-->
مسؤولية
الحفاظ على الوطن و الأجيال على من تقع
الأسرة
المجتمع و الدولة تدرج يجب التقيد به من اجل البناء
إذا أردت
الفلاح في الدنيا و الآخرة أحسن و أحسني تربية أولادك
أهمية الأمن تنطلق من الأسرة و على أساسها يتم إدراك مدى أهمية الأمن بمفهومه الواسع، وبيان هذه
الأهمية على مستوى الفرد والجماعة فعندما
تتكامل الجهود الفردية مع المطالب الجماعية تتكامل المنظومة الأمنية ويعيش المجتمع
في أمن وأمان بجانب بيان الآثار الإيجابية والسلبية لتحقق أو غياب الأمن، كيفية
بناء الأسرة المسلمة كأهم مؤسسة من المؤسسات التعليمية التربوية وذكر أهدافها
وركائزها التربوية كالتربية الإيمانية، والتدريب على العبادة، والتربية الخلقية
والجسمية والروحانية والعقلية والاجتماعية والعاطفية والجمالية والجنسية وانعكاس
كل ذلك إيجاباً على سلوك الشباب.
من هذا المنطلق سنتطرق كذلك للعوامل
والأسباب التي تؤدى إلى انحراف الشباب داخل الأسرة المسلمة بفعل سوء التربية
الأسرية وأثر ذلك سلباً على أمن الفرد والمجتمع و خاصة و أن الآفات تصب على الأمة
المسلمة من كل جانب في ظل غياب التوعية و الجهل بأبسط المفاهيم .
الأمن مسؤولية جزء منها يتحمله الفرد و جزء
منها تتحمله الجماعة ؛ فلكل دوره ولكل واجبه الذي يسأل عنه. وعندما تتكامل الجهود
الفردية مع المطالب الجماعية تتكامل المنظومة الأمينة ويعيش المجتمع في أمن واستقرار،
ومن ثم تتجه جهود أبنائه نحو التقدم والرفاهية و يواصلون المسير على النهج المتبع
أن الفرد أساس الانطلاق و المجتمع أساس البناء و التشييد في ظل الجماعة . إن نعمة
الأمن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على البشر ولن يشعر بها الإنسان إلا حين
يفقدها و يصبح يدافع عنها نفسه و ماله و أهله
" فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (قريش: 1،
3) في هذه الآية المكية الكريمة يمتن الله على قريش ويذكرهم بنعمه عليهم ومن هذه
النعم نعمتا الإطعام من جوع، والأمن من الخوف. وقد اقترنت نعمة الأمن في القرآن
الكريم بالكثير من الأمور دليلاً على أنها من نعم الله الكبرى وآيته العظمى. وقد
تناغمت السنة النبوية المطهرة مع هذا النسق القرآني المعجز حيث قال رسول الله ) من بات معاف في بدنه، آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له
الدنيا بحذافيرها). رواه البخاري.
ولقد احتل مفهوم الأمن، والأمان مكاناً
بارزاً في الدراسات النفسية والتربوية لارتباطه الوثيق بالشعور بالصحة النفسية
والسلامة من الاضطرابات فهو دليل على حالة السواء، والرضا عن الحياة والاستمتاع
بها. وتكاد تجمع الدراسات النفسية في مجال الدوافع النفسية Psychological
Motivations
على أن دافع الأمن يقع في المرتبة التالية للدوافع والحاجات الأساسية وهى دوافع
حفظ الحياة كالأكل والشرب، والتنفس. وقد عبر عن ذلك ماكدوجال Mc
Dogal
، ومن بعده ماسلو Maslow في تنظيمه الهرمي للدوافع حيث
تأتى الدوافع الأولية والحاجات الأساسية في قاعدة الهرم فإذا تم إشباعها تطلع
الإنسان إلى تحقيق الأمن والطمأنينة أي يشعر الفرد بالراحة والانسجام مع من حوله
متحرراً من الخوف والقلق والصراعات
والآلام. فإذا فشل الفرد في
تحقيق دافع الأمن لم ينتقل إلى المستوى التالي من الدوافع حيث تقدير الذات ومن ثم
تحقيقها و هنا الأسرة و الدولة مسؤولة على بناء أجيال قادرة على الصمود و التشييد.
إن غياب إشباع دافع الأمن يشل حركة الفرد نحو التقدم وتحقيق الكمال الإنساني النسبي.
وعلى مستوى المجتمع يفشل المجتمع في تحقيق مراده من التقدم والتطور.
ومن هنا فإن دافع الأمن والحاجة إليه يؤثر
على جميع حاجات الإنسان الجسمية والنفسية والاجتماعية والروحية كما يتأثر هو بها ومن هنا أيضاً فإنه بدون الأمن والأمان تضعف النفس وتضطرب ومن
ثم يقع خلل في المجتمع ككل .
و الحمد لله ديننا الحنيف وضع أسس صلاح أي
مجتمع وقد كفل الإسلام لكل فرد من أفراده المحافظة على الكليات الخمس وهى : النفس، والمال، والعرض، والعقل،
والدين، وهو عندما منع الفرد من الاعتداء على حرمات الآخرين فهو في المقابل منع
الآخرين من الاعتداء على حرماته وهذا يحقق للفرد الأمن، والأمان اللذين ينشدهما،
ويحقق بالضرورة الأمن للمجتمع كله لأنه بكل بساطة من المستحيل أن تنشأ جيل صورة
طبق الأصل عن بعضه مثلما أنامل الأصابع مختلفة فإن الشخصية تختلف بدورها عن بعضها
إلا أن الأكيد أن الالتزام بالكليات الخمس
هو أساس بناء شخصية الدولة ككل ثم نقوم بعمليات البحث عن النقاط الإيجابية
التي تميز كل فرد عن الآخر من أجل توظيفها بطريقة سليمة داخل المجتمع .
وفى
ظل الظروف الحالية نجد أن معظم الدول تعانى من مشكلات تتصل من قريب أو بعيد بالأمن
وقد انعكس هذا على كافة الإجراءات التي تتبعها الدول، حتى أعتى الدول في
الديمقراطية نجدها قد اتخذت إجراءات استثنائية تخالف ما اتفق عليه المنظرون في
مجال حقوق الإنسان حرصاً على أمنها ونحن في مجتمعاتنا العربية جزء من العالم نتأثر
بما يحدث فيه، ويصيبنا بعض ما يصيبه ومن هذا الذي أصاب العالم هو الهاجس الأمني.
لكن من الواضح أن المشكلات ذات الطابع الأمني
لم تصل بعد إلى مستوى الظاهرة التي تتفشى في المجتمع طالما أنه هناك فئات في
المجتمع تدرك معنى هتك حرمة دم المسلم و كارثة الفتنة التي تصيب المجتمعات إلا أن
هذا لا يجعلنا نتغافل عنها حتى تصبح ظاهرة ولكن علينا باستباق الحوادث في جانبها الوقائي
ولا طريق لذلك إلا التوعية و إصلاح الأسر و المنظومة التربوية لبناء أجيال قادرة
على استيعاب ما يدور من حولها و اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحوط على الذات حتى و
لو كانت هناك خسارة فيجب أن تكون بأقل الأضرار.
إن المتأمل في
المشكلات التي تتصل بالأمن يجد أن هناك قاسماً مشتركاً بينها وهو أن هناك غياب
لدور الأسرة المسلمة في تحصين أبناءها ضد هذه الانحرافات التي هي شكل من أشكال
تضييع المسئولية الأمنية و هوان حرمة دم المسلم و عدم تعظيم شأنه .
نظراً للظروف الأمنية
الحالية التي تمر بها دول العالم وبخاصة الدول العربية، فقد أصبح من المهم إعطاء
أهمية خاصة للمسئولية الأمنية الفردية والجماعية وبيان دور الأسرة كمؤسسة تعليمية في
مواجهة هذه الظروف .
و هنا نطرح جملة من
الأسئلة :
* ما مفهوم الأمن؟ وما هي أبعاده ؟
وما موقع الحاجة إلى الأمن كضرورة أساسية للإنسان المسلم من أجل البناء و التشييد ؟
* ما الآثار الإيجابية لتحقيق حاجة الأمن ؟
* ما الآثار السلبية لغياب الأمن على مستوى
الفرد والجماعة ؟
* ما الأسرة ؟ وما أهم أهدافها وركائزها
التربوية ؟
* ما أهم العوامل والأسباب التي تؤدى إلى
انحراف الشباب داخل الأسرة المسلمة ؟
* كيف يمكن علاج أسباب انحراف الشباب داخل
الأسرة المسلمة ؟
و على
ضوء ذلك وجب :
* تحديد أهمية الحاجة
للأمن بمفهومه الواسع ضمن منظومة الحاجات الإنسانية وبيان هذه الأهمية للفرد
والمجتمع.
* بيان الآثار الإيجابية والسلبية لتحقق أو غياب هذه الحاجة الإنسانية
وهى حاجة الأمن.
* بيان أثر بعض المتغيرات الأسرية على إدراك أفرادها لأهمية الحاجة
للأمن كالتنشئة الاجتماعية، وأساليب المعاملة الوالدية.
* بيان دور الأسرة المسلمة في تحقيق الحاجة إلى الأمن.
* بيان مسئولية الفرد، والأسرة، والمجتمع نحو تحقيق الأمن.
* تحديد أهم السبل التي تساعد في تحقيق الأمن في المجتمع المسلم.
أهمية
الدراسة:
1-
تبرز أهمية الدراسة
من خلال تصديها لدراسة مشكلة على جانب كبير من الأهمية في الوقت الحاضر وهى الحاجة
للأمن بمفهومه الواسع (الداخلي والخارجي): الأمن الجسمي والنفسي والفكري، وذلك أن
الهاجس الأمني أصبح هم بلاد العالم أجمع يستوي في ذلك العالم المتقدم أو العالم
المتأخر أو النامي الدول الفقيرة أو الدول الغنية.
2-
إن ارتباط الأمن
باستقرار المجتمع، وتماسكه جعل الرغبة في تحديد دور كل فرد وكل مؤسسة في تحقيق
الأمن داخل منظومة متكاملة مطلباً حضارياً ذلك أن غياب الأمن مؤذن بتفكك المجتمع
إلى طرائق وشيع متدابرة فأنى يتحقق له التقدم والرقى؟ إن الرقى والتقدم لمجتمع من
المجتمعات مرهون بتضافر جهود أبنائه، وتماسك الأيدي بصلابة وقوة لإعلاء البناء.
3-
إن دور الأسرة كمؤسسة
اجتماعية هي اللبنة الأولى في البناء الاجتماعي لأي مجتمع. ولذلك فإن صلاح هذه
اللبنة - وأخواتها الأسر الأخرى - هو بداية الصلاح للبناء الاجتماعي لأي مجتمع.
وقد تضافرت عوامل عديدة في العصر الحاضر على تقليص دور الأسرة، وتحجيم دورها مما
أفرز ظواهر لم تكن معروفة عند سلف هذه الأمة: من قبيل التطرف، والتعصب، وإدمان
المخدرات أو على الأقل تعاطيها، وجنوح الأبناء… وغير ذلك من الظواهر السلبية التي
لو قامت الأسرة بدورها المنوط بها على الوجه الأكمل لما ظهرت هذه الظواهر السلبية.
ولذلك
فالدراسة الحالية تحدد دور الأسرة، وعوامل نجاحها ، ودورها في الوقاية من هذه
الانحرافات السلوكية أو الفكرية قبل أن تتفاقم الظاهرة، وتصبح مشكلة قد تستعصى على
الحل.
بيان مفهوم الأمن وأبعاده، وتوضيح أهميته كضرورة
أساسية للإنسان:
إن
الحاجة إلى الأمن حاجة إنسانية تميز الإنسان عن غيره من الكائنات، وتأتى في
المرتبة التالية للحاجات البيولوجية: كالأكل والشراب ونحوهما. بل إن تحقق الحاجات
الأساسية البيولوجية قد لا يتأتى في غياب شعور الفرد بالأمن والأمان.
إن
تمتع الفرد بالصحة النفسية يتطلب في جانب منه أن يشعر الفرد بالأمان، والأمن على
حاضره ومستقبله، وأن يشعر بالود مع المحيطين به، وأن يبادلهم شعوراً بشعور، وحباً
بحب.
وقد
تعددت وجهات نظر الباحثين حول تعريف الشعور بالأمن
Feeling of Security تعدداً هائلاً؛ فمنهم من يرى أنه الشعور بالبيئة الاجتماعية على أنها بيئة صديقة وشعور الفرد بأن الآخرين يحترمونه ويتقبلونه داخل الجماعة ، الشعور بالأمن يعنى انعدام الشعور بالألم من أي نوع من الخوف أو الخطر. شعور الفرد بالتواد، والتقبل، والحب من قبل الآخرين مع قلة شعور بالخطر، والقلق،والاضطراب.
Feeling of Security تعدداً هائلاً؛ فمنهم من يرى أنه الشعور بالبيئة الاجتماعية على أنها بيئة صديقة وشعور الفرد بأن الآخرين يحترمونه ويتقبلونه داخل الجماعة ، الشعور بالأمن يعنى انعدام الشعور بالألم من أي نوع من الخوف أو الخطر. شعور الفرد بالتواد، والتقبل، والحب من قبل الآخرين مع قلة شعور بالخطر، والقلق،والاضطراب.
ومن
الملاحظ أن معظم التعريفات تؤكد على أمرين: الجانب الإيجابي أو المظاهر الإيجابية المعبرة عن الشعور
بالأمن: كالطمأنينة، والتقبل من قبل الآخرين، والتواد مع أعضاء جماعته. أما الجانب
السلبي أو المظاهر السالبة المعبرة عن فقدان الشعور بالأمن فهي الخوف، والتوتر،
والقلق، والشعور بالألم .
مفهوم الأمن يعبر عن مدى وعى الفرد
وإدراكه لدوره في محيطه الاجتماعي، وما عليه من واجبات بما ينعكس إيجاباً على
حياته النفسية من رضا، وطمأنينة وشعور بالسعادة والاستقرار النفسي.
هذا
على مستوى الأمن الفردي. إلاّ أن الأمن الجماعي أو الوطني، أو القومي مفهوم آخر
يرتبط بالأمن الفردي حيث لا تكتمل منظومة الأمن إلاّ بالتكامل بينهما كما أن أي
قصور في أحدهما ينعكس سلباً على المفهوم الآخر.
والأمن
الوطني National Security يقصد به الإجراءات التي تتخذها الدولة – في
حدود طاقتها – للحفاظ على كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل مع مراعاة التغيرات
الإقليمية والدولية . وهو بذلك مفهوم أعم وأشمل من الأمن العسكري إلاّ أنه ليس
بديلاً عنه.
فالمجتمع
الآمن هو المجتمع الذي يحظى فيه كل فرد بكامل حقوقه بلا تمييز بسبب لون أو جنس أو
عقيدة فى مقابل قيامه بكامل واجباته في إطار من سيادة العدالة و كونه فردا داخل
وطنه .
أهمية كل من مفهوم الأمن الوطني ومفهوم
الأمن القومي، ذلك أن مفهوم الأمن القومي يتجاوز حدود الدولة إلى مجال أرحب حيث
يراد به تمتع جملة من الدول بالأمن يوجد بينها روابط وقواسم من تاريخ، أو لغة، أو
عقيدة، أو كل ما سبق.
علاقة الأمن بإشباع الحاجات الأساسية للفرد:
لن
نكون مبالغين إذا قلنا أن الحاجات الفسيولوجية ذاتها لا يمكن أن تشبع على النحو
الكامل والصحيح دون إشباع الحاجة إلى الأمن، وبدون قدرة المواطن على إشباع
حاجاته.. لا نتصور وجود استقرار داخلي أو تقدم مجتمعي.
علاقة الأمن الوطني بالأمن النفسي:
يعتبر
الأمن النفسي والأمن الوطني امتدادين متداخلين في العمق والمكونات، كما أنهما في
الوقت نفسه في إطار تبادلي.
مكونات الأمن النفسي:
1- الأمن الاجتماعي: ويتضمن شعور الفرد بإشباع حاجاته الاجتماعية في محيطه الاجتماعي حيث
يشعر الفرد بأنه له ذات لها دور في محيطها، وتفتقد حيث تغيب، وإن الفرد يدرك أن
لها دوراً اجتماعياً مؤثراً يدفعه الشعور بالحاجة إلى الانتماء للتمسك بتقاليد
الجماعة ومعاييرها حيث يتمثلها الفرد كما لو كانت معاييره هو الذاتية.
2- الأمن الجسمي: حيث يشير إلى مدى إشباع الفرد لحاجاته البدنية والجسمية. إن المجتمع الذي
يوفر لأفراده حاجاتهم الأساسية يضمن مستو من الأمن يتناسب مع مقدار ما وفره
لأفراده.
إلاّ
أنه في أوقات الأزمات يضطرب شعور الفرد بالانتماء لمجتمع لا يوفر الحد الأدنى من
الحاجات الأساسية إلاّ أن المجتمع عندما لا يستطيع توفير الحاجات الأساسية لأفراده
قد لا يؤدى ذلك إلى اضطراب في شعور الأمن عند أفراده عندما يتساوى الجميع في تحمل
هذه الظروف الطارئة مما يجعل الأفراد يتجاوزون هذه المحنة وتصهرهم الظروف في بوتقة
واحدة.
3- الأمن الفكري والعقدي: وهو أن يأمن الفرد على فكره، وعقيدته من أن يتم قهره عنوة أو جهلا
دون إدراك منه على ما يخالف ما يعتقده إن حرية التدين تحكم كل مقومات المجتمع
المسلم إلاّ أن هناك مطلباً يجب أن يوضع في الاعتبار عند الحديث عن حرية التدين في
المجتمع المسلم وهى أنه كل دين غير دين الإسلام مكفول لإتباعه حرية ممارسة عقائدهم
شريطة ألاّ يناصروا أحداً على المسلمين، ولا يحاربوا المسلمين في عقيدتهم.
ثانياً: الآثار الإيجابية
لتحقيق حاجة الأمن:
إن
شعور الفرد بالأمان يجعله يعمم هذا الشعور؛ فيرى في الناس الخير، والحب، ومن ثم
يتعاون معهم ويكون عطوفاً على الآخرين، مستقلاً في شخصيته، ولديه القدرة على
احتمال الشدائد. ولذلك نراه يترقى في مدارج الطموحات الإنسانية. في حين أن فقدانه
لهذا الشعور سوف يعمم على الأحداث والأشخاص المحيطين به، وسوف ينفر منهم، ويراهم
جحيماً لا يطاق، وتقل فترات استمتاعه بالحياة، ومن ثم يضعف الانتماء لديه لجماعته
المحيطة، ومن ثم مجتمعه المحيط، ولذلك نراه يؤثر الجنوح، والجريمة وكأنه شخص مقهور
ينتقم من المجتمع كله بلا ضابط من خلق أو دين أو صلة رحم.
إن
توافر الحاجات الأساسية للفرد والتي ترتبط ببقائه كفرد، وكذلك تلك التي ترتبط
ببقائه كنوع هو حجر الزاوية في البناء النفسي الآمن. إن الفرد عندما تتوافر له هذه
الحاجات يشعر بالأمن والأمان. والمجتمع المسلم حض الأغنياء على تحمل مسئولياتهم عن
الفقراء . و قول الرسول أكبر دليل " لا
يدخل الجنة من لم يأمن جاره بوائقه”رواه
مسلم فهذا الحديث لو طبق على أكمل وجه لكان الجار و
الجار و الجار يشكلون في المحصلة المجتمع و ككل الدولة.
إن
التغيرات الاجتماعية السريعة وغير المتوازنة حيث يسيطر على العصر الحديث سمة
التطور السريع والمتلاحق وحدوث فجوات بين الدول المتقدمة والدول النامية، وعلى
مستوى المجتمع الواحد توجد فجوات واسعة بين الطبقات في المال،والمكانة، والشهرة.
هذه التغيرات السريعة لا مكان فيها لمتخاذل، أو متغافل، أو جاهل. وهنا يقع العبء
على كاهل البناء النفسي للفرد الذي يشعر بالقلق على يومه، ومستقبله ومستقبل أولاده
من بعده مما يجعله يشعر بفقدان الأمان. ولذلك نجد ظواهر متعددة يسعى الناس من
خلالها إلى خفض الشعور بفقدان الأمان: كالسعي لامتلاك أكبر ثروة من حلال أو من
حرام، أو تحصيل أعلى مكانه اجتماعية تجعلهم بمأمن من الخوف من المستقبل.
كما
أن العدالة في تطبيق القوانين بلا تفرقة بسبب لون، أو جنس ، أو طبقة فالكل سواء
أمام العدالة. عندما تطبق العدالة كما هي يشعر كل فرد بأنه سوف يحصل على حقه كاملاً
فتطمئن نفسه، ويهدأ خاطره.
ثالثاً: الآثار السلبية لغياب
الأمن على مستوى الفرد والجماعة:
أشارت
الدراسات المتعددة التي أجريت على شعور الفرد بالأمن إلى أن من أهم هذه العوامل
التنشئة الاجتماعية والرعاية الوالدية في إحدى المؤسسات التربوية البالغة الأهمية
وهى الأسرة ذلك أن الطفل يتلقى أولى مشاعر الأمن من خلال التفاعل بين أفراد الأسرة
ولا سيما الأبوين.
فإن المعاملة الوالدية العطوفة والحنونة في
غير تضييع لمعايير الجدّ مع الزمن، وعدم التذبذب في المعاملة، وتقبل الأبناء من
قبل الأبوين بلا تفريق بينهم يساهم في ترسيخ شعور الطفل بالثبات، والاتساق مما
ينعكس على شعوره بالأمن والطمأنينة. كما أن المعاملة الوالدية القاسية أو المدللة،
والإهمال، والتذبذب في المعاملة ينعكس سلباً على البناء النفسي للطفل “فيكثر الشعور باليأس،
والقنوط، والسخط، والغضب على نفسه ويعيش الفرد وهو يشعر بأنه وحيد، ومعزول، ولا
يثق في الناس، ولا يرتاح للتعامل معهم” ، الطفل الذي يعيش بين والدين كثيري
الخلاف لديه مستوى مرتفع من التوتر، والقلق، وعدم الشعور بالأمن”.
كما
أن عملية الضبط والتهذيب القائمة على درجة من الشدة والقسوة تؤدى إلى انعدام
الاستقرار والأمن النفسي، و الدراسات تأكد أن الجانحين قد تعرضوا لأساليب من
المعاملة الوالدية الخاطئة حيث العقاب الشديد، والنبذ، والإهمال مما أفقد المراهق
الشعور بالأمن مما دفعه إلى السلوك الجانح. كما تناغمت نتائج دراسة قام بها كلٌ من
ويلر، وليشتر Willer & Luchter, 1983 مع نتائج الدراسة السابقة، حيث أشارت إلى أنه
توجد علاقة ارتباطيه موجبة بين الشعور بالاضطراب النفسي والسلوك العدواني الناتج
عن انعدام الشعور بالأمن النفسي لدى الأبناء وبين أساليب المعاملة الوالدية، والجو
الأسرى.
كما
أشارت دراسة إلى أن مستوى الأمن النفسي يرتفع بالتقدم في العمر، كما يرتفع لدى
المتزوجين مقارنة بالعزاب، ولدى المتعلمين عن غير المتعلمين في حين لا توجد
اختلافات بين الجنسين ذات دلالة في الشعور بالأمن.
رابعاً: مفهوم الأسرة المسلمة وأهدافها وركائزها
التربوية:
الأسرة
هي الوحدة الاجتماعية الأولى التي تهدف إلى المحافظة على النوع الإنساني، وتقوم
على المقتضيات التي يرتضيها العقل الجمعي والقواعد التي تقررها المجتمعات المختلفة
.
الأسرة في اللغة هي أهل الرجل وعشيرته،
وفى الاصطلاح الشرعي هي الجماعة المعتبرة نواة المجتمع، والتي تنشأ برابطة زوجية
بين رجل وامرأة، ثم يتفرع عنها الأولاد، وتظل ذات صلة وثيقة بأصول الزوجين من
أجداد وجدات.
والأسرة مظلة إنسانية ضرورية لبناء
النفس، وممارسة المعيشة الهانئة في الحياة. أما بناء النفس الإنسانية المتكاملة
للرجل أو المرأة فيتم عن طريق الزواج الذي يشبع النزعات الفطرية، والميول
الغريزية، ويلبى المطالب النفسية والروحية والعاطفية والجسدية، وذلك من أجل التوصل
إلى تحقيق منهج الوسطية والاعتدال، دون حرمان من الإشباع الجنسي، ودون إباحية تؤدى
إلى الانحلال من الفضيلة على كل إنسان أن يدرك أن العيش في عز الحلال شيء عظيم
وكسب لا تضاهيه كنوز الدنيا و على المرأة أن تعي أنها سكن مثلما سألها آدم لما
خلقت قالت لأكون سكنا لك .
وأما ممارسة المعيشة الهانئة في الحياة
فتحصل من خلال الأسرة التي توجد تجمعاً صغيراً يبنى أصول حياته ومعيشته بهدوء،
ويحقق تعاوناً بناء وقوياً في التغلب على مشكلات المعيشة والمكاسب، وتخيم فيها
أجواء المحبة والود والأنس والطمأنينة والسلامة.
إن
الأسرة المسلمة هي المعقل الأول الذي ينشأ فيه الطفل في جو التربية الإسلامية، وإن
أهم أهداف تكوين الأسرة هي:
- إقامة حدود الله: أي تحقيق شرع الله ومرضاته في كل شؤونهما وعلاقاتهما الزوجية، وهذا
معناه إقامة البيت المسلم الذي يبنى حياته على تحقيق عبادة الله، أي على تحقيق
الهدف الأسمى للتربية الإسلامية. وهكذا ينشأ الطفل في بيت أقيم على تقوى الله فيقتدي
بذلك إذ يمتص ويكتسب تلك العادات الأبوية السمحة من خلال المعايشة اليومية، ومن ثم
يقتنع بعقيدتهما الإسلامية حين يصبح واعياً.
- تحقيق
السكون النفسي والطمأنينة: فالحق سبحانه وتعالى
يقول: ]ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة
ورحمة[
(سورة الروم: آية21)، فإذا اجتمع الزوجان على أساس من الرحمة والاطمئنان النفسي
المتبادل فحينئذ يتربى الناشئ في جو سعيد يهبه الثقة والاطمئنان والعطف والمودة ،
بعيداً عن القلق وعن العقد والأمراض النفسية التي تضعف شخصيته.
-
تحقيق أمر الرسول
بإنجاب النسل المؤمن الصالح ليباهى بنا الأمم يوم القيامة، في قوله: (تنكاحوا
تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة).
والحديث دليل واضح على أن البيت المسلم
يجب عليه أن يربى أبناءه تربية تحقق هدف الإسلام، وأركان الإيمان في نفوسهم
وسلوكهم، لأن المباهاة إنما تكون بكثرة النسل الصالح.
فعلى الأبوين تقع مسؤولية تربية
الأبناء ووقايتهم من الخسران والشر والنار، التي تنتظر كل إنسان لا يؤمن بالله، أو
يتبع غير سبيل المؤمنين. قال تعالى:] يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهلبكم ناراً
وقودها الناس والحجارة[ (سورة التحريم: آية 6 ).
ولقد جاء لفظ أهلبكم بالجمع ليشمل الزوجة
والولد، وهذه المسؤولية تزداد أهمية في أيامنا هذه لأن بعض مظاهر الحياة
الاجتماعية خارج الأسرة والمسجد ليست في كل الأحيان متوافقة مع هدف التربية
الإسلامية، كالمذياع والتليفزيون والإنترنت والمجلات الخليعة والقصص الماجنة التي
تتسرب إلى أيدي الأطفال، الأمر الذي يتطلب من الأبوين الحذر واليقظة.
- إرواء الحاجة إلى المحبة عند
الأطفال: وتتحمل الأسرة
وقوامها الأبوان، مسؤولية رحمة الأولاد ومحبتهم والعطف عليهم، لأن هذا من أهم أسس
نشأتهم، ومقومات نموهم النفسي والاجتماعي، نمواً قوياً سوياً. فإذا لم يتحقق
المحبة للأولاد بالشكل الكافي المتزن، نشأ الطفل منحرفاً في مجتمعه لا يحسن التآلف
مع الآخرين، ولا يستطيع التعاون أو تقديم الخدمات والتضحيات، وقد يكبر فلا يستطيع
أن يكون أباً رحيماً أو زوجاً متزناً حسن المعشر.
لقد جاءت التجارب العلمية مؤيدة ضرورة
محبة الأطفال ورحمتهم والصبر على مداعبتهم وهو أمر تربوي أقره الرسول ، حيث ثبت أن الطفل الرضيع لا ينمو على الغذاء
فحسب، بل على عطف الأم الذي لا يقل أهمية عن الغذاء، بل هو أهم منه في تربية
شخصيته الناشئ، وأن قوام الأسرة هو الحب المتبادل، حتى إذا شب الطفل استطاع نقل
هذا الحب معه إلى خارج الأسرة، إلى المجتمع الإسلامي الواسع، فيتراحم المسلمون
ويتحاب أفراد المجتمع المسلم.
- صون فطرة الطفل من الزلل
والانحراف: اعتبر الإسلام
الأسرة مسؤولة عن فطرة الطفل، واعتبر كل انحراف يصيبها مصدره الأول الأبوان. ذلك
أن الطفل يولد صافى السريرة، سليم الفطرة، وفى هذا المعنى يقول الرسول :(ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه
يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه). ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه :]
فطرة الله التي فطر الناس عليها* لا تبديل لخلق الله* ذلك الدين القيم[
(رواه البخاري، ج 1، 162) وقد فهم الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه أن
الفطرة هي استعداد المولود للدين القيم، دين التوحيد، وأن سنة الله لا تتغير إلى
قيام الساعة .
والحديث ليس محصوراً في اليهود
والنصارى والمجوس وأعيانهم، بل إن كل أبوين مسلمين يقلدان اليهود والنصارى في
ضلالاتهم وأمور حياتهم، بما ينافى الآداب الإسلامية، مسئولون عن انحراف أطفالهم عن
الفطرة نتيجة لتقليد آبائهم، أو لأن آباءهم عرَّضوهم لأسباب الانحراف التي تروج
لها معظم الفضائيات في عالم اليوم.
إن من ركائز بناء البيت المسلم والحفاظ
على هويته وكيانه العناية الفائقة بتربية الأولاد وتعليمهم. فالتربية هي تنشئة
الولد حتى يبلغ حد التمام والكمال شيئاً فشيئاً، وتشمل التربية تنمية جميع جوانب
الشخصية الجسمية والعقلية والاجتماعية والنفسية والروحية والوجدانية والسلوكية… الخ.
فالتربية
هي مجموع الآثار التي نوقعها على كائن ما لنيسر له سبيل بلوغ الغايات التي هو
مخلوق لها. أي أن التربية نقل مجموعة من الأفكار والعواطف وتشكيل الكائن
اجتماعياً، وإدخاله في المجتمع من الوجهة الصناعية الفنية والوجهة الروحية في آن
واحد. أما التربية الإسلامية فهي تعنى إعداد المسلم إعداداً كاملاً من جميع النواحي
في جميع مراحل نموه للحياة الدنيا والآخرة في ضوء المبادئ والقيم وطرق التربية التي
جاء بها الإسلام.
وكل من التربية والتعليم ضروري لتنمية الولد،
لأنه أمانة عند والديه، قال رسول الله:(ما نحل والد ولداً أفضل من أدب حسن) (أخرجه
الترمذي)، وقال الإمام الغزالي رحمه الله: أعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم
الأمور وأوكدها، والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفسية ساذجة خالية
من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل لكل ما يمال به وإليه، فإن عُوَّد
الخير نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه، وكل معلم له
ومؤدب، وإن عُوَّد الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيم
عليه والوالي له.
ولعل من أهم ركائز الأسرة التربوية ما
يلى :
أولاً: التربية
الإيمانية: إن جوهر رسالة
الإسلام، صحة العقيدة أو الإيمان بغرس أركان الإيمان وأصوله في النفس أو القلب،
وهى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله
تعالى. ويركز المربى أولاً على إثبات وجود الله وتوحيده، ثم على حبه وشكر نعمه
وأفضاله، ثم على تفرده بالسلطان المطلق في الدنيا والآخرة. ثم يعرف المربى ولده
بالقرآن الكريم وعظمته، وأنه كلام الله ويعلمه إياه نطقاً أولاً ثم يرشده لحفظه
ثانياً. ثم يرسخ المربى في قلب الطفل حب الرسول ، والإيمان بأنه خاتم الرسل، وأنه
تجب العناية بسنته الشريفة وحفظ ما تيسر من أحاديثه لينشأ الطفل نشأة سليمة.
ثانياً: التدريب على
العبادة: العبادة في الإسلام ترجمان العقيدة، ودليل صحتها وثوبتها، فالولد
قبل البلوغ غير مكلف بالتكاليف الشرعية لقوله
:(رفع القلم عن ثلاثة: المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى
يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم).(أخرجه أبو داود) ولكن إعداد الطفل لمرحلة البلوغ
وما يليها يتطلب تربوياً وشرعياً تدريبه على ممارسة العبادة لتصبح جزءاً حيوياً
وعادة متأصلة من حياته وعلمه. ويبدأ التدريب على الصلاة والصيام في سن السابعة
ويتأكد في سن العاشرة لقوله :(مروا
أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر)(أخرجه أبو دواد).
ثالثاً: التربية
البدنية: إن سلامة البنية الإنسانية والقوة الجسدية دعامتان أساسيتان لبناء
الولد بناء سليماً، لأن العقل السليم في الجسم السليم.
وتحمل أعباء الحياة
كلها يتطلب قوة في الجسد. يقول النبي : (المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير)
(أخرجه مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه) .
رابعاً: التربية الخلقية: فإن الآداب الحميدة والأخلاق الإسلامية هي وعاء الدين :(الخلق وعاء الدين)
(أخرجه الترمذى عن أنس). وأساس تقويم الطباع والعادات وتكامل الشخصية، ودليل
الانتماء الصحيح لشريعة القرآن الكريم. ومن أهم الآداب: الصدق والصراحة في القول، والأمانة والحلم
وعفة اللسان، وصفاء النفس من الأحقاد. قال عليه الصلاة والسلام :(أكرموا أولادكم
وأحسنوا أدبهم) (أخرجه ابن ماجه).
وبركة حسن الخلق
تلازم الإنسان طوال الحياة، وتدفع إلى كل فضيلة، وهى عون على كمال الدين والمروءة
والشخصية. وليهنأ ذو الخلق بالبشارة النبوية : (إن أحبكم إلى أحاستكم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً، الذين
يألفون ويؤلفون. وإن أبغضكم إلى المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة،
الملتمسون للبرآء العيب)(أخرجه الطبرانى عن أبى هريرة).
وركائز الأخلاق: بر الوالدين واحترامهم، والأدب مع الأسرة،
والإخوة والجيران والأصدقاء، ثم مع الناس في المركب والعمل والوظيفة.
خامساً: التربية الروحانية:
على الأب والأم العناية بهذه التربية، فإنها سبب تنمية مشاعر الطفل وتهذيبه،
وشفافية حواسه وعواطفه، وتكون هذه التربية سبباً في توافر خشية الله والخوف منه،
والتأمل في عظمته، وإدراك أسرار الكون، والانصياع لأوامر الله. قال تعالى: ]إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت
قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون[ (سورة الأنفال: الآية 2).
سادساً: تعليم الولد اللغة
العربية: اللغة العربية هي مفتاح تعلم القرآن والسنة وفهمها. فإذا تقوى
الولد في اللغة العربية وأتقنها، كان قوياً في فهم الشريعة وإدراك مقاصدها
وغاياتها.
سابعاً: التربية
الاجتماعية: أي التكيف مع الوسط الاجتماعي المحيط بالإنسان، سواء الصغار أو
الكبار، أو الأصدقاء أو الجيران. فيكون لدى الولد الجرأة الأدبية لإثبات الذات دون
خجل أو تردد، ويتم تحقيق المراد بتعويد الولد حضور مجالس الكبار ليعرف كيفية قضاء
الحاجات من بيع وشراء وإعارة واستعارة ونحوها، والبدء بتحية الإسلام، وكيفية الرد
عليها، ومؤانسة الطفل ورعايته وعيادته إذا مرض، والتعرف على أسس اختيار الرفاق والأصدقاء،
وباختصار تهدف هذه التربية إلى حب الناس وحب الخير والمعروف ورحمة الآخرين
والتعاون على البر والتقوى.
ثامناً: التربية
العاطفية: وتشمل معاملة الطفل
بالرأفة والرحمة والمداعبة، والتقبيل ومسح الرأس، وتقديم الهدايا، والبشاشة في
الاستقبال والوداع، والعناية بالطفل والبحث عنه من غير تمييز بين الأولاد في المعاملة
والحب، مع الاعتدال في الحب والكره حتى لا تتعقد نفسية الطفل. وهكذا يكون البناء العاطفي
والنفسي باحترام الذات، وإشعار الولد بالمحبة والرعاية والأهمية، والتركيز على
بناء المستقبل.
تاسعاً: التربية العقلية:
إن العناية بتنمية العقل لدى الولد أمر في غاية الأهمية، فالله سبحانه وتعالى ميز
الإنسان عن الحيوان بالعقل، وجعله أداة المعرفة ومناط التكليف، وسبيل الرشد
والهداية. وينبغي أن تهدف التربية إلى استخدام العقل والتفكير في حدود توجيهات
القرآن الكريم الداعية إلى التأمل في خلق السماوات والأرض، والتوصل بذلك إلى إثبات
وجود الله وتوحيده. وكل هذا معروف ومعلوم من القرآن الداعي لإعمال العقل في مئات
الآيات كما في قوله تعالى:] إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون [
(سورة الروم: الآية 24).
عاشراً:
التربية الجمالية: المراد بالتربية الجمالية المحافظة على مواضع الجمال
والزينة، وترك كل أنواع الفساد والتشويه، والعناية بالأجسام والمنازل، ونظافة
الشوارع والحدائق والمرافق العامة، والتخلص من النفايات وإتلافها بحيث لا تضر
الإنسان والحيوان والنبات من أجل حماية البيئة. بمعنى ضرورة تربية الأولاد على
حماية البيئة والمحافظة عليها باعتبارها نعمة ربانية خلقها الله سبحانه وتعالى من
أجل إسعاد الإنسان وتهيئة الحياة الطيبة له باعتباره المكلف بعمارة الأرض وعبادة
الله سبحانه وتعالى.
الحادي عشر: التربية الجنسية: ينبغي أن يتدرج الأبوان في لمس هذه الناحية عند الولد بحسب مراحل
عمره حتى الزواج، فينتقل من المجاز إلى التلميح، ثم التصريح بعد البلوغ، ويحرصان
على تعويد الطفل على آداب الاستئذان في البيت وغيره، وعلى غض البصر، والتحذير من
المخاطر والأخطار والمثيرات الجنسية، وصرف نشاط الولد وفراغه إلى الأعمال المفيدة
كالعلم و المطالعة و البحث و قراءة كلام الله . وعند توافر المقدرة المالية يعد التبكير بالزواج عصمة من
الانحراف، وتحصين للجنسين، وتحقيق للعفة والصون.
خامساً:
أهم العوامل والأسباب التي تؤدى إلى انحراف الشباب داخل الأسرة المسلمة:
ما
أكثر العوامل والأسباب التي تؤدى إلى انحراف الشباب، وإلى زيغهم وفساد أخلاقهم،
وسوء تربيتهم في الوقت الحاضر. وما أكثر نوازع الشر، وبواعث الفساد التي تحيط بهم
وتكتنفهم من كل جانب.
الأولاد أمانة في أعناق الوالدين،
والوالدان مسئولان عن تلك الأمانة، والتقصير في تربية الأولاد خلل واضح وخطأ فادح،
والولد قبل أن تربيه المدرسة والمجتمع- يربيه البيت والأسرة، وهو مدين لأبويه في
سلوكه الاجتماعي المستقيم، كما أن أبواه مسؤولان إلى حد كبير عن انحرافه الخلقي .
قال ابن القيم رحمه الله “وكم ممن أشقى ولده، وفلذة
كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه
يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في
الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد – رأيت عامته من قبل الآباء” .
فإذا
لم يكن المربون على مستوى المسؤولية والأمانة، وعلى علم بأسباب الانحراف وبواعثه،
وعلى دراية في الأخذ بأسباب العلاج وطرق
الوقاية، فإن الأولاد لا شك سيكونون في المجتمع جيل الضياع والشقاء، وعصبة الفساد
والجريمة.
ولعل
من أهم أسباب انحراف الشباب ما يلى:
1- الفقر الذي يخيم على بعض
البيوت: فالشاب حين لا يجد في
البيت ما يكفيه من غذاء وكساء، فإنه لا شك سيلجأ إلى مغادرة البيت بحثاً عن
الأسباب وسعياً وراء الرزق فتتلقفه أيدي السوء والجريمة، وتحيط به هالة الشر
والانحراف فينشأ في المجتمع مجرماً.
2- النزاع والشقاق بين الآباء
والأمهات: من الأسباب الأساسية
التي تؤدى إلى انحراف الشباب احتدام النزاع واستمرار الشقاق ما بين الأب والأم،
فعندما يرى الشاب ظاهرة الخصومة أمام ناظريه، سيترك حتماً جو البيت القائم ليبحث
عن رفاق يقضى معهم جل وقته، فهؤلاء إن كانوا قرناء سوء فإن انحرافه سيتأكد، وإن
إجرامه سيتحقق، ليصبح أداة خطر وبلاء على البلاد والعباد.
3- حالات الطلاق: ومن الأسباب الأساسية التي تؤدى غالباً إلى انحراف الشباب، حالات الطلاق
وما يصحبها من تشرد وضياع، وما يعقبها من تشتت وفراق. إن الولد عندما لا يجد الأم التي
تحنو عليه، ولا الأب الذي يقوم على أمره ورعايته، فإنه لا شك سيندفع نحو الجريمة،
ويتربى على الفساد والانحراف.
4- وقت الفراغ: من العوامل الأساسية التي تؤدى غالباً إلى انحراف الشباب عدم
الاستفادة من وقت الفراغ الذي يتحكم في الأحداث والمراهقين. ومن المعلوم أن الولد
منذ نشأته مولع باللعب، ميال إلى المغامرة، محب للفسحة والتمتع بالمناظر الطبيعية،
فيجب على المربين أن يستغلوا هذه الظاهرة في الأطفال، وإلا فإنهم سيختلطون غالباً
بقرناء سوء، ورفاق شر، ويؤدى حتماً إلى شقائهم وانحرافهم. والرسول صلى الله عليه
وسلم يقول :”نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ” (البخارى فى صحيحه
5/2375، كتاب الرقاق، 1407).
5- الخلطة الفاسدة ورفاق السوء: من العوامل الكبيرة التي تؤدى إلى انحراف الشباب رفاق السوء والخلطة
الفاسدة، ولا سيما إذا كان الشاب ضعيف العقيدة، متميع الخلق. فسرعان ما يتأثر
بمصاحبة الأشرار ومرافقة الفجار، وسرعان ما يكتسب منهم أحط العادات، وأقبح
الأخلاق، بل يسير معهم في طريق الشقاوة بخطى سريعة، حتى يصبح الإجرام طبعاً من
طباعهم، والانحراف عادة متأصلة من عاداتهم، ويصعب بعد ذلك رده إلى الجادة
المستقيمة.
6- سوء معاملة الوالدين للولد: من الأمور التي يكاد يجمع علماء التربية عليها، أن الولد إذا عومل من
قبل أبويه المعاملة القاسية، وأدب من قبلهم بالضرب الشديد، والتوبيخ القارع،
والتشهير والسخرية، فإن ردود الفعل ستظهر في سلوكه وخلقه، وإن ظاهرة الخوف
والانكماش ستبدو في تصرفاته وأفعاله، الأمر الذي قد يؤدى به إلى ترك المنزل
نهائياً تخلصاً مما يعانيه من المعاملة الأليمة، وهكذا قد يتعرض إلى حياة التشرد
والجريمة.
7- مشاهدة أفلام الجريمة والجنس: ومن العوامل الخطيرة التي تؤدى إلى انحراف الشاب ما يشاهده في دور
السينما وعلى شاشات التلفاز من روايات بوليسية، وأفلام خليعة، وما يشاهده من صور
فاضحة، ومجلات ماجنة، وقصص مثيرة، وهى بجملتها تشجع على الانحراف والإجرام، وهى
كذلك تفسد أخلاق الكبار، فكيف بالمراهقين والأطفال الصغار؟! ومما لا يختلف فيه اثنان
أن لمثل هذه الأجواء الفاسدة، والمشاهد الآثمة، أثراً بالغاً في نفوس الشباب
المراهقين، بحيث يتوجهوا نحو الرزيلة والفساد.
8- انتشار البطالة في المجتمع: ومن العوامل الأساسية التي تؤدى إلى انحراف الشباب، انتشار البطالة
بين أفراد الأمة، وطبقات المجتمع. فالأب العاطل الذي لا يعمل ولا يجد من المال ما
يسد به حاجة الأسرة، ويؤمن لهم حاجاتهم الضرورية، ومطالبهم الحيوية، فإن الأسرة
بأفرادها ستتعرض للتشرد والضياع، وإن الأولاد سينزلقون نحو الانحراف والإجرام،
وربما دفع ذلك أفراد الأسرة إلى التفكير في الحصول على المال بأية وسيلة غير شريفة
أو مشروعة كالسرقة والاغتصاب والرشوة… الخ.
9- تخلى الأبوين عن تربية الولد: من العوامل الرئيسة التي تؤدى إلى انحراف الولد تهاون الأبوين
وتخليهم عن تربيته التربية الصحيحة. ينبغي ألا نغفل دور الأم في حمل أمانة
التربية، والقيام بواجب المسؤولية تجاه من ترعاهم، وتقوم على تربيتهم. وإذا قصرت
الأم في واجبها التربوي لانشغالها مع معارفها أو صديقاتها وخروجها من بيتها، وإذا
أهمل الأب مسؤولية التوجيه والتربية نحو أولاده لانشغاله بمطالب الحياة أو غيابه
المستمر عن المنزل أو لانصرافه وقت الفراغ إلى اللهو والسهر مع الأصحاب، فلا شك أن
الأولاد سينشؤون نشأة اليتامى، ويعيشون عيشة المتشردين، بل سيكونون سبب فساد وأداة
إجرام للمجتمع بأسره.
10- تعاطي المخدرات: تعد مشكلة تعاطي المخدرات من أهم المشكلات التي تسبب خطراً بالغاً
يهدد أمن المجتمع لما يترتب عليها من أضرار بالغة ينعكس أثرها على الفرد والمجتمع،
فالخمور والمسكرات والمخدرات تسبب مخاطر ومشكلات عديدة في أنحاء العالم، وتكلف
البشرية فاقداً مادياً وبشرياً يفوق ما تفقده أثناء الحروب المدمرة. عندما تنهار عوامل التربية
السليمة، يتخلف النموذج الاجتماعي الواقي من الانحراف، ويجد الشباب في المخدرات
باباً خلفياً لدخول حياة مصطنعة وهمية يحيكها لهم وهم زائف، يقوم على أسرار
العقاقير المخدرة. ولعل السبب الرئيس وراء تعاطي المخدرات ضعف الوازع الديني،
فعندما ينشأ الأولاد على غير التقوى والإيمان تنمو نفوسهم مشوهة على غير أصلها،
ضعيفة لا تصمد أمام تقلبات الحياة العادية. إن مأساة عالمنا نتاج تخليه عن قيمه
الروحية، فإذا به اليوم يدفع ضريبة تخليه عن كل وازع ديني أو ضابط أخلاقي، بعد أن
فصل العلم عن الأخلاق، والمادة عن الروح، ووصل بالحرية إلى مهاوى الانحلال
والإباحية فوقع فريسة شهواته وملذاته، ضياع في عالم المخدرات. ذلك أن الحصانة
الحقيقية هي العودة إلى المبادئ السماوية في الإيمان .
وقد يتعجب كثير من الآباء من وجود ضعف
الوازع الديني عند أبنائهم ويتساءلون عن كيفية تسلل ذلك إلى عقول أولادهم وقلوبهم؟
وجواب ذلك: أن المدرسة المعاصرة وما بها من مناهج لا تخلو من أفكار علمانية في بعض
البلاد الإسلامية، ووسائل الإعلام وما تبثه للمشاهدين من أفلام هابطة، ومناظر
مثيرة، لا تراعى حرمة الدين، ولا قيم المجتمع وتراثه، بجانب الغزو الثقافي عبر
القنوات الفضائية، ذلك الغزو الجديد الذي يفعل ما لا تفعله القنابل والمتفجرات.
إنه يهدم العقائد الصحيحة، والأخلاق الكريمة، والعادات الحسنة، والشيم الحميدة،
إنه غزو الشهوات والكأس والمخدرات. هذه الأسباب وغيرها هي أهم أبواب تسرب ضعف
الوازع الديني إلى أولادنا.
تعتبر الأسرة من أهم العوامل المسببة
للإدمان، فالأسرة مسؤولة عن تكوين أخلاقيات الفرد بوجه عام. فالأسرة التي تكفل
المأوى الصالح للفرد، وتغذى طفولته بالأمن والطمأنينة، وتبعد عنه عوامل القلق
والاضطراب، وتمكنه من الحصول على حاجاته تضمن للطفل النشأة الطيبة السوية الخالية
من آفة الإدمان. أما الأسرة التي يغيب فيها دور البيت، وضياع السلطة الأبوية
بفقدان الأبوين أو أحدهما بالموت أو السجن أو المرض أو الطلاق، كثيراً ما يؤدى إلى
نتائج سيئة تهيئ للانحراف والإدمان.
كما أن العلاقات السيئة بين الوالدين
والأبناء وما ينتج عنها من خلافات ومشاجرات مستمرة تؤدى إلى سوء تكيف الصغار وإلى
كثير من ألوان السلوك الخاطئ للكبار، غالباً ما يدفع كلاً منهما إلى الانحراف
والإدمان.
ويعد الانحراف الخلقي في الأسرة في مقدمة العوامل البيئية التي تدفع
للمخدرات، حيث أن أخطر عوامل الانهيار الأخلاقي داخل الأسرة هو انحراف الوالدين أو
أحدهما، أو انحراف أكبر الأبناء أو أكبر البنات. والمقصود بالانهيار الخلقي هو
انعدام القيم الروحية والخلقية، وفقدان المثل العليا، واختلال المعايير الاجتماعية
داخل جدران المنزل، مما يجعل الحياة داخل الأسرة مجردة من معاني الشرف والفضيلة،
وتصبح فيها الجريمة والانحراف والإدمان وسوء الخلق أمراً عادياً، لا يرى فيه أفراد
الأسرة غضاضة، ولا يحسون فيه معنى الخطيئة.
كما
إن إغراق الولد بالمال من دواعي اللجوء إلى عالم المخدرات، فبعض الآباء يدفع لولده
مصروفاً كثيراً بدون حساب، وقد يكون هذا الأب مدفوعاً بعاطفته وحبه لولده، أو
للمباهاة والمفاخرة أمام الناس. وعندما يجد الولد مالاً كثيراً يلتف حوله زملاء
السوء من أجل ماله، ومن ثم يندفع نحو الشهوات مثل التدخين بدافع حب الاستطلاع، ثم
يتناول الخمور ليدلل لزملائه أنه أكثر مالاً منهم، ومتى ولج الخمر أوصلته إلى
المخدرات لأنها أكبر الكبائر.
والأب
الحصيف هو الذي يعطى المال بقدر حاجته، ثم يسأله عن أوجه الصرف ليعود أبنه على أنه
سيسأل يوم القيامة عن هذا المال وأين أنفقه ليعتاد الولد على صرف المال في الأوجه
الصحيحة منذ صغره. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”لا تزول قدما عبد يوم
القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن عمله ما فعل
فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه” (أخرجه الترمذى عن أبى برزة، وهو حديث صحيح).
واتضح
من دراسة (سلوى على سليم) أن 71% من الشباب المتعاطين للمخدرات في مصر تعاطوها للمرة الأولى لمجرد حب
الاستطلاع، ولم يعرفوا أن مجرد التجربة ستجعلهم متعاطين دائمين.
ومن
أسباب تعاطي الشباب للمخدرات سفرهم للخارج حيث يجد الشاب المسلم المحافظ على دينه
الشهوات مبثوثة في كل مكان في الفندق والشارع والمطعم، بل يجد سمسارة الرذيلة
يتلقونه في المطار وأينما حل يعرضون عليه خدماتهم في تأمين ما يريد مما حرم الله
ورسوله.
إن الأصدقاء
والرفقاء الذين يرتبطون يبعضهم وجدانياً لهم تأثير قوى وخطير على بعضهم وخاصة إذا
كانوا من المنحرفين. ولقد اتضح من الكثير من الدراسات أن الكثير من الشباب الذين
أدمنوا المخدرات، كان وراءهم أصدقاء السوء، فالرغبة في التقليد ومجاملة الأصدقاء،
أو المجاراة، أو المباهاة، أو التفاخر بالرجولة، أو التظاهر بالشجاعة والجرأة، كل
ذلك يزيد طريق المخدرات، ويدفع الكثير من الشباب إلى الانزلاق إلى هاوية الإدمان.
قال
تعالى:]
ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلاً، يا ويلتى ليتنى
لم اتخذ فلاناً خليلاً، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان
خذولاً[
سورة الفرقان(27 – 29).
وعن
أبى موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مثل الجليس الصالح
والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير: فحامل المسك إما أن يحذيك –يعطيك مجاناً-
وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك،
وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة” (أخرجه البخارى)
وتدخل هذه الآثار التراكمية إلى نفس
القرين دون أن يشعر، فإذا كان أحد
القرناء يدخن والآخر لا يدخن، ويظن في نفسه أنه لن يتأثر بقرينه، ولن يعتاد على
التدخين، لكن تعوده على رائحة الدخان من قرينه، ثم الرغبة اللاشعورية في التوحد مع
قرينه تدفعه –دون أن يشعر- للتدخين.
يرى
أساتذة علم الاجتماع أن التغير الاقتصادي السريع سواء أكان هذا التغيير إلى الرخاء
أو إلى الكساد يؤدى إلى زيادة حجم ظاهرة المخدرات، وتعليل ذلك أن الرخاء المفاجئ
قد يؤدى إلى وفرة المال وزيادة وقت الفراغ، الأمر الذي قد يؤدى بدوره إلى الإقبال
على تعاطي المخدرات. كما أن هذه الثروات قد تصبح هدفاً لمهربي المخدرات الذين
يحاولون فتح أسواق جديدة لها في الدول الغنية، كما تجتذب عمليات التنمية والانفتاح
التي تصاحب الرخاء الأيدي العاملة التي تأتى محملة بخبراتها وسلبياتها، ومن بين
هذه السلبيات تعاطي المخدرات
11- الغلو فى
الدين (التطرف): الغلو لغة مجاوزة الحد، يقال غلا فلان فى الدين غلواً
بمعنى تشدد فيه وجاوز الحد وأفرط فهو غال.
والغلو
شرعاً: هو مجاوزة الحد بأن يزاد في الشئ في حمده أو ذمه على ما يستحق. والحد
المقصود هو النص الشرعي، من كلام الله سبحانه وتعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه
وسلم. وجاء في فتح الباري: أن الغلو هو المبالغة في الشئ والتشديد فيه بتجاوز الحد.
وقد
دعا الإسلام إلى الوسطية وهى من أبرز خصائص الإسلام. قال تعالى :وكذلك جعلناكم أمة
وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً[
(سورة البقرة، 143)
فالإسلام يقدم المنهج الوسط في كل شأن من شئون الحياة، ويحذر من المصير إلى
الانحرافين: الغلو أو التقصير. وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي قال:(إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا
غلبه)(رواه البخارى).
لقد
ظهرت بعض جماعات الغلو (التطرف) في بعض أقطار المسلمين خلال السنوات الأخيرة من هذا
القرن، ولعل أبرز الأسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة هي:
1-
التحاكم إلى الأنظمة والقوانين الوضعية: كانت مسألة الحكم بغير ما أنزل الله هي السبب الرئيس للغلو المعاصر،
حيث كانت الشكاية الكبرى للتيارات الإسلامية إبعاد الشريعة عن واقع حياة المسلمين
مما يناقض الإسلام صراحة. . قوله تعالى: ]ومن
لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [ (سورة المائدة، 44). إلى أن البعض أغفل الظروف الدولية المهددة لسلامة و استقرار
البلدان العربية التي أصبحت تسن قوانين يجب على جميع الدول التقيد بها في الحقيقة
هذه القوانين لها أهداف خفية غير معلنة ووجب على الدول الإسلامية سن قوانين داخلية
تساهم في الحد من التأثير بأقل الأضرار الممكنة و الحفاظ على الاستقرار الداخلي
للبلدان .
2-
العنف السياسي:
إن الكبت والتسلط والقهر لا يمكن إلا أن يؤدى إلى قتل إنسانية الشعوب والقضاء على
كرامتها مع تذكر أقوال مأثورة على الحكام ستون سنة بسلطان جائر خير من ليلة بلا
سلطان ، و سلطان غشوم خير من فتنة تدوم إن أمكن التغيير بطرق سلمية أمكن و إن لم
يكن ذلك ممكن فصبر جميل و الله المستعان .
3- الجهل بالعلوم الشرعية: إن الجهل وعدم معرفة حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، مع
اندفاع الإنسان وراء عاطفته، قد يوقعه في الغلو في كثير من الأحيان. فإذا رأى المتحمس
إنساناً يعصى الله ولو كانت معصيته صغيرة، لم يطق أو يتصور أن يكون العاصي مسلماً،
أو مغفوراً له لشدة غيرته، فيؤدى ذلك إلى نوع من أنواع الغلو. والجهل يزول عادة
بالعلم،
وأبرز
جوانب الجهل التي كان لها أثرها في الغلاة الجدد الجهل بالكتاب والسنة وبمقاصد الشريعة،
والجهل بأدوات الاستنباط وأقوال العلماء وآثارهم، وبالواقع وملابساته. ولعل أبرز
جوانب الخلل في منهجهم الحرفية في فهم النصوص، وكثرة التأويل، وانعدام النظرة
الشمولية، والتلقي المباشر من النصوص، وعدم الجمع بين الأدلة والاجتهاد من غير
أهلية، وانعدام الموضوعية وإتباع الهوى وهذه أمور كثيرة لابد للشباب المسلم من
التنبه لأهميتها في مجال الدعوة.
4-
الفساد العقدي في حياة الأمة المسلمة:
لقد ضمرت العقيدة في النفوس على توالى العصور، ثم بدأ الانسلاخ من أركان هذا الدين
رويداً رويداً، فعطلت الأحكام الشرعية في بعض البلاد، وتهاون بعض الناس في الصلاة
والصيام والحج والزكاة، حتى تحولت الشهادة نفسها إلى ألفاظ مجردة.
وحينما
تفسد العقيدة، وتفرغ كلمة التوحيد من محتواها الكامل، ويحصر الإسلام في التلفظ
بالشهادتين فقط، ويبعد الدين كله في جانب قصي من الحياة، ويعيش المسلمون حينئذ في
وهن وذل وخضوع وانهزام نفسي أمام الطغيان المادي، وبهرج الحياة الزائف، تظهر تلك
الجماعة المنحرفة كردود أفعال عنيفة، ومحاولة التمرد على الواقع المنحرف بجرعات
قوية، تؤدى إلى الغلو والتطرف
5-
الفساد الخلقي في المجتمع المسلم: إن انتشار مظاهر
الرذيلة في البيت والمدرسة والجامعة والشارع والمتجر والحديقة والشاطئ والشاشة
والإذاعة، إذا أقرها المجتمع وسكت عليها، يجب عليه أن يتوقع أنماطاً كثيرة من
الغلو والتطرف. فما بالك إذا كان دور المجتمع هو تشجيع مظاهر الانحراف ودعمها
وتبنيها؟
وينسحب ذلك على
أجهزة الإعلام والثقافة التي أصبحت حكراً لاتجاه معين، أو مذهب خاص، أو طائفة
محدودة. فقد صودرت في بعض البلاد الآراء النزيهة المعتدلة، فضلاً عن الآراء
المتطرفة الغالية، ومثل هذا الوضع لابد أن يولد آلاف الأمراض في المجتمعات
يضاف إلى ذلك هجمة التيار التغريبى على ديار المسلمين، وشدة
وطأة الغزو الفكري مع ضعف في الولاء للمؤمنين، وتعلق بالغزاة وأفكارهم مما جعل
التحلل يزداد، والفواحش تنتشر، وبات الصالحون لا يملكون القدرة على تغيير ذلك، مما
دفع البعض إلى اليأس من إصلاح هذه المجتمعات، ومن ثم الاندفاع بقوة وعنف
لإصلاحها.. والعنف لا يؤدى إلا إلى عنف مثله. ولابد من عودة الأمة إلى منابع دينها
الصافية بلا إفراط ولا تفريط
6- الجهاد بغير بصيرة: طالب الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوازن عضو اللجنة الدائمة للبحوث
والفتوى، وعضو هيئة كبار العلماء، بالحذر من مخاطر التشدد أو التساهل عند عرض
مفهوم الجهاد في الإسلام، مؤكداً أن الجهاد بمعناه الصحيح وضوابطه الشرعية فريضة
عظيمة، وهو قوام الدين، والمسلمون مأمورون به، حتى إن بعض العلماء يعدونه ركناً
سادساً من أركان الإسلام لكثرة ما جاء في شأنه من الآيات القرآنية والأحاديث
الشريفة.
عرَّف
معاليه الجهاد وقال: الجهاد مصدر جاهد جهاداً والمراد به بذل الجهد في طاعة الله
سبحانه وتعالى وعبادته ومن ذلك قتال الكفار. لقد قسم معاليه الجهاد إلى خمسة
أنواع:
الأول: جهاد النفس في طاعة الله عز وجل، فيأمرها بطاعة الله وينهاها عن
معصيته.
الثاني: جهاد الشيطان الذي يدعوه إلى الكفر والشرك والمعاصي.
الثالث: جهاد العصاة والمخالفين وذلك بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
الرابع: جهاد المنافقين الذين يظهرون الإيمان والإسلام ويبطنون الكفر.
الخامس: جهاد الكفار وذلك بحمل السلاح والقتال وخوض المعارك والغزو في سبيل
الله عز وجل.
وأبان
معاليه أن الذي يأمر بالقتال هو إمام المسلمين، ومن صلاحيات الإمام إقامة الجهاد
وتنظيم الجيوش وقيادتها أو يولى من يقودها، ولا يجوز للمسلمين القتال بدون إذن
الإمام، فالله سبحانه نهانا عن التفرق، بل الاجتماع تحت الإمامة والقيادة، حتى تقوى
ريحنا، وحتى يبقى جمعنا متكاتفاً.
وأضاف
معاليه إن الجهاد إذا صار على ما رسمه الله جل وعلا صار جهاداً نافعاً للأمة، أما
إذا كان فوضى وبغير بصيرة وبغير علم، يصبح نكسة على المسلمين. فكم من المسلمين
يقتلون بسبب مغامرة جاهل غامر بنفسه حتى أغضب الكفار وهم أقوى منه، فانقضوا على
المسلمين تقتيلاً وتشريداً وخراباً، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويسمون هذا
جهاداً، وهذا ليس هو الجهاد لأنه لم تتوافر شروطه، ولم تتحقق أركانه، فهو ليس
جهاداً وإنما هو عدوان لا يأمر الله جل وعلا به.
نتائج
الدراسة:
1-
بالرغم من عظم
مسؤولية تربية الأولاد في الإسلام، إلا أن كثيراً من الناس قد فرط بها، واستهان
بأمرها، ولم يرعها حق رعايتها، فأضاعوا أولادهم وأهملوا تربيتهم، فلا يسألون عنهم
ولا يوجهونهم، وإذا رأوا منهم تمرداً أو انحرافاً بدأوا يتذمرون ويشكون من ذلك،
وما علموا أنهم هم السبب في ذلك التمرد والانحراف.
2-
أن التقصير في تربية
الأولاد، يأخذ صوراً شتى، ومظاهر عديدة، تتسبب في انحراف الشباب وتمردهم،
وارتيادهم عالم الجريمة، فمن ذلك النزاع والشقاق بين الآباء والأمهات، انفصال
الأبوين بفعل الطلاق، سوء معاملة الوالدين للولد، الخلطة الفاسدة ورفاق السوء،
مشاهدة أفلام الجريمة والجنس، تخلى الأبوين عن تربية الولد بدعوى الانشغال بأمور
الحياة، ضعف الرقابة الوالدية، وسفر الشباب للخارج .
3-
أن سوء التربية يؤدى
إلى ارتياد الشباب لعالم المخدرات، ومن العوامل الرئيسة لذلك:
أولاً: ضعف
الوازع الديني: بسبب عدم ربط الولد
بالمسجد منذ نعومة إظفاره، واصطحابه إليه منذ الصغر أثناء الصلوات الخمس، وتحبيب
المسجد إليه من خلال الالتقاء بجماعة الرفاق، والاستماع إلى الدروس الدينية والوعظ
والإرشاد، وقراءة القرآن الكريم وحفظه.
ثانياً: العوامل
الأسرية إذ إن الأسرة التي
يغيب فيها دور البيت، وضياع السلطة الأبوية بفقدان الأبوين أو أحدهما بالموت أو
السجن أو المرض أو الطلاق غالباً ما يؤدى إلى انحراف الشباب ثم الإدمان.
4- أن غياب الرقابة الوالدية، وعدم تربية الشباب على هدى من القرآن والسنة، وعدم تمكينهم من أخذ
أمور العقيدة من العلماء الثقات في مجال العقيدة الإسلامية، غالباً ما يؤدى إلى
الغلو والتطرف، وأن وراء الغلو والتطرف أسباب كثيرة هي:
¨ التحاكم إلى الأنظمة
والقوانين الوضعية.
¨ العنف السياسي.
¨ الجهل بالعلوم
الشرعية.
¨ الفساد العقدي في
حياة الأمة المسلمة.
¨ الفساد الخلقي في
المجتمع المسلم.
5-
الجهاد أمر عظيم،
وإذا صار على ما رسمه الله عز وجل صار جهاداً نافعاً للأمة. أما إذا كان فوضى
وبغير علم ولا بصيرة فإنه يصبح نكسة على المسلمين وسبباً من أسباب بلائهم .
أهم التوصيات :
إن
الأمن بمفهومه الواسع مسئولية جماعية يشارك فيها كل فرد من أفراد المجتمع بنصيب
كبير أو صغير كل حسب موقعه، وحسب إمكاناته. إذاً فالأمن ليس مسئولية رجال الأمن
وحدهم أو الشرطة أو المسئولين عن المجتمع حكاماً ووزراء. إن جميع الفئات والطوائف
والأفراد معنيون بالأمن وهم شركاء في تحمل المسئولية الجماعية.
إن
استقرار أي مجتمع من المجتمعات يحتاج إلى تضافر جهود أبنائه لتحقيق الأمن بمفهومه
الواسع ولذلك فكل مؤسسات المجتمع مدعوة للمساهمة في توفير الأمن بدءاً من الأسرة
والمسجد والمدرسة، ووسائل الإعلام.
ومن
ثم فإن المسئولية الأمنية يجب أن تتحول إلى أدوار محددة تساهم فيها المؤسسات في
تكامل وتآزر، وتنسيق حتى تؤتى ثمارها. ولكي يتحقق الأمن بمفهومه العام نحتاج إلى:
1- تحديد مكونات المنظومة
الأمنية وأبعادها، ومستوياتها بشكل منهجي
وإجرائي وتوزيع هذه المهام والأدوار على كل مؤسسة وهيئة داخل المجتمع لتقوم
بدورها.
2- توفير مقومات الحياة الأساسية
في المجتمع لكافة الطبقات، وتقليل التفاوت بينهما بقدر الإمكان. فكما أن الله خلق الناس متفاوتين ] فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت
إيمانهم فهم فيه سواء[ (النحل: 71) إلا أن الفجوة الكبيرة توغر الصدور
.
3- إن الإصلاح الاقصادى عملية مستمرة طيلة الوقت وهى عملية بالغة الأهمية يتوقف على نجاحها
نجاح التنمية الاقتصادية وتحسن أوضاع المواطن العيشية… .
3- تفعيل دور الأسرة المسلمة
لتقوم بدورها في تحصين الأبناء ضد الفكر المتطرف أو الانحراف، والعداوة،
والعدوانية، وأساليب التوافق غير السوية.
وذلك بنشر الوعي الأسرى، وتنمية روح المسئولية نحو الأبناء لدى الآباء والأمهات.
وتوطيد أواصر الصلة بين أفراد الأسرة لتعود قوية كما كانت. فالأسرى هي حائط الصد
الأول لحماية الجيل الجديد من أي انحراف.
4- كما أن المؤسسات التربوية: المدرسة، الجامعة عليها عبء كبير في إتاحة الفرص المناسبة لتلاميذها
وطلابها للنقاش والحوار، وتقديم المثل والقدوة من جانب المعلمين وأعضاء هيئة
التدريس في التسامح، والتقبل، ورحابة الصدر في النقاش… إن المؤسسات التربوية هي
رأس الحربة لمقاومة كل انحراف في المجتمع.
5- إن الأمر بالمعروف والنهى عن
المنكر هو أحد أهم الأعمدة التي
تقوم عليها أمة الإسلام وبه فضلت على سائر الأمم. ولذلك فإذا تواصى الناس بالخير،
وكان كل مسلم مرآة لأخيه وفتحت القلوب لاستقبال النصح والمشورة بدافع ديني شرعي
فإننا نجنى من ذلك لم الشعث ورأب الصدع، وثم توقى أسباب الهلاك، ورفعت البلايا عن
البشر. إنه بذلك صمام أمان المجتمعات الإسلامية.
6- تنمية الشعور بالوحدة الوطنية
باعتبارها صمام أمان للمحافظة على نسيج المجتمع وتماسكه. وهذا يتطلب وأد كل الفتن والشائعات التي تفت في عضد الأمة، والتصدي
لكل محاولات إحياء الفتن، والعصبيات أو التحزب أو التعصب. إن التعصب آفة تهدد كيان
أي مجتمع فهو و مسيرة الإصلاح لا يمكن أن تثمر إلا في جو من الوئام الاجتماعي
القائم على الوحدة الوطنية وهنا لابد من التنبيه إلى أن الوحدة الوطنية تتعارض مع الأطروحات
المتطرفة وتتطلب أجواء صافية من الحوار الأخوي الهادئ”.
إن
قصر مفهوم الوحدة الوطنية على ذلك الفهم الشائع والذي يقول أن الوحدة الوطنية هي
الروح التي يجب أن تسود في البلاد ذات الأديان المتعددة من تسامح وتحمل تتحلى بها
أبناء كل دين فى مواجهة أبناء الدين أو الأديان الأخرى. هذا مفهوم قاصر، بل إن
الوحدة الوطنية تتسع لتشمل العلاقات بين أبناء الوطن الواحد من المنتمين لدين واحد
سواء أكانوا يعتنقون مذهباً واحداً أم مذاهب شتى في إطار الدين نفسه بل يتسع
المفهوم ليشمل ذوى المذاهب الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية المتباينة من
أبناء الوطن الواحد .
7- نشر الوعي بأهمية وقت الفراغ في
حياة الناس ولا سيما الشباب من
الأمرين اللذين يغبن فيهما كثير من الناس. وقد أشارت الدراسات المتعددة عن أن معظم
المشكلات التي تصب في مجال الانحرافات السلوكية ولا سيما التعصب والتطرف مصدرها
غياب الوعي باستغلال الوقت وشغل الوقت بما يفيد ثم يأتي بعد ذلك الرفاق.
8- نشر الوعي الديني الجوهري Internal Religious بين
الأطفال والشباب والراشدين والتأكيد على أن جوهر الإسلام هو الرحمة، وحسن الخلق، والتعاطف بين البشر ما لم يقاتلونا في الدين. إن التدين
إذا مس شغاف القلب، وكان جزءاً من حياة المسلم تراه يسير على الأرض هيناً ليناً
شفيقاً بكل البشر، بل حتى بالحيوان والجماد. وقد فرق القرآن الكريم بين الإيمان
والإسلام في سورة الحجرات ] قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا
أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم[. (الحجرات:14) وقد حدد القرآن أوصاف عباد
الرحمن في سورة الفرقان وحدد منها صفات ]وعباد
الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً[.
(الفرقان: 63)
إن
قصر التدين على المظاهر الدالة على التدين فقط أمر يجافى حقيقة الإيمان. إلاّ أننا
لا نقصد من ذلك نفى مظاهر التدين الخارجية، إذ إنها عنوان على هوية الأمة وتميزها
إلاّ أن قصر التدين على هذه المظاهر هو خطأ في الفهم يحتاج إلى التصحيح. وفى دراسة
لأحد الباحثين الحاليين وجد أن هناك علاقة ارتباطيه بين التدين الظاهري External
Religious
وبين الاتجاه التعصبي Prejudical Attitude
حيث أن التعصب والتمسك بالرأي على نحو من الجزم والقطع Dogmatism
ونفى الآخر مرتبط بمن تدين تديناً ظاهرياً.
وهنا
يحتاج الأمر إلى نشر الوعي الديني على يد أئمة المساجد أو العلماء أو المعلمين
وعقد الندوات والمؤتمرات، وحلقات النقاش لتصحيح هذا التوجه لدى الشباب.
9- تنمية الشعور بالانتماء
وإدراك أهمية الجماعة ونبذ الفرقة والاختلاف فإن لزوم الجماعة عبادة، والخروج عليها باب من أبواب الفتن وقد أكد القرآن أن التفرق هو سبب
الفشل في غير موضع منه ومن هذه المواضع قوله تعالى :] ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم
واصبروا إن الله مع الصابرين[
ولن يتأتى شعور الفرد بالانتماء لجماعته إلاّ إذا كانت هذه الجماعة مشبعة لحاجاته
النفسية والاجتماعية وأحياناً المادية.
10-حسن اختيار الزوجين على أساس الدين من
أجل الفهم الحقيقي للإسلام، والتطبيق العملي السلوكي
لكل فضائله السامية، وآدابه الرفيعة. ولقد أرشد النبي صلوات الله وسلامه عليه راغبى الزواج بأن يظفروا بذات
الدين، لتقوم الزوجة بواجبها الأكمل في أداء حق الزوج، وأداء حق الأولاد، وأداء حق
البيت على النحو الذي أمر به الإسلام، وحض عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.
عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تنكح المرأة
لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك) رواه البخاري
ومسلم. وبالمقابل أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم أولياء المخطوبة بأن يبحثوا عن
الخاطب ذي الدين والخلق، ليقوم بالواجب الأكمل في رعاية الأسرة، وأداء حقوق
الزوجية، وتربية الأولاد. روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا
جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض). إذن
الاختيار على أساس الدين والأخلاق من أهم ما يحقق للزوجين سعادتهما الكاملة
المؤمنة، وللأولاد تربيتهم الإسلامية الفاضلة، وللأسرة شرفها الثابت، واستقرارها
المنشود.
11-ضرورة توعية الجماهير ومدهم بأحدث أساليب
التنشئة الأسرية، خاصة وأن الدراسات
الحديثة قد أثبتت أن أساليب التنشئة الأسرية السوية لها أثرها الواضح الذي ينعكس
إيجاباً على الصحة النفسية والعقلية والبدنية للطفل، والعكس صحيح فإن التنشئة غير
السوية للأبناء تؤدى بهم إلى الاضطرابات النفسية والشخصية، وتدفعهم إلى الانحرافات
السلوكية، والاتجاه نحو عالم الجريمة.
12-أن تعمل وزارات التربية والتعليم على
إقرار تدريس مادة التربية الأسرية ضمن المناهج
الدراسية بالمرحلة الثانوية والجامعية لكل من الجنسين، حتى يكتسب الطلاب المقبلين
على الزواج معرفة أفضل شروط وأسس اختيار شريك الحياة، وكيفية إقامة حدود الله في
تكوين الأسرة حتى تتسم بالطمأنينة والمودة والسكون كما في قوله تعالى :] ومن
آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة[
(الروم: 21). يضاف إلى ذلك معرفة كيفية رعاية الأبناء وتنشئتهم تنشئة إسلامية
صحيحة جسمياً وعقلياً واجتماعياً وانفعالياً ودينياً وخلقياً..الخ.
13-ضرورة مشاركة وسائل الاتصال الجماهيرية
من إذاعة وتليفزيون وصحافة في توعية الجماهير من
خلال عرض برامج تعليمية خاصة بالتربية الأسرية، بجانب حث المرشدين والدعاة وخطباء
المساجد على المشاركة في هذا المشروع.
14-العمل على تقوية الوازع الديني لدى
الأولاد منذ الصغر وتحصينهم
من الانحراف بكل أشكاله وخاصة تعاطي المخدرات، وذلك من خلال:
- ربط
الولد بالقرآن الكريم منذ صغره، وغرس محبة الله عز وجل فى قلبه، وأيضاً محبة رسوله
محمد صلى الله عليه وسلم.
- ربط
الولد بالمسجد وبجماعة المسجد لتفادى أصدقاء السوء.
- وضع
الولد وسط مجموعة صالحة من رفاق الخير من خلال الإقامة والسكن في بيئة صالحة لأن
العامل الجغرافي هو العامل الأول في انتقاء الأقران.
- القدوة
الحسنة باعتبارها سبيلاً من أساليب التربية الإسلامية، وكلنا مأمورون بالاقتداء
برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ] لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [ .
- مراقبة
الشباب عند السفر للخارج وضرورة وجود الرفقة الصالحة في السفر.
15- قيام الجهات
المعنية برعاية الشباب بوضع خطة شاملة لمتابعة مشكلات الشباب المعاصرة ومحاولة
حلها في ضوء أحكام الإسلام، على أن تتولى تلك الجهات مسؤولية توعية الشباب
من خلال أجهزة الإعلام ودور العلم، عن كيفية قضاء وقت الفراغ بالأنشطة المفيدة، والسعي
على تزويد المدارس والأندية وأماكن تواجد الشباب بالنشرات التوجيهية والأفلام
التعليمية وبالخطب الدينية التي تتناول مختلف مشكلات الشباب من حيث أسبابها
ودوافعها وآثارها السلبية المؤدية إلى الانحراف وسوء السلوك ثم الجريمة.
16- بما أن ظاهرة الغلو والتطرف نتاج طبيعي
لمجموعة من العوامل والأسباب فإن علاجها يكمن وراء تفادى الأسباب التي أدت إلى
ظهورها، ولعل أهم الأساليب لتفادى هذه الظاهرة ما يلى:
أ.
الاعتصام بالكتاب والسنة: فالله سبحانه وتعالى
قد أمر هذه الأمة بالاعتصام بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن يتأمل في
مظاهر الغلو الموجودة في العصر الحديث يتبين له أن تلك المظاهر خارجة عن مذهب أهل
السنة والجماعة، وعن المعتقد الشرعي الصحيح. وعليه فإن نشر العقيدة الصحيحة
وتدريسها في المدارس والجامعات والمساجد، وتدارس أهل الدعوة لها ووضعها في
مناهجهم، سيحقق للمجتمع المسلم الحصانة من الغلو والتطرف بإذن الله.
ب.
نشر العلم الشرعي: يتميز دعاة الغلو بقصور باعهم في مجال العلوم الشرعية، وينصب
اهتمامهم على الدعوة، وذخيرتهم فيها الحماس والغيرة، دون علم شرعي. لذا يجب نشر
العلوم الشرعية، ومعرفة الدليل بين الشباب، وأن تعقد لهم دورات خاصة لهذا الغرض،
يشرف عليها علماء أكفاء ذوو علم وإخلاص.
ج.
تحكيم شرع الله ونبذ القوانين الوضعية: إن
إبعاد الإسلام عن الساحة – في معظم بلاد الإسلام- وحصره في جانب العبادات والأحوال
الشخصية، والخضوع إلى الأحكام العلمانية، من أهم أسباب فساد العقائد والتصورات،
وظهور كثير من البدع والمخالفات. إن الغلو المعاصر كان بسبب تحكيم القوانين
الوضعية، وما عليه المسلمون اليوم من ذل وتمزق لا يمكن أن يزول إلا بالرجوع لشرع
الله سبحانه وتعالى. وقد جاء في الأثر عن الإمام مالك رحمه الله حيث قال “لن يصلح آخر هذه
الأمة إلا بما صلح به أولها” وهو الإسلام و في الظروف الراهنة التي تمر بها البلدان العربية
قوانين وضعية تضمن على الأقل الأمن و الأمان للشعوب خير من طائرات تقصفنا هنا
وهناك و فتنة تدوم لسنوات .
د.
محاورة أهل الغلو: ضرورة إقامة الحوار
البناء مع الغلاة على أسس شرعية، فقد سن الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب المحاورة
مع الغلاة، ، وهو أسلوب ناجح لأن نور الحق ساطع.
17- ينبغي توعية
الشباب بأن الجهاد فريضة عظيمة، وأن للجهاد شروطه الشرعية وأحكامه، وله تفاصيل
نص عليها العلماء، وهو عبادة لأنه دفاع عن الحق ورد للمعتدين، وإعلاء لكلمة الله،
ومن أحكامه أنه لابد أن يدعو له الإمام ولى الأمر، لأنه هو المخاطب بإقامة الجهاد الشرعي،
أما آحاد الناس فلا يصح منهم الجهاد مع وجود الحاكم ولى الأمر. وأدلة هذا في
الشريعة كثيرة. قال تعالى ]وحرض
المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا[ والخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء
وولاة الأمر يقومون مقامه في ذلك. وكان الصحابة يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم
في الجهاد، ولربما ردهم عن الجهاد إلى نوع آخر من العبادة، فمصلحة الجهاد وظروفها
راجعة إلى الدولة، أي إلى ولى الأمر فهو أدرى بذلك، وهو المرجع في ذلك شرعاً. وهذا
ما أكده كثير من فقهاء الأمة .
في الأخير حتى تعم
الفائدة أكثر بعد الصلاة على النبي الكريم أطلب من كل شخص طالع الموضع أن ينشره في
أي منتدى أو أي موقع موقع هو مسجل به و لا ينسى ذكر الموقع و كذلك لا تنسونا بدعوة
خير على ظهر الغيب .
كل من يمر من هنا حتى
يكون الموضع ذا قيمة و نفع أطلب من الجميع وضع الردود و التوقيعات لمناهضة جميع
الدول التي تنتج و تصنع الأسلحة من أجل جعل العالم يعاني عدم الاستقرار و نشر
ثقافة اللامن و عدم الاستقرار و سيادة لغة التهديد و الترهيب حملة جمع التوقيعات
لمناهضة الأسلحة بكل أنواعها المسعى فوق المليون و لتوقيع المطلوب و الرد المطلوب
" نريد العيش في عالم بدون سلاح " .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
شركنا برايك ووجهة نظرك