انضموا معنا

انضموا معنا
نفيــــــــــــد و نستفيـــــــــــد
E-currencies exchanger
E-currencies exchanger

samedi 19 janvier 2013

الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة

-->

الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة

الالتزامات القانونية لدولة الاحتلال تجاه المدنيين أن بيان الالتزامات القانونية لدولة الاحتلال تجاه المدنيين جاء هنا لتفهم أحكام الاتفاقية الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول تفهما واضحا، لأن هناك علاقة ديناميكية بين هذه الالتزامات وسائر ما تكلمت عنه سابقا من حقوق للمدنيين في الأقاليم المحتلة من ناحية، ومن ناحية أخري من خصائص واقعة الاحتلال الفعلية المؤقتة وما لسلطة الاحتلال من اختصاصات مقيدة في الإقليم المحتل.
لما كانت طبيعة الالتزامات القانونية العامة التي تتعهد بها الدول الأطراف المتعاقدة في المواثيق والمعاهدات الدولية، تشمل على حد سواء ما يمكن أن يسمى تبعاً لعمل لجنة القانون الدولي، التزامات بسلوك وتحقيق نتيجة، والتزامات بالامتناع عن سلوك أو فعل ما، وهذا ما نجد أيضا صداه في فقه القانون الخاص، حيث إن أغلب هذا الفقه يقسم محل التزام إلى التزامات إيجابية والتزامات سلبية، فيتضمن الالتزام الإيجابي الالتزام بإعطاء أو القيام بعمل، ويكون الالتزام سلبيا بالامتناع عن عمل، وبناء على ما تقدم فسوف نوضح هذه الالتزامات الموضوعية والإجرائية لدولة الاحتلال من خلال مطلبين، نتناول في الأول التزام المحتل القيام بأعمال معنية لفائدة المدنيين، أما المطلب الثاني نتناول فيه التزام المحتل عدم القيام بأعمال محظورة ضد المدنيين في الأقاليم المحتلة وذلك كما يلي بيانه:
التزام المحتل القيام بأعمال معينة لفائدة المدنيين
لعل أهم ما نبدأ فيه هذا الموضوع هو الإشارة إلى أن اللائحة الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة 1907، قد حددت هذا الالتزام في المواد من 42 إلى 56 منها، كما فعلت الاتفاقية الرابعة والبروتوكول الأول، محل الدراسة التي ترمي لبيان ما مدى نجاحهما في فرض التزامات على عاتق دولة الاحتلال بما يحقق الحماية اللازمة للمدنيين؟
بما يلي بيانه سوف نتوقف عند أهم صور هذا الالتزام في الفروع الثلاثة كم يلي 
:
الفرع الأول
إقرار دولة الاحتلال بتطبيق القانون الدولي الإنساني على الإقليم المحتل على الرغم من أن تطبيق القانون الدولي الإنساني، يتم بمجرد توافر الظروف الموضوعة لحالة الاحتلال، التي ترتكز على معيار أساسي هو الوقوع الفعلي للأعمال العدائية وما يتمخض عنها من احتلال، فإن رفض أطراف النزاع أو أحدهما الإقرار بوجودها ليس من شأنه تبرير تعليق تطبيق الاتفاقية، التي حددت المادة الثانية منها على أن "...تطبيق الاتفاقية أيضا في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي.." وهذا ما أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بفورية وحتمية تطبيق أحكام الاتفاقية الرابعة على الأقاليم المحتلة.
عليه فلا يحق لأية دولة أن تتنصل من تطبيقها القانون الدولي الإنساني على الإقليم المحتل، لأي سبب متى توافرت الشروط الموضوعية له، وإلا أصبحت الاتفاقية الرابعة حبرا على ورق، إذا ما سمح لدولة بالتشكيك في السيادة على الأقاليم التي تحتلها، كما أنه طول أمد الاحتلال وحسب المادة السادسة لا يعفي دولة الاحتلال من تطبيق الاتفاقية ما دامت تمارس وظائفها الحكومية في الأراضي المحتلة، فإن كان ذلك سهلا من الناحية النظرية، فإن تكتنفه صعوبات من الناحية العملية، حيث أن ذلك مسألة وقائع، وإنه من الفضل أن يصدر المحتل إعلان بتاريخ بدء الاحتلال وكذا المنطقة التي يمتد إليها، وهذا ما قامت به القوات الإسرائيلية فور احتلالها للأرضي الفلسطينية عام 1967 وذلك بإصدار البلاغات العسكرية الثلاثة الأولى، والتي تشير نصوصها إلى التزام إسرائيل تطبق أحكام معاهدات جنيف وإعطائها الأفضلية في التطبيق على الأراضي الفلسطينية. لكن بعد فترة قصيرة لجأت سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى نفي صفة الاحتلال عن هذه الأراضي، وأطلقت عليها اسم الأراضي " المحررة أو المدارة "، وذلك بمقتضى بعض الحجج التي حاول رجال القانون الإسرائيليين سياقها من هذه الحجج، أن ضم الأردن للضفة الغربية عام 1950 قد تم بصورة غير شرعية، فحلول إسرائيل محلها ينفي صفة الاحتلال عنها، وبالتالي هي غير ملزمة بتطبيق الاتفاقية الرابعة، ولكن هذا الأمر مردود لأنه رفض المحتل الإسرائيلي الاعتراف بشرعية الحكومة الأردنية لا يعني عدم تطبيق الاتفاقية.
فهذا التوجه السياسي لإسرائيل قوبل باستنكار من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هذا ما جعل إسرائيل تزعم أنها تلزم نفسها بتطبيق الأحكام الإنسانية من الاتفاقية، وهذا الإدعاء محل شك لأنه لابد من تطبيق كل قواعد الاتفاقية التي تهدف إلى حماية المدنيين من ناحية، ومن أخرى صعوبة التوصل للتحديد الأحكام الإنسانية تحديدا دقيقا، مما يسمح معه التهرب من هذا الإلزام، والجدير بالذكر أن اتفاقات أوسلو وما أعقبها من اتفاقيات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية لا تؤثر على التزام إسرائيل بتطبيق الاتفاقية الرابعة بمقتضى مادة 47 منها.
أما هذا الالتزام فيأخذ صورة أخرى، وهي إجبار دولة الاحتلال بنشر أحكام القانون الدولي الإنساني بين أفرادها، وذلك وفقاً للمواد 47 و48 و127 و144 من اتفاقيات جنيف، هذا الالتزام أكد وطور في مادة 83 من البروتوكول الإضافي الأول، بأن يأخذ أطراف النزاع جميع التدابير اللازمة لضمان نشر القانون الدولي الإنساني حتى قبل التصديق على البروتوكولين الإضافيين وإن كان في المقابل فإن حركة التحرير الوطنية مطالبة بهذا النشر.
في الأخير تبقى ضرورة الإشارة إلى المادة الأولى المشتركة من اتفاقيات جنيف، التي تلزم أطرافها باحترام الاتفاقية وكفالة تنفيذها، وتضع على عاتق الدول السامية المتعاقدة التزامات متعددة من بينها إجبار دولة عضو على احترام التقيد بتنفيذ الاتفاقية، إضافة إلى ما تقضي به المادة 149 بشأن إجراء التحقيقات بصدد أي انتهاك لأحكام الاتفاقية وغيرها من الالتزامات.
الفرع الثاني
حفظ النظام العام والحياة العامة في الإقليم المحتل يرى معظم الفقهاء أن الإطار الذي يحدد هذا الواجب الملقى على عاتق دولة الاحتلال في إدارتها للأراضي المحتلة يتمثل في الالتقاء بين عنصريين هامين هما مصلحة المحتل الحربية في تأمين قواته ومصلحة السكان في استمرار حياتهم العادية بجميع جوانبها، وأن التقاء هذين العنصرين ليتطلب من دولة الاحتلال إعادة النظام والطمأنينة والأمن إلى الأراضي التي احتلتها وكذا تنظيم الإدارة الحكومية لهذه الأراضي بالوضع الذي يحقق مصلحة الجميع على أن يكون الغرض الإنساني هو القيد الرئيسي الذي يقيد تصرفات سلطات الاحتلال في هذه الأراضي.
فجاء هذا الالتزام لواقع انهزام الحكومة صاحبة السيادة في الإقليم، الذي نشأ عن فراغ مؤسساتي لابد من ملئه بقيام سلطة حكومة بديلة، تتولى إدارة الإقليم وتسيير شؤون الحياة اليومية للسكان ومتابعة استمرار المرافق العامة في تأدية واجباتها وخدماتها للمواطنين وإلا أصبح الإقليم في حالة من الفوضى نتيجة لغياب سلطة القانون، وتتوقف المؤسسات الحكومية والإدارية السابقة وكذلك تتوقف الخدمات والمرافق العامة المختلفة
. لذلك يسعى القانون الدولي الإنساني لإيجاد السلطة البديلة لحفظ الأمن والنظام العام بدلا من حالة الفوضى التي تسود إثر انهيار السلطة الأصلية والتي تجلت (أي الفوضى) في أحداث مظاهرها بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، وما قامت من سرقة ونهب المصارف والآثار العراقية، وذلك أمام أنظار قوات التحالف المحتلة، وتجدر الإشارة أن هذا الالتزام يقوم بغض النظر عن مشروعية أو عدم مشروعية الاحتلال الذي وقع.
تحدثت المادة 64/2 من الاتفاقية الرابعة عن هذا بقولها "...يجوز لدولة الاحتلال إخضاع سكان الأراضي المحتلة للأحكام التي تراها ضرورية لتتمكن من القيام بالتزاماتها التي تقضي بها هذه الاتفاقية وللاحتفاظ بحكومة نظامية للأراضي، ولضمان أمن دولة الاحتلال وأفراد وممتلكات أو إدارة الاحتلال وكذلك المنشآت وخطوط المواصلات التي يستخدمونها..".
واضح من هذا النص مدى اتساع وغموض معيار السلطات المخولة لدولة وإدارة الاحتلال العسكرية والمدنية على حد سواء في هذا الشأن، ولكن من المنتهى إليه فقهاً وعملاً دوليا أنه يجب ألا تتخذ هذه الرخصة المخولة لسلطات الاحتلال في الظروف الاستثنائية الخطيرة، ذريعة لإهدار قواعد الحماية التي ألزمت الاتفاقية دولة الاحتلال بوجوب رعايتها وضمانها.
ويبقى القول إنه عادة ما يلجأ المحتل عند إدارته للإقليم إلى واحدة من الحالات التالية:
الإبقاء على الإدارة المحلية الموجودة في الإقليم عند بدء الاحتلال، والاكتفاء بالحصول على المميزات المادية والعسكرية الناجمة عن الاحتلال.
قد يقيم المحتل إدارة جديدة مؤقتة لتحل محل الإدارة التي كانت قائمة عند بدء الاحتلال لتعمل هذه الإدارة الجديدة على خدمة مصالح سلطات الاحتلال عندئذ تكون صلاحيات والتزامات هذه الإدارة منبثقة عن قواعد قوانين الحرب.
أما في حالة اتجاه نية المحتل إلى ضم الإقليم، منتهكاً بذلك أهم مبادئ التنظيم الدولي للاحتلال أو ما يسمي بقانون الاحتلال الحربي، فإن المحتل يقيم نوعاً من الإدارة تمارس الصلاحيات المتعلقة بالسيادة وذلك باسم سلطات الاحتلال.
حتى وإن كان الشكل المعتاد لإدارة الإقليم المحتل هي الإدارة العسكرية، فإنه بغض النظر عن هذا الشكل أو ذاك سواء كانت إدارة عسكرية أو مدنية أو إدارية مختلطة، فإن طبيعة هذه الإدارة من نفس الطبيعة ومصدر اختصاصاتها هو نفس المصدر فإنها إدارة فعلية مؤقتة تقوم على أساس الواقع المادي وحدة ومشروعية أعمال هذه الإدارة تقرها أحكام القانون الدولي.
الفرع الثالث
توفير المد الغذائي والطبي للمدنيين وتسهيل العمليات الإنسانية والغوثية لهم لقد اهتمت اتفاقية جنيف الرابعة بهذا الالتزام اهتماما كبيرا، فجاء النص عليه بمواد 55و56و57و59و63 وذلك لما له من أهمية كبيرة بالنسبة لحياة الأشخاص المدنيين الموجودين في الأراضي المحتلة، وإن كان من الفقهاء والباحثين من يفسر هذا الالتزام باعتباره حقا من حقوق المدنيين في مواجهة دولة الاحتلال، يدخل في إطار الحقوق المتعلقة بالرفاهية الضرورية لهم، ولكنه من حيث الجوهر فهو التزامٌ على عاتق دولة الاحتلال، فالاتفاقية الرابعة بتقريرها هذا الالتزام تهدف إلى حماية المدنيين في الأراضي المحتلة من المجاعات وذلك رغبة من واضعي الاتفاقية عدم تكرار حوادث الحرب العالمية الثانية، لهذا حظر القرار رقم 2 الصادر عن المؤتمر الدولي 26 للصليب الأحمر والهلال الأحمر استعمال المجاعة كوسيلة حربية ضد الأشخاص المدنيين.
لقد جاء النص على هذا الالتزام في مادة 55 من الاتفاقية الرابعة، حين قالت ".. أنه من واجب دولة الاحتلال أن تعمل بأقصى ما تسمح به الوسائل التي تحت تصرفها على توفير المؤن الغذائية والطبية للأهالي ومن واجبها على الأخص أن تستورد ما يلزم من المواد الغذائية والأدوات الطبية وغيرها إذا كانت موارد الأراضي المحتلة غير كافية ".
فالقاعدة التي جاءت بها المادة 55 تلزم دولة الاحتلال باستخدام كل الوسائل التي تحت تصرفها لتحقيق مضمون التزامها هذا، والالتزام هنا ليس مقصورا على توفير المؤن الغذائية فقط، أيضا توفير الإمدادات الطبية وأي مطالب أخرى للمحافظة على حياة سكان الأراضي المحتلة.
قد استخدمت المادة 55 اصطلاح population وهذا اصطلاح عام لا يقتصر على المدنيين فقط بل يضم أيضا أفراد القوات المسلحة المعتقلين في الأراضي المحتلة هذا فضلا عن التزام المحتل بعدم الاستيلاء على المواد الغذائية الموجودة في الإقليم، إلا لحاجة قوات الاحتلال وبشروط ألا يؤثر ذلك على احتياجات المدنيين بالنسبة لهذه المواد، إضافة إلى دفع قيمة معقولة لما تستولي عليه من بضائع.
تحقيقاً لهذا الهدف، يلزم المحتل بقبول مشاريع الإغاثة التي تكون لفائدة المدنيين الذين يعانون من نقص في المؤن، وبتوفير كل التسهيلات لمثل هذه المساعدات الإنسانية الدولية المقدمة من الدول والمنظمات الحكومية والمنظمات الدولية غير الحكومية للسكان المدنيين، فإن هذه المساعدات يجب أن تكون ذات طابع إنساني بحت وليس لها أي طابع عسكري.
وأما في إطار البروتوكول الإضافي الأول، فإن المساعدات الدولية الإنسانية تقدم بموجب المواد 68-71 منه، التي تمنح كل طرف من الأطراف المتعاقدة حرية مرور جميع رسالات والمهمات الطبية والغذائية فقط للمدنيين، ولا يجوز لدولة الاحتلال استعمال هذا الرسالات فيما يخالف المقصود منها، وعلى أنه يجب الإشارة أن توزيع هذه الرسالات يتم تحت رقابة الدولة الحامية إذا وجدت أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي هيئة دولية محايدة.
وفي هذا الشأن دعا القرار رقم 4 للمؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر إلى البحث عن وسائل تشجيع عمليات الإغاثة نحو التنمية عن طريق برامجها المتعلقة بالعمل الإنساني، ودعا اللجنة الدولية إلى القيام لاحقاً بتطوير الصكوك والمفاهيم التي تزيد من توجيه عمليات الإغاثة نحو التنمية، وأكد على ضرورة إدراج احتمالات إنمائية طويلة الأجل في المساعدة الإنسانية.
المحظورات التي تفرض على دولة الاحتلال عدم القيام بها تحت أي ظرف، والتوقف على ما مدى نجاح قانون جنيف بهذا الصدد؟
 التزام المحتل بعدم القيام بأعمال محظورة ضد المدنيين يجب التأكيد دائما بأن الاتفاقية الرابعة والبروتوكول الأول الملحق بها ليس مجرد بيان للمبادئ الأخلاقية أو المعايير المثالية للسلوك، وإنما هي صك دولي يؤكد الحقوق والالتزامات القانونية. فألزمت الاتفاقية دولة الاحتلال الوفاء بالتزاماتها طبقا لأحكام الباب الرابع منها، وإلا تحملت المسؤولية الدولية في ما يتعلق بمخالفة أحكامها، ويضيف الباب الثالث من الجزء الثالث من الاتفاقية عدة صور حظر ذات طابع محدد تتعلق بالأراضي المحتلة في حد ذاتها ولابد من الإشارة إلى وجوب مراعاة دولة الاحتلال الالتزامات المترتبة عليها وفقاً أيضاً للمادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف وعلى الأخص من ضمان الحد الأدنى من الحماية الإنسانية للمدنين على أساس أن هذه المادة جزء من القانون الدولي العرفي الملزم ولهذا سوف نتناول هنا أهم صور هذا الحظر كما يلي:
حظر إجبار المدنيين على تقديم واجب الولاء والطاعة للمحتل لإبراز مضمون هذا الحظر لابد من طرح سؤال بديهي ألا وهو ما هي العلاقة بين سكان الإقليم المحتل ودولة الاحتلال؟
فإن منطق الإجابة يقوم على أن واقعة الاحتلال مادية وليس قانونية فلا ترتب حقوق السيادة لدول الاحتلال، ولا تترتب لدولة الاحتلال إلا اختصاصات محددة، هي التي تحدد علاقة دولة الاحتلال بسكان الإقليم المحتل وبدولة صاحبة الإقليم المحتل لأن حق الولاء والطاعة للوطن من الحقوق الأساسية البديهية للإنسان، وعليه فإن قسم الولاء هو القسم الذي يلتزم به الأفراد قبل جهة السيادة في كل دولة وحيث أن المحتل لا يمثل جهة سيادة لأهالي الإقليم المحتل، فإن المدنيين لا يقدمون له مثل هذا القسم.
فالقانون الدولي يحظر على المحتل إجبار المدنيين وإكراههم على القيام بذلك بمقتضى المادة 68 من اتفاقية الرابعة حيث تكلمت عن عدم أداء المتهمين من المدنيين الماثلين أمام محاكم دولة الاحتلال للقسم أمامها فإن أغلبية الفقهاء يؤكدون هذا القول أمثال هولند وابنهايم، غير أن هذا الأخير يقرر بأن لدول الاحتلال إجبار الأهالي على تقديم قسم الخضوع لأوامرها المشروعة ويكون مصدر هذا الإجبار هو القانون العرفي للمحتل وليس القانون الدولي.
أما عن واجب الطاعة، والذي لم تحسمه الاتفاقية الرابعة بنصٍ فيها هذا ما دفع إلى وجود خلاف فقهي بين مؤيد له ومعارض، وخلاصة هذا الخلاف أن على السكان الالتزام بطاعة أوامر المحتل المشروعة، وهذا الالتزام لا يرقى إلى مستوى الالتزام بالطاعة نحو دولة السيادة، ولا يجعل السكان يدينون بالولاء للمحتل وإن هذه المعادلة تقوم على أساس مبدأ التبادل، وبمعنى آخر أن هناك طلبات متبادلة بين المحتل والسكان، فالمحتل يطالب بحماية قواته وإخضاع السكان لأوامره والسكان يطالبون المحتل بأن يكبح جماح نفسه، وبالإضافة إلى واجب الطاعة لأوامر سلطة الاحتلال مقيدة بأكثر من اعتبار منها:
عدم إجبار المدنيين على الاشتراك في العمليات الحربية ضد دولتهم.
ألا تؤدي الخدمات التي تطلب من المدنيين إلى إشراكهم المباشر أو غير المباشر في هذه العمليات.
عدم إجبار المدنيين على تقديم معلومات عن أفراد المقاومة أو عن وسائل دفاعها
أن المصدر القانوني لهذه الطاعة الاستثنائية والمنحصرة في تطبيق الأوامر المشروعة للمحتل هو القانون العرفي للمحتل وليس القانون الدولي أو النظام القانوني الوطني لدولة السيادة لأنه من المستحيل أن يأمر هذا النظام بذلك.
فخلاصة القول إنه وحسب رأي الأستاذ "باكستر Baxter" لابد من التمييز بين أمرين وهما: واجب الامتناع عن الأعمال التي تضر المحتل من قبل المدنيين وإن كل من يقوم بعمل من مثل هذا النوع يخرج من دائرة الأشخاص المدنيين المحميين، ليدخل في إطار الحماية الدولية حسب اتفاقيات جنيف الأخرى، وبين واجب الامتثال للقانون والإجراءات التي يتخذها المحتل تنفيذاً لالتزاماته في اتفاقية جنيف الرابعة، وعليه يؤكد إنكار وجود أي واجب طاعة للمدنيين مؤسس على التزام قانوني أو أخلاقي في القانون الدولي، بل العكس حظر هذا القانون على دولة الاحتلال إجبار المدنيين على تقديم واجب الولاء والطاعة.
حظر العقوبات الجماعية
إذا كان من اختصاص المحتل حسب ما منحه القانون الدولي من اختصاصات أن يحافظ على
أمن قواته في الإقليم، فإنه من المحظور عليه أخذ المدنيين بجريرة أعمال المقاومة ضد قواته، وذلك بفرض عقوبات جماعية عليهم، وهذا الحظر أكد في المادة 50 من اللائحة الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907.
أي أن القانون الدولي العرفي يحظر العقاب الجماعي الذي يمكن تحديده، بأنه معاقبة الأشخاص ليس بسبب ما قاموا به، بل بسبب أفعال قام بها آخرون لأنهم مثلا ينتمون إلى فئة أو أسرة تضم فردا يجوز معاقبته بموجب القانون وتؤكد هذا الحظر في المادة 33 من الاتفاقية الرابعة عندما تقر بأنه تحظر العقوبات الجماعية، وكذلك جميع تدابير التهديد، وتضيف أنه تحظر تدابير الاقتصاص الماسة بالأشخاص المحميين ولممتلكاتهم، كما أن العقوبات الجماعية محظورة بموجب المادة 75 من البروتوكول الأول.
يلاحظ معظم الباحثين أن الحظر لا يشير إلى العقوبات التي تنزل بموجب قانون العقوبات الساري في الإقليم المحتل، بل أي نوع من العقوبات التي تفرض على الأشخاص أو على المجموعات من غير اعتبار للمبادئ الإنسانية الأساسية، نتيجة لأفعال لم يرتكبها هؤلاء الأشخاص، فالمسؤولية شخصية ولا يعود بالإمكان إنزال العقوبات بأشخاص لم يرتكبوا هم أنفسهم الأفعال المشتكي منها والقول بأن واحدا منهم ارتكب مخالفة ما ومن ثم فيجب أن يعاقبوا جميعاً، ينطوي على إبادة جماعية، وتناصر التمييز البغيض غير المباح، وإنها تتعارض بصورة أساسية مع حقوق الإنسان المقررة لكل شخص المتمثلة في قيمة وكرامته كفرد والاعتراف به أمام القانون كشخص تفترض براءته، ولا يجوز تعريضه لمعاملة لا إنسانيـة أو للعقاب.
وما من ريب على الإطلاق مثلاً في أن هدم منزل أسرة فلسطينية لأن أحد أبنائها قد اشترك في رمي جنود إسرائيليين بالحجارة مسألة محظورة بوصفها عقابا جماعيا، وإن لم يكن أيضا باعتبارها اقتصاصا لا يجوز قانونا بموجب المادة 33 من الاتفاقية، هذه المادة التي تنتهك يوميا من خلال إجراءات العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني من خلال الحصار الاقتصادي القاتل له، أو من خلال إجراءات العقاب الجماعي ضد عائلات المواطنين الفلسطينيين الذين نفذ أبناؤهم أعمال تفجيرية أو عمليات مسلحة ضد قوات الاحتلال، أو ضد عائلات الأشخاص المطلوبين لإسرائيل، أو الأشخاص والمعتقلين لديها.
حظر القيام بأعمال الانتقام وأخذ الرهائن
نبين مضمون هذا الالتزام عبر مرحلتين كما يلي:
أولا: حظر القيام بأعمال الانتقام Représailles :
لقد حرمت أعمال الانتقام تحريما جزئيا لأول مرة على مستوى الاتفاقية الدولية في عام 1929 حيث نصت المادة الثانية من اتفاقية أسرى الحرب على حظر أعمال الانتقام لأسرى الحرب، ثم جاءت اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 لتقضي بحظر أعمال الانتقام ضد الأشخاص المحميين وضد ممتلكاتهم وذلك بنص الفقرة الأخيرة من المادة 33 من الاتفاقية وطور هذا الحظر وأكد عليه البروتوكول الإضافي الأول في مادة 75 فحظرت ممارسة العنف ضد جميع الأشخاص المحميين وعلى الأخص إرهابهم، فإن الحكمة في هذا الحظر الشامل للأعمال الانتقامية تعود بدرجة أولى للحفاظ على المدنيين وحمايتهم، لأن أغلب عمليات الانتقام يكون محلها مدنيين أبرياء باعتبارهم الهدف السهل والنتيجة حصيلة جد ثقيلة في الأرواح.
فضلا عن ذلك فإن أعمال الانتقام لا تزيد الوضع إلا تأزماً، فكما يقول –وبحق – الدكتور محمد مصطفى يونس " أنه إذا كان في الماضـي متسع من الوقت لتصحيح الأوضاع من خلال الالتجاء للقوة، فإن اليوم لامناص من فرض الحظر ليؤدي إلى ما كانت تؤدي إليه إجراءات الالتجاء إلى القوة ".
فترى شارلوت ليندسي في دراسة قامت بها أن النساء والأطفال والرجال كبار السن هم أكثر عرضة لعمليات الانتقام والردع، ومع تأكيدها لمسألة اختلاف تأثير هذه العمليات النفسي والجسدي، فالنساء والأطفال أكثر قابلية للتأثر من الرجال، مع العلم أن دوافع الجاني قد تجعل الرجال هم أكثر الضحايا لهذا العنف، ولكنها تقرر بأن هذه العمليات الانتقامية جعلت هناك قابلية للمرأة للتأثر بالنزاع المسلح فتطور هذا التأثر إلى حد توريط السكان المدنيين والنساء أيضا في.
أما الجدير بالذكر فإن المادة 03 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لم تنص على هذا الحظر مما يعد وبحق ثغرة جسيمة اعترت المادة من شأنها أن تفرغها من مضمونها، ولقد جاء أيضا البروتوكول الإضافي الثاني خاليا من أي نص يحظر هجمات الردع والانتقام ضد المدنيين، وذلك بعد أن سحب حظر أعمال الانتقام من مشروع البروتوكول الإضافي الثاني بدعوى أن الردع يجد ممارسته في النزاعات المسلحة الدولية فحسب، وهذا ما يجعل المدنيين في النزاعات المسلحة غير الدولية بخطر حقيقي لأن إجراءات
الردع دائما ما تفتقد للتناسب بين المخالفة والعقاب.
حظر أخذ الرهائن.
يعتبر أخذ الرهائن مصادرة غير مشروعة للحرية الشخصية لهذا السبب اعتبر تصرفاً جرمياً بموجب التشريعات الجنائية الوطنية ، وإضافة أنه يعد من أبشع الفعال التي يدينها المجتمع الدولي باعتباره يمس حق الإنسان في الحياة، فضلا عما يترتب عليه من معاناة صحية ونفسية للضحية بسبب التهديد المستمر بالقتل.
في الواقع فإن أهمية هذا الحظر لم تكن خافية على الفقه الدولي، حيث ذهب J .De Arechaga إلى إعطاء القواعد القانونية الدولية التي تحظر أخذ الرهائن مرتبة قانون الشعوب، فهي تشكل جزءا من مجموعة المبادئ التي يعترف بها المجتمع باعتبارها حامية لقيم ذات أهمية حيوية للإنسانية تهم جميع الدول وعند خرق هذه القواعد فإنها تعكر صفو العلاقات الودية بين الشعوب.
لهذا فإن من بين الالتزامات الأساسية التي تقع على عاتق المحتل الامتناع عن أخذ الرهائن من بين
سكان الإقليم المحتل، وهذا العمل المشين يتخذ أحد شكلين هما:
الشكل الأول أخذ الرهائن وتعريضهم للخطر ردعا للمواطنين ومنعهم من القيام بأعمال المقاومة ضد المحتل مثلما قامت به سلطات الاحتلال الألمانية مع المشاهير الفرنسيين خلال حرب عام 1870، أما الشكل الثاني فهو أخذ الرهائن وإعدامهم بالرصاص عند حدوث أعمال معادية للمحتل وبمعنى آخر تلجأ دولة الاحتلال عادة لأخذ الرهائن لغرض إضعاف روح المقاومة عند الأهالي، أو لغرض ضمان احترام تشريعات دولة الاحتلال، مع أن أخذ الرهائن يعد شكلا من أشكال المسؤولية الجماعية وخرقا للقانون الإنساني هذا الأخير الذي التزم في المراحل الأولى من تكوينه وخصوصا في لائحة لاهاي الصمت بصدد موضوع أخذ الرهائن، فلم تذكر شيئا بالنسبة له، وكان يتعين الانتظار حتى تأتي اتفاقية جنيف الرابعة لكي تحظر على المحتل بنص قاطع أخذ الرهائن بنص المادة 34 حظرا تاما، وكذلك نصت المادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول على حظر أخذ الرهائن في أي زمان ومن أي مكان، وسواء قام بهذا الفعل أشخاص مدنيون أو عسكريون، والملاحظ دائما أن هذا الحظر لم تنص عليه المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف.
عند هذا الحد نكتفي لنصل إلى نتيجة هامة وهو أن اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول قد نجحا في تحقيق أفضل حماية للمدنيين في مواجهة دولة الاحتلال وذلك من خلال إلزام دولة الاحتلال بهذه الالتزامات القانونية.
الحظر منها حظر التعرض أو الاستيلاء على الوحدات الطبية العاملة في إقليم المحتل، وضرورة تسهيل وعدم عرقلة عمليات الدفاع المدني والحماية المدنية، وخطر تجويع السكان وخطر الترحيل القسري لهم هذه الصور من الحظر تعتبر من الثوابت في عالم اليوم المتمدن.
 يمكن القول بأن نظم حماية المدنيين في النزاعات المسلحة الدولية بصورة عامة وفي الأقاليم المحتلة بصفة خاصة قد اتسمت بالنجاح النسبي والتواضع في ظل اتفاقية جنيف الرابعة بحيث برزت جليا أوجه قصورها سواء من الناحية النظرية أو العملية، ونتيجة لذلك أسفرت الجهود الدولية بعد مسيرة طويلة إلى اعتماد البروتوكول الإضافي والذي طور من نسبة هذا النجاح مقارنة بالاتفاقية الرابعة، فهو يعتبر – وبحق- قفزة نوعية في هذا المجال إلا أنه لم يلبث هذا التطور من أن رافقه تطور آخر في الاتجاه المعاكس وهو زيادة عدد الانتهاكات لهذا القانون في الأقاليم المحتلة.
غير أنه مهما كان النجاح الذي حققه البروتوكول في هذا المجال فإن تنفيذ الأطراف المتعاقدة السامية وكل الجماعة الدولية لالتزاماتها في القانون الدولي الإنساني يتوقف على الآليات والضمانات المعنية بتطبيق هذه الحقوق  
لتحميل الملف :
https://hotfile.com/dl/189928333/c2d81a8/Nouveau_dossier.rar.html
 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

شركنا برايك ووجهة نظرك