انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد
E-currencies exchanger
E-currencies exchanger

samedi 19 janvier 2013

خمس قضايا في حقوق الإنسان

خمس قضايا في حقوق الإنسان
اخترت في معالجتي لمسألة حقوق الإنسان طرح منهج شمولي يتضمن خمس نقاط متداخلة ومتكاملة. فلقد رأيت أن تتضمن مناقشتي لهذا الموضوع، المفهوم والقضية معا، فمفهوم حقوق الإنسان هو حقل واسع يشتمل كما أرى على خمسة موضوعات فرعية رئيسة، وترتبط بكل موضوع فرعي قضية خاصة به نشأت نتيجة اختلاف وتباين وجهات النظر حول الموضوع نفسه. ففي حقوق الإنسان إذن خمس قضايا وليس قضية واحدة، وان النظر لمسألة حقوق الإنسان على أنها قضية عامة واحدة يوقعنا في محظور الانسياق وراء النظرة الغربية الشائعة، التي أهملت الجانب المفهومي لحقوق الإنسان وقدمت الموضوع بوصفه قضية عالمية واحدة. وجوهر هذه القضية ـ كما تعكسها هذه النظرة ـ مبني على أساس عالمية قيم حقوق الإنسان المصوغة في الغرب وتقسيم الأفراد والمجتمعات والدول والقوانين تبعا لذلك إلى فئتين رئيستين: فئة تؤيد هذه الحقوق، وفئة تعارضها. لكن طرح موضوع حقوق الإنسان وفق هذه النظرة الضيقة فيه كثير من التجني على حقائق الأمور في العالم والكثير من التعدي والتطاول على قيم وعقائد الشعوب. ولهذا، فلقد رأيت مناقشة موضوع حقوق الإنسان من خلال استعراض النقاط الفرعية الخمس والتي تغطي الموضوع بأكمله وتبرز جميع قضاياه الحقيقية، فكل موضوع فرعي من هذه الموضوعات يتضمن اختلافا نظريا بين رؤيتين رئيستين في الموضوع، وأصبحت لدينا بالتالي قضية خاصة بالموضوع نفسه. فالنظرة شائعة لحقوق الإنسان، لكن الاختلاف ينصب على طبيعة الحقوق ومضمونها وخصوصياتها الوطنية ووضعها في القانون الدولي. والقضايا الخمس في حقوق الإنسان هي:
1 ـ القضية القانونية ووضع حقوق الإنسان في القوانين الوطنية والقانون الدولي.
 2 ـ قضية الأولويات في الحقوق.
 3 ـ قضية الموازنة بين حرية الفرد وحقوقه وبين الصالح العام.
4 ـ قضية العلاقة بين العالمية والخصوصية في حقوق الإنسان.
 5 ـ قضية التناقض بين الانتصار لحقوق الأفراد وخاصة الحقوق السياسية والمدنية والسكوت عن اضطهاد الشعوب.
القضية الأولى التي نشأت نتيجة الاختلاف في النظرة إلى وضع حقوق الإنسان في القوانين الوطنية وفي الاتفاقيات والمواثيق الدولية، فهناك من يدعو إلى هيمنة القانون الدولي على القانون الوطني في هذا الأمر، وهناك من يعارض هذا التوجه على أساس مبدأ السيادة الوطنية. ولمعالجة الاختلاف في هذا الأمر دعا البعض إلى ضرورة تكيف القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية من ناحية، والى تأكيد المرونة في المواثيق الدولية من ناحية أخرى، وبالشكل الذي يعطي الدول الحق في التمسك بثوابتها وأسسها الوطنية عند التعامل مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وتتمسك الدول الإسلامية بهذا الموقف بشكل قوي وخاصة في الدول التي تقوم قوانينها وأنظمتها الوطنية على أساس الشريعة الإسلامية مثل المملكة العربية السعودية.
وتتعلق القضية الثانية من قضايا حقوق الإنسان بتحديد أولويات الحقوق الإنسانية. فقائمة حقوق الإنسان واسعة جدا، وتتضمن حقوقا سياسية ومدنية واقتصادية ودينية واجتماعية وثقافية عديدة. ويمكن تقسيم حقوق الإنسان، كما سوف أوضح، وفق مجموعة من التصنيفات المعروفة علمياً، ويتركز اهتمام الدول الغربية وجماعات حقوق الإنسان في العالم على الحقوق السياسية والمدنية، وأما الحقوق الإنسانية الأخرى مثل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فإنها لا تحظى بنفس القدر من التركيز والاهتمام بالرغم من أن أهميتها بالنسبة لحياة الإنسان قد تفوق أحيانا أهمية الحقوق السياسية والمدنية. ولكي نتمكن من إدراك مضمون هذه القضية ينبغي أن نلم أولا بكامل أنواع حقوق الإنسان وبالتصنيفات المختلفة لها. فما هو المقصود بحقوق الإنسان وما هي تصنيفاتها المختلفة؟ لا توجد قائمة واحدة لحقوق الإنسان، فالقوائم متعددة، ولكن يمكن العودة لقائمة الأمم المتحدة للاستفادة منها، علما بأن هذه القائمة تتضمن بعض الحقوق غير المقبولة في بعض المجتمعات، كما تفتقر إلى النص على بعض الحقوق الأساسية التي تعتبر مهمة جدا في بعض مجتمعات ودول العالم. وإذا تأملنا في الاتفاقيتين الدوليتين اللتين أقرتهما الأمم المتحدة في يناير ومارس من عام 1976م، وتتعلق إحداهما بالحقوق المدنية والسياسية، والثانية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، نجد أنهما تنصبان على الحقوق التالية: بالنسبة للاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان المدنية والسياسية، فلقد أكدت في مقدمتها على مساو الرجال والنساء في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، ونصت في المواد (6 ـ 20) على مجموعة الحقوق المدنية وأهمها الحق في الحياة والحرية، والحق في حرية التنقل والإقامة، والحق في المساواة أمام القضاء، والحق في حرية الفكر والتعبير والديانة. كما نصت في المواد (21 ـ 27) على الحقوق السياسية ومن أهمها الحق في التجمع السلمي، والحق في تشكيل النقابات، والحق في الانتخابات، والحق في الاستفادة من الخدمة العامة، وحق المشاركة في الحياة العامة للدولة.
وبالنسبة للاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فلقد نصت في المواد (6 ـ 15) على هذه الحقوق وهي: الحق في العمل واتخاذ إجراءات ضمانه، والحق في ممارسة الإضراب وفق الضمان الاجتماعي وحماية الأطفال، وحق كل فرد في مستوى معيشي مناسب لنفسه وعائلته، وحق كل فرد في مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، وحق كل فرد في الثقافة.
ويتضح من هاتين الاتفاقيتين أن التصنيف الرئيسي للحقوق يتضمن خمسة حقوق أساسية تشمل الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبموجب تصنيف آخر يمكن التمييز بين نوعين رئيسين من الحقوق هما:
 1 ـ حقوق تتعلق بالفرد مثل الحق في العمل والحق في التنقل وحق للحرية.
2 ـ حقوق تتعلق بمجموعة من الأفراد معا، حيث أن وجودها يفترض وجود مجموعة من الإفراد يقومون بعمل أو نشاط مشترك مثل الحق في تكوين النقابات، والحق في التجمعات السلمية. كما يمكن وفق تصنيف ثالث تصنيف حقوق الإنسان على أساس فئوي مثل حقوق المرأة، وحقوق الطفل، وحقوق المعوقين، وحقوق العمال، وحقوق الأقليات. ويتم أحيانا تصنيف الحقوق من حيث دور الدول بها، حيث يتم التمييز بين ثلاثة أنواع من الحقوق: الحقوق التي تستوجب امتناع الدول عن القيام بممارسات معينة بحق الأفراد، والحقوق التي تتطلب من الدول وضع اسس وإجراءات معينة لضمان نفاذها، والحقوق التي تستلزم من الدول الالتزام بتوفير بعض الحقوق وخاصة في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وهناك أخيرا التقسيم بين حقوق الفرد وحقوق الجماعة، حيث يتم التمييز في الحقوق الإنسانية بين الحقوق الفردية للأفراد وحقوقهم الجماعية التي تتعلق بحياتهم المشتركة في المجتمع والتي يمكن التعبير عنها بالحق العام أو حق المجتمع أو حق الجماعة والأمة في الدولة الإسلامية.
يتضح مما سبق، أن قائمة حقوق الإنسان واسعة ومتعددة المضمون. ولقد نتج عن ذلك نشوء اختلاف بين الأفراد والمنظمات والدول والقوانين في أولوية الاهتمام التي يتم إعطاؤها لفئة أو مجموعة من الحقوق أكثر من غيرها. فإذا عدنا إلى الاتفاقيتين الدوليتين اللتين أقرتهما الأمم المتحدة، وهما اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية واتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتأملنا في نصوصهما وفي الإجراءات المحددة لمتابعة تنفيذ كل منهما، يمكننا أن نلاحظ بوضوح أن الحقوق السياسية والمدنية تحظى من الأمم المتحدة باهتمام وأولوية اكبر من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويمكننا أن نلاحظ الشيء نفسه بالنسبة للاتفاقيات الإقليمية مثل الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وكذلك الأمر بالنسبة لمنظمة العفو الدولية التي تهتم في المقام الأول بالحقوق الفردية السياسية والمدنية، وذلك على حساب اهتمامها بحقوق الجماعة أو المجتمع والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. صحيح أن جميع الحقوق مهمة، وليس القصد هنا هو التقليل من شأن أي منها، ولكن، ماذا يهم الإنسان الأمريكي والأوربي الفقير إذا كانت جميع حقوقه السياسية والمدنية متاحة ومصونة، ولكن ليس هناك من يهتم بمساعدته في تأمين لقمة العيش له ولأفراد أسرته؟ أن فقراء أمريكا وأوربا الذين يمتنعون عن ممارسة حقهم في الانتخاب المرة تلو الأخرى، يقولون للعالم بصوت واضح وجلي أن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية هي أهم لديهم من حقوقهم السياسية. وليس الهدف هنا هو انتقاد الغرب بسبب اهتمامه بالحقوق السياسية والمدنية، ولكن الهدف هو سؤاله عن سبب إهماله للحقوق الاقتصادية والاجتماعية؟ وفي ما يتعلق بمسألة أولويات الحقوق أيضا، فمن يمكنه القول بأن الدول التي تعطي أهمية أكبر لحق الفرد مقابل اهتمامها بحق الجماعة هي أفضل من الدول التي تقدم حق الجماعة على الفرد. وفي نفس السياق أيضا، فإن الدول التي تتمسك بعقوبة الإعدام، وفي مقدمتها الدول الإسلامية، تعطي أهمية اكبر لحق الجماعة ولحق المجني عليه (المقتول) من اهتمامها بحق القاتل في الحياة. وفي المقابل فإن الدول التي تعارض عقوبة الإعدام فإنما تنحاز لجانب حق القاتل في الحياة و تهمل حق الجماعة وتعتقد أن حق المقتول قد انتهى بنهاية حياته. وهكذا، وبكل بساطة، تدعي هذه الدول بأنها أكثر اهتماما من غيرها بحقوق الإنسان، فهل يعقل هذا الادعاء؟


2 commentaires:

شركنا برايك ووجهة نظرك