، فيما يمكن اعتبار المعرفة سلعة عامة (خلافا للعمل ورأس المـال ) إذ عند اكتشافها وتعميمها تصبح مشاركتها مع مزيد من المستخدمين مجانية، كما أن الذي ينتج المعرفة يجد أنه من الصعب منع الآخرين من استخدامها، وتؤمّـن بعض الوسائل مثل براءات الاختراع وحقوق الملكية والعلامات التجارية حماية لمنتِج المعرفـة.
عناصر قياس رأس المال المعرفي في مجتمع المعرفة:
أشار تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام2003 إلى أن القياس الوافي لرأس المال المعرفي يقوم على الجوانب الرئيسية لاكتساب المعرفة وعناصرها الأساسية الآتية: .
-نشر المعرفة: أساسا عبر التعليم ووسائل الإعلام والترجمة.
- إنتاج المعرفة:وتتسع لبعدين هما:
*المدخلات: العاملون بالمعرفة والإنفاق على البحث والتطوير (الكم والهيكل) ومؤسسات البحث والتطوير.
*المخرجات: وتظم عناصر النشر العلمي (الكم والنوع)، وبراءات الاختراع وإصدار الكتب وأصناف التعبير الأدبي والفني.
-البنية الأساسية لرأس المال المعرفي: وتشتمل على البنية الأساسية لتقنيات المعلومات والاتصال، ومؤسسات دعم البحث والتطوير، والمؤسسات المهنية للعاملين بالمعرفة.
المقومات الأساسية لبناء اقتصاد المعارف:
إن لاقتصاد المعرفة مقومات و مستلزمات أساسية, من أبرزها:
-تعتبر البنية التحتية لتقانات الاتصال والمعلومات لبلد ما العامل الأهم في تحديد قدرته على الانتقال إلى الاقتصاد العالمي المبني على المعرفة، حيث تشكل كثافة الخطوط الهاتفية-الثابتة والمنقولة-وانتشار الحواسيب الشخصية ومدى استخدام الانترنت المؤشرات الأساسية لهذه البنية التحتية..
- يتطلب اقتصاد المعرفة تعزيز فعالية السياق التنظيمي لإنتاج المعرفة،بما يضمن قيام نسق للابتكار يقوم على الإدارة الكفء لنقل التقانة واستيعابها وتنشيط إنتاج المعرفة المؤدي إلى توليد تقانات جديدة بما يحقق الغايات الكفاءة الإنتاجية والتنمية البشرية في آن واحد.
-تعتمد قدرة بلد ما على الاستفادة من اقتصاد المعرفة على مدى السرعة التي يمكن من خلالها أن يتحول إلى اقتصاد تعليمي، حيث يكون الأفراد والشركات قادرين على إنتاج الثروة بحسب قدرتهم على التعلم والمشاركة في الإبداع.
 -إعادة هيكلة الإنفاق العام وترشيده وإجراء زيادة حاسمة في الإنفاق المخصص لتعزيز المعرفة, ابتداء من المدرسة الابتدائية وصولاً إلى التعليم الجامعي, مع توجيه اهتمام مركز للبحث العلمي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن إنفاق الولايات المتحدة في ميدان البحث العلمي والابتكارات يزيد على إنفاق الدول المتقدمة الأخرى مجتمعة, ما يساهم في جعل الاقتصاد الأمريكي الأكثر تطورًا ودينامية في العالم (بلغ إنفاق الدول الغربية في هذا المجال 360 مليار دولار عام 2000, كانت حصة الولايات المتحدة منها 180 مليارًا).
- العمل على خلق وتطوير رأس المال البشري بنوعية عالية. وعلى الدولة خلق المناخ المناسب للمعرفة.
البنية التحتية لاقتصاد المعارف في الوطن العربي
نشر المعرفة في الوطن العربي:
تعتري عمليات نشر المعرفة في البلدان العربية في مختلف مجالاتها ( التنشئة والتعليم والإعلام والترجمة) صعوبات عديدة من أهمها شح الإمكانيات المتاحة للأفراد والأسر والمؤسسات والتضييق عل أنشطتها, وكان من نتائج ذلك قصور فعالية هذه المجالات عن تهيئة المناخ المعرفي والمجتمعي اللازمين لإنتاج المعرفة.وبالنسبة للتعليم في البلدان العربية فالبرعم من الإنجازات المحققة على المستوى الكمي إلا أن الوضع العام للتعليم مازال متواضعا مقارنة بالإنجازات دول أخرى بسبب ارتفاع معدلات الأمية، كما أن أخطر مشكلات التعليم في البلدان العربية تتمثل في تردي نوعيته.
وفي مجال الترجمة تشهد البلدان العربية حاليا حالة من الركود والفوضى، فأرقام الترجمة هزيلة للغاية، فالبلدان العربية تترجم سنويا ما يقرب من 330 كتابا وهو خمس ما تترجمه اليونان والإجمالي التراكمي للكتب المترجمة منذ عصر المأمون حتى الآن يبلغ 10000 كتاب وهو ما يعادل تقريبا ما تترجمه أسبانيا في عام واحد، كما تعاني الترجمة من وجود نقص في ترجمة كتب أساسية ،مع غياب سياسة واضحة منظمة لعملية اختيار الكتب المترجمة.
وسائل النفاذ إلى وسائط الإعلام:
تعتبر وسائل الإعلام من أهم آليات نشر المعرفة وأحد دعامات الأساسية للمجتمع المعاصر القائم على المعرفة ومصدرا جديدا لإنتاج وصناعة القيم والرموز والذوق. ولكن مازال الإعلام العربي ووسائل الوصول إليه وبنيته التحتية ومضمونه يعاني من الضعف مما يجعله دون مستوى تحدي بناء مجتمع واقتصاد المعرفة إذ ينخفض عدد الصحف في البلدان العربية إلى أقل من 53 لكل 1000شخص مقارنة مع 285 صحيفة لكل 1000 شخص في الدول المتقدمة
أما توافر أجهزة الراديو والتلفزيون في مجمل العربية فهو أقل من المتوسط العالمي, فأفضل الدول العربية نشرا لأجهزة الراديو وهي لبنان (678راديو لكل 1000 مواطن), بقيت بعيدة جدا عن معدل الدول مرتفعة الدخل (1280 راديو لكل 1000 مواطن).أما من حيث انتشار أجهزة التلفزيون فعمان تكاد تقترب من متوسط الدول مرتفعة الدخل(563 تلفزيون لكل 1000 مواطن).
أما القنوات العربية الفضائية فزاد عددها ليصل إلى 120 قناة.وأكثر من 70بالمائة من هذه القنوات تابعة رسميا للحكومات, وتبث باللغة العربية وقليل مناه باللغة الإنجليزية, وهي تعاني من صعوبات في الوصول إلى المعلومات والوثائق والبيانات مع عدم وجود مصادر مستقلة ومتنوعة للمعلومات حيث تعتمد بشكل كبير على مصادر المعلومات الغربية،أما مضامينها فتسيطر عليها السطحية والتشابه والتأكيد على القيم الاستهلاكية. (
البنية التحتية للاتصالات والفجوة الرقمية في الوطن العربي:
الاتصالات الهاتفية:
بالنسبة لشبكة الاتصالات الهاتفية والتي تعتبر بوابة الدخول لعصر المعلومات، فقد عملت الدول العربية على تطوير بنيتها التحتية للاتصالات، و تضاعفت الكثافة الهاتفية واستكملت عدة دول عربية تحويل شبكاتها إلى النظم الرقمية، إلا أنها دون المستوى العالمي حيث لا يتجاوز عدد الخطوط في الدول العربية (109 خطا لكل 1000 نسمة) في حين تصل في الدول المتقدمة ألى561 خطا.
أما عدد حاملي الهاتف المحمول فقد زاد بنسبة 340% خلال السنوات الخمس الأخيرة، ويصل عددهم إلى 28.5 مليون مستخدم. (التقرير الاستراتيجي العربي،2005)
واظهر تقرير حديث أعدم مركز دراسات الاقتصاد الرقمي بالإمارات أن معدل استخدام الهاتف النقال في المنطقة العربية يبلغ حالياً 44 مليون مستخدم وسيرتفع العدد إلى 110 ملايين مستخدم في عام 2008.
وحاليا توجد أربعة مشروعات عالمية للاتصالات وتقنيات المعلومات تساهم فيها معظم الدول العربية لتطوير قطاعات المعلومات والاتصالات، وكمثال مشروع " الكيبل" ويبلغ طوله 300000 كلم ويربط أكثر من مائة دولة منها 14 دولة عربية، إضافة إلى مشروع " أفريكا" ومشروع "كيبل ألياف ضوئية"، ومع هذه المشاريع لا تزال البلدان العربية غير قادرة على تلبية حاجات مواطنيها في هذا المجال إضافة إلى تدني مستوى الخدمة في بعض الدول العربية.
تقانات الاتصال والجاهزية الرقمية:
وفي مجال تقنيات الاتصال فقد خطت الدول العربية خطوات لا بأس بها حيث أصبحت نسبة كبيرة من شبكات الاتصال تعمل بالطرق الرقمية, ومدينة دبي للإنترنت مثال على تطور كبير في مجال تقنيات المعلومات والاتصال ويعد توافر الحاسوب من المعايير الأساسية لقياس مدى وصول تقنيات المعلومات عبر الوسائط التقنية الجديدة وتشير الإحصائيات إلى نقص شديد في حالة البلدان العربية حيث يبلغ المتوسط 13 حاسوبا لكل1000 نسمة بينما يبلغ المتوسط العالمي 78.3 حاسوب لكل 1000 نسمة.
وبالنسبة للاتصالات بالأقمار الاصطناعية فهناك القمر الصناعي" نايل سات" المخصص لأغراض الإعلام, وقريبا سيكون قمر صناعي آخر يعمل بالنظام الرقمي إلى جانب قمر "الثريا "المخصص للاتصالات.  وهذا سيحقق مجموعة من المزايا في مجال البحث المعلوماتي.
 في دراسة أُعدت لصالح منتدى دافوس الاقتصادي الدولي حول تحديات تطور تكنولوجيا الاتصالات والإعلام في العالم العربي، تم تصنيف الدول العربية إلى مجموعات ثلاث؛ مجموعة التطور السريع وتشمل الكويت والإمارات العربية المتحدة، و مجموعة الدول الصاعدة وتشمل كلا من مصر والأردن ولبنان والسعودية، ومجموعة الدول السائرة في طريق النمو وتضم المغرب وعمان وسوريا.
 ووفقا إلى مؤشر الجاهزية الرقمية لعام 2003، الذي يعتبر مقياساً مقارناً لتقويم وضع البيئة الإلكترونية الرقمية لأداء الأعمال وملاءمة البنية التحتية للمعلوماتية والاتصالات والبرامج الحكومية وحجم التجارة الإلكترونية في كل دولة، والذي تضم قائمته 60 دولة، لم يتضمن إلا ثلاث دول عربية هي السعودية، التي جاءت في المرتبة (45)، ومصر التي جاءت في المرتبة (51)، ثم الجزائر التي جاءت في المرتبـة (58).
 ووفقاً لما جاء في نشرة ضمان الاستثمار الصادرة عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، فإن من أهم العوائق الأساسية التي تؤثر سلباً على الجاهزية الرقمية والتجارة الإلكترونية ودرجة تقدمها أو تراجعها في الدولة هي ضعف تطبيق خدمات الشبكة الدولية للمعلومات وارتفاع تكلفتها ذلك أن خدمات الشبكة الدولية للمعلومات تشكل البنية التحتية المطلوبة لأي جاهزية رقمية وقيام تجارة إلكترونية.
 وفي هذا الصدد أشارت نشرة ضمان الاستثمار، إلى أن نسبة انتشار الشبكة الدولية للمعلومات في الدول العربية ستصل إلى حوالي07 % من إجمالي السكان في الدول العربية عـــام 2003  مقابل 70% في الولايات المتحدة الأمريكية و50% في أوروبا الغربية. وتبلغ نسبة مستخدمي الشبكة الدولية للمعلومات في الدول العربية إلى عدد مستخدمي الشبكة الدولية للمعلومات في العالم حوالي 6%. هذه الأرقام تطرح إشكالية حجم الخلل الهيكلي الذي تعاني منه الاقتصادات العربية التي تخلفت منفردة عن ركب الاقتصاد الجديد، وفشلت مجتمعة في بناء تكامل اقتصادى.
استخدام الانترنت:
وأحد المؤشرات على إمكان التوصل إلى المعرفة في عصر الاتصال, هو متوسط عدد حواسب الانترنت لكل فرد, وتحتل المنطقة العربية بين مناطق العالم الأخرى كما هو مبين في الجدول الآتي, أدنى مستوى في الوصول إلى تقانات المعلومات والاتصالات, حيث تبدو الدول العربية فيما خلا الكويت والإمارات متساوية في فقرها إلى تقنيات المعلومات والاتصالات 



وتشير الإحصائيات إلى أن انتشار الإنترنت مازال محدودا, وأن عدد مستخدمي الإنترنت في الدول العربية وصل في عام 2001إلى 4.2% مستخدم يشكلون 1.6 % من سكان الوطن العربي, ويرجع هذا الانخفاض لعدة أسباب منها انخفاض مستوى المعرفة بالحواسب والإنترنت وارتفاع أسعار الخطوط المستخدمة ورسوم الاشتراك. كما أن عدد مواقع الشبكة الدولية للمعلومات باللغة العربية لا يزيد عن 1 % فقط من كل مواقع الشبكة حسب بيانات سنة 2001، وربما تحسن الوضع قليلا فى السنوات التالية.
وتبقى إمكانيات الدخول للإنترنت وتجهيزات الاتصال الفردية احتكاراً للنخبة والفئات القادرة اقتصاديا من الطبقات الوسطى العربية. وبالإضافة لذلك فإن الفجوة في الوصول للإنترنت وأدواتها بين الدول العربية وباقي العالم تتزايد، ووفقا لبيانات اتحاد الاتصالات الدولى للعام 2001، جاءت المنطقة العربية باعتبارها تملك ثالث أقل معدل لانتشار الشبكة الدولية للمعلومات بين سكانها وبنسبة 2.2% فقط، وهي تسبق بذلك فقط جنوب أسيا 0.3%، وإفريقيا جنوب الصحراء 0.6 %، ولكنها تأتى بعد الدول النامية إجمالا والتى حققت نسبة2.9%.ورغم وجود بعض المبادراتة و التي تتسم غالبيتها بالفردية والمحدودية لرفع الوعي التكنولوجي فى المجتمعات العربية، ما زال هناك صعوبة في الحصول على أجهزة الحاسب الشخصي لمعظم السكان.
و كشف تقرير حديث أعده مركز دراسات الاقتصاد الرقمي (مدار) ان عدد مستخدمي الإنترنت في الدول العربية حالياً يبلغ 17 مليون مستخدم وتوقع التقرير الذي ان يرتفع العدد الى52 مليون مستخدم بحلول العام 2008.والجدول الآتي يبن مدى انتشار الانترنت في الوطن العربي:

         

وفي هذا الإطار تمت عدة مبادرات في جانب بعض الدول العربية منها تخفيض رسوم الاشتراك وأسعار الهاتف المستخدم إظافة إلى التعليم مهارات استخدام الحاسوب وتعميم تدرسيه في المدارس والجامعات (
وقد شهدت عدة دول أخرى إنشاء ما يسمى بوادي التكنولوجيا، كما هو الحال فى مصر وسوريا. وبالنظر إلى التطور الذي قطعته دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال إقامتها لمدينة الشبكة الدولية للمعلومات، وسعيها إلى رفع نسبة استخدام الشبكة الإليكترونية بين سكانها إلى 38% مع مطلع عام 2005،كما أبدت دول عربية أخرى إقبالا على تطوير البنية الأساسية للشبكة الدولية للمعلومات، حيث يخطط لبنان لإقامة مدينة إنترنت شبيهة بمدينة دبى. وعلى نفس النسق، حدد الأردن من ضمن أهدافه رفع نسبة مستخدمي الشبكة الدولية للمعلومات لديه إلى 80% مع حلول عام 2020. (التقرير الاستراتيجي العربي،2005) ،وقد كشف تقرير حديث أعده مركز دراسات الاقتصاد الرقمي (مدار) أن عدد مستخدمي الإنترنت في الدول العربية حالياً يبلغ 17 مليون مستخدم وتوقع التقرير أيضا أن يرتفع العدد الى52 مليون مستخدم بحلول العام 2008.
قطاع الأعمال العربي وتوظيف المعلوماتية
   قامت بعض البنوك المركزية العربية بوضع الأسس لتشغيل البنوك وفق النظم الإلكترونية والدفع عبر الهاتف، ولكن يلاحظ وجود مستوى منخفض فى معدلات انتشار بطاقات الائتمان فى مجمل المنطقة العربية. وتقدم السعودية والإمارات ولبنان والأردن أمثلة جيدة من حيث وجود العديد من البنوك لديها والتي تملك خدمات عبر الهاتف، بداية من التسهيلات البنكية البسيطة إلى الدفع عن بعد. وتقدم البنوك اللبنانية خدمات لتسهيل وضمان إجراءات التجارة الإلكترونية.
  و يعد قطاع الأعمال التقليدي بما فيه الأغلبية العظمى من الشركات والمشروعات العربية، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة العربية، من القطاعات التي لم توظف بعد قدرات الاتصال الحديث والمعلوماتية على نطاق واسع، ومازالت تعتمد على التعامل الشخصي بدلاً من التعاملات الرقمية خاصة في مصر والمغرب. أو بعبارة أخرى فإن هذا القطاع غير جاهز بعد لتبني الثورة الرقمية، ومازالت معظم مواقع الشبكة الدولية للمعلومات العربية التابعة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة مواقع ذات معلومات جافة، تقدم في أفضل الأحوال قوائم بالخدمات المتاحة فقط. وتعود عدم الاستفادة من الثورة الرقمية والنفاذ إلى أسواق جديدة وتسهيل التعاون البنكي والتجاري فيما بين الدول العربية، إلى التدريب المنخفض ومستويات الوعي الضعيفة.
الفجوة الرقمية في الوطن العربي:
إن مجموعة المؤشرات التي قدمناها سابقا (عدد الهواتف ،عدد الحواسيب الشخصية،وعدد مواقع الانترنت، ومستخدميها، منسوبة إلى عدد السكان)،تعبر توزيعاتها الإحصائية عن الفجوة الرقمية،فالبلدان العربية تأتي ضمن الشرائح الدنيا لهذه التوزيعات، مما يوحي باتساع الفجوة الرقمية بين البلدان العربية وبقية العالم ،فبينما تحتل البلدان العربية موضعا لابأس به فيما يخص نسبة الهواتف،وعدد الحواسيب الشخصية ،إلا أنها تأتي في آخر القائمة فيما يخص عدد مواقع الانترنت وعدد مستخدمي الشبكة المعلوماتية،حيث يعبر كل من المؤشرين الآخرين على مستوى التنمية المعلوماتية ومدى التجاوب المجتمعي مع تقانات المعلومات والاتصال.. كما أظهرت المسوحات العالمية لمحتوى الإنترنت أن اللغة العربية لا تتجاوز 1% من كافة المحتوى في حين تمثل اللغة الإنجليزية 68.8 % من الإجمالي وهذه النسبة الضئيلة للوطن العربي تكاد تكون مستقرة رغم كل محاولات إنقاذها .
الإنتاج العلمي والتطور التقاني في الوطن العربي.
النشر العلمي:
تقع الدول العربية وفق عدد المنشورات العلمية للسكان (26 بحث لكل مليون فرد في العام 1995) ضمن المجموعة المتقدمة من الدول النامية, غير أنها تبقى بعيدة عن مستوى الإنتاج في الدول العربية مثل سويسرا(1878).

وتبلغ عدد منشورات العلماء العرب في دوريات عالمية محكمة حوالي7000 نشرة عام1995.بينما اقتصر عدد المؤسسات العلمية العربية التي نشرت أكثر من 200 بحث على خمس مؤسسات, وعند فحص مضمون هذه المنشورات يتبين ضآلة البحث في العلوم الأساسية في مجالات الفلك والفيزياء والرياضات فلا يتجاوز 10%.أما الأبحاث التطبيقية فقد استحوذت على نحو90 % من إجمالي الناتج المنشور.
ورغم زيادة عدد البحوث العربية المنشورة في دوريات عالمية محكمة, إلا أن النشاط البحثي العربي ما زال بعيدا عن عالم الابتكار أما البحوث في المجالات المتقدمة مثل تكنولوجيا المعلومات والبيولوجيا الجزئية فتكاد تكون معدومة.
براءات الاختراع:
تؤكد المؤشرات الخاصة بعدد براءات الاختراع للبلدان العربية ضعف نشاط البحث والتطوير وتخلفه عن الدول المتقدمة وبعض الدول النامية وهذا ما يبينه الجدول التالي:
عدد براءات الإختراع المسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية من بلدان عربية وغير عربية خلال الفترة 1980-2000.
دول عريبة
دول أخرى

الدول
عدد براءات الإختراع
الدول
عدد براءات الإختراع


البحرين
مصر
الأردن
الكويت
عمان
السعودية
سوريا
الإمارات
اليمن
6
77
15
52
5
171
10
32
2


كوريا
إسرائيل
تشيلي
16328
7652
174









وبالرغم من أهمية براءات الاختراعات و النشر العلمي كمؤشرات على تطور نشاط العلمي والتطور التقني, إلا أنها لا تعبر عن النشاط الإبتكاري الذي يعد أحد دعائم اقتصاد المعرفة والتنمية الإنسانية.
إعداد العاملين في إنتاج المعرفة والعاملين في البحث والتطوير:
تعتبر الموارد البشرية عالية التأهيل والكفاءة والخبرة من أهم مدخلات ومقومات العمل في الأنشطة البحثية والتطويرية والإبتكارية. وفي البلدان العربية تظهر الإحصائيات الارتفاع المطرد في عدد المنتسبين إلى مؤسسات التعليم العالي في البلدان العربية.إلا أن هذه الإحصائيات تظهر أن قلة فقط من المنتسبين تخصصوا في العلوم الأساسية والتقانة.
أما فيما يخص العاملين في البحث والتطوير في الوطن العربي فالمعطيات تشير إلى:
-يبلغ العدد الإجمالي للباحثين المتفرغين للبحث حوالي 35000.
-يتوافر في المتوسط 3.3باحث لكل 1000فرد من القوى العاملة (إحصائيات 1996).وهي نسبة متدنية مقارنة مع الدول المتقدمة.
-هناك نحو50 فنيا لكل مليون مواطن،وهي نسبة متدنية إذا ما قورنت بالنسبة للدول المتقدمة والتي تتجاوز النسبة فيها 1000 فني لكل مليون فرد.والشكل الآتي يبين انخفاض نسب العلماء والمهندسين العاملين بالبحث والتطوير في البلدان العربية مقارنة بمناطق أخرى من العالم: 


وفي هذا الإطار يجب الإشارة إلى تجربة الإمارات العربية المتحدة، فهي تلتزم بإعداد قوى عاملة وطنية ماهرة. وقد أُسس مركز الامتياز للبحوث التطبيقية والتدريب منذ أكثر من عقد مضى وهو يمثل الآن محور شبكة كليات التقنية العليا وعددها 13. وقد أقام هذه المركز تحالفات إستراتيجية مع مجموعة متنوعة من الشركاء متعددي الجنسيات كوسيلة لإقامة مورد إقليمي ،كما يقدم المركز دورات تدريبية في مجالات متنوعة تشمل الهندسة والأعمال التجارية والرعاية الصحية وفرصاً للتنمية المهنية والتعلم طوال العمر لمواطني دولة الإمارات ومنطقة الخليج ويقدم دورات تدريبية عبر الإنترنت لبقية دول العالم. هذا بالإضافة إلى مبادرات أصبحت معروفة على الصعيد الدولي كمدينة دبي للإنترنت ومدينة دبي الإعلامية.
الإنفاق على البحث والتطوير:
يعتبر الإنفاق على قطاع تقنية المعلومات وأبحاث تطوير المنتجات عالية التقنية في الدول المتقدمة والعربية مازال يحتاج إلى المزيد، وتأتي السويد على رأس هذه الدول، تليها اليابان ثم الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإنجلترا. وقال التقرير أن تونس تأتى على رأس الدول العربية في الإنفاق على تقنية المعلومات، تليها الأردن ومصر والسعودية وسوريا والكويت والإمارات.
وقد أوضح تقرير الاتحاد العربي لتقنية المعلومات أن الدول العربية تأتى في المرتبة الرابعة على صعيد صادرات منتجات التقنية المتوسطة بنسبة 7% ، بعد دول أميركا اللاتينية والكاريبى وشرق أوروبا.
ولا تتجاوز مخصصات ما تنفقه الدول العربية على البحث والتطوير  0.2 % من الناتج القومي في حين تتراوح هذه النسبة في الدول المتقدمة بين2.5-5 % بالإظافة إلى أن 89% من الإنفاق على البحث والتطوير في البلدان العربية من مصادر حكومية ويستهلك معظمه في تغطية رواتب العاملين, وتساهم القطاعات الإنتاجية والخدمية بنحو3% بينما تزيد هذه النسبة في الدول المتقدمة عن 50% ويدل على محدودية النشاط الإبتكاري وكذا غياب الوعي المجتمعي بضرورة دعم البحث والتطوير).  
مؤسسات البحث والتطوير:
تمارس نشاطات البحث والتطوير في البلدان العربية أساسا في مؤسسات التعليم العالي والمراكز البحثية التخصصية المرتبطة ببعضها, أو في مراكز وهيئات البحث العلمي وفي هيئات ووحدات البحث والتطوير ويبلغ مجمل هذه المؤسسات والمراكز 588مركزا حسب تقديرات سنة2000.
ويرتبط البحث العلمي في الجامعات العربية بالدراسات العليا والترقية العلمية ويتسم بالطابع الأكاديمي, أما المراكز المتخصصة والمرتبطة بالجامعات فهي تتخصص في مجالات الأبحاث الزراعية والطبية والهندسية ويبلغ عددها 126مركزا.
أما مراكز الأبحاث الوطنية أو المرتبطة ببعض الوزارات أو المؤسسات فيبلغ عددها 278 وتتخصص معضمها في مجال الزراعة والموارد المائية والصحة والتغذية.أما المراكز المتخصصة في مجال التقنية الحيوية أو الإليكترونيات فلا تتجاوز نسبتها 3%.
بالإضافة إلى مراكز البحث هناك وحدات البحث والتطوير المستقلة أو المرتبطة بالمؤسسات الإنتاجية وهي محدودة العدد والأداء. وتجدر الإشارة هنا إلى أن معظم مراكز البحث في الوطن العربي غير مهيأة لتحويل ناتج بحث إلى منتج استثماري بسبب غياب التوجهات أو ضعف الإمكانيات والخبرات اللازمة للأنشطة الإبتكارية
وفي محاولة لتطوير طاقاتها العلمية تعمل بعض الدول العربية لإيجاد المنظومات والمؤسسات الكفيلة بتنشيط البحث العلمى فى مجالات مختلفة، وإفساح الفرص أمام الباحثين الوطنيين للعمل والحصول على المخصصات المناسبة. ففى المغرب يخضع البحث العلمي وتطوير المعلوماتية لقيادة المركز القومي للبحث العلمي والتكنولوجي والذي يحصل على الدعم الفني من معاهد بحثية فرنسية. وهناك ست دول عربية تعمل على تشغيل مراكز تكنولوجية لتطوير البحوث التكنولوجية. ففي السعودية هناك مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا والتي توسعت من دراسة البحوث في مجال البترول فقط لتشمل الطاقة الذرية والفلك والجيوفيزيقا والكمبيوتر والإليكترونيات والفضاء. أما الأردن فله خطة جديدة لكنها ذات نطاق أضيق نظرا للنقص الموجود في تمويل البحوث التطبيقية
نقل التقانة وتوطينها في الوطن العربي:
سياسات نقل التقانة وتوطينها في الوطن العربي:
يمكن القول بأن تجربة البلدان العربية في نقل وإدارة وتوطين التكنولوجيا لم تكن في المستوى المطلوب فقد عمدت هذه الدول على اقتناء التكنولوجيا من خلال (عقود شراء وسائل الإنتاج, وعلى تدريب العمالة المحلية, وقد اقتصرت سياسات التصنيع العربية على مفهوم اقتناء وسائل الإنتاج وعدم الاهتمام بالسيطرة على التقانات وتوطينها, مما جعل هذه التقانات تتقادم بمرور الوقت. حيث أصبحت المؤسسات الإنتاجية غير قادرة على المنافسة وكان رد الفعل هو تطبيق قوانين وأنظمة الحماية.
ومع اتساع الفجوة التقانية بين الدول العربي والعالم المتقدم لجأ العديد من البلدان العربية إلى تحرير الاقتصاد وتبني سياسة تشجيع الاستثمارات الأجنبية وقد راهنت هذه الدول على فكرة أن التبادل التجاري والانفتاح على الدول المتقدمة من شأنه أن يوجد بيئة تجتذب التقانة.
ولكن الذي حدث هو أن سياسة الانفتاح لم تؤدي إلى نقل حقيقي للتقانة ناهيك عن توطينها, حيث تبين أن الشركات المتعددة الجنسيات قد إحتفضت بأجزاء عمليات الإنتاج ذات الكثافة المعرفية والمهارة البشرية العالية . (
الروابط بين المؤسسات البحث العلمي والقطاعات الإنتاجية:
تعد عملية ترويج البحث العلمي وتوطين نتائجه في التنمية من بين المعايير المعمدة في قياس مدى تحقيق مؤسسات البحث والتطوير لأهدافها, فعملية ترويج البحث العلمي تواجه صعوبات أساسية في غالبية البلدان العربية نذكر منها:
-غياب النشاط الإبتكاري
-محدودية الخبرة في مؤسسات البحث والتطوير في المجال الصناعي.
-تدني مستوى المعرفة بالتقنيات الصناعية.
-افتقار مراكز البحث والتطوير إلى إمكانيات التصميم وإنتاج النماذج.
-النزعة نحو مكافأة الباحثين وترقيتهم على أساس الأبحاث الأكاديمية.
ونتيجة لما سبق فالإنجازات البحثية والتطويرية لم تصل إلى حيز الاستثمار, ومع ذلك فإن بعض الدول العربية اعتمدت آليات فعالة لتوظيف نتائج البحث والتطوير عن طريق أسلوب العقود لصالح قطاعات إنتاجية ساهمت في إيجاد بدائل محلية وفك بعض الأسرار الصناعية إلا أنحجم هذه العقود مازال ضعيفا (124 مشروعا بحثيا مسوق)خلال المدة (1971-1997).
حاضنات الأعمال والتقانة:
تعرف الحاضنات بأنها بيئة إطار متكامل من المهام والمهارات والتجهيزات والخدمات والتسهيلات والاستشارة والتنظيم, مخصصة لمساعدة رواد الأعمال في إدارة وتنمية المنشآت الجديدة ورعايتها لمدة محدودة, وهي تمثل نمطا جديد من البنى الداعمة للنشاطات الابتكارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو المبدعين الذي تنقصهم الإمكانيات لتطوير أبحاثهم وتسويقها .
ولقد بدأ اهتمام محدود في بعض الدول العربية نحو إطلاق مبادرات هدفها إقامة هذه البنى الجديدة ، ففي مصر مدينة مبارك للبحث العلمي والتطبيقات التكنولوجية إضافة إلى الصندوق الاجتماعي للتنمية حاضنات الأعمال والتقنية كآلية لدعم المشروعات الصغيرة وتنمية المهارات لدى التقنيين , وخطة الصندوق إنشاء 30 حاضنة في مصر أنشأ منها 9حاضنات حتى عام 2002 .
وفي دول الخليج تم إنشاء مدينة الانترنت في دبي وحاضنات أبو ضبي للأعمال وحديقة للعلوم في دولة الإمارات، ومشروع الحاضنات التكنولوجية في الكويت, وفي الأردن حديقة تكنولوجيا المعلومات،كما أقامت مجموعة التقانة الأردنية 17 عشرة شركة مستقلة في مختلف المجالات التقانية ..  أما فيما يخص تونس، فإن الأهداف الرئيسية لمشروع الحاضنة الوطنية التونسية هي تنسيق جميع المبادرات المتعلقة بالحاضنة مع إتاحة الفرص لتبادل الخبرات والمعلومات بين مختلف المشاركين وتعزيز مفهوم الحاضنة كوسيلة لتشجيع تطوير الخبرات الأخرى جنباً إلى جنب مع الخبرات المماثلة.

الخاتمة:
لقد تبين من خلال هذه الورقة البلدان العربية تعاني نقص المعرفة نشرا و إنتاجا و توظيفا, واتساع الفجوة الرقمية بين البلدان العربية و بقية العالم، وهذا ما يفسر بضعف البنية التحتية في مجال تقانات المعلومات و الاتصال والبحث والتطوير التقاني, وكذا هشاشة الأسس التي تعتمد عليها الاقتصاديات العربية ،و هذا ما جعل انتقالها إلى الاقتصاد المعرفي و اندماجها في الاقتصاد العالمي عملية صعبة ،رغم زيادة الاهتمام والوعي الذي تبديه بعض البلدان العربية في محاولة لتطوير و تحسين البنية التحتية للمعلوماتية وبناء القدرات التكنولوجية.








Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

شركنا برايك ووجهة نظرك